مؤشرات الإرهاب: تكمّيـــة أم تعمّيــة؟ مؤشرات الإرهاب البديلة - 3


فئة :  مقالات

مؤشرات الإرهاب: تكمّيـــة أم تعمّيــة؟ مؤشرات الإرهاب البديلة - 3

مؤشرات الإرهاب: تكمّيـــة أم تعمّيــة؟

مؤشرات الإرهاب البديلة - S([1])...3


أقصد بمؤشرات الإرهاب (البديلة -S )، "تلك المؤشرات الكمية الإحصائية التي تدل على الظاهرة مباشرة، أو غير مباشرة، واتجاهاتها الحالية، والمستقبلية، والتي قمت ببنائها بهدف الوصول إلى مؤشر شامل للإرهاب.

وأقصد باتجاهات ظاهرة الإرهاب (Trends In Terrorism) تلك التغييرات التي تطال متغيرات: "الأنواع، الأعداد، عنف الهجمات الإرهابية، أساليب العمل (Modus Operandi)، مواقف الجماعات الإرهابية، وغيرها من المتغيرات عبر الزمن"[2]، وتفيد عملية تعريف هذه الاتجاهات (Trends) والنظر إليها على أنها مؤشرات للنشاطات الإرهابية، في تزويد صناع القرار بالمعلومات، والخطط، والاستراتيجيات، ومساعدتهم، في الكثير من المجالات، ومن أهمها:

أ- ترشيد مصادر مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل تزايد خطر الإرهاب العالمي منذ العقد الماضي.

ب- القيام بعمليات وقائية ضد الإرهابيين، والجماعات الإرهابية والحيلولة دون تنفيذ عمليات إرهابية جديدة، وتحديدا بعد بروز اتجاهات خطيرة في الظاهرة منذ العقدين الماضيين تتمثل بالإرهاب الناشئ محليا ًفي أوروبا وأمريكا، وتحول تكتيكات وأساليب إرهاب الذئاب المنفردة من أحداث منفردة إلى ما يشبه الظاهرة العالمية.

ج- إلقاء الضوء على أماكن نجاح عمليات مكافحة الإرهاب أو إخفاقها.

وهنا يمكن استخدام المؤشرات كأدوات مهمة في استراتيجيات إدارة وتحليل المخاطر، سواء أكان على المستوى الخاص؛ أي لدى الأفراد والجماعات، والشركات الكبرى المتخطية للحدود القومية، أو على المستوى العام لدى الدول والحكومات وأجهزتها الأمنية والاستخبارية.

ولتوضيح المؤشرات "البديلة - S" قمت ولغايات المقارنة بين المؤشرات المستخدمة والبديلة كافة - S، ببناء الجدول (مرفق) الذي يبين ما يلي:

1- يبلغ العدد الإجمالي للمؤشرات الرئيسة المستخدمة في المنهجيات (التي سبق أن أشرت إليها في مقالتي السابقة) (26) مؤشراً، (9) منها تخص المنهجية (البديلة - S) فقط، بمعنى أن تلك المؤشرات غير موجودة إطلاقاً في المنهجيات الأخرى، وهي بالرقم المتسلسل من 18 ولغاية 26.

2- تربط المؤشرات (البديلة - S) ظاهرة الإرهاب، بظاهرة العولمة؛ إذ تستوعب اتجاهات الظاهرتين، من حيث بروز عدد من الاتجاهات الحديثة، وبخاصة بعد هجمات 11 أيلول/ 2001 الإرهابية نحو موضوعات التعاون الثنائيّ والمتعدد في مجال مكافحة الإرهاب، وتقاسم المعلومات الأمنية وتوقيع سلسلة طويلة من الاتفاقات الدولية التي تتناول موضوعات مكافحة الإرهاب، وضبط الحدود، وتتبع العمليات المالية والتمويل للشبكات الإرهابية عبر دول العالم، حيث أصبح من الصعب الفصل بين الظاهرتين[3]، وبخاصة في ظل تأكيد الكثير من خبراء الإرهاب ورجال الأمن والمخابرات، والساسة والمحللين السياسيين بأن "تقاسم المعلومات، وجمع المعلومات الاستخبارية عن الإرهابيين والجماعات الإرهابية يعدّان من أهم أدوات مكافحة الإرهاب"[4].

3- تسلط المؤشرات (البديلة - S) الضوء على معاني مفهوم العنف السياسيّ ومحتواه الذي يعدّ الإرهاب جزءاً منه[5]، باعتبار فهمنا له على أنه فعل يتضمن التأثير على الطرف الآخر المستهدف بفعل الإرهاب من جانبين مهمين، هما:

أ- بِنية النظام السياسيّ؛ وذلك من خلال:

- ظهور وتشكيل وتأسيس مؤسسات ومنظمات جديدة.

- تغيُر؛ أو إعادة تشكيل بِنية الخطاب السياسي والأمني للدول والمجتمعات. بمعنى كيف تنظر إلى نفسها الآن في ظل حقبة العولمة الحالية، ثم كيف تنظر إلى بقية العالم شعوباً وحكومات.

- ظهور أجهزة جديدة، مثل وكالة الأمن الوطنيّ الأمريكية التي ظهرت بعد هجمات 11 أيلول 2001م. ومجلس السياسات الوطني في الأردن على سبيل المثال.

ب - سلوك النظام السياسيّ المستهدف من خلال:

- سن وتطبيق تشريعات وقوانين، وأنظمة جديدة، مثل قوانين مكافحة الإرهاب، تمويل الإرهاب، فرض قوانين الطوارئ، التشديد في أمن الحدود والمطارات، وتقييد حركة السفر والهجرة واللجوء وعسكرة الفضاءات العامة من خلال انتشار رجال الأمن والشرطة والدرك وحتى الجيش بلباسه العسكري في الشوارع والساحات العامة (على سبيل المثال لا الحصر ما حصل في تركيا وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا خلال عام 2017م)، والتعليم والمناهج الدراسية، مراقبة وسائل الأعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

- تعيينات جديدة أو إحالات على التقاعد، أو تخفيض أو زيادة الموازنات والأموال والأعداد.

- زيادة موازنة الدفاع والأجهزة الأمنية والوزرات الأخرى المعينة. على سبيل المثال قامت بريطانيا نتيجة عملية مانشستر الإرهابية في شهر أيار 2017م بزيادة ميزانية الأمن وتجنيد المزيد من الكوادر الأمنية في المخابرات البريطاني (MI6).

- إقامة علاقات جديدة مع دول ومنظمات.

- توقيع اتفاقيات ثنائية ومتعددة.

- إعطاء أدوار للقطاع الخاص، وتحديدا شركات الأمن الخاصة.

إنّ الملاحظة الجديرة بالاهتمام هنا هي أنّ المنهجيات السابقة كافة– كما يبين الجدول أدناه[6]. قد أغفلت كلياً هذا الجانب في مؤشراتها.

مع الإشارة إلى أن هناك بعض الدراسات الأكاديمية، تناولت آثار العنف السياسيّ بشكل عامّ على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولكن بشكل منفصل كلّياً عن تلك المنهجيات.

وأذكر على سبيل المثال لا الحصر دراسات المنظر وعالم الاجتماع الأمريكي كريستوفر هويت الذي اشتغل على بحث العنف السياسي وأثر الإرهاب على بنية وسلوك الدول الأوروبية، خاصة بحثه المهم حول العنف السياسي والإرهاب في إيرلندا الشمالية، إيطاليا، إسبانيا، ألمانيا والأرغواي من أمريكا اللاتينية، وكانت أبحاثه حول إرهاب الذئاب المنفردة مهمة جدا في الدراسات الميدانية لبحث هذه الظاهرة الآن.

جدول أسماء منهجيات مؤشرات الإرهاب والمنهجية البديلة - S.

4- يبين الجدول كذلك أنّ هناك (8) مؤشرات فقط متشابهة بين المنهجيات أعلاه، وهي: التوزيع المكانيّ الجغرافيّ للحوادث، والتوزيع الزمانيّ، عدد الحوادث، عدد القتلى، عدد الجرحى، الأساليب، والأنواع، وعدد الجماعات الإرهابية، وتصف تلك المؤشرات حالة الإرهاب وبعض اتجاهاته الخاصة بأمن الدول، لكنها لا تربطه بظاهرة العولمة واتجاهاتها، على الرغم من وجود أهم مؤشرين لفهم تلك الظاهرة، ألا وهما: التوزيع المكانيّ الجغرافيّ للحوادث، والتوزيع الزمانيّ.

جدول رقم (5): أسماء منهجيات مؤشرات الإرهاب والمنهجية البديلة - S.


[1].Saud Alsharafat، حرف الأس باللغة الإنجليزية نسبة إلى الحرف الأول من اسم الباحث (سعود الشرفات)

[2]. Perl, Raphael, Trends In Terrorism: 2006, Congressional Research Service, The Library Of Congress, Crs Report Rl 33555, July 21, 2006, Pp. 1-2, Www.Fas.Org/Sgp/Crs/Terror/Rl33555. Pdf. 30/4/2007.

[3]. شوير، مايكل، "القومية الإمبريالية الأمريكية"، ترجمة سمية عبدربه، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2005، ص ص 125-174

[4]. تشرتوف، مايكل، "تقرير عن استهداف بريطانيا من جانب تنظيم القاعدة"، العرب اليوم الأردنية، 20/10/2006، ص 33

[5]. Hewitt, Christopher, “Consequence of political violence”, Dartmouth, 1993, p.1.

[6]. قمت بإعداد الجدول لغايات المقارنة بين المنهجيات من ناحية المؤشرات ا لمستخدمة لدراسة ظاهرة الإرهاب، ويعني الخط (-) أنّ هناك تشابهاً بوجود المؤشر، فيما تعني الدائرة السوداء الصغيرة (●) الاختلاف وعدم وجود المؤشر في تلك المنهجية.

ويوضح الجدول أ سماء المنهجيات المستخدمة كافة إضافة إلى المنهجية البديلة-S، والمؤشرات الرئيسة التي تستخدمها لقياس درجة التشابهه والاختلاف بينها.

- PGIS: اختصار لمؤشرات "مؤسسة بنكرتون لخدمة المخابرات العالمية": "Pinkerton Corporation’s Global Intelligence".

- Mipt-Rand: اختصار لمؤشرات مؤسسة راند والمعهد الوطني الأمريكي لمنع الإرهاب.

- Iterate: اختصار لمؤشرات الإرهاب الدولي كمساهم في الأحداث الإرهابية International Terrorism Attributes Of Terrorist Events

- State: اختصار لمؤشرات وزارة الخارجية الأمريكية.

- المؤشرات البديلة- S: المؤشرات التي قمت ببنائها لقياس مؤشرات الإرهاب لغايات هذه الدراسة.