الفارابي والتأسيس للعلم المدني في الفلسفة العربية

فئة :  أبحاث محكمة

الفارابي والتأسيس للعلم المدني في الفلسفة العربية

الفارابي والتأسيس للعلم المدني في الفلسفة العربية

ملخص:

نقصد من خلال هذه الورقة النظر في إشكالية العلم المدني في الفلسفة الفارابي، مبرزين إسهامه في التأسيس للعلم المدني في السياق الفلسفي العربي؛ ذلك أن المعلم الثاني ومن خلال تفكيره في العلم المدني أسس للقول الفلسفي المدني في الفلسفة العربية، وحسبنا في ذلك، أن العلم المدني وبمختلف مسمياته احتل المنزلة العظمى في فلسفة الفارابي. تبيانا لهذا، اتجهنا رأسا صوب متن الفارابي الفلسفي، فاحصين تجليات حضور العلم المدني فيه، وشكل علاقته بالعلم الإلهي. مبتدئين من الكشف عن مكانة العلم المدني في فلسفة الفارابي. ثم بعده، تتبعنا بالتفكير والنظر معاني ومسميات العلم المدني التي بها يحضر في مصنفات المعلم الثاني، ويلي هذا، فحص ماهية العلم المدني وفق تصور الفارابي له، مختتمين قولنا ببيان العلاقة بين العلم المدني والعلم الإلهي في سياق فلسفة الفارابي المدنية

مقدمة:

غني عن البيان، المنزلة المهمة التي يشغلها الفارابي في الفكر الفلسفي، كيف ولا، أنه لقب بالمعلم الثاني، على غرار المعلم الأول أرسطو. غير أن لقبه هذا، لا يعني أنه شارح فقط لأرسطو، وإنما أيضا مؤلف[1]؛ وذلك جلي في نسقه الفلسفي المتكامل، الذي جمع فيه جمعا مترابطا متماسكا، بين مباحث: الإلهيات، والطبيعيات، والمنطق، والعلم المدني، آخذين علما، أن هذا المبحث الأخير، يتبوأ مكانة كبرى في فلسفة الفارابي، ولما كان الأمر كذلك، فإنا جعلنا قصدنا الأول في هذه الورقات، النظر في منزلة العلم المدني في فلسفة الفارابي، ومن خلاله تبيان أن الفارابي وضع أسس التفكير في المدني في الفلسفة العربية[2]، فعُد بذلك المؤسس الأول للعلم المدني في السياق الفلسفي العربي.

وفقه، نتساءل: ما المقصود بالعلم المدني عند الفارابي؟ وما شكل المنزلة التي شغلها العلم المدني في فلسفة الفارابي؟ وما هي المسميات والمعاني التي بها يحضر العلم المدني في متن الفارابي الفلسفي؟ وكيف نفهم العلاقة بين العلم المدني والعلم الإلهي في فلسفة الفارابي؟ وهل العلم المدني عند الفارابي هو مجرد تكرار للعلم المدني اليوناني في صيغتيه الأفلاطونية والأرسطية، أم إن الفارابي أسس لعلم مدني جديد يستوعب مقتضيات السياق الفلسفي الوسيطي العربي؟ تبعا لهذا، بأي معنى يمكن القول بتأسيس الفارابي للعلم المدني في الفلسفة العربية؟

تلك هي الإشكالات التي نسعى إلى التفكير فيها من خلال هذه الورقة، وتحقيقاً لهذه الغاية، نقترح المسار التحليلي الآتي: ننطلق أولا من الكشف عن منزلة العلم المدني في متن الفارابي الفلسفي؛ ذلك أن هذه المنزلة تشكل الأس الذي تستند إليه دعوى تأسيس الفارابي للعلم المدني في السياق الفلسفي العربي، ويليه ثانيا، بيان معاني ومسميات العلم المدني التي بها يحضر في متون الفارابي الفلسفية. وبعد كل هذا، نأتي في لحظة ثالثة إلى النظر في ماهية العلم المدني كما حددها الفارابي في فلسفته المدنية، على أن نفرد النقطة الرابعة إلى تحليل العلاقة بين العلم المدني والعلم الإلهي في نسق الفارابي الفلسفي.

  1. منزلة العلم المدني في فلسفة الفارابي:

إن الناظر في كم النصوص التي أبدعها المعلم الثاني، ليظهر له أن الحيز الأعظم منها، يخص موضوع العلم المدني، ونقصد هنا أساساً، المؤلفات الآتية: آراء أهل المدينة الفاضلة، السياسة المدنية -الملقب بمبادئ الموجودات-، فصول منتزعة، بما هي مؤلفات، شكل موضوع العلم المدني فيها الجوهر لا العرض. دون أن نغفل المؤلفات الأخرى، التي وردت فيها نصوص عن العلم المدني، بالرغم من أنها تقارب إشكالات فلسفية أخرى[3]، بل الأكثر من ذلك، إن قول الفارابي في الإلهيات، ونظريته في الوجود، نجدها في مؤلفاته المدنية، الأمر الذي يبين مدى اهتمام الفارابي بالسياسة كعلم مدني، من حيث إنها تشكل الجزء المركزي والأكثر أصالة في فلسفته[4]، بل إننا لن نكون مبالغين، إن قلنا: إن الفلسفة المدنية السياسية تشكل أحد أسس نسق الفارابي الفلسفي، حيث إننا إذا ما نحن نزعنا مبحث السياسة من هذا النسق، لظهر متهافتا فاقدًا للمعنى في جزء منه، وعلة ذلك: «أن محور اهتمام الفارابي الفلسفي هو السياسي، وقد لفت هذا الجانب غير الهين من فلسفته انتباه الباحثين المعاصرين، حيث أحدثت عملية تحقيق كتب الفارابي نهضة في الدراسات المتعلقة بالفكر السياسي»[5].

إن اهتمام الفارابي بالعلم المدني، لا يوازي أي اهتمام؛ إذ إننا لا نكاد نجد في التراث الفلسفي العربي، فيلسوفا اهتم بالنظر في بالفلسفة المدنية أكثر من المعلم الثاني. والحق، أن حكمنا هذا، يجد مبرراته المنطقية، في كم النصوص التي ألفها الفارابي حول موضوع العلم المدني، والتي لا نجد لها مثيلا عند الفلاسفة الآخرين، على امتداد المجال العربي، لا عند الكندي وابن سينا، ولا عند ابن باجة وابن طفيل وابن رشد[6]، هذا الأخير، يحضر له مؤلف واحد في العلم المدني، يتعلق الأمر بالضروري في السياسة[7]؛ ذلك أننا إذا ما نحن عدنا إلى الكندي، كأول فيلسوف في الفلسفة العربية، كما دأبت على تصنيفه الدراسات المتخصصة في التراث الفلسفي العربي، فإننا سنجد اهتمامه الفلسفي بالعلوم الطبيعية لا المدنية، وعلة ذلك: -كما ذهب إلى ذلك الجابري- «كون المؤلفات السياسية لكل من أفلاطون وأرسطو لم تكن قد ترجمت في أيامه، أو على الأقل لم تكن قد انتشرت»[8]. وابن سينا أيضا، فإننا -على حد علمنا- لا نجد له مؤلفا خاصا بموضوع العلم المدني وتدبير المدن، فهو لم يكتب أي مصنف خاص بالسياسة[9]. وقد وظف الجابري هذا الغياب ليصدر الحكم الآتي عن ابن سينا، بقوله: «فهو لم يكتب شيئا يستحق الذكر في موضوع المدينة الفاضلة ولا في العلم المدني»[10]، غير أننا لا نحذو حذو الجابري في حكمه هذا، ولن نتماهى كل التماهي معه، ونقول: صحيح أننا لا نلفي -على حد علمنا- مؤلفاً متفردًا بإشكالية العلم المدني عند الشيخ الرئيس، لكننا نسجل حضور بعض الأفكار المهمة حول العلم المدني وإشارات مدنية في مصنف الشفاء، وبالتحديد بالجزء الخاص بالإلهيات، حين خصص ابن سينا المقالة العاشرة للنظر في بعض الإشكالات المدنية، كضرورة الاجتماع البشري ومبرراته[11]، وفي شكل مراتب المدينة: المدبرون والصناع والحفظة[12]، وفي فضائل المدينة من حكمة وعفة وشجاعة وعدالة[13]. غير أن هذه الإشارات المدنية، وبالرغم من ضآلتها في نسق ابن سينا الفلسفي، إلا أنه لا يمكن نفي أهميتها وتجاهل حضورها.

كذلك، الشأن بالنسبة إلى ابن باجة: «الذي آراءه في السياسية لا يمكن أن تمثل نظرية سياسية متكاملة؛ إذ إنه لم يحلل كثيرا من الظواهر والأمور السياسية»[14]، وأن أفكاره المدنية وقوله في المدينة الفاضلة، شديدة التأثر بفلسفة الفارابي[15]، لدرجة أنه حذا حذو المعلم الثاني، في القول بالمدن المضادة للمدينة الفاضلة[16].

في هذا السياق، ذهب الجابري إلى القول، إن ابن باجة سلك مسلك المتوحد المنعزل، نظرًا لوضعية الفلسفة في زمانه، وما كانت تعيشه: «فرأى أن الحديث عن المدينة الفاضلة، في زمانه ومكانه، ضرب من الوهم: فالفلسفة محاصرة والفلاسفة غائبون، وبالتالي فكل ما يمكن أن يفعله الفيلسوف الوحيد، الموجود في ذلك الزمان والمكان، وهو ابن باجة نفسه، تشييد مدينة فاضلة للمتوحد، ومن هنا كتابه تدبير المتوحد»[17].

أما وابن رشد، فيلسوف قرطبة والشارح الأعظم، والذي خلف مشروعاً فلسفيًّا ضخماً، ونسقاً فلسفيًّا متماسكا، جعل أفقه الفلسفي رفع القلق عن عبارات أرسطو، وتصحيح ما لحق المتن الأرسطي من شوائب وتغيير، جراء تأويلات اللاحقين على أرسطو[18]، وهي المهمة التي أنجزها ابن رشد في مشروعه الفلسفي، على شكل: الجوامع، المختصرات، التلاخيص والشروح على اللفظ[19]. وبالرغم من هذا المشروع الرشدي الفلسفي الضخم، إلا أننا نسجل حضور مؤلف واحد فقط حول موضوع العلم المدني، يتعلق الأمر بالضروري في السياسة مختصر كتاب السياسة لأفلاطون[20].

أما أبو نصر الفارابي، فهو على النقيض من ذلك تماماً، وحده دون غيره، نجد سؤال العلم المدني، جليّ الحضور في نسقه الفلسفي، بارز الوجود في متنه الفكري، وأسطع برهان على ذلك؛ كم النصوص التي ألفها المعلم الثاني حول المدينة الفاضلة، والسياسة المدنية، فهو أول مفكر خلف مؤلفات سياسية، سواء كانت تعليقات أو كتب[21]؛ إذ أمكن القول أنه: «لا يوجد فيلسوف مسلم اهتم بالسياسة كاهتمام الفارابي بها، حتى بدا أن أكثر أعماله الفلسفية لها وجهة وأهداف سياسية»[22]، بل إن الفارابي، إلى جانب اشتهاره بالبحث في المنطق، فإنه اشتهر في المقام الأول بكتاباته السياسية[23]، وعُد بذلك: «أعظم الفلاسفة المسلمين الذين كتبوا في الفلسفة السياسية، واشتهر بهذا الجانب أكثر من اشتهاره بجوانب أخرى»[24].

الحق، أننا بهذا المرور التاريخي السريع، في مسار تاريخ الفلسفة العربية، وبالتوقف عند لحظاتها الأساسية، من خلال فلاسفتها، قاصدين تبيان منزلة العلم المدني عند الفارابي دون غيره، وبالقدر ما يظهر تميز المعلم الثاني وريادته في موضوع الفلسفة المدنية، من حيث إنها تشغل حيزًا مهمًّا في نسقه الفلسفي، بالقدر ذاته، نؤكد أن غياب موضوع العلم المدني بشكل تام، أو بشكل جزئي، لا يقلل من شأن باقي الفلاسفة الآخرين، وإنما الأمر رهين بالشروط الفلسفية، والغايات النظرية، التي تحكم كل فيلسوف في نسقه الفلسفي. ومن ثمة، فإن حضور العلم المدني في فلسفة الفارابي أكثر من غيره، مرد ذلك، إلى كون المعلم الثاني، كان يولي أهمية بالغة، للمدينة والاجتماع البشري، وكيفية حصول السعادة الحقة، وعليه، جعل الأفق الغائي لمشروعه الفلسفي، البحث في العلاقة بين الفلسفة والمدينة، كهمّ رئيس مشترك بينه وبين أسالفه سقراط وأفلاطون؛ ذلك أن: «موقع الفارابي في الفلسفة الإسلامية [يقابله] موقع سقراط أو أفلاطون في الفلسفة اليونانية، باعتبار أن العلاقة بين الفلسفة والمدينة كانت همهم الرئيسي»[25]، هذه العلاقة بين الفلسفة والمدينة، هي ما يُوسم في فلسفة الفارابي بالعلم المدني بما هو السياسة في معناه عنده[26]، فما الدلالة التي يحملها العلم المدني في فلسفة الفارابي؟

  1. في معاني العلم المدني:

بالعودة إلى متن الفارابي الفلسفي، نسجل الحضور الجلي للعلم المدني فيه، مما يبين أهمية السياسة في فلسفة المعلم الثاني، فهو حاضر في مؤلفات: الملة، وإحصاء العلوم، وتحصيل السعادة، والتنبيه على سبيل السعادة، وفصول منتزعة، ويحضر بشكل مفصل في مؤلفي: السياسة المدنية وآراء أهل المدينة الفاضلة، بما هما مصنفان شاملان في السياسة عنده[27]؛ ذلك أن العلم المدني ليصنف من العلوم المشهورة والضرورية. ولهذا، نجد الفارابي في إحصائه للعلوم، يدرجه مع العلوم الأساسية الأخرى، والتي هي: علم اللسان، وعلم المنطق، وعلوم التعاليم، والعلم الطبيعي، والعلم الإلهي، وعلم الفقه، وعلم الكلام[28]، حيث إن الفارابي عمل على فحص كل علم علم، وتبيان غاياته وأجزائه، وفحص أجزاء الأجزاء؛ وذلك هو المقصد من كتابه، قال الفارابي: «قصدنا من هذا الكتاب أن نحصي العلوم المشهورة علما علما، ونعرف جمل ما يشتمل عليه كل واحد منها، وأجزاء كل ما له منها أجزاء، وجمل ما في كل واحد من أجزائه»[29]، وقد أفرد الفصل الخامس من إحصاء العلوم بشكل خاص للعلم المدني، بمعية علم الفقه وعلم الكلام.

يرد العلم المدني، في متن الفارابي الفلسفي، بمسميات متعددة: «الفلسفة السياسية، الفلسفة المدنية، الفلسفة العملية، الفلسفة الإنسانية، العلم الإنساني، وعلم السياسة»[30]، وهي مسميات متواطئة المعنى، مختلفة اللفظ، مبثوثة في نسق المعلم الثاني الفلسفي، حيث إننا نجدها حاضرة في أغلب مؤلفات الفارابي الفلسفية، الذي يعد: «أول مفكر مسلم أورثنا عددًا ضخماً من المصنفات الفلسفية الكاملة، لا سيما المصنفات المتعلقة بالعلم المدني»[31]. هكذا، يحضر مفهوم العلم المدني، في مؤلف تحصيل السعادة، بما هو: «علم الأشياء التي بها أهل المدن بالاجتماع المدني ينال السعادة»[32]، ونسجل أيضا، حضوره بمعنى العلم الإنساني، الذي غايته عند أبو نصر الفارابي، فحص الغرض الذي وُجد من أجله الإنسان، المتمثل في بلوغ الكمال[33].

يحضر العلم المدني بمسمى الفلسفة المدنية؛ وذلك مثلا في مصنف التنبيه على سبيل السعادة، حيث إن الفارابي قسم هذه الفلسفة إلى صنفين: صنف أول يسمى الصناعة الخلقية، ويبحث في ماهية الأخلاق والأفعال الجميلة، والأسباب التي تجعلها مكتسبة في الإنسان[34]، والصنف الثاني يوسم بالفلسفة السياسية، ويعرفها الفارابي بأنها تلك الفلسفة التي: «تشتمل على معرفة الأمور التي بها تحصل الأشياء الجميلة لأهل المدن، والقدرة على تحصيلها لهم وحفظها عليهم»[35].

على المنوال ذاته، يحضر العلم المدني بمعنى الفلسفة المدنية في مؤلف إحصاء العلوم[36]، من حيث إن الفارابي رادف بين العلم المدني والفلسفة المدنية؛ وذلك في سياق نظره في ماهية العلم المدني وأجزائه. وترد الفلسفة المدنية بمعنى الفلسفة العملية؛ ذلك أن المعلم الثاني سلك مسلك المعلم الأول، فقسم الفلسفة إلى فلسفة نظرية وأخرى عملية، فقال: «وكما أن الفلسفة منها نظرية ومنها عملية، فالنظرية الفكرية هي التي علمها الإنسان لم يمكنه أن يعملها، والعملية هي التي إذا علمها الإنسان أمكنه أن يعملها»[37]، ويحدد الفارابي الغاية من الفلسفة العملية، في البحث في السعادة وسبل نيلها، وأن تجعل الناس أخيارا، متمسكين بالقوانين[38]. وبهذا المعنى، تكون الفلسفة العملية هي ذاتها العلم المدني، من جهة أنه أيضا، يبحث في جزء منه السعادة، ويبحث في جزء آخر السير والشيم الفاضلة[39].

يحمل العلم المدني معنى الفلسفة الإنسانية أيضا، بنفس دلالة الفلسفة العملية، كتب الفارابي في هذا الصدد: «والعلم المدني يشتمل على النظر في السعادة التي بالحقيقة سعادة، وفيما هو سعادة بالظن لا بالحقيقة، وفي الأشياء التي إذا استعملت في المدن عدلت بأهلها عن السعادة، وهذا العلم [يقصد العلم المدني] يسمى الفلسفة الإنسانية ويسمى العملية؛ لأنها إنما تفحص عن الأشياء التي شأنها أن تعمل بالإرادة وتنال بالإرادة»[40]، وعلة التسمية هذه، كون موضوع العلم المدني، يهم السير والأفعال الإرادية، ولما كانت الإرادة ملكة إنسانية، تخص الإنسان وحده، لزم عن هذا، أن يسمى العلم بالمدني بالفلسفة الإنسانية، أو العلم الإنساني، كما نجد ذلك في مصنف إحصاء السعادة[41].

حاصل النظر إذن، أن العلم المدني بمسمياته المتعددة[42]، يشغل منزلة هامة في نسق الفارابي الفلسفي، هذا النسق المركب، مترابط الأجزاء والمواضيع، من جهة وحدتها وتناسبها[43]، يشكل العلم المدني جزءا مهمًّا فيه، وعنصرًا رئيساً منه، وهو مبثوث في متن الفارابي الفلسفي، ليس فقط في المؤلفات التي خصها المعلم الثاني للقول المدني، نقصد: السياسة المدنية، وآراء أهل المدينة الفاضلة، وفصول منتزعة، وفصول المدني، وإنما أيضا، في المؤلفات الأخرى، التي خصصها الفارابي لمباحث فلسفية أخرى غير مبحث السياسة، آخذين علما هاهنا، أننا أمام نسق فلسفي مركب متداخل الأجزاء، متماسك العناصر. ينتج عن هذا، أن بحث إشكالية العلم المدني في متن الفارابي، يستوجب النظر فيها، النظر في النسق ككل، من حيث إنها منتشرة الحضور فيه، جلية البيان، بمقتضى هذا الأمر، عُد الفارابي رائد الفلسفة المدنية العربية، فكيف نفهم معنى العلم المدني عند الفارابي؟ ذلك ما سيتم تفصيل النظر فيه، في النقطة التالية.

  1. في ماهية العلم المدني:

لما كان مقصدنا تحديد ماهية العلم المدني في فلسفة الفارابي، من حيث إنه يشكل عصب فلسفته، فإننا وتحقيقا لهذا، سنتجه رأسا نحو متن المعلم الثاني فلسفي، من أجل استبيان ماهية العلم المدني عنده، ولن نجد في هذا السياق، أفضل من مصنف إحصاء العلوم والذي خصص فيه المعلم الثاني فصلاً خاصًّا عن العلم المدني، محددًا غايته في فحص أنواع الأفعال الإرادية، الصادرة عن إرادة الإنسان، وما تؤدي إليه من شيم وأخلاق، وعن غاياتها، وكيفية وجودها في الإنسان، وترتيبها وحفظها فيه من الزوال[44]، والتمييز بين غايات الأفعال الإنسانية، وتبيان أي منها يؤدي إلى السعادة الحقة، وأي منها يؤدي إلى السعادة الظنية، فالأفعال منها فاضلة، ومنها غير ذلك.

على هذا الأساس، يختص العلم المدني في التمييز بين الأفعال، والسعي نحو تمكين الأفعال الفاضلة في أهل المدن، وضمان حفظها واستمراريتها، قال الفارابي في هذا: «ويميز الأفعال والسنن ويبين أن التي بها ما هو في الحقيقة سعادة هي الخيرات والجميلة والفضائل، وأن ما سواها هو الشرور والقبائح والنقائض، وأن وجه وجودها في الإنسان أن تكون الأفعال والسنن الفاضلة موزعة في المدن والأمم على الترتيب وتستعمل استعمالا مشتركا، وبين أن تلك ليست تتأتى إلا برياسة يمكن معها تلك الأفعال والسنن والشيم والملكات والأخلاق في المدن والأمم، ويجتهد في أن يحفظها عليهم حتى لا تزول»[45].

يختص العلم المدني إذن، بالأفعال الإرادية الصادرة عن إرادة الإنسان[46]؛ ذلك أن الأمور المدنية هي التي مبدؤها الإرادة والاختيار[47]، ومن ثم، فإن العلم المدني ينظر في هذه الأفعال الإنسانية، لا على المستوى الفردي، وإنما في المستوى الجماعي، حيث إن: «اهتمام الفارابي بمسألة نيل الأشياء من أجل الخلاص الجماعي المدني وليس الفردي، ذلك هو الموضوع الرئيس في علمه المدني، أو فلسفته المدنية، إن الفارابي جعل من الفلسفة المدنية التي تعالج حياة الإنسان العامة، في المدن والأمم والاجتماعات الملية أحد اهتماماته المركزية»[48].

وفق هذا المنطلق، حدد الفارابي الغاية من العلم المدني، أن يبحث ويميّز في أصناف الأفعال الإرادية والسير الأخلاقية، التي إن حصلت في المدن –التي هي تعبير عن الجماعة لا عن الفرد- حصل لجميع أهلها بلوغ السعادة[49]، ومنه، كان العلم المدني في معناه هو: «علم الأشياء التي بها أهل المدن بالاجتماع المدني ينال السعادة كل واحد بمقدار ما أعد له بالفطرة»[50]، غير أن السعادة المقصودة هنا، هي السعادة الحقة لا السعادة المظنونة، وأما التمييز بينهما، فتلك من غايات العلم المدني، من حيث إنه في جزء منه يعمل على تعريف السعادة، وعلى التمييز فيها بين الحقيقي والمظنون[51].

يتعلق الأمر إذن في العلم المدني، بالسعي نحو تحصيل الشيم والأفعال الفاضلة في أهل المدن؛ أي في الاجتماع المدني، فكان العلم المدني بهذا المعنى، العلم المهتم بالمدينة[52]، من جهة قصده الغائي أن يجعلها مدينة فاضلة، وتلك هي السياسة الفاضلة[53]؛ ذلك أن: «الفضيلة أساس في الأخلاق، وأساس في السياسة، وفي كل ما يشمله العلم المدني»[54]، ومن ثمة، كان العلم المدني بما هو السياسة عند الفارابي، جوهره أخلاقي وغايته أخلاقية[55].

غير أن العلم المدني، لا يقتصر فقط على النظر في السياسة الفاضلة التي تكون في المدينة الفاضلة، بالرغم من أن هذه الأخيرة هي موضوعه المركزي[56]، وإنما ينظر أيضا في أسباب وعلل تحول السياسة الفاضلة إلى غير ذلك، وهنا ينظر في السياسات غير الفاضلة، ويحصي أصنافها، وأفعال أهلها، وغاية كل صنف صنف؛ ذلك أن الرئاسات غير الفاضلة أصناف كثيرة[57].

تبرز جدة رؤية الفارابي المدنية، في كونه وسع من دائرة العلم المدني، لتشمل مجالات أخرى؛ إذ إنه لم يعد مقتصرًا على البعد الأخلاقي فقط، كما كان عند أرسطو[58]، وإنما أضحى يشمل أيضا الإلهيات وعلم الكون، قال محسن مهدي في هذا: «ولم يسمع أحد قبل ظهور فلسفة الفارابي بمثل هذا التوسيع الواضح لميدان العلم المدني، إلى ما هو أبعد من أخلاق أرسطو وسياسته، حيث أصبح هذا العلم يشمل علم الكون والإلهيات»[59]، وآية ذلك، انطلاق الفارابي في نصوصه المدنية –نخص تحديدا مؤلفي آراء أهل المدينة الفاضلة والسياسة المدنية- من مبحث الإلهيات، ممهدا بها قوله في العلم المدني، فما شكل العلاقة بين العلم المدني والعلم الإلهي؟

  1. في العلاقة بين العلم المدني والعلم الإلهي:

إن أول إشكالية تواجه الناظر في فلسفة الفارابي المدنية، هي طبيعة العلاقة بين العلم المدني والعلم الإلهي في هذا النسق الفلسفي؛ بمعنى آخر، التداخل البيّن بين القول في السياسة والقول في الميتافيزيقا، بما هي الإلهيات في فلسفة الفارابي، وهو تداخل قد يظهر من الوهلة الأولى أنه لا مبرر له، بحكم أن طبيعة الموضوع هي السياسة لا الميتافيزيقا، ولعل هذا الوضع، هو ما دفع بعض الدارسين للتراث الفلسفي العربي[60]، إلى نفي وجود فلسفة مدنية/سياسية عند الفارابي، والإقرار بأن قوله في العلم المدني قول عرضي فحسب، بحكم أنه انخرط في قضايا الميتافيزيقا.

هكذا، يتبدى أن إشكالية التداخل بين العلم المدني والعلم الإلهي، تفرض ذاتها على الناظر في موضوع العلم المدني عند الفارابي، وحري بنا نحن هاهنا، أن نجعل النظر فيها غايتنا من هذه الورقات، ولأجل ذلك، نتساءل: ما شكل طبيعة العلاقة بين العلم المدني والعلم الإلهي في قول الفارابي الفلسفي؟

إن بداية الفارابي في مصنفاته المدنية -نقصد بالأخص: آراء أهل المدينة الفاضلة والسياسة المدنية- بالبحث في مجال الإلهيات كمجال ميتافيزيقي، من خلال البحث في الموجود الأول وصفاته، وكيفية صدور العقول منه، ومبادئ الموجودات وتراتبيتها، يدل على العلاقة الوثيقة بين العلم المدني والميتافيزيقا في منظومة الفارابي؛ إذ لا يمكن الفصل بينهما، بين العلم المدني المهتم بتدبير المدينة الفاضلة والإلهيات؛ وعلة ذلك، أن آراء المعلم الثاني في السياسة تعتمد على آرائه في نظام الكون[61]، وفلسفته المدنية هي انعكاس لفلسفته الميتافيزيقية.

وعليه، أسس الفارابي علمه المدني، كنسق بنيوي متماسك العناصر، يربط فيه بين العالم الإلهي والعالم الطبيعي وعالم الإنسان المدني/السياسي؛ فالوجود الاجتماعي للإنسان عند الفارابي وكيفية تدبيره وسياسته، ليس وجودًا وتدبيرًا عرضيًّا، وإنما يخضع بالضرورة لنظام الوجود وتراتبيته، حيث إننا لا يمكن أن نؤسس لمجتمع فاضل بسياسة مدنية فاضلة، دون الأخذ بعين الاعتبار منزلة الإنسان ضمن النظام الوجودي، بدءا من الإلهيات؛ أي من الرئيس الأول والمطلق للوجود، الذي يرأس جميع الموجودات؛ لأنه مبدؤها الأول ومصدرها الذي صدرت عنه، وصولا لأدنى موجود في عالم الكون والفساد بما هو عالم الأجسام المادية، ذلك ما يفسر انطلاق الفارابي في مؤلفاته المدنية من القول في الإلهيات، ونظام الوجود وتراتبية الموجودات، حتى يجعل من السياسة المدنية خاضعة لهذا النسق الميتافيزيقي[62].

اعتبارا لهذا، لزام على رئيس المدينة الفاضلة أن يتشبه بالموجود الأول، الذي يدبر العالم ويضع الهيئات الطبيعية في أجزائه [العالم] حتى يتم الارتباط والانتظام بين كل الموجودات الطبيعية، ويصبح العالم بكثرته وتعدد أجزائه، وحدة متكاملة متجانسة، فكذلك ينبغي لرئيس المدينة يقتفي أثر الموجود الأول، وأن يجعل مدينته منتظمة مرتبطة تتلاحم أجزاؤها، حتى تشكل وحدة متكاملة لا متنافرة الأجزاء[63]، وبالتالي، تكون منزلة الرئيس في المدينة كمنزلة الإله الذي يدبر الكون وكل الموجودات: «ويجعل منزلة الملك والرئيس الأول فيها منزلة الإله الذي هو المدبر الأول للموجودات وللعالم وأصناف ما فيه»[64]، وهي نفس المهمة التي يقوم بها الرئيس في المدينة، حيث إنه يعمل على تدبيرها والسعي بأهلها نحو السعادة الحقة، ذلك أن بين تدبير العالم من خلال مدبره الأول، وتدبير المدينة من خلال رئيسها تناسب وتماثل[65].

إن فعل التناسب هذا، لا يقتصر على جزء الرئاسة فحسب، وإنما ينبغي أن يلحق جميع أجزاء المدينة الفاضلة؛ فنظام المدينة الفاضلة يجب أن يكون شبيها بنظام العالم، قال الفارابي في نص الملة: «وأنه يلزم أيضا أن يكون بين أجزاء الأمة الفاضلة ائتلاف وارتباط وانتظام وتعاضد بالأفعال، وأن الذي يوجد في أجزاء العالم من الائتلاف والارتباط والانتظام والتعاضد بالأفعال عن الهيئات الطبيعية التي لها، يجب أن يوجد مثلها في أقسام الأمة الفاضلة عن الهيئات والملكات الإرادية التي لها»[66]، يتبين من خلال هذا القول، إن المدينة عند الفارابي يجب أن تكون شبيهة بالعالم، من جهة نظامه وارتباطه، فالعالم يخضع لنظام وارتباط محكم بين مختلف موجوداته، وكذلك على المدينة أن تكون؛ بمعنى أن تكون أجزاؤها مرتبطة ومنتظمة، وفي تراتبية محكمة كما هو الحال في العالم[67].

هكذا، فإن حضور الإلهيات في فلسفة الفارابي المدنية، ممهدا بها قوله في العلم المدني، إشارة ودلالة على: «التشابه بين المهنة الملكية الفاضلة وصناعة المشرع، وبين المدينة الفاضلة كما تصورها أفلاطون والأمة الملية المؤسسة على الوحي»[68]، وعلى هذا الأساس، كانت القضايا الإلهية من قبيل: معرفة الموجود الأول، ماهيته وصفاته، والأشياء المفارقة للمادة، والوحي، ومصير النفس بعد الموت، ونظام الوجود بدءا من الموجودات السماوية إلى الموجودات الطبيعية، وغيرها، من الأمور المشتركة التي ينبغي على أهل المدينة الفاضلة معرفتها[69]، وهاهنا، تأكيد على أهمية الآراء النظرية في ما هو عملي، من جهة أن الجزء النظري ضروري للجزء العملي[70]، وأن الفضائل النظرية والفكرية سبب ومبدأ وجود الفضائل العملية والصنائع[71]. وعليه، وسع الفارابي من دائرة الفلسفة المدنية حتى تشمل الآراء في الأشياء النظرية، علاوة على الآراء في الأشياء والأفعال العملية[72]، فكان بذلك العلم المدني وفق تحديد المعلم الثاني له يتضمن الآراء النظرية والأفعال العملية؛ لأن: «سعادة الإنسان القصوى، وكماله المطلق، أمرين لا يتوقفان ليس على أفعاله فحسب، بل أيضا على آرائه النظرية الصحيحة في الشؤون الإلهية والمدنية على حد السواء»[73].

الظاهر إذن، العلاقة المترابطة بين العلم المدني والعلم الإلهي في متن الفارابي الفلسفي، يترتب عن هذا، أنه لا يمكننا فهم العلم المدني عند المعلم الثاني بمعزل عن الإلهيات المتمثلة في نظرية الفيض، التي تفسر مبادئ الموجودات وتسلسلها وفق نظام محكم. إن الاجتماع السياسي لا يتم إلا في نسق أو نظام ميتافيزيقي كوني، يتدرج من الوحدة إلى الكثرة ومن الإطلاق إلى الجزئية، إنه انعكاس للوحدة الكونية[74].

لقد أسس الفارابي نسقاً محكماً، يجمع بين العالم الإلهي والعالم الطبيعي والعالم الإنساني في منظومة واحدة، جمعت بين الميتافيزيقا والدين والسياسة والاجتماع جمعا تركيبيا رائعاً، اندمجت فيه الثقافة اليونانية بالثقافة العربية اندماجا[75]، منظومة متماسكة العناصر، مترابطة الأجزاء، يحتل فيها العلم المدني منزلة مهمة، وعنصرا رئيسيا فيها، يقتضي فهمه –أي العلم المدني- عدم فصله عن باقي العناصر، وتحديدا الإلهيات التي وظفها من أجل بناء صرحه في الفلسفة السياسية[76].

خلاصة:

نخلص من خلال ما تقدم القول فيه، أن وسم الفارابي بأنه مؤسس الفلسفة العربية، وبالمثل مؤسس العلم المدني العربي، ليس وسما مجانبا للحقيقة، فلن نناقض الصواب، إن خلصنا في نهاية هذه الورقات، إلى الإقرار منزلة العلم المدني في نسق الفارابي الفلسفي، والذي ينتج عنه أن الفارابي قد وضع أسس التفكير المدني الفلسفي في السياق العربي الفلسفي، من خلال استيعابه للفلسفة اليونانية المدنية، وملاءمتها مع الشروط الثقافية للحضارة الإسلامية، فأبدع بذلك فلسفة مدنية، ذات صبغة عربية خاصة، تفكر في الوجود السياسي للإنسان، وكيفية تدبيره، وأشكال اجتماعه، وغاياته القصوى.

لقد شكل العلم المدني الحيز الأعظم في نسق الفارابي الفلسفي، ودلالة هذا الأمر، أن سؤال تدبير المدينة بما هو عصب العلم المدني، شغل تفكير الفارابي، لدرجة أمكن القول، إن التفكير في المدينة ومن خلالها التفكير في الوجود الجماعي المشترك، هو المحرك الرئيس لفلسفة الفارابي بأكملها، ولا أدل على هذا، حضور العلم المدني في نسق الفارابي الفلسفي كمًّا وكيفاً، من جهة الكم أن تصنيفاً ببيبلوغرافياً لمؤلفات المعلم الثاني، ليظهر أن أكثرها يخص إشكالية العلم المدني، ولا يسعنا المقام هنا لذكرها واحدة واحدة. أما من جهة الكيف، فالعلم المدني مبثوث في فلسفة الفارابي؛ إذ لا نكاد نحصي مصنّفاً إلا وفيه إشارة لإشكالية العلم المدني، وبيان ذلك حضور العلم المدني بمسمياته المتعددة في مختلف مؤلفات المعلم الثاني.

إن العلم المدني عند الفارابي، لم يكن مجرد نقل للعلم المدني اليوناني، كما تم إرساؤه مع أفلاطون وأرسطو، فهذا حكم متهافت، صحيح أن المعلم الثاني قد استند في بناء تصوراته المدنية إلى التراث الفلسفي اليوناني، الذي مثل له نقطة البدء، لكنه لم يظل حبيس التصور المدني اليوناني، بل تجاوزه تجاوزًا فلسفيًّا؛ بمعنى أنه وعى الفكر الفلسفي اليوناني واستوعبه، وموازاة مع عملية الاستيعاب هذه، أنتج رؤيته المدنية الخاصة، وأرسى مقومات التفكير المدني في الفلسفة العربية، ليكون له بالغ الأثر على اللاحق عليه من الفلاسفة.

 

لائحة المصادر والمراجع

المصادر:

-        الفارابي (أبو نصر)، إحصاء العلوم، قدّم له وحققه آمين (عثمان)، مركز الإنماء القومي، بيروت (لبنان) 1991

-        الفارابي (أبو نصر)، آراء أهل المدينة الفاضلة، حققه وقدم له وعلق عليه نصري نادر (ألبير)، دار المشرق (المطبعة الكاثوليكية)، ط. 2، بيروت (لبنان) 1968

-        الفارابي (أبو نصر)، فصول منتزعة، حققه وقدم له وعلق عليه نجار متري (فوزي)، دار المشرق، ط. 1، بيروت (لبنان) 1971

-        الفارابي (أبو نصر)، التنبيه على سبيل السعادة، حققه وقدم له وعلق عليه آل ياسين (جعفر)، انتشارات حكمت، ط. 1، طهران (إيران) 1952.

-        الفارابي (أبو نصر)، الجدل، ضمن المنطق عند الفارابي، الجزء الثالث، تحقيق وتقديم وتعليق العجم (رفيق)، دار المشرق، بيروت (لبنان) 1986

-        الفارابي (أبو نصر)، الحروف، حققه وقدم له وعلق عليه مهدي (محسن)، دار المشرق، ط. 2، بيروت (لبنان) 1990

-        الفارابي (أبو نصر)، السياسة المدنية -الملقب بمبادئ الموجودات-، حققه وقدّم له وعلق عليه فوزي متري (النجار)، المطبعة الكاثوليكية، ط. الأولى، بيروت (لبنان)، 1964، ص. 84-85.

-        الفارابي (أبو نصر)، الملة ونصوص أخرى، حققها وقدم لها وعلق عليها مهدي (محسن)، دار المشرق، ط. 2، بيروت (لبنان) 1991

-        الفارابي (أبو نصر)، تحصيل السعادة، قدّم له وبوبه وشرحه بوملحم (علي)، دار ومكتبة الهلال، ط. 1، بيروت (لبنان) 1995

-        الفارابي (أبو نصر)، نص التوطئة، ضمن المنطق عند الفارابي، الجزء الأول، تحقيق وتقديم وتعليق العجم (رفيق)، دار المشرق، بيروت (لبنان) 1985

المراجع:

-        ابن رشد (أبو الوليد)، تلخيص أخلاق أرسطو، ترجمه من العبرية، وحقق نصه، وقابله بالأصل الإغريقي، شحلان (أحمد)، مطبعة GraphoPub، ط. 1، 2018

-        ابن رشد (أبو الوليد)، الضروري في السياسة -مختصر كتاب السياسة لأفلاطون-، نقله عن العبرية إلى العربية شحلان (أحمد)، مدخل ومقدمة تحليلية وشروح الجابري (محمد عابد)، مركز دراسات الوحدة العربية، ط. 1، بيروت (لبنان) سبتمبر1998

-        ابن سينا، الشفاء -الإلهيات-، تحقيق قنواتي (الأب) وزايد (سعيد)، راجعه وقدم له مدكور (إبراهيم)، مكتبة سماحة آية الله العظمى المرعشي النجفي الكبرى، ط.2، قم (إيران) 2012

-        أبو زيد منى (أحمد)، "مصطلح العلم المدني عند الفارابي وفي الفلسفة الإسلامية"، مجلة التفاهم، المجلد 11، العدد 39، مسقط (سلطنة عمان) 2013

-        أخدوش (الحسين)، "مآلات الجمع بين السياسة والدين في فلسفة الفارابي المدنية"، مجلة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط (المغرب) 2015

-        الأردكاني (رضا الداوري)، الفارابي مؤسس الفلسفة الإسلامية، ت. العلوي (عبد الرحمن)، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، ط. 1، بيروت (لبنان) 2004

-        أومليل (علي)، السلطة الثقافية والسلطة السياسية، مركز دراسات الوحدة العربية، ط. 2، بيروت (لبنان) 1998

-        آيت حمو (محمد)، الدين والسياسة في فلسفة الفارابي، التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت (لبنان) 2011

-        الجابري (محمد عابد)، ابن رشد سيرة وفكر -دراسة ونصوص-، مركز دراسات الوحدة العربية، ط. 5، بيروت (لبنان) مارس 2015

-        الجابري (محمد عابد)، المقدمة التحليلية لكتاب الضروري في السياسة -مختصر كتاب السياسة لأفلاطون-، تأليف ابن رشد (أبو الوليد)، نقله عن العبرية إلى العربية شحلان (أحمد)، مدخل ومقدمة تحليلية وشروح الجابري (محمد عابد)، مركز دراسات الوحدة العربية، ط. 1، بيروت (لبنان) سبتمبر 1998

-        الجابري (محمد عابد)، نحن والتراث -قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي-، المركز الثقافي العربي، ط. 6، بيروت (لبنان) 1993

-        الجابلي (سعيد)، "الفارابي مقالة في إحصاء العلوم والصناعات: من أجل إبستيمولوجيا عربية هادفة"، مجلة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط (المغرب) 2018

-        الحبابي (محمد عزيز)، "من تاريخ الفارابي إلى تاريخيته"، ضمن الفارابي والحضارة الإنسانية، وقائع مهرجان الفارابي، مطابع دار الحرية، بغداد (العراق) 1976

-        حنفي (حسن)، "الفارابي شارحا أرسطو"، ضمن أبو نصر الفارابي في الذكرى الألفية لوفاته 950م، مؤلف جماعي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة (مصر) 1983

-        عاتي (إبراهيم)، الإنسان في الفلسفة الإسلامية (نموذج الفارابي)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة (مصر) 1993

-        عفيفي (زينب)، ابن باجة وآراؤه الفلسفية، مكتبة الثقافة الدينية، ط. 1، القاهرة (مصر) 2009.

-        قشيقش (محمد)، "تأويلات في فلسفة الفارابي –قراءة محمد عابد الجابري-"، ضمن قضايا فلسفية -الوجود، السياسة، العلم، حقوق الإنسان-، دفاتر مختبر الفاعليات الفلسفية والاجتماعية والثقافية، العدد 01، مطبعة مرجان، مكناس (المغرب) 2016

-        المصباحي (محمد)، من المعرفة إلى العقل -بحوث في نظرية العقل عند العرب-، دار الطليعة، ط. 1، بيروت (لبنان) فبراير 1990

-        مهاجرينا (محسن)، آفاق الفكر السياسي عند الحكيم الفارابي، ت. رضائي (علاء)، مراجعة الحسيني عدنان (علي)، مؤسسة دار معارف الفقه الإسلامي، ط. 1، قم (إيران) 2006

-        مهدي (محسن)، الفارابي وتأسيس الفلسفة الإسلامية السياسية، ت. وداد الحاج (حسن)، دار الفارابي، ط. 1، بيروت (لبنان) 2009

-        Aristote, Ethique à Nicomaque, trad. J. Tricot, éditions Les échos du Maquis, v.: 1,0, janvier 2014

-        Corbin (Henry), Histoire De La Philosophie Islamique, éditions Gallimard 1986

-        Koyré (Alexander), Introduction à La Lecture De Platon, édit. Gallimard 1962

-        Laoust (Henri), Les Schismes dans L’Islam: -Introduction a une étude de la religion Musulmane-, Payot, Paris 196.

-        Mahdi (Muhsin), ALFARABI and the foundation of Islamic political philosophy, the university of Chicago Press, Chicago 200.

-        Mahdi (Muhsin), ALFARABI’S philosophy of Plato and Aristotle, the free Press of Glencoe, 1962

-        Rosenthal (Erwin I. J.), Political thought in medieval Islam, Cambridge university press, 1962

[1]. حنفي (حسن)، "الفارابي شارحا أرسطو"، في: مؤلف جماعي، أبو نصر الفارابي في الذكرى الألفية لوفاته 950م، القاهرة (مصر)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1983، ص. 63

[2]. نقترح الأخذ هنا بمسمى الفلسفة العربية عوض "الإسلامية"، ولن يسعنا المقام هنا، إلى الخوض في إشكالية التسمية هذه، ونكتفي بالإشارة إلى أن لفظ العربية الذي نوظفه هنا، لا يحمل أي ميز عنصري عرقي أو لغوي، وإنما نقصد بها تلك الفلسفة التي كتبت باللسان العربي.

[3]. نقصد هنا، المؤلفات الأخرى، التي خصصها الفارابي للنظر في إشكاليات فلسفية أخرى، لكن بالرغم من ذلك، نجد فيها نصوصا عن العلم المدني، مثال ذلك، مصنف إحصاء العلوم، والذي يفرده فيه المعلم الثاني، فصلا خاصا عنه. وكتاب الملة، وفيه نصوص واضحة عن الشأن المدني. ومصنف إحصاء السعادة، وما يتضمنه من قول عن العلم المدني. بل حتى في المؤلفات المنطقية، كنص التوطئة وكتاب الجدل مثلا، تتم الإشارة إلى العلم المدني، كل هذا، يبين أن سؤال العلم المدني، يمثل همّا فلسفيا للفارابي، وعليه، نجد أن العلم المدني مبثوث في متنه الفلسفي.

[4]. Laoust (Henri) dit: «la partie central et la plus original de sa philosophie (AL Fârâbî) est sa politique». Voir: Les Schismes dans L’Islam: -Introduction a une étude de la religion Musulmane-, Payot, Paris 1965, p. 159

[5]. آيت حمو (محمد)، الدين والسياسة في فلسفة الفارابي، بيروت (لبنان)، التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، 2011، ص. 6

[6]. من الواجهة الإشارة في هذا المقام، أن قولنا إن الفارابي اهتم بالعلم المدني أكثر من الفلاسفة العرب الآخرين، لا يترتب عنه القول بأفضلية الفارابي عليهم، ونقصد هنا: الكندي، ابن سينا، ابن باجة، ابن رشد...، أو أن الفارابي أعلى قيمة وشأنا منهم، فهذا حكم قيمي متهافت، ونحن على يقين تام، أن منطق الفكر الفلسفي، لا يخضع لهذه العلاقة التفاضلية، بين الفلاسفة والأفكار الفلسفية، لأن كل فكرة فلسفية، هي وليدة شروط نظرية وفلسفية خاصة، ومن ثمة، فإن اهتمام الفارابي بالعلم المدني، علته شروط نظرية وفلسفية خاصة، وبالمثل، تلك الشروط ذاتها هي التي تحكم حضور أو غياب، موضوع العلم المدني عند باقي الفلاسفة في المجال العربي.

[7]. نحيل هنا على: ابن رشد (أبو الوليد)، الضروري في السياسة -مختصر كتاب السياسة لأفلاطون-، نقله عن العبرية إلى العربية شحلان (أحمد)، مدخل ومقدمة تحليلية وشروح الجابري (محمد عابد)، بيروت (لبنان)، مركز دراسات الوحدة العربية، ط. 1، سبتمبر1998. يمثل نص الضروري في السياسة عصب فلسفة ابن رشد المدنية، ولا ينفي هذا الأمر وجود أفكار سياسية أخرى مبثوثة في متن ابن رشد الفلسفي، وبالأخص في مؤلفي تلخيص أخلاق أرسطو والخطابة، غير أن تركيزنا على نص الضروري في السياسة من جهة أنه المؤلف الوحيد الذي أفرده فيلسوف قرطبة للإشكالية العلم المدني.

[8]. الجابري (محمد عابد)، المقدمة التحليلية لكتاب الضروري في السياسة -مختصر كتاب السياسة لأفلاطون-، تأليف ابن رشد (أبو الوليد)، نقله عن العبرية إلى العربية شحلان (أحمد)، مدخل ومقدمة تحليلية وشروح الجابري (محمد عابد)، بيروت (لبنان)، مركز دراسات الوحدة العربية، ط. 1، سبتمبر 1998، ص. 21

[9]. Rosenthal (Erwin I. J.), Political thought in medieval Islam, Cambridge university press, 1962, p. 143

[10]. المصدر نفسه، ص. 25

[11]. ابن سينا، الشفاء -الإلهيات-، تحقيق قنواتي (الأب) وزايد (سعيد)، راجعه وقدم له مدكور (إبراهيم)، قم (إيران)، مكتبة سماحة آية الله العظمى المرعشي النجفي الكبرى، ط.2، 2012، ص. 441

[12]. المرجع نفسه، ص. 447

[13]. المرجع نفسه، ص. 455

[14]. عفيفي (زينب)، ابن باجة وآراؤه الفلسفية، القاهرة (مصر)، مكتبة الثقافة الدينية، ط. 1، 2009، ص. 441

[15]. المرجع نفسه، ص. 425

[16]. Rosenthal (Erwin I. J.), Political thought in medieval Islam, op.cit, p. 159

[17]. الجابري (محمد عابد)، المقدمة التحليلية لكتاب الضروري في السياسة -مختصر كتاب السياسة لأفلاطون-، مرجع سابق، ص. 25

[18]. أومليل (علي)، السلطة الثقافية والسلطة السياسية، بيروت (لبنان)، مركز دراسات الوحدة العربية، ط. 2، 1998، ص ص. 203-204

[19]. الجابري (محمد عابد)، ابن رشد سيرة وفكر -دراسة ونصوص-، بيروت (لبنان)، مركز دراسات الوحدة العربية، ط. 5، مارس 2015، ص ص. 159-160

[20]. نقصد هنا التصنيفات البيبليوغرافية لمؤلفات ابن رشد، بحسب مواضيعها، بين منطق، وعلم طبيعي، وسياسة وأخلاق، وبين تفسيرات وشروح ومختصرات، وتلخيصات، وفق هذا التحديد البيبلوغرافي، يظهر أن مؤلف الضروري في السياسة، لهو المؤلف الوحيد الذي أفرده ابن رشد للعلم المدني، دون أن نغفل تلخيص أخلاق أرسطو، هذا النص الثاني يشكل مع الأول معا العلم المدني.

[21]. Rosenthal (Erwin I. J.), Political thought in medieval Islam, op.cit, p. 122

[22]. عاتي (إبراهيم)، الإنسان في الفلسفة الإسلامية (نموذج الفارابي)، القاهرة (مصر)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993، ص. 248

[23]. Mahdi (Muhsin), ALFARABI’S philosophy of Plato and Aristotle, the free Press of Glencoe, 1962, p. 3

[24]. آيت حمو (محمد)، الدين والسياسة في فلسفة الفارابي، مرجع سابق، ص. 8

[25]. مهدي (محسن)، الفارابي وتأسيس الفلسفة الإسلامية السياسية، ت. وداد الحاج (حسن)، بيروت (لبنان)، دار الفارابي، ط. 1، 2009، ص. 176 (بتصرف).

[26]. الأردكاني (رضا الداوري)، الفارابي مؤسس الفلسفة الإسلامية، ت. العلوي (عبد الرحمن)، بيروت (لبنان)، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، ط. 1، 2004، ص. 196

[27]. Mahdi (Muhsin), ALFARABI and the foundation of Islamic political philosophy, the university of Chicago Press, Chicago 2001, p. 4

[28]. الفارابي (أبو نصر)، إحصاء العلوم، قدّم له وحققه آمين (عثمان)، مركز الإنماء القومي، بيروت (لبنان) 1991، ص. 7

[29]. الفارابي (أبو نصر)، إحصاء العلوم، مصدر سابق، ص. 7

[30]. مهاجرينا (محسن)، آفاق الفكر السياسي عند الحكيم الفارابي، ت. رضائي (علاء)، مراجعة الحسيني عدنان (علي)، قم (إيران)، مؤسسة دار معارف الفقه الإسلامي، ط. 1، 2006، ص. 184

[31]. مهدي (محسن)، الفارابي وتأسيس الفلسفة الإسلامية السياسية، مرجع سابق، ص. 82

[32]. الفارابي (أبو نصر)، تحصيل السعادة، قدّم له وبوبه وشرحه بوملحم (علي)، بيروت (لبنان)، دار ومكتبة الهلال، ط. 1، 1995، ص. 46

[33]. المصدر نفسه، ص. 46

[34]. الفارابي (أبو نصر)، التنبيه على سبيل السعادة، حققه وقدم له وعلق عليه آل ياسين (جعفر)، طهران (إيران)، انتشارات حكمت، ط. 1، 1952، ص ص. 66-67

[35]. المصدر نفسه، صص. 66-67

[36]. الفارابي (أبو نصر)، إحصاء العلوم، مصدر سابق، ص. 39

[37]. الفارابي (أبو نصر)، الملة ونصوص أخرى، حققها وقدم لها وعلق عليها مهدي (محسن)، بيروت (لبنان)، دار المشرق، ط. 2، 1991، ص ص. 46-47

[38]. في هذا قال الفارابي: «والعملية هي التي تشتمل على السعادة، والأشياء التي بها تنال، والأشياء التي بها تعوق عنها أو تؤدي إلى أضدادها (...) والغاية والكمال الذي عنده تنتهي الصناعة العملية هو أن تصير أخيارا متمسكين بالنواميس، لا أن تعلم فقط، بل وأن يفعل ما يسعد به لا بل وأن يسعد مع ذلك، فهذا هو خاصة الفلسفة العملية». (يرجى النظر: الفارابي (أبو نصر)، الجدل، ضمن المنطق عند الفارابي، الجزء الثالث، تحقيق وتقديم وتعليق العجم (رفيق)، بيروت (لبنان)، دار المشرق، 1986، ص. 69).

[39]. الفارابي (أبو نصر)، إحصاء العلوم، مصدر سابق، ص ص. 39-40

[40]. الفارابي (أبو نصر)، نص التوطئة، ضمن المنطق عند الفارابي، الجزء الأول، تحقيق وتقديم وتعليق العجم (رفيق)، بيروت (لبنان)، دار المشرق، 1985، ص. 59

[41]. الفارابي (أبو نصر)، تحصيل السعادة، مصدر سابق، ص. 46

[42]. أبو زيد منى (أحمد)، "مصطلح العلم المدني عند الفارابي وفي الفلسفة الإسلامية"، مجلة التفاهم، المجلد 11، العدد 39، مسقط (سلطنة عمان) 2013، ص. 51

[43]. الجابلي (سعيد)، "الفارابي مقالة في إحصاء العلوم والصناعات: من أجل إبستيمولوجيا عربية هادفة"، م مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط (المغرب) 2018، ص. 8

[44]. الفارابي (أبو نصر)، إحصاء العلوم، مصدر سابق، ص. 38

[45]. المصدر نفسه، ص. 38

[46]. الفارابي (أبو نصر)، الحروف، حققه وقدم له وعلق عليه مهدي (محسن)، بيروت (لبنان)، دار المشرق، ط. 2، 1990، ص. 67

[47]. المصدر نفسه، ص. 151

[48]. مهدي (محسن)، الفارابي وتأسيس الفلسفة السياسية الإسلامية، مرجع سابق، ص. 93

[49]. قال الفارابي: «ثم يميّز [العلم المدني] السير والأخلاق والملكات التي إذا استعملت في المدن أو الأمم عمرت بها مساكنهم ونال بها أهلها الخيرات في هذه الحياة الدنيا والسعادة القصوى في الحياة الأخرى». (يرجى النظر: الفارابي (أبو نصر)، الملة ونصوص أخرى، مصدر سابق، ص. 54).

[50]. الفارابي (أبو نصر)، تحصيل السعادة، مصدر سابق، ص. 46

[51]. الفارابي (أبو نصر)، إحصاء العلوم، مصدر سابق، ص. 39

[52]. Mahdi (Muhsin), ALFARABI and the foundation of Islamic political philosophy, op.cit, p. 10.

[53]. الفارابي (أبو نصر)، الملة ونصوص أخرى، مصدر سابق، ص. 55

[54]. الحبابي (محمد عزيز)، "من تاريخ الفارابي إلى تاريخيته"، ضمن الفارابي والحضارة الإنسانية، بغداد (العراق)، وقائع مهرجان الفارابي، مطابع دار الحرية، 1976، ص. 166

[55]. إن السياسة عند الفارابي غير منفصلة عن الأخلاق، بل إن غايتها أساسا أخلاقية، وهذا الربط الوثيق بين الأخلاق والسياسة، ليس وليد لحظة الفارابي، وإنما قبله؛ فبالعودة إلى تاريخ الأفكار الفلسفية، سنجد هذا الربط جلي الوضوح في المنظومة اليونانية، وما المدينة الفاضلة في محاورة الجمهورية إلا أسطع برهان على دمج السياسة بالأخلاق؛ المدينة مفهوم سياسي، والفاضلة (من الفضيلة) مفهوم أخلاقي، وفي هذا ذهب كوري Koyré في قراءته لفلسفة أفلاطون: «أن الأخلاق عند أفلاطون لا تنفصل عن السياسة». (يرجى النظر:

Koyré (Alexander), Introduction à La Lecture De Platon, édit. Gallimard 1962, p. 89).

حتى أن العلم المدني في شكله الأرسطي، يتكون من جزئيين: جزء أول أخلاقي يمثل علم الأخلاق، وهو المبثوث في مؤلف الأخلاق إلى نيقوماخوس، الذي يشكل الأساس النظري للجزء الثاني: السياسة، وهو المشهور بكتاب السياسيات. وغني عن البيان أن علاقة الربط هذه، استمرت في تاريخ الفلسفة حتى لحظة ميكافيلي، حين تم الفصل بين السياسة والأخلاق، وعلى هذا الأساس اعتبر نص الأمير le prince لحظة فارقة في تاريخ الفلسفة السياسية.

[56]. Mahdi (Muhsin), ALFARABI and the foundation of Islamic political philosophy, op.cit, p. 88

[57]. الفارابي (أبو نصر)، الملة ونصوص أخرى، مصدر سابق، ص. 55. راجع أيضا الفارابي (أبو نصر)، إحصاء العلوم، مصدر سابق، ص ص. 38-39

[58]. من المعلوم أن العلم المدني عند أرسطو، من العلوم العملية، وهو يشتمل على جزأين: علم الأخلاق وعلم السياسة، وقد بدأ أرسطو أولا بعلم الأخلاق، وأتبعه علم السياسة، مما يدل على ارتباطهما الوثيق، ففي نهاية مؤلف الأخلاق إلى نيقوماخوس، يشير إلى الترابط بين الأخلاق والسياسة، وأنه بعدما انتهى من فحص علم الأخلاق، سيبدأ مباشرة فحص السياسة. (يرجى النظر:

Aristote, Ethique à Nicomaque, trad. J. Tricot, éditions Les échos du Maquis, v.: 1,0, janvier 2014, p. 237).

الإشارة ذاتها، ينبه لها ابن رشد في نهاية تلخيص أخلاق أرسطو، حين قال: «وهنا تمت المقالة في هذا الجزء من هذا العلم، ومرتبته من العلم المدني، بمرتبة العلم من ماهية الصحة والمرض في صناعة الطب. والذي يراد به هو الجزء الذي يقع في هذا العلم، بمثابة إعادة الصحة في صناعة الطب وإزالة المرض، وهو الكتاب المعروف بكتاب السياسة له [أسطو]». (يرجى النظر: ابن رشد (أبو الوليد)، تلخيص أخلاق أرسطو، ترجمه من العبرية، وحقق نصه، وقابله بالأصل الإغريقي، شحلان (أحمد)، مطبعة GraphoPub، ط. 1، 2018، ص. 478).

[59]. مهدي (محسن)، الفارابي وتأسيس الفلسفة الإسلامية السياسية، مرجع سابق، ص ص. 171-172

[60]. نقصد هنا تأويلي عابد الجابري وهنري كوربان Henry Corbin، فكلاهما ينفي وجود فلسفة مدنية عند الفارابي، ذلك أن الأول، وصفها بأنها مجرد دمج بين الدين والفلسفة، ولا ترقى لمستوى القول السياسي، بحكم أن الفارابي خاض في قضايا الإلهيات وعلم الكلام. (يرجى النظر: الجابري (محمد عابد)، المقدمة التحليلية لكتاب الضروري في السياسة -مختصر كتاب السياسة لأفلاطون-، مرجع سابق، ص. 25). والثاني رفض تسميتها بالفلسفة السياسية، مفضلا أن يطلق عليها لفظ فلسفة النبوة، ومن بين مبرراته في ذلك، أن الفارابي انطلق من الميتافيزيقا. (يرجى النظر:

Corbin (Henry), Histoire De La Philosophie Islamique, éditions Gallimard 1986, p. 231).

[61]. Corbin (Henry), Histoire de la philosophie islamique, précité, p. 231

[62]. المصباحي (محمد)، من المعرفة إلى العقل -بحوث في نظرية العقل عند العرب-، بيروت (لبنان)، دار الطليعة، ط. 1، فبراير 1990، ص. 33. (الهامش).

[63]. الفارابي (أبو نصر)، الملة ونصوص أخرى، مصدر سابق، ص. 65

[64]. المصدر نفسه، ص. 63

[65]. المصدر نفسه، ص. 65

[66]. المصدر نفسه، ص. 65

[67]. يؤكد الفارابي أن الاجتماع المدني الذي يكون في المدينة شبيه بنظام العالم وتراتبيته، فالموجودات في العالم تخضع لمبدأ تراتبي من أعلى الموجودات وأكملها، إلى أدناها رتبة في الوجود، وكذلك أجزاء المدينة هي الأخرى تخضع لتراتبية تنازلية، قال: «ويتبين له أن الاجتماع المدني، والجملة التي تحصل من اجتماع المدنيين في المدن، شبيه باجتماع الأجسام في جملة العالم ويتبين له أيضا في جملة ما تشتمل عليه المدينة والأمة نظائر ما تشتمل عليه جملة العالم، وكما أن في العالم مبدأ ما أولاً، ثم مبادئ أخر على ترتيب، وموجودات [عن تلك المبادئ، وموجودات] أخر تتلو تلك الموجودات على ترتيب، إلى أن تنتهي إلى آخر الموجودات رتبة في الوجود، كذلك في جملة ما تشتمل عليه الأمة أو المدينة مبدأ ما أول، ثم مبادئ أخر تتلوه ومدنيون آخرون يتلون تلك المبادئ، وآخرون يتلون هؤلاء إلى أن ينتهي إلى آخر المدنيين رتبة في المدينة والإنسانية، حتى يوجد فيما تشتمل عليه المدينة نظائر ما تشتمل عليه جملة العالم». (يرجى النظر: الفارابي (أبو نصر)، تحصيل السعادة، مصدر سابق، ص. 47).

[68]. مهدي (محسن)، الفارابي وتأسيس الفلسفة السياسية الإسلامية، مرجع سابق، ص. 25

[69]. قال الفارابي في هذا: «فأما الأشياء المشتركة التي ينبغي أن يعلمها جميع أهل المدينة الفاضلة فهي أشياء، أولها معرفة السبب الأول وجميع ما يوصف به، ثم الأشياء المفارقة للمادة وما يوصف به كل واحد منها بما يخصه من الصفات والمرتبة إلى أن تنتهي من المفارقة إلى العقل الفعّال، وفي كل واحد منها؛ ثم الجواهر السماوية وما يوصف به كل واحد منها؛ ثم الأجسام الطبيعية التي تحتها، كيف تتكون وتفسد، وأن ما يجري فيها يجري على إحكام وإتقان وعناية وعدل وحكمة، وأنه لا إهمال فيها ولا نقص ولا جور ولا بوجه من الوجوه؛ ثم كون الإنسان، وكيف تحدث قوى النفس، وكيف يفيض عليها العقل الفعّال الضوء حتى تحصل المعقولات الأُول، والإرادة والاختيار؛ ثم الرئيس الأول وكيف يكون الوحي؛ ثم الرؤساء الذين ينبغي أن يخلفوه إذا لم يكن هو في وقت من الأوقات؛ ثم المدينة الفاضلة وأهلها والسعادة التي تصير إليها أنفسهم، والمدن المضادة لها وما تؤول إليه أنفسهم بعد الموت: إما بعضهم إلى الشقاء وإما بعضهم إلى العدم؛ ثم الأمم الفاضلة الأمم المضادة لها». (يرجى النظر: الفارابي (أبو نصر)، آراء أهل المدينة الفاضلة، حققه وقدم له وعلق عليه نصري نادر (ألبير)، بيروت (لبنان)، دار المشرق (المطبعة الكاثوليكية)، ط. 2، 1968، ص. 146-147). (يرجى النظر أيضا: الفارابي (أبو نصر)، السياسة المدنية -الملقب بمبادئ الموجودات-، حققه وقدّم له وعلق عليه فوزي متري (النجار)، بيروت (لبنان)، المطبعة الكاثوليكية، ط. 1، 1964، ص ص. 84-85).

[70]. الفارابي (أبو نصر)، فصول منتزعة، حققه وقدم له وعلق عليه نجار متري (فوزي)، بيروت (لبنان)، دار المشرق، ط. 1، 1971، ص. 95

[71]. المصدر نفسه، ص. 96

[72]. مهدي (محسن)، الفارابي وتأسيس الفلسفة السياسية الإسلامية، مرجع سابق، ص. 140

[73]. أخدوش (الحسين)، "مآلات الجمع بين السياسة والدين في فلسفة الفارابي المدنية"، مجلة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط (المغرب) 2015، ص ص. 5-6

[74]. آيت حمو (محمد)، الدين والسياسة في فلسفة الفارابي، مرجع سابق، ص. 159

[75]. الجابري (محمد عابد)، نحن والتراث -قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي-، بيروت (لبنان)، المركز الثقافي العربي، ط. 6، 1993، ص. 60

[76]. قشيقش (محمد)، "تأويلات في فلسفة الفارابي –قراءة محمد عابد الجابري-"، ضمن قضايا فلسفية –الوجود، السياسة، العلم، حقوق الإنسان-، دفاتر مختبر الفاعليات الفلسفية والاجتماعية والثقافية، العدد 01، مطبعة مرجان، مكناس (المغرب) 2016، ص. 109