مقابلة جون هيك وكريس سينكينسون: حقيقة واحدة أم عدة حقائق؟


فئة :  حوارات

مقابلة جون هيك وكريس سينكينسون: حقيقة واحدة أم عدة حقائق؟

مقابلة جون هيك وكريس سينكينسون([1]):

حقيقة واحدة أم عدة حقائق؟

في الذكرى الأولى لوفاة فيلسوف الدين الشهير جون هيك John Hick(1922-2012)، يقدم جَسْتِن بريرلي Justin Brierley واحدة من آخر مناقشاته المسجلة مع الباحث في العهد القديم واللاهوت الدفاعي، كريس سينكينسون Chris Sinkinson.

في فبراير 2011، دعوت البروفيسور جون هيك - وهو أستاذ فخري لعلم اللاهوت في جامعة برمنغهام -ليشارك في حوار إذاعي حول دراساته في التَّعَدُّدِيَّة الدينية. بعد ما قارب العام تقريبًا، توفي عن عمر يناهز التسعين عامًا.

في الوقت الذي تحدثنا فيه، لم تكن القدرات الفكرية التي جعلته يتبوأ مكانة "أعظم فيلسوف حي للدين العالمي" (والكلمات لكيث وارد Keith Ward) قد انزوت. خلال مسيرته المهنية، وضع هيك معيارًا للدراسات المعاصرة في التَّعَدُّدِيَّة الدينية، ونشر كتبًا أساسية، مثل: أكثر من طريقة "More Than One Way"؟ والله وعالم الأديان "God and the Universe of Faiths".

أبانت رحلته كيفية تَطَوُّرِ تفكيره حول هذا الموضوع. دخل هيك الخدمة في الكنيسة البروتستانتيَّة المشيخيَّة بوصفه مسيحيًا بروتستانتيًا، حتى غدا شابًّا. بدأ هذا الموقف يتغير خلال خمسينيات القرن العشرين، عندما ساءل عدة قضايا محورية في العقيدة الأرثوذكسية مثل ألوهية المسيح، مما أدى في النهاية إلى اتخاذ إجراءات الهرطقة ضده في الستينيات (ولكنها أُسْقِطَت بعد ذلك بفترة وجيزة). على وجه الخصوص، استجلبت نظرتُه اللاهوتية (التي كانت لا تزال في طور التبلور) الذاهبة إلى أن المسيحية ليست سوى واحدة من بين عدد من تعبيرات دينية أخرى متساوية جميعها في درجة الصحة عن الله انتقاداتِ الآخرين في الكنيسة.

عندما أصبحت الكنيسة المشيخية جزءًا من الكنيسة البروتستانتية المتحدة، وجد هيك مسكنه هناك لفترة طويلة، حتى آخر سنوات حياته عندما نقل عضويته إلى الكويكرز Quakers(جمعية الأصدقاء الدينية). لم يكن جون هيك خائفًا أبدًا من تغيير رأيه؛ وهي السمة التي ستُلاقي الاحترام حتى مِن أولئك الذين يرفضون لاهوته.

كريس سينكينسون، مدرس خاص في كلية مورلاندز Moorlands Bible Collegeللكتاب المقدس، كانت رسالته للدُكتوراه نقدًا مفصلًا لتَعَدُّدِيَّةِ هيك الدينية. وكما حدث مع هيك؛ تحول كريس في سن المراهقة المتأخرة إلى الإيمان البروتستانتي، لكنه لم يغره أبدًا الاتجاه التَّعَدُّدِيّ الذي سارت فيه رحلة هيك اللاهوتية.

انضموا إليَّ لإجراء حوار حول ما إذا كانت جميع الدروب تؤدي إلى الله.

جوستين بريرلي: جون، هل أنت مؤمن مختلف تمامًا اليوم عن الذي كنته في البداية؟

جون هيك: نعم، عندما جئت إلى جامعة برمنغهام، أصبحت واعيًا على نحوٍ مباشر بوجود أناس من أديان أخرى، لأن برمنغهام مدينة متعددة الأديان. بصفتي رئيس لجنة العلاقات المجتمعية في المدينة، كانت زيارة أماكن العبادة من مهام وظيفتي - لذلك كنت في المساجد والمعابد اليهودية ومعابد السيخ والمعابد الهندوسية، بالإضافة إلى الكنائس المسيحية.

المظاهر الخارجية مختلفة جدًّا، مثل طريقة تأثيث المبنى واللغة المستخدمة والطريقة التي فُكر عبرها في الله وأُشِيرَ إليه. لكن ما أثار دهشتي هو أن الشيء نفسه كان يحدث في كل هذه الأماكن كما في الكنائس المسيحية - أي تَجَمُّع البشر تحت تأثير بعض المعتقدات القديمة التي مكنتهم من فتح عقولهم وروحهم صوب الأعالي.

لقد قضيت أيضًا الكثير من الوقت في الهند مع الهندوس والسيخ، وفي سريلانكا مع بوذيي الثيرافادا، وفي اليابان مع بوذيي الزن. كانت نتيجة هذه التجربة: أصبح من الواضح لي بحق وجود العديد من الدروب إلى الله.

ج. بريرلي: كريس، كيف قادتك تجربتك، باعتبارك مسيحيًا للتفكير في الأديان الأخرى؟

كريس سينكينسون: كنت في غالب الوقت قد تعرضت لدراسة أديان العالم عندما كنت في الجامعة، خاصةً خلال الدكتوراه في بريستول، حيث يوجد مجتمع متناغم دينيًا على نحوٍ قويّ. كان السؤال حول ما إذا كانت جميع الدروب تؤدي إلى الله هو السؤال الذي واجهته بوصفي طالبًا جامعيًا وتلميذًا في الفلسفة والدين. عندما صادفت جون هيك كان الأمر مفيدًا للغاية، ليس بسبب الإجابات التي قَدَّمها - ما زلت لا أتفق مع جون - ولكن بسبب الأسئلة التي طرحها. طرح الأسئلة الصحيحة على الدوام، لكن خبرتي بالأديان الأخرى لم تدفعني إلى الاعتقاد بأنه يجب علينا تَبَنِّي وجهات نظر تَعَدُّدِيَّة.

ج. بريرلي: أليس من الغرور الادعاء بأن يسوع هو الطريق الوحيد إلى الله؟

كريس سينكينسون: في كثير من الأحيان يُزْعَم بأن النظرة المسيحية البروتستانتية أو الأرثوذكسية متعجرفة. في البدء، هناك غطرسة أخلاقية، وهذا خطأ. لا أعتقد أن يسوع كان سيشجّع على عدم الاحترام أو الرفض، ثم هنالك الغطرسة الفكرية. في هذا المستوى سيكون صحيحًا أنني أريد تأكيد ادعاءاتي بشكل يقيني، لكن الأمر كذلك بالنسبة إلى الأستاذ هيك. يقدم جون ادعاءً مُقْنِعًا للغاية بالتَّعَدُّدِيَّة الدينية، وعلى المستوى الفكري يمكن للمرء حتى وصفها بأنها مطالبة "متعجرفة"، لأنها تتعلق بمعتقدات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالَمِ عبر التاريخ.

ج. بريرلي: إذن جون، هل من الغطرسة أن تَدَّعي أنك ترى الصورة الأكبر، في حين أن كريس ليس كذلك؟

جون هيك: أعتقد أن مسألة الغطرسة هذه كلها ليست ضرورية. إذا قُلتَ: "اثنين زائد اثنين يساوي أربعة"، فإنك تقول إن أي شخص يقول إن هذا ليس هو الحال مخطئ. حقيقةً، القضية هي ما إذا كان يسوع هو "السبيل الوحيد"، استنادًا إلى الاقتباس من إنجيل يوحنا [14: 6]، بأنه "السبيل والحقيقة والحياة"، وأقول إنه ليس بصحيح، وإن يسوع لم يقله. هذا لا يعني أنه ليس في إنجيل يوحنا. أظهرت الدراسات البحثية الحديثة للعهد الجديد أن إنجيل يوحنا هو الأحدث من الأناجيل التي دُوِّنَت، وأنها كانت كلمات مسيحي لاحق نُسِبَت كذبًا للمسيح بعد حوالي 70 عامًا من وفاته.

كريس سينكينسون: يعلق سي. إس. لويس CS Lewis (1898 - 1963) قائلًا بوجوب حذرنا من سوق تصريحات تتلاءم مع ما انتهت إليه الدراسات البحثية. في النهاية، الدراسات البحثية هدف متغير وتتطور في تفسيرها للمادة. هناك الكثير من الأدلة التي تثبت إمكان الوثوق في الأناجيل، وأنها سجلات موثوقة للغاية في القرن الأول وفقًا لرواية شهود العيان. تشير الدراسات بوضوح إلى أن أقدم فروع العهد الجديد توجد في رسائل بولس، الذي يقتبس بنفسه عن التقاليد المبكرة. إن المواد المبكرة لديها أعلى دقة في دراسة عمل وشخصية المسيح وكل شيء عنه ومن هو [الكريستولوجي Christology: علم اللاهوت المتعلِّق بشخص المسيح وأعماله].

ج. بريرلي: كريس، تتبنى النزعة الحصرية تمامًا، هل هذا يعني أنك لا تعتقد أن أصحاب الديانات الأخرى سيُخَلَّصون؟

كريس سينكينسون: أودّ بالتأكيد التمسك بموقف ديني ذي نزوع حصري، لأنني أعتقد في وجوب احترام الديانات العالمية باعتبارها مستقلة ومختلفة عن العقيدة المسيحية، وأن الله لا يمنح الخلاص من خلالها. ومع ذلك، لا يستتبع ذلك أن الله لا يستطيع بطريقة ما إتاحة وسائل الخلاص بالوحي العام أو النعمة المباشرة في حياة أولئك الذين لم يسمعوا عن الله قط. لذا، سأكون متفائلًا للغاية بأنه من الواضح أن أولئك الذين لم يسمعوا عن المسيح قط - مثل، الأطفال الذين يموتون في طفولتهم، وأولئك الذين كانوا يُعتبرون أحيانًا قديسين في العهد القديم، والذين لم يعرفوا عن المسيح مباشرة، ولكنهم كانوا يعرفونه ضمنيًا - من الناجين. لذا، على الرغم من تَمَسُّكي بموقف ذي نزعة حصرية على المستوى الديني - أي، يأتي الخلاص حصريًا من خلال أفعال المسيح - الذي يمكن الوصول إليه عبر التأمُّل فيه بطريقة ما من خلال الوحي والنعمة المشتركة.

جون هيك: بالنسبة إلي يبدو من الغريب حقًّا تصديق مثل ذلك الأمر. إذا نظرت حول العالَم، يصح بالنسبة إلى غالبية البشر أن الدين الذي يعتنقونه يعتمد على مكان ولادتهم ومن قام بتربيتهم. لذلك، فإن أي شخص يولد لعائلة هندوسية في الهند من المرجح جدًّا أن يصبح هندوسيًا، أو في سياق إسلامي من المحتمل جدًّا أن يصبح مسلمًا، وهكذا دواليك. سيكون من الغريب حقًّا، أن يكون الخلاص متاحًا عبر دين واحد فقط، رغم كونه - بطريقة غامضة وخفية - قد تيسر بشكل أقل تميزًا لأتباع الديانات الأخرى.

ج. بريرلي: لا يتراءى لك أن هذه كيفية قد يتصرف بها إله عادل ومُحِبّ؟

جون هيك: يبدو هذا مستحيلًا، أو تبدو كفكرة حُمِلَت لمدى يتجاوز حدّها الأقصى من القبول. إليك هذا التناظُر. لنعتبر أن الله هو الشمس في مركز الكون، والأرض والكواكب الأخرى تدور حوله. الآن، وفقًا للنزعة الدينية الحصرية، يسقط دفء الشمس الواهب للحياة مباشرة على الأرض حصرًا، ولا يطال الآخرين. أو وفق تناظُر مالي، فإن ثروة النعمة الإلهية لا يستفيد منها إلا المسيحيون، وقد تتسرب - حين تفيض عن حاجة الأغنياء -لأتباع الديانات الأخرى. قد يكون هذا هو الحال - لكنه يبدو غريبًا للغاية.

كريس سينكينسون: أستطيع أن أفهم لماذا قد ترى موقفًا كهذا غريبًا. من عدة اتجاهات، يمكن أن تكون رسالة المسيح افتراءً ومن الممكن أن تثير الاستياء. لكن حقيقة هذه النقطة الظاهراتية - وأعني انتماء الأطفال لدين آبائهم أو ثقافتهم - ليس لها في حد ذاتها أي أثر منطقي على ما إذا كانت المسيحية أو النزعة الحصرية الدينية صحيحة أم لا. إنها ليست نقطة منطقية يمكن إثارتها، أم هي كذلك؟

جون هيك: حسنًا، إنها تضع عبء الإثبات على المسيحي مُعْتَنِق النزعة الحصرية دينيًا، وهذه مهمّة شاقة.

ج. بريرلي: جون، لقد استخدمت أيضًا تشبيه وجود "ضوء واحد والعديد من المصابيح" لوصف وجود الله في جميع الأديان.

جون هيك: قال الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي: "المصابيح كثيرة، ولكن الضوء واحد"، وهذه طريقة جيدة جدًّا للتعبير عن وجهة نظر التَّعَدُّدِيَّة. هناك ضوء واحد فقط، يضيء العديد من المصابيح، وتلك المصابيح هي الأديان. يؤكد العديد من المتدينين من كل دين وجود واقع مُطْلَق ومتعالٍ، يطلق عليه بلغتنا الإنجليزية "الله". الله "واقع مُطْلَق Ultimate Reality". ولكن هناك مفاهيم مختلفة تشَكَّلَت في التقاليد التي تستكشف هذا الواقع المُطْلَق. وقد تطورت هذه المفاهيم على أساس التجربة الدينية، بالإضافة إلى كل أنواع العوامل الثقافية. من ناحية، لدينا هذا "الواقع المُطْلَق" في ذاته، ومن ناحية أخرى، لدينا الإدراك الإنساني المختلف لها.

كريس سينكينسون: لكن يا جون، يمكن القول بوجود بعض الأديان الملحدة في الجوهر، مثل بوذية الزن. إنني قلق بشأن استخدام مصطلحك "الواقع المُطْلَق"، الذي على الرغم من أنه يُظهر اتساق طرحك، يظل تعريفًا شديد العمومية للموضوع النهائي لعبادتنا، حيث يصبح عديم المحتوى. وفي الماضي، كنت قد وصفت هذا الواقع المُطْلَق بأنه "يتجاوز الخير والشر، ويتجاوز الفردي واللا-فردي، ويتجاوز المحبة والكراهية".

جون هيك: صحيح أن الواقع المُطْلَق ليس في حد ذاته إلهًا محبًّا، ولكن يُعَبَّر عنه في العديد من أنماط الواقع التي تسبق الواقع النهائي المُحبة، مثل الدين المسيحي. لكنني أعتقد أنه يتعين علينا قبول أن الله بكليته وتمامه يتجاوز فهمنا، كما قال أعمق المفكرين المسيحيين وغيرهم من المفكرين في الماضي. لا يمكن حصره بأي تعريف بشري - الله في الحقيقة هو السر المطلق. إنه يتجاوز التعريف البشري. هذا يعني أنه لا يمكنك حتى القول بأن الله، في إطلاقيته، شخصٌ مُحبّ.

ج. بريرلي: كنه المسيحية هو تَجَسُّد الله في شخص يسوع المسيح، ولكن ألا تجعل رؤيتك الله مُطْلَقًا أكثر من كونه كيانًا لا-فرديًا؟

جون هيك: المسيحية هي واحدة من سُبل صحيحة تمامًا وقيمة للغاية للوصول إلى المطلق، إلى الله، لكنها ليست الوحيدة. كما أن مبدأ الإله المحب لا يُمَثِّل الطريقة الوحيدة لاجتذاب بعض الناس في العالَم. إنها لا تجذب البوذيين؛ إذ لا يشيرون إلى المطلق بوصفه شخصًا، ولكن باعتباره واقعًا مُطْلَقًا حميدًا يمكننا الاعتماد عليه والاطمئنان إليه. البوذية أقدم بكثير من المسيحية، وتساويها بالصلاحية والعمق.

كريس سينكينسون: القول بأنه ليس لدينا معرفة تستنفد اللهَ مُختلفٌ تمامًا عن القول بأن فهمنا لله من الممكن أن يكون أقرب للتناقض. لقد اتُّهِمت بأنك "لا-أدري مُجاوِز" - لأن الواقع المُطْلَق في حد ذاته يتجاوز اللغة، ويتجاوز الكلمات، لذلك يتعين علينا أن نكون لا-أدريين تجاه ماهية الواقع المُطْلَق.

ج. بريرلي: جون، هل تقول إن الأديان المختلفة مخطئة في تَصَوُّراتها عن الله، في حين يكون تعريفك لـ "الحقيقة المطلقة" صحيحًا؟

جون هيك: كلّها على حق.

ج. بريرلي: هل من الممكن أن يكونوا كلهم على حق؟

جون هيك: جميعهم أصحاب سُبل أصيلة للوصول إلى المطلق الذي يؤمنون به، والذي يمكنهم من الوصول إلى الحقيقة المطلقة خاصتهم، من هذا المنطلق كلّهم على حق.

ج. بريرلي: كريس، هل تعتقد أن تَعَدُّديَّة جون مفيدة من المنطلقات العملية لحوار الأديان؟

كريس سينكينسون: ليس هذا بتعليق شخصي على جون الذي قام بعمل رائع تجاه معاداة السامية في ستينيات القرن العشرين، دع عنك عمله في العلاقات بين الأديان. لكن ما أخشاه أن تكون حصيلة موقف التَّعَدُّدِيَّة الدينية هي أن الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها خلق مجتمع متسامح هي التَّوَصُّل إلى اتفاق على المستوى الفلسفي.

جون هيك: لا، هذه ليست الطريقة الوحيدة. لدينا مجتمع متسامح نسبيًا في هذا البلد الآن. ما يُدَلِّل عليه عمليًا، أنك إذا كنت تعيش بجوار مسلمين، فإنك تحترم معتقداتهم دون أن تستفسر عنها كثيرًا.

كريس سينكينسون: لكن يا جون، الأصدقاء المسلمون الذين أعرفهم مقتنعون تمامًا بصدق الإسلام - نخوض بعض الدردشات الحماسية، لكننا ما زلنا أصدقاء.

جون هيك: لا أشير ولو للحظة إلى أن المسلمين ليس لديهم معتقدات راسخة للغاية، بالتأكيد لديهم. لكنه يبدو من الواضح لي أنه إذا كنت تؤمن بأن كل هذه الديانات هي سُبل إلى لله، فهذا لا بد أن يخلق تسامحًا مُتَبَادَلًا.

كريس سينكينسون: إنه متسامح فقط على أساس أنك أعدت تأويل تلك الديانات ضمن إطارك الخاص. لا أتفق مع أصدقائي المسلمين، لكنني أريد أن أحترمهم بقدر ما أريد أن أكون خير شاهدٍ على ديني، وأعترف بكل تواضع أنني قد أكون مخطئًا في أشياء عديدة. لكن، كل هذا يأتي بالضرورة من حقيقة أننا مختلفون بالأصل. وظيفتك هي أن تثني على العيش إلى جانب بعضنا البعض عن طريق إعادة تأويل ما يقولونه أو يفعلونه ليتناسب وموقفك الفلسفي.

جون هيك: لا، ليس الأمرُ كذلك. آخذهم باعتبارهم اتجاهات فكرية وحدوية، لكلٍّ منها شرعيته التي تقود للخلاص، إلى خير الإنسان الأقصى. ولكن هناك العديد من الأصناف المختلفة للفرد مسيحي - أنت من البروتستانتيين وأنا من الكويكرز. الكويكرز لا يولون اهتمامًا خاصًا بالمعتقدات، بل بالحياة؛ بالنسبة إليهم، تظهر حقيقة إيمانهم في الطريقة التي يعيشون بها.

ج. بريرلي: قد يرى الملحد التَّنَوُّع الديني، باعتباره دليلًا على عدم وجود إله على الإطلاق. لماذا توصلت إلى استنتاج مفاده أنه لا يزال هنالك هذا "الواقع المُطْلَق" يا جون؟

جون هيك: في نهاية المطاف، إنها مسألة تجربة دينية. أمارس شكلًا من أشكال التأمّل كل يوم؛ أركز على تَنَفُّسي وأحيانًا ما تكون هناك تجربة أن أكون جزءًا من الكون - كون جيد وطيب تكون فيه حرّا ومتحرّرًا، أو في اللغة المسيحية "خُلِّصْت". لذلك، فإن الأمر يتأسس على التجربة.

كريس سينكينسون: أمارس أيضًا شكلًا من أشكال التأمُّل، لكني أتأمل في كلمة الله، وروحه، ووعده. أعتقد أن تجربتنا يمكن أن تكون مضللة للغاية. لكن إذا كان إيماننا متجذّرًا في الوحي، فعندئذ لا يجب أن تكون تجربتنا استجابة لما نفكر فيه أو نشعر به، أو كيف نستجيب لأرواحنا، ولكن لما قاله الله ونطق به.

  


[1]

https://www.reform-magazine.co.uk/2013/01/one-truth-or-many/