هل من "تاريخ سياسيّ" لصدر الإسلام؟


فئة :  قراءات في كتب

هل من "تاريخ سياسيّ" لصدر الإسلام؟

 هل من "تاريخ سياسيّ" لصدر الإسلام؟*


الكتاب: السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام، دار التنوير، تونس/ لبنان/ مصر، ط1، 2014، (168 صفحة).

تأليف: حياة عمامو

تمثّل حياة عمامو وجها بارزا من وجوه الدراسات التاريخيّة النقديّة المختصّة في فترة الإسلام المبكّر وما ورد في شأنها من أخبار كثيرة مستندة في ذلك إلى منهج تاريخي دقيق قائم على الموازنة بين الروايات، وهي موازنة صعبة جدّا نظرا إلى تعلّقها بالفترة التأسيسيّة للإسلام ممّا يسهّل تداخل التاريخيّ بالمتخيّل والملحميّ، إضافة إلى ما نتج عن الصراعات المذهبيّة والسياسيّة التي طبعت تلك الفترة من صناعة للأخبار خدمة للمذهب أو نصرة لجهة سياسيّة معيّنة.

في هذا السياق البحثيّ العام يتنزّل كتاب "السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام" ليضاف[1] إلى جملة كتب حياة عمامو ومن أهمّها: "أصحاب محمّد ودورهم في نشأة الإسلام" (1996)، و"أسلمة بلاد المغرب: إسلام التأسيس من الفتوحات إلى ظهور النحل" (2001)، و"تصنيف القدامى في السيرة النبويّة" (1997). إضافة إلى جملة من مقالاتها ذات الصلة بالتاريخ الإسلامي المبكّر مثل: "المفاوضات بين النبيّ محمّد وأهل يثرب والهجرة من مكّة إلى المدينة" (2001).

يقوم كتاب حياة عمامو "السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام" على قسمين كبيرين يتعلّق الأوّل بالسلطة في الإسلام المبكّر بالتركيز على تأسيسها وتطوّر مفهومها وعدد من المفاهيم الأساسيّة في الفكر السياسي الإسلامي وهي مفاهيم البيعة والإجماع والشورى. أمّا القسم الثاني فيتعلّق بتداول السلطة وكيفيّاته وأزماته وما ارتبط بتلك الأزمات من خطاب الشرعيّة.

وعلى الرغم من اهتمام حياة عمامو في الكتاب بمسألة السلطة السياسية وشرعيّتها في الإسلام المبكّر إلاّ أنّ يمكن أن نتبيّن راهنية ما تطرحه وقد أكّدت المؤرّخة ذلك أنّه من بين صعوبات البحث في السلطة والشرعيّة ما يمكن أن يصاحب ذلك البحث "من إسقاطات الواقع المعيش على ماض يفصلنا عنه أكثر من 15 قرنا"[2]، ولعلّ ذلك الإسقاط المشار إليه هو ما كان سببا وراء اختلاف مواقف المسلمين المحدثين والمعاصرين إزاء الشرعيّة السياسيّة الغربيّة التي "اصطدموا" بها وكانوا خاضعين للاستعمار الغربي، فقد اختلفت تلك المواقف بين "رفض تامّ مع اتّهام لها بالكفر والإلحاد لخروجها عن الشريعة وتعاليم الدين مع دعوة متشنّجة إلى التشبّث بالإسلام وما ورد في القرآن، إلى استحسان لها مع دعوة إلى التوفيق بينها وبين تعاليم الإسلام، إلى انبهار بها مع دعوة ملحّة للتماهي معها ورفض كلّي للإرث السياسي الديني الإسلامي"[3].

ستقوم قراءتنا لكتاب حياة عمامو على مسألة جوهريّة في تقديرنا وتتعلّق بالفترة التي تشتغل عليها في مختلف دراساتها وفي هذا الكتاب تحديدا ونقصد فترة الإسلام المبكّر وهي فترة لها خصائصها الحضاريّة، فهي من جهة فترة سابقة عن التدوين ممّا يجعلنا فاقدين لمصنّفات معاصرة للأحداث التي تتمّ معالجتها، ومن جهة أخرى هي فترة تأسيسيّة، وهاتان الخاصيّتان تجعل البحث إذا رام أن يكون تاريخيّا، متّسما بكثير من المزالق والافتراضات التي تملأ بها الفراغات الكثيرة، وتجعل الترجيح بين الروايات الكثيرة أمرا بالغ الصعوبة. هذا الأمر كانت حياة عمامو واعية به تمام الوعي في غير موضع من كتابها فأكّدت ذلك في نهاية مقدّمة الكتاب إذ أنّ "هذه الفترة مثّلت ذكرى حيّة طبعت وجدان المسلمين عن تداول السلطة بين الخلفاء، وشحنت مخيالهم الجماعي بصور وتمثّلات انعكست في صراعاتهم الفكريّة دفاعا عن هذا الخليفة أو ذاك، وتشنيعا ببعض الخلفاء أو الملوك كما تسمّيهم آثارهم المكتوبة التي تباينت فيها المواقف وتناقضت الصور حول نفس الشخصيّة"[4].

هذا الوعي بالتداخل بين التاريخي والمتخيّل والأخبار البعدية في الكتابة التاريخيّة الإسلاميّة لم يمنع المؤرّخة من مغامرة البحث إذ أنّها كانت، على حدّ عبارتها من "المجبرين على الاعتماد على روايات لم تدوّن إلاّ بعد مدّة من وقوع بعض الأحداث التي لها علاقة بموضوعنا، ومن ثمّ لا بدّ من أن نأخذ بعين الاعتبار ما قد يشوبها من تشويش وتحريف جرّاء الصراعات السياسيّة والفكريّة"[5].

هذه الملاحظة جوهريّة بالنسبة إلينا لأنه على أساسها ستكون قراءاتنا لكتاب حياة عمامو. ذلك أنّ العديد من الأخبار المعتمد عليها قد تكون بدورها أدخل في باب المتخيّل التاريخي والصور البعديّة التي نشأت في ظلّ الصراعات المذهبيّة الكلاميّة والسياسيّة والقبليّة، ممّا قد يخلّ أحيانا بالنتائج التي يتمّ التوصّل إليها.

لقد تمّت معالجة تطوّر مفهوم السلطة وتطوّرها من مدخل ضروريّ بالنسبة إلى حياة عمامو في القسم الأوّل من الكتاب ويتعلّق الأمر بالألقاب التي تلقّب بها الخلفاء الأربعة الأوائل وخلفاء بني أميّة ثمّ خلفاء الدولة العبّاسيّة[6] وارتباط ذلك كلّه بمسألة الشرعيّة، إذ أنّ ألقابا من قبيل خليفة رسول الله، وهو لقب اختزل في لقب خليفة، ثمّ لقب أمير المؤمنين، والإمام، وخليفة الله، وصولا إلى ألقاب مركّبة بداية من القرن الثالث للهجرة مثل المعتصم بالله، والقائم بأمر الله، والمعزّ لدين الله... وبعد تحليل مستفيض لهذه الألقاب ودلالاتها فإنّ النتيجة الأساسيّة لدى حياة عمامو أنّ الشرعيّة "قامت في فترة تأسيسها على الخصال الشخصيّة للمترشّح وشرفه الإسلامي أوّلا، وعلى إجماع الأمّة عليه ثانيا، أمّا في فترات تطوّرها الذي تمّ على مراحل وبحكم الابتعاد عن عهد النبوّة المحدّد لمقاييس الشرف الإسلامي، فقد تمّ إلغاء الأمّة بوصفها طرفا مهمّا في تحديد هذه الشرعيّة ليقع تعويضه بالله الذي اعتبر منذ الأزمة في عهد عثمان الأساس المهمّ في تحديد الشرعيّة وببروز الله بدلا عن الأمّة في تحديد شرعيّة السلطة بدأت كلّ المقاييس الأخرى تغيب شيئا فشيئا إلى أن تعمّق مفهوم السلطة المقدّسة التي لا تقوم إلاّ بمشيئة الله وحده ولا تنقطع إلاّ متى شاء هو"[7].

لم نجتزئ من هذا النصّ الذي أثبتناه لأنه يمثّل بالنسبة إلينا جوهر الفكرة المتعلّقة بتطوّر مفهوم السلطة، وهي فكرة على أهمّيتها قابلة للنقاش من عدّة وجوه، اخترنا منها مسألة "الشرف الإسلامي" ثمّ قضيّة "إجماع الأمّة" وهما المفهومان اللذان شدّدنا عليهما في النصّ أعلاه، واللافت للنظر أيضا أنّهما ارتبطا بشخصيّة أبي بكر الخليفة الأوّل بالخصوص لذلك، وحتّى لا نعدّد الأمثلة سنقصر النظر في خلافته وشرعيّتها.

الشرف الإسلامي:

يقوم الشرف الإسلامي، لدى حياة عمامو، مقابلا للشرف القبلي السائد "في فترة ما قبل الإسلام، لأنّ الشرف في هذه الفترة كان يقوم على النسب والعدد لذلك فإنّ من يتولّى السيادة في القبائل يجب أن يكون من أشرافها المتمتّعين بثروة طائلة"[8]، أمّا الشرف الإسلامي الذي بموجبه تولّى أبو البكر الخلافة فقائم "على الأقدميّة في الإسلام والبلاء في الجهاد" وبذلك "يُعتبر أبو بكر بمقاييس الشرف الإسلامي المنصوص عليها في القرآن أفضل المؤمنين من الذين صحبوا النبيّ في كلّ مراحل نبوّته بما في ذلك العصيبة منها لذلك فهو أهمّ وأبرز عنصر في الحلقة الأقرب إلى النبيّ والتي تضمّ المهاجرين الأوائل"[9].

صحيح أنّ مثل الرأي لا يمكن عزله عن سياق المراجعة والنقد اللذين انطلقت منهما حياة عمامو لآراء سابقة وخاصّة ما ذهب إليه داباشي[10] من أنّ أبا بكر قد ولي الخلافة استنادا إلى المقاييس القبلية السابقة للإسلام، وهذا يستتبع اعتبار زعامة النبيّ نفسها زعامة قبليّة وهو ما أكّده مونتغمري واط[11] من قبلُ، ولكن من جهة أخرى لا يمكننا التغافل عن أنّ ما ذهبت إليه حياة عمامو يكاد يكون رأيا يطابق النظريّة السنّيّة في الخلافة التي كانت المفاضلة بين الصحابة من أبرز دعائمها[12]، بل إنّ تفضيل أبي بكر على سائر الصحابة غدا من أركان الاعتقاد القويم المنصوص عليه في "بيانات" الصدع بالعقيدة كما ورد مثلا في ذكره أبو الحسن الأشعري مبينا عن أصول اعتقاد "أهل السنّة" قائلا: "ونقول إنّ الإمام الفاضل بعد رسول الله (ص) أبو بكر الصدّيق [...] ثمّ عمر بن الخطّاب [...] ثمّ عثمان بن عفّان [...] ثمّ عليّ بن أبي طالب، فهؤلاء الأئمّة بعد رسول الله (ص) وخلافتهم خلافة نبوّة"[13]، ليقع الإلحاح على هذا التصوّر في كتب تراجم الصحابة، وحتّى لا نعدّد الشواهد على ذلك نورد على سبيل المثال ما جاء رواه ابن الأثير: "قال بعض العلماء: لو قال قائل إنّ جميع الصحابة ما عدا أبا بكر ليست لهم صحبة لم يكفر، ولو قال إنّ أبا بكر لم يكن صاحب رسول الله (ص) كفر"[14]. وهذه التفضيل لأبي بكر كان واقعا بالأساس تحت أثر الصراع على السلطة الذي تحوّل تدريجيّا إلى مقالات اعتقاديّة طوّرها الجدل بين المسلمين، ونحسب أنّ ذلك الجدل هو ما ولّد صورة أبي بكر في المنظور السنّي، ومن دعائم الصورة السابقة إلى الإسلام، وهذا أمر غير متّفق عليه أوّلا، ولا نحسبه جديرا بثقة المؤرّخ، فالسابقة في الإسلام وخاصّة في ما يتعلّق بأبي بكر لا تقرئ إلاّ في إطار المفاضلة بين أبي بكر وعليّ، وبمعنى آخر بين التصوّرين السنّي والشيعي، وبالتالي يصبح "الشرف الإسلامي" المؤهّل لأحقيّة خلافة النبيّ محلّ جدل لم تستعمل فيه المناظرات الكلاميّة فحسب، وإنّما كتابة التاريخ ورواية الأخبار بخلفيّة عقائديّة.

لا يمكن بأيّ حال القول إنّ حياة عمامو كانت غافلة عن هذه الاعتبارات، إذ أنّها في بحث سابق أكّدته فقالت إنّ المصادر الإسلاميّة مختلفة شديد الاختلاف: "حول أوّل من استجاب للإسلام، ولم يكن الاختلاف في تحديد هذه المسألة أمرا بسيطا بريئا، وإنّما يعكس مدى حدّة الصراع الّذي دار بين الفرق الدينيّة السياسيّة ابتداء من القرن الأوّل للهجرة، والّتي تحاول كلّ منها إبراز أسبقيّة الّذي تراه أجدر بالخلافة"[15]، ولكن مرّة أخرى يفرض البحث التاريخي نفسه، ويوجب الترجيح والافتراض، غير أنّ ذلك يتّسم بصعوبة كبير إذا ما أريد البحث في "الحقيقة التاريخيّة" نظرا إلى تضارب الروايات، وهو تضارب قد يؤدي إلى تبنّي الرأي ونقيضه أحيانا فلو نظرنا في الأخبار الواردة في شأن كلّ خليفة من الخلفاء الأوّل على حدة سنجد أنّ كل منهم بمعزل عن الآخر هو الأفضل إطلاقا، ولعلّ ذلك ما جعل حياة عمامو مثلا حين تتعرّض للقب "الإمام" تستنتج من خلال ما أورده ابن مزاحم في كتاب "وقعة صفّين" أنّ عليّ بن أبي طالب الذي لُقّب بالإمام بعد عثمان في كثير من الأشعار "من أجل التحريض على بيعته التي تخلّف عنها الكثير من النّاس رغم كثرة خصاله وعمق شرعيّته التي لا تضاهيها شرعيّة أيّ كان"[16].

إجماع الأمّة:

لا يمكن أن تكون حياة عمامو وهي تتحدّث عن "إجماع الأمّة" في ما يتعلّق بخلافة أبي بكر في غفلة عمّا يُعرف بأحداث سقيفة بني ساعدة والمعارضة التي لقيها أبو بكر الذي تخلّفت عن بيعته وجوه بارزة من الصحابة، بل إنّ المصادر تؤكّد أنّه تمّ اللجوء إلى القوّة لانتزاع البيعة مهما بلغ الممتنعون من "الشرف الإسلامي" ومن القرب من النبيّ، ومن البلاء زمن الدعوة، وهو أمر تشي به أخبار كثيرة من قبيل ما أورده ابن قتيبة من أنّ "أبا بكر رضي الله عنه تفقّد قوما تخلّفوا عن بيعته عند عليّ كرّم الله وجه فبعث إليهم عمر فجاءهم فناداهم وهم في دار عليّ فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها"[17]. أمّا اليعقوبي فقد عدّد المتخلّفين عن بيعة أبي بكر فقال: "وتخلّف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار ومالوا مع عليّ بن أبي طالب منهم العبّاس بن عبد المطّلب والفضل بن العبّاس والزبير بن العوّام بن العاص وخالد بن سعيد والمقداد بن عمرو وسلمان الفارسي وأبو ذرّ الغفاري وعمّار بن ياسر والبراء بن عازب وأبيّ بن كعب"[18]. هذا بالإضافة إلى أنّ المسلمين القدامى وحتّى المنتمين منهم إلى أهل السنّة لم يعتبروا الإجماع شرطا من شروط عقد الإمامة مستحضرين عدم الإجماع على خلافة أبي بكر، ومن ذلك ما يقوله الجويني: "اعلموا أنّه لا يُشترط في عقد الإمامة الإجماع بل تنعقد الإمامة وإن لم تجتمع الأمّة على عقدها، والدليل عليه أنّ الإمامة لمّا عُقدت لأبي بكر ابتدر لإمضاء أحكام المسلمين ولم يتأنّ لانتشار الأخبار إلى من نأى من الصحابة في الأقطار"[19]

والحقيقة أنّنا لم نجد مبرّرا لترك هذه الأخبار وغيرها كثير التي تؤكّد أنّ عليّا لم يبايع أبا بكر على الأقلّ في حياة فاطمة واعتبارها "من قبيل المبالغات التي اختلقتها الشيعة خلال القرن الثاني والثالث للهجرة وهذا ما أدّى ظهور ما يسمّى بالعثمانيّة للردّ على كلّ ما اختلقته الشيعة من أحداث يوم السقيفة وموقف عليّ وكلّ عبد مناف ومعهم الزبير بن العوّام من بيعة أبي بكر"[20]. لا نحسب أنّ مثل هذا الموقف يخرج عن التصوّر العام لتطوّر السلطة ونشأتها في الإسلام المبكّر كما تقدّمه حياة عمامو ذلك أنّ الطرح الأساسيّ لديها يقوم على اعتبار أنّ السلطة السياسية بعد وفاة النبيّ قد بُنيت على "الشرف الإسلامي" وعلى "إجماع الأمّة" ثمّ أخذت في الابتعاد شيئا فشيئا عن ذلك كلّما تأخّرنا في التاريخ، ولكن هذا الاعتبار قد يُسقط في النظرة المثاليّة إلى الإسلام المبكّر، بل قد يفهم منه النظرة التمجيديّة إلى الجيل الإسلاميّ الأوّل ويكرّس بصورة غير مباشرة تلك النظرة السنيّة السلفيّة التي يلخّصها الحديث المشهور: "خير القرون قرني"[21]، والتي تؤسّس لمعيار تفاضليّ قائم على أفضليّة السلف مقارنة بالخلف على أساس دينيّ بحيث "يكون الصحابة في قمّة هرم الفضائل وكلّما ابتعدنا عن تلك القمّة تدحرجنا إلى النقص"[22]. هذه الملاحظة يمكن أن نجد لها العديد من الشواهد من كتاب حياة عمامو من أبرزها اعتبار أنّ شرعيّة الخلافة الّتي أسّسها أبو بكر كانت "على أساس النهج الإسلامي الرسالي" وأنّ هذا النهج سينتهي بمقتل عليّ ذلك المقتل الذي "أقبر نهائيّا شرعيّة سلطة الخلافة القائمة على النهج الإسلامي الرسالي لتبقى ذكرى جميلة تذكّر بصفاء الإسلام الأوّل ونقائه الذي يحنّ إليه وجدان المسلمين ويتوقون إلى استرجاعه بوصفه رمز العدل والدين الخالص البعيد عن مصالح الدنيا وحساباتها الضيّقة، في أوقات الأزمات خاصّة"[23]. هكذا نكون في قلب التصوّر السنّي السلفي للخلافة المؤكّد أنّ التمسّك بالمثل الإسلاميّة العليا بلغ ذروته زمن ما تمّ التعارف عليه تحت اسم "الخلافة الراشدة"، وهو مفهوم بيّنت البحوث أنّه "لم يظهر في الحقيقة إلاّ في النصف الأوّل من القرن الثالث الهجري حيث يأتي أحمد بن حنبل في آخر حياته ضمن أولئك الأوائل المدافعين عنه"[24]، أي مع انتصار التيّار الإسلامي الأكثر أرتودكسيّة وسلفيّة.

قد تحيل هذه الملاحظة إلى عدد آخر من الملاحظات من ضمنها ما يتعلّق بالمصادر التي يتمّ الاعتماد عليها لتقديم بحث تاريخيّ يتعلّق بتاريخ الإسلام عموما، وبالإسلام المبكّر على وجه الخصوص، ونقصد كيفيّة التعامل مع مصنّفات التاريخ والأخبار، ففي الغالب يتمّ الاعتماد على ما انتسب من مصنّفات القدامى إلى الخطّ السنّي للبحث في التاريخ الإسلامي وللنظر في العقائد، واعتبار ما دون ذلك غير جدير بثقة "المؤرّخ"، فمن اللافت للنظر أنّ الباحثين في التاريخ الإسلامي والمنتمين إلى مجتمعات سنّية وكذلك المستشرقين لا يكادون يستعملون مطلقا مصنّفات من فارق التسنّن، وبدرجة أقلّ من كان من غير الإماميّة الإثني عشريّة، لينحصر الأمر تقريبا في تاريخ اليعقوبي، ومروج الذهب للمسعودي، بل إنّه قد يحكم على مؤلفات وبحوث غير السنّة قبليا بالانحياز المذهبي حتّى ليذهب في الذهن أنّ المؤرّخين السنّة متجرّدون عن سياج المذهب وإكراهاته. بل قد يتمّ تجاوز هذا الحدّ فلا يتمّ في بعض الدراسات التاريخيّة، على الرغم من أهمّيتها، الاكتفاء بنوع من الترجيح والمقارنة داخل النصوص السنّيّة الّتي اعتبرت أقرب إلى "الصحّة التاريخيّة"، وإنّما تُصنّف بعض الأخبار ضمن الدائرة الشيعيّة أو الخارجيّة أو الاعتزاليّة أو غيرها إذا عُدّت أخبارا غير واقعيّة على الرغم من كونها مرويّة في المصادر السنّيّة. هذه الملاحظة تنسحب تماما على ما تذهب إليه حياة عمامو في كتابها في العديد من المواضع ومن ذلك مثلا حكمها على رسالة ذكرت المصادر الإسلامية أنّها من رسائل عليّ بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان يذكّره فيها بفضل أهل البيت وأنّه فرّط في حقّه في خلافة النبيّ حرصا على اتّقاء الفتنة بين المسلمين، إذ أنّ هذا بالنسبة إلى عمامو "يؤكّد عدم أصليّة هذه الرسالة المنسوبة إلى عليّ لأنّها لا يمكن إلاّ أن تكون من إضافات أنصار الشيعة بعد تكوّن الحركة وتحوّلها إلى فرقة أو فرقة أسّست لمجموعة من المفاهيم والأحداث الخاصّة بها مثل مفهوم أهل البيت وأحقيّة عليّ على أبي بكر في تولّي الخلافة"[25]. وغير بعيد عن ذلك تضيف حياة عمامو أنّ أكّدت أنّ خطاب الشرعية لم يختلف بين أبي بكر وعليّ: "غير أنّ هذا لم يمنع الرواة في الفترات اللاحقة من المتشيّعين أو أصحاب الميولات الشيعيّة من إضافة روايات أخرى ابتدعها المذهب الشيعي وكلّ المتعاطفين مع عليّ بسبب محنته ومحنة كلّ الذين استشهدوا من نسله فتكوّنت إلى جانب صورة عليّ التاريخيّة صورته الميتا تاريخيّة المفعمة بشحنة وجدانيّة"[26].

إنّ اعتبار المصادر السنّية أقرب إلى الحقيقة التاريخيّة مقارنة بالمصادر الشيعيّة أمر يحتاج إلى نقاش مستفيض لا يتعلّق بالترجيح بين الروايات وإنّما بطبيعة الكتابة التاريخيّة الإسلاميّة بقطع النظر عن انتماء المصنّفين فيها، فلا نحسب أنّ المتخيّل التاريخي غائب عن المصادر السنّية من ناحية وإن بدا في بعضها إغراق أكبر في الأسطرة والمتخيّل. بل إنّ انسجام خبر "تاريخيّ" ما مع ما يُعتبر من قواعد الاجتماع البشري، أي ما هو ممكن الحصول في الواقع لا يمثّل دليلا قاطعا على وقوعه بالفعل، إذ لا ينبغي إمكانيّة اختلاقه وتسرّب المتخيّل إليه وصناعته، إن هي إلاّ افتراضات يملأ بها الباحث والمؤرّخ بالخصوص حلقات كثيرة فارغة حتّى لا تنقطع السلسة ويجد نوعا من الربط المنطقي تجنّبا للفراغ[27].

لم ندّع مطلقا في هذه القراءة السريعة المنطلقة من كتاب حياة حياة عمامو "السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام" مناقشة كلّ ما جاء فيه من أفكار ونتائج مهمّة من زاوية البحث التاريخي، ولكن مشغلنا الاساسي كان لفت النظر إلى ضرورة تغيير زاوية النظر المنهجيّة حين يتعلّق الأمر بالروايات التاريخيّة الإسلاميّة، وبطبيعة الكتابة التاريخيّة الإسلاميّة ذاتها خاصّة إذا تعلّق الأمر بالإسلام المبكّر فقد لاحظنا أنّ الاهتمام الكبير بالكتابة التاريخيّة الإسلاميّة من جهة، وبالفرق والمقالات والعقائد من جهة أخرى، لم يحفّز الكثير من الباحثين على الجمع بين المجالين في مبحث واحد. ففي الغالب تُدرس الكتابة التاريخيّة لبيان مرتكزاتها ومناهجها وتوجّهاتها لتمثّل العقائد مسألة مكمّلة أو جزئيّة أو أحد وجوه خلفيّات الكتابة التاريخيّة ومرجعيّاتها. ومن ناحية ثانية تتمّ دراسة العقائد من جهة تطوّرها التاريخي وأثر الاجتماع في تشكّلها فتكون الكتابة التاريخيّة وسيلة لبيان ذلك التطوّر. وأبرز ما يمكن الإشارة إليه إذا رمنا الحديث عن مباحث تجمع بين الكتابة التاريخيّة والعقيدة هي تلك الكتابات التمجيديّة الإيمانية السائرة على نهج القدامى في اعتبار التاريخ موعظة وعبرة وتذكرة، والهدف الأساسي من دراسته عقائديّ[28].

لا تعني هذه الملاحظة انعدام الوعي بالمنطلقات الدينيّة والعقائديّة والمذهبيّة في الكتابة التاريخيّة الإسلاميّة، فقد تمّ الإلحاح على ذلك وبيانه في دراسات علميّة جدّيّة وعميقة سابقة[29]، ولا تعني الملاحظة أيضا عدم الوعي بتاريخيّة العقائد والتباسها بالمجتمع وشؤونه وتحوّلاته فقد تمّ تقليب ذلك في دراسات مهمّة وبمقاربات مختلفة نظر أصحابها في العقائد الإسلاميّة أساسا[30]، وكذلك في الجدل العقائدي بين أهل الأديان المختلفة[31]. إنّ ما نقصده تحديدا هو اعتبار النصوص الّتي صُنّفت ضمن الكتابة التاريخيّة نصوصا في العقيدة. ونحسب أنّ ذلك لم يحظ بما نظنّه جديرا بالاهتمام إلاّ في ما ندر[32]. بل إنّنا نذهب إلى أبعد من ذلك بالقول إنّ العكس هو الّذي حصل فعليّا، إذ أنّ أغلب الدراسات المعتنية بالتاريخ الإسلامي، ولاسيّما المبكّر منه، اعتمد ما انتمى من النصوص إلى مجال الخطاب الديني بامتياز معتبرا إيّاها نصوصا ومصادر تاريخيّة بالمعنى العلمي للتاريخ، فتمّ الاستناد إليها في البحث التاريخي مثل الاعتماد على القرآن والحديث النبويّ والمرويّات عن الأئمّة وغير ذلك من النصوص الدينيّة[33].

المصادر المراجع:

-  ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، بيروت، دار الفكر، 1419 هـ/1998م، م3، ص 209

-   الأشعري، (أبو الحسن عليّ بن إسماعيل)، الإبانة عن أصول الديانة، بيروت، دار الكتب العلميّة، (د-ت)، ص 18

-  الأفغاني (سعيد)، ابن حزم ورسالة في المفاضلة بين الصحابة، دمشق، المطبعة الهاشمية، 1940

-     فوزي البدوي، الجدل الإسلامي اليهودي باللغتين العربيّة والعبريّة إلى حدود القرن 10/16 (بحث مرقون لنيل شهادة دكتورا الدولة، كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوّبة، 2008).

-     منصف بن عبد الجليل، الفرقة الهامشيّة في الإسلام، تونس، مركز النشر الجامعي، 1999

-      هشام جعيّط، تاريخيّة الدعوة المحمّديّة في مكّة، بيروت، دار الطليعة، 2007

-   الجمل، (بسّام)، جدل التاريخ والمتخيّل: سيرة فاطمة، (بحث قيد النشر قريبا، من منشورات مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، ........).

-    جنّوف (عبد الله)، عقائد الشيعة الاثني عشريّة وأثر الجدل في نشأتها وتطوّرها حتّى القرن السابع من الهجرة، بيروت، دار الطليعة، 2013

-    الجويني، (أبو المعالي عبد الملك)، الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الاعتقاد، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1950

-   الحمّامي (نادر)، صورة الصحابي في كتب الحديث، الدار البيضاء/ بيروت، المركز الثقافي العربي، مؤسسّة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، 2014.

-    خليل (عماد الدين)، التفسير الإسلامي للتاريخ، بغداد، 1978

-   سلهب (حسن)، علم الكلام والتأريخ، إشكاليّة العقيدة في الكتابة التاريخيّة الإسلاميّة، بيروت، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي واتّجاهاته، بيروت، 2011

-  الشرفي (عبد المجيد)، الفكر الإسلامي في الردّ على النصارى إلى نهاية القرن الرابع/ العاشر، تونس/ الجزائر، 1986

-  العلياني السلمي (محمّد بن صامل)، منهج كتابة التاريخ الإسلامي حتّى نهاية القرن الثالث الهجري، (رسالة ماجستير، مرقونة، جامعة أمّ القرى، 1984).

-  فان إيس (جوزيف)، بدايات الفكر الإسلامي: الأنساق والأبعاد، الدار البيضاء، الفنك، 2000

-   ابن قتيبة، (أبو محمّد عبد الله بن مسلم)، الإمامة والسياسة، (منسوب إليه)، القاهرة، 1325 هـ.

-   الوريمّي بوعجيلة (ناجية)، حفريّات في الخطاب الخلدوني، الأصول السلفيّة ووهم الحداثة العربيّة، تونس، دار الجنوب، 2008

اليعقوبي، (أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر)، تاريخ اليعقوبي، بيروت، دار صادر، (د-ت).

-       Hamid Dabashi, Authority in Islam: From the Rise of Muhammad to the Establishment of the Umayyads, Second Edition. New Brunswick, NJ & London, Transaction Books. Winner of the 1990 Association of American Publishers Award in the category of religion and philosophy.

-       Montgomery W. Watt, La pensée politique de l’Islam, traduit de l’anglais par S. Reungoat, Paris, PUF, 1995.


*- نشرت هذه المادة في مجلة "ألباب"، العدد 7، خريف 2015، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث

[1]- نقول ذلك ونحن على وعي أنّ الكتاب محلّ القراءة هنا هو إعادة نشر لمقال مطوّل نُشر أوّلا ضمن عمل جماعي تحت عنوان: السلطة وهاجس الشرعيّة في الثقافة الإسلاميّة، تونس، دار أمل للنشر والتوزيع، ط1، 2005، ص ص 11-107

[2]- حياة عمامو، السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام، ص 11

[3]- نفسه، ص 153

[4]- حياة عمامو، السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام، ص ص 8-9. (والتشديد منّا).

[5]- حياة عمامو، السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام، ص ص 11-12

[6]- تقول عمامو: "تأسيس السلطة، في نظرنا، وتطوّرها لا يمكن البحث فيه إلاّ من خلال هذه الألقاب"، ص 13

[7]- حياة عمامو، السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام، ص ص 41-42

[8]- نفسه، ص 16

[9]- نفسه، ص 16

[10] Hamid Dabashi, Authority in Islam: From the Rise of Muhammad to the Establishment of the Umayyads, Second Edition. New Brunswick, NJ & London, Transaction Books. Winner of the 1990 Association of American Publishers Award in the category of religion and philosophy.

[11] Montgomery W. Watt, La pensée politique de l’Islam, traduit de l’anglais par S. Reungoat, Paris, PUF, 1995.

[12]- أنظر مثلا: سعيد الأفغاني، ابن حزم ورسالة في المفاضلة بين الصحابة، دمشق، المطبعة الهاشمية، 1940

[13]- أبو الحسن الأشعري، الإبانة عن أصول الديانة، بيروت، دار الكتب العلميّة، (د-ت)، ص 18

[14]- ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، بيروت، دار الفكر، 1419 هـ/1998م، م3، ص 209

[15]- حياة عمامو، أصحاب محمّد ودورهم في نشأة الإسلام، تونس، دار الجنوب للنشر، 1996، ص 142

[16]- حياة عمامو، السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام، ص 23

[17]- ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، (منسوب إليه)، القاهرة، 1325 هـ، ج1، ص 15

[18]- تاريخ اليعقوبي، ج2، ص 124

[19]- الجويني، الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الاعتقاد، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1950، ص 424

[20]- حياة عمامو، السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام، ص 101

[21]- يمكن مراجعة الصيغ المتعدّدة لهذا الحديث في: صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل الصحابة ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم.

[22]- نادر الحمّامي، صورة الصحابي في كتب الحديث، الدار البيضاء/ بيروت، المركز الثقافي العربي، مؤسسّة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، 2014، ص 12

[23]- حياة عمامو، السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام، ص ص 112-113

[24]- جوزيف فان إيس، بدايات الفكر الإسلامي: الأنساق والأبعاد، الدار البيضاء، الفنك، 2000، ص 99

[25]- حياة عمامو، السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام، ص 112. (والتشديد منّا).

[26]- حياة عمامو، السلطة وهاجس الشرعيّة في صدر الإسلام، ص 112. (والتشديد منّا).

[27]- يقول مثلا بسّام الجمل بعد الفراغ من البحث في سيرة فاطمة في التاريخ: "لقد كان قصدنا من هذا المبحث الإلمام بسيرة فاطمة التاريخيّة في خطوطها الكبرى وفي محطّاتها الأساسيّة. ومن ثمّ لم نتعامل مع الأخبار في هذا الباب إلاّ ما كان ممكن الحصول من منظور تاريخيّ بشكل يجعله منسجما مع سنن الاجتماع الإنساني بصفة عامّة، بل إنّ العديد من هذه الأخبار رجّحنا إمكان تحقّقها في الواقع التاريخي نظرا إلى انعدام الوثائق الماديّة الجديرة بثقة المؤرّخ"، جدل التاريخ والمتخيّل: سيرة فاطمة، (بحث قيد النشر قريبا، من منشورات مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، ........)، ص ...... وفي القول ما يكشف عن وعي بأنّ الأخبار وإن كانت منسجمة مع قواعد الاجتماع البشري فإنّ ذلك لا يعني بالضرورة تاريخيّتها.

[28]- في هذا السياق تتنزّل كتب كثيرة من بينها على سبيل المثال: عماد الدين خليل، التفسير الإسلامي للتاريخ، بغداد، 1978؛ محمّد بن صامل العلياني السلمي، منهج كتابة التاريخ الإسلامي حتّى نهاية القرن الثالث الهجري، (رسالة ماجستير، مرقونة، جامعة أمّ القرى، 1984)، وقد جاء في الصفحة 150 ما يغني عن الإطناب في بيان المنزع الإيماني العقائدي لتصوّر التاريخ أو النظر فيه إذ يقول صاحب التأليف ما يلي: "منهج كتابة التاريخ الإسلامي يقوم في جانبه الفكري والتصوّري على المبادئ والقيم الإسلاميّة، ويستمدّ من التصوّر الصحيح لقضايا العقيدة والإيمان. ولذا فإنّ غايته ووجهته مرتبطة بغاية العقيدة الإسلاميّة فهو يسعى لتكميل الغاية الأساسيّة من خلق الإنسان وهي تحقيق العبوديّة لله سبحانه وتعالىبإقامة شريعته في الأرض".

[29]- يمكن العودة على سبيل المثال إلى: ناجية الوريمّي بوعجيلة، حفريّات في الخطاب الخلدوني، الأصول السلفيّة ووهم الحداثة العربيّة، تونس، دار الجنوب، 2008، وخاصّة الفقرة "التصوّر المذهبي للتاريخ"، ص ص 287- 316

[30]- من الأمثلة على ذلك: منصف بن عبد الجليل، الفرقة الهامشيّة في الإسلام، تونس، مركز النشر الجامعي، 1999؛ عبد الله جنّوف، عقائد الشيعة الاثني عشريّة وأثر الجدل في نشأتها وتطوّرها حتّى القرن السابع من الهجرة، بيروت، دار الطليعة، 2013

[31]- يمكن التمثيل على ذلك بـ: عبد المجيد الشرفي، الفكر الإسلامي في الردّ على النصارى إلى نهاية القرن الرابع/ العاشر، تونس/ الجزائر، 1986؛ فوزي البدوي، الجدل الإسلامي اليهودي باللغتين العربيّة والعبريّة إلى حدود القرن 10/16 (بحث مرقون لنيل شهادة دكتورا الدولة، كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوّبة، 2008).

[32]- يمكن في هذا السياق أن نذكر كتاب حسن سلهب، علم الكلام والتأريخ، إشكاليّة العقيدة في الكتابة التاريخيّة الإسلاميّة، بيروت، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي واتّجاهاته، بيروت، 2011

[33]- يبقى المثال البارز على ذلك اعتماد القرآن مصدرا تاريخيّا لدراسة السيرة النبويّة، ومن ذلك مثلا ثلاثيّة هشام جعيّط في السيرة، راجع مثلا: تاريخيّة الدعوة المحمّديّة في مكّة، بيروت، دار الطليعة، 2007، ص ص 21- 26