من أجل قـــــراءات منفتحة للنص القرآني: أركــــون نمــــوذجــــاً


فئة :  أبحاث محكمة

من أجل قـــــراءات منفتحة للنص القرآني: أركــــون نمــــوذجــــاً

من أجل قـــــراءات منفتحة للنص القرآني:

أركــــون نمــــوذجــــاً

 محسن بــــوخــــار

طالب باحث بسلك الدكتوراه

مقدمة

كان صاحب نقد العقل الإسلامي يعي منذ البداية أنه يقوم بأكبر ثورة منهجية من شأنها أن تحقق إصلاحا إبستيمولوجيا في مجال الدراسات الإسلامية؛ ذلك أن أركون ما فتئ يقوم بنقد مزدوج من أجل بلوغ تلك الغاية، حيث قام بنقد العقل الاستشراقي لحظة ولادة ما سماه الإسلاميات التطبيقية، والتي تمثل تجاوزا للإسلاميات الكلاسيكية، بينما مثل نقد العقل الأرثوذوكسي الوجه الثاني من معركته التحريرية للعقل الإسلامي؛ ذلك أن هذا العقل ظل متشرنقا داخل سياج دوغمائي لا يترك موضعا للمساءلة أو النقد الفلسفي. فإذا كان العقل الاستشراقي عقلا انتقائيا حيال الظاهرة الدينية، باعتبار أن المستشرقين نظروا إليها؛ أي الظاهرة الدينية، من زاوية ضيقة دون محاولة لفهمها في مختلف أبعادها وتجلياتها، خصوصا ما يقع منها خارج إطار ما يدعوه الجابري بـالعقل العالِم. لذلك عاب أركون على المقاربة الاستشراقية للظاهرة الدينية قصورها المنهجي وانسداد أفقها المعرفي بسبب ذهولها عن مواكبة مستجدات الثورة المعرفية والمنهجية التي حققها مجال علوم الإنسان والمجتمع؛ والتي أعادت النظر في فهمنا للشرط الإنساني.

لا يسعنا، إذن، فهم هذا المشروع الإبستيمي الذي طرحه أركون إلا في علاقته بنقيضه. فإذا كان أركون يرمي إلى تأسيس ميدان بديل للدراسات الإسلامية، يستدمج المهمل والمنسي ويحتفي بتاريخ الثقافة الهامشية، فلأن الإسلاميات الكلاسيكية كانت تعنى حصرا بالثقافة الرسمية، وبعبارة أخرى، يلحظ أركون كيف أن مساحة خصبة من التراث العربي الإسلامي، مما ينتمي إلى تلك الثقافة غير الرسمية من ذلك التراث يتعرض للإقصاء والإهمال، ويرمى به في طي النسيان، ويقع في صلب هذا المجال المنسي واللامفكر فيه والممتنع التفكير فيه قضية خلق القرآن التي كانت مسألة مألوفة في المقالة الاعتزالية.

تبلورت فكرة قراءة النص القرآني في وعي محمد أركون، انطلاقا من اهتمامه بالتفكير في الظاهرة الدينية (التوحيدية) في كليتها؛ أي دراستها بعقل مقارِن يرى ما بين ظواهرها من أشباه ونظائر، مطبقا في هذا السياق القراءة الأنثروبولوجية بوصفها القراءة التي تسمح بدراسة الظاهرة الدينية في أبعادها المختلفة، فهي تضيء لنا جانبا مهما مما كان في دائرة المقصي والمهمل من قبيل الثقافة الشفهية، والميثي والمجاز والخيال... كما أن الرجل المشدود إلى الفكر الغربي ومناهجه، لا يجد حرجا في إخضاع النص الديني للنقد التاريخي، سائرا على منوال اللاهوتيين والمفكرين الغربيين الذين وضعوا كتبهم وأسفارهم تحت مجهر النقد التاريخي. زد على ذلك، أن صاحب نقد العقل الإسلامي المأخوذ بغنى المناهج الحديثة، وبالدرس اللساني والسيميائي في قراءة النصوص، جرب تطبيق المنهج الألسني والسيميائي على النص القرآني قصد إضاءة بعض مستويات هذا النص. وفي إطار قراءته لفلاسفة ما بعد الحداثة، لم يجد أركون حرجا في تبنيه القراءة التفكيكية والحفرية بحثا عن أغوار وكنوز النص، إذ يؤكد أركون على ضرورة النظر إلى النص، باعتباره مجموعة متراكمة ومتلاحقة من العصور والحقبات الزمنية، مثل تراكم طبقات الأرض الجيولوجية، ولا يمكن أن نتوصل إلى فهم حقيقة عمق هذه الطبقات إلا باختراق الطبقات السطحية والوسطى رجوعا في الزمن إلى الوراء. والتفكيك، هنا، يمثل آلية مهمة لاختراق وتعرية Dévoiler طبقات النص التي حاولت أن تختفي من وراء النظريات المختلفة، والتشكيلات الإيديولوجية المتنوعة، من أجل نزع البداهة ورداء القداسة عن النص... فالنص، مع أركون، يغدو طبقة جيولوجية من نصوص تضرب بجذورها في أعماق تاريخ العقل البشري. يضيف أركون إلى هذه الترسانة من المناهج وآليات القراءة المقاربة الهيرمينوطيقية للنص، فهي وحدها قادرة على جعلنا ننفلت من دوغمائية القراءات التحريفية والسطحية للنص القرآني، مثلما تجنبنا إضافة إلى ذلك، السقوط في مأزق الثنائيات التي سيجت الفكر الإسلامي بمغاليق أصبح صعبا فتحها. فبفضل هذا القراءة الهيرمينوطيقية وآلياتها، أصبحنا أمام نص منفتح على الدوام إلى اللانهاية، محتضنا العديد من الاحتمالات.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا

قائمة المصادر والمراجع

الكتب

  • جورج الزيناتي، نقل المنهجيات الغربية والواقع العربي، الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومي، بيروت عدد 08، سنة 1980
  • عبد الله المالكي، بين أركون والجابري.. في نقد العقل العربي/ الإسلامي، قراءة تحليلية للأبعاد الفلسفية، 2010
  • عبد المجيد شرفي، الإسلام بين الرسالة والتاريخ، دار الطليعة، بيروت، ط2، 2008
  • علي حرب، الممنوع والممتنع، المركز الثقافي العربي، بيروت 1998
  • عبد الإله بلقزيز، نقد التراث، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى 2014
  • قراءات في مشروع محمد أركون الفكري، ندوة فكرية، منتدى المعارف.
  • مصطفى كيحل، الأنسنة والتأويل في فكر محمد أركون، أطروحة مقدمة لنيل درجة دوكتوراه العلوم في الفلسفة، 2011
  • محمد أركون، الفكر الإسلامي قراءة علمية، المركز الثقافي العربي، 1996
  • محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، مركز الإنماء القومي ـ والمركز الثقافي العربي، بيروت ـ الدار البيضاء الطبعة: الثانية 1996
  • محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي، دار الطليعة، بيروت الطبعة: الثانية 2005
  • محمد أركون، القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني، ترجمة وتعليق هاشم صالح، ط 2، بيروت: دار الطليعة، 2005.
  • محمد أركون، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد، 2010.
  • محمد أركون، قراءات في القرآن، دار الساقي، 2017.
  • نصر حامد أبوزيد، الخطاب والتأويل، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء المغرب / بيروت لبنان، ط1، 2000
  • نصر حامد أبو زيد، النص والسلطة والحقيقة: إرادة المعرفة وإرادة الهيمنة، ط 4، بيروت، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2000

القواميس باللغة الأجنبية

  • O. Ducrot, T. Todoro: Dictionnaire encyclopédique des sciences du langages, Paris, Seuil

[1] عبد الله المالكي، بين أركون والجابري.. في نقد العقل العربي/ الإسلامي، قراءة تحليلية للأبعاد الفلسفية، 2010، ص 17

[2] محمد أركون، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد، ص 236

[3] نفسه.

[4] نفسه.

[5] نفسه.

[6] أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، مركز الإنماء القومي ـ والمركز الثقافي العربي، بيروت ـ الدار البيضاء الطبعة، الثانية 1996، ص 67

[7] عبد الله المالكي، بين أركون والجابري.. في نقد العقل العربي/ الإسلامي، قراءة تحليلية للأبعاد الفلسفية، ص 19

[8] أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي، دار الطليعة، بيروت الطبعة، الثانية 2005ص 330.

[9] عبد الإله بلقزيز، نقد التراث، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى 2014، ص 367

[10] عبد الإله بلقزيز، نقد التراث، ص 376

[11] محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، ص 67

[12] نفسه، ص 310

[13] انظرعبد الإله بلقزيز، نقد التراث، ص 392

[14] محمد أركون، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد، ص 231.

[15] محمد أركون، قراءات في القرآن، دار الساقي، 2017، ص 109.

[16] قراءات في مشروع محمد أركون الفكري، ندوة فكرية، منتدى المعارف، ص 37

[17] مصطفى كيحل، الأنسنة والتأويل في فكر محمد أركون، أطروحة مقدمة لنيل درجة دوكتوراه العلوم في الفلسفة، 2011، ص 252

[18] محمد أركون، القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني، ترجمة وتعليق هاشم صالح، ط 2، بيروت: دار الطليعة، 2005، ص 21

[19] نفسه، ص، 22

[20] محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، ص، 290

[21] محمد أركون، الفكر الإسلامي قراءة علمية، ص 126

[22] محمد أركون، نفسه، ص، 257

[23] نفسه، ص، 257

[24] محمد أركون، الفكر الإسلامي قراءة علمية، ص، 129

[25] محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، ص 7

[26] محمد أركون، القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني، ص 6

[27] قراءات في مشروع محمد أركون الفكري، ندوة فكرية، منتدى المعارف، ص 96

[28] محمد أركون، الفكر الإسلامي قراءة علمية، ص، 11

[29] عبد الإله بلقزيز، نقد التراث، ص 227

[30] نصر حامد أبو زيد، النص والسلطة والحقيقة: إرادة المعرفة وإرادة الهيمنة، ط 4، بيروت، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2000، ص، 150

[31] نفسه، ص، 169

[32] مصطفى كيحل، الأنسنة والتأويل في فكر محمد أركون، أطروحة مقدمة لنيل درجة دوكتوراه العلوم في الفلسفة، ص 244

[33] مصطفى كيحل، الأنسنة والتأويل في فكر محمد أركون، أطروحة مقدمة لنيل درجة دوكتوراه العلوم في الفلسفة، ص 245

[34] نصر حامد أبو زيد، النص والسلطة والحقيقة، ص 79

[35] نصر حامد أبو زيد، النص والسلطة والحقيقة، ص 80

[36] محمد أركون، القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني، ص 5

[37] محمد أركون، القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني، ص 35

[38] محمد أركون، الفكر الإسلامي قراءة علمية، ص 32

[39] محمد أركون، الفكر الإسلامي قراءة علمية، ص، 231

[40] نصر حامد أبو زيد، الخطاب والتأويل، ص، 107

[41] محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، ص، 283

[42] محمد أركون، القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني، ص، 112

[43] محمد أركون، نفسه، ص، 114

[44] محمد أركون، نفسه، ص 115

[45] محمد أركون، نفسه، ص، 114

[46] O. Ducrot, T. Todoro: Dictionnaire encyclopédique des sciences du langages, Paris, Seuil, p.417

[47] محمد أركون، نفسه، ص، 37

[48] عبد المجيد شرفي، الإسلام بين الرسالة والتاريخ، دار الطليعة، بيروت، ط2، 2008، ص، 48

[49] محمد أركون، القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني، ص، 115

[50] محمد أركون، نفسه، ص 116

[51] محمد أركون، نفسه، ص 116

[52] محمد أركون، نفسه، ص 117

[53] محمد أركون، نفسه، ص 120

[54] محمد أركون، نفسه، ص، 120

[55] محمد أركون، نفسه، ص، 121

[56] محمد أركون، نفسه، ص، 121

[57] محمد أركون، نفسه، ص، 121 (التشديد من عنده)

[58] محمد أركون، نفسه، ص، 121

[59] محمد أركون، نفسه، ص، 122

[60] محمد أركون، نفسه، ص، 122

[61] محمد أركون، نفسه، ص، 122

[62] محمد أركون، نفسه، ص، 122

[63] محمد أركون، نفسه، ص، 123

[64] محمد أركون، نفسه، ص، 123

[65] محمد أركون، نفسه، ص، 123

[66] محمد أركون، نفسه، ص، 123

[67] محمد أركون، نفسه، ص، 123

[68] عبد الإله بلقزيز، نقد التراث، ص، 405

[69] مصطفى كيحل، الأنسنة والتأويل في فكر محمد أركون، أطروحة مقدمة لنيل درجة دوكتوراه العلوم في الفلسفة، ص 372

[70] جورج الزيناتي، نقل المنهجيات الغربية والواقع العربي، الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومي، بيروت عدد 08، سنة 1980، ص، 130

[71] عبد الإله بلقزيز نقد التراث، ص، 407

[72] قراءات في مشروع محمد أركون الفكري، ص، 150 (مداخلة الأستاذ عبد الحميد الجهاد)

[73] علي حرب، الممنوع والممتنع، المركز الثقافي العربي، بيروت 1998، ص، 119