بواكير الجدل الكلامي في عصر الصحابة والتابعين


فئة :  أبحاث محكمة

بواكير الجدل الكلامي في عصر الصحابة والتابعين

بواكير الجدل الكلامي في عصر الصحابة والتابعين([1])


 الملخّص:

يدخل هذا المبحث في إطار البحث عن الجذور الأولى للتفكير الكلاميّ. ويختصّ برصدها في عهد الصحابة والتابعين. على اعتبار أنّ تلك الجذور كامنة في ذلك العهد، خلافًا لما هو رائج عند الدارسين القدامى كالمقريزي وطاش كبري زادة، من كون الفترة الأولى من الإسلام لم تعرف بحثًا في العقيدة تبعًا لنهي الرّسول صحابته عن الخوض في مسائلها. فهنا يقرّر الباحث العكس، ويعتبر أنّ ثمار تلك البذور الأولى تجسّدت بداية من السنة الأربعين للهجرة في شكل جدل فرقيّ واضح.

لقد تجسّدت عناية الصحابة والتّابعين بالقضايا العقائديّة، في جدالاتهم المتكرّرة حولها، ومساءلتهم الثابتة للنبيّ فيها. وحظي مبحث القضاء والقدر، ورؤية اللّه، وصفاته بالنّصيب الأكبر من ذلك الاهتمام. وفي سياق استدلاله على هذه الحقيقة التاريخيّة يتحدّث الباحث عن مجالس كلاميّة كانت تجمع الصحابة، من أبرزها مجلس ابن عبّاس (ت68هـ). وقد جرت فيها الجدالات بعيدًا عن منطق التكفير. إنّ تلك الجدالات تعدّ في نظر الباحث التمهيد الحقيقيّ لظهور الفكر الكلاميّ المنظّم مع المعتزلة فيما بعد، ومن أوائلهم كان عمرو بن عبيد.

أمّا فيما يخصّ الغياب الواضح لآثار هذه المجادلات عدا ما ينقل عنها من شذرات متفرّقة في كتب التاريخ القديم، فإنّ سببه يعود في نظر الباحث إلى الضغط الذي مارسه عمر في زمنه منعًا لكلّ تفكير في هذه المواضيع خوفًا على العقيدة، وينضاف إلى ذلك عدم اهتمام المدوّنين بها، وربّما بسبب المنحى التنزيهيّ العامّ الذي تبنّاه الصحابة في رؤيتهم للعقائد. وقد يكون ذلك حسب المؤلّف لتأثّر هؤلاء الصحابة في أفكارهم العقديّة بالمنظومات العقائديّة السّائدة في القرن السابع الميلاديّ: اليهوديّة والمسيحيّة والمجوسيّة التي كان يروّجها عبد اللّه بن سلام، وأبيّ بن كعب بين كثيرين.

هذه البذور الأولى تبلورت فيما بعد بالتدرّج مع حلول زمن عثمان بن عفّان، والفتنة التي تلت قتله وأدّت إلى موقعتي الجمل (36هـ) وصفّين (37هـ). وعلى هذا النّحو يعيد الباحث مقولة واصل بن عطاء في مرتكب الكبيرة إلى رأي عليّ في القضاء والقدر.

إنّ التفرّق الإسلاميّ للأنساق العقديّة أو الكلاميّة الأساسيّة وما سيؤدّي إليه من نشوء للفرق المتخاصمة بداية بفرقة الخوارج بوصفها أوّل الفرق الإسلاميّة عند الباحث، كان في الواقع تطوّرًا تاريخيًّا لما كان يجري بصفة تلقائيّة في شكل استفسارات عن العقيدة بدرت من الصّحابة أنفسهم في محاولة تفهّمهم دينهم الجديد.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا


[1] هو عنوان المبحث الأوّل من الفصل الثاني من كتاب محمّد حسن بدر الدين، "التفكير الكلاميّ في بواكيره الأولى: عمرو بن عبيد أنموذجًا"، منشورات مؤسّسة "مؤمنون بلا حدود" للدراسات والأبحاث. ص ص 24-56