بنية الوعي الطائفي: إشكالية الدور الملتبس "للمثقف"؟


فئة :  مقالات

بنية الوعي الطائفي: إشكالية الدور الملتبس "للمثقف"؟

 

"الويل لأمة كثرت فيها طوائفها... وكل طائفة تقول: أنا أمة".

الويل لهم كما قال (جبران خليل جبران) منذ قرن من الزمن..

 

تشكل المسألة الطائفية أحد أخطر مظاهر الحياة السياسية والاجتماعية في العالم العربي الإسلامي، وهي تشكل تهديدا مستمرا للوجود الإنساني وأداة لتدمير مختلف التكوينات الاجتماعية التي تقوم على المواطنة والحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان. فالطائفية، كنزعة تدميرية، تسكن الوجدان الجمعي العربي، وهي نوع مكثف من الأيديولوجيا السياسية الدينية التي تغلغلت في أعماق العقل العربي، ورسُخت في مكنونات اللاشعور الجمعي منذ قيام الدولة الأموية حتى الآن. وقد شهدت النزعة الطائفية تاريخا من التذبذب بين الحضور والغياب على مقياس الحوادث السياسية والاجتماعية هبوطا أو صعودا في المنطقة. ويرصد المفكرون أن حضور هذه النزعة يكون عاصفا ومدمرا في أثناء الانتكاسات السياسية والأزمات الاجتماعية التي تشهدها بعض الدول والبلدان. وقد يعود هذا التعصب الطائفي بعد ثورته إلى الاستقرار والهدوء؛ وذلك عندما ترتفع مؤشرات الهدوء والاستقرار في المجتمعات. ويلاحظ في هذا السياق، أن الطائفية قد ترسبت في الأعماق مع ظهور الدولة الوطنية القطرية في سوريا ولبنان والعراق، ولكنها لا تلبث أن تنهض من القاع كقوة بركانية متفجرة مع أي اهتزازات سياسية في السطح، فتعمل بقوة تدميرية هائلة جارفة على تدمير الروابط الاجتماعية والإنسانية في المجتمع، لتهدد كل أشكال الوحدة الوطنية أو الصيغ الحضارية للتجمعات الإنسانية السياسية.

وقد شكلت هذه الظاهرة "الطائفية" الشغل الشاغل للباحثين والمفكرين في العالم العربي منذ عهود تاريخية قديمة، وما تزال تطرح نفسها للبحث والدراسة في ظل ظروف سياسية جديدة تلعب فيها المتغيرات الدولية تأثيرا كبيرا وواضحا في تفكيك مجتمعاتنا وتدمير أواصر الحياة الاجتماعية والسياسية فيها.

ويمكن القول تاريخيا، وفي المستوى السوسيولوجي، أن أي شكل من أشكال الاهتزازات السياسية أو الاضطرابات الاجتماعية كان يترافق مع انفجار المسألة الطائفية، ولاسيما في حالات الحراك الاجتماعي أو الثورات الاجتماعية. فثورة الفلاحين في جبل عامل في لبنان كانت في جوهرها ثورة اجتماعية، فتحولت ضمن اللعبة السياسية الإقطاعية في ذلك الزمن إلى حرب طائفية، وهذا عين ما نشهده اليوم في سوريا وفي العراق وفي لبنان أيضا.

ويلاحظ تاريخيا، أن المثقفين كانوا يلعبون دورا نشطا في مواجهة كل أشكال الخلل الاجتماعي في الحروب الأهلية وفي الانتكاسات، وعرف عنهم أنهم كانوا يضحون بحياتهم من أجل السلم الأهلي في مجتمعاتهم ـ ويرفعون شعارات الكرامة والحرية والوحدة الوطنية رفضا لكل أشكال الحروب الداخلية والأهلية، وسعيا إلى ترسيخ الوحدة الوطنية في بلدانهم. وقد شاهدنا مثل هذا الدور الكبير للمثقفين والمفكرين في بلدان أوروبا الغربية في مراحل تاريخية عديدة، ولا سيما في مرحلة ما قبل الحرب الأولى وما بين الحربين وما بعدهما. وقد ظهرت مفاهيم ونظريات الحرية وحقوق الإنسان والحقوق المدنية والديمقراطية في أوروبا وغيرها من البلدان على أيدي مفكرين وفلاسفة وعمالقة في تاريخ الفكر الغربي الذين نشدوا الحرية والكرامة والسلام والتسامح ضد كل أشكال الهدم والتدمير.

وفي عالمنا العربي المعاصر، ومع انفجار المسألة الطائفية تحت ضغط الحراك الاجتماعي، أو ما يسمى بالربيع العربي في 2011، يبدو مشروعا لنا في المستويات الأكاديمية أن نتساءل عن دور المثقفين والمفكرين العرب في مواجهة الكارثة الطائفية. وينبثق من هذا التساؤل الكبير تساؤلات منهجية: أبرزها هل مارس المثقفون العرب في الشرق الأوسط تحديدا دورهم الثقافي في مواجهة المد الطائفي والفتنة الطائفية؟ أم إنهم وعلى خلاف ذلك، قد عملوا على تزكيتها وتأجيج نيرانها؟ وبعبارة أخرى، هل مارس المثقفون العرب دورهم الثقافي الإنساني في مواجهة الفتنة الطائفية والتعصب الطائفي؟ أم إنهم انجرفوا في تيار النزعة الطائفية وحملوا لواءها ونشروا قيمها وأفكارها ونافحوا عنها ودعوا إليها؟

وهذا هو السؤال الذي يشكل محور هذه المقالة التي تنطلق من رؤية نقدية لدور المثقفين في مواجهة الطائفية أو الذود عنها وممارستها فكرا وسلوكا. ونحن في هذه المقالة، لا نريد أن نقع في كارثة التعميم المطلق؛ فمما لاشك فيه أن نخبة وإن كانت قليلة جدا من المثقفين قد نهضوا في مواجهة هذا المدّ الطائفي، وعملوا على إطفاء جمرته وإضعاف نزوته بدرجة عالية من المسؤولية. ولكننا ومع الأسف، فإن أن الغالبية العظمى من المثقفين مارسوا الطائفية بطريقة شعبوية لا تتناسب أبدا مع دور الثقافة ومعناها الإنساني.

غالبا ما نقع على خطب جميلة صداحة في الهجوم على الطائفية والتعصب الطائفي أو أي شكل آخر من أشكال التعصب العرقي أو الطائفي أو الإثني أو المذهبي. ويعتقد بعض الكتاب أن الهجوم الأدبي على الطائفية والتعصب الطائفي يمكنه أن يشكل منطلقا لاستئصال هذا الداء المقيت الذي يستشري في عروقنا وفي خلايا وجودنا الإنساني، وهذا التصور قد يجانف الحقيقة، لأن الطائفية لا تُجتث بالخطب والكلمات والشتائم واللعنات.

الطائفية تشكل اليوم إيديولوجية عنيفة دموية تغلغلت في الوعي الجمعي

فالخطب النارية ضد الطائفية وعصبياتها لا تجدي نفعا كبيرا، لأن الطائفية نتاج لجملة من أوضاع وعوامل اجتماعية ثقافية متنوعة وعميقة الجذور في تاريخ مجتمعاتنا العربية. وعلينا أن نرصد العوامل الأساسية التي تكرس الظاهرة الطائفية في مجتمعاتنا بدلا من صب اللعنة عليها، لأن إشعال الشمعات خير لنا من لعن الظلام. كما أنه من الأفضل لنا اليوم أن نبحث في المسألة الطائفية من منظور واقعي موضوعي، وليس من أبراج مثالية عاجية لا تضر ولا تنفع. وعلى أساس هذا المنهج، يجب علينا أن نبحث عن العناصر الأساسية الاجتماعية والسياسية التي تؤصل للظاهرة الطائفية في مجتمعاتنا التي تكرس الطائفية في الوعي والممارسة والسلوك الاجتماعي والسياسي.

أعود للقول من جديد، إن الخطب الصماء والسب والشتم واللعن على الطائفية لا يمكن أن تثمر في القضاء على ريح الطائفية وصريرها، فالقضاء على الطائفية يحتاج إلى جهود إنسانية تربوية ومجتمعية كبيرة أبرزها تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع وبناء مجتمع ديمقراطي حرّ تتكافأ فيه الحقوق والفرص والواجبات بين جميع أفراد المجتمع. فالطائفية ليست مرضا بذاته، بل هي نتاج لأوضاع اجتماعية غُيبت معها كل القيم الديمقراطية وكل الأشكال المدنية لأنظمة سياسية تقوم على قيم العدالة والمساواة والمواطنة.

الوعي الطائفي:

علينا هنا أن نميز بين الطائفة والطائفية، كما التمييز بين القبيلة والقبلية، فعلى خلاف الطائفية تأخذ الطائفة صورة بنية اجتماعية أو صورة أولية لتنظيم اجتماعي أولي بدائي (عرقي دموي أو مذهبي ديني) ولطالما مارست الطائفة دورا سياسيا في حماية أفرادها وإيجاد نوع من التنظيم الاجتماعي بين مكونات وجودها الاجتماعي.

ويجب علينا دائما أن نميز بين حقيقتين في الوعي الطائفي؛ بين حقيقة موضوعية تتمثل في أسبابها التاريخية الاقتصادية والمجتمعية، وبين حقيقة ذاتية تتمثل في درجة الوعي في هذه الحقيقة التي قد تكون زائفة ومتناقضة مع الحقيقة الأولى.

ففي المستوى الأول من الوعي - ونقصد به الوعي العقلاني الموضوعي بالحقيقة الطائفية – يٌنظر إلى الطائفة بوصفها تكوينا اجتماعيا كسائر التكوينات في المجتمع له ما لها وعليه ما عليها، وهو رهن الوقائع والحيثيات الموضوعية والتاريخية في المجتمع. وبالتالي، فإن التعصب الطائفي في هذا يكون غائبا على نحو كلي. فمثل هذا الوعي لا يترتب عليه أي مواقف سيكولوجية تعصبية أو أي نمط من الاتجاهات العاطفية والوجدانية التي تملي على الفرد سلوكا طائفيا. وهذا يعني أن الشخص الذي يمتلك وعيا موضوعيا بحقيقة الطائفة والطائفية، لا يمكنه أن يتأثر بمعطياتها أو أن يكون ضحية للمشاعر والاتجاهات والسلوكيات التي تقوم على أساس طائفي. ومثل هذا الخطاب يمكنه أن يحدد لنا الكيفيات التي يمكننا أن نؤثر بها في إزاحة الفكر الطائفي والتأثير في عوامل وجوده.

أما الوعي الذاتاني التعصبي للحقيقة الطائفية، فيتمثل في نسق من التحيزات التعصبية الساذجة التي تملي على الفرد نمطا من السلوك العدائي تجاه أبناء الطوائف الأخرى. وهذا الوعي مبني على نسق من المطلقات والأحكام الذاتية السلبية ضد الآخر من أبناء الطوائف الأخرى. فالطائفية بالمعنى الذاتي التعصبي تعني التعصب لطائفة ما، والتعبير عن مصالحها والتفاني في خدمتها وتقديم مآربها على ما غيرها من الطوائف. وهذه الصورة من الوعي مضادة ومباينة للوعي الموضوعي الذي يعتمد منهجا نقديا موضوعيا في فهم المعطيات والصيرورات والوظائف التاريخية المشكلة للطائفية وللتعصب الطائفي. وبالمقارنة بين الوعيين، يمكن القول بأن الوعي الذاتي يأخذ صورة ممسوخة مشوهة عن الواقع، بينما يأخذ الوعي الموضوعي صورة وعي يتطابق مع الواقع بمعطياته المجتمعية وأسبابه الموضوعية.

ومن سمات الوعي الموضوعي أنه يحتوي الوعي الذاتي ويدرك أبعاد قصوره وغرائزيته، وهو يدفع إلى التفهم والتسامح، بينما يدفع الوعي الذاتي إلى التعصب والكراهية. ومن المؤسف أن جلّ الوعي السائد في مجتمعاتنا حول الطائفة والطائفية وعي ذاتي غرائزي ينطلق من المبادئ الشمولية، ويركن إلى أحكام كلية تفتقر إلى أدنى مستويات العقلانية والموضوعية. إنه وعي طائفي بامتياز، ونعني به هذا الشكل من الوعي الذي يضع الآخر الطائفي في مربعات الإدانة والاتهام والتبخيس المطلق.

وفي هذا المستوى، تكمن المهمة العضوية والتاريخية للمفكرين في ترسيخ هذا النوع من الوعي الموضوعي بالطائفة والطائفية على حساب الوعي الذاتي القائم على المطلقات الحسية الغريزية المعادية للآخر والمادية بإزاحته.

مفهوم الطائفية:

وللطائفية مفهومان: الانتماء إلى الطائفة والتعصب للطائفة.

فالانتماء للطائفة لا يتناقض مع المشاعر الإيجابية للفرد تجاه الطائفة، وهذا يوازي الانتماء إلى المكان والجماعة والقوم والعصبة والحزب السياسي. ومن هذا المنطلق، فإن حب الطائفة دون تعصب والذود عن مصالحها ورفع الظلم عنها ومن ثم رفض الظلم الذي يقع منها على الآخر أمر محمود ومطلوب في مجتمع طائفي استبدادي.. أي ذو بنية طائفية كما حال بلادنا اليوم.

أما الطائفية المذمومة، فتعني التعصب الأعمى للطائفة وإعلاء مصالحها على مصالح الآخرين والانتصار لها ظالمة ومظلومة. ولنا في موقف النبي صلى الله عليه وسلم من العصبية القبلية أسوة حسنة في فهم الطائفية بمعنى حب القوم (الأقربون أولى بالمعروف) عندما قال: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصره إذ كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره. (أخرجه البخاري). وعلى هذا المنوال، فإن الطائفية بالمعنى الحميد أن يمنع المرء طائفته عن الظلم في حالة كونها ظالمة ويرفع عنها الظلم إذا وقع عليها وكانت مظلومة.

يعرف حامد أبو زيد الطائفية بقوله: "الطائفية فعل تفتتي، لا يتوقف عن ممارسة فعاليته عند نقطة محددة، قد تبدأ من نقطة ما، لكنها تنفجر ما لم تتم محاصرتها بأسرع وسيلة"[1]. "إنها تمارس تفتيتها لكل ما هو بنّاء حتى تصل إلى الفرد نفسه، فتشطره كما تنشطر الذرة فينفصل الإليكترون عن النواة مولدا طاقة مرعبة إذا خرجت عن حدود التحكم، فإن الطائفية تشطر الإنسان نصفين، قوتين متقاتلتين تنتجان تبادل للسيطرة والعنف في علاقة يهيمن فيها الذكر على الأنثى الأقوى على الضعيف هيمنة تكون مطلقة"[2]. إنها كالنار التي تنطلق في الهشيم، فهي تجتاح بلهبها كل شيء وتستفحل دون انقطاع إن لم تحاصر ويغمر لهيبها في الحال قبل أن تستفحل وتحدث الكارثة.

جذور الطائفية:

تضرب الطائفية جذورها في عمق الثقافة العربية المعاصرة، وتشكل بنية عقائدية راسخة في صلب الحياة الثقافية في المجتمع. وقد لا نبالغ في القول بأن الطائفية تشكل اليوم إيديولوجية عنيفة دموية تغلغلت في الوعي الجمعي. وهذا ما كشفته أوهام الربيع العربي وأفرزته قويا في المظهر والمضمون. لقد اندفع الناس أثناء الحراك الجماهيري للتعبير عن طائفيتهم المريرة والمهينة. وقد تبين لنا في ضوء هذا الحراك أنه في المجتمعات التي تسودها ثقافة شمولية، الدين، المذهب، الطائفية، العصبوية، لا يمكن للمرء أن يخرج من قوقعة الإيديولوجية أو يفكر بشكل حر أو مستقل. فالثقافة الطائفية مارست سلطتها بوصفها سلطة كامنة في النفس والعقل الجمعي ومارست دورها في تفكيك المجتمعات العربية، ولاسيما في البلدان التي شهدت حراكا شعبيا ضد الظلم والقهر.

لا يمكن للمثقف الحقيقي أن يكون طائفيا أو مذهبيا، ولا يمكن أن يكون محليا يدافع عن ثلة من البشر أو طائفة من الخلق

ولا يستطيع أحد أن ينكر اليوم بأن الخطاب الطائفي يتصدر الحوار السياسي والثقافي في سورية اليوم، وهو نوع من الخطاب الآثم الذي يقض مضاجع السوريين جميعا، ويهدد وحدتهم ودولتهم وعيشهم المشترك. وقد أصبح هذا الخطاب مع الأسف الشديد قدرا يفرض نفسه على رجال السياسة والفكر بامتياز. ولا يستطيع اليوم أحد أن ينفلت من مغبة استخدام هذا الخطاب الذي لطالما تمنى السوريون الأحرار أن يلغى من أبجدية حياتهم مرة واحدة دفعة واحدة إلى الأبد.

فالأقطار العربية محكومة بقوى تتفرد بالسلطة بصيغتها التسلطية، وتقتل الجماهير، وتحطم الروابط الاجتماعية بين الناس، وتعمل على إحياء كل ولاءات الماضي ما قبل المجتمعية وانتماءاته كالطائفية والقبلية والعشائرية والأثنية ... وغيرها، حيث يصبح الكل في حرب ضد الكل (...) وتمعن في إفقار معظم أفراد الشعب، وتنقل ثرواتها إلى خارج الحدود وتمتنع عن توظيفها واستثمارها في مشاريع إنتاج عربية الأمر الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى تأجيج الأحقاد بين العربي والعربي داخل القطر العربي الواحد، أو بين الأقطار العربية وبالتالي تهميش العامل المنتج للمشاعر القومية بين الناس.[3]

إن ظهور الولاءات الطائفية والانتماءات الضيقة ليس بالقدر الذي لا يرد، بل إن تشكل هذه الولاءات والنزعات يأتي انعكاسا وتجسيدا لشروط تاريخية سياسية واجتماعية واقتصادية. وبالتالي، فإن إمكانية تغيير هذه الشروط تبقى قائمة لصالح ثقافة عربية أصيلة وشاملة.[4]

"إن غالبية سكان الوطن العربي مسلمون لكن الواقع الاجتماعي الراهن أحالهم إلى طوائف، فتوزعوا إلى سنة وشيعة وعلويين وزيديين ودروز وشافعية ...إلخ، وكذلك إلى طرائق كالمهدية والختمية والوهابية والسنوسية ومذاهب ومدارس بما يتعارض مع كل من الولاء الديني العام والولاء القومي. ويوجد إضافة إلى ذلك، أقليات لغوية أو دينية أو عرقية كالأكراد في العراق وسورية والآشوريين والتركمان والشركس والأرمن، وقبائل إثنية جنوب السودان وقبائل البربر في المغرب العربي، والمسيحيين الموزعين إلى طوائف عدة والمنتشرين في مختلف أقطار الوطن العربي[5].

هذه الولاءات الطائفية التقليدية التي أشرنا إليها بأشكالها المتعددة تمارس الآن دورها المعوّق في عملية الاندماج الاجتماعي، ولكن ليس بسبب التنشئة الاجتماعية التي خلفتها العصور الوسطى، إنما بسبب تجدد ظهور الظروف التي كانت في أصل وجودها، ومنها التخلف والرؤية الغيبية والسلطوية السياسية والتباين الطبقي للأفراد والجماعات الطائفية والقبلية والعشائرية والأثنية، حيث يتمتع بعضها على حساب البعض الآخر بالغنى والنفوذ والجاه. وبسبب ذلك، فإن العصبوية التقليدية القائمة هي إما ردة فعل، وإما أداة للمحافظة على امتيازات بعض الجماعات أو للحصول على الحقوق التي حرمت منها أو لانتزاع امتيازات أو مكاسب جديدة[6].

المثقف الطائفي:

يقول لينين قولته المشهورة: "المثقفون هم أكثر الناس قدرة على الخيانة، لأنهم أكثرهم قدرة على تبريرها". وأقول إن مثقفينا لم يخونوا الأمانة، بل كانوا أوفياء للمكنوز الثقافي الطائفي في أعماقهم.

في الآونة الأخيرة نشأت طائفة من المفكرين الطائفيين الأشاوس الذين خطفوا الأضواء وتقدموا الصفوف وضجت بهم الأرجاء. وقد تميز هؤلاء المثقفون الجدد بقدرة هائلة على إثارة غير معهودة للتعصب الطائفي وتأجيج الكراهية المذهبية، والعوة إلى النبذ والتبخيس والتكفير إلى حدّ الدعوة إلى سفك الدماء والقتل. وقد انتشرت السموم الفكرية لهؤلاء المفكرين عبر محطات التلفزيون وصفحات المواقع الإلكترونية الصفراء انتشار النار في الهشيم. وضمن هذا التصور، ظهرت هذه الطائفة من المثقفين لتأجيج الفتن والنفخ في لهيب الكراهية الطائفية وجمار التعصب المذهبي. فاحتلت اسماؤهم عرض الصفحات في المواقع الإلكترونية ومقام الأولويات في "مانشيستات" الصحافة الصفراء.

وفي هذا الزمن المفجع- الذي ألم به جحيم الطائفية، وعصفت بأركانه كل أمواج الحقد المذهبي - أصبحت الثقافة الطائفية موضة ثقافية رائجة اليوم تستهوي القلوب وتنتعش لها النفوس اليائسة والقلوب البريئة. وفي أرداف هذا التعسف الإنساني والبؤس الأخلاقي، وعلى إيقاعات هذا الواقع المأساوي، استطاع فرسان الثقافة الطائفية وركّاب أمواجها أن يصبحوا من المعروفين في ميدان الثقافة الطائفية، وأن يأخذوا مكان الشهرة في أروقتها وتضاريس حضورها ! وقد امتهن هؤلاء الطامحون موجة الحقد الطائفي كوسيلة للارتقاء الثقافي والتألق الفكري والصعود السياسي. ولأن لكل عصر دولة ورجال انبرى هؤلاء المثقفون، ليمثلوا هذا العصر الطائفي بدولتهم الفكرية ورجولتهم الطائفية، فأصبحوا بامتياز أبطال هذا العصر الطائفي وفرسانه. وتتمثل وظيفة هؤلاء "المثقفين الطائفيين الجدد" في صب الزيت على النار الطائفية إذكاء توقدها ونشاطها، فهم يذرعون في نفوس الناس الخوف والكراهية والحقد والنزعة إلى الثأر الطائفي عبر مقولاتهم وأفكارهم وتصوراتهم الجهنمية، ثم يختلقون القصص والروايات، ويزورون التاريخ والحوادث ويؤججون المشاعر، ثم يدعون إلى القتل والاقتتال تحت عنوان الكراهية الطائفية والحقد المذهبي الأرعن اللعين.

ويعبر هاشم صالح عن هذه الوضعية بقوله: "إن الكثير من المثقفين يسقطون في إطار المنظور الطائفي أو المذهبي الضيق متأثرين بالجو العام بدلا من أن يخرجوا منه ويفتحوا للمسلمين خطا جديدا، والسبب واضح: فهو عائد إما إلى دغدغة المشاعر وإرضاء هذا الرأي العام أو ذاك، وإما إلى ضعف التكوين المنهجي لدى هؤلاء الباحثين المتسرعين، وإما إلى عدم اطلاعهم على ثقافة أخرى تتجاوز حدود ثقافتهم الطائفية"[7].

أساتذة جامعات معروفون، مفكرون "علمانيون" كبار، رجال دين مشهود لهم، شعراء، أدباء، انخرطوا في معركة التعصب المذهبي والطائفي وأصبحوا ممثلين لطوائفهم وأعراقهم وأديانهم حتى لانتماءاتهم العشائرية والمناطقية الضيقة، حتى إن الناظر يكاد لا يصدق ويقول لنفسه إنني أعيش في كابوس لا في الواقع. وفي حمأة هذا الجنون الطائفي، تحول الإنترنت إلى ساحة جديدة للصراع الطائفي من خلال منشورات الحقد والكراهية. ولوحظ في الآونة الأخيرة تجمعات افتراضية كثيرة تحت شعار طائفي على مواقع التواصل الاجتماعي مثل جروب آل البيت - جروب الشيعة - جروب أهل السنة - جروب المجاهدون وغير ذلك مما يزيد في انقسامات المجتمع ويمعن في إضعافها.

المثقف الحقيقي كما يراه غرامشي هو المثقف العضوي الذي يتلاحم مع القضايا الكبرى لمجتمعه دون تحيّز أو تمييز أو تعصب

لقد كشفت الأحداث الدامية في سوريا وليبيا والعراق ولبنان أنّ أغلب المثقفين الكبار، الذي كان يُفترض أن يعوّل على علمهم وحكمتهم ورجاحة عقولهم في الأزمات وفي المنعطفات التاريخية، قد انحدروا إلى الدرك الأسفل من السّلوك الغرائزي الطّائفي والعرقيّ والمذهبي الأرعن، وانضمّوا إلى القطيع المهجّن بقيم التخلّف والجهل والعفن التاريخيّ. ولم يستطع كثير من المفكّرين اللاّمعين العرب أن يُخْفُوا هذا التدفّق السادي المهووس والمدجن بقيم التخلف والسقوط في مستنقع من الأوهام النزوية الماضوية التي تجد صداها في أعمق طبقة من طبقات الوعي والوجدان، فانضمّوا إلى القطيع يردّدون أناشيد التعصّب، ويتمايلون على إيقاع التمذهب، ويهزجون بكل خرافات الماضي وأباطيل التّقاليد التي لا يمكن أن تصمد أما العقل والمنطق والبرهان.

وقد بدا أيضا أن الثقافة الطائفية النازعة إلى إلغاء الآخر والفتك به وتدميره قد تجذرت في العقل الباطن عند المثقفين الذين أظهروها بعباءة العلمانية المزيفة تارة، أو تحت مسميات المجتمع المدني والعدالة الاجتماعية تارة أخرى. ومع ذلك، فإن هذه الملطفات الثقافية لم تستطع أن تخفي هذا النزع الطائفي المروع الكامن في نفوسهم وعقولهم الدفينة المأفونة. وقد تخرج هذه الطائفية المروعة من قمقمها المخيف عندما يقترب المرء من رموزهم الدينية الطائفية، وترتدي حلتها الدموية التي لا تخفى على أحد وتتلاشى في تلك اللحظة مفاهيمهم العلمانية القائمة على الحرية والتعددية وقيم التسامح وقيم المجتمع المدني والديمقراطي وعندها يتعرى المثقف من قشرته الخارجية الحضارية، ويظهر للملأ في صورة وحش طائفي يشهر أنيابه في وجه المختلف، ويقوم بتمزيقه ناسيا تماما أن هذا الآخر كان شريكه في الإنسانية والوطن.

ومع الأسف الشديد، فإن أغلب هؤلاء المثقفين الطائفيين رفعوا أقلامهم السوداء خناجر دامية في جسد الثقافة والأمة والوحدة الوطنية، وقاموا بنسف القيم والمعتقدات الليبرالية الحرة والديمقراطية التسامحية التي عرفناها ربما في أحقاب من التاريخ العربي، وهم يشكلون اليوم خطرا داميا يهدد الأمن والثقافة المجتمعية في بلداننا. والأمر الذي لا أستطيع أن استوعبه حتى اليوم كيف يمكن للمثقف أن يكون مثقفا ديمقراطيا إنسانيا، وهو يناصر وينتصر بكل مداد ثقافته للمنظمات الإرهابية، مثل داعش والنصرة والقاعدة؟

لقد هجر كثير من المثقفين مواقعهم النقدية مهرولين إلى مضارب الأنظمة السياسية ومواطن الأحزاب الدينية والتيارات الأيديولوجية العمياء، وذلك تحت ضغط الثروة والنفوذ والمال، فقدّم بعضهم المسألة الطائفية على قضايا الوطن والمواطنة والديمقراطية. ومن أجل تبرير هذا التغير النوعي في المواقف قدّم كلّ مثقف هذه التغيرات التي طرأت عليه بوصفها نوعا من التطور مع معطيات الواقع وتراكمات الثقافة وصيرورة الحياة الفكرية، وهي صيرورات وتغيرات فرضتها الأحداث الدامية والتغيرات السياسية في مجرى الواقع بما ينطوي عليه من هزائم وانتصارات وطفة.

وتذبذب المثقفون من فكر حرّ ديمقراطي إلى نقيضه وانتقلوا من إيديولوجيا يسارية إلى مواقع دينية وغيرها. ومن ثمّ تغيّر دور المثقف، من المثقف الملتزم والعضوي والعقائدي إلى المثقف الذي يرتبط بالطائفة والسياسة والنفوذ والمال وطفة.

في الماضي القريب، كانت هموم المثقفين مشتركة وتطلعاتهم الإنسانية واحدة، وكانت قضاياهم تتمحور حول قضايا: العدالة الاجتماعية والوحدة العربية وتحرير فلسطين. والديمقراطية والفكر القومي والمجتمع المدني وحقوق الإنسان. أما اليوم، فقد تبدلت الأولويات والقضايا المصيرية، فأصبح كثير منهم مدافعين عن قضايا الطائفة والحزب والعصبة والمذهب والإقليم والتعصب، فخرجوا على المبادئ التي تشكلوا في فيئها، وقلبوا ظهر المجن لكل القيم الوطنية والإنسانية التي نادوا بها ودافعو عنها، ووجدوا خلاصهم الوجودي في الدفاع عن قضايا الطائفة والحزب والمذهب والدعوة إلى التحريض التعصبي بكافة أشكاله وألوانه.

"فالمثقفون" بين مزدوجتين يضفون على تعصبهم هالة ثقافية وقوة سحرية تجعل التعصب يندفع بقوة وينتشر.... هؤلاء هم أخطر البشر على الوطن والمواطنة والإنسان والإنسانية.... وإنني لعلى يقين بأن هؤلاء المتعصبين يستحقون أن يحاكموا ألف مرة قبل أن نحاكم أمراء الحرب ومجرميها... لأنهم أكثر خطرا على القيم والأخلاق والإنسانية من أية قوة شريرة أخرى.

حتى "إن رجالات الدين (جزء منهم) انقلبوا على طريقتهم ونظرية الإسلام في الحياة الحرة الكريمة، خطاباتهم تحريض وتحض على القسوة في القلب، نصائحهم توبيخ وتهديد ووعيد بالقطيعة والتباعد والتنافر، شروحاتهم لا تقترب من الواقع لا من قريب أو بعيد، ناهيك عن التنظير الطائفي والتحشيد المذهبي، رغم أن المجتمع واحد متجانس متخالط لا حاجة له بهم. لم يستطيعوا تسخير النظرية الإسلامية في تأمين الحياة الكريمة للمجتمع، وصار لديهم الدين قتال وغزاوت وكره للطرف الآخر وتهميش للعواطف وتحقير للفرح، وتهجير للروح إلى عالم الآخرة بدون أن تعرف ما المعنى من حياتها في هذه الدنيا"[8].

نحن بحاجة اليوم إلى الانتقال إلى وضعية نقدية نرفض فيها شعارات التعصب والطائفية وتقديس المعتقدات الخرقاء المضادة للإنسان والإنسانية

خاتمة:

يقول ستيفن هوكنغ: "إن أعظم عدو للمعرفة ليس الجهل، بل وهم المعرفة" ويمكنني القول بأن المثقف الطائفي يمتهن هذا الوهم ويركب أمواجه في عالمنا العربي. وأقول أيضا في هذه الوقفة الاختتامية إن التعصب - أي تعصب - يشكل حالة من الاستعلاء والانغلاق والجمود على المعتقد، تغيب فيها إمكانية التفكير والنقد والنقض، حالة يضفي فيها المتعصب صفة القداسة على نفسه ومعتقداته وأفكاره ومطلقاته، داعيا إلى نبذ الآخر وإقصائه وإبعاده، ومن ثم تصفية وجوده وتطهيره، من منطلق اتحاده مع المطلقات القدسية لعقيدته التي لا تقبل النقاش والجدل.

فالتعصب الطائفي هو نمط من التدين المتوحش وفي هذا يقول المفكر العراقي عبد الجبار الرفاعي: "لا يمكننا الخلاص من أنماط التدين المتوحش، الذي يفترس مجتمعاتنا المسلمة، ويُكرّس خيبات الأمل، إلاّ أن تصبح: الإنسانية غايتنا، والأخلاق نصابنا، والعدل هدفنا، والحقوق والحريات معيارنا.. لن نبلغ ذلك مالم نكتشف مجدداً صورة الله المفتقدة في الكثير من أنماط التدين، بعد أن نُطهّر هذه الصورة مما لوّثها من ركام خرائب التاريخ، التي راكمها استبداد الخلفاء والأمراء المتغلبين، وشرعنها فقهاء السلاطين، من أجل حرائق غرائزهم العدوانية وحروبهم، وما تركته من رماد أسود وجروح فتاكة في الذاكرة المجتمعية.. لن نبلغ ذلك مالم نعش الإيمان بالله بوصفه إلهاً للحب والجمال والحق والخير والعدل والسكينة والسلام".

يفترض تاريخيا ومنطقيا أن تؤدي الثقافة دورا إنسانيا نهضويا في المجتمع، وينطوي هذا الدور على ترسيخ القيم الإنسانية العليا، وتحقيق أعلى درجة من التماسك والتلاحم الاجتماعي، وهذا يتضمن محاربة العنف والتطرف والعصبية والانتقال بالمجتمع إلى حالة التحضر العليا بما ينطوي عليه هذه التحضر من قيم السلام والتسامح والإيمان بالإنسان والمواطنة رفضا للعنف والدم والتعصب والانقسام. فالثقافة رسالة إنسانية حضارية أخلاقية توظف في حماية المجتمع والجماعات والأفراد وضمان مصالحهم وحماية وجودهم وترسيخ أسمى المعاني والقيم الإنسانية. ومن الطبيعي أن يكون المثقف منتجا لمثل هذه الثقافة مدافعا عنها مضحيا بذاته من أجلها ومن أجل القيم الأخلاقية في مجتمعه، ومن أجل المجتمع الإنساني بتمامه وكماله. ويقتضي هذا التوجه أن المثقف الذي ينادي بالعنف والانقسام والتعصب يكون خارج الثقافة والقيم الأخلاقية، ويكون فعله فعلا مضادا للحياة والرسالة الأخلاقية الإنسانية للمثقف الحقيقي.

وضمن هذا التصور وعلى أساسه، لا يمكن للمثقف الحقيقي أن يكون طائفيا أو مذهبيا، ولا يمكن أن يكون محليا يدافع عن ثلة من البشر أو طائفة من الخلق. فالمثقف الحقيقي كما يراه غرامشي هو المثقف العضوي الذي يتلاحم مع القضايا الكبرى لمجتمعه دون تحيّز أو تمييز أو تعصب. وهذا يعني أن المثقف يفقد هويته الثقافية الحقّة، عندما ينحدر إلى مستنقع العنف والتعصب والسقوط في مستنقع الطائفية والمذهبية.

كم نحن بحاجة اليوم إلى الانتقال إلى وضعية نقدية نرفض فيها شعارات التعصب والطائفية وتقديس المعتقدات الخرقاء المضادة للإنسان والإنسانية، ألم يحن الوقت بعد كي نتخلص من اليقينيات الطائفية اليائسة والدوغمائيات التعصبية الهدامة والوثوقيات المدمرة التي تنخر عقولنا وتدمر مشاعرنا الإنسانية وتحولنا إلى وحوش قاتلة كاسرة.

كم نحن بحاجة إلى القلم الذي يرسم ومضات النور في دائرة الظلام والزمن. كم نحن بحاجة اليوم إلى وضع العجلة الثقافية على سكة التنوير، وننطلق في قطار حرية الضمير والتعبير والتفكير والتدبير والتغيير والتنوير وقد حان الوقت لنخرج من زمن موحش هو زمن الطائفية المقيتة، والتعصب الهدام، والفكر القاصر، واللاوعي الذي يحكمنا، والصنم المسمى واقع الحال الذي يخذلنا، وهي الحالة التي نريد فيها مثقفين جدد فاعلين في التاريخ قادرين على مواجهة التحديات الثقافية في مجتمعاتنا العربية.


[1] نصر حامد أبو زيد، دوائر الخوف: قراءة في خطاب المرأة، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1999، ص 55

[2] نصر حامد أبو زيد، المرجع السابق، ص 56

[3] حامد خليل: مستقبل العلاقات الثقافية والاجتماعية العربية - العربية، شؤون عربية، العدد 93، مارس /آذار، 1998، (ص ص 61-80)، ص 66

[4] حامد خليل: مستقبل العلاقات، المرجع السابق، ص 67

[5] حامد خليل: مستقبل العلاقات المرجع السابق، ص 68

[6] حليم بركات: المجتمع العربي المعاصر، بيروت، 1984، ص 49

[7] هاشم صالح: الثقافة العربة في مواجهة الثقافة الغربية والتحديات، الوحدة، ضمن المجلس القومي للثقافة العربية: الواقع الراهن للثقافة العربية، العددان: 101-102، فبراير/مارس1993، ص ص (14-29)، ص 22

[8] وليد كريم العبيدي، الفقر الفكري للعرب هشم النظرية الاسلامية في السلم المجتمعي.