النحو العربي وتاريخ نشأته


فئة :  مقالات

النحو العربي وتاريخ نشأته

النحو العربي وتاريخ نشأته

اللغة كما حكى عنها ابن جني هي ألفاظ يعبر بها قوم عن أغراضهم؛ فاللغة العربية كغيرها من اللغات تحميها قواعدها وقوانينها الوطيدة التي تلعب دور القلعة الحصينة، والتي اشتهرت في التاريخ بالنحو العربي. وهذه دراسة علمية صغيرة تدور حول النحو العربي وأهميته وتاريخ نشأته وأسباب وضعه وحول المدارس الموجودة فيه. وقد أكثر الباحثون في دراسة هذا المجال لما له من فضل جسيم عند أهل العلم. فالراغبون في لغة الضاد طبعا يميلون إلى مثل هذه الدراسات التي تسرد عن أصالة تاريخ لغتهم المرغوب فيها.

مفهوم النحو اصطلاحا

النحو في الاصطلاح، كما عرفه الجرجاني[1]: "هو علم بقوانين يعرف بها أحوال التراكيب العربية من الإعراب والبناء وغيرها"، وقيل إنه علم يبحث عن أحوال الكلام من الإعلال: وقيل أيضا إنه علم يقيد به فساد الكلام وصحته.

إن أقدم التعريف للنحو اصطلاحا هو ما قام به ابن السراج، حيث يقول: "إنما أريد به أن ينحو المتكلم إذا تعلم كلام العرب، وهو علم استخرجه المتقدمون فيه من استقراء كلام العرب. لكن هذا التعريف لم يحدد ماهية النحو بأهدافه ومصادره تماما. وقد عرفه الغلاييني بأنه علم بأصول تعرف بها أحوال الكلمات العربية من حيث الإعراب والبناء مما يعرض لها في حال التركيب. أما علي رضا، فرأى مثلما رأى الغلاييني حتى أضاف فيه "وعلاقتها بغيرها من الكلمات". والسيد أحمد الهاشمي عرفه بتعريف مشابه للتعريف الغلاييني.

وقد عرفه ابن جني تعريفا لا يزال يتداول فيما بين الباحثين والعالمين في النحو إلى الآن "هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرّفه من إعراب وغيره كالتثنية والجمع والتحقير والتكبير والإضافة والنسب والتركيب، وغير ذلك، ليلحق من ليس من أهل اللّغة العربية بأهلها في الفصاحة".

وهذه التعريفات كلها متقاربة المعاني ومتشابهة، ثم من بين هذه التعريفات كلها، كان تعريف الجرجاني أتم وأقرب، حيث قال إنه علم بقوانين، فعلم النحو يفصل القواعد والقوانين التي لابد منها لصحة الكلام وخلوه من الأخطاء والفساد.

وقد بان من بين هذه الأقوال إنه يجري حدود النحو في كلمات اللغة العربية مما يعرض لها في حال التركيب من إعرابها وأحوال أواخرها وكونها فاعلا ومفعولا وحالا وصاحب حال وما إليها من التغيرات حتى يسهل على المتكلم والسامع فهم اللغة العربية وحفظها من الخطأ وفساد الاستعمالات. وأما ما يتعلق بالكلمات العربية حالة الأفراد من تصريف وإبدال وإدغام وغيرها، فيسمى بعلم الصرف. ولكن العلماء النحويين القدماء كانوا يسمون عن أحوال الكلمات حالة الإفراد والتركيب باسم النحو. كذلك أشار إليه مصطفى الغلاييني بأنه عد العلماء كلاً بعلم النحو؛ وذلك لأنهم عرفوا أنه لا تدرك الكلمات المركبة إلا وقد نال من معناها حالة الإفراد، فعسر عليهم التفريق بين علم النحو وعلم الصرف فجعلوها واحدا.

أهمية علم النحو

إن علم النحو من أهم العلوم اللغوية وغيرها، ولا بد من هذا العلم لصون القرآن من أي خطأ وتحريف وحفظ الأحاديث النبوية من أي خلل وضرر، قال سبحانه وجل: "إنا أنزلناه قرآنا عربيا"[2]. ومنذ أن نزل القرآن بالعربية، فواجب على الجميع أن يجيد اللغة العربية ويحفظها من الخطأ وفساد الاستعمالات. وهنا تمس الحاجة إلى معرفة علم النحو الذي يفصل قواعد اللغة وقوانينها التي تسهل على الراغب في اللغة استعمالها من دون خطأ، وتتيح له سهولة الفهم في الإعجاز اللغوي من القرآن والأحاديث النبوية.

وقد قال مكي بن أبي طالب: "رأيت من أعظم ما يجب على طالب القرآن ومن أفضل ما لقارئ راغـب في القرآن تجويد ألفاظه وفهم معانيه ومعرفة قراءة لغاته ليكون سالما من اللحن والخلل فيه، مطلعا على المعاني التي قد تختلف باختلاف الحركات؛ إذ بمعرفة حقائق الإعراب يعرف أكثر المعاني وتظهر الفوائد ويفهم الخطاب ويصح معرفة حقيقة المراد"[3]. وفي هذا المعنى، يقول ثعلب: "تعلموا النحو، فإنه أعلى المراتب"[4].

ويقول إمام البلاغيين عبد القاهر الجرجاني عن أهمية النحو: "لا يجيد أحد جدا من أن يعترف بالحاجة إلى النحو، وأن من ينكرها ينكر حسه ويكون مخالطا في الحقائق نفسها ولذا لم ننكر مكان الحاجة إليه في معرفة كتاب الله"[5]. كذلك رأى السيوطي أن ما يجب على الطالب بدايةً هو تحقيق الألفاظ المفردة ثم يتكلم عليها بحسب التركيب، ولقد قال الأصمعي في أهمية علم النحو: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم ألا يعرف علم النحو؛ إذ يكون في قوم قال عنهم النبي (ص) من كذب على متعمّدا فليتبوأ مقعده من النار، وقال شعبة: المحدث الذي لا يعرف النحو فهو كالحمار وما أحسن شعرا يفصل أهمية النحو ببساطة:

ثم الكلام بلا نحو لمستمع * مثل الطعام بلا ملح لمن أكلا[6]

وقد سبق الزجاجي بإظهار فوائد النحو وهدفه حتى قال لا يتمكن لأمرئ معرفة القرآن والأحاديث إلا من خلال معرفة النحو وإدراك لغة العرب.

وأما ما يشير إلى عناية علم النحو من بين سائر العلوم الأخرى أن المدارس والجامعات والمعاهد يقومون قبل كل علم في المناهج الدراسية بعلم النحو. فيدرس علم النحو لكل طالب يطلب علم القرآن والأحاديث الشريفة قبل سائر العلوم، ثم من سائر ما يعتمد عليه من الكتب النحوية في تلك المدارس والمعاهد هو ألفية بن مالك والتحفة الوردية كلاهما يفصلان قواعد اللغة شعرا منتظما، ويوجد معها كتب أخرى معدة للطلاب في المرحلة الابتدائية والثانوية أيضا.

العربية قبل نشأة علم النحو

اللغة العربية كسائر اللغات الأخرى لها قدم كبير يصل إلى جيل قديم، ولم يكن عندهم قواعد اللغة وقوانينها مقيدة ولا مكتوبة في الكتب والألواح، بل علم النحو نشأ بعد سنوات منذ ظهور الإسلام، والحال أن العربية ملفوظة متداولة اللهج في جزيرة العرب[7]، فمست الحاجة إلى معرفة حالة العصر قبل نشأة النحو.

وقد ذكر أبوبکر الزبيدي عن هذه الحقيقة، حيث عبر "ولم تزل العرب تنطق على سجيتها في صدر إسلامها وماضي جاهليتها"[8]. ففهم من هذا أنه قبل تقنين قواعد النحو ومس الحاجة ودفع الدواعي إلى تدوين قوانينها، كانت العرب تنطق اللغة العربية على فطرتها، فيفهم الأطفال كيفية استعمال اللغة وإصابتها في اللفظ من آبائهم ومن حواليهم، حتى يتعلم ويميز بين الحسن والقبيح في اللغة، وسائر اللغات أيضا كذلك. يستعمل أهل تلك اللغات على سجيتهم وفطرتهم حتى آن الحال إلى أن استعملها غير الناطقين بها فتمس الحاجة إلى تدوين قواعد اللغة للحفظ من الخطأ وللصون من الفساد.

بواعث وضع علم النحو

قد سبق أن العرب كانوا يتكلمون العربية على فطرتهم وسجيتهم ولم يحتاجوا إلى قواعد تحفظهم عن الخطأ في التلفظ بالكلمات العربية، ثم بعدُ طرأت حوادث دعت الحاجة إلى تدوين قوانين اللغة. أما هذه الدواعي والبواعث غير واحدة. منها الباعث الديني والباعث القومي والباعث الاجتماعي والباعث السياسي حتى أثر أخيرا في نشأة علم النحو وجعله فنا ممتازا عن الفنون الأخرى.

*- الباعث الديني

ومن المعلوم أن اللغة العربية اشتهرت من بين اللغات الأخرى بأمور وصفَّ وراءها ملايين الناس من أرجاء العالم الاخرى. وهذه كلها تحققت بنشر الاسلام وعنايته باللغة العربية عناية تامة؛ لأن كلام الله القرآن أنزل على هذه اللغة. فلما توسعت دائرة الإسلام وأخذ العجم يبالي باللغة العربية فشاع اللحن على ألسن العوام، بعثهم الحرص على حفظ القرآن وسلامته من الخطأ إلى تدوين قواعد اللغة؛ لأن الله تعالى أعلن في محكم تنزيله: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"[9]. فوكل الدين هذه الوظيفة لذوي الاعتقاد الخالص.

لقد اهتم النبي وأصحابه باللحن في اللغة، وأمروا لمن حوله تجويدها وتصحيح من أخطأها. لقد روي عن النبي(ص) بأنه لحن عنده رجل، فقال لأصحابه: أرشدوا أخاكم فإنه قد ضل[10]. وهذا أدل دليل على أن اللحن قد شرع في عهد النبي (ص)، وأنه اعتبر اللحن اعتبارا عظيمًا حتى أمر بالتصحيح. وروي عن الخليفة الأول أبي بكر أنه قال: "لأن أقرأ فأسقط أحب إلى من أقرأ فألحن".

ثم في عهد الخليفة الثاني انتشر الإسلام وتكلم بالعربية الأعاجم، حتى قرئ عند الأعرابي ذات يوم "إن الله بريء من المشركين ورسوله[11]" بكسر اللام فسأله: "أوقد برئ الله من رسوله؟ إذن فأنا أيضا أبرأ من الرسول". فبلغ هذا الخبر الى عمر (ر) فنادى الأعرابي ثم صوّب له القراءة بضم لام الرسول وأمر الناس أن لا يقرأوا القرآن إلا بعد تجويد اللغة[12]. وقد قيل أيضا إن عمر (ر) ذات مرة مر بقوم أساؤوا الرماية، فقالوا له: "إنا قوم متعلمين" بالنصب فأصبح غضبان حتى أردف قائلا والله لخطؤكم في لسانكم أشد علي من خطئكم في رميكم. ففهم من هذا دور القرآن في صيرورته سببا وباعثا قويا في وضع قواعد اللغة وقوانينها؛ إذ كان المسلمون شديدي الحرص على سلامة القرآن من الخلل والخطأ.

أما اللحن، فكان في أوائل عصر الإسلام نادرا قليلا، لكن بعدما زار الإسلام أماكن متعددة وأخذ الأعاجم يتعربون، اتسعت دائرة اللحـن حتى قيل عن الحجاج الفصيح، حيث إنه سأل يحيى بن يعمر أن يجد اللحن في كلامه؟ فأجاب بأنه يلحن في حرف من القرآن؛ وذلك حين يتلو الآية: قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم [13]إلى قوله: "أحب" فيقرأه بالضم والصواب أن يتلى بالنصب خبرا لكان[14].

فالرواية التي سبقت آنفا تلقي الضوء على عميق الهوة المظلمة التي عثر فيها العرب. فهذا حجاج بن يوسف الذي طار صيته واشتهر فيمن حوله بفصاحة كلامه وجودة مقالته، يزل لسانه ويزلق كلامه. وهذه الرواية أيضا تشير إلى أن اللحن قد شاع عموما حتى قد حمل الحجاج أن يسأل اللحن في كلام نفسه إذ أصبح ضررا فاشيا.

*- الباعث القومي

كان العرب يفتخرون بهويتهم، حيث اختار الله العرب من بين سائر الأقوام حتى جعل الله الرسالة المقدسة في جزيرة العرب وأنزل كتابه الكريم بلغتهم العربية، وكانوا في إحاطة علما بأن العز كل العز، إنما هو بنزول القرآن بلغتهم وبلسانهم. فطبعا اتخذوا صيانة لسانهم وظيفة وكلها الله عليهم فصار واجبة مفروضة.

فلما اختلطت العرب والعجم بالفتوحات الإسلامية وجد اللحن في الكلام فاشيا منتشرا كما سبق ذكره فخاف العرب من ضياع عزهم واندراس لسانهم الذي جعلهم أفضل الأقوام وأكرمهم. وقد ذكر الدكتور عبد الفتاح عن هذه الحقيقة "بدوافع التعصب لتلك اللغة باعتبارها لغتهم القومية، هي العرب لصونها ودرء خطر اللحن عنها بوضع قوانينها وقواعدها[15]".

*- الباعث الاجتماعي

ومن الواضح أن للغة العربية عناية خاصة ومكانة عظمى عند الإسلام لِأن معظم العبادات فيه متعلقة باللغة العربية، فلما تمكنت الفتوحات الإسلامية وأخذ الأعاجم يأتون إلى الإسلام أفواجا، رأى المسلمون الناطقون بالعربية في جزيرة العرب أن الأعاجم إخوتهم في الدين، فلا بد من تعليمهم اللغة العربية، ولذا عزم أبو الأسود الدؤلي على تعليم الموالي اللغة وقواعدها بعدما رآهم إخوة في الدين. ومع ذلك كان العجم يفهمون أهمية اللغة العربية؛ لأنهم في مجتمع جديد، فاحتاجوا إلى سهول التجربة باللغة من القواعد والقوانين لكي يتعاشوا مع العرب، ثم كانوا في حاجة إليه لينالوا مناصب دينية وسياسية. لذا قال ابن شبرمة: "تعلم العربية فإنها تجريك على المنطق وتدنيك من السلطان[16]".

فهذه كلها دواعي وبواعث وراء وضع علم النحو، لكن بعض العلماء لم يعدوا الا الباعث الديني وتركوا البواقي مدعين أنها منطبق تحت الباعث الديني. أما الآخرون كانوا مع ما يعتبرون أبرز دور القرآن في نشأة النحو، أضافوا بواقي الدواعي أيضا. إذ دور القومية وإحساس الاجتماعية غير منسي.

أول من وضع علم النحو

توجد هنا اختلافات من بين العلماء في تحقيق أول واضع لعلم النحو، وهذا الاختلاف يجري بين النحاة قديما وحديثا، فنجد من آراء العلماء ما يسند كون الخليفة علي (ر) أول واضع للنحو وما يدعم أبا الأسود الدؤلي كأول واضع كذلك، وبعضهم يحملونه على نصر بن عاصم الليثي وعبد الرحمن ابن هرمز.

ونورد بعض الروايات المشيرة إلى أول مدون لعلم النحو: -

●ذكر السيرافي[17] أن العلماء في خلاف من هو أول واضع علم النحو، فقال بعضهم "أبو الأسود... وأكثر الناس على أبي الأسود الدؤلي".

● ونقل عن يحيى بن آدم أن أول من وضع العربية هو أبو الأسود الدؤلي.

●وطالما روى أكثر العلماء قصة أبي الأسود الدؤلي بأنه أتى زياد ابن أبيه، وهو والي البصرة فقال: إني أرى الناس يلحنون باللغة، أفتأذنني بوضع قانون يحقق حدود اللغة، فرفض زياد طلبه حتى أتى إليه أعرابي فقال: "أصلحك الله الأمير، قد توفي أبانا وترك بنونا"، فعرف عمق ما انحدر إليه قومه فنادى أبا الأسود الدؤلي، ثم أذن له لوضع القانون النحوي[18].

●وذكر الزبيدي أن أبا الأسود الدؤلي أخذ النحو من الخليفة علي بن أبي طالب (ر)[19].

●وذكر القطيفي أن عليا (ر) هو أول من وضع النحو، ثم ذكر قصةً حكايةً عن أبي الأسود الدؤلي أنه أتى عليا (ر)، وهو في عميق فکر ونظر فسأله عن سبب تفكيره فأجاب أنه يتفكر في الحال الهائلة التي وصل إليها قومه بلحنهم في اللغة، ثم ألقى عليه لوحة قد كانت فيها الدروس النحوية مكتوبة[20].

●وقد ذكر شرذمة قليلة بنسبة أول واضع إلى نصر بن عاصم الليثي، وعبد الرحمن هرمز الأعرج. وهذا مذكور في كتاب السيرافي[21].

وقد سبق اختلافات عديدة في نسبة الواضع الأول. واستنادا إلى آراء العلماء القدماء، قال الدكتور شوقي ضيفي: "فما ورد في الروايات من أن أبا الأسود الدؤلي هو أول واضع ليس بصحيح، بل إنه وضع النقط العربية فقط"[22]. ورأى الدكتور عفيف دمشقية أن الروايات التي تحكي بنسبة الواضع إلى أبي الأسود الدؤلي كان ذلك نظرا على ما نقط المصحف الذي صار أساسا لوضع النحو. أما أحمد عبد الغفور عطار فذهب إلى أن عليا (ر) هو الواضع الأول للنحو، ولكن أحمد أمين شكك في صحة الرواية التي تنسب إلى الخليفة، وقال إن الظروف الصاخبة في زمن الخليفة لا تسمح له وقتا واسعا للتفكر في وضع قواعد النحو.

فنتيجة الخلاف المذكور أن عليا (ر) هو الذي وضع الخطوط البدائية وأضاف إليه أبو الأسود الدؤلي إسهاماته المحمودة، ثم لكل مروي من النحاة لهم فضلهم وكرمهم في هذا الفن. ولا يسهل علينا تجريد واحد منهم في مكان الواضع الأول.

المدارس النحوية

كما في كل فن من الفنون العلمية، اختلف علماؤها في المسائل الأصلية والفرعية المختصة بذاك الفن كذلك سلك العلماء النحويون مختلف السبل في بعض من المسائل الفرعية في علم النحو. وهذه الطرائق المتنوعة كانت تنمى بأقاليم عربية معينة. وهذا الاختلاف في المسائل في بعض الأصول والفروع أدى إلى أن أنتج مدارس نحوية مثل مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة وغيرها من المدارس الأخرى.

وقد ألف الدكتور شوقي كتابا سماه بالمدارس النحوية. وهذا الكتاب يدرس المدارس الموجودة في فن النحو وخصائصها وميزة بعضها من البعض. فالمدرسة البصرية هي أول مدرسة وضعت أساس قواعد النحو حتى تلاها بعدُ مدرسة الكوفة يرأسها الإمام الكسائي ثم اشتهر في التاريخ مدرسة بغداد التي استنبطت الآراء من كلتا المدرستين البصرة والكوفة، ولم يتمكن علماء هذه المدرسة إلا الركون إلى إحدى المدرستين. كذلك نشأ في القرن الخامس من الهجرة مدرسة الأندلس ومدرسة مصر، إلا أنهما تفرعتا وأخذتا الأساس والقواعد من المدرستين الأوليين[23]، وجميع المدارس الموجودة فيما بعد كانت متفرعة، إما من مدرسة البصرة أو مدرسة الكوفة.

[1] فيروزا بادي، القاموس المحيط، مكتبة التربية، 1952م، 396\4ص

[2] سورة يوسف، الآية2

[3] أحمد جميل شامي، النحو العربي وقضاياه ومراحل تطوره، دار الحضارة ومؤسس عز الدين للنشر، 1997م، ص14

[4] مجالس ثعلب، تح عبد السلام هارون، القاهرةـ، دار المعارف، 1369ه، 1\310

[5] عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، مكتبة القاهرة، 1977، ص26

[6] عبد الله أحمد جاد الكريم، النحو العربي عماد اللغة والدين، القاهرة، مكتبة الآداب، 2002م، ص26

[7] أحمد حسن الزيات، تاريخ الأدب العربي

[8] طبقات النحويين واللغويين للزبيدي، ص13

[9] سورة الحجر، الآية 9

[10] أبو الطيب اللغوي، مراتب النحويين واللغويين، الطبعة الثانية، القاهرة، 1974م، ص24

[11] سورة التوبة، الآية 3

[12] ابن الأنباري، نزهة الألباء في طبقات الأدباء، ط2، نشر مكتبة الأندلس، 1970، ص18

[13] سورة التوبة، الآية 24

[14] طبقات النحويين واللغويين للزبيدي، ص22

[15] الدجني عبد الفتاح، أبو الأسود الدولى ونشأة النحو العربي، وكالة المطبوعات، 1974، ص56

[16] قطيبة، عيون الأخبار، وزارة الثقافة للقاهرة، 1963، ص55\1

[17] أخبار النحويين البصريين للسيرافي، 13

[18] نزهة الألباء في طبقات الأدباء لابن الأنباري، ص21

[19] طبقات النحويين واللغويين للزبيدي، 20ص، 21

[20] القطفي، أنباه الرواة على أنباه النحاة، مطبعة دار الكتب المصرية، 1950م، ص1\5

[21] أخبار النحويين البصريين للسيرافي، ص14

[22] شوقي ضيف المدارس النحوية، دار المعارف بالقاهرة، ط7، ص13\14

[23] المختار أحمد ديره، دراسة في النحو الكوفي.