الدين ومكاسب المعرفة البشريَّة من معضلة الانكفاء إلى ضرورة الانفتاح


فئة :  ملفات بحثية

الدين ومكاسب المعرفة البشريَّة من معضلة الانكفاء إلى ضرورة الانفتاح

الملخص:

هذا الملف البحثي اخترنا له درباً معرفياً يسعى إلى استشفاف العلاقة الشائكة والحارقة بين الدين ومكاسب المعرفة البشريَّة، من معضلة الانكفاء إلى ضرورة الانفتاح، حيث يكون لزاماً علينا أن نخرج من الكهف، ومن السجن، ومن الوادي العميق، ومن العزلة التاريخيَّة، ومن حالة الطيش والمراهقة، ومن القصور، إلى فضاء الحريَّة والأنوار وإلى قمة الوجود، وإلى ذلك الحضور التاريخي الحي، وإلى حالة الرشد، حيث نعيد ترتيب العلاقة بصورة صحيَّة مع الآخر، ونشتبك معه حضارياً، ونتعلّم منه كيف نبني ذاتنا على ضوء مستجدات العصر. إنَّ هذا الطقم الرائع من المقالات الرصينة، التي يعضدها حوار جريء ونصٌّ مترجم لأهمّ فيلسوف ما زال حيَّاً وهو يورغن هابرماس، بالمعنى التاريخي، وقراءة في كتابين وهي في مجملها تسعى إلى فتح طرق جديدة في التفكير، وتثوير الذهنيَّة المنكفئة على ذاتها، وتفعيل مفهوم الذات المستقلّة، لكي نبدأ على الأقل التدرُّب على طرح الأسئلة الحارقة.

في هذا الأفق الفكري، الذي نخمن فيه، قدَّم الباحث حمدي الشريف بحثاً عميقاً عالج فيه بصورة نقديَّة، مسألة العلاقة الشائكة بين الدّين والسلطة والأيديولوجيا، منقّباً عن العامل المهم الذي يشتغل في العمق والذي يتحكَّم في هذه الثلاثيَّة، في حين توجَّه الباحث يوسف هريمة صوب النصّ الديني، حيث يستقرُّ ذلك الجدل القار بين الانفتاح والانكفاء، وفي تلك النقطة من الجدل تنبثق الأزمة بكلّ تجلّياتها، وفي مستوى معيَّن من التمشّي العام للمقالات تظهر مقالة الباحث إسماعيل نقاز، الذي بحث فيها عن الهزات والارتدادات التي حدثت في المسار الهيرمينوطيقي وأسئلة التأويل نبشاً عن إبستيمولوجيَّة اللَّاهوت ومآلات التأويليَّة المعاصرة، ولكن بأفق تاريخي متميز، ويعود بنا الباحث عبد القادر عبد العالي، إلى موضوع علاقة الدين بالمعطى السياسي في المجتمعات الإسلاميَّة، متتبعاً أثر هذه العلاقة في الفكر العَقدي، مستوضحاً عن ذلك الدور الأبدي في طبيعة الاستغلال المزدوج.

وفي وسط هذا العقد المعرفي، يتنزَّل الحوار الذي أجراه الباحث إسماعيل نقاز مع الباحث أحمد ملاح، وهو بمثابة مقاربة فلسفيَّة عميقة، لامس فيها الباحث أحمد ملاح بكلّ اقتدار معرفي، مسائل خطيرة في الفكر العربي المعاصر، مثل الدين، والتأويل، والعقلانيَّة، مستحضراً فيها الإرث الرشدي بأدواته ورؤاه، وقد تعزَّز هذا الحوار بقراءة رصينة قدَّمها الباحث محمد عبده أبو العلا، لكتاب المفكر العربي الراحل محمد أركون: "قضايا في نقد العقل الديني، كيف نفهم الإسلام اليوم؟ "الدين وتمثلاته في تشابك مع العقلانيَّة المنبثقة حديثاً"، والذي نقله إلى اللّسان العربي المفكّر العربي هاشم صالح، وفيه يتجلّى المشروع الأركوني الذي يبتغي نقد التراث بأدوات حداثيَّة، ويوجّه سهام نقده للعقل الديني بصورة عامَّة، وللتراث الاستشراقي الغربي بشكل خاص، ممَّا يضاعف من عسر المهمة البحثيَّة في نصوص محمد أركون. وفي قراءة أخرى لكتاب "تثوير اللاهوت؛ أم بحث عن الثورة من داخل الدين، (قراءة تحليليَّة في كتاب "الدين والثورة") للباحث حمدي عبد الحميد الشريف، حيث تطرَّق الباحث محمد صلاح إلى العلاقة التي يمكن أن تقوم بين مشروع اللَّاهوت الحريري ذي الطابع اليساري، والرؤى اليساريَّة العربيَّة المعاصرة، وهي قراءة تريد أن تجمع الهموم الإنسانيَّة الواحدة في بوتقة واحدة، وختامه مسك معرفي مع الباحث مصطفى حفيظ، الذي ترجم لنا نصَّاً مهمَّاً من الناحية المعرفيَّة، للفيلسوف الألماني يورغن هابرماس، حيث قارب مفهوم الدين في الفضاء العام، من أجل الاعتراف بالصوت الديني في المجتمعات ما بعد العلمانيَّة.

وفي نهاية التحليل، نريد لهذا الملف الفكري أن يكون فاتحة لدرب جديد وطريف من التفكُّر في قضايا الدين ومكاسب المعرفة البشريَّة، لكي نعبِّد هذا الدرب بأفضل النوايا التي تبتعد عن الصدام أو القطع أو الإنكار، فجميعها أساليب بالية وسيئة السمعة، وإنَّما نحن نبحث عن نقاط تلاقٍ بين الرؤية الدينيَّة التي نطلب منها أن تنفتح على المنجز التاريخي، وأن تتعايش مع الآخر المختلف عنها، مدركة أنَّ الاختلاف هو قدر البشريَّة الدائم، والرؤية الإنسانيَّة التي يجب أن تقترب من الدّين بحسبانه المساحة الروحيَّة والقيميَّة التي تحتاجها الإنسانيَّة في أزماتها المركَّبة.

 

للاطلاع على الملف كاملا المرجو  الضغط هنا