الأهواء والأخلاق؛ بحثٌ في السّيكولوجية النيتشوية

فئة :  مقالات

الأهواء والأخلاق؛ بحثٌ في السّيكولوجية النيتشوية

الأهواء والأخلاق؛ بحثٌ في السّيكولوجية النيتشوية

ملخّص:

تُعنى هذه الدّراسة بالتوقُّف، لحظاتٍ، مع بعض دروس نيتشه في نقد الأخلاق، وتُعنى، على وجه الخصوص، بفحصه للمنظورَيْن الإغريقي والرّوماني لـلأهواء Passions. يتعلّق الأمر، في الحقيقة، بـ"ما وراء الأهواء"؛ أي بالكشف عن الكيفيات التي جَرَتْ بها التضحية بالأهواء كافّة من أجل الفضيلة؛ بكلّ ما كان يستهويه النّاس وبكل ما كان يدفعهم إلى الانفعال ويحْمِلهم عليه. لقد تمخض عن هذا الكشف أطروحة مُلهِمة تتخذ من الإفصاح عن الأهواء، لا قمعها، معياراً لتقدّم المجتمعات، ومن انعدامها التّعبير الأبرز عن تخلّف المجتمعات تلك، بل توحُّشها؛ إذ ما كان نفيها إلّا وجهاً من أوجه الضعف والانحطاط، وإنتاجاً لـإنسان الحِقْدِ، وتحريراً لـانفعالاتهِ الحزينةِ. ليكون تحرير الأهواء لا التحرّر منها هو المطلب المنشود.

يتكوّن مُحتوى هذه الدّراسة من ثلاثة محاور: نهتمُّ في الأول بصِلة التراجيديا والتطهير بالشأن الأخلاقي عامّة، وبالبُعد الانفعاليّ خاصّة، وننشغل، في الثاني، بـسيرورات تعقيل الأخلاق، وبفحص المسالك الأخلاقية في شأن كبح الهوى، ونُعنى، في الثالث، بأمر انقلاب القيم الأخلاقية في اللّحظة الرُّومانية، وما أفضى إليه ذلك من اندثار الانشغال بالشأن السياسي.

أوّلاً؛ التراجيديا ومسألة التطهير

من مُقتضيات هذا التقديم العودة إلى تلك الأصول التي لا يفتأ نيتشه يعود إليها، والتذكير، من ثمّة، بـالموقف الأفلاطوني من "الشعر التراجيدي"، والذي تمثل في الرّفض، والحالُ أنّه رفضٌ مَبْناه على أُسُس مرتبطة بـنظرية المثل، التي تكون، بمقتضاها، الصُّور الحقيقية للأشياء والأفكار موجودة بصورة مُستقلة في عالم خاص. أمّا الحسّيات، فإنّها مجرد مُحاكاةٍ وتقليدٍ لهذه الصّور الأصلية والكاملة، إنّها ليست الأصل، إنّما نسخ عنه. يقترن عمل الفنان، وفقاً لذلك، بمحاكاة هذا الوجود الحسّي، هذا الوجود الذي بدوره محاكاة للأصل؛ أي المثل. يقول أفلاطون في الكتاب العاشر من الجمهورية: "إنّ في دولتنا... مبادئ سليمة تماماً ولا سيما تلك القاعدة الخاصّة بالشّعر [التي] تنصّ على حظر الشعر القائم على المُحاكاة...[إذ] يبدو لي أنّ هذا الشّعر يُؤذي الأذهان التي تسمعه دون أن يكون لديها ترياقٌ ضّده..."[1].

ليس العمل الفني، إذن، إلاّ: "محاكاة للمحاكاة" أو "تقليد للتقليد" أو "نسخ للنسخ" تجعل الفن بعيدًا عن الحقيقة بمسافة مزدوجة ومضاعفة، عكس الفلسفة، أو الفيلسوف الذي يدرك الصور والمثل مباشرة عن طريق الجدل؛ ذلك ما حَمَلَ أفلاطون على الاعتقاد بأنّ الفيلسوف وليس الفنان، هو القمين بأن يكون على رأس الجمهورية. أمّا أرسطو، فقد أفْرَد لهذه الموضوعة كتاباً عنونه بـ "فنّ الشعر"، وفيه قدْ تجلّت، بشكلٍ جدليّ، صِلته بأفلاطون تأثرا به وتحرّرا منه، يُعبّر عن ذلك توسّله مفهومَيْ المُحاكاة والتقليد، لكنّه منحهما دلالاتٍ مُغايرةٍ، يقول: "ويبدو أنّ الشعر [قد] نشأ عن سببين، كلاهما طبيعيّ، فالمحاكاة غريزة في الإنسان تظهر فيه منذ الطّفولة... وسبب آخر هو أنّ التعلّم ليس للفلاسفة وحدهم فقط بل وأيضاً للجميع..."[2].

تقتضي هذه الدّلالات الجديدة للمحاكاة والتقليد دلالات جديدة للتراجيديا، بل وتتلازَم معها، فـ"التراجيديا هي مُحاكاة فعل جليل كامل له عِظم ما، في كلام ممتع تتوزع أجزاء القطعة عناصر التحسين فيه (...) محاكاة تمثل الفاعلين ولا تعتمد على القصص وتتضمن الرحمة والخوف لتُحْدِث تطْهيرا لمثل هذه الانفعالات..."[3]. كما أنّنا نجده يُشدّد، في فقرات عديدة من كتاب "السياسة"، على أن "الموسيقى (وهي جزء هام وضروري في المسرحيات التراجيدية) تهدف إلى التهذيب، وتطهير النفس".

يترتّب على هذه التحديدات أن تقترن عِلّة الفن التراجيدي، وأهداف الشعر المأساوي، في وعي أرسطو، بإحداث التطهير catharsis عن طريق استثارة انفعاليْ الشفقة والخوف؛ بمعنى "تنقية الرُّوح عن طريق تطهير الانفعالات، والحقُّ أنّ مفهوم التطهير قد اتّخذ، عند شرّاح أرسطو، دلالاتٍ متعدّدة، أفضى به ذلك إلى غُموضٍ نَشَد هانز جورج غادامير hans-georg gadamer تبديده، يقول "فالشفقة هي الشقاء الذي يستبد بنا، لذلك نحن نرثي لقدر أوديب (وهو المثال الذي يعود إليه أرسطو دائما) ويعني الخوف ارتعاشات الخشية التي تستبد بنا لأجْل ذلك الشخص الذي نراه مُندفعا بعنف لتحطيم نفسه، ولأجله نخاف"[4]. السّؤال الذي يعنينا، هنا، أن نجلوه هو: كيف تأتى لأرسطو أن يدعو هذه الحالة تطهيرا؟ ومــا هـو العُنصر الهجين في الشعور، وكيف يُزاح في الانفعال التراجيدي؟

يُجيبنا غادامير على النحو الآتي: "إنّ الكائن الذي يستبدُّ به الشّقاء والرُّعب يشمل على انقسامٍ مؤلمٍ. فهناك انفصالٌ عمّا يحدث، وإنكارٌ لموافقة ذلك الذي يتمرّد على الحوادث المعذبة. ولكن أثر الفاجعة التراجيدي هو، بالضبط، إلغاء هذا الانفصال عمّا يجرى فهي تُحرر القلب المكبل تحررا كلّياً"[5]، ولعلّ ذلك ما حمَلَ أرسطو على توسُّل عبارات أبقراط الطبّية، بل وعلى اسْتلهام منهجه الذي يقتضي أن يكون العلاج عن طريق جرعة بسيطة من الدّاء نفسه؛ إذ بوُسع المرء، بعد وقوعه تحت سطوة الأهواء، أن يتحكّم فيها وأن يخفض من منْسُوبها عبر مُشاهدتها في المسْرح.

يعني ذلك أنّ للتطهير، في التراجيديا، دلالةً تتراوح بين معنيين، يترادفُ أوّلها مع الاعتقاد بأنّه توليداً لتوازنٍ في النّفس عبْر تخْليص الذّات من أهوائها وتنقيتها من انفعالات الخوف والشّفقة، ويترادف ثانيها مع القوْل إنّ فيه حمْلاً للإنسان العادي ذو المشاعر الرّاكدة على الانفعال؛ إذ عند تذوّقه للمأساة تنبعث فيه مشاعر الخوف والشفقة، فيحدث له اتّزانٌ، إذ تتيقظ مشاعره ويزداد وعيه بذاته. وسواءً تعلّق الأمْرُ بهذا المعنى أو ذاك، فإن العمل التراجيدي، بإثارته لانفعاليْ الخوف والشفقة، فإنّه يُحدث تطهيراً؛ إذ من شأن مُشاهَدة قُدرات بطلٍ على المُقاومة والتحمّل أن تحْمِل المُشاهد على أن يختبر "تسامياً عجيباً رائعاً"[6].

تحصّل، إذن، رفض أرسطو لحُكم أفلاطون القيمي والسّلبي للشعر التراجيدي. إنّ الأهمّ، في مثل هذه المُعارضة -وهو ما يعنينا- أنّ تعديلاً مُهمّا قد جرى على مُستوى المنظور الذي كانت به تُرى الأهواء والانفعالات. ولذلك لا يفتأ نيتشه، في مؤلّفه "ميلاد التراجيديا"، يُنوّه بأرسطو؛ وبوعيه المُبكّر بحسنات هذا الفن، وبسبقه الزّمني في تحليل أثاره على البُعد الانفعاليّ للمتلقّي، دون أن يُفهَم من هذا التنويه أنه يوافقه على التحليل ذلك. تكفينا الإشارة إلى اسْتشكال نيتشه للتطهير وتساؤله عمّا إذا كان ظاهرة طبّية أو أخلاقية. ويُعاود السؤال ذاته في مكانٍ آخر: "هل صحيحٌ، مثلما يُريد ذلك أرسطو أنّ المأساة المسرحية تُطهّر المستمع من الخوف والشّفقة، حيث يعود إلى منزله هادئاً، ساكناً"[7]، والذي عند نيتشه، إنّ الهدف من التراجيديا لمْ يكن مُمكناً له أن يكمن في التطهير من الشفقة والخوف، وإنّما في ما وراء الشفقة والخوف؛ أي في تحقيق "الفرح الدّائم للصيرورة"[8]. وفي ذلك فكٌّ للتراجيديا عن الأخلاقيّ وربطٌ لها بالجماليّ، وفي أخْلقته للجمال، أو تخليقه الفنّ يكمن الخطأ الأرسطيّ!

في شذرةٍ بديعة المبْنى كثيفة المعْنى عنوانها فنٌّ وطبيعة[9]، يُحلّل نيتشه الكيفية التي اسْتهوى بها الأثينيون سماع القوْل الفصيح، لكنّه -جنباً إلى ذلك-يعتني، أشدّ اعتناءٍ يكون، بالكيفية التي حازوا بها نُزوعا طبيعياً -لا مُتناهياً- صوب الانفعال، وإن جرى ذلك على خشبة المسْرح؛ إذ يميل الهوى، بطبيعته، إلى تجنّب الكلمات، فيبدو متكتّماً ومُحْرجاً. وإن هو عبّر عن نفسه فلا يتمّ ذلك، بنظره، إلا بطريقةٍ مُرتبكةٍ ولا معقولة. لكنّنا تعوّدنا - بفضل الاغريق، وعلى خشبة المسرح- على مُضادّة طبائعنا ومُقاومتها dénaturation، عبْر تحمّل الانفعالات والأهواء عن طيب خاطِرٍ، وإلى البطل التراجيدي يُعزى هذا الشعور الجيد وهذه النّشوة الحسنة، مردُ ذلك إلى أنّه لا يزال يتكلّم بفصاحةٍ في أشدّ الأوضاع جسامةً، وإلى أنّه لا يزال مُقتدرا على اتخاذ المواقف، وإيجاد الدّوافع في أشدّ اللّحظات حِلكةً.

يثني نيتشه، كثيراً، على هذا النمط من الانزياح/الانحراف عن الطبيعة، لقُدرته على البعث، المُتجدّد، لحماسة الإنسان وشغفه، ويُعيب، في مُقابل ذلك، على التعبير الغنائي، الذي سعى، خطأ، إلى تعويض اللّحن بصيحاتٍ ذات تأثير طبيعي، بدعوى الإفصاح الجيّد عن الانفعال وعن قوّته، فيُضحّى بـجمالٍ أسمى من أجل جمالٍ مبْتذل، ويُحْرَم الانفعال عُمقه، ويُفرَغ من مكنوناته، ويُملى عليه، بالمُقابل، قاعدة الخطاب الجميل، وحُدّث، بالجُملة، قُدراته على إثارة الخوف والشّفقة، والتي لم يعد يُسْعى إليها، وإنّما إلى الشرف؛ لقد أقرّ أرسطو بذلك حينما كان بصدد بيان الغاية القُصْوى للتراجيديا. وفي ذلك، بحسب نيتشه، يكمن خطأه الفادح!

ثانيا؛ الأهواء وسطوة الأخلاق.

اقترن تقدّم البشرية، في وعي نيتشه، بتلك الأرْواح الشّرسة والقوية، التي لا تكفّ عن بعْث الأهواء وإيقاظها. أمّا [تلك] المجتمعات [والتي كانت] أكثر تنظيماً، فلم تكن تميل إلاّ إلى إخْماد فتيلها. يُستتبع ذلك، أنّ تبيّن أصْناف الهوى، عبر العُصور، من شأنه أن يفْصح عن طبيعة الشعوب، وعن طرائق تفكيرها، وأساليب تقديرها للقيم وتوجيهها للأشياء. لقد تغيّب، في تأريخنا، تأريخ للحب، للجشع، للحسد...[10]، وعلى هذا النّحو يجري مُعارضة الفضيلة بـالأهواء، ويُحْمَل الأفراد على التضحية بهاته من أجل حيازة تلك[11]، فكان متعيّناً عليهم، وفق المبادئ الأخلاقية وصوْناً لها، "التخلّي عن ذواتهم، والتضحية بها"، بدل "أن يسْعون وراء منافعهم"، بل إنّ التربية لمْ تتقدّم، عموما، إلاّ على هذا النّحو: تبحث في الفرد، عبر سلسلة مؤثرات ومزايا، عن [كيفياتٍ] لتحديد [وتعزيز] نمطٍ في التفكير والتصرّف، والذي –بعد تحقّقه على شكل عادة أو غريزة أو انفعال- يسود فيه ويسطو عليه، لكنـ[ها؛ أي التربية، لا تقوم بذلك من أجله هو، وإنّما] من أجل الخير العام.

إنّ الحظْر، الدّائم والمستمر، للتعبير عن الأهواء، بدعوى تركها لذوي الأمْزجة المُبتذلة والخشنة، وللطبائع البورجوازية والقروية، وحتى لو لمْ يُرد المرء حظْر الأهواء ذاتها، والاكتفاء بكبح لُغتها والحركات [النّاتجة عنها]، يُفضي بنا، في الحالتين معا، إلى ما ننفر منه: قمع الأهواء ذاتها، أوْ بدرجة أقل توهينها وإضعافها أو تحويلها[12]. يسوق نيتشه، في هذا السّياق، مثالاً بمحكمة لويس الرّابع عشر وكل ما كان يتعلق بها، والتي ترتّب عنها مجتمعٌ مؤسس، بالكلّية، على مراقبة تعبيره، فكان، بالتبع، مجتمعاً عديم الأهواء، محتفظا، بالضدّ من ذلك، بمظاهر سطحية، مُبتلياً بالعجْز على أن يكون وقِحاً.

وبالضدّ مما ادّعاه هؤلاء المتحفظون بشأن الهوى، والذي توهّموا أنّهم واقعيون[13]، فإن الاستبعاد المُتواصل للهوى لم يكن من شأنه أن يُفضي بأحْفادنا إلاّ إلى حيازة ضربٍ من التّوحش حقيقيٌّ وأصيل(الفقرة 47، العلم المرح)، غير أن ذلك ليس مدْعاةً للاعتقاد بأنّ النُّبل مُقتضاه على الهوى، فبيّنٌ أنّ بعض الأهواء حقيرة. إنّ النّبل، في المتن النيتشوي، لا معيار محدّد له، إنّه حدسٌ نادرٌ وفريد، [يقود صاحبه] لاستشعار الدّفء في ما لا يسْتشعره الآخرون[14].

يستتبع ذلك أنّ الأهواء والانفعالات – والتي كانت بمعيّة اللاّمعقول والفوضى والصراع أسُساً للواقع اليوناني- قد جرى ردعُها ومُحاربتها لصالح العقل والفضيلة، انشغل سقراط وأفلاطون، ثمّ أرسطو بإخضاع الواقع الحي وما يزخر به من انفعالات لتجريدٍ ثانويّ وسطحي (العقل، الأخلاق والفلسفة). لقد خاض هؤلاء صراعاً وحشياً ضد الأهواء، ولأنهم اعتقدوا بـ"أن الأمر المعقول يسكن الأهواء، فقد [انصرفوا إلى] توسُّل الشأن المعقول"[15]. أفضى ذلك، حتْماً، إلى الطّعن في مصداقية الجسد والحِسّ والحياة، وهو طعنٌ لم يكن مُمكنا لوْ لمْ يكن مُتلازماً مع تزايُد مكانة "الأحكام الأخلاقية" في تاريخ البشر وحضارتهم وثقافتهم[16]. لقد انْطوى هذا التنكّر للأهواء، في عُمقِه، على تنكّرٍ آخر للحياة، بل وعلى تمجيد كل ما يُعادي هذه الحياة. والحقّ أنّ هذا اللّجوء المتواصل للعقل، والذي يدعوه نيتشه بالأخلاق، ليس سوى نفي للانفعالات، وهو ليس إلا التعبير الأبرَز عن ضَعفٍ وانحطاطٍ يُحاولان -في ظِلِّ غياب سيطرة مُحكمة على الأهواء والانفعالات- نفيها وتأثيمها وشيْطنتها من خلال احتسابهما مصدراً لكل الشرور.

لكنّ السؤال هنا هو: هل أمكن، فعلاً، إحْكام القبضة على الأهواء؟ قطعاً؛ لا يمكن أن تُجيبنا المُساءلةٍ الجذرية للأخلاق إلا بالسّلب؛ ذلك أنّ الأخلاق، في سعْيها إلى إحْكام القبضة على الأهواء، كانت، في عُمقها، محكومة بالأهواء. يعني ذلك أنّ الأهواء لم تكن لتُمثّل ظواهر أخلاقية أو لا أخلاقية، وإنما تُحتسب كذلك وفقاً لتأويلاتٍ أخلاقية، وهي بالكاد تأويلات ليست ذات مصدرٍ أخلاقيّ، بل إن ما يحكم هذه التأويلات إنّما هي الأهواء ذاتها، فيصير الأمْر، بنظر نيتشه، معْكُوساً. فالهوى، في ذاته، ليست له أيّة سمةٍ خلقيةٍ، وليس من شأنه أن يكون مقرُونا باللّذة أو الألم، بل إنّه لا يكتسب هذه الأشياء إلا في علاقةٍ بأهواءٍ أخرى جرى تخليقها تخليقاً مسبقاً[17]. آيُ ذلك تبايُن النظر إلى الحسد من حقبة لأخرى؛ إذ كان هيزيودس ينسُب الحسد إلى الأهواء الطّيبة، بل وكان اليونانيون ينسبونه إلى آلهتهم. وبالضد، كانوا يحتسبون "الرّجاء" سمة سلبية ورذيلة، بينما صيّرته المسيحية فضيلة. كذلك كان شأن اليهود حينما احتسبوا "الغضب" أمراً مقدّساً، فكان أن تصوّروا إلهاً غاضباً، وقد أجروه على صورة أنبيائهم[18].

حينما يُقرّ نيتشه، إذن، بأنّ الأهواء لا أخلاقية، بحكم أنّ مبْناها على الأنانية، فإنّه لا يقصد بذلك أنّها فاسدة الخلق، ولكن بمعنى أنّه لا يُمكن أن تُدان إدانةً أخلاقيةً؛ إذ ليس مُقتضاها على الفضيلة، كما أنّ تراتبها ليس مبناه على منطق هذه الفضيلة، وإنّما على منطق القوّة، فكان أنْ أمْسَت الفوضى وأمْسى معها اللاّنظام مُعطياتٍ لاأخلاقية، وأضحت إرادة المعرفة مُؤسّسةً على إرادةٍ خُلقية، وانْطوت كلّ فلسفة على نوايا ومقاصد أخلاقية[19]، واستبدّ العُنصر الأخلاقي على النّظر الفلسفي (Fragments posthumes, para 34)، وأصْبح حاكِماً له بشكلٍ لا واعٍ؛ وصار الفلاسفة ضحية الأخلاق السّائدة في عصرهم، فكان خوفهم من الأهواء وجهٌ آخر لهيمنة الأخلاق عليه. خوفٌ جرى التعبير عنه بالكشف عن طابعها الفظيع، بل إنّ "الخوف صار حاصلاً فقط من سماع كلمة الهوى"[20]، كان أن تحوّل الفيلسوف من دارسٍ للأخلاق، إلى واعظٍ أخلاقيّ، وتحول الإنسان، بسبب أهوائه وانفعالاته، إنساناً مُتّهماً. والحال أن هؤلاء الفلاسفة دُعاة الفضيلة إنّما يصيرون، بمعارضتهم لها، ألذّ أعدائها، غير أنّ الفضيلة المتعارضة مع الهوى ضارّة ومُخالفة للصّواب. إنّها من نفس طراز الهوى [الذي يُسْعى إلى إدانته؛ إذ هي] تُفسد الطّبع والدّماغ والحس...إنّها أسوأ رذيلةٍ، إذا قبلنا الحُكم عليها من خلال الضّرر الذي قد تلحقه بالآخرين[21].

نخلص إلى القول إنّ ما يتعيّن القيام به هو أن نُسيطر على أهوائنا لا أن نضعِفها أو نستأصِلها! فكلّما كان تحكّمنا في الإرادة كبيراً، صار بمقدورنا أن نمنح الأهواء حرّية أكبر[22]. فالإنسان الأعلى هو ذلك الذي يحوز إرادة قوّية تجعله قادراً لا على نفي مختلف الأهواء والرّغبات المتناقضة، وإنّما على السّيْطرة عليها، وعلى حبّ الحياة والواقع مهما كان مُرعباً وإشكالياً؛ إذ إنّ عظمة الطّبع لا تقضي بعدم توفُّر المرء على [...] الأهواء، بل بأن يتوفّر عليها في أغلب درجاتها: وأن يمسك بزمامها...[23]، ولعلّ ذلك ما يٌبرّر إعجاب نيتشه بالقرن التاسع عشر، الذي شهد من تحرّراً للأهواء من خشية العقل، حينما تجرّأ النّاس على أن يكونوا غير معقولين، وطفوليين، وغنائيين[24]. وما كان لهذا التحرّر أن يتحقّق إلا بتقلّص الجُبن الناجم عن المُثُل العُليا.

وبالجُملة، فقد جرى تعقيل الأخلاق، وهو تعقيلٌ قد ترتّب عنهُ الإقصاء التامّ للأهواء الإنسانية، غير أنّه ما كان من شأن إعمال العقل في الأخلاق ليعني تحسيناً لها ولا تقويةً ولا تثميراً ولا تشذيباً ولا تهذيباً، وإنّما يعني بالضدّ توهيناً لها وإضعافاً. أمّا نموذج الأخلاق اليونانية الأرستقراطية المُحتفي بالجسد، فقد كان مبْناه على الأهواء الحيّة والمعيشة. ولعلّ "القاسم المشترك لتاريخ أوربا منذ [عهد] سقراط هو [هذا] الجُهد من أجل نصرة القيم الأخلاقية على غيرها، لدرجة تصير معها الأخلاق، لا المُوجّه الرّئيس للحياة فحسب، وإنّما المُوجه الأساس للمعرفة والفنون والنزعات السياسية والاجتماعية"[25].

وبالمحصّلة، لا تُعبّر مُعظم هذه المُعطيات، سوى عن رُهاب فلاسفة اليونان من الأهواء، وهو رهابٌ كرّسه انفصالهم الرّوحي عن روح عصرهم ومدينتهم، وقادهم إلى خلق سياجاتٍ عقلية لم يكُن ممكناً لها أن تكون عن الاعتبارات الأخلاقية المثالية بمعزلٍ. اعتباراتٌ انصرفت إلى اجتثاث الأهواء، وتجريد الإنسان منها؛ إذ ما كان الجدل عند سقراط وأفلاطون إلا طريقاً إلى الفضيلة؛ أي طريقاً أخلاقيًّا، وما أثبت ذلك أنّ الفيلسوفين وظّفا الذكاء والوضوح والصّرامة والمنطق لمنازعة "وحشية النّوازع والأهواء"؛ مشدّدين على لا معقوليتهما، جاعلين هدف الإنسان تحصيل السّعادة والخلاص، مساويين بين العقل والفضيلة والسّعادة.

ثالثا؛ الرُّومان وقهْرُ الذات

انقلبت القيم الأخلاقية، في اللحظة الرُّومانية، أشدّ انقلابٍ يكون، وأصبح الأسْياد نُظراء للعبيد، وأضحت أخلاق هؤلاء مُكافِئة لأخلاق أولئك، بل ومُهيمنةً عليها، واقترن بُروز قيم العُبودية هاته، بأفول القيم الأرستوقراطية، وأمْست تُثير عذابات الضّمير من جرّاء الاعتقاد بالتمرُّد على الله. لم يُعد يُنظر، في هذا الوضع، إلى الأهواء بعين الاعتدال، وإنّما بمنطق التطرّف والمغالاة والذي تجسّد، على نحوٍ بيّنٍ، في نُكرانها ومُعاداتها من جهة، وفي تمجيد أهواء الضّعف والخنوع ومدح من يحوزها من جهة أخرى.

وفي مُطلق الأحْوال، فقد انشغلت مُعظم الفلسفات "الأخلاقية" بخلاص الفرد، ولا يعني لنا ذلك، إلا أفولاً للشأن السياسي واندثاراً للانشغال بقضاياه؛ إذ اقترن هذا الخلاص، أوّلاً، بإماتة الهوى والشُّعور؛ وذلك ما عبّرت عنه الأخلاق الكلبية، واستند، ثانيةً، على انفعالاتٍ كان الإحساس بالذّنب جوهراً ومصدراً لها؛ وذلك ما جسّدته الأخلاق الأبيقورية، التي كان مبناها على السير قُدما بـفكرة "الإنسان السّعيد" من طريق اللّذة، وانْبنى، ثالثاً، على مشاعر السّكينة والسّلم؛ ومن ثمّة جعل أهواء المرء متصلّبةً متحجّرة[26]؛ وذلك ما أفْضت إليه الأخلاق الرّواقية.

أمّا المسيحية*، في رُؤيتها للأهواء، فقد تبدّت بوصفها أفلاطونية سُوقية مُعمّمة؛ انشغلت بقمع الأخلاق الوثنية أوّلاً، وبحفز الشّعور بالإثم والخطيئة والذّنب تثنيةً، وبإحياء الأدلوجات الزّهدية تثليثاً؛ وذلك عبر نُشدان الطّهرانية والنّقاء. وعلى هذا النّحو، أمست الأخلاق المسيحية-من خلال مُناهضتها الأهواء الحيوية، أخلاقاً مضادّة للطبيعة؛ إذ إنها لم تكف عن إدانة الحياة والطّبيعة وإنْكارهما، بل واحتقارهما، من طريق مُعاداة الأهواء، والتغافل عنها بوصفها سيمياء الجسد. ذلك أنّ الأهواء، في وعيها، هي "الأمر غير العادي"، وهي "الخطر المحدق"، وهي "ما من شأنه أن يذكرنا ببهيميتنا". فلم يكن ممكناً احتساب الأهواء سوى عاراً وشناراً، بحُسبانها "مصدر مخجل" لبعض أفعالنا وأصل مخزٍ...إن من شأنها، بنظر القدّيس بولس، أن تلطّخ القلب وتشوهه وتدمّره[27].

لقد اختُزلت أهواء أرسطو الأربعة عشر، مع أوغسطين، إلى ثلاثة، وأمسَتْ رذائل تماهَتْ مع الخطيئة الأصلية وتناسلت عنها، بعد أن اسْتهوت آدم فكرة الخُلود، واعتقد، من ثمّة، بإمكانية مُضاهاة الإله ومساواته. وقد تمّت، منذ اللحظة تلك، إدانة الطّبيعة البشرية، التي أنتجتها خطيئةٌ للجسد؛ ذلك أمرٌ يقينيٌّ، لكنّها أيضا ثمرةٌ لـ خطيئة العُجب péché d’orgueil. عندئذ تصدُر، عن هذه الأهواء الكُبرى، الأهواء الأخرى كافّة؛ القوة، المُتعة والشّهوة، ولن يكون المسيحيّ الحق والصّالح إلا ذلك الذي يُوثِر الخُنوع (التواضع) والفقر والعفّة. لقد انصبّ اهتمام أوغسطين، على نحو ما لاحظ مايير، بمدينة الله أكثر من اهتمامه بمدينة النّاس، وانصرف إلى إدانة الغرور والسّعي إلى اللّذة ومُراكمة الخيرات المادّية أكثر من انصرافه إلى التنظير إليها.

وفي مُطلق الأحوال، فنحن، هنا، لسنا بصدد أخلاق للقدرة، وإنّما أخلاق للسعادة، فهذه الأخلاق، من حيث سعيها إلى تأمين سعادة الفرد، ليست إلاّ اقتراحات للسّلوك بما يتناسب مع درجة الأخطار التي تهدّده في معايشته ذاته. إنها وصْفةٌ ضدّ أهوائه وميوله، الكيّسة منها والرّديئة[28]. فكان إعلان الحرب على الأهواء، وتدميرها، هو مدارها الرّئيس، وانصرفت، بشكلٍ أو بآخر، إلى إضفاء الطّابع الرّوحي على الإنسان، فعوض الدّعوة إلى ترويض الأهواء وتهذيبها واقتصاد تدبيرها وحُسن إيالتها، دعا المسيحيون إلى "تجفيف" منابع عيون طاقة الرُّوح، معتبرين أن السّعادة والنّعم لا تبدأ إلا بكتم أنفاس الأهواء واندثارها وسكوت الإرادة[29].

وبالمحصّلة، لمْ تكن ثمّة من مكانةٍ للأهواء في مقولة "الإنسان الفاضل"، المُتناسِلة عن الأفلاطونية، والمُمتدّة إلى الحكمة الرواقية والسعادة الأبيقورية والطّيبوبة المسيحية. وانطوَتْ المقولة تلك -وما أفرزته من مبادئ- على حربٍ استهدفت الأهواء كافّةً، حربٌ تنطوي، هي الأخرى، على خوفٍ من الأهواء تلك. وهو ما يدلّ، بنظر نيتشه، على ضعف بليغ؛ تجسّد في السّعي إلى إضعاف الذات البشرية عبر الدّفع بها إلى التنكّر لأهوائها مُقابل حصولها على العزاء والقداسة والسلوى والسعادة والعدالة الأخرويتين[30].

يتضح، إذن، وفي أعقاب المعطيات السّابقة، أنّ نبْذ الأهواء قد تناسل عن احتقار طبيعة الإنسان، وعن إلغاء سعيه نحو الاستقواء، وتلازمَ مع سعيه إلى طُهرانيةٍ وقداسةٍ مزعومةٍ. ولعلّ ذلك ما يجعلنا نحتسب المسيحية، مع نيتشه، دين ضدّ الطبيعة وضدّ الحياة، آيُ ذلك أنّها- بعد أن تشرّبت كل أشكال الانحطاط، وعبّرت عنه على شكل أخلاقٍ وتعاليم- همّشت [هذه] الحياة من أجل حياةٍ أخرى موعودةٍ، وحاربتها باسم الفضيلة.

لقد أنْتج النّاس، في سَعيهم إلى تحقيق المصالح، جُملة أخلاقٍ واستبطنوها، فتشكّل، بالتبع، وعيهم الأخلاقي، غير أنّهم قد نسوا هذا الأصل. هكذا تكوّن لديهم، تدريجياً، شعور بالذنب؛ الاسم الآخر للوعي الشقيّ la mauvaise conscience. والذي كان من شأنه –بعد أن أمسى غريزيًّا- أن يُفرز كلّ الأمراض الدّينية، وأن يتّخذ مساراً مُضادّاً للطّبيعة، ويحتسب كلّ ما يتولّد عنها من أهواءٍ خطيئةً وذنباً يتعيّن التطهّر منهما.

ولأن لكلّ مرضٍ أعراضه، فإنه ليس مدعاةً للاستغراب أن تتمثّل أعراض المسيحية في أن ينسُب الإنسان انفعالاته القوية كالغضب والخوف، وعواطفه الهادئة ومشاعره الجيّاشة كالحب إلى قوّة فوق-إنسانية، والتي كانت في عُمقها خاصية إنسانية، بل ويعتقد أن سكينته وراحته تُعزَى إلى هاته القوّة. فالإله، بوصفه تجسيداً لهذه القوة، فكرة نابعة من هذا الأصل السيكولوجي. والحقّ أنّه لا ينسب تلك القوة لإلهٍ إلا لأنه قد تعذّر عليه، تحت وطأة الخوف والرّهبة، أن ينسبها إلى نفسه. فشطر نفسه إلى نصفين؛ أوّلٌ وهِنٌ مثيرٌ للشفقة يُدعى الإنسان؛ وثانٍ مدهشٌ وأقوى، سمّاه الإله[31]. ولذلك، يُفسّر المسيحيُّ "الرّجاء والسّكينة والخلاص بأنّها إلهامٌ نفسيٌّ مصْدره الإله"؛ وذلك ما حَمَلَ نيتشه على نعته بالسذاجة. ولئن كانت البحوث الفيزيولوجيا الحديثة قد أسفرت عن اقتران الأحوال النفسية والعقلية بعمل الجهاز العصبي تحت قيادة الدّماغ[32]، فإن المسيحي لا يقيم اعتباراً لهذه الفتوحات، بل يبدو وكأنّه "لا يمتلك جهازاً عصبياً"!

لقد جرى، بناءً على ذلك، جذب العامّة والبؤساء، وتمّ توسّل سعيهم إلى السّعادة الرّوحية، فتمّ الانتقال من كبتٍ فرضه الواقع، إلى آخرٍ مرغوبٍ باسم السّعادة تلك. ومن ثّمّة، فليس تزيّداً القول إنّ المسيحية ليست هي التي قامت بنفي الأهواء والانفعالات، وإنّما الأهواء والانفعالات هي التي قامت بنفي المسيحية؛ لقد دَفَعَت بها إلى التباعد عن لحظاتها التأسيسية والاغتراب عنها، كانت لهذا الدّين مآلاتٌ؛ انتصرت على روحه الدّاعية إلى المحبّة والصّفح؛ مآلاتٌ كان الانتقام جوهراً لها، ومعها استشرت أخلاق الشّفقة والتواضع، فنشأ، تبعاً لذلك، عالماً يسوده الموت بدلاً من الحياة، ولئن مثّلت هذه الشّفقة وجه العدمية العلمي، فإنّ وجهها النّظريّ قد جسّدته الفلسفة المثالية-العدمية؛ التي انصرفت، بـاسم العقل، إلى كبح جماع الأهواء، ومناهضة الانفعالات، وعلى هذا النّحو من الإخصاء تقاطع الدّين (البوذي أو المسيحي) مع الفلسفة (الفلسفات المثالية).

تهمّنا الإشارة، في هذا السّياق، إلى أنّ هذه الأخلاق المسيحية تمتح جذورها من اليهودية، لقد وجدت بُنى أخلاقية قائمة الذات (يشير نيتشه، هنا، إلى تاريخ بني إسرائيل)، مبناها على ما تمّت الإشارة إليه من نزع الطّبيعة dénaturation عن الطّبيعة أو الأخلاق الحيوية. تكفينا الإشارة من باب التمثيل إلى القدّيس بولس الذي أمْكنه تسْخير الأسر اليهودية المتضامنة فيما بينها، والمُلتفّة حول فكرة شعب اللّه المختار، بعد أن أدْرك كيفية إقناعها بالتعاليم المسيحية؛ بالبُؤس والخنوع، بينما استعرتْ، في العُمق، أخلاق الحقد والضّغينة تجاه الطّبقة المسيطرة.

 

لائحة المصادر والمراجع:

*- بالعربية:

-        فريديريك نيتشه، إنسانٌ مُفرط في إنسانيته، محمّد النّاجي، إفريقيا الشرق 2002

-        _____، هذا الإنسان، ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد. هلا للنّشر والتوزيع 2011

-        _____، العلم المرح، ترجمة وتقديم حسان بورقية – محمد الناجي، إفريقيا الشرق 1993

-        _____، جينيالوجيا الأخلاق، ترجمة فتحي المسكيني، المركز الوطني للترجمة، تونس 2010

-        _____، إرادة القوّة، ترجمة محمد الناجي، إفريقيا الشرق 2011

-        جيل دولوز، نيتشه والفلسفة، ترجمة أسامة الحاج، ط 1 1993

-        محمّد الشيخ، نقد الحداثة في فكر نيتشه، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الطبعة الأولى 2008

-        محمد الأندلسي، نيتشه وسياسة الفلسفة، دار توبقال للنشر 2006

*-بالفرنسية:

-      Friedrich Nietzsche, Le Gai savoir, Trad Giorgio Colli et Mazzino Montinari. Paris Gallimard, 1976

-      _________ , Humain, trop humain, Trad par Robert Rovini. Paris: Gallimard, 1987

-      _________ , La généalogie de la morale, Trad par Isabelle Hildenbrand et Jean Gratien, Paris: Gallimard 1987

[1] أفلاطون، الجمهورية، ترجمة: فؤاد زكريا، هنداوي، ط 2018، ص 496

[2] أنظر: أرسطو، فنّ الشعر، ترجمة وتقديم وتعليق: إبراهيم حمادة. مصر: مكتبة الأنجلو المصرية، 1983م، ص ص 55-56

[3] أرسطو طاليس في الشعر، نقله أبي بشر متى بن يونس القنائي من السرياني إلى العربي، حققه مع ترجمة حديثة ودراسة لتأثيره في البلاغة العربية: د. شكري محمد عياد، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1967. ص 48

[4] هانز جورج غادامير. الحقيقة والمنهج: الخطوط الأساسية لتأويلية فلسفية. ترجمة حسن ناظم وعلي حاكم صالح، راجعه عن الألمانية: جورج كتوره. طرابلس: دار أويا للطّباعة والنّشر والتوزيع والتنمية الثقافية، 2007م، ص 207

[5] المصدر نفسه، ص 208

[6] أسولد اشبنغلر، تدهور الحضارة الغربية، بيروت: منشورات دار مكتبة الحياة، 1964م، الجزء الأول، ص 371

[7] فريدريك نيتشه، إنسانٌ مُفرط في إنسانيته، ترجمة: علي مصباح. بيروت: منشورات الجمل، 2014م، الفقرة 212، ص ص 183-184

[8] نيتسه، هذا الإنسان. ترجمة: مجاهد عبد المنعم. مصر: هلا للنشر والتوزيع، 2011م، ص 86

[9] Friedrich Nietzsche, Le Gai savoir, L 1 pp 91, para 80 « Art et nature »

[10] نيتشه، العلم المرح، ترجمة وتقديم: حسان بورقية -محمد الناجي. الدار البيضاء، إفريقيا الشرق، 1993م. الفقرة 7 ص 57

[11] أنظر: المرجع نفسه، الفقرة 21، ص ص 66-67

[12] المرجع نفسه، الفقرة 47، ص، ص 81

[13] المرجع نفسه، الفقرة 57، ص 88

[14] المرجع نفسه، الفقرة 55، ص ص 84-85

[15] Friedrich Nietzsche, Fragments posthumes, p 189, para 26

[16] محمد الشيخ، نقد الحداثة في فكر نيتشه، بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنّشر، 2008، ص 368

[17] محمد الشيخ، نقد الحداثة في فكر نيتشه، ص 391

[18] Nietzsche, Aurore: Pesées sur les préjugés moraux suivi de fragment posthumes (Début 1880-Printemps 1881), pp. 54-55, para. 38

عن محمّد الشّيخ، نقد الحداثة في فكر نيتشه، ص ص 391-392

[19] أنظر: نيتشه، ما وراء الخير والشر تباشير فلسفة للمستقبل، ترجمة: جيزيلا فالور حجار. مراجعة: موسى وهبة، لبنان: دار الفارابي، 2003م. الفقرة 6، ص ص 27-28

[20] Humain, trop humain, vol 2, para 37, p. 251

[21] نيتشه، إرادة القوة فقرة 431، ص 334

[22] نيتشه، إرادة القوّة، محاولة لقلب كل القيم ترجمة: محمد الناجي. الدار البيضاء: أفريقيا الشرق، 2011م، الفقرة 474، ص 356

[23] المرجع نفسه، فقرة 443 ص 444

[24] إرادة القوة فقرة 464، ص 352

[25] Nietzsche, Fragments posthumes, p 88, para 9.

[26] محمد الشيخ، فلسفة الحداثة في فكر نيتشه، ص 426-427

* لئن كانت الأهواء، على المستوى الاجتماعي والسّياسي، إذن، تؤول بصاحبها إلى الاستبعاد والحظْر، فإنّها على مُستوى المسيحية قضية خلاصٍ شخصيّ salut personnel.

[27] العلم المرح، الفقرة 139، ص138

[28] ما وراء الخير والشر، الفقرة 198، ص ص 141-142

[29] العلم المرح، الفقرة 326، ص ص 188-189

[30] Humain, trop humain, vol 1, para 57, p 83-84

[31] Nietzsche, La volonté de puissance. P 112-113

[32] Ibid. P 114