المرأة الجزائرية، من الإخفاء الطابوهاتي إلى التجلي الحضاري


فئة :  مقالات

المرأة الجزائرية، من الإخفاء الطابوهاتي إلى التجلي الحضاري

المرأة الجزائرية، من الإخفاء الطابوهاتي إلى التجلي الحضاري

حنان برقرق[1]

الملخَّص:

تعد المرأة طرفا من أطراف معادلة صعبة والحديث حولها يوصف من الطابوهات، شأنه شأن الحديث عن الدين السياسة والجنس، لذا يُعدّ موضوع المرأة من بين المواضيع الغربية المنشأ العربية الاستقدام، خاصة مع ظهور حركات واسعة لإنصاف المرأة والانتصار لحقوقها عبر العالم كحركة الفيمينيست (Feminist)، ولما كانت المرأة الجزائرية كغيرها من نساء العالم مرت بفترات الإخفاء والإقصاء، ظهرت دعوات جديدة منذ الثمانينيات لإعادة موضعة مكانتها.عبرت بذلك المرأة الجزائرية رحلتها مع المجتمع الذكوري؛ أين كانت رمزا للشرف، يجب أن تُخفى داخل فضاء خاص هو البيت، وتحت عصمة رجال العائلة، إلى مجال عمومي فتعلمت ووُظفت وتقلدت مناصب، غير أنها لازالت تعاني التهميش، والإقصاء.نحاول من خلال هذه الورقة البحثية تقديم رؤية سوسيوابستيمولوجية Socio- epistemological لواقع المرأة الجزائرية؛ وذلك بالعودة إلى التاريخ؛ من خلال استقراء جدلية الإخفاء والتجلي، ومن ثمة رصد آفاق النهوض الحضاري المرتبط دوما وكما يذهب في ذلك قاسم أمين، رفاعة الطهطاوي، مالك بن نبي ونوال السعداوي بتحرير المرأة وانتشالها من ضحل خرفات العادات والتقاليد، وبعثها لأدوارها الإستراتيجية.فإذا كانت المرأة محور العملية الحضارية وبشهادة جل المفكرين والمؤرخين، ومكانتها مؤشر تقدم أو تخلف الشعوب، فما واقع المرأة الجزائرية؟ وماهي الميكانيزمات والآليات الفعّالة للنهوض بها؟

مقدّمة:

في الجزائر أو في بلداننا العربية، تتسربل كلمة المرأة داخل رموز أو مفاهيم خاصة أبسط ما يمكن القول عنها إنها مفاهيم طابوهات؛ فالمرأة كانت ولا تزال الكائن الذي نخجل به؛ لأنه مرتبط دائما بالدونية والشهوانية وقلة العقل وكما وصفتها الأدبيات الأولى؛ بكونها روحا شريرة لا تنتمي إلى عالم الإنس، بل إلى مخلوقات أدنى، كذلك جعلتها التشريعات اليونانية والرومانية تنحدر من طبقة العبيد ومصاف العجماوات، وقد مارست عليها الديانات والعقائد والعادات الاجتماعية كافة ضروب التضييق وألجمتها بمختلف القيود، حيث اعتبرتها الهندوسية مخلوقا مدنسا غير طاهر، وقد تُطرد في فترة الحيض من القبيلة في إحدى مقاطعات الصين لاعتبارها رجسا واجب إبعاده، كما نبذتها المسيحية واليهودية وقرنتها بالخطيئة.

إن عالم المرأة عالم مليء بالقهر، عالم صنعه وكوّنه المجتمع الذكوري على مرّ التاريخ. إنه مزيج من العبودية والخضوع والإكراه، لذا تُمثل النظرة الرجولية للمرأة انعكاسا لبنية رمزية ترسبت عبر الزمن لتُشكل قضبانا من حديد عليها –بحجة حمايتها ورعايتها وصونها-، فغابت بل انعدمت وانمحت هويتها، وبات ما شُكلت فيه وقولبت داخله هو وضعها الذي لا تقبل بوضع غيره.

وبعد انقضاء فترات الإكراه، وانعتاق المرأة بفضل ما سنته بعض القوانين والتشريعات وما أقره مؤتمر سنيكا فولز لحقوق النساء عام (1848) بذلك تمتعت المرأة بنصيب من الحرية، فخرجت وتعلمت ووظفت، ومن هنا ازدادت لهفتها لتحقيق مكاسب أفضل، فظهرت تيارات جديدة تسعى لوقف ترويج الصورة النمطية المفبركة عن المرأة بكونها مخلوقا ضعيفا تغريه توافه الأمور، لتثبت العكس، وتنتصر على المزاعم والادعاءات بالعلم والعمل.

في العالم الغربي ومنذ خمسينيات القرن الماضي، انبثق تيار للمطالبة بحقوق المرأة وتوسيع دائرة حريتها تحت مسمى الفيمينيست، ثم ظهرت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام (1979).

وعلى الساحة العربية، أصبحت قضية المرأة قضية محورية منذ عقود تصل إلى ما قامت به "هدى الشعراوي" (1879-1947) إحدى الناشطات المصريات التي حرقت حجابها كاملا أمام الملأ، لتكون هذه الحادثة الفتيل الذي أشعل قضية المرأة في العالم العربي، لتتوالى الأحداث وتواصل شخصيات نسوية نضال المطالبة بحقوق وحريات أكثر كالطبيبة المصرية "نوال السعداوي"، وباحثة الاجتماع المغربية "فاطمة المرنيسي"، والتونسية "رجاء بن سلامة".

أما الحديث عن المرأة الجزائرية، فقد عرفت قضيتها مرحلتين مرحلة الإخفاء ومرحلة التجلي والظهور؛ ففي المرحلة الأولى كان نصيبها التهميش والإقصاء. أما في المرحلة الثانية، فقد استطاعت تحرير نفسها وخلق مساحة جديدة تكون فيها عنصرا فاعلا ترتكز عليه تحديات التنمية، لها حقوق وواجبات تتساوى فيها مع الرجل أمام القانون.

سنحاول وعلى مدار هذه المقالة تقديم عرض نظري لتاريخ المرأة النضالي وبواكير الفكر النسوي في العالم أجمع والعالم العربي، ومن ثمة سنُناقش مساعي وآليات الوقوف بأدوار المرأة الجزائرية وانتشالها من الإخفاء، وبعثها لأدوارها الحضارية.

ومنه ستكون مساءلتنا كالتالي: ما المقصود بحركات الفمينيست؟ وما محل وواقع المرأة الجزائرية منها؟ وما هي الميكانيزمات والآليات الفعّالة للنهوض بالمرأة الجزائرية؟ إذن، سنطرق هذا الموضوع من خلال قراءة ابستيمولوجية تستند على المنهج التاريخي وعلى التحليل، وفق مستويين: طرح تاريخي لمسألة المرأة والفكر النسوي، وطرح آخر يرتكز على تشريح الوضع الجدلي للمرأة الجزائرية، وسبيل الرقي بها.

1- مفهوم المرأة والفكر النسوي عبر التاريخ:

1-1- مفهوم المرأة في الأدبيات الفكرية والفلسفية:

تناولت القواميس والمعاجم على اختلافها مفهوم المرأة، إذ تتبع "ابن منظور" اشتقاقها في معجمه "لسان العرب"، وذكر أنها كلمة تولدت من «امرىء فقال: امرأة، تأنيث امرىء وقال ابن الأنباري: الألف في امرأة وامرىء قال وللعرب في المرأة ثلاث لغات، يقال: هي امْرأَته، وهي مَرأَتُه، وهي مَرَتَهْ»[2] وورد في معجم اللغة العربية المعاصرة أن كلمة «مَرْء، مُرْء، مِرْء (مفرد): ج رجال (من غير لفظها) مؤ مرأة، ج مؤ نِساء (من غير لفظها) ونسوة (من غير لفظها). المرء: رجل أو إنسان، والمرأة: تطلق عند تعريفها بال-بمعنى أنثى الرجل، ومرأ الطعام: أي كان سائغا مقبولا»[3] إن المرأة بحسب التعريف اللغوي لفظة تقابل معناها الأنثى وجمعها النساء، ومن المرء وامرىء اشتقت كلمة المرأة.

أما بحسب الفلاسفة، فلكل فيلسوف رؤية وتصوّره حول المرأة، فنجد مثلا «كونفشيوس يقول: "المرأة أبهج ما في الحياة" أما جون جاك روسو يعرّفها كالتالي: "المرأة كائن طويل الشعر، قصير التفكير"أما نيتشة، فيقول: "من الأضداد التي يندر أن تتفق: الحماة والكنة، عمر المرأة والحقيقة، والمرأة والسر"، أما جورج برنارد شو، فيقول: "المرأة ظل الرجل، عليها أن تتبعه لا أن تقوده"»[4] إن المرأة شغلت عقول الفلاسفة قديما وحديثا، والحديث حولها يتأرجح بين معجب وناكر لها، فها هو أفلاطون وفي جمهوريته يقرّ بل ويؤكد أن «المرأة وفي كل شيء أدنى قدرة من الرجل»[5] وأن جسدها «مجرد ((آلة تفريخ)) أداة إنجاب»[6] إن أفلاطون وباعتباره صدى لعادات أثينا اليونانية التي مارست تصنيفاتها الطبقية على الرجال (بتقسيمهم إلى عبيد وسادة) قبل النساء، فإنه سعى لتأكيد وتدعيم التحقير والإقصاء للمرأة وجسدها بكونه مَعْلَماً حسيا شهوانيا، وجعلها ملكية مشاعة للرجل.

وبالمثل اعتبر أرسطو المرأة أو «الأنثى على أنها تشوه خلقي، أو أنها موجود مشوه إن صح التعبير (...) إذ إن ظهور الأنثى هو الانحراف الأول؛ لأن الأصل أن تُنتج الطبيعة ذكرا»[7] فإذا كانت نظرة أفلاطون تبدو مثالية وصفت المرأة بحسب المجتمع الأثيني فقط، فإن أرسطو خط مبادئ تعريف المرأة للحضارة الغربية ككل، باعتبارها كائنا ناقصا لا يصلح لشيء، وبالتالي لم يُنشئ أرسطو نظرية حول المرأة بقدر ما صادق على آراء مجتمعه الذكوري.

أما المرأة بحسب الفلاسفة والمفكرين العرب، فقد صنفها الفرابي –تأثرا بما نقله عن أرسطو- «في مرتبة تتساوى فيها مع العجم والجهال، ويدعو رئيس المدينة الفاضلة إلى كتم الأسرار عن المرأة وأمثالهن من الصبية والجهال»[8]، غير أن رؤية ابن سينا كانت أكثر إنصافا فقد جعلها «شريكة الرجل في ملكه وقيمته في ماله وخليفته في رحله»[9] قد يكون اعتراف ابن سينا بالمرأة وجعلها شريكة للرجل، لمؤشر نفهم من خلاله إرهاصات وجذور تغير الرؤى النمطية لإقصاء المرأة، وبدايات إنصافها.

وفي العالم الإسلامي، انتصر العقاد لمقولة المساواة العادلة للمرأة مع الرجل، يقول: «وهذه المساواة التي شرّعها القرآن الكريم بين الرجل والمرأة، أو بين الزوج والزوجة، أو بين الذكر والأنثى، للمرأة مثل الرجل وعليها مثل ما عليه»[10] إن نزول الإسلام مكّن المرأة من حقوقها وانتشلها من ضحل العادات التي لم تورثها إلا الذل والهوان وساوتها مع البهائم والحيوانات، فما إن أدركتها الشريعة أعطت لها كافة حقوقها كإنسان مكرّم، وحددت لها الواجبات، فأضحت المرأة ليست أَمَةً، ولا كائنا ناقصا ولا مخلوقا شريرًا، بل هي شريكة الرجل في الحياة، والوجه الآخر للإنسانية.

1-2- تاريخ الفكر النسوي:

يُشير أغلب الباحثين والكتاب أن «البدايات الأولى للحركة النسوية قد ظهرت في القرن التاسع عشر، وتحديدا عند بدء وعي المرأة لذاتها وعيا خلاقا، ومحاولة إزاحة الظلم الذي يقع عليها، إلا أن التغيير الحقيقي لهذه الحركة لم يبدأ إلا في الثلث الأخير من القرن العشرين، وتحديدا لما بدأت الحركات النسوية بالتكتل»[11] والضغط أكثر للحصول على مكاسب وحريات أكثر.

تشهد كتب التاريخ أن المرأة كافحت طوال تاريخها لرفع الظلم، ويؤرخ لظهور حركة النسوية الحديثة «مع الثورتين الأمريكية من ناحية والفرنسية من ناحية أخرى، وعندما عاد الفيلسوف الإنجليزي (توماس بين) إلى بلاده، تعرفت عليه امرأة لعبت دورا خطيرا في قضية تحرير المرأة بإنجلترا وهي (ماري ولستون كرافت) (1759-1797) فقد قرأت كتابه عن حقوق الإنسان وتأثرت به، فأخرجت كتابها دفاع عن حقوق المرأة»[12] أين لاقى معارضة ورفضا شديدين لاحتوائه على مطالب قد تكون غير مشروعة حتى التفكير فيها.

وبفرنسا نشرت «أوليمب إعلان حقوق النساء عام 1791، في مقابل إعلان الجمعية الوطنية "إعلان حقوق الإنسان" الذي فُسّر على أنه إعلان لحقوق الرجل فحسب، وطالبت بالمساواة بين الرجل والمرأة في القانون والحكومة والتعليم»[13] فإذا كانت الثورة التي قام بها الفرنسيون ثورة ضد الملكية والاستعباد، فإن ثورة النساء وفي هذه الفترة ضد كل ما هو عنصري تجاه المرأة.

كما ساند الفيلسوف الإنجليزي «جون ستوارت مل (1806-1873) حركة تحرير النساء»[14] ففي كتابه: "استعباد النساء" دافع عن المرأة وفسّر وجودها في هذا الوضع المهمش إلى قانون الغاب (القوي) الذي ساد منذ فجر التاريخ يقول: «إن المبدأ الذي ينظم العلاقات الاجتماعية بين الجنسين، ويجعل خضوع أحدهما للآخر هو مبدأ خاطئ في حد ذاته، إنه يمثل عقبة رئيسة أمام التقدّم البشري، وأن استرقاق النساء هو من يعوق تطور المجتمع، وقد تغلغل هذا المبدأ في نفوس الرجال على نحو يجعل من الصعب مناقشته مناقشة عقلية»[15] إن عادة استعباد النساء واحتقارهم سرعان ما أصبحت قوانين تسري في دماء البشرية، حتى ترسخت ذهنيات تقف عقبة في الاعتراف بالمرأة ولو للحظة بكونها كائنا بشريا، بل مجرد آلة سُخرت لخدمة الذكر أينما كان.

وفي السبعينيات والثمانينيات، ظهر «جيل جديد للحركة النسوية من أمثال جوزفين بتلر (1828-1906)، الزعيمة إميلين، سيمون دي بوفوار (1908-1986)...»[16] لتواصلن نضال الأنثى، ورصد مكاسب جديدة على غرار حق التصويت، العمل، التعليم المختلط...إلخ، ويمكن التمييز بين نوعين من النشاط التحرري للنساء فهناك «الدعوة إلى تحرير المرأة وإنصافها، وبين النزعة الأنثوية المتطرفة (Feminism) التي تبلورت في الغرب في ستينيات القرن العشرين، والتي تقلدها قلة قليلة من النساء الشرقيات»[17] كما سنلحظ ذلك في الحركات النسوية في العالم العربي، إذ دعت الأولى –أي حركات التحرر- إلى إنصاف المرأة من الغبن الاجتماعي مع الحفاظ على الفروقات بين الجنسين (المرأة والرجل). أما الحركات المتطرفة (النسويةféminisme ) فقد سعت لجعل المرأة رجلا، يوضح أهدافها لويس توبين في قوله: «ما النسوية؟ تعني درجة من الوعي الفردي أولا، ولاحقا جماعيا، متبوعة بثورة ضد المرأة بسبب جنسها، ومكانتها الثانوية في المجتمع في وقت من تاريخها، وتسعى لتغيير هذا العلاقات والمواقف»[18] ويمكن تحديد الفرقات بين الحركات التحررية وبين الفيمينست في المخطط التالي:

مخطط (1) الفرق بين الحركات التحررية للمرأة والفيمينست[19]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إذا تُعد النسوية نزعة متطرفة، انحرفت عن مسار مطالب الحركات التحررية التي ظهرت في البداية، والتي كانت مطالبها مطالب مشروعة أو لِنَقُلْ معقولة، هذا ما يحدو بنا إلى استنتاج وحوصلة الأسباب التي ترسبت وأسهمت في ظهور النسوية في العالم الغربي «نظرة احتقار وازدراء المجتمع الغربي للمرأة، نظرة الفلاسفة القدماء الدونية للمرأة، الموقف من المرأة في الكتاب المقدس في كلا العهدين بكونها أصل الخطيئة، ونظرة رجال الكنيسة بكونها مدخل للشيطان»[20] إن كل هذه التضييق لم يكن له من نتيجة منطقية، إلا أن تنبثق حركات تحررية تجابه هذا الاضطهاد.

أما في العالم العربي، فقد ظهرت النسوية بوصفها «فكرة مطالبة بحقوق النساء منذ أواخر القرن التاسع عشر، شمل عددا من رائدات العمل النسائي، مثل عائشة تيمور (1840-1902) وزينب فواز (1844-1914) وهدى شعراوي (1879-1947) وملك حفني ناصف (1886-1918)، وعائشة عبد الرحمن (1912-1998)»[21]، حيث بادرن ببسط فكرة المرأة وحقوقها تحت راية الإسلام والخلفية العربية، بالرّغم من غياب الطرح المنهجي والتنظير المباشر لآرائهن.

وفي القرن العشرين «تطورت الفكرة في العالم الإسلامي من خلال تطبيق الوعي النسوي، وترجمة قيم الرسالة السامية إلى عدالة وتكافؤ فرص وشراكة على أرض الواقع بين الجنسين، وبناء معرفة إسلامية تؤكد معاني العدل والمساواة، بديلة عن منطق الاستبعاد والتمييز»[22] فأطلقت النسويات العنان لأفكارهن وهذه المرة وفقا لأرضية أكاديمية قوية، فهاهي كتابات الطبيبة المصرية نوال السعداوي تنتفض ضد ممارسات الرجل الشرقي على المرأة من خلال مؤلفات تتراوح بين الفكر والرواية، حيث ترى أن المجتمع لم يرحم المرأة في كافة صورها، متعلمة كانت أم جاهلة تقول: «وبصفتي كاتبة وامرأة، فإن المشاكل والتحديات التي أواجهها تتضاعف؛ لأن ما يقبله المجتمع ويحتمله من الكاتب يرفضه هو نفسه من الكاتبة؛ لأنه ينظر إليها كامرأة، وأن تلتزم بحدود القيم الأخلاقية المفروضة على المرأة، والتي لا تبيح لها أن تناول أمورا مباحة للرجال؛ مثل الثالوث المحرم: السياسة والدين والجنس»[23] إن الإقصاء والتهميش لم يصب المرأة غير المتعلمة (الأمية)، بل شمل جميع بنات حواء، حتى تلك التي نالت قدرا من التعليم، فضمير المجتمع يُلبسها رداء الجهل بسبب أنوثتها، ويحدد لها مواضيع معينة تدرسها، ويستهجنها أيما استهجان لو قفزت فوق تلك الأطر، واصما إياها بالفاجرة، الملحدة...إلخ وتُضيف السعداوي «أن الجسد أصبح يرمز إلى الجنس المدنس، والشيطان إلى المرأة ذاتها، أما الروح فهي ترمز إلى المقدس، الجنس الأعلى أو الرجل، الذي يمثل الإله فوق الأرض»[24] إن المحاكمة المسبقة للمرأة وغير العادلة من قبل المجتمع/الرجل صيّرها كائنا مدنسا مرتبط بجسد شهواني، لا ذاتا عاقلة «إن جوهر الأخلاق والشرف يتعلق بعقل المرأة والرجل، وبقدرتهما على الدفاع عن العدل والحرية والصدق، إن شرف الإنسان، المرأة أو الرجل، واحد. والأخلاق لا بد أن تكون مقاييسها واحدة وإلا انعدمت الأخلاق»[25] فلا وجود لأخلاق النساء وأخلاق الرجال الأخلاق واحدة بوحدة الإنسان لا تتجزأ، ولا يمكن تصنيفها إلى أخلاق عبيد وسادة.

وكان لكتاب فاطمة المرنيسي "Beyond The Weil" "ما وراء الحجاب" صدى واسع في الغرب وفي عالمنا العربي أين شرّحت فيه قضية العلاقات الجنسية في المجتمعات الإسلامية، تقول: «يتميّز المجتمع الإسلامي بتناقض بين ما يمكن نعته بــــ النظرية العلنية وأخرى ضمنية عن الحياة الجنسية؛ أي بنظرة مزدوجة عن ديناميكية الجنسين وتتمثل الأولى في الاعتقاد السائد في الوقت الحاضر بأن حياة الرجل الجنسية تتسم بطابع فعّال في حين أن حياة المرأة الجنسية ذات طابع سلبي»[26] وتتأكد هذه النظرة في واقعنا المعيش، إذ نجد ازدواجية قاتلة في التعامل مع الرجل والمرأة اللذان ارتكبا جرما ما (السرقة، القتل، الزنا...)، فيُكرم الرجل ويشعر بالفخر لأفعاله هذه ويعيش بين جماعته بوسام الرجل الشجاع، أما المرأة فتوصم بالعهر، تنبذ ولا يغتفر ذنبها مطلقا، وقد تُقتل على يد رجالات العائلة لغسل العار.

إن الحجاب يواري –حسب المرنيسي- الفتنة وتتساءل كما تساءل قاسم أمين فتقول: «يبحث قاسم أمين عمن يخاف وعن مصدر الخوف في هذه المجتمعات، ويستخلص بأن مصدر الخوف هو الفتنة أي افتقاد النظام والفوضى من جهة والفوضى الجنسية من جهة أخرى، عجبا ! لِمَ لَمْ يؤمر الرجال بالتبرقع وستر وجوههم من النساء إذا خافوا الفتنة؟ هل الرجل أعجز من المرأة عن ضبط نفسه؟»[27] يقترح الباحثان (المرنسي وأمين) سيناريو آخر ينطلق من مقدمات منطقية جريئة؛ فإذا كان الرجل يتمتع بكل القوى العقلية والجسدية وهو سيد المجتمع، فلماذا يخاف المرأة ويضعف بمجرد أن تمرّ أمامه؟ هل لهذا الحد لا يستطيع التحكم في غرائزه حتى يجبر (الآخر) المرأة على التستر والتحجب لكي لا يراها؟ قد يكون سؤالا مشروعا في البحث عن المخططات التي هندست المجتمعات الإسلامية، وعن الثنائية التي أدت بالمرأة إلى أن تتوارى حتى في الهندام، في مقابل ظهور الرجل.

إن الحجاب يُمثّل وبحسب الباحثة التونسية رجاء بن سلامة «مشكلا زائفا، قد يكون علامة مَرَضية تُظهر على السطح أزمة عميقة وعطالة في مجتمعنا»[28] إن مشكلات العالم العربي والإسلامي ليست مشكلات نوع أو جندر بقدر ما هي مشكلات فهم واستيعاب، فقضية المرأة أكبر من أن نحصرها في حجاب، أو ثوب؛ لأن قضيتها متعلقة أساسا بمدى قدرة المجتمعات الشرقية على تجاوز قشور المشكلات والنفاذ إلى اللباب، إن المرأة المتخفية وراء الجلباب لا يمكن الحكم عليها بالإيمان المطلق والأخلاق النبيلة، وكذلك المرأة السافرة ليست مثالا على الفجور يقول عبد السلام بنعبد العالي: «الإخفاء والإظهار: لا يعني هذا فحسب أن التحجب هو كيفية من كيفيات الظهور، وإنما أن كل تحجب هو إبراز وكشف وإظهار، في هذا المعنى نفسه أُثِر عن هراقليطس قوله: "إن ما يُميّز الظهور هو الاختفاء" يعني هذا أن كل كشف وإظهار هو أيضا تحجب وإختفاء»[29] إن المرأة ليست ذلك الشيطان الذي يجب أن نصفده بالأغلال ونلجمه ونعقله، وإن خلقها لحقيقة بارزة، وإخفائها سواء بقوة العادات وسلطانها أو بقوة الشرائع هو اعتداء صارخ على حرية الإنسان المكرَّم، فبدل أن نعزز قوانين التفاضل والتفاوت بين الذكور والإناث بين الرجال والنساء علينا أن نعضد إمكانات التكامل والتلاقي بينهما، بعثا لمشروع حضاري، وحتى ولو صادقنا على ضرورة الحجاب كأمر إلهي للتعفف فإن هذا لا يمنع من وجود «مجموعة الحُجب التي أبدعتها مجتمعاتنا للهيمنة على المرأة تتجاوز خرقة القماش لتتجسد أيضا في مظاهر أخرى، مثل التهميش من الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والتجهيل والعنف والختان وجرائم الشرف»[30] إننا في نهاية المطاف نصارع سلطة الرجل المثقلة بكل وزر، وبين فاجعة حضارية تذوي بالمرأة إلى الخراب.

في العالم الغربي أم العربي، تنضوي الحركة النسوية تحت تيارات كبرى يمكن تمثيلها في المخطط التالي:

مخطط (2) تيارات الحركة النسوية [31]

 

 

 

 

2- المرأة الجزائرية ومعالم الإخفاء:

نستعرض في هذا المبحث مؤشرات الإخفاء، فالمرأة الجزائرية كغيرها من نساء العالم العربي، ووضعيتها لا تختلف كثيرا عن وضعيتهن، حيث اتسمت بسيطرة الثقافة الباترياركية سواء في القديم أو حتى الآن، والملاحظ للفضاء العمومي يجده فضاء ذكوريا بامتياز، الشوارع، المحلات، مراكز الخدمة، وبالرغم من تراجع حدة هذه الهيمنة ومزاحمة المرأة لهذا الفضاء؛ من خلال التعلم والعمل...، إلا أنه لا يزال بطابعه الذكوري؛ ويتجسد هذا في الألفاظ السوقية والبذيئة التي تعج بها شوارعنا؛ إذ إن الرجل يحاول فرض خطابه الذكوري في هذا الفضاء العمومي؛ لأنه يعتبره فضاءه والمرأة دخيلة عليه، وهي من اخترقته، كذلك التحرش اللفظي والجنسي بالمرأة للتضييق عليها وتذكيرها بأنها لا تزال المخلوق الأضعف، بالإضافة إلى غياب وقلة المرافق الخاصة بالنساء، وإن وُجدت فهي مختلطة.

2-1- رمزية الإخفاء أو المرأة الجزائرية بوصفها طابو*:

تتمحور رمزية الإخفاء في عدة صور، لعل الواضح منها إخفاء المرأة وحجبها في الفضاء الخاص** (البيت) يقول "عبد القادر جغلول" في هذا الشأن: «في السابق وحتى اليوم في عائلات الأشراف أو البرجوازية الكبرى كانت المرأة تحظى برحلتين مبرمجتين في حياتها فقط: من بيت أهلها إلى بيت زوجها، ومن بيت زوجها إلى القبر»[32] كانت العائلات الجزائرية تحافظ على المرأة وتمنع خروجها إلى الشارع؛ لأنها تمثل شرف العائلة، وهذا الشرف عليه أن يبقى مصانا وإلا تهدمت العائلة وضاعت قيمتها بين الأسر، فالخوف من كلمة العار جعل الرجل الجزائري في بيته يفرض حالة طوارئ ومراقبة مستمرة على المرأة، لتتجلى رمزية الإخفاء أيضا في أنواع اللباس المحتشم، حيث لم تعتبر المرأة «كائنا حيا أو فاعلا اجتماعيا بل مجرد جسد»[33] يجب إخفاؤه كما ذهب في ذلك الباحث الجزائري "عدي الهواري".

لذا يُصنّف الخمار في الأدبيات الفكرية والسوسيولوجية و«يندرج ضمن قائمة الاضطهادات والضغوطات المفروضة التي تقصي النساء المسلمات»[34] وتحد من حريتهم الشخصية على اعتبار أن اللباس والاعتناء بالمظهر يدخل ضمن خصوصيات الأفراد، ولا يحق لأي كان أن يفرض نمط لباس معيّن على أي أحد.

إن التحليل السوسيولوجي أظهر وفي كل مرة الطابع الثقافي الذي يحكم العلاقات الاجتماعية في الجزائر؛ والتي تتوزع بشكل هرمي يترأسه نظام أبوي** صارم تكون فيه المرأة الجزائرية العنصر المهيمن عليه من خلال الممارسات الرمزية (القولية والفعلية)، يقول بيار بورديو في هذا الشأن «وبواسطة من يملك احتكار العنف الرمزي الشرعي بشكل رئيس داخل العائلة؛ فللأقوال الأبوية أثر تكوين سحري (...) سنُلاحظ في وضح النهار الممارسات الطقوسية التي تُنجز على الملأ وجماعيا والمدمجة في النسق الرمزي لمجتمع منظم وهي منظمة وفق مبدأ أولوية الذكورة»[35] إن تقسيم العمل وبحسب السوسيولوجي بورديو يعكس ثنائية المرأة والرجل وتفوق هذا الأخير، حيث لا يتولى الرجل «في منطقة القبائل بعض المهمات ولا يستطيع أن يقوم بها؛ لأنها سُفلية، ولكي لا يحط من قدر نفسه، ومن المهمات التي يمكن أن تكون نبيلة صعبة يقوم بها الرجال (ونرى المبدأ القبائلي الذي يقضي بأن يكون عمل المرأة مكرسا لأن تجهد في المنزل محكوم عليه بأن يبقى لا مرئيا)»[36] وبهذا ينفرد الرجل بالفخر الاجتماعي لانجازه أصعب الأعمال وأهمها ويضاعف رصيده للسيطرة أكثر على المرأة وإخفائها.

وفي المخيال العربي أو الجزائري بصفة خاصة، تتجلى صورة المجتمع الأبوي بترديده لعبارات تفضيلية أوردها الباحث "حليم بركات" على لسان "نجيب محفوظ" في قوله: «الرجل رجل لا يعيبه شيء»[37] كأن العيب والنقص مرتبط بجنس آخر هو المرأة وفقط وهذا ما يبرر علة الإخفاء وضرورة التستر فما هو عيب هو ما نُخفيه ونواريه، أما مصدر فخرنا فنجهر به، كما يصادق المجتمع الجزائري على الإخفاء في تراثه الشعبي من أمثال وحكم وقصص يبرز فيها دهاء الرجل وتفوقه ومغامراته، ويلغي من صفحات تاريخ ثقافته الشعبية كل إنجاز للمرأة كما لو أنها أي «المرأة كائن بغيره لا بذاته، يُستدل من تحديد هويتها بكونها زوجة فلان أو بنت فلان، أو أم فلان هي أنثى الرجل وهي باختصار تُعرّف بالنسبة للرجل، إذ ليس لها وجود مستقل عنه، ولأنها كائن بغيره فلا يمكن أن تعيش بذاتها»[38] يطرح هذا السياق الأبعاد السوسيوثقافية للتأصيل لكل ما هو ذكوري، وإقصاء كل ما هو أنثوي وفق نسيج شديد التعقيد تتضافر فيه جميع المؤسسات والأطر لتُنتج الخطاب الأعرج وتعمّق الهوة بين الذكورة والأنوثة ليس هذا فقط، بل وتعمل على إبقاء الصورة النمطية نفسها، وتوريثها لأجيال أخرى وإعادة إنتاجها على مر الزمن.

2-2- ضريبة الظهور:

أ- استغلال عمالة المرأة الجزائرية:

عرف المجتمع الجزائري في العقود القليلة الماضية تغيرات مهمة مسّت كل المستويات؛ الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، فتغير حجم الأسرة (من أسرة ممتدة إلى أسرة نواة) وتغيرت علاقاتها وبنيتها وكذا أدوارها، وقد يعود السبب في غالبه إلى خروج المرأة إلى العمل، إلا أن الدراسات السوسيولوجية المهتمة بهذا الشأن، تؤكد «أن حجم العمل النسوي المسجل يبقى غير كاف بالنسبة لما كان يُنتظر، ورغم التحسن، فإن مستوى عمل النساء يبقى ضئيلا، ونلاحظ أن نسبة النساء الجزائريات العاملات منخفضة إذا ما قارناها مع مختلف الدول العربية، نظرا لعوائق»[39] وصعوبات من بينها العوائق الاجتماعية والدينية؛ فالاجتماعية منها مقترنة بــ«بقاء المجتمع الجزائري متشبثا بعادات وتقاليد ورثها عن حقب سابقة، كما أن الفكرة السائدة فيه وخاصة في العالم الريفي أن المرأة للبيت والرجل للكسب والعمل، تكريسا لمبدإ تقسيم العمل المعروف لدى فقهاء القانون والاقتصاد»[40] فذهنية بعض الرجال وحتى في هذا العصر لا تزال تُحاكي ذهنيات أجداده*، فهو يرفض أن يترك أخته أو زوجته أو أمه للعمل عوضا عنه، أما الصعوبة الأخرى نابعة من الفكر المتحجر وغير المدرك لمقاصد الشريعة الاقتصادية في أن «المرأة ليس لها من رسالة في هذه الدنيا سوى المكوث في البيت، وإنجاب الأطفال، مستدلين على ذلك ببعض الآيات القرآنية ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾»[41] إذ نُلاحظ في المناطق المحافظة تأثير الوازع الديني بصورة كبيرة على سلوكيات وثقافة سكان تلك المناطق، حيث يتفق أغلبهم على حرمان المرأة من التعليم في سن مبكرة ليجتنبوا صعوبات إقناعها بعدم العمل لاحقا، ويبررون أفعالهم بالرجوع إلى القرآن والسنة غير أن القارئ الموضوعي والمتأمل الجيد للقرآن يجد «أن الإسلام أعطى المرأة حقوقا كثيرة بعد أن كانت مهضومة الحق، فقد منحها الإسلام حقها في الميراث، وجعل لها أهليتها في التعاقد وفي إجراء العقود من بيع وشراء، كما سوى بينها وبين الرجل في شؤون المسؤولية والجزاء»[42]، إلا مجتمعنا الذكوري يخاف من كلمة عيب أكثر من خوفه من كلمة حرام، فيقلد ما دأب عليه وتوارثه من أفراد مجتمعه.

وما يزيد من صعوبة استمرار البعض منهن في العمل، أو حتى في الخروج تعرضهن للاستغلال سواء من رب العمل أو من عائلاتهن؛ بصرف رواتبهن أو الاستيلاء عليها، وكذا لعدم الشعور بالأمان خارج البيت (التحرش بمختلف أصنافه اللفظي والجسدي)، والملاحظ في العقود الأخيرة الاستغلال المزدوج للمرأة (خارج البيت وداخله)، مما دفع معظم النساء لأن يتخلين عن أدوارهن الإستراتيجية ويزرعن قنابل موقوتة تفجر المجتمع وتفتك به بعد سنوات (نظرا لغياب التنشئة الاجتماعية للجيل الجديد).

ب- العنف ضد المرأة الجزائرية في الفضاء العام**:

الحديث عن العنف، حديث عن ظاهرة عالمية تمس كافة المجتمعات (الغنية والفقيرة، المتحضرة والمتخلفة)، ولعل أبرز وأهم عنف هو ذلك الواقع على المرأة، والذي يترك آثارا واضحة على جسدها ونفسيتها، تذكر الأبحاث والدراسات السوسيولوجية بالجزائر أن »ظاهرة العنف ضد المرأة متنامية، وأن المرأة الجزائرية تتعرض للفعل العنيف في مختلف مراحلها العمرية، بدءًا من مرحلة الشباب إلى مراحل عمرية متقدمة (50 سنة وأكثر) وبنسب متفاوتة وهذا يعكس فكرا ثقافيا مترسخا في الذهنية الثقافية الجماعية عند الرجال، وهو إباحة تعنيف المرأة ضربها واغتصابها والتحرش بها وانتهاك عرضها حتى وإن كانت في مراحل عمرها الأولى»[43] إن الفضاء العام لم يُخلق للمرأة يوما، وما إن اخترقته فقد تنازلت عن حق من حقوقها، وعن كرامتها إن صح التعبير، فالفضاء كان ولازال وسيبقى فضاءً رجوليا بامتياز حتى ولو ظهرت محاولات لأخلقته فسيظل على حاله، وهذا راجع كما يذهب في ذلك الباحث جمال معتوق إلى «أن المحيط الأسري دور في الإقبال على ممارسة العنف ضد المرأة في الشارع من طرف الذكور، فهو يعكس لنوعية التربية التي تحصلوا عليها، بالإضافة إلى الصورة التي أعطيت لهم عن المرأة من طرف مؤسسات التنشئة»[44] وبما أن الصورة التي تُقدم لهم عن المرأة (بوصفها الكائن القابل للانتهاك والقمع)؛ فالأطفال سيقلدون ويطبقون ما رأوه داخل أسرهم، فإذا رأوا أن الأب يتهجم على أمهم سيسلكون نفس الفعل، ولما كان الأمر كذلك لابد للأسرة أن تغير نظرتها وفلسفتها اتجاه الأنثى، وأن تعامل الجنسين بالتساوي على الأقل في المعاملة، حتى تنشأ لدينا ثقافة احترام المرأة وتقديرها مهما كانت صفتها (أما، أختا، زوجة، زميلة، جارة ...) يقول المفكر هشام شرابي: «يقوم حجر الزاوية في النظام الأبوي (والأبوي المستحدث) على استعباد النساء من هنا كان العداء العميق والمستمر في لا وعي هذا المجتمع للمرأة ونفي وجودها الاجتماعي كإنسان والوقوف بوجه كل محاولات تحريرها حتى عند رفع شعار تحرير المرأة، هذا المجتمع لا يعرف ذاته إلا بصيغة الذكورية وصفتها»[45] ففي الشارع أو في الفضاءات الأخرى المرأة كائن صامت أو بالأحرى صدى لصوت ذكوري ليس إلا.

3- آلياتان لبعث حضاري للمرأة الجزائرية (التعليم وإشراك المرأة الجزائرية في مصيرها):

لم تقم الحضارات يوما على جنس بعينه، أو طبقة معينة، بل ما إن وُجدت حضارة وُجد عنصرها البشري الذي يتضافر ويشترك للنهوض كلٌ بحسب ما أُهّل له، لذا لم تُسمَ حضارات العالم الشرقي أو الغربي على أشخاص، بل على جماعات بشرية (رجال ونساء، عبيد وسادة، بيض وسود) ومهما أقصت سلطة الأقوى* إسهاماتهم فإن كتب التاريخ ومعالم الأنثروبولوجيا تشهد أن "العبيد بنوا حضارة مصر وأهراماتها، وأن النساء برعن في الحرف والأعمال، وأن السود حاربوا عنصرية الرجل الأبيض وحققوا قوانين تحمي كرامة الإنسانية" وعليه ما من «شعب يُحاول ذكوره التقدم دون النساء، سيكون كالرجل الذي يحاول السفر برجل واحدة»[46] فللرجال أدوار وظيفية وللنساء أدوارهن، وقد تتبادل الأدوار لكنها لا تتضاد، بل تتكامل.

هذا وقد جاء في تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2005، حول نهوض المرأة في العالم العربي «أن النساء في العالم العربي لم يحققن كامل إمكاناتهن، ومازلن محرومات من المساواة في الفرص، وأن هذا الأمر لا ينحصر في مشكلة النساء، بل هو عائق أمام تقدم وازدهار المجتمعات العربية»[47] في حد ذاتها، يقول أدونيس في كتابه "الهويات غير المكتملة": «من المؤكد أن المرأة هي العقدة التي تشد عُرى المجتمع. أما الرجل، فإنه يمثل حتى في المجتمعات الحديثة، غازيا للأرض الخصبة، فهو يحتل نواة المجتمع»[48] ويرسم لها صورة الكائن الخاضع المرتبط دائما بجنس أرقى منه، عليها أن تتهيأ وتنشأ منذ أولى حياتها لخدمته وراحته، وبهذا تتموضع الفتاة أو المرأة في القالب الذي أطره الرجل، وما إن خرجت عنه اعتبرت فاجرة ومسترجلة، وبهذا تتجسد وبحسب –أدونيس- مقولة إجهاض الأنثى يقول: «إن الأبوة قتلت الأنوثة»[49] ومهما سعى مجتمعنا الذكوري وقدّم امتيازات وصور للمساواة بين الرجل والمرأة وأعطى لهذه الأخيرة الحرية وحتى ولو رأينا المرأة طيّارة وقاضية وفي «سلك الشرطة، أو نائبة لكن كل ذلك يبقى من أجل التمويه»[50] فالواقع يفرض منطقه ويجاري التصورات المتوارثة بكون المرأة هي الجنس الآخر على حد تعبير سيمون دي بوفوار وأن «الإنسانية في عرف الرجل شيء مذكر فهو يعتبر نفسه يمثل الجنس الإنساني الحقيقي ... أما المرأة، فهي في عرفه تمثل الجنس الآخر»[51] إن الرجل وظّف كل الاستراتيجيات والأطر الثقافية والاجتماعية والاقتصادية كما استعان بكتب التاريخ والقانون والسياسة والفلسفة والأدب لجعل المرأة ذلك الجنس الآخر الذي لن يتخلص من ماضيه، ومصيره ولو في الحُلم، حتى الديانات ومعظم العادات البشرية حرصت على جعل المرأة في خندق الشر، بينما جعلت الرجل إلى جانب الخير، فهل الإيمان ساذج لهذا الحد حتى لم يطرح ولو لمرة سؤالا مهما: كيف يمكن للشر أن يُنجب الخير؟ وكيف للناقص أن يحمل في أحشائه الكامل؟

3-1- التجلي الحضاري للمرأة الجزائرية رؤية الشيخ عبد الحميد بن باديس:

يُعد الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس من بين المفكرين الجزائريين الأوائل الذين نادوا بنهضة فكرية عربية ركّز فيها على فاعلية المرأة وضرورة بعثها إلى أدوارها الحقيقية، بعيدا عن الإقصاء والتجهيل، حيث «تنبه إلى خطورة دور المرأة في النهوض والتحرير، وأهميتها في التربية والبناء الثقافي، وأهمية تعليمها حتى تقوم برسالتها كما شرّع الله، وتحسن القيام بوظيفتها في المجتمع»[52] فقد أدرك أن المرأة التي تعمّدت أطراف تركها جاهلة لم تكن سوى عامل مساعد لتدهور البلاد الإسلامية، وسبب لمجيء أساتذة ومرشدين غربيين دسوا سمّ حضارتهم في عقول الشباب والبنات، فصرنا أبعد بمرتين عن الدين وعن العلوم الدنيوية.

إن تعليم المرأة لهو شرط لنهضة الأمم وركيزة لتقدم الحضارات، وأن مكانة المرأة تعكس وعي الشعوب، كما أن الإسلام لم يمنع تعليمها وقد أدرك «الشيخ بن باديس رحمه الله ببصيرة نافذة، منطلقا من الكتاب والسنة، ما للمرأة من دور ووظيفة، فأوجب تعليمها وإنقاذها مما هي فيه من الجهالة العمياء، ونصح بتكوينها تكوينا يقوم على أساس العفة وحسن تدبير المنزل»[53] وقد أرجع عوامل تجهيلها إلى الأولياء والعلماء وتراجع التفكير الإسلامي والعقلي المنطقي واستبداله بالخرافات والبدع.

3-2- التجلي الحضاري للمرأة الجزائرية في رؤية مالك بن نبي:

أورد المفكر مالك بن نبي في كتابه "شروط النهضة" «أن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارية ولا يمكن لشعب أن يفهم أو يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية، وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها»[54]؛ فمعرفة العلل والأسباب نتيجة منطقية لمعرفة المقاربات والحلول، يرى مالك بن نبي أننا لا نستطيع «عقد مقارنة بين الرجل والمرأة، ثم الخروج منها بنتائج كمية تشير إلى قيمة المرأة، فليست هذه الأحكام إلا محض إفتراء (...) فالمرأة والرجل قطبا الإنسانية ولا معنى لأحدهما بغير الآخر، وما الغاية من إشراكها في المجتمع إلا للإفادة منها في رفع مستوى المرأة ذاتها»[55] فليست مشكلتنا بحسب مالك بن نبي متعلقة إما بمنح حريات أكثر، أو وضع قيود أكثر عليها، في حين أن المعضلة التي يجب معالجتها هو كيف يمكن إشراك المرأة في المجتمع لإضافة قيمة لذاتها، وبالتالي إضافة قيمة للمجتمع بحكم أنها عضو فيه، ولا يكون هذا بحسب مالك بن نبي إلا من خلال استشكال أزمة المرأة بشكل فعلي وموضوعي وطرح قضيتها إلى الواجهة من خلال أن تقوم «نساؤنا بعقد مؤتمر عام يحددن فيه مهمة المرأة لصالح المجتمع حتى لا تكون ضحية جهلها»[56]، حيث تساهم في صناعة مصيرها ولا تترك فرصة للرجل مهما كانت صفته أن يستبيح صورتها (سلعنة المرأة) أو أن يكتم صوتها.

إذا علينا إعادة طرح أسئلة المفكر المصري "قاسم أمين" مرة أخرى وإعادتها لواجهة النقاش العلمي، فأين نحن من قضية المرأة، بعيدا عن اللهث وراء الحقوق والمطالب «هل صنعنا شيئا لتحسين حال المرأة؟ هل قمنا بما فرضه علينا العقل والشرع من تربية وتهذيب نفسنا وأخلاقنا وتثقيف عقلها؟ أيجوز أن نترك نساءنا في حالة لا تمتاز عن حالة الأنعام؟ أيصح أن يعيش نصف أمتنا في ظلمات من الجهل...»[57] وهل يتم كمال الرجل ويتحقق وجوده إذا أقرت المرأة بنقصها؟

خاتمة:

عرف الحديث عن المرأة مدا وجزرا منذ القديم وحتى الآن، فبين ركوب موجة إنصاف المرأة أو اضطهادها بقيت الكتابة حولها مغامرة غير محسوبة النتائج فكل قول دائر حول المرأة يحسب لصاحب وعليه في آن واحد، إنها من بين القضايا الصعبة؛ فمنذ الفكر الفلسفي اليوناني الأول والرجل يخط مصير وتاريخ المرأة ويصمها بصفات قد آن الأوان لمراجعتها وتصحيحها؛ ألم يقل أفلاطون عنها أنها: "الأنثى أنثى لنقص في الصفات"، وجورج برنارد شو أن "المرأة ظل الرجل، عليها أن تتبعه لا أن تقوده"، هي أفكار وآراء كانت ضمن نسيج ثقافي في زمن مضى علينا الآن وكما ذهب في ذلك المفكرين الجزائريين "عبد الحميد بن باديس" و"مالك بن نبي" إلى أن نبعثها إلى أدوارها الفاعلة من خلال تعليمها ومنحها ثقة لرسم مستقبلها بنفسها، لتحديد الصورة التي ترضيها دون أن يتدخل الرجل في رسمها، بعيدا عن كافة الإيديولوجيات المتطرفة (فلا نعرضها كسلعة ونستبيح كل جميل فيها ولا نخفيها ونواري كينونتها) بل نضعها في قالب البشرية، فالمرأة ليست نصف المجتمع، بل نصف الإنسانية.

قائمة المراجع:

أدونيس، شواف، (شانتال): [2005] الهويات غير المكتملة، ط1، بدايات للطباعة والنشر، سوريا إمام، (عبد الفتاح إمام): [1996]، أفلاطون والمرأة، ط2، مكتبة مدبولي، مصر. إمام، (عبد الفتاح إمام): [1996]، أرسطو والمرأة، ط1، مكتبة مدبولي، مصر. أمين، (قاسم): [2012]، تحرير المرأة، ط1، مؤسسة هنداوي، مصر. أيت حمودة (حكيمة): 2011، مظاهر وأسباب العنف في المجتمع الجزائري من منظور الهيئة الجامعية، ملتقى وطني حول دور التربية في الحد من ظاهرة العنف، ، جامعة الجزائر-2-، الجزائر بركات، (حليم): [2006]، الاغتراب في الثقافة العربية متاهات الإنسان بين الحلم والواقع، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان. البعلبكي، (روحي): [2001]، معجم روائع الحكمة والأقوال الخالدة، ط3، دار العلم للملايين، لبنان. أبو بكر، (أميمة): [2013]، النسوية والمنظور الإسلامي أفاق جديدة للمعرفة والإصلاح، ط1، مؤسسة المرأة والذاكرة، مصر. بلمقدم، (يحي): [2015]، تحرر المرأة الجزائرية "الطالبة الجامعية نموذجا" جامعة تلمسان نموذجا، جامعة أبي بكر بلقايد، قسم علم الاجتماع، الجزائر. بورديو، (بيار): [2009]، الهيمنة الذكورية، ترجمة: سلمان قعفراني، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان. تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام: 2005، نحو نهوض المرأة في الوطن العربي,UNDP،

https://www.un.org/ar/esa/ahdr/pdf/ahdr05/presskit-05a.pdf

حميداتو، (مصطفى محمد): [1997]، عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية، ط1، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر. الخريف، (الأمل بنت ناصر): [2016]، مفهوم النسوية دراسة نقدية في ضوء الإسلام، ط1، فهرسة مكتبة فهد الوطنية أثناء النشر، السعودية. درديش، (أحمد): [2017]، الحماية القانونية للمرأة ضحية العنف، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، قسم العلوم الإقتصادية والقانونية، الجزائر. دودو، (نعيمة): [2011]، تأثير عمل المرأة على معدلات الخصوبة دراسة ميدانية بجامعة فرحات عباس بسطيف، جامعة فرحات عباس –سطيف-، الجزائر. دي بوفوار، (سيمون): [2008]، الجنس الآخر، ط1، الأهلية للنشر والتوزيع، الأردن. الرحبي، (مية): [2014]، النسوية مفاهيم وقضايا، ط1، الرحبة للنشر والتوزيع، سوريا. زكريا، (فؤاد): [2003]، جمهورية أفلاطون، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، مصر. سعداوي، (زهرة): واقع التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمرأة في المجتمع الجزائري، دراسة سوسيولوجية إحصائية، جامعة حسيبة بن بو علي، الشلف متاح على الرابط:

 https://www.univ-chlef.dz/eds/wp-content/uploads/2016/06/article-10-N2.pdf

  1. السعداوي، (نوال): [2000]، المرأة والدين والأخلاق، ط1، دار الفكر، سوريا.
  2. السعداوي، (نوال): [2017]، قضايا المرأة والفكر والسياسة، ط1، مؤسسة هنداوي، مصر.
  3. السعداوي، (نوال): [2017]، عن المرأة والدين والأخلاق، ط1، مؤسسة هنداوي، مصر.
  4. واتكنز، (سوزان ألس) وآخرون: [2005]، أقدم لك الحركة النسوية، ط1، ترجمة: جمال الجزيري، المجلس الأعلى للثقافة، مصر.

سعيدي، (محمد): 1997، رمزية الفضاء بين المقدّس والدنيوي في الثقافة الشفوية، مجلة إنسانيات، الجزائر. بن سلامة، (رجاء) وآخرون: [2009]، المرأة وحجابها، ط1، دار بترا للنشر والتوزيع، سوريا. بن سينا، (أبو علي): [2007]، كتاب السياسة، تعليق: علي محمد إسبر، ط1، بدايات للطباعة والنشر، سوريا. شرابي، (هشام): [1993]، النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي، ط2، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان. عثمان، (علي): [1976]، المرأة العربية عبر التاريخ، ط2، دار التضامن، ط2، لبنان. عربي، (أسماء سالم علي): 2015، صورة المرأة في الخطاب الفلسفي ودورها في المجتمع العربي الإسلامي: ابن رشد نموذجا، أعمال المؤتمر الدولي السابع: المرأة والسلم الأهلي/ طرابلس، لبنان. العقاد، (عباس محمود): [2012]، المرأة في القرآن، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، مصر. عمر، (أحمد مختار): [2008]، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب، مصر. الغزالي، (محمد)، وآخرون: [1991]، المرأة في الإسلام، ط1، دار أخبار اليوم، مصر. فانون، (فرانز): [2015]، معذبو الأرض، ط2، مدارات للأبحاث والنشر، مصر. فينليسون، (جيمس جوردن): [2015]، يورجن هابرماس مقدمة قصيرة جدا، ط1، مؤسسة هنداوي، مصر. الكردستاني، (مثنى أمين): [2004]، حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر دراسة نقدية إسلامية، ط1، دار القلم، الكويت. مالكي، (حنان): [2011]، الخصائص السوسيولوجية للأسرة الجزائرية –التقليدية والحديثة-، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة محمد خيضر، الجزائر. المرنيسي، (فاطمة): [2005]، ما وراء الحجاب الجنس كهندسة اجتماعية، ط4، ترجمة: فاطمة الزهراء أزرويل، المركز الثقافي العربي، المغرب. مل، (جون ستيوارت): [1998]، استعباد النساء، ترجمة: إمام عبد الفتاح إمام، ط1، مكتبة مدبولي، مصر. ابن منظور، (محمد بن مكرم): [2003]، لسان العرب، دار الحديث، مصر. بن نبي، (مالك): [1986]، شروط النهضة، ط1، ترجمة: عبد الصبور شاهين، دار الفكر، سوريا. نخبة من أساتذة قسم االجتماع: المرجع في مصطلحات العلوم الاجتماعية، دار المعرفة الجامعية، مصرواصل، (عصام): [2011]، النظرية النسوية وإشكالية المصطلح، دار المنظومة، الجزائر.Addi, (Lhouari):[1999], Les mutations de société algérienne famille et lien social dans l'Algérie contemporaine, Ed la découverte.Bullock, (Katherine):[2002], Repenser la femme musulmane et le port du voile, Défier les stereotypes historiques et modernes, Le Scribe l’Harmattan, IESE, Belgique.Habermas, (Jürgen):[1974], The Public Sphere, An Encyclopedia Article (1964) New German Critique, No. 3.AutumnToupin, (Louis):[2003],Les courants de pensée Féministe, Québec.

 

 

 

 

[1]- طالبة دكتوراه، جامعة عبد الحميد مهري قسنطينة -2-

 

[2] ابن منظور، (محمد بن مكرم): [2003]، لسان العرب، دار الحديث، مصر، ص: 240

[3] عمر، (أحمد مختار): [2008]، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب، مصر، ص: 2082، 2083

[4] البعلبكي، (روحي): [2001]، معجم روائع الحكمة والأقوال الخالدة، ط3، دار العلم للملايين، لبنان، ص: 215، 216

[5] زكريا، (فؤاد): [2003]، جمهورية أفلاطون، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، مصر، ص: 330

[6] إمام، (عبد الفتاح إمام): [1996]، أفلاطون والمرأة، ط2، مكتبة مدبولي، مصر، ص: 79

[7] إمام، (عبد الفتاح إمام): [1996]، أرسطو والمرأة، ط1، مكتبة مدبولي، مصر، ص: 61

[8] عربي، (أسماء سالم علي): 2015، صورة المرأة في الخطاب الفلسفي ودورها في المجتمع العربي الإسلامي: ابن رشد نموذجا، أعمال المؤتمر الدولي السابع: المرأة والسلم الأهلي/ طرابلس، لبنان، ص: 9

[9] بن سينا، (أبو علي): [2007]، كتاب السياسة، تعليق: علي محمد إسبر، ط1، بدايات للطباعة والنشر، سوريا، ص: 79

[10] العقاد، (عباس محمود): [2012]، المرأة في القرآن، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، مصر، ص: 67

[11] واصل، (عصام): [2011]، النظرية النسوية وإشكالية المصطلح، دار المنظومة، الجزائر، ص: 39

[12] واتكنز، (سوزان ألس) وآخرون: [2005]، أقدم لك الحركة النسوية، ط1، ترجمة: جمال الجزيري، المجلس الأعلى للثقافة، مصر، ص: 10

[13] المرجع نفسه، ص: 10

[14] المرجع نفسه، ص: 11

[15] مل، (جون ستيوارت): [1998]، استعباد النساء، ترجمة: إمام عبد الفتاح إمام، ط1، مكتبة مدبولي، مصر، ص: 11-35

[16] المرجع السابق، ص: 13، 12

[17] الكردستاني، (مثنى أمين): [2004]، حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر دراسة نقدية إسلامية، ط1، دار القلم، الكويت، ص: 3

[18] «Qu’est-ce que le féminisme ? Il s’agit d’une prise de conscience d’abord individuelle, puis ensuite collective, suivie d’une révolte contre l’arrangement des rapports de sexe et la position subordonnée que les femmes y occupent dans une société donnée, à un moment donné de son histoire. Il s’agit aussi d’une lutte pour changer ces rapports et cette situation».Toupin, (Louis): [2003], Les courants de pensée Féministe, Québec, p: 10

[19] تمت الاستعانة بمخطط للإيجاز، أنظر: مثنى أمين الكردستاني، المرجع السابق، ص: 4

[20] الخريف، (الأمل بنت ناصر): [2016]، مفهوم النسوية دراسة نقدية في ضوء الإسلام، ط1، فهرسة مكتبة فهد الوطنية أثناء النشر، السعودية، ص: 39-50

[21] أبو بكر، (أميمة): [2013]، النسوية والمنظور الإسلامي أفاق جديدة للمعرفة والإصلاح، ط1، مؤسسة المرأة والذاكرة، مصر ص: 4

[22] المرجع نفسه، ص: 4

[23] السعداوي، (نوال): [2017]، قضايا المرأة والفكر والسياسة، ط1، مؤسسة هنداوي، مصر، ص: 76، 75

[24] السعداوي، (نوال): [2000]، المرأة والدين والأخلاق، ط1، دار الفكر، سوريا، ص: 16

[25] السعداوي، (نوال): [2017]، عن المرأة والدين والأخلاق، ط1، مؤسسة هنداوي، مصر.، ص: 34

[26] المرنيسي، (فاطمة): [2005]، ما وراء الحجاب الجنس كهندسة اجتماعية، ط4، ترجمة: فاطمة الزهراء أزرويل، المركز الثقافي العربي، المغرب، ص: 17

[27] المرجع نفسه، ص: 16

[28] بن سلامة، (رجاء) وآخرون: [2009]، المرأة وحجابها، ط1، دار بترا للنشر والتوزيع، سوريا ص: 7

[29] المرجع نفسه، ص: 57

[30] المرجع نفسه، ص: 78

[31] تم الإستعانة بمخطط لتوضيح الأفكار واختصارها، ينظر: الرحبي، (مية): [2014]، النسوية مفاهيم وقضايا، ط1، الرحبة للنشر والتوزيع، سوريا، ص: 23-29

* طابو/ الطابوهات Taboo: حظر أو منع مصدره طقوس ومعتقدات معينة، وقد دخلت كلمة تابو Taboo إلى اللغات الأوروبية كنتيجة للرحلة الثالثة التي قام بها الكابتن جيمس كوك، ذلك أن –ملاحظاته للسلوك في بولينيزيا أوضحت أن هناك محرمات أو محظورات ّ، أما دوركايم فعرف التابو بأنه تحريم ديني مرتبط باحترام معين، استخدمه فريزر لكي يشير إلى نوع من السحر السلبي، وقد عرفه بكونه كل ما هو مقدس. ينظر نخبة من أساتذة قسم االجتماع: المرجع في مصطلحات العلوم الاجتماعية، دار المعرفة الجامعية، مصر، ص: 483

** يوضّح محمد سعيدي، أن الثنائي "الدار-المرأة" يرتبط في المخيلة الشعبية ارتباطا وثيقا على مستويين مختلفين: المستوى السطحي: ترتبط المرأة بفضاء الدار بأكثر من علاقة، حيث أصبحت كل واحدة امتدادا للأخرى في المخيلة الشعبية والتي بحكمها أصبحت المرأة عنصرا لا يتحرك إلا في الدار، فضائها الوحيد بامتياز والذي يحتوي أكبر قسم من وقتها إن لم نقل كله، فلقد أصبحت المرأة فضاء الدار، وفضاء الدار يعكس المرأة، فالمرأة بفضاء دارها وفضاء الدار بامرأته. المستوى العميق: قد تلتقي المرأة والدار في طابع الأنوثة بكل ما تحمل من دلالات نفسية وثقافية واجتماعية بالنسبة للرجل (الدار- المرأة) ينظر: سعيدي، (محمد): 1997، رمزية الفضاء بين المقدّس والدنيوي في الثقافة الشفوية، مجلة إنسانيات، الجزائر، ص: 9، 8

[32] بلمقدم، (يحي): [2015]، تحرر المرأة الجزائرية "الطالبة الجامعية نموذجا" جامعة تلمسان نموذجا، جامعة أبي بكر بلقايد، قسم علم الاجتماع، الجزائر، ص: 6

[33] Une femme n'est pas un acteur vivant ou social mais un corps. Voir Addi, (Lhouari): [1999], Les mutations de société algérienne famille et lien social dans l'Algérie contemporaine, Ed la découverte., P: 148

[34] Bullock, (Katherine): [2002], Repenser la femme musulmane et le port du voile, Défier les stereotypes historiques et modernes, Le Scribe l’Harmattan, IESE, Belgique, P: 12

** أبوي، حق الأب Patriarchate / Patriarchal: يبدو أن هذا المصطلح قد اختفى من التراث المعاصر لمصطلحات العلوم الاجتماعية، لكنه يُشير إلى سيطرة الأب أو الجد الأكبر على العائلة، اهتم بعض الكتاب من أمثال هنري مين ومورجان بهذا المصطلح، ويرجع اندثاره إلى تدهور النزعة التطورية التقليدية التي كانت تعتبر العائلة الأبوية مرحلة هامة من مراحل تطور نظام العائلة، أما مصطلح حق الأب فهو يشير إلى كل مجتمع تنخفض فيه المكانة الاجتماعية للإناث، كالقبائل التي يسود فيها الانتساب للأب أو الذكور.ينظر: نخبة من أساتذة قسم علم الاجتماع، المرجع السابق، ص: 346، 345

[35] بورديو، (بيار): [2009]، الهيمنة الذكورية، ترجمة: سلمان قعفراني، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، ص: 110-126

[36] المرجع نفسه، ص: 96، 95

[37] بركات، (حليم): [2006]، الاغتراب في الثقافة العربية متاهات الإنسان بين الحلم والواقع، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، ص: 118

[38] المرجع نفسه، ص: 120، 119

[39] سعداوي، (زهرة): واقع التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمرأة في المجتمع الجزائري، دراسة سوسيولوجية إحصائية، جامعة حسيبة بن بو علي، الشلف متاح على الرابط: https://www.univ-chlef.dz/eds/wp-content/uploads/2016/06/article-10-N2.pdf ص: 21 تاريخ الإطلاع: 8/9/2019، 23: 28

[40] دودو نعيمة، تأثير عمل المرأة على معدلات الخصوبة دراسة ميدانية بجامعة فرحات عباس بسطيف، مذكرة ماجستير، تخصص ديموغرافيا، جامعة فرحات عباس –سطيف-، 2010/2011، ص: 38

* إن الأسرة الجزائرية وإن كانت تتجه في تطورها نحو الأسرة الزواجية إلا أنها مزالت تحتفظ بالكثير من مظاهر الأسرة الممتدة فأصبحت تجمع خصائص الأسرة الحضرية، ووظائف الأسرة الريفية، ويظهر ذلك في حرصها على العادات والتقاليد، ورقابة وضبط سلوك كل فرد والحفاظ على الشرف. ينظر: مالكي، (حنان): [2011]، الخصائص السوسيولوجية للأسرة الجزائرية –التقليدية والحديثة-، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة محمد خيضر، الجزائر، ص: 52

[41] دودو نعيمة، المرجع السابق، ص: 38

[42] الغزالي، (محمد)، وآخرون: [1991]، المرأة في الإسلام، ط1، دار أخبار اليوم، مصر، ص: 86

** الفضاء العام: ظهر مصطلح الفضاء العام في الفكر الغربي الحديث، مع يورجن هابرماس عندما نشر كتابه الذي يحمل عنوان the structural transformation of public sphere (التحولات البنيوية في الفضاء العام) وقد أراد من خلاله توضيح أن الجمهور المفكر نشأ من رحم الصالونات والنوادي والمقاهي المعنية بالآداب في أوروبا خلال القرن الثامن عشر، أين سمحت هذه الفضاءات للمواطنين بالانخراط في نقاشات عامة، وكان هذا الفضاء فضاءً غير رسمي للتواصل الاجتماعي يستقر بين المجتمع البرجوازي والدولة.ينظر: فينليسون، (جيمس جوردن): [2015]، يورجن هابرماس مقدمة قصيرة جدا، ط1، مؤسسة هنداوي، مصر، ص: 27، ويشير مصطلح الفضاء العام عالم من حياتنا الاجتماعية أين يمكن تشكيل آرائنا العامة، والوصول إلى الآراء التي يؤمن بها غالبية المواطنين. ينظر:

The Concept. By "the public sphere" we mean first of all a realm of our social life in which something approaching public opinion can be formed. Access is guaranteed to all citizens

Habermas, (Jürgen): [1974], The Public Sphere, An Encyclopedia Article (1964) New German Critique, No. 3. Autumn , p: 49

[43] درديش، (أحمد): [2017]، الحماية القانونية للمرأة ضحية العنف، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، قسم العلوم الإقتصادية والقانونية، الجزائر، ص: 168

[44] أيت حمودة (حكيمة): 2011، مظاهر وأسباب العنف في المجتمع الجزائري من منظور الهيئة الجامعية، ملتقى وطني حول دور التربية في الحد من ظاهرة العنف، ، جامعة الجزائر-2-، الجزائر، ص: 22

[45] شرابي، (هشام): [1993]، النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي، ط2، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، ص: 16

* إن الأوروبيين هم المسؤولون عن هذا، وسيظلون مسؤولين عنه لأنهم هم الذين ظلوا ومايزالون يقابلون بين حضارة البيض واللاحضارات الأخرى، لقد رأى الاستعمار أن عليه أن لا يُضيع وقته في إنكار حضارات الأمم الأفريقية فرادى، واحدة بعد أخرى، وإنما أنكرها كلها دفعة لذلك كان رد المستعمر عليه يشمل القارة بأسرها كذلك. ينظر: فانون، (فرانز): [2015]، معذبو الأرض، ط2، مدارات للأبحاث والنشر، مصر، ص: 172

[46] عثمان، (علي): [1976]، المرأة العربية عبر التاريخ، ط2، دار التضامن، ط2، لبنان، ص: 152

[47] تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام: 2005، نحو نهوض المرأة في الوطن العربي, UNDP، ص: 1، متاح على الرابط: https://www.un.org/ar/esa/ahdr/pdf/ahdr05/presskit-05a.pdf 7/9/2019، 11: 05

[48] أدونيس، شواف، (شانتال): [2005] الهويات غير المكتملة، ط1، بدايات للطباعة والنشر، سوريا، ص: 26

[49] المرجع نفسه، ص: 14

[50] المرجع نفسه، ص: 27

[51] دي بوفوار، (سيمون): [2008]، الجنس الآخر، ط1، الأهلية للنشر والتوزيع، الأردن، ص: 6

[52] حميداتو، (مصطفى محمد): [1997]، عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية، ط1، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، ص: 30

[53] المرجع نفسه، ص: 30

[54] بن نبي، (مالك): [1986]، شروط النهضة، ط1، ترجمة: عبد الصبور شاهين، دار الفكر، سوريا، ص: 19

[55] المرجع نفسه، ص: 116، 115

[56] المرجع نفسه، ص: 118

[57] أمين، (قاسم): [2012]، تحرير المرأة، ط1، مؤسسة هنداوي، مصر، ص: 33