جدلية العلاقة بين الدين والدولة في الإسلام المبكر
فئة : مقالات
جدلية العلاقة بين الدين والدولة في الإسلام المبكر
الملخص:
يتحدث المقال عن العلاقة المعقدة بين الدين والدولة في الإسلام المبكر، بدءًا من المرحلة النبوية، حيث تم تأسيس دولة اسلامية قوية تداخلت فيها السلطة الدينية والسياسية. وصولاً إلى لحظة وفاة النبي ونشأة الصراع حول من يخلف الرسول في حماية الدين والدنيا؟ وقد شهدت العلاقة بين الديني والسياسي منذ تلك اللحظة عدم استقرار؛ ففي عهد الخلفاء الراشدين سعت السلطة إلى تحقيق التوازن بين الشريعة والسياسة. إلا أنها أخلت بهذا التوازن خاصة في أواخر عهد الخليفة الرابع، مما أدى إلى انفتاح باب الفتن على مصراعيه، لينتهي الأمر بتحول الخلافة إلى مُلك وتراجع الديني على حساب السياسي، وانقسام الجسم الإسلامي إلى فرق متناحرة كل واحدة تدعي أنها الناجية.
المقدمة:
ليس من السهل الخوض في إشكالية العلاقة بين ما هو سياسي وما هو ديني في الإسلام المبكر؛ إذ يدرك كل مطلع على هذا التاريخ، أن الدين والسياسة أو إن شئتَ الدولة، وجهان لعملة واحدة، إلى درجة يصعب معها وضع حدود فاصلة بينهما. ومن هنا تنشأ المعضلة الكبرى التي واجهت العقل الإسلامي؛ إذ وجد نفسه أمام تجربة نبوية يتماهى فيها السياسي بالديني، ونص لا يمنحه إجابة شافية حول مسائل الدولة والحكم.
لذلك، انشغل العقل الإسلامي بتأصيل المسألة السياسية سعيًا للخروج من مأزق حداثي يتمثل في محاولة التوفيق بين نموذج الدولة الحديثة والتصور الإسلامي التقليدي للحكم، وسط جدل مستمر بين من يدعو إلى إقامة دولة تستمد مشروعيتها من الإسلام، ومن ينتصر للنموذج العلماني على الطريقة الغربية. وهذا الخلاف بين الفريقين هو ما دفع إلى البحث في مسألة الدولة تاريخيًا، عبر التوقف عند أهم مراحلها، بدءًا من تشكلها مع النبي، إلى إرسائها مع أبي بكر وعمر في مؤسسة الخلافة، وصولًا إلى بداية الملك العضوض مع بني أمية. وهذه المراحل التاريخية هي التي شكلت العقل السياسي الإسلامي، إن لم نقل مصير المسلمين.
فما هو مفهوم الدولة في الإسلام المبكر؟ وهل كان هناك نموذج واضح للحكم؟
إلى أيّ مدى كانت المسألة السياسية جزءًا من مشاغل الدعوة الإسلامية، خاصة في مرحلتها الأولى؟ وبالتالي، هل يمكن اعتبار الإسلام دينًا ودولة، أم إنه رسالة دينية تركت تنظيم الشأن السياسي للاجتهاد البشري؟ هل أضفى الدين المشروعية على السياسة في الإسلام المبكر، أم إن السياسة هي التي ساهمت في انتشار الدين؟ ما طبيعة العلاقة بين الدين والدولة في الإسلام المبكر؟ هل كانت علاقة تكامل أم توظيف متبادل؟
مفهوم الدولة:
قبل الخوض في المراحل التاريخية، يجدر بنا الوقوف على مصطلح "الدولة" الذي يعرفه المعجم الفلسفي لدكتور جميل صلبيا على أنه:
"جمع من الناس مستقرون في أرض معينة مستقلون وفق نظام خاص، أو هي مجتمع منظم له حكومة مستقلة وشخصية معنوية تميزه عن غيره من المجتمعات المماثلة له. فالدولة إذن هي الجسم السياسي والحقوقي الذي ينظم حياة مجموع من الأفراد يؤلفون أمة".
وقد استُخدم مصطلح "الدولة" في التجربة الإسلامية وأدبياتها للإشارة إلى الأسرة الحاكمة، مثل الدولة الأموية والعباسية. وكلمة "دولة" مشتقة من فعل "الدوران" أو "التعاقب"؛ بمعنى التداول، حيث تتبادل الأسر الحاكمة السلطة فيما بينها. ويتضح ذلك في قول الله تعالى: "وتلك الأيام نداولها بين الناس" (آل عمران: 140)، وكذلك قوله: "كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم" (الحشر: 7)، وهو ما يشير إلى تداول المال بين مختلف الطبقات.
وفي هذا السياق، يرى المؤرخ السوري عزيز عظمة في كتابه باللغة الألمانية "أسلمة الإسلام" أن [كلمة "دولة" في التجربة الإسلامية تعني نوعًا خاصًّا من الترابط الوراثي؛ أي ملكية السلطة والقوة داخل أسرة واحدة، ولم ترد كلمة "دولة" إلا في مجال التأريخ للأسر الحاكمة" ص63 ].
وبناءً عليه، يمكن القول إن مصطلح "دولة" بمعنى الأسرة الحاكمة ظهر مع الأمويين، حيث ارتبط التوريث بهم بشكل أساسي. أما "دولة النبي" أو "دولة الفتح" أو "دولة المدينة"، فكانت جميعها إسقاطات تاريخية تعبّر عن الكيان السياسي الذي أسسه النبي، والذي يشبه إلى حد ما الدولة بمعناها الحديث.
دولة النبي: الانتقال من الدعوة إلى الكيان السياسي
لقد ظهرت الدعوة المحمدية في مكة وقوبلت بمعارضة شديدة من قريش، أقوى القبائل وأكثرها نفوذًا . كانت مهمة النبي محمد في مكة دينية، تصب في نشر الدين الجديد والدعوة للقطع مع موروث الأجداد وعبادة الله الواحد. التف حوله جماعة تكونت من الفقراء والضعفاء، وكذلك من الأغنياء والشرفاء، تخلوا عن كل ما يملكون في سبيل هذا الدين الجديد. ولم يكن لهذه الجماعة الأولى همٌّ في ذلك الوقت سوى ترسيخ العقيدة، وكان الشأن السياسي بعيد المنال، لا يظهر من بيداء مكة.
وبعد ثلاث عشرة سنة من الاضطهاد، خرجت هذه الجماعة بقيادة نبيها إلى يثرب، تاركة خلفها ما تملك. كانت يثرب تعاني هي الأخرى من خلافات قبلية بين القبلتين اليمنيتين الأبرز، الأوس والخزرج، وكان جيرانهم اليهود يستغلون هذه الخلافات لصالحهم. ومع وصول النبي، وجد أمامه مجتمعًا مختلفًا عن مكة، متعددًا ليس فقط على المستوى القبلي، بل والديني. وكانت مهمته تتمثل في تنظيم العيش المشترك بين أهل يثرب، الذين سموا بعد ذلك "الأنصار"، وبين جماعته الذين سموا "المهاجرين"، وبين أهل الكتاب، وهم اليهود المشككون في نبوته. لم تكن المهمة سهلة، لكنها عرّجت بتاريخ العرب نحو مسار جديد ومختلف، هو مسار بناء الدولة، ولا شك في أن هذا التحول يحتاج إلى أكثر من دعوة دينية.
بذر محمد أول بذور كيانه السياسي الجديد في مجتمع المدينة، وكانت هذه البذور وثيقة الصحيفة، والتي تعدّ وثيقة تأسيس للمدينة الإسلامية ووعيًا مبكرًا بضرورة وجود ما ينظم العيش المشترك بين الأجناس المتعددة دينًا وقبيلةً. ولا شك في أن الوثيقة مثلت اللبنة الأولى التي تأسست عليها دولة النبي، بوصفها أول ممارسة سياسية قام بها محمد وعبرت عن نواياه السياسية، إلا أن ما ساهم في قيام دولة النبي ومنحها قوتها وسلطتها لم يكن صحيفة المدينة، على أهمية دورها، بل كان المؤسس الحقيقي هو الحرب.
فقد أمر الله نبيه بالحرب وقتال المشركين في مواضع كثيرة في القرآن، وبالتالي انتقلت الدعوة من كونها وعظًا سلميًّا إلى غزوات وفتوحات وجهاد، عن طريق قوة تكونت في البداية من مئات الرجال، ثم تطورت لتصبح آلافًا. وهكذا، وُلدت دولة المدينة بوصفها "الدولة الحربية الغنائمية الهجومية"ص27، على حد تعبير هشام جعيط. انتقل خلالها النبي من مرحلة الدفاع إلى محاربة قريش، وممارسة لعبة السياسة معها ليتمكن من نشر دعوته بالقوة والحرب. وقد ساهمت غزوة بدر في تعزيز سلطته في المدينة، حيث أظهرته أمام العرب في صورة البطل الثائر على النفوذ القرشي، ناهيك عن شخصيته ذات الكاريزما القوية التي نجحت في التأثير عليهم.
إضافة إلى ذلك، كانت الغنائم من بين أهم الدوافع التي جعلت العرب يدخلون في دين الله أفواجًا. وقد استطاع النبي تعبئة الجيش وتوسيع مجال نفوذه، كما عقد التحالفات مع العديد من القبائل، من بينها قبيلة خزاعة، التي أبعدتها قريش منذ عهد قصي عن مهمة حراسة مكة. ورغم أن القبيلة لم تسلم كلها، إلا أنها مثلت حليفًا قويًّا للنبي، مما يدل على أن علاقات التحالف كانت تحكمها الدبلوماسية والمصالح، وليس الدين وحده.
كان هدف النبي محمد فتح مكة، وإخضاع قريش، ونشر دعوته في كامل جزيرة العرب، لكن قبل ذلك، سعى إلى تقوية نفوذه. وقد مثلت معركة الخندق تحولًا نوعيًا في مسار الصراع، ثم قبل النبي صلح الحديبية بشروط ظاهرها غير متكافئ، لكنه في الحقيقة كان يشتري الوقت لتعزيز قوته في الداخل. في المقابل، اعتبر بعض الصحابة الاتفاق نوعًا من التنازل. ومع ذلك، كان النبي يدرك أن قريش بدأت تضعف، ولم تعد تملك القوة لفرض شروطها كما السابق.
خلال هذه الفترة، توسع نفوذ الإسلام سياسيًّا واجتماعيًّا، وبدأت القبائل تدرك أن التحالف مع النبي أكثر فائدة من معاداته. ثم جاء فتح مكة كتتويج لمسار من التخطيط السياسي والعسكري، ودخل النبي فاتحًا يرفع راية السلم، واستسلمت قريش دون مقاومة، مما مثل إعلانًا بأن الدولة الإسلامية قد أصبحت القوة الأكبر في الجزيرة العربية.
يتضح لنا مما سبق، أن الدولة الفتية التي أرسى النبي دعائمها لم تكن لتتأسس بالدين وحده. فلولا الممارسة السياسية التي وسمت فعل النبي مع معارضيه، لما قامت هذه الدولة، ولظل الإسلام محصورًا في جماعة محدودة؛ إذ إن القوة السياسية والعسكرية التي أسسها النبي ساهمت في ولادة دولة دينها الإسلام، حيث نجح في بناء كيان قوي يحمي دعوته ويساهم في نشرها. وكان هذا الكيان حلم العرب، الذين انتقلوا من قبائل متفرقة ومتناحرة إلى أمة واحدة وقوة لا يُستهان بها في وجه البيزنطيين والروم. لكن الجانب الديني والسياسي كان متداخلًا في هذه الدولة، بدءًا من شخصية النبي، المرسل من الله، والقائد العسكري والسياسي، وصولًا إلى الجهاد، الذي اعتُبر من جهة فرضًا دينيًا، ومن جهة أخرى حربًا ساهمت في توسيع مجال الدولة. وكذلك الزكاة، التي تعتبر أحد أركان الإسلام، بينما رآها البعض، ممن لم تتشبع روحهم بالإيمان، نوعًا من الإتاوة أو الضريبة التي يدفعونها دليلًا على ولائهم السياسي للدولة.
والسؤال الذي يُطرح هنا هو: هل كانت دعوة النبي محمد ذات مشروع سياسي منذ البداية، وكان من أهدافها إقامة دولة؟ أم إن إقامة الدولة كانت ضرورة لضمان استمرار الدعوة؟
ليس بالإمكان الحسم في هذه المسألة؛ فمن يبعد عن الدعوة الهدف السياسي، يحتج بأن القرآن لم يصرح بهذا الهدف، كما لم يعين شكل الدولة، ولم يضع نظام حكم واضحًا، بل إن النبي ذاته لم يحدد ذلك قبل وفاته. وكل من ينكر هذا الرأي ينكر، بطبيعة الحال، كمال دعوة النبي.
أما الذين يدافعون عن هذا الطرح، فيحتجون بأن الأحكام التي جاء بها القرآن، من قيام الجهاد، والفتح، وتطبيق الحدود، والقضاء، كلها لا يمكن أن تُمارَس إلا في ظل كيان منظم، وهذا الكيان ليس إلا الدولة. من هنا تأتي صعوبة الحسم في هذه المسألة؛ لأن الدين والدولة متداخلان بشكل معقد. وأيًّا يكن الرأي الأصوب، فإن الأهم هو تشكل دولة النبي، سواء كانت من أهدافه أم لا، فقد تشكلت وأصبحت أمرًا واقعًا ودولة قوية مهيمنة على كامل الجزيرة العربية بوفاته.
حادثة السقيفة: خلاف الشرعية المبكر
لم يُعين النبي من يخلفه، ولم يحدد شكل الحكم، وسكت القرآن عن ذلك أيضًا، فوقع الصحابة في فراغ تشريعي، ولم يجدوا أمامهم سوى تجربة نبيهم السياسية التي كانوا جزءًا منها، وعقولهم التي يجب أن تجتهد في الحفاظ على الإرث النبوي المتمثل في الدولة والدين، خاصة مع ارتداد القبائل. وبما أن الاجتهاد مسألة عقلية، ولكل شخص رؤيته واجتهاده الخاص، فقد وقع جدال غير مسبوق بين "أبناء الدين الواحد" ص9، على حد تعبير محمد عمارة، حول من له الحق في خلافة النبي، وطبعًا خلافته في أمر السياسة وقيادة الدولة، فبما أن الجانب الديني، وهو النبوة، لا يُورَّث وقد انقطع بوفاته، فإن الجانب الآخر من شخصية محمد، وهو القيادة السياسية، كان عليه أن يستمر لتستمر الدولة والدين معًا.
إذن، مسألة الحفاظ على هذا الإرث النبوي من الاندثار هي التي طُرحت بشكل عاجل في سقيفة بني ساعدة، يوم وفاة الرسول، حيث اجتمع الأنصار هناك، وكان سعد بن عبادة، أحد رؤساء الخزرج، مرشحًا للخلافة، ولم يقع استدعاء المهاجرين. وهنا طفت العصبية القبلية على السطح من جديد؛ إذ كان الأنصار يتنافسون فيما بينهم حول من يخلف محمد في مدينتهم. وعندما التحق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، ممثلين عن المهاجرين، بالاجتماع، انقلبت الموازين، وتحول الخلاف من صراع بين الأوس والخزرج إلى صراع بين الأنصار والمهاجرين. ولا شك أن حجج الطرفين كانت متكافئة؛ فالأنصار نصروا النبي في ساعة ضعفه، واستضافوه مع جماعته الصغيرة، ولولاهم لما تأسست الدولة والمهاجرون هم مؤمنو الساعة الأولى، آمنوا بمحمد في أصعب الظروف، وتحملوا الاضطهاد، وتخلوا عن كل ما يملكونه خلفهم وهاجروا معه.
وفي النهاية استقر الأمر بسرعة لأبي بكر حتى اعتُبرت بيعته "فلتة وقى الله شرها". وقد ساهمت عدة عوامل في هذه البيعة، أولها سابقة أبي بكر في الإسلام وكونه من قريش؛ إذ إن العرب لا يدينون إلا لهذا الحي من قريش. إضافة إلى ذلك، فإن الانشقاق داخل الأنصار جعل الأوس يسارعون إلى مبايعة أبي بكر؛ لأنهم لم يرغبوا في أن يتولى الخلافة أحد من الخزرج. وما يمكن استنتاجه من حادثة السقيفة هو أنه تمت معالجة مشكلة خلافة النبي معالجة سياسية في غياب النص، وجرت إقامة الخلافة على أساس ديني، وهو السابقة في الإسلام، وأساس قبلي، وهو القرشية، وعُيِّن أبو بكر خليفة على المسلمين لتوفر الشرطين فيه. غير أن هناك طرفًا آخر كان غائبًا عن الاجتماع، وغيابه سيولّد نوعًا من المعارضة على خلافة أبي بكر ومن جاء بعده، وسيظل الجدل حوله قائمًا لأمد طويل، وهذا الطرف هو عائلة النبي وآل بيته، وتحديدًا علي بن أبي طالب، صهر النبي وابن عمه.
إن ما حصل في السقيفة لم يُعالج المشكلة السياسية من جذورها، ولم ينجح في ملء الفراغ التشريعي المتعلق بمسألة الحكم في الإسلام؛ إذ كانت المعالجة آنية قصيرة المدى، تتعلق بحماية دولة النبي ودينه في تلك اللحظة من التاريخ، ولم تؤسس لنظام حكم طويل الأمد يحدد مدة تعيين الخليفة، ومهامه، وشروط خلعه ومحاسبته، كما لم يُوضَّح كيفية تداول السلطة. وهذا الخطأ أوقع المسلمين في الجدل والخلاف، وصولًا إلى الفتنة الكبرى.
خلافة أبي بكرالصديق: إدارة الأزمة وتوحيد الأمة
كانت مهمة أبي بكر، عند ارتقائه سدة الخلافة في 11هـ هي تصفية الردة، إلا أنه لا يمكن اعتبار جميع حركات الردة خروجًا عن الدين بالمعنى التام للكلمة، صحيح أن معظم القبائل ارتدت عن الإسلام وعلى رأسها مدعي النبوة، لكن هنالك من ظل على إسلامه غير أنه امتنع عن دفع الزكاة بوصفها فرضًا دينيًّا يمكن للمسلم أداؤه بمفرده، وما كان تسليمها لمحمد إلا لكونه رسولاً من الله هو الأعلم مستحقيها. أما الذين أرادوا عن الدين ممن لم يتشبعوا بعد بروح العقيدة، فأولئك قد اعتبروا الزكاة منذ البداية نوعًا من الضريبة أو الإتاوة تعبيرًا عن ولائهم لمحمد ودولته. وبالتالي واجه أبو بكر تمردين؛ أحدهما ديني والآخر سياسي إلا أنه واجه كليهما بالقوة والردع، رغم أن دماء المسلمين لا تحل، ولكن هدف الصديق كان إعادة هيبة دولة النبي، ولا يكون ذلك إلا بتوحيد القبائل تحت راية الإسلام. لم تكن مهمة الخليفة الأول للمسلمين سهلة حيث إن الأكثر صعوبة من تأسيس دولة هو الحفاظ عليها خاصة في غياب قائدها ومؤسسها، وقد نجح أبو بكر في إخماد نيران الردة حتى لو اضطره الأمر إلى مواجهة النار بالنار.
من أجل الحفاظ على دولة النبي قائمة وليس كذلك فقط، بل وجه أنظاره نحو توسيع حدودها؛ إذ شهد عصر الصديق بدايات الفتوحات الإسلامية في العراق والشام كضمانات لبقاء الدولة وترسيخ نفوذها وتوفير الموارد الاقتصادية لشعبها. ففي الشام، نجح المسلمون بقيادة خالد بن الوليد في السيطرة على مدن كبرى كحمص ودمشق، وفي العراق، بدأ المسلمون في توسيع الفتوحات بعد انتصارهم على الفرس. وقد كانت هذه الحملات العسكرية ذات صبغة دينية وسياسية؛ إذ سعت إلى توسيع رقعة الدولة الإسلامية وتعزيز نفوذها، وفي الوقت نفسه كان هدفها نشر الإسلام. وبهذا المعنى مثلت مرحلة أبو بكر أولى محطات مؤسسة الخلافة بعد وفاة النبي، مؤسسة يقودها صحابته على نحو ما توصلوا إليه من اجتهادات، يتداخل فيها الديني بالسياسي دون أن يكون يتحقق ءلكالتوافق العضوي بينهما كما كان في فترة النبي محمد.
وقبيل وفاته، عيّن أبو بكر عمر بن الخطاب خليفةً له، تفاديًا لتكرار جدل السقيفة. وكان عمر شخصية استثنائية ارتبط اسمه في المخيال الجمعي بالعدل. وعند تولّيه الخلافة، كانت الدولة الإسلامية قد بدأت في التوسع خارج الجزيرة العربية، لكن عهده شهد تحولًا جذريًّا في طبيعة الفتوحات الإسلامية؛ إذ أصبحت ذات طابع منظم ومدروس ضمن استراتيجية واضحة هدفها نشر الإسلام وترسيخ نفوذ دولة الخلافة.
خلافة عمر بن الخطاب: الاستقرار والتوسع
استمرت الفتوحات التي استهلها أبو بكر مع عمر بن الخطاب الذي تولى الخلافة في 13هـ، حيث تواصلت الحملات العسكرية في عهد عمر ونجح المسلمون في فتح دمشق عام 13هـ (634م) بعد حصار دام أشهرًا، واستمروا في التوسع حتى تغلبوا على البيزنطيين، ثم دخل عمر بن الخطاب القدس في 16هـ في (636م) وتسلم مفاتيحها من قائد الروم بمعاهدة صلح تعكس سياسة عمر السلمية.
كان الفاروق نموذجًا للخليفة الذي جمع بين الصرامة واللين، وبين والسياسة والدين، تميز عصره بتوسع الدولة وتعاقب الفتوحات التي حققت ثروات حققت اكتفاء الرعية حتى وُصف عصر عمر الخطاب بالعصر الذهبي للمسلمين. كما لم تذكر الروايات من عارض سياسة عمر من جمهور المسلمين؛ اذ عُرف بعدله وزهده، كما أولى عمر أهمية كبيرة للتشريع، وحرص على اقرار اجتهادات مرنة تلائم ظروف العصر وتراعي المصلحة العامة. ومثال ذلك، تعليقه لحد السرقة في عام الرمادة. أما من الناحية السياسية، فقد كان عمر عقلانيًا متريثًا ذا رؤية واضحة في إدارة الدولة. ركز فيها على بناء نظام حكم مركزي قوي. كما حرص على اختيار ولاته بعناية وأخضعهم للمراقبة لضمان عدم استغلال مناصبهم لمصالحهم الشخصية.
إذن يمكننا القول إن عهد عمر الخطاب، كان الأقرب للنموذج النبوي في علاقة الدين بالدولة، حيث سعى عمر إلى تحقيق التوافق بينهما، انطلاقًا من شخصيته الزاهدة في الدين، وكذلك من شدته وعقلانيته في أمور الحكم والسياسة، ليرتبط اسمه في مخيال المسلمين بالعدل.
قُتل عمر غدرًا، وتشير بعض المصادر إلى أن قاتله كان أبو لؤلؤة المجوسي. وقبل وفاته، لجأ إلى مبدأ الشورى لتحديد الخليفة القادم، تفاديًا لتكرار جدل السقيفة. فحصر الأمر في ستة من الصحابة القرشيين المبشرين بالجنة، وهم: علي بن أبي طالب، صهر النبي وابن عمه من بني عبد المطلب، وعثمان بن عفان، والد حفيدي النبي من بني أمية، وعبد الرحمن بن عوف، من بني زهرة، وهو قريب النبي من جهة الأم وصهر عثمان، وسعد بن أبي وقاص، من بني زهرة أيضًا، والزبير بن العوام، ابن عمة النبي، وطلحة بن عبد الله، من بني تميم، عشيرة أبي بكر.
اجتمع هؤلاء الستة، الذين كانوا من خاصة الصحابة، ودارت بينهم الشورى التي انتهت باختيار عثمان بن عفان خليفةً للمسلمين. وبالنظر إلى خلفياتهم، نجد أن جميعهم كانوا قرشيين ويرتبطون بالنبي، إما من جهة الأب أو الأم، مما يعكس استمرار تأثير العصبية القبلية في اختيار الخليفة. هذه العصبية التي ستكون محرك أساسي في الصراعات التي ستشهدها الدولة الإسلامية مستقبلاً.
خلافة عثمان بن عفان: بوادر الفتنة والتصدع
وقع اختيار عثمان بن عفان خليفة للمسلمين وتولى الخلافة في 23هـ، ويكاد المؤرخون يتفقون على أن خلافة عثمان بن عفان انقسمت إلى فترتين: ست سنوات من الاستقرار، وست سنوات من الاضطراب، حيث ظهرت المطاعن في عثمان كرد فعل على سياسة التولية التي اعتمدها؛ إذ قام عثمان بتعيين أقاربه في المناصب العليا، وسمح بالتنقل والتجارة وكثرت ديونه من بيت المال، وتجمعت في عهده الثروة في يد القلة، وهو ما وقع استغلاله من قبل المعارضين من أهل الكوفة والأمصار لحشد الثوار ضد عثمان، ومحاصرتهم داره في عام وخيروه حينها بين ثلاثة خيارات: إما أن يعاقَب كما يُعاقَب أي مسلم يخطئ، أو أن يتنازل عن الخلافة، أو أن يخلع بقرار الأمة، إلا أن عثمان تمسك بالخلافة وقال قولته المشهورة: "ما كنت لأخلع رداءً سربلنيه الله." ولا تخلو هذه الجملة من دلالة خطيرة عكست فهم عثمان للخلافة؛ إذ إنه لم يرفض فقط المساءلة والعقاب، بل حول منصب الخلافة إلى منصب ديني، معتبرًا أن الله هو من فوضه لهذا المنصب وألبسه رداء الخلافة، ولا يحق لأحد أن ينتزعه منه.
وانتهى الأمر بمقتل خليفة المسلمين الثالث عثمان بن عفان يوم الدار35هـ، تاركًا خلفه شرخًا عميقًا في التاريخ الإسلامي. فقد أنهت سياسته عهد الخلافة الراشدة وأذن مقتله ببدء عهد الصراع على السلطة وانقسام الأمة سياسيًّا ودينيًّا.
طغى الجانب السياسي على السنوات الست الأخيرة من حكم عثمان، بعد أن تحلّق حوله الأمويون، ونجحوا في انتزاع مناصب عليا في الدولة، مما أدى إلى تصاعد المعارضة السياسية من قبل مسلمين لم يعتادوا مثل هذه السياسة في عهد الشيخين أبي بكر وعمر. كما تراجع الجانب الديني لصالح الجانب السياسي، عندما قُتل عثمان بن عفان، وهو أحد المبشرين بالجنة، على يد مسلمين. ولا شك أن قتله كان تجاوزًا للدين؛ إذ إن القرآن يحرّم قتل المسلم، وهو الذي سيؤدي إلى ظهور المطالبين بدمه والقصاص من قتلته ليفنتح بذلك الباب للفتن.
الفتنة الكبرى: الصراع الديني السياسي
مثلت الفتنة الكبرى لحظة حاسمة غيرت مصير المسلمين وعرجت بهم نحو طرق متفرقة؛ إذ كشفت عن الخلل السياسي الذي لم يعالجه الصحابة الأوائل، وهو غياب رؤية واضحة لنموذج حكم يغلق باب التساؤل حول الشرعية والمشروعية، ويحد من سلطة الخليفة ويفرض عليه الرقابة والمساءلة وطريقة معينة في التداول على السلطة. ومع مقتل عثمان بن عفان، طفت هذه النقائص إلى السطح، وفجرت التناقضات وكشفت عن التداخل بين الديني والسياسي.
وعلى الرغم من أن علي بن أبي طالب كان الأقرب إلى نموذج الحكم الإسلامي الأول، إلا أن صعوده في تلك الظرفية المشحونة بالاضطراب جعله منقوص الشرعية أمام معارضيه من بني أمية وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان، ولا تكتمل شرعيته إلا بقصاصه من قتلة عثمان، وهو ما رفضه علي الذي رأى أن الأولوية لاستقرار الدولة والقصاص الفوري لن يخلف سوى المزيد من الاضطراب والفتن، إلا أن معارضيه اعتبروا تأجيله للقصاص تهاونًا في حق عثمان، فحولوا الخلاف إلى مواجهة عسكرية مفتوحة مع عائشة أرملة النبي والصحابيين طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام في واقعة الجمل عام 36هـ نسبة إلى الجمل الذي قدمت به عائشة المعركة. وهكذا تقاتل المسلمون، الذين كانوا بالأمس إخوة في الدين وقاد هذا القتال صحابة النبي وأرملته، ورغم أن السياسة لعبت دورًا بارزًا في تأجيج الأوضاع، إلا أنه سرعان ما اكتسى الخلاف غطاء الدين، حيث اعتبر كل طرف نفسه الممثل الحق على الإسلام، وسعى إلى شرعنة موقفه دينيًّا. وانتهت المعركة بانتصار جيش علي، وخلفت المعركة جرحًا عميقًا تحول بمقتضاه الخلاف في الرأي إلى نزاع مسلح شوه ذاكرة المسلمين، ونما فيهم الكره والثأر وفتح الباب أمام المزيد من الفتن وصولاً إلى معركة صفين.
تكررت المأساة في صفين، لكن بشكل أكثر تعقيدًا؛ فالخصم الذي واجه علي بن أبي طالب في صفين، كان أكثر ذكاءً من ثالوث الجمل، ذا دوافع تخطت حدود الدين والثأر لعثمان، ووصلت حد سدة الخلافة نفسها. وهذا الخصم هو معاوية بن أبي سفيان. كان صراع علي ومعاوية ليس فقط صراعًا عسكريًّا، بل صراعًا بين رؤيتين للسلطة؛ رؤية علي بن أبي طالب التي تعتمد على البيعة والشرعية الدنية، ورؤية معاوية بن أبي سفيان التي تقوم على القوة والدهاء السياسي.
وقد لعب "القراء" دورًا محوريًّا في معركة صفين، ليس فقط بصفتهم قوة مقاتلة في جيش علي، بل بوصفهم تيارًا دينيًّا متشددًا أثر في مسار الأحداث؛ إذ كانوا يرون أن القتال يجب أن يكون لإقامة "حكم الله" لا للمصالح الدنيوية.
وعندما وصلت المعركة بين جيش علي ومعاوية إلى لحظة حاسمة كادت أن تنهي وجود جيش الشام، لجأ معاوية وعمرو بن العاص إلى رفع المصاحف على أسنّة الرماح والدعوة إلى تحكيم كتاب الله، كان الموقف بلا شك مناورة سياسية لجأ إليها الداهية عمرو ومعاوية اللذان كان يعلمان بوجود تلك الجماعة المتشددة في جيش علي، وكانت هذه الحيلة آخر الأوراق الرابحة في يد جيش الشام، ورغم أن علي رفض التحكيم، وعلم أنه خدعة سياسية وقال عنه" كلمة حق أريد بها باطل"، لكن إصرار القراء وتهديدهم بالتمرد هو ما أجبر علي على القبول.
يعكس هذا الحدث بوضوح العلاقة المتداخلة بين الدين والسياسة في تلك اللحظة من التاريخ، حيث كان القراء يحركهم الدافع ديني بحت، ووقع استغلال هذا الدافع سياسيًّا من طرف معاوية، الذي وظف الشعارات الدينية لإحداث الشقاق داخل جيش علي الذي وجد نفسه محاصرًا داخل جيشه بين جماعة تتعامل مع النص الديني بحرفية. وبعد التحكيم، أدرك القراء الخدعة التي وقعوا فيها؛ إذ تحول التحكيم أداة في يد معاوية لتقويض شرعية علي وإضعاف موقفه. وهنا ازداد التوتر بين البعد السياسي والديني؛ إذ القراء الذين ضغطوا على علي لقبول التحكيم هم أنفسهم الذين انقلبوا عليه لاحقًا، متهمين إياه" حكم الرجال في دين الله"، وهو ما أدى إلى بروز الخوارج كحركة رافضة لطرفين.
إن ما حصل في صفين يعكس أزمة "الحكم الإسلامي" الذي واجهها المسلمون في تلك المرحلة، فغياب نموذج حكم واضح فب الاسلام جعل السلطة مجال صراع بين من يرونه كحق ديني، وبين من يتعاملون معه بوصفه واقعا سياسيا، حيث وقع استغلال القراء في لعبة سياسية تتجاوز الشرعية الدينية. ومن هنا يمكن القول إن معركة صفين لم تكن مواجهة عسكرية فحسب، بل كانت لحظة حاسمة في التاريخ الإسلامي، كشفت عن اضطراب العلاقة بين السياسي والديني، وأفرزت تداعيات خطيرة مثل بروز الخوارج واغتيال علي وترسيخ حكم معاوية بن أبي سفيان الذي انقلب على منظومة الخلافة وحولها إلى ملك عضوض قائم على الوراثة. وبالتالي أصبحت السلطة مرتبطة بالمصالح القبلية والعائلية، وأصبح الدين يُستخدم كأداة لإضفاء الشرعية على الحكم وليس كمرجعية. ومن هنا بدأ الصراع بين الدين والدولة يأخذ بعده العميق، حيث لم يعد السؤال:
من يحكم بمرجعية الدين؟ بل من يملك السلطة ليجعل الدين في خدمته؟
خلاصة:
نخلص بكل ما أسلفنا القول إلى نتيجة مفادها أن علاقة الدين بالدولة في الإسلام المبكر لم تعرف الاستقرار.
ففي عهد النبي محمد، عرفت علاقة الدين بالسياسة الاستقرار والتكامل، حيث مانت دولة النبي تعكس نموذجًا استثنائيًا، جمع بين الشريعة الدينية والممارسة السياسة انطلاقًا من النبي الذي كان قائدًا دينيًّا وسياسيًّا في آن واحد، حيث كانت تُتخذ القرارات السياسية بناءً على الوحي أحيانًا أو على الاجتهاد النبوي في إطار المبادئ الإسلامية، وهذا النموذج يعكس بوضوح وحدة الغاية بين إدارة الدولة ونشر الإسلام، حيث كان الدين هو المحرك الأساسي لدولة. وبعد وفاة النبي بدأت مرحلة جديدة في الفكر السياسي الإسلامي مع مؤسسة الخلافة وواجه خليفة المسلمين الأول أبو بكر الصديق تحديات داخلية (حروب الردة) وخارجية(الفتوحات) من أجل ترسيخ الدولة الإسلامية والحفاظ على وجودها وعرفت العلاقة بين السياسة والدين في عصره نوعًا من التداخل ومع تولي عمر بن الخطاب الخلافة أصبحت الفتوحات تدار بطريقة أكثر تنظيمًا وكان الدين هو المحرك الأساسي لها حيث سعى عمر بشخصيته الإستثنائية إلى التوفيق بين الديني والسياسي.
إلا أن الأوضاع اتخذت منحى أخر مع صعود عثمان بن عفان سدة الحكم وخاصة عند ظهور المطاعن فيه بسبب سياسة التولية التي اعتمدها إلى ثورة المسلمين عليه. وكانت هذه الفترة نقطة تحول في العلاقة بين الدين والدولة، حيث بدأ الصراع على السلطة والحسابات القبلية تطفو على السطح، مما أدى إلى الفتنة الكبرة التي بدأت شرارتها باغتيال عثمان. وبدأت السياسة تؤثر في الدين وتتحكم فيه. ومع تولي علي بن أبي طالب الخلافة انفجرت التناقضات السياسية، حيث أدى الخلاف بين علي ومعاوية إلى مواجهة عسكرية مفتوحة(صفين) وانقسامات عميقة في الجسم الإسلامي، وأصبح الصراع السياسي يتخذ ثوبًا دينيًّا، حيث استخدم كل طرف مبرراته الدينية لتأكيد شرعيته، وانتهت معركة صفين بظهور الخوارج والشيعة مما أثر سلبًا على طبيعة العلاقة بين الدين والدولة في الإسلام. ومع قيام الدولة الأموية مع معاوية بن أبي سفيان، تحولت الخلافة إلى ملك عضوض، وأصبحت السلطة تورث داخل الأسرة الأموية وفي هذه المرحلة أصبح الدين أداة في يد الدولة لإضفاء الشرعية على الحكام والتأثير على الرعية.
الخاتمة:
يتضح في ختام بحثنا حول جدلية الدين والدولة في الإسلام المبكر، أن الفكر السياسي الإسلامي في تلك اللحظة من التاريخ كان شبه عاجز عن تأسيس أرضية صلبة ينطلق منها، نحو تكوين نظريته الخاصة في الحكم، بعد أن واجه صدمة وفاة النبي وصدمة أخرى تتمثل في سكوت النص الديني عن أمور السياسة ومسائل الحكم. فكان الخطأ الأول الذي ارتكبه الصحابة هو عدم تحديد ملامح منظومة الخلافة تحديدًا دقيقا كان بإمكانه أن يمنع الصراعات والفتن التي حدثت فيما بعد، بل اكتفوا بمعالجة آنية لا تحل سوى مشكلات قائمة وقتئذ. أما الخطأ الثاني، فكان محاولة البحث في الدين عما يبرر مشروعية الحكم، وبالتالي عدم الفصل بين المؤسستين الدينية والسياسية، وهو ما أدى إلى ظهور فقاقيع الفرق والمذاهب. ويمكننا أن نقول في النهاية إن مأزق الديني والسياسي في الثقافة الإسلامية هو مأزق تأويل بالأساس.
قائمة المصادر والمراجع:
- الجابري، محمد عابد: الدين والدولة وتطبيق الشريعة، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1 1996
- الجابري، محمد عابد: العقل السياسي العربي، محدداته وتجلياته، مركز دراسات الوحدة العربية، ط4 .2000
- بلقزيز، عبد الاله: تكوين المجال السياسي الاسلامي، النبوة والسياسة، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1 2005
- جعيط، هشام: الفتنة: جدلية الدين والدولة في الإسلام المبكر: ت خليل أحمد خليل، 2000
- السيد، رضوان: الجماعة والمجتمع والدولة، سلطة الأيدولوجيا في المجال السياسي العربي الإسلامي. دار الكتاب العربي، 2007
- عظمة، عزيز: أسلمة الإسلام، عوالم خيالية لاهوت سياسي: مجلة عالم الإسلام، العدد2 1998
- العروي، عبد الله: مفهوم الدولة، المركز الثقافي العربي، ط9، 2011
- عمارة، محمد: تيارات الفكر الاسلامي، دار الشروق، 1997م
- صليبيا، جميل: المعجم الفلسفي، الجزء الأول، دار الكتاب اللبناني، 1982م