مواقف الأحزاب القومية وأحزاب الإسلام السياسي بتونس؛ من مسألة المساواة في الإرث


فئة :  مقالات

مواقف الأحزاب القومية وأحزاب الإسلام السياسي بتونس؛  من مسألة المساواة في الإرث

مقدّمة

عرفت الساحة الفكرية والسياسية بتونس منذ سنة 2011 إلى اليوم، جدلا واسعا حول العديد من المسائل مثل الهوية، ومسألة العدالة والمساواة، وكذلك طبيعة الدولة. ومن بين القوى السياسية الموجودة بالساحة التونسية، نذكر أحزاب الإسلام السياسي مثل حركة النهضة، وحزب التحرير فرع تونس. وغيرها، ونجد أيضا العديد من الأحزاب القومية، الناصرية، والبعثية (بشقيها السوري والعراقي). وعلى الرغم من الصراعات التاريخية بين الأحزاب القومية من جهة، وأحزاب الإسلام السياسي من جهة أخرى، فإنّ الدعوة إلى المساواة في الإرث بتونس، بينت التقاطع الكبير فيما يخصّ رفض هذه المسألة بين طيف واسع من القوميين وكل أحزاب الإسلام السياسي باسم الثوابت، وبرز ذلك بوضوح إثر صدور مجلة الحريات الفردية في يونيو 2018. وكان للقوميين أيضا تأثير على الاتحاد العام التونسي للشغل، أبرز منظمات المجتمع المدني بتونس، الذي لم يساند بصفة واضحة هذه المسألة، باستثناء بعض القيادات المحسوبة على اليسار التونسي. إنّ هذه الظاهرة، ولئن ارتبطت بموضوع عارض، فإنّها تبيّن حجم العوائق المتّصلة بالذهنيّات التي يمكن أن تصادف كلّ عمليّة تأسيس ديمقراطيّ في البلدان العربيّة والإسلاميّة، على قاعدة مفهوم المواطنة، والسياسة المدنيّة. فالمهمّ من هذه الناحية هو هذا الاتفاق الغريب الواعي وغير الواعي بين حساسيّات سياسيّة متعارضة في علاقتها بأدلجة الإسلام وتسييسه، على اتخاذ مواقف تعارض في الجوهر ما يقوم عليه مفهوم المواطنة ومدنيّة السلطة.

فكرة دولة المواطنة، لا تزال غائمة لدى قسم واسع من القوميين، لأن من أسس هذه الدولة المساواة التامة بين الأفراد بصرف النظر عن أيّ انتماء عرقي أو دينيّ أو لغويّ أو جنسي

في هذا السياق، سنتناول بالدراسة هذه المسألة بمقاربة تاريخ الزمن الرّاهن (Histoire du temps présent)، باعتبارها جزءا من هذا التاريخ. فهذا الاختصاص أصبح حاليا من الاختصاصات المهمّة في مجال البحث التّاريخي التي بإمكانها المساهمة في قراءة ما يجري في تونس والخارج[1]. ولقد اعتمدنا في هذا العمل على المصادر الصحفية والإلكترونية، لنركّز اهتمامنا على الموضوعين التاليين:

مواقف القوميين بتونس من مسألة المساواة في الإرث.

مواقف أحزاب الإسلام السياسي من مسألة المساواة.

أولا: القوميون: اشتراكيون لكنهم يرفضون المساواة في الإرث

1) مواقف الأحزاب والجمعيات القومية

إن رفض مسألة المساواة في الميراث في تونس لم يقتصر على أحزاب الإسلام السياسي، بل شمل طيفا واسعا من الأحزاب والجمعيات القومية، التي رفضت بشدة مجلة الحريات الفردية الصادرة في تونس سنة 2018، وخاصة مسألة المساواة في الإرث. وبرز رفض القوميين لمسألة المساواة في الإرث من خلال بيانهم الصادر يوم 16 غشت 2017، ومما ورد فيه نذكر:

"نرفض مقترح رئيس الجمهورية حول الإرث ومسألة زواج التونسية بغير المسلم. ومما ذكروه في سياق تبريرهم لرفض هذه المسألة، أنه لا اجتهاد في نص صريح وآيات محكمات"[2]. ومن الأحزاب التي وقعت على هذا البيان، حركة الوحدويين الأحرار بتونس، وحركة المرابطين بتونس، وحركة التكتل الشعبي من أجل تونس، وحزب الغد وغيرها من الأحزاب الصغيرة. أما بالنسبة إلى الجمعيات الدائرة في فلكها فنذكر بالخصوص جمعية الوحدويين الناصريين، وجمعية الوفاء للمقاومين ومركز أسس للدراسات الإستراتيجية[3]. ومن بين الأحزاب القومية الأخرى، نذكر حركة الشّعب والتيار الشعبي؛ فبالنسبة إلى الأولى، فإنها رفضت هذه المسألة من خلال رفضها المشاركة في مسيرة 13 غشت 2018، الداعمة للجنة الحريات الفردية والرافضة لدعاوى القتل والتكفير، التي نادت بها أحزاب الإسلام السياسي ضد لجنة الحريات الفردية ... وبرز رفضها أيضا من خلال المواقف المرتبكة لأمينها العام السيد زهير المغزاوي من خلال الحوار الذي أجراه مع قناة الحوار التونسي يوم 9 أبريل 2019. ومما قاله في هذا السياق: "لسنا ضد المساواة، لكن يجب أن لا يتناقض القانون مع الدستور الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة"[4]، ومما ذكره أيضا: "هذه المبادرة يصبح لها معنى عندما تتجسد في مشروع قانون، من الأفضل الاطلاع على فصوله عند عرضه لنتأكد على مدى تطابقه مع الدستور والشريعة"[5]. ومن المعارضين أيضا لهذه المسألة، السيدة النائبة القومية امباركة البراهمي التابعة لحزب التيار الشعبي، أحد مكونات الجبهة الشعبية بتونس. ومما ذكره كمال الفنطاس، أحد أعضاء تنسيقية الدفاع عن القرآن، أن امباركة بينت له؛ لو كانت كتلة الجبهة بها 150 نائبا وصوتوا معه أنا سأصوت ضده. وهذا من منطلق ديني لا سياسي".[6]

إن الدارس لهذه المواقف بإمكانه أن يستنتج ما يلي:

تماهي أو لنقل توافق لافت للانتباه بين أحزاب الإسلام السياسي بمختلف مكوناتها والتيارات القومية بتونس في رفضها لمسألة المساواة بين الرجل والمرأة، حيث كان ذلك باسم "الثوابت والآيات المحكمات"، وهي نفس أسباب رفض أحزاب الإسلام السياسي.

ومن المعطيات الأخرى اللافتة للانتباه، أن مختلف هذه التيارات في برامجها تدعو إلى تطبيق الاشتراكية، والعدالة الاجتماعية، فهل يعقل أن نطالب بالمساواة على مستوى المجتمع ونرفضها في العائلة؟

إن الملاحظة الثالثة المهمة، أن قسما واسعا من الأطياف القومية ذات توجهات ناصرية، وذلك بالرغم من كون الزعيم جمال عبد الناصر، كان له مشروع لإصلاح الأحوال الشخصية لكن جامع الأزهر رفضه. وهذا ما صرح به أثناء زيارته لتونس سنة 1965، فقال له الحبيب بورقيبة: "كان ذلك ممكنا سنة 1954، فأنا لو تأخرت بعض الأشهر لفشلت في ذلك"[7].

ولقد ذهب البعض من القوميين إلى أكثر من ذلك، مثل النائب عن حركة الشعب بالبرلمان السيد سالم لبيض الذي رفض بشدة تقرير لجنة الحريات الفردية ومسألة المساواة في الإرث. واتهم السيد عبد المجيد الشرفي أحد أهم العناصر الفاعلة في لجنة الحريات الفردية بالترويج للفكر الاستشراقي، الذي ينزع صفة المقدس عن القرآن.[8] ومما ذكره حرفيا "إذ تكفي العودة إلى كتب عبد المجيد الشرفي، وهو منظر اللجنة ومهندسها الفكري، وسلطتها العلمية، ففي كتابه "الإسلام بين الرسالة والتاريخ" نقف على معاناة الرجل الفكرية، وبذله جهودا مضنية من أجل ترسيخ فكرة استشراقية لدى القارئ العربي المعاصر، تنزع المقدس عن القرآن، وهي فكرة كانت محل نقد مفكرين عرب راسخين في الثوابت"[9]. وهذا الكلام من الخطورة بمكان، لأنه تكفير ضمني للمفكر عبد المجيد الشرفي لا يختلف عما أعلنه حزب التحرير بتونس، وكذلك حزب تونس الزيتونة إلا من حيث الأسلوب.

وعلى ما يبدو، فإنّ هذه المواقف تفسر بما يلي:

- إنّ فكرة دولة المواطنة، لا تزال غائمة لدى قسم واسع من القوميين، لأن من أسس هذه الدولة المساواة التامة بين الأفراد بصرف النظر عن أيّ انتماء عرقي أو دينيّ أو لغويّ أو جنسيّ، هي مساواة بين المسلم وغير المسلم، وبين المرأة والرجل. أما التشبث بالشريعة، فهو يعني تكريس أساس هووي للانتماء الوطني يتنافى في الجوهر مع معنى المواطنة، والديمقراطيّة، ويؤدّي إلى الطائفية، والحروب الأهلية. ولعل التجربة السودانية أبرز مثال على ذلك، مع العلم أن قسما كبيرا من الأحزاب القومية بتونس كانت سابقا ترفض فكرة الوطنية القطرية. وكل ما يرمز إليها مثل الرايات والأعلام، ولكنها بعد سنة 2011 طورت موقفها من هذه المسألة.

- من المعلوم تاريخيا، أنّ أغلب منظري الفكر القومي، مثل خالد محمد خالد، وعباس محمود العقاد وإسماعيل مظهر، وعصمت سيف الدولة، ربطوا الدولة بالإسلام حين أكدوا أن الإسلام دين ودولة. ولقد أكد ذلك خالد محمد خالد في كتابه "الدولة في الإسلام" الصادر سنة 1982[10]. والحركات العروبية عموما، تسعى إلى تكوين الجماهيرية باستغلال شعار الدين إيديولوجيّا من خلال تركيزها على القول إنّ "الإسلام دين ودولة"، وهي تتقاطع في هذا المجال مع تيارات الإسلام السياسي مع بعض الاختلافات على مستوى التوظيف. وفي هذا السياق، من الضرورة بمكان الإشارة إلى أنّ كل التجارب القومية في الحكم، ظلت محافظة جدّا فيما يخص نظرتها للمسألة الديمقراطية، حيث لم تطرح في عهد حكم عبد الناصر وصدام حسين، ومعمّر القذافي مسألة الفصل بين الدين والدولة، بالرغم من كونها رفعت راية القومية والاشتراكية. وبالرغم من رفض طيف واسع من القوميين لمسألة المساواة بين الجنسين، فهناك بعض الشخصيات القومية بتونس التي كانت لها مواقف نيرة من مسألة المساواة في الإرث. ومن بينها السيد مبروك كرشيد، ومما قاله في هذا السياق: "إن القرآن الكريم شرع المساواة بين الرجل والمرأة، من يكره إعطاء المرأة حقوقها الثوابت كاملة مع إخوتها الذكور فهو على سنة الجاهلية. ومن أراد إعطاءها حقها كاملا، فهو على سنة الرسول الأكرم وأنا على سنته تلك وعلى سنته في تحرير العبيد وإن لم يجهر بها .."[11].

2) الاتحاد العام التونسي للشغل: يرفض المساواة التامة في الإرث تحت تأثير القوميين والعاشوريين

على الرغم من كون مسألة المساواة التامة في الإرث بين الرجل والمرأة تعتبر جزءا من المسألة الاجتماعية وشكلا من أشكال التمييز التي يناضل ضدّها كل النقابيين في العالم؛ فإن الاتحاد العام التونسي للشغل بتونس أكثر منظمات المجتمع المدني جماهيرية، فأجأ كل الملاحظين من خلال رفض العديد من قياداته لمسألة المساواة في الإرث، وخاصة أعضاؤه المحسوبين على التيار القومي مثل بوعلي المباركي وسمير الشفي وكذلك الأمين العام السيد نورالدين الطبوبي أبرز العناصر المحسوبة على التيار العاشوري[12]، حيث أعلن هذا القسم رفضه لتقرير الحريات الفردية والمساواة في الإرث، لكن ذلك لا ينفي وجود قسم تقدمي محسوب على اليسار التونسي بقيادة سامي الطاهري الذي ساند مسألة المساواة. ولقد برزت هذه المواقف المناهضة للمساواة التامة من خلال ما يلي:

- تصريحات السيد نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل المتعددة والرافضة لمسألة المساواة، ومن بين ما ذكره، قوله: "المرأة لا أحنا نعطيها حقها ولا غيرها فمجلة الأحوال الشخصية ضمنت لها حقها بامتياز، والتقرير حمل العديد من التجاذبات، ولا بد أن نتمعن فيه جيدا ونعطي موقفنا".[13]

إن ما أعلنه السيد نور الدين الطبوبي موقف شديد الارتباك ومتناقض، فمن جهة يقول إن مجلة الأحوال الشخصية ضمنت لها كل حقوقها، ولا يمكن أن نضيف لها شيئا. وبالتالي، فإن مسألة دعم الحريات الفردية وخاصة المساواة التامة بين المرأة والرجل غير مقبولة. ولقد تأكد موقفه الرافض لمسألة المساواة من خلال رفضه أيضا مقابلة أعضاء لجنة الحريات الفردية، مما جعل رئيستها السيدة بشرى بالحاج حميدة تردّ عليه بقولها: "إن الطبوبي أصبح يمارس السياسة وموقفه هو نفس موقف راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بتونس"[14] مع العلم أيضا أنه انتقد اللجنة واعتبرها غير متوازنة في تركيبتها[15]، وهو نفس الموقف لبعض قيادات حركة النهضة والعديد من الرافضين للجنة الحريات الفردية. وفي الواقع، فإن الموقف الذي أعلنه السيد نور الدين الطبوبي يمثل موقف الشق المحافظ داخل قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يتكون من العناصر المحسوبة على العاشوريين داخل الاتحاد العام التونسي للشغل، ومن بينهم السيد نور الدين الطبوبي وكذلك العناصر ذات التوجهات القومية، مثل السيد بوعلي المباركي وسمير الشفي. فهذه العناصر رافضة للمساواة من منطلقات دينية محافظة، وهي تتقاطع في هذا المجال مع مواقف الأحزاب القومية وأحزاب الإسلام السياسي. ومن المبررات التي تذكرها لرفض مساندة مسألة المساواة، قوله: "مش وقتو" (ليس الظرف مناسبا لهذا التقرير).

إن هذا القسم الرافض لمسألة المساواة التامة بين الرجل والمرأة هو الذي جعل المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل لا يصدر بيانا واضحا إلى اليوم حول المسألة، لكن القراءة الموضوعية لمواقف هذه المنظمة تفرض علينا أيضا، شرح الإشارة إلى وجود قسم تقدمي داخل هذه المنظمة، والذي ساند بقوة مسألة المساواة في الإرث، وناهض حملات التكفير ضد لجنة الحريات الفردية. ومن أبرز مكوّناته عضو المكتب التنفيذي الأستاذ سامي الطاهري الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم الإعلام، حيث قال أثناء الندوة التكوينية لفائدة المرأة العاملة المنعقدة يومي 13 و14 غشت 2018 "لا يوجد جدول زمني للحرية للمطالبة بها، لا مجال للحد من المطالبة بالحرية تحت أي طائل لأن حجة التوقيت الزمني وشعار "ماهوش وقتو" تمثل مدخلا حقيقيا لتكميم الأفواه"[16].. وممّا قاله في هذا السياق أيضا: "إن الاتّحاد يساند كل من يطالب بالحريّة".[17]

إن ما أعلنه الأستاذ سامي الطاهري هو أبرز موقف رسمي لمسؤول نقابي حول مسألة المساواة في الإرث.

أماّ الموقف الثاني المساند لمسألة المساواة في الإرث، والذي أدان حملات التكفير ضدّ أعضاء لجنة الحريات الفرديّة؛ فقد أعلنه رئيس جريدة الشعب (الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل) السيد يوسف الوسلاتي، حيث كان أكثر وضوحا في دعمه للجنة الحريات الفردية ومسألة المساواة في الإرث. وممّا قاله: "حملات جماعة الخادمي (المقصود بذلك وزير الشؤون الدينية زمن حكم النهضة وحلفائها) الأئمة الخارجين عن الدولة لخصوا موقفهم في ما قاله الخادمي بأن مشروع الحريات لن يمرّ إلا على جثثهم في إشارة واضحة إلى الطابع العنيف لهذه المجموعات واستعدادها للسحل وسفك الدماء"[18]. ولقد انتقد بصفة علنية كل الذين قاموا بتكفير السيدة بشرى بالحاج حميدة ومن معها من لجنة الحريات الفردية. وأضاف بكل وضوح وقوف الاتحاد مع المساواة وضد التكفير. ومما قاله: "إن المنظمة كانت باستمرار مناصرة للفكر التقدمي وتطالب بالحريات العامة والفردية وتطالب بحق المرأة في المساواة مع أخيها الرجل، فهذه الحقوق هي جزء لا يتجزأ وأساسها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي يتغافل عليها الآخرون".[19]

إن مواقف هذه المجموعة واضح، ويعكس التناقضات الموجودة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل بتونس من يساريين قوميين وعاشوريين. وهذا القسم تعرض إلى نقد شديد من قبل بقية أعضاء المكتب التنفيذي الرافضة للمساواة. وبالخصوص السيد نوالردين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل. والدليل على ذلك عدم إصدار المكتب التنفيذي بيانا حول المسألة.

ثانيا: مواقف أحزاب الإسلام السياسي بتونس من مسألة المساواة في الإرث

1) حزب تونس الزيتونة يكفر الباجي قايد السبسي، ويدعو إلى رجم أعضاء لجنة الحريات الفردية

إن هذا الحزب الذي يعتبر نفسه امتدادا للتيار الزيتوني بتونس، كان أكثر أحزاب الإسلام السياسي شراسة في رفض دعوة السيد الباجي قايد السبسي للمساواة بين الجنسين يوم 13 غشت 2017. مع العلم أن هذه الدعوة اعتبرها مفتي البلاد التونسية لا تتناقض مع الإسلام[20]. ومما، قاله في هذا السياق: "إن المساواة في الميراث وزواج المسلمة بغير المسلم من الأمور التي تدخل في باب التجديد بما يتّفق مع مصلحة الناس ومقاصد الشريعة".[21]

إن مواقف حزب تونس الزيتونة وبالخصوص رئيسه عادل العلمي تجاه مبادرة السيد الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية الثانية، كانت عنيفة، وكذلك كانت تجاه مفتي البلاد التونسية. فقد ذهبت إلى حد تكفيرهما، وبالتالي استباحة دمهما. وكان لهذا الحزب نفس الموقف تجاه لجنة الحريات الفردية التي تم تكوينها يوم 13 غشت 2017. ويمكن تلخيص هذه المواقف من خلال ما يلي:

- رفض فكرة المساواة واعتبارها تمس بآيات قرآنية قطعية الدلالة.

- تكفير رئيس الجمهورية بتونس، وكذلك مفتي البلاد التونسية. ومما قاله رئيس هذا الحزب المتطرف عادل العلمي: "سبسيكم ومفتيكم إذا ماتا ولم يتوبا فلا يغسلا ولا يصلى عليهما في مقابر المسلمين"[22].

إن هذا الموقف التكفيري من قبل رئيس هذا الحزب يعتبر امتدادا لمواقفه السابقة، الرافضة لكل القوانين الوضعية وكل مكتسبات الدولة الحديثة، مثل مجلة الأحوال الشخصية الصادرة بتونس سنة 1956. ومما قاله في هذا السياق: "سأتزوج ثلاث نساء أخريات وهذا شرع الله ولا يلومني عليه أحد"[23]

إن هذا الحزب يعتبر حاليا من أكثر أحزاب الإسلام السياسي معاداة للحريات الفردية؛ ومن بينها حرية الضمير المضمونة دستوريا بتونس، حيث يشن سنويا بمناسبة شهر رمضان، حملات ضد المفطرين تحت شعار "فضح المفطرين"[24]. ومما قاله أحد القياديين في هذا الحزب محمد علي بوعزيز لهافغنتن بوست: "إن الحزب أطلق الحملة عبر مكاتبه في محافظات البلاد للتصدي للمجاهرة بالإفطار"[25].

إن هذا الحزب وفي إطار معاندته للحرية الفردية، لم يكتف بنقد لجنة الحريات الفردية التي تم تشكيلها بتونس سنة 2017، بل ذهب إلى أكثر من ذلك من خلال تكفير أعضائها وبالخصوص رئيستها بشرى بالحاج حميدة، وطالب بقتلهم رجما. ومما قاله أحد المنتمين إليه: "يجب على الدولة النائمة بمؤسساتها أن تأتي بأعضاء "بشرى بالحاج حميدة"، في مكان عام وتقوم برجمهم حتى الموت وتطهر البلاد من نجسهم"[26]. وهذا الموقف يعتبر من أخطر المواقف تشددا، حيث دعا بصفة رسمية إلى رجم أعضاء هذه اللجنة.

إن هذا الموقف المنادي برجم أعضاء اللجنة يعني تكفيرهم، لأنه من المعروف لدى المتشددين، أن الرجم حتى الموت يشمل المرتدين والكفرة وعدم الملتزمين بأحكام الشريعة، وهي دعوة صريحة للقتل. وبالرغم من ذلك، فإنّ النيابة العمومية بتونس حافظت على صمتها.

2) حزب التحرير: لا حاكميّة إلا لله "وكفر الباجي قايد السبسي بائن"[27]

يعتبر هذا الحزب من أكثر الأحزاب معاداة للوطنية التونسية وإصلاحات دولة الاستقلال، حيث رفض دستور2014. واعتبره دستور كفر واستعمار، ورفض أيضا التشريعات المدنية، الديمقراطية[28]، وحقوق الإنسان، مقترحا بديلا يتمثّل في إعادة نظام الخلافة. وكان من أبرز الأحزاب التي شنت حملة عنيفة ضد مسألة المساواة في الإرث وتقرير لجنة الحريات الفردية. ولقد تعددت المواقف الرافضة لمسألة المساواة والحريات الفردية؛ ومن بينها نذكر:

- إثر تصريحات السيد الباجي قايد السبسي بمناسبة عيد المرأة يوم 13 غشت 2018 بأن مسألة المساواة في الإرث هي تطبيق للدستور. ولا علاقة لذلك بالشريعة[29]. تتالت التصريحات المكفرة والمنددة. ومما ذكره بسام فرحات أحد الناشطين بحزب التحرير حول هذه المسألة: "إن الباجي قايد السبسي بيّن أن العقيدة الإسلامية لا تصلح للحكم والتشريع وضرورة فصل الدين عن الحياة والاحتكام إلى العقيدة الرأسمالية الديمقراطية، وفي كل هذا إعراض ما فيه من إعراض قبيح عن الكتاب والسنة وحرب شعواء على الله ورسوله وكفر بواح مضاعف وظلمات بعضها فوق بعض"[30]. وهكذا، فإن الذي يدعو إلى المساواة وتطبيق ما ورد في دستور البلاد التونسية، وخاصة الفصل 21 الوارد في الباب الثاني "المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من دون تمييز"[31] يعدّ كافرا، ورئاسته تعدّ في حكم اللاغية تطبيقا لقوله تعالى: "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا"[32]. ولم يكتف هذا الحزب بذلك، بل اعتبر أن دعوة السيد الباجي قايد السبسي إلى المساواة انطلاقا من القوانين المدنية وبالخصوص دستور 2014 تخلٍّ عن القرآن وأحكام الله ومن يفعل ذلك حسب زعم منظري هذا الحزب، فهو كافر[33]. ومما ذكرته جريدة التحرير الناطق الرسمي باسم هذا الحزب بتونس: "ما أكد عليه السبسي يؤكد كوننا في حل منه ومن حكمه ومن يمثل من تبعية وتحاكم للطاغوت والكافر المستعمر"[34].

وهكذا نستنج من هذه المواقف ما يلي:

- موقف هذا الحزب الرافض للمساواة من منطلق لا حاكمية إلا لله.

- تكفير كل من يدعو إلى المساواة وتطبيق مبادئ الدولة المدنية، ومن المعلوم أنّ التكفير هو دعوة صريحة للقتل. وبالرغم من ذلك، فإن النيابة العمومية بتونس لم تحرك ساكنا تجاه هذه المسألة. وما نلاحظه من مصطلحات هذا الحزب مثل، عبارات طاغوت، وكافر، أنّ الاختلافات شكلية بين أحزاب الإسلام السياسي فيما يخص نظرتها للآخر المختلف عليها، وخصوصا فيما يهم التشريعات الوضعية، فكلها تعتبر من ينادي بها كافرا.

إن هذا الحزب لم يكتف بتكفير الباجي قايد السبسي، بل كذلك أعضاء لجنة الحريات الفردية ومما قاله عنها: "تسعة من ذوي النفوس المريضة، والعقول السقيمة، دعا إلى تكوينها سليل الفكر البورقيبي المعادي للإسلام وإحكامه، صاحب الهيبة "الباجي قايد السبسي، لتطعن في ما تبقى من أحكام الإسلام""[35].

لقد اعتبر حزب التحرير بتونس أيضا، أن أعضاء اللجنة يمثلون الطابور الخامس الاستعماري وعملهم يعتبر تواصلا لما قام به أتاتورك وبورقيبة "هي حرب معلنة منذ قرن على الإسلام وما مثل أعضاء تلك اللجنة السيئة الذكر إلا مجرد تشكيل من تشكيلات طابور خامس تحركه أيادي القوى الاستعمارية، لتضمن سيطرته على بلاد المسلمين"[36]. ومما ورد أيضا في جريدة التحرير "لا لفصل الإسلام عن السياسة؛ فإسلامنا منهج حياة"[37]، فهذا الشعار الذي رفعه سابقا حسن البنا، ما يزال شعار أغلبية أحزاب الإسلام السياسي بتونس، بالرغم من ممارسة البعض منها للتقية.

3) معاداة حركة النهضة للمساواة في الإرث والحريات الفردية

على الرغم من كون حركة النهضة لم تعلن منذ البداية رفضها لمشروع المساواة في الإرث ومجلة الحريات الفردية، فإنها في الأخير حسمت أمرها، وأعلنت أنها لن تصوت على مسألة المساواة، بالرغم من طابعها الاختياري[38]، وبرزت مواقف حركة النهضة من خلال ما يلي:

في البداية أصدر المكتب التنفيذي للحركة، بيانا بتاريخ 4 يوليوز 2018. ومما ورد فيه: "إن بعض المسائل التي وردت في التقرير تهدد كيان الأسرة ووحدة المجتمع"[39]. ولم تكتف الحركة بذلك، بل رفضت بشدة الجزء الذي تبناه السيد الباجي قايد السبسي حول المساواة الاختيارية في الميراث. ومما صرح به القيادي في حركة النهضة السيد عبد الحميد الجلاصي إثر عرض السيد الباجي قايد السبسي مشروع قانون لتحوير مجلة الأحوال الشخصية على مجلس وزاري وتمريره للبرلمان للتعجيل بعرضه للتصويت "إن الحركة ستصوت ضد المشروع وهذا ليس بالموقف الجديد للحركة".[40] وهكذا، فإن ما يمكن استنتاجه من هذه الردود والمواقف ما يلي:

- إن فكر حركة النهضة أغلب قواعدها وقسم من قياداتها هو فكر محافظ، ولا يختلف كثيرا عن الفكر السلفي؛ وأية مغامرة أو قراءة للقرآن والموروث الديني بطريقة تتماشى مع الواقع الجديد على غرار ما فعل الطاهر الحداد والبعض من علماء الأزهر، مثل العالم الهلالي يجعلها تخسر قواعدها.

- إن قيادات حركة النهضة والجمعيات الدائرة في فلكها اعتمدت في رفضها على قراءة للدستور التونسي الصادر سنة 2014، تختلف تماما عن القراءة التي انطلق منها السيد الباجي قايد السبسي ورجال القانون الليبراليين واليساريين. وخاصة فيما يخص الفصول المتعلقة بالمواطنة والمساواة التامة بين مختلف أفراد المجتمع. وبالتالي، فإن مسألة المساواة في الإرث هي بالأساس معركة دستورية.

- وبالإضافة إلى ذلك، فإن الثقافة التقليدية لقسم من قيادات النهضة وقواعدها ترى في المساواة إلغاء للفوارق الجنسية، وتعتبرها أيضا غير متماشية مع الشريعة. ومما يقوله نور الردين الخادمي وزير الشؤون الدينية أثناء فترة حكم حركة النهضة (2011-2014): "ونموذج العدل الإسلامي قائم على كون المرأة الشق المكمل للرجل"[41]. وهذا التصور هو الذي دافعت عليه حركة النهضة أثناء كتابة الدستور، كما بينت ذلك النسخة الأولى للدستور، التي تم تغيير بعض بنودها تحت ضغط المعارضة اليسارية والليبرالية. ومما يؤكد أيضا البنى التقليدية بوضوح نور الدين الخادمي الذي يقول: "لتقريب المعنى نأخذ مسألة الميراث مثلا، فالرجل مثلا يلزم بأعباء وواجبات مالية لا تلزم بها المرأة، فهو الذي يدفع المهر وينفق على أثاث بيت الزوجية وعلى الزوجة والأولاد. أما المرأة، فهي تأخذ المهر ولا تسهم بشيء من نفقات البيت على نفسها وعلى أولادها ولو كانت غنية".[42]

إن هذا التصور الذي عبر عنه نور الردين الخادمي تجاوزه قسم كبير من المجتمع، بل إن الواقع في تونس مغاير تماما، حيث تسهم المرأة حاليا بقسم مساو للرجل في الإنفاق، وأغلب الموظفين يشترون منازل عن طريق قروض مشتركة. وتقوم بعض النساء العاملات بالإنفاق على عائلاتهن، بينما أخوها عاطل عن العمل، فهذا التحول يجعل من مسألة المساواة ضرورية لتحقيق المواطنة ومواكبة التحولات الاجتماعية.

رفض الأحزاب القومية بتونس لمسألة المساواة التامة باعتبارها تتناقض مع الشريعة يبين أن التحقيق الفعليّ لدولة المواطنة والديمقراطية ما يزال يصطدم بعوائق كثيرة

ب) الجمعيات الموالية لحركة النهضة والإسلام السياسي تناهض المساواة في الإرث والحريات الفردية

بالإضافة إلى رفض حركة النهضة لمسألة المساواة بين الجنسين كما بينت ذلك في بياناتها وتصريح قياداتها، فإنها حركت الجمعيات التابعة أو الموالية لها. وتم تنظيم عدة مسيرات ترفض المساواة وتقرير الحريات الفردية بتونس. ومن المسيرات التي نظمتها الجمعيات الموالية لأحزاب الإسلام السياسي، مثل تيار المحبة وحزب التحرير بتونس وحركة النهضة تلك التي نظمها تيار المحبة بقيادة الهاشمي الحامدي، المعروف بانتمائه السابق إلى حركة النهضة التونسية وبرفضه لدستور 2014 ومطالبته بتطبيق الشريعة[43]. فهذا التيار نظم مسيرة يوم الجمعة 3 غشت 2018 بشارع الحبيب بورقيبة وقام أيضا بتنظيم صلاة الجمعة بنفس الشارع. وشارك في هذه المسيرة العديد من المناهضين لمجلة الحريات الفردية. ومن بينهم الكثير من قواعد النهضة[44]. وتم أثناء المسيرة توزيع بيان طالب بسحب التقرير، منددا بمسألة الدعوة إلى المساواة في الإرث. ولقد اعتبر البيان أيضا أن تقرير لجنة الحريات الفردية "خارج عن ثوابت الدين الإسلامي"[45].

أما بجهة صفاقس، إحدى المواقع المهمة لحركة النهضة، فتمّ تنظيم مسيرة يوم السبت 4 غشت 2018 انطلقت من جامع اللخمي. ولقد دعت إليها جمعية "الخطابة والعلوم الشرعية". وشارك فيها أقطاب الإسلاميين، وعلى رأسهم رضا الجوادي. ومن بين الشعارات التي رفعتها "الشعب مسلم ولا يستسلم"[46].

أما في مدينة بنقردان المتاخمة لغرب ليبيا، فقد نظم أيضا الأئمة والخطباء مسيرة يوم الجمعة 3 غشت 2018، رافعين شعارات مناهضة للجنة الحريات الفردية ومطالبة بسحبها[47]. وتم أيضا في نفس اليوم بقفصة مناهضة للجنة الحريات الفردية. وتم تنظيم هذه المسيرة بدعوة من التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور[48].

أما بالنسبة إلى أكبر المسيرات، فقد تم تنظيمها يوم 11 غشت 2018 بتونس العاصمة. إن هذه المسيرة دعت إليها التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة. وتم جلب الناس من 24 ولاية بالبلاد التونسية، مما يوحي بأن الطرف المنظم لها يملك ثروات طائلة. ومن الشعارات التي رفعها المتظاهرون بمنطقة باردو أمام البرلمان: "الله أكبر الله كبر لا إله إلا الله إلا كتاب الله". ورفعت أيضا شعار: "التقرير انقلاب على الدستور، الدعوة للمثلية دعوة لنشر الفاحشة، لجنة تقرير الحريات من أنتم"[49]. ومن الملاحظات الأخرى التي يمكن استنتاجها من الشعارات المرفوعة، أن الجماهير أغلبها لم تقرأ التقرير كهولا وشبابا. والدليل على ذلك، أن مسألة التشجيع على الشذوذ لم ترد في التقرير، وهي مسألة مرفوضة منذ القديم إلى اليوم بتونس وخارجها من قبل الليبراليين، واليساريين والإسلاميين. ومرفوضة أيضا بالغرب وفي كل الحضارات تقريبا، وإن كانت موجودة. فتقرير الحريات الفردية لم يشجع تماما على هذه الظاهرة، لكنه اعتبرها على غرار كل المنظمات الحقوقية في العالم، مسألة فردية والتجسس على الأفراد ومراقبتهم في منازلهم تتنافى مع أدنى الحريات الفردية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه قدم في هذا الموضوع أكثر من مقترح لتجاوز المسائل المتناقضة مع حقوق الإنسان فيما يخص تعامل الدولة معها. ومن بينها التخلي عن عقوبة السجن وتحويلها إلى عقوبة مالية، لأن وضع هؤلاء بالسجون بإمكانه أن يسهم في نشر ممارساتهم داخل السجون. ومن المغالطات الأخرى التي روجها منظمو المسيرة "منع التقرير للختان بتونس". ومما قاله أحد الكهول من المشاركين في المسيرة: "أنني ضد تحريم الختان للطفل وضد اللواط"، مع العلم أنه لم يرد في التقرير أي مقترح حول مسألة الختان. وكلها مغالطات تم تسريبها من أجل تأليب الجماهير للنزول للشارع ضد التقرير.

إن الملاحظة الثانية التي يمكن أن نسوقها حول مساهمة قواعد النهضة والبعض من رموزها في هذه المسيرة؛ ومن بينهم المحامي النهضاوي فتحي العيوني -المرشح على رأس قائمتها ببلدية الكرم بتونس العاصمة أثناء الانتخابات البلدية بتونس في مايو 2018، وهو حاليا رئيس هذه البلدية- فمما قاله حول هذه المسألة: "إن رئيس الجمهورية مصدر تفرقة للشعب التونسي لا مصدر توحيد" وأضاف: "إن تقرير لجنة الحريات والمساواة يضرب مبادئ الدستور والقانون ولا يهدف إلى تنقيح مجلة الأحوال الشخصية"[50]. ومن الملاحظات الأخرى التي شدت انتباه الحاضرين أثناء مسيرة تونس العاصمة وجود أطفال لا تتجاوز أعمارهم 15 سنة يطالبون بسقوط تقرير لجنة الحريات، ليس لهم القدرة على قراءة التقرير ولا سياقاته.

الخاتمة

لقد توصلنا من خلال هذه الدراسة إلى النتائج التالية:

- إن المبادرة الإصلاحية الشجاعة لرئيس الجمهورية التونسية، أثارت جدلا كبيرا بتونس وخارجها وصل إلى حد تكفيره والمطالبة بقتله، على غرار ما وقع للرئيس الحبيب بورقيبة سنة 1956 بعد إصداره لمجلة الأحوال الشخصية التي لم تعلن عن المساواة في الإرث.

- لقد رفضت حركة النهضة مسألة المساواة التامة بين الرجل والمرأة، باعتبارها تتناقض مع الدستور وفق قراءتها. وبالمقابل، فإنّ الليبراليين مثل حزب نداء تونس واليساريين مثل الجبهة الشعبية وحزب المسار. وكذلك رئيس الجمهورية بتونس السيد الباجي قايد السبسي، اعتبروا ذلك لا يتناقض مع الدستور، بل هو تطبيق له.

-إن تأثير القوميين الرافض لمسألة المساواة التامة بين الرجل والمرأة، لم يقتصر على أحزابهم وجمعياتهم، بل امتد إلى الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان فشل تحت تأثير القوميين والعاشوريين في إصدار بيان مساند لمسألة المساواة.

- إن رفض الأحزاب القومية بتونس كحركة الشعب، وحركة المرابطين، وأحزاب الإسلام السياسي مثل حزب التحرير (فرع تونس) وحركة النهضة، لمسألة المساواة التامة باعتبارها تتناقض مع الشريعة ونصوصها قطعية الدلالة أو بلغة أخرى تطبيقا لمقولة "لا حاكمية إلا لله"، يبين أن التحقيق الفعليّ لدولة المواطنة والديمقراطية ما يزال يصطدم بعوائق كثيرة، ويبين أيضا التقاطع الكبير بين أحزاب الإسلام السياسي والأحزاب القومية فيما يخص هذه المسألة. وهذه العوائق تلوح في مستوى ذهني عميق يمثّل نوعا من الوعي العام الشعبي الذي سيتعيّن على المثقف في تونس وفي كامل العالم العربيّ المساهمة في دفعه إلى الأمام، إن هو أراد فعلا المرور من ديمقراطية شكليّة إلى ديمقراطيّة فعليّة تقوم على المواطنة.

  


[1] ليسير (فتحي)، تاريخ الزمن الرّاهن عندما يطرق المؤرخ باب الحاضر، جامعة صفاقس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، دار محمد علي الحامي، صفاقس، تونس، ص 7

[2] أحزاب وجمعيات قومية ترفض المساواة في الإرث، www.miosaique.fm.net/a، تاريخ الرفع 16 aout 2017

[3] نفس المصدر السابق.

[4] زهير المغزاوي "أنا ما نيش ضد المساواة في الإرث" 9 avril 2019، Elhiwarettounsi

[5] مواقف الكتل البرلمانية من مبادرة المساواة في الإرث، https://ar.le maghreb.tn/ s ;s,/tem 21054، 15 Aout 2017

[6] مشروع المساواة في الميراث يحتضر، 28 Mars 2019، www.alwatannews.tn

[7] Chedli KLIBI, Habib Bourguiba, Radioscopie d’un règne, Sud Editions, Tunis, 2012

[8] جريدة الرأي العام 25 أكتوبر 2019

[9] جريدة الرأي العام 25 أكتوبر 2018

[10] التيمومي الهادي، إلى الساسة العرب، ارفعوا أيديكم عن تاريخنا، دار محمد علي للنشر، صفاقس، تونس، ص 79

[11] المغرب 12 غشت 2018

[12] التيار العاشوري، نسبة إلى السيد الحبيب عاشور، أحد أبرز القيادات التاريخية للاتحاد العام التونسي للشغل، حيث نشط فيه منذ تأسيس هذه المنظمة إلى بداية الثمانينيات من القرن العشرين. وكان أمينا عاما عدة مرات، وهذا التيار بالرغم من تبنيه المساواة الاجتماعية، فإنه كان محافظا على مستوى الحريات الفردية.

[13] الشارع المغاربي، عدد 135، 28 غشت 2018

[14] الرأي العام، 30 غشت 2018

[15] الشارع المغاربي، 28 غشت 2018

[16] جريدة الشعب، 16 غشت 2018

[17] نفس المصدر السابق.

[18] نفس المصدر السابق.

[19] جريدة الشعب 16 غشت 2018

[20] جريدة الصباح التونسية، 15 غشت 2017

[21] جريدة الصباح التونسية، 15 غشت 2017

https://www.tuniscop.comarticle/26101/../adel_almi-4403,15 août 2017

[23] عادل العلمي يدعو إلى إلغاء مجلة الأحوال الشخصية بتونس https://www.bobnet.radita 15 aout 2017

[24] حزب إسلامي يشن حملة على المفطرين 16 juin 2016 https://www.raialyoum.com/indx.php

[25] نفس المصدر السابق.

[26]فتنة أم ثورة تقرير لجنة الحريات الفردية يثير الجدلفي تونسhttps://darj.com 1 Juillet 2018

[27] جريدة التحرير 16 ذي الحجة 1439، الموافق ل 2 أوت 2018

[28] عبد المجيد الجمل، معاداة حزب التحرير للوطنية والانتقال الديمقراطي بتونس: المظاهر والخلفيات (2011- 2015)، مؤمنون بلا حدود، الرباط، المملكة المغربية، أبريل 2016

[29] جريدة التحرير 27 غشت 2018

[30] نفس المصدر السابق.

[31] دستور الجمهورية التونسية، 2014، منشورات المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية، تونس، 2014، ص 13

[32] جريدة التحرير 27 غشت 2018

[33] نفس المصدر السابق.

[34] نفس المصدر السابق.

[35] نفس المصدر السابق.

[36] نفس المصدر المذكور سابقا، ص 216

[37] جريدة التحرير 18 فبراير 2018

[38] جريدة التحرير 27 غشت 2018

[39] الصباح 5 يوليوز 2018

[40] جريدة المغرب 29 نونبر 2018

[41] جريدة الرأي العام 27 سبتمبر 2018

[42] نفس المصدر السابق.

[43] يمكن الرجوع إلى: عبد المجيد الجمل، ردود فعل أحزاب الإسلام السياسي بتونس تجاه دستور 2014، مرجع مذكور سابقا، ص 12

[44] جريدة الصباح الأحد 5 غشت 2018

[45] نفس المصدر السابق.

[46] جريدة الصباح 5 غشت 2018

[47] جريدة المغرب 5 غشت 2018

[48] نفس المصدر السابق.

[49] جريدة المغرب 12 غشت 2018

[50] جريدة المغرب 12 غشت 2018