الفقر كقضية تتعلق بالعدالة
فئة : ترجمات
الفقر كقضية تتعلق بالعدالة[1]
سيلفينا ريبوتا1
ترجمة: أحمد محمد بكر موسى
ملخص:
يحدث الفقر نتيجة التوزيع غير العادل للموارد الذي يعززه نموذج قانوني وسياسي واقتصادي وثقافي، والفقر هو التجسيد الرئيس للظلم الاجتماعي. ويمكن تفسير تأثير اللامساواة الاقتصادية على نوعية الحياة البشرية بشكل أفضل من منظورات: الحاجات الأساسية وارتباطها بالحقوق؛ وعدم تكافؤ الفرص وارتباطه بدرجة الاستقلالية التي يتمتع بها الأفراد؛ وفعالية السياسة العامة ومسؤوليات الحكومات. ويناقش هذا المقال الروابط الوثيقة (وغير المرئية) بين العدالة والقانون والفقر، مؤكدا أن الإطار القانوني الحالي -حتى نظام حقوق الإنسان- يضفي الشرعية على الوضع الراهن غير العادل الذي يمنع الوصول الفعلي إلى الحقوق والحريات والتمتع بها عمن يعيشون في ظروف الفقر. وعلاوة على ذلك فإنه يعرض الاستقرار الديمقراطي للخطر.
1- يجب أن نتحدث عن الفقر (لأن الموضوع مُتجَنب)
يجب أن نتحدث عن الفقر؛ وذلك لأن الكثير يتجنبون تناول هذا الموضوع. فيُناقش الفقر بشكل ملطف، دون ذكر الجوع والحرمان واليأس والبطالة والاستبعاد أو الموت والمرض بسبب الفقر. هذه هي الحقائق اليومية التي يعيشها ملايين البشر في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فالمجتمع العالمي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمنظمات فوق الوطنية الإقليمية والحكومات والأطر القانونية المحلية وأنظمة حماية حقوق الإنسان (سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي) وحتى العلماء والأكاديميين يغضون الطرف. وتقلص المناقشات حول الفقر الطابع العلمي للخطابات والسرديات، ويربط البعض أيديولوجيا، ببساطة مفرطة وخبث، تلك الخطابات والسرديات بالمقاربات المناهضة للديمقراطية والمناهضة للمؤسسة.
وبعيدًا عن ذلك، فمناقشة الفقر أمر ضروري للقانون ولاستقرار الحكومات الديمقراطية ولنوعية حياة البشرية وللتوازن العام للأرض. ويجب أن يكون الفقر موضوعا مركزيًّا في السياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع وعلوم البيئة والتاريخ والعلوم الاجتماعية وبالطبع للدراسات القانونية. ومع ذلك من المفارقة (أو ربما بنية سياسية) أن الفقر فقد بعض الزخم كموضوع مهم، وأصبح غير مرئي في المناقشات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكذلك في الخطابات القانونية. وعلى ما يبدو، ليس من الحكمة الحديث عن أو إجراء بحث حول القانون والفقر ووصول الفقراء إلى العدالة وتجريم الفقر والتوزيع غير العادل للثروة في العالم والمهاجرين الفقراء والتقاطعات بين الفقر والنوع والفقر والإعاقة والفقر والسكان الأصليين والفقر ومجتمع الميم والفقر والطفولة والفقر والعنصرية إلى جانب العديد من حالات التمييز ونقاط الضعف المتفاقمة الأخرى2.
والأكثر من ذلك، فقد أُهمل الفقر بشكل كامل، وكأنه لا يمكن التصرف تجاهه سوى افتراض أنه نتيجة طبيعية لندرة الموارد، أو النتيجة المحتملة الوحيدة للنموذج الاقتصادي والسياسي الوحيد الممكن. وكأنه لا يمكن مواجهة الفقر إلا من خلال محاولة التخفيف من بعض آثاره. كان أول هدف من أهداف الأمم المتحدة الإنمائية للألفية عام 2000 هو القضاء على الفقر المدقع والجوع. وفي عام 2015، اعتمدت الأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة لعام 2030 لتجديد الالتزام الذي لم يتحقق بإنهاء الفقر بجميع أشكاله في جميع أنحاء العالم في الفترة 2015-2030 (UN 2015). وعلى الرغم من توفير الخطة التزامات مهمة، مثل اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره أو تعزيز المجتمعات السلمية والمستدامة، فإن الحاجة إلى الحد من اللامساواة داخل البلدان وفيما بينها جاءت في الهدف العاشر. ومن الواضح أن هذه الخطة لا تعكس الحاجة الماسة والإلحاح المرتبطين بالفقر اليوم، وتتجاهل الملايين من البشر المحرومين الذين يعانون من ظروف معيشية سيئة، ويموتون بسبب الفقر في جميع أنحاء العالم. علاوة على ذلك، فإن هذه الخطة لا تطلب بشكل ملائم (ولا تذكر) التغييرات الهيكلية التي يتطلبها الهدف الأصلي المتمثل في القضاء على الفقر المدقع (Alegre 2007: 242-244).
في الواقع إذا نظرنا إلى العالم وراقبنا مختلف الوقائع الاجتماعية والسياسية، سنلاحظ أننا شيدنا ووطدنا نماذج الدولة والقانون التي تعمل كنماذج للإقصاء وأنظمة التسلسل الهرمي للحقوق البعيدة عن الحاجات الواقعية للبشر. ومع ذلك، تظل الأمور المتعلقة بالفقر مثل ما ينطوي عليه الفقر وأسبابه وكيفية ارتباطه بطريقة الوصول إلى الموارد وكيف يسمح أو يمنع التمتع بالحريات الفردية وإنفاذ الحقوق وارتباطه بالديمقراطيات واستقرارها قضايا جانبية للبحث والنقاش وصنع السياسات، بوصفها مطالبات عدالة مشروعة.
ومن الواضح أنه ينبغي على منظمات حقوق الإنسان الكبرى والأوساط الأكاديمية وعلماء السياسة والاقتصاد والاجتماع والقانون التغلب على التردد في مناقشة المواضيع المتعلقة بالفقر والبحث فيها، والاعتراف بالجوانب الاقتصادية للحقوق؛ لأن اللامساواة الاقتصادية والفقر ليستا قضيتين اقتصاديتين فقط. إنهما في الأساس قضايا تتعلق بالحقوق وحقوق الإنسان (Alston 2015: 1). فلا يمكننا الاستمرار في تجاهل الروابط الوثيقة بين حقوق الإنسان والفقر واللامساواة، والتصرف كما لو أن الموارد وإعادة التوزيع وتعزيز حقوق الإنسان غير مترابطين. وعلاوة على ذلك لأن هذا الوباء العالمي علمنا أن للمرض والحياة والموت علاقة كبيرة بمكانتنا في البنية الاجتماعية (Garret 2020 [1995]; Wade 2020)؛ فلا أحد يطور قدراته بمعزل عن موقعه في البنية الطبقية للمجتمع وبنية الجنس/ النوع والبنى العرقية والبنى القائمة على القدرات، وبشكل عام، البنى الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية لهذا العالم غير العادل. وفي الواقع، فإن كل المزايا والعيوب تتأثر بشدة بمكانتنا في التقسيم الطبقي الاجتماعي. فتتعامل البنى الاجتماعية مع الأوراق، وتوفر فرصا مختلفة للحياة، وتتيح أو تمنع ممارسة الحقوق والحريات والتمتع بالحياة وحتى المرض والموت (Ribotta 2021b).
انطلاقا من هذه الفرضية، أناقش الروابط الوثيقة بين العدالة والقانون والفقر، لا سيما على افتراض أن الفقر هو نتيجة توزيع معين وغير متساو للموارد يعززه نموذج قانوني وسياسي واقتصادي وثقافي. ويمكن دراسة هذه الروابط من خلال مقاربات مختلفة. وسأناقشها من خلال الدفاع عن مفهوم محدد للغاية للفقر فيما يتعلق باللامساواة الاقتصادية، مع التأكيد أن الإطار القانوني الحالي، المتوافق مع حقوق الإنسان، يكاد لا يعتمد على الحاجات الأساسية لتبرير أو دعم مختلف الحقوق والاستحقاقات أو على الأقل فهم تلك الحقوق والاستحقاقات كأسباب وجيهة لتبرير الحقوق. وبالتالي شرعنة الوضع الراهن القائم على اللامساواة المنفصل تماما عن الحاجات الأساسية، وبالتالي منع الوصول الفعلي إلى الحقوق والحريات والتمتع بها، وإعادة إنتاج الأوضاع الهيكلية للفقر التي تجعل من المستحيل على الناس الاستقلال الفعلي. وبالاعتماد على هذه الرؤى، أزعم أن الفقر المدقع هو تجسيد رئيس للظلم الاجتماعي، وهو يرتبط تجريبيًّا باللامساواة الاقتصادية، حيث يشرعن القانون هذا الظلم ويعيد إنتاج أدواره. لا يُظهر عدم إشباع الحاجات الأساسية للمحرومين في سياقات اللامساواة الاقتصادية الصارخة أقصى قدر من الظلم فحسب، بل يُظهر أيضا إمكانية تقليص هذه الفجوة من خلال تنفيذ أساليب إعادة توزيع تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.
2- الفقر والظلم (لأن الفقر ينطوي على ظلم اجتماعي)
عندما نقول إن شخصًا ما فقير أو نناقش حالات الفقر، فإننا نشير إلى الحرمان؛ أي إلى ندرة الموارد والسلع الضرورية، وإلى التأثير المترتب على هذه الندرة على حياة الأشخاص المحتاجين. لكن تحليل تأثير هذا على حياة الناس، والفهم العميق للفقر وأسبابه وكيفية معالجته، يتوقف مباشرة على إطارنا المفاهيمي والأيديولوجي. فعلى سبيل المثال عادة ما نربط الفقر بنقص الغذاء، لكننا لا نربطه بانعدام الحرية أو الاستقلالية. من بين المقاربات المتنوعة لمفهوم الفقر، تجدر الإشارة إلى مفهوم الفقر متعدد الأبعاد أو مؤشر الفقر العالمي متعدد الأبعاد (MPI) الذي تبناه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في عام 2010، والذي حل محل مؤشر الفقر البشري (HPI). ويعد مؤشر الفقر متعدد الأبعاد الفقر ظاهرة متعددة الأبعاد مرتبطة بالصحة والتعليم ونوعية الحياة3، ويهدف إلى توفير قياسات أكثر دقة للفقر وتقييم أفضل لمؤشر التنمية البشرية (HDI)، ومؤشر التنمية البشرية المعدل لعدم المساواة (1-HDI) ومؤشر التنمية بين الجنسين (G-HDI).
تنبع بعض هذه الجهود المبذولة في تعريف الفقر وقياسه وتقييمه بدقة من أعمال أمارتيا سن، وهو ينظر إلى الفقر على أنه الحرمان من القدرات/الوظائف الأساسية ذات الأهمية الجوهرية؛ وذلك في مقابل الحرمان من الدخل الذي عُرّف على أنه ذو أهمية أداتية فقط. لذلك، يحول سن التركيز من الوسائل والسلع والموارد إلى القدرات أو الغايات التي لدى الأفراد سببا للسعي وراءها، وبالتالي إلى الحريات اللازمة لتمكينهم من إشباع هذه الغايات (Sen 1973: 229; Sen 1992: 54-67; Sen 1999: 99 ff. and 351 ff.; Nussbaum & Sen 1993: 56-64)4. وبناء على ذلك، يرى سن أنه ينبغي تفسير الفقر على أنه حرمان من القدرات بوصفها وظائف، يؤدي إلى عدم الوفاء بالحد الأدنى من مستوى المعيشة، بسبب قلة الدخل وعوامل أخرى تتعلق بالسياق الثقافي والأسري والاجتماعي والشخصي(Sen, 1973: 224 and 241; Sen 1992: 124-127; Sen, 1999: 114 ff.; Nussbaum & Sen 1993: 68). إن قلة الدخل أمر أساسي في الحرمان من القدرات ويمهد الطريق لحياة فقيرة. ومع ذلك، هناك عوامل أخرى كثيرة تفسر بشكل أفضل الحرمان من القدرات، وتبين بوضوح حالات الفقر. ومع ذلك، فإن نقص الريع والدخل هو مجرد وضع ظرفي ومشروط. لذلك سيعتمد الحرمان على جوانب أخرى ذات صلة، مثل عدم التجانس الشخصي والظروف الاجتماعية وتوزيع الموارد داخل الأسرة والتنوع البيئي والأحوال الجوية والعوامل الوبائية والجغرافيا والبيئة الاجتماعية والسياقات التاريخية والثقافية والسياسية، أو الاختلافات في وجهات نظر العلاقات المتحيزة ثقافيا5.
الفقر ليس مسألة قلة الرفاه، بل هو عدم القدرة على تحقيق هذا الرفاه بسبب نقص الموارد. وتلعب هذه الموارد دورا مهمًّا ولكنه ليس الدور الحاسم؛ لأنه لا يمكننا تقييم وجود موارد اقتصادية كافية وتجاهل الإمكانات الفعلية لتحويل هذه الموارد إلى قدرات. فالدخل يروي جزءا فقط من القصة، لكن القصة بأكملها تعتمد على قدرة الشخص على العمل، معتمدا على هذا الدخل أو هذه الموارد. وبالتالي فتقييم كيف يمكن للناس تحويل مواردهم المتاحة إلى قدرات وأداء وظيفي أمر مهم. ولن تكون عملية التقييم سهلة: فالظروف الشخصية والاجتماعية والسن أو القدرات والإعاقات والحالة الصحية أو المرض إلى جانب عوامل أخرى، يمكن أن تُصعِّب على الناس قدرتهم على الحصول على الموارد أو تقللها. كما أن تحويل الدخل إلى قدرات سيصبح معقدا نظرا للاختلافات البارامترية بسبب الخصائص والظروف الشخصية. خلاصة القول، ليس المهم ما إذا كانت الأرباح قد انخفضت -من حيث الكمية- بل ما إذا كانت كافية لتحويلها إلى قدرات ملائمة. وبالتالي فقدرة الفرد تعبر أساسًا عن حريته في تحقيق قدرات قيمة. ولذلك، فالقدرة هي في المقام الأول انعكاس لحرية اكتساب وظائف قيمة من خلال تحديد البدائل الفعلية المقدمة للناس؛ أي إن القدرة تمثل حرية الشخص في تحقيق رفاهيته. لهذا السبب، فإن حرية الاختيار مهمة بشكل مباشر لنوعية الحياة ورفاهية الشخص؛ فالحصول على الرفاهية ليس مستقلا عن العملية التي يحقق الناس عبرها وظائف متنوعة وعن الدور الذي تلعبه قراراتهم في تلك الاختيارات.
هكذا تسمح مقاربة القدرات بتقييم الوظائف المنجزة كتلك التي يستطيع الشخص القيام بها، أو مجموعة القدرات المتاحة لهذا الشخص كفرص فعلية. يقدم لنا التقييم الأول معلومات حول ما يفعله الشخص، ويكشف التقييم الثاني ما يتمتع الشخص به من حرية أساسية للفعل. ويرى سن في هذا الصدد أن مقاربة قدرة الإنسان تركز في الغالب على الحرية الأساسية للأفراد في عيش الحياة التي لديهم سبب لتقديرها وزيادة الخيارات الحقيقية التي يمكنهم اختيارها. وبالتالي يكون لدى الشخص في السياق الفردي والأسري والاجتماعي القدرة على فعل أو كون ما لديه أسباب لتقديره. ويمكن أن تكون هناك أسباب مباشرة للفعل، إذا كان الأداء المتضمن يمكن أن يحسن حياة شخص ما أو يؤثر بشكل واضح على رفاهيته (التغذية الجيدة أو الصحة) أو أسباب غير مباشرة، حيث يمكن أن يؤدي الأداء المتضمن إلى زيادة الفوائد، أو تحسين الوضع الاجتماعي للفرد، أو التأثير على الإنتاج أو السوق (Sen 1992: 75 and 81-83)6.
لذلك، أفترض أن الفقر حالة يجد فيها الأشخاص أو المجموعات أو الدول أنفسهم، كحالة مؤقتة وليست دائمة، ويفرق هذا الافتراض بين الأشخاص الفقراء والأشخاص الذين يعيشون في حالة فقر7. عندما نفترض أن أشخاصا فقراء أو أن فردًا ما فقير، فإننا نفسر الفقر كسمة من سمات هوية الفرد، ونربط الفقر بمفاهيم مثل المسؤولية، أو استحقاق شيء ما، أو اللوم على الفقر. وبالتالي فإننا نفسر الفقر على أنه سمة موجودة لتبقى. والواقع أننا نربط الفقر بسمات معينة تحدد هوية الناس بوصفهم فقراء، وبالتالي نربط الفقر بسلوكيات معينة أو أنماط ثقافية أو عادات تنظيمية وشخصية أو هياكل أسرية. ومن الجدير بالذكر أننا نميل إلى تفسير الفقر كنتيجة الأفعال أو التقصير من جانب الأفراد أو الجماعات أو حتى البلدان، مستنتجين أن الناس فقراء نتيجة مباشرة لممارسة حريتهم وإرادتهم وأفعالهم. وبالتالي إخفاء الظروف الهيكلية والسياقية التي يعيش فيها هؤلاء الأشخاص، وتصبح هذه الجوانب مرتبطة بشكل مباشر بالفقراء وتؤثر سلبا على السياسة العامة المتعلقة بالفقر. ولتعزيز هذه الفكرة، فإننا عادة نربط الفقر بندرة الموارد، وبالتالي بعدم القدرة على تغيير حصة المحرومين، وهو ما فُسّر حتى من خلال نظريات العدالة الرئيسة مثل نظرية راولز8.
ومع ذلك، إذا افترضنا أن الأشخاص فقراء بسبب شرط ظرفي لوجودهم الحالي، فإننا نغير إطار التحليل. يتغير تدارسنا ويحول تركيز الدراسة من الشخص إلى السياق الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيش فيه الفرد في فقر، ويقيم الفقر كحالة مؤقتة وبالتالي قابلة للتعديل. نحن لا نغير الكلمة فحسب، بل نغير المفهوم، الذي من خلاله يمكن تفسير الفقر على أنه حالة يعيش فيها الناس في ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية وتاريخية محددة، وحيث تلعب المسؤولية الفردية دورا، ولكنها لا تفسر بشكل كامل حالة الفقر التي يواجهها الفرد.
ينبغي ألا ننظر إلى الفقر بعد الآن كنتيجة لحريات الفقراء فقط. وبدلا من ذلك، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار نتائج الحرمان والصراعات التي يعاني منها هؤلاء الأشخاص واستراتيجياتهم للبقاء المرتبطة بالموارد المتاحة، وتقدير الفقر كحالة يمكن تغيرها وتعديلها. لذا ينبغي فحص المسؤولية في ضوء حياة المحرومين بالنظر إلى قراراتهم، ولكن لا نُسند الفقر كليا إلى تلك القرارات. فلظروف الفقر علاقة كبيرة بالسياق الاجتماعي والاقتصادي والظروف العامة المحيطة بحياة الشخص. ولا يمكن للفاعلية البشرية التفسير المباشرة لهذه الظروف.
على العكس من ذلك، فالفقر أكثر ارتباطا بالمسؤولية الاجتماعية والسياسية وواجبات المساءلة ومسؤوليات الحكومة9. وكما أشار نينو فالأفراد لا يتمتعون بالاستقلالية الحقيقية إذا كانوا يفتقرون إلى الموارد الكافية لإشباع احتياجاتهم وممارسة حرياتهم، على الأقل في لحظتين. عند اختيار خطة الحياة الخاصة بالفرد وعند تحقيق هذه الخطة؛ لأنه لن يكون من المنطقي اختيار خطط الحياة التي لا يمكن تحقيقها أو تحقيق خطط الحياة التي لم تُختر بحرية (Nino 1990: 24). هذا الصدام بين الاختيار والتحقيق يتمحور حول مدى توفر الموارد أو عدمها كما ونوعا لتنفيذ خططنا الحياتية، باعتبار أن الموارد محدودة. لذلك، يحذر نينو من أن ندرة الموارد لا تحد من القدرة على اختيار خطط الحياة فحسب، بل يمكنها أيضا تقويض تحقيق الخطط. بالإضافة إلى ذلك فإن تأثير ندرة الموارد ليس هو نفسه دائما، فيمكن أن يكون تحت تصرف الشخص موارد قليلة أو كثيرة عند رسم خطة الحياة، بينما يفتقر إلى هذه الموارد عندما يتعلق الأمر بتطويرها.
ونتيجة لذلك، تتوقف أبعاد الاستقلالية واختيار خطط الحياة وتحقيقها على الظروف المادية وتوافر الموارد. علاوة على ذلك، فإن الفقر هو وضع غير ملائم للتمتع الكامل بالاستقلال الشخصي، سواء فيما يتعلق باختيار خطط الحياة وتحقيقها؛ لأن الفقر ينطوي دائما على الحرمان وتقييد الحريات.
وعلى ذلك، لا يمكن اعتبار الفقر نتيجة لاتخاذ قرارات فردية، بل ينبع الفقر من حالة اجتماعية اقتصادية هيكلية وسياقية تؤثر على الأفراد، وبالتالي يمكن تعديلها أو قلبها. فيمكن القيام بعمل ما، اجتماعيًّا وسياسيًّا، أو قد يكون هذا العمل مطلوبا لتغيير الوضع (فيما يتعلق بالمساواتية الغائية10)، وتغيير القواعد المؤدية إلى الفقر والمرتبطة بالظروف المادية للأصول الاجتماعية للأفراد. ولمثل هذه الظروف تأثير حاسم على الاستقلالية على كافة المستويات، فهي ترتبط ارتباطا وثيقا بمختلف أبعاد تكافؤ الفرص وبتلك التي تعتبر مواهب طبيعية وجدارة.
يتطلب هذا الخط من التفكير اتباع مقاربة نظرية مفاهيمية تجاه الفقر بالإضافة إلى موقف أيديولوجي فيما يتعلق بالأسباب والتداعيات والطرائق الممكنة للتغلب عليه أو إنهائه، ونوع السياسات المطبقة للتخفيف من حدة الفقر أو معالجته. فالناس فقراء، أو بالأحرى يعيشون في أوضاع فقر كحالة اجتماعية خارجة عن إرادتهم واختيارهم، وخارجة عن المسؤولية المباشرة للفقراء، أو كما يقول سن ليس نتيجة ممارسة حريتهم. وبالأدق القول إن الأشخاص والمجتمعات يمكن أن يصابوا بالفقر بسبب ظروف اجتماعية تتجاوز إرادتهم أو اختيارهم وتتجاوز مسؤوليتهم المباشرة.
من المسلم به أن الفقر والندرة يرتبطان بمحدودية الموارد الطبيعية والمادية اللازمة لإشباع الحاجات الشخصية والاجتماعية. ومن الواضح أن هناك موارد تعد ضرورية للحياة ولكنها تظل نادرة؛ لأن جميع الموارد، بحكم الطبيعة، نادرة ضمن حدود كوكبنا واستدامته. ومع ذلك لا يعني هذا أن الندرة تبرر نموذج هيمنة اقتصادية وسياسية متأصل في طريقة غير متكافئة لإنتاج الموارد العالمية وتوزيعها. لذلك ينبغي التأكيد أن فهْمنا أن موارد العالم نادرة، وأن الفقر يبين توافرها في جزء ما من العالم أو لشخص ما أو لمجموعة من الأشخاص شيء، وأن هناك فقرًا في العالم بسبب ندرة الموارد شيء آخر تماما. ولا تعني الندرة أن بعض الأشخاص أو المجموعات لديهم موارد قليلة أو لا يملكون أي موارد على الإطلاق. ففي العالم الذي نعيش فيه، توجد أوجه قصور في سياقات اجتماعية محددة أو ضمن فئات اجتماعية أو مواقع معينة، لكن هذه الندرة ليست عالمية النطاق، فهي لا تؤثر على سكان العالم ككل.
وبالتالي ينبغي تفسير اللامساواة الشديدة على أنها حاجز غير مقبول وغير عادل يمنع الإنفاذ الفعال لحقوق الإنسان في سياقاتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحالية، ما يدل على الروابط التجريبية المفاهيمية الوثيقة بين اللامساواة الاقتصادية والفقر. وتفضي هذه المقاربة إلى معيار قيمي وسياسي فيما يتعلق بالفقر واللامساواة، ويتطلب أيضا اتخاذ موقف بشأن العدالة (Alston 2015: 1).
على الرغم من وجود مظاهر كثيرة للفقر، فإن أهمها هو إعاقة الوصول إلى وعدم توافر الموارد والدخل والسلع الأساسية لإشباع الحاجات الأساسية، ما يؤدي إلى قصور على مستوى القدرة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية؛ لأن هذا القصور يمنع الأفراد من إشباع حاجاتهم الأساسية وتنمية قدراتهم الأساسية وممارسة حريتهم الحقيقية. ومع ذلك فالقضية ليست كمية الموارد وإنما توزيع الموارد.
لذلك، يصبح الفقر قضية تتعلق بالعدالة؛ لأن هناك إجراءات محددة يمكنها إعادة ترتيب المجتمع أو إعادة هيكلته لجعله أكثر عدالة. وهناك إجراءات ممكنة أيضا في مجال القانون، وهي مطالبات يمكننا تقديمها إلى النظام القانوني بطريقة ملموسة ومباشرة، مثل مساهمته في إخفاء المشاكل الهيكلية الواضحة، وتنظيم الحقوق التي تتجاهل أو تهمل إشباع الحاجات الإنسانية الأساسية التي توطد هياكل اللامساواة الاجتماعية القائمة على اللامساواة الاقتصادية الكبيرة وإدامة اللامساواة في فعالية الحقوق وإنفاذها. وكما أشار أليغري ينبغي حث الدول والسلطات العامة على عدم التعامل مع الفقر وآثاره فحسب، بل محاولة القضاء عليه بكل حزم (Alegre 2007: 237; Alston 2015: 3).
بالإضافة إلى ذلك، لكي ندرس العلاقة بين الفقر واللامساواة بشكل أفضل، علينا أولا فهم الدور الرئيس للحاجات الأساسية وكيفية تشابكها مع إطار الحقوق وإطار حقوق الإنسان على وجه الخصوص. إن الإطار القانوني الحالي، وحتى إطار حقوق الإنسان، يكاد لا يعتمد على الحاجات الأساسية لتبرير الحقوق المختلفة أو دعمها. ومن بين العواقب الأخرى، دفع الحقوق الاجتماعية إلى الخلف، وإهمالها وإخضاعها للحقوق المدنية والسياسية، ما يقوض الجوهر الديمقراطي للدولة الحديثة (Campbell 2007). وعلى الرغم من أن المقاربة المتبعة في إشباع الحاجات كانت في كثير من الأحيان غير جذابة وغير منهجية، كما كانت مليئة بالتحيزات، ولم تكن معقولة كما ينبغي. تناقش نظريات العدالة المساواتية الحالية حاجات الإنسان بطريقة رديئة وساذجة، من خلال مناهج مضللة وغير علمية أو بطريقة مشبوهة أو مريبة (Dworkin 1981: 70-86; Rawls 1999; Rawls 1993: 79-85; Ribotta 2008; Ribotta 2010: 122-216).
توجد مجموعة واسعة من مقاربات الحاجات توفر العديد من المفاهيم والبنيات والمواقف والتصنيفات لهذه الحاجات. وبصرف النظر عن خصوصيات كل نظرية، فإنها جميعا ترسم خطا بين الحاجات والحقوق، والحاجات والمُشبِعات، على الرغم من أن بعض المؤلفين يخلطون بين هذه العناصر أو يسيئون استخدامها. ويصبح هذا النقاش مثمرًا بشكل خاص فيما يتعلق بالتنظير ودور الحاجات كأساس للحقوق.
أفترض أنه ينبغي ألا نخلط بين الحاجات والحقوق؛ لأن الحاجات يمكن (وينبغي) أن تكون في المقام الأول مبررات أو أسس لتوفير الحقوق أو الاعتراف بها (De Lucas and Añón Roig 1990: 58; Añón Roig 1994: 283 ff). كما ينبغي تفسير الحاجات على أنها مبررات غير قطعية للعمل أو توجيه عملية صنع القرار ما لم تشر عوامل أخرى إلى خلاف ذلك. وفوق كل ذلك، فإن تحديد الحاجة غير المشبَعة هو في حد ذاته سبب وجيه لإشباعها، على الرغم من أنه لا يوفر بالضرورة أساسا لمنح الحق12. يعتمد مفهوم الحاجات الذي أؤيده على التمييز بين الحاجات ومُشبعات الحاجات، وبين الحاجات والتفضيلات، حيث تسود الحاجات على التفضيلات (Frankfurt 1988; Braybrooke 1987: 60-75). من أجل هذه التمييزات، ينبغي علينا رسم حد بين الجوانب غير الإرادية للحاجات والجانب الإرادي للتفضيلات، وكذلك بين الحاجة البيولوجية للحفاظ على الحياة والقيود الاجتماعية والثقافية للأفراد13. وأميز من الأوضاع الهيكلية المسبقة (الوضع المتوازن اجتماعيًّا وبيئيا الذي يُفسَّر على أنه بيئة طبيعية واجتماعية مناسبة للتنمية وإشباع الحاجات) بين الحاجات الأساسية والحاجات الناشئة عن المُشبعات، وبين المُشبعات الكافيات والمُشبعات المفضلة، وبين الحاجات الأساسية والتفضيلات. تُحدد مُشبعات الحاجة ضمن السياق الاجتماعي للشخص المحتاج، كموقع وزمان وسياق ثقافي محدد، وهي مشروطة بالتاريخ والاقتصاد والثقافة والسياسة والاجتماع (Galtung 1980a: 60-72). على الرغم من أنه من المسلم به أن هناك مشبعات فريدة أو أساسية، مثل الماء والهواء والوصول إلى خدمات الطاقة (Thomson & Snell 2013: 52, 563-572, among others). فيجب إتاحة هذه الموارد للعامة بكمية ونوعية كافية للحفاظ على حياة الإنسان وإتاحة الفرصة للتنمية البشرية. ولذلك، فهي توصف كمشبعات مشتركة بين القطاعات تشبع جميع حاجات الإنسان.
مما لا شك فيه أنه في حالات الفقر والحاجات غير المشبَعة، لا يكون البشر أحرارًا ولا مستقلين حقا. وعلى الرغم من تعقد أسباب الفقر، فإن الفقر بلا شك هو قضية ظلم هيكلي يتعلق بتوزيع الموارد العالمية وكذلك تخصيص الموارد المحلية داخل كل دولة14. ونتيجة هذا الظلم الهيكلي توجد لامساواة اقتصادية كبيرة تؤدي عمليا إلى الفقر. إن اللامساواة الاقتصادية سبب رئيس للفقر وأكبر عقبة أمام القضاء عليه15. إن التوزيع غير العادل للثروة هو دليل على وجود موارد كافية للقضاء على الفقر (أو على الأقل التخفيف منه) مع إعطاء الأولوية للحاجات الإنسانية الأكثر إلحاحا أو الصارمة، وهي تلك التي تُمكن من الحياة البشرية في ظروف ملائمة. إن الدرجة التي تجعل الفقر واللامساواة كليهما مثيرين للقلق أو غير عادلين، تتوقف على الفجوة بين جانبي طيف اللامساواة، وعلى مدى انخفاض الحد الأدنى وما إذا كان كافيا لتغطية الحاجات الأساسية ضمن سياق محدد ومتنوع يعيش فيه الناس.
وبالتالي ينبغي أن تتجاوز الاهتمامات الفلسفية والقانونية والاقتصادية والسياسية بشأن اللامساواة الاقتصادية والفقر مجرد ملاحظة أن بعض الناس أكثر ثراء من غيرهم، ولديهم موارد أكثر لتطوير خطط حياتهم. وينبغي للفلسفة والقانون والاقتصاد والعلوم السياسية والاجتماعية التركيز على الكيفية التي تضع بها اللامساواة الاقتصادية الأساس للفقر وتؤدي إليه، وكيف تمنع المحرومين من ممارسة قدراتهم الأساسية على قدم المساواة، وبالتالي تمنعهم من التمتع بحرية اختيار خطط حياتهم. وعلاوة على ذلك فلهذا تأثير شديد على الاستقرار الديمقراطي في كل دولة وعلى النظام العالمي.
على نحو مماثل، لكي نتمكن من الفهم التام للتأثير الإجمالي المترتب على اللامساواة الاقتصادية، يتعين علينا أن نميزها عن الأشكال الأخرى من اللامساواة، على افتراض التنوع البشري وعدم تجانس سياقاتنا الاجتماعية والطبيعية التي تؤثر على حياتنا. ومن ثم، فإن الأفراد بشر متساوون، والمساواة هي هيكل اجتماعي، ولكنهم مختلفون تماما من حيث السمات الإنسانية الداخلية والخارجية (السمات الجسدية والنفسية والثقافية والأخلاقية) التي يحددها سياقنا الاجتماعي والاقتصادي والديني والثقافي والتاريخي (Añón Roig 2001; Atkinson, Glaude and Olier 2001; Temkin, 1996: 19-52; Williams, 1970). لذلك، في حين نجد الاختلاف وصفيا، فإن المساواة مفهوم معياري يشير إلى الترتيب الاجتماعي المُهيكَل الذي يتطلب معاملة جميع الأشخاص على قدم المساواة كمعيار للعدالة. ومن ناحية أخرى تنجم اللامساواة عن الطريقة التي نرتب بها نحن البشر أنفسنا ونوزع الموارد والأصول الاجتماعية، وكذلك من المواقف المجتمعية الناشئة عن هذا الترتيب والتوزيع. وباختصار فاللامساواة ظاهرة تاريخية وثقافية واقتصادية وقانونية مرتبطة بالتقسيم الطبقي الاجتماعي، ويمكن أن تتحول إلى قضية اجتماعية خطيرة (De Lucas 1996: 493; López Aranguren 2005: 60 ff.).
وبذلك، فالاختلاف الاجتماعي متأصل في جميع البشر، ولكن اللامساواة الاجتماعية تتوقف على السياق وتتعلق بالمواقع التي يشغلها الأفراد داخل بنية اجتماعية معينة. وترتبط هذه المواقع بأسباب رئيسية وتقليدية للتمييز، مثل النوع أو العرق أو الخلفية الاجتماعية أو الثقافية أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي. هناك مصادر إضافية لللامساواة تقوم على العمر أو المواهب أو القدرات أو الإعاقة أو الجنسية أو الدين إلى جانب أمور أخرى. كل هذه الأسباب للتمييز واللامساواة تعمل كتقاطعات وترتبط عرضيا بالنظام الأبوي المغاير والاستعمار (Kerbo 2000: 11 ff.)16. ونتيجة لذلك، فأشكال اللامساواة مترابطة، وتتداخل وتؤثر على بعضها البعض بطرائق مختلفة تتوقف على السياق الاجتماعي واللحظات التاريخية أو السياسية أو الاقتصادية، وبالتالي تنشئ تسلسلات هرمية متنوعة لها آثار مختلفة على نوعية الحياة والحقوق. ومع ذلك، باتباع مقاربة قائمة على الفقر، يمكن أن تكون اللامساواة الاقتصادية أكثر أشكال اللامساواة ضررًا؛ لأنها قادرة على التحديد المسبق لأوجه اللامساواة الاجتماعية الباقية بشكل مباشر وإعاقة الاستراتيجيات الممكنة للتغلب على هذه اللامساواة وتعزز استبعاد الفئات المحرومة.
نتيجة لذلك، تعمل اللامساواة الاقتصادية كعامل يفاقم اللامساواة والضعف والتمييز17، ما يخلق حلقة مفرغة في سيناريوهات اللامساواة الاقتصادية التي تُرسخ اللامساواة الاقتصادية نفسها وأشد عواقبها المباشرة والخطرة وهو الفقر. ويرجع هذا التفاوت المتوطن في الغالب إلى الإرث الدائم من عدم تكافؤ الفرص، القائم على نظام تقسيم طبقي اجتماعي ظالم يؤدي إلى تعميق اللامساواة بشكل أكبر والتمييز الناتج عنها. وبالتالي، يمكن أن توصف اللامساواة الاقتصادية كسياق يسمح بالفقر المثير للجدل، حيث يُعرَّف الفقر بمصطلحات علائقية ويُفحص كقضية اجتماعية تتطلب إجراءات سياسية واجتماعية. على أي حال يرتبط الفقر بالأوضاع التي يمكن فيها إعادة توزيع الموارد بشكل أكثر عدالة، أو في أوضاع إعادة توزيع معينة يمكن تقييمها من حيث العدالة أو الظلم.
يمكن أيضا تقييم الفقر من الناحيتين المقارنة والنسبية. لذلك، حين نجد مجتمعا يمكنه تلبية حاجات أكبر وأكثر تطورًا لبعض أفراده، ينبغي أن تتزايد الحاجات التي يمكن أن يلبيها هذا المجتمع لجميع أفراده. وفي الواقع كلما زادت الخيارات المتاحة لذلك المجتمع من حيث الثروة الإجمالية، زادت قدرته على تلبية مجموعة واسعة من الحاجات لجميع أفراده، ليس فقط الحاجات الأساسية الملحة، ولكن أيضا الحاجات الثقافية والاجتماعية والاجتماعية وكذلك التفضيلات. وهناك علاقة مهمة بين الدرجات الإجمالية للتنمية الاقتصادية التي يحققها مجتمع، وبين شكل حكومته واللامساواة الاقتصادية الداخلية ونوعية حياة جميع أفراده. وعلاوة على ذلك، تُقيَّم أوضاع الفقر على أنها أوضاع لا يمكن تبريرها وغير عادلة. ويسمح هذا بتغيير درجة الفقر واللامساواة التي توصف بأنها غير عادلة على أساس ثروة المجتمع الإجمالية أو نوعية الحياة التي تتمتع بها نسبة من السكان مقارنة بالحصة الأفقر. وكذلك من أجل إعادة تقييم نطاق الإجراءات السياسية والاقتصادية والقانونية واتخاذ القرار للتخفيف من حدة الفقر واللامساواة ولسيقنة مطالب العدالة الممكنة ووضعها في منظورها الصحيح.
بناء على هذه الحجج، أفترض أن الفقر نتيجة لللامساواة الاقتصادية، التي تنتج عن تفاوت شديد في تنظيم الموارد وتخصيصها، حيث يعزز نموذج قانوني وسياسي واقتصادي وثقافي هذا التفاوت. ويمكن تفسير تأثير اللامساواة الاقتصادية على نوعية حياة البشرية بشكل أفضل من منظور الحاجات الأساسية وارتباطها بالحقوق، الحقوق الاجتماعية على وجه الخصوص، وفعالية صنع السياسات العامة، وعدم تكافؤ الفرص وارتباطها بدرجة الاستقلالية الذي يتمتع بها الأفراد بالفعل.
3. الفقر وعدم تكافؤ الفرص والاستقلالية والحقوق (لأننا لسنا أحرارا إذا كنا فقراء).
في الواقع إن البشر الفقراء مستعبدون بسب نواقصهم وضوائقهم وحرمانهم، فضلا عن مصادر القمع الاجتماعي المختلفة التي ينطوي عليها ذلك الفقر. ومن المؤسف أن القانون والأطر القانونية تلعب دورا رئيسا في تعزيز وتوطيد إعاقة الوصول إلى الحقوق والاستحقاقات والتمتع بها، ما يؤدي إلى الإخلال بتكافؤ الفرص وإعادة إنتاج الفقر الهيكلي. وفي ظل ظروف الفقر الهيكلي، يُتمتع بحرية جوفاء أنثروبولوجيا، ما يخلق حلقة مفرغة من الفرص غير المتكافئة الموروثة القائمة على نظام التقسيم الطبقي الاجتماعي، حيث تتصرف الطبقات الاجتماعية كطوائف. في الواقع تتصرف الطبقات الاجتماعية مثل الطوائف، ويضفي القانون شرعية على الفرص غير المتكافئة واستراتيجيات الحياة التي يُزعم أنها تعتمد على الجدارة والمواهب الفطرية، عبر سياسات تعزز تقسيما طبقيا اجتماعيًّا قويًّا وعميق الجذور مع حراك اجتماعي لا يكاد يذكر (أو لا حراك على الإطلاق)، مرتبط بنظام زائف للمسؤولية الفردية18.
لقد نوقش تكافؤ الفرص على نطاق واسع من العديد من وجهات النظر، بما في ذلك وجهات النظر الأكثر مساواتية والمقاربات الأشد ليبرالية (Arrow, Bowles, Durlauf 2000: Part III; Barry, 1988: 23-46; Bowie 1988; Roemer, 1998). ومن أجل عرض القضايا الجدالية بما يتماشى مع حججي، فإن تصنيف كوهين موضح للغاية، فبالنسبة إليه يزيل تكافؤ الفرص العقبات التي تحول دون الوصول إلى الفرص المتاحة لبعض الناس دون الآخرين (Cohen 1989; Cohen 1999; Parfit 2002).
أولا، يميز كوهين معيار الحد الأدنى لتكافؤ الفرص الذي ينهي القيود المفروضة على تكافؤ الفرص على أساس الوضع المهيكل اجتماعيا، مثل تلك التي يعاني منها الأقنان في الإقطاع أو السود داخل المجتمعات العنصرية. وهذا النوع من تكافؤ الفرص يوسع نطاق الخيارات الممكنة أمام الناس، ويزيل القيود الناشئة عن الحقوق الممنوحة مسبقا والتصورات الاجتماعية. وبالتالي يشرك تكافؤ الفرص الشامل جميع الأشخاص في ديناميات الديمقراطية والحرية. ومن الواضح أن هذا مهم للغاية لممارسة الحقوق وإنفاذها، كما أنه ضروري لكي تنجح الديمقراطيات، لا سيما في عصورنا الحديثة الليبرالية. ومع ذلك من المؤكد أن هذا لا يكفي لضمان تكافؤ الفرص.
يذهب النموذج الثاني لتكافؤ الفرص إلى خطوة أبعد من ذلك؛ لأنه يعالج التأثيرات الاجتماعية التقييدية التي تتجاهلها المساواة الليبرالية، مثل الظروف عند الولادة أو التعليم. فهذه الظروف تقدر على استبعاد الناس، ليس لأنها تمنح مكانة أدنى منذ البداية، بل لأنها تلقي بالأفراد في الفقر والحرمان المرتبط به. في الواقع ينشأ الحرمان الذي يعالجه النوع الثاني من مقاربة تكافؤ الفرص من الظروف الشخصية، حيث لا علاقة لقدرة هذه الظروف على تقييد الحريات بالتصورات الاجتماعية أو الحقوق الممنوحة مسبقا. لذا، عندما يتحقق تكافؤ الفرص تماما، فإن مواهب الناس الطبيعية واختياراتهم هي التي تحدد مصيرهم. وبالتالي في ظل هذه المقاربة، لا يتوقف ما إذا كان بعض الأشخاص أفضل أو أسوأ حالا على خلفيتهم الاجتماعية. ومن ثم تُصحح العيوب الاجتماعية وليس العيوب الفطرية أو الخلقية. وهكذا يظل هذا النوع من تكافؤ الفرص متوافقا مع النتائج غير المتكافئة إلى حد كبير.
النوع الثالث من تكافؤ الفرص الذي تحدث عنه كوهين هو ما يسمى بتكافؤ الفرص الاشتراكي. وفي ظل هذا التكافؤ، فإن أشكال عدم المساواة الناجمة عن الاختلافات الفطرية أو الهيكلية لا تقل ظلما عن تلك الناجمة عن خلفيات اجتماعية غير مرغوب فيها. ويسعى تكافؤ الفرص الاشتراكي إلى معالجة أي عيوب لم تُختر، وهي عيوب لا يمكن مساءلة الشخص عنها بشكل معقول، سواء كانت عيوب تعكس محنة اجتماعية أم طبيعية. فإذا ساد تكافؤ الفرص الاشتراكي، فإن الاختلافات في النتائج تعكس فقط الاختلافات في الأذواق أو الاختيارات، ولكن لن تعكس القدرات المختلفة أو الاختلافات في المواهب الفطرية أو القوى الاجتماعية. لذلك، في ظل هذا النوع من تكافؤ الفرص، تكون فجوات الدخل مقبولة إذا أظهرت فقط تفضيلات متنوعة (مثل الرغبة في مكاسب أعلى أو المزيد من وقت الفراغ).
يرى كوهين أن تكافؤ الفرص الاشتراكي هو الأقرب لتحقيق نتائج متساوية للجميع، حيث لا يمكن لأي مفكر مساواتي الطعن في هذه النتائج، لأن مثل هذه الاختلافات لا ترقى إلى مستوى اللامساواة في مزايا الحياة ما لم يكن الفرد مسؤولا عنها. وفي مقابل ذلك تدعم المقاربة السابقة لتكافؤ الفرص فكرة أن العيوب الاجتماعية التي لم تُختر قد تكون ضارة للناس، لكنها لا توضح ما الذي يجعل العيوب الاجتماعية غير عادلة. إذا كانت هذه العيوب غير عادلة لمجرد أنها لم تُختر، فما دامت العيوب الطبيعية ليست مسألة اختيار، فلا ينبغي لأنصار المساواتية رفض المقاربة الاشتراكية لتكافؤ الفرص. فهذا التحول إلى تكافؤ الفرص الاشتراكي لا يمكن رفضه إلا من قبل أولئك الذين يميزون بين العيوب الاجتماعية والطبيعية بدعوى أن العيوب الاجتماعية غير عادلة لأسباب إضافية غير كونها غير مختارة أو غير مرغوب فيها.
تستند هذه المقاربة لتكافؤ الفرص على نظرية كوهين للمساواة، التي تهدف إلى الحد من العيب غير الطوعي أو القضاء عليه، أو على حد تعبير بارفيت، الحد من أن يكون بعض الناس أسوأ حالا من غيرهم (Parfit, 2002). إنه اقتراح علائقي إلى حد كبير، حيث المساواة (وليس الأولوية) هي وحدها القادرة على إزالة هذا العيب19. يشير الوصول إلى الميزة إلى أي أصل، بغض النظر عن كيفية حصول الشخص عليه، حتى لو لم يترتب عليه أي استغلال أو ممارسة للقدرات؛ لأنه يتطلب النظر في جميع حالات الأشخاص كحالات مرغوبة تُحقَق دون ممارسة أي قدرة (Cohen 1993). فمن وجهة نظر كوهين، ينبغي أن يكون التمييز الرئيس بين الاختيارات والحظ في تحديد مصير الأشخاص، حيث ينبغي اعتبار الشخص مستغلَّا عندما تُوزع المزايا بشكل غير متساو ويعاني من سوء الحظ الذي لا يكون نتاج قرارات محفوفة بالمخاطر كان من الممكن تجنبها. ما يهم هو عدم وجود تفاوتات كبيرة فيما يتعلق بما هو ضروري؛ لأن الحصول على الفرص لا يضمن حصول الأشخاص فعليا على المزايا المقدمة لهم كفرص (Cohen 1989: 920)20.
لم يُعرِّف كوهين المزايا أو ما إذا كان من الممكن تصنيفها أو ترتيبها هرميًّا21. ومع ذلك، فهو يفترض أن غياب الموارد والرفاهية يؤدي إلى أنواع مختلفة من العيوب التي تؤدي أيضا إلى فئات فرعية إضافية مثل الفقر أو الضعف الجسدي أو الندرة أو عدم تحقيق الأهداف المنشودة22. ويسعى كوهين، تماشيا مع سن، إلى القضاء على العيوب غير الطوعية التي لا يمكن تحميل الشخص المسؤولية عنها، وضمان حصول الأشخاص على جميع الوسائل الخارجية المتاحة لتطوير وتحقيق خطط حياتهم على أساس تكافؤ الفرص، وليس فقط تقييم المساواة من حيث الموارد ولكن أيضا فيما يتعلق بالمنفعة لكل فرد. ومع ذلك فالأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلى كوهين هو التمييز بين اختيارات الأشخاص والحظ السيئ الذي يؤثر على مصائرهم. ويدعي أنه ينبغي التعويض عن أي لامساواة تنشأ عن ظروف غير مرغوب فيها أو لم تُختر. في الواقع يرى كوهين أن اللامساواة العميقة التي نشهدها حاليا دليل على عدم التكافؤ في الوصول إلى المزايا.
من منظور مقاربتي كوهين وسن، فإن فهم تكافؤ الفرص على أساس المواهب الطبيعية أو الظروف الهيكلية غير المختارة يؤدي إلى الظلم، حتى لو أمكن إرجاع هذه الظروف الطبيعية إلى حد ما إلى اختيارات الأشخاص، طالما أن هؤلاء الأشخاص ليسوا أحرارا حقا. فالمواهب الفطرية ليست دخيلة على الظروف المادية والاجتماعية لتطوير الشخصية، على افتراض أنه يجب الإشباع المناسب لتلك الاحتياجات الإنسانية البحتة، وكذلك الاحتياجات الاجتماعية أو العلائقية. ومن ثم، فإن المواهب التي تقوم عليها ممارسة القدرات هي مواهب كامنة ستتطور في الغالب اعتمادا على الظروف المادية للخلفيات الاجتماعية للأشخاص وغيرها من الظروف الاجتماعية التي لا ترتبط مباشرة بالخلفية الاجتماعية، والمرتبطة بالمشبعات اللازمة لتنمية القدرات وتحقيق خطط الحياة. وتوجد قيودا مادية واجتماعية على المواهب، حيث إن امتلاك الإمكانات هو شرط مسبق لتنمية الموهبة، لكن هذا الشرط لا يضمن أن ينمي الفرد موهبته الفطرية أو كيف يفعل ذلك.
لقد ولدنا بإمكانات معينة ومجموعة مهارات لا تضمن نتيجة محددة. وتعزز هذه الظروف الفطرية الموهبة وتضع الأساس لتطويرها. ومع ذلك فتطوير المواهب الفطرية يحدث طوال حياة الشخص ويعتمد على الظروف السياقية. بالإضافة إلى ذلك، تختلف هذه المواهب (نوع مختلف من المواهب وبكميات مختلفة) ولكنها تتأثر دائما بعوامل إضافية، قد تنبع أو لا من الإرادة أو الاختيارات الشخصية، وكذلك من جرعة -عالية بشكل عام- من الحظ. ويمكن لهذه العوامل أن تشجع إعمال إمكانات الفرد أو تعيقها أو حتى تمنعها. وتصنع هذه العوامل في نهاية المطاف الفارق عندما يتعلق الأمر بامتلاك مواهب أو قدرات معينة وتطويرها، وترتبط مباشرة بظروف الفقر التي يعاني منها الأشخاص المحرومون. في الواقع لهذه العوامل تأثير كبير على التلبية الملائمة للاحتياجات الإنسانية البحتة والاحتياجات الاجتماعية أو العلائقية، وكذلك على الوصول إلى أوضاع تكافؤ الفرص التي تسمح بالتمتع بتلك المزايا الاجتماعية التي تمكن من ممارسة الحرية الفعلية.
4- القانون والعدالة الاجتماعية (لأن القانون يشرعن الظلم الاجتماعي).
الفقر شكل من أشكال الاضطهاد الاجتماعي وانتهاك الحقوق، وفي مقدمتها حقوق الإنسان، حيث يترتب على الفقر بالضرورة انتهاك الحق في الحياة والصحة والتعليم والسكن والعمل والحرية والمشاركة السياسية وجميع مظاهرها. علاوة على ذلك تقترن أكثر الحقوق أساسية وأهمية بفكرة الكرامة الإنسانية (Arnsperger 2004; Cohen 2005; Fleurbaey 2007; Gargarella 2006; Pogge 2007a: 11-15). وكما لاحظ سينغوبتا، دائما ما يكون الفقر إهانة لكرامة الإنسان، وبالتالي فإن الفقر المدقع هو شكل من أشكال الإهانة الشديدة (Sengupta 2007: 324-325). ويشكل الفقر، دون أي شرط آخر، انتهاكا لحقوق الإنسان. فالفقر يعرض الحفاظ على الطبيعة البشرية وممارسة الحريات الإنسانية الأساسية للخطر. وبالإضافة إلى ذلك يترتب على الفقر ممارسة العنف الاقتصادي على المجتمع ككل. وتشبه آثاره آثار العنف الجسدي، لكنها قد تكون أكثر خطورة (Fleurbaey 2007: 141). وبالتالي فإن القضاء على الفقر هو التزام معنوي وأخلاقي، وهو أيضا التزام قانوني وسياسي (Pogge 2007a: 13).
إن العيش دون فقر أو جوع هو أحد حقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي أُعيد تأكيدها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكوليه الاختياريين. وتؤكد هذه الصكوك الدولية أن الفقر هو إنكار لحقوق الإنسان؛ لأن البؤس ينطوي على انتهاك لجميع الحقوق، وبالتالي تقويض نوعية الحياة وتهديد الحياة نفسها.
لذلك، ينبغي ألا يكون الجوع والفقر مجرد انتهاك صارخ للحقوق. فمن الممكن أيضا وصفهما بالمعاملة المهينة أو حتى قد يصل الأمر إلى حد التعذيب، في ضوء السوابق القضائية لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، والمفوضية الأوروبية السابقة لحقوق الإنسان، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وخبراء الأمم المتحدة. فوفقا لهذه المصادر القانونية، يمكن اعتبار الجوع والفقر والبؤس والإقصاء الاجتماعي من أشكال التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة (Barcelona 2017; Gialdino 2003; Parra Vera 2012)23. ولذلك تنطوي أوضاع الفقر على الانتهاك أو سوء المعاملة. إنها تنتهك القواعد الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتقوض المبادئ الأساسية لعدم التمييز والمساواة وتنتهك الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وبالتالي، فالفقر هو أحد أكثر التعبيرات الصارخة عن الظلم الاجتماعي، ويرتبط تجريبيا باللامساواة الاقتصادية، حيث تُظهر عدم تلبية الاحتياجات الأساسية للمحرومين مدى الظلم. وفي الوقت نفسه، يمكن تجريبيا التخفيف من هذا الحرمان عن طريق تنفيذ استراتيجيات إعادة التوزيع على أساس معايير العدالة الاجتماعية. إن عدم المساواة الاقتصادية تضع الناس في علاقة مختلفة وغير متكافئة فيما يتعلق بمُشبعاتهم وتفضيلاتهم ضمن إطارهم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي.
لا شك أن الفقر يمكن أن يكون مفهومًا نسبيًّا يرتبط مباشرة بثروة وتنمية كل مجتمع. ومع ذلك يمكن تعريف الفقر كقضية اجتماعية عندما تؤدي إعاقة الوصول إلى الموارد إلى ترك الاحتياجات الأساسية دون تلبية. وعلاوة على ذلك، فهناك مجموعة من الاحتياجات الموضوعية العالمية التي لا غنى عنها؛ ويتعارض عدم تلبية تلك الاحتياجات مع الحفاظ على الحياة أو حتى البقاء. ووفقا لكوهين، تعيق اللامساواة الوصول المتساوي إلى المزايا من قبل المحرومين، ما يمنع تلبية احتياجات هؤلاء المحرومين (Cohen 1989; Cohen 1993).
لذلك، يتطلب اختبار اللامساواة من خلال معايير العدالة تقييم مدى حرمان المحرومين ومدى استفادة أولئك الذين يتواجدون في الطرف العلوي من فجوة عدم المساواة. تشير المرحلة الأولى من اختبار العدالة إلى الحاجة إلى التشكيك في الفقر القائم على أساس عدم تلبية الحاجات الإنسانية البحتة. وتشير المرحلة الثانية من اختبار العدالة إلى إعادة توزيع الموارد، وهو ما يبدو ممكنا نظرا إلى تأكدنا من حجم الموارد الهائل الذي يتجاوز حاجات السكان. ويُظهر هذا الصدام تقييم الظلم الاجتماعي. وتأتي العتبة الدنيا للمحرومين، التي تؤدي إلى ظهور قضية اجتماعية وفقر مشكوك فيه، من خلال عدم إشباع الحاجات الإنسانية البحتة اللازمة لتطوير القدرات البشرية الأساسية. وفي الوقت نفسه توفر العتبة العليا لأولئك الذين ينتمون إلى الأشخاص الأكثر حظا إطارا لخيارات إعادة التوزيع.
إلا أن هذا الادعاء لا يبرر العكس. فغياب اللامساواة الاقتصادية لا يعني دائما قدرا أعظم من العدالة الاجتماعية؛ والحد من اللامساواة الاقتصادية لا يعني بالضرورة انخفاض معدلات الفقر. يمكن أن تحدث حالتان عامتان على الأقل عندما لا تعاني المجتمعات من مستويات كبيرة من اللامساواة الاقتصادية، أو عندما تُسد الفجوة الداخلية بشكل مطرد. في المجموعة الأولى من الحالات، يمكننا رؤية المجتمعات ذات التفاوت الاقتصادي المنخفض للغاية أو حتى المساواة الفعلية لا تسجل أي خسائر في مؤشر التنمية البشرية (HDI) فيما يتعلق بمؤشر التنمية البشرية المعدل لعدم المساواة (IHDI). لذا لا توجد خسارة إجمالية في التنمية البشرية بسبب المساواة - مما يظهر في الوقت نفسه مستوى عال موضوعيا من التنمية البشرية لجميع أفراد المجتمع24. وفي المجموعة الثانية، المجتمعات ذات مستوى منخفض من اللامساواة، والفجوة الصغيرة بين الأغنياء والفقراء، ولكن حيث يعاني الناس من الفقر، مع عدم إشباع الحاجات الأساسية التي تواجه الفقراء، أو أوضاع الفقر الهيكلي أو الفقر المدقع، وبالتالي فهي بلدان لديها بعض من أدنى مؤشرات التنمية البشرية في العالم25.
على أي حال، أفترض أن اللامساواة الاقتصادية تولد عدم تكافؤ في الوصول إلى المزايا الاجتماعية، وأنه كلما ارتفع مستوى اللامساواة اتسعت الفجوة بين الفئات الاجتماعية، وأصبح من المستبعد العثور على مجموعات متوسطة (Kerbo 2000: 11 ff.; UNDP, 2022). بالإضافة إلى ذلك، كلما زادت صعوبة الحصول على المزايا الاجتماعية، كلما زادت جدلية الفقر الذي يعاني منه المحرومون لأن فرصتهم أقل في إشباع حاجاتهم الإنسانية البحتة والحاجات الأساسية أو العلائقية المتبقية. وفي نفس الوقت تُظهر هذه الفجوة أن لدى المجتمعات موارد يمكن إعادة توزيعها من خلال السياسات الاجتماعية والضريبية أو غيرها من السياسات العامة، ما يؤدي إلى تضييق هذه الفجوة. ومع ذلك، يتطلب الأمر اتخاذ موقف نقدي تجاه الكفاءة الاقتصادية وكفاءة باريتو - أو أمثلية باريتو- والدعوة إلى موقف قوي للمساواة (Cohen 1995; Sen 1970; Ribotta 2010: 388-400; Ribotta 2017).
إن اللامساواة الاقتصادية لا تؤدي من الناحية التجريبية إلى الفقر فحسب. إنها تحول الفقر إلى قضية تتعلق بالعدالة الاجتماعية لأنها تؤكد أن هناك ما يمكننا القيام به حيال الفقر، وأنه توجد إجراءات لمعالجته والحد منه. وبلا شك يقع تنفيذ هذه الإجراءات على عاتق السلطات العامة والحكومات؛ لأنها واضعة القواعد وصانعة السياسات، فضلا عن كونها المسؤولة عن تخصيص الحقوق والموارد أثناء إنفاذ الحقوق. لذا يصبح الفقر الذي يُفسر كقضية اجتماعية مسألة تتعلق بالعدالة الاجتماعية عندما يُنظر إليه أو يُفحص كنتيجة لقرارات سياسية وقانونية، ولتأثير سياسات العالم حول توزيع الموارد والحقوق السلطات، وللظلم الكامن وراء الاتفاقيات العالمية (Pogge 2007a: 52-53).
يجدر التأكيد أن الفقر ليس ظاهرة طبيعية، بل هو في الواقع عملية سياسية واجتماعية، ناتجة عن طريقة ترتيب مجتمعاتنا باتباع نظام اقتصادي واجتماعي وسياسي وقانوني محدد يسمى الرأسمالية. وعلى أي حال ينبغي على البلدان الالتزام بإنفاذ حقوق الإنسان سعيا إلى الحد من اللامساواة الاقتصادية لتحقيق المساواة الشاملة. وينبغي عليهم دمج قضية الموارد وإعادة التوزيع بشكل مباشر في أجندة حقوق الإنسان (Alston 2015: 2).
ينبغي تفسير الفقر على أنه نتيجة ارتفاع مستويات اللامساواة الاقتصادية التي تعيق الإشباع الملائم للحاجات الإنسانية، وبالتالي تمنع الفقراء من تطوير قدراتهم وخطط حياتهم، ما يحرمهم من الحرية والوصول إلى المزايا الاجتماعية. وبالتالي يخلق الفقر موقفا ليس ظالما بديهيا فحسب، بل هو أيضا مستهجن أخلاقيا وغير فعال اقتصاديا ومرفوض سياسيا.
ومع ذلك، من المفارقة أن أوضاع الفقر تحدث ضمن سيناريوهات وأطر قانونية، حيث لا تنظر هذه الأطر إلى الفقر على أنه انتهاك لحقوق الإنسان. وكما لاحظ فلوربايي فإن حقوق الإنسان تُفسَّر تفسيراً ضيقا يسمح بوجود لامساواة اقتصادية كبيرة، وهذه اللامساواة متوافقة، على نحو صادم، تماما مع حقوق الإنسان. ومن الواضح أنه ينبغي للمرء التشكيك بجدية في هذا التوافق بين اللامساواة الاقتصادية والامتثال لحقوق الإنسان عند التأكد من أن الفقر يعدّ انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان (Fleurbaey, 2007: 133; Ribotta, 2015). ويدعو ألستون المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى تحمل المسؤولية ومواجهة حقيقة أن اللامساواة الشديدة تقوض حقوق الإنسان، وأنه توجد حدود معينة لا يتوافق بعدها مستوى معين من اللامساواة مع المساواة والكرامة وحقوق الإنسان. إن دعم حقوق الإنسان يستلزم افتراض، في كل دولة ديمقراطية وكمجتمع عالمي، الحاجة إلى الحد من اللامساواة الشديدة إلى أن يُقضى عليها جذريا. وينبغي فعل ذلك من خلال تنفيذ تدابير إعادة توزيع ملائمة تقوم على سياسات ضريبية متسقة وسليمة وتحويل فعالية الحقوق الاجتماعية إلى جوهر السياسات العامة (Alston, 2015; Alston & Reisch, 2019).
لذلك، يتعين علينا كشف كل الهياكل القانونية الداخلية التي تضفي شرعية على وجود إطار اجتماعي غير متكافئ وتسمح به بل وتشجعه، حيث توفر هذه الهياكل القانونية أيضا الأساس للأنظمة القانونية والتسلسلات الهرمية التي تدير ظهرها لمطالبات العدالة الاجتماعية المترتبة على الفقر واللامساواة الاقتصادية. وعلاوة على ذلك، لا تفكر الأنظمة القانونية بشكل عام، وحتى نظام حقوق الإنسان، مليا بل وتتجاهل في بعض الحالات الحاجات كأسس لإثبات الحقوق. وكذلك لا يتأملون، بل ويتجاهلون في بعض الحالات، علاقات وترابطات القيم الأساسية للديمقراطية، مثل الحرية والمساواة والتمتع الفعلي والفعال بتكافؤ الفرص، مع أوضاع الفقر.
في الواقع تهدد اللامساواة الكبيرة القائمة والحاجات غير المشبعة وأوضاع الفقر المستمرة بشدة نظام حقوق الإنسان؛ لأنها تنطوي بالضرورة على انتهاكات للحقوق. وتقوض اللامساواة والفقر الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية الفردية. وفي الواقع، نجد الحاجات المادية الأكثر إلحاحا هي التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالحقوق الاجتماعية، التي توضع غالبا في مرتبة أدنى من الحقوق المدنية والسياسية.
وكما ذكر كامبل، حتى عندما تُعطى الحقوق الاجتماعية رسميا نفس أهمية الحقوق المدنية والسياسية، فليس هناك شك في أنه ينتهي الأمر إلى إهمالها في الممارسة العملية (Campbell 2007: 56). والأهم من ذلك أنه لا يُنظر إلى هذا الإهمال اجتماعيا وسياسيا على أنه انتهاك للجوهر الديمقراطي غير القابل للانتقاص للدول الحديثة والديمقراطية، بل إن هذه الحقوق الاجتماعية المهملة يمكن الحد منها أو تقييدها أو الحرمان منها، بينما تتجاهل السلطات والمؤسسات العلاقة الطفيلية بينها وبين الحقوق الفردية والمدنية والسياسية. يضاف إلى ذلك، ما يترتب على عدم فعالية الحقوق الاجتماعية من أثر سلبي شديد على فعالية الحقوق المدنية والسياسية.
يجب أن تصبح الحقوق الاجتماعية والاقتصادية عنصرا مركزيا في نظام حقوق الإنسان، وأن يكون لها نفس أهمية الحقوق المدنية والسياسية (Alston 2015: 2).
إذا كان إطارنا المفاهيمي بشأن الفقر واللامساواة - والدور ذي الصلة للحاجات كأسس للحقوق - يدعو (كإجراء منطقي) إلى تحدي التسلسل الهرمي الهيكلي لأطر الحقوق القائمة حاليا، ولا سيما نظام حقوق الإنسان. فعلينا تحويل نظام الحاجات إلى نظام للحقوق، وهو ما يعني فيما يتعلق بالنموذج الحالي لحقوق الإنسان، الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية تجاه بقية الحقوق. إن العلاقات المتبادلة الفعالة تمارسها الحقوق المدنية والسياسية على الحقوق الاجتماعية واضحة، وتسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين الحاجات الإنسانية البحتة والأساسية أو العلائقية والحقوق الاجتماعية.
لهذه الأسباب، فإن الفقر قضية تتعلق بالعدالة؛ لأنه مسألة اجتماعية واقتصادية وسياسية تستلزم قرارات سياسية وقانونية. وتتطلب أي مقاربة لهذه القضية من منظور العدالة الاجتماعية صياغة سياسات إعادة التوزيع التي تنفذ متطلبات دولة الرعاية الاجتماعية مع الاعتراف بالحقوق الاجتماعية وتنفيذها فعليا. وينبغي لهذه المقاربة إدراج السياسات واللوائح الضريبية بوصفها عنصرًا محوريًّا من عناصر حقوق الإنسان. إن تنفيذ إعادة التوزيع بشكل فعال من خلال سياسات ضريبية مناسبة أمر ضروري للمجتمع حتى يتمتع بحقوق الإنسان بشكل كامل. وكما أشار ألستون فإن السياسات الضريبية هي سياسات حقوق الإنسان.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي الاعتراف بأن لشكل الحكومة والخطط الضريبية (سواء كانت أكثر تقدمية أو رجعية) وتطبيق الإعفاءات الضريبية أو التخفيضات على مجموعات محددة والقرارات المتعلقة بالدعم أو الإنفاق العام تأثير كبير على التمتع بحقوق الإنسان. إن اعتماد تدابير إعادة توزيع مناسبة مع سياسات ضريبية سليمة تدعم نظام رفاهية متين يوفر الحقوق الاجتماعية والاقتصادية هو قرار سياسي بلا شك. وهو أيضا القرار السياسي المناسب الوحيد لضمان تمتع المجتمع ككل بحقوق الإنسان Alston 2015: 2-3; Alston & Reisch 2019))26.
ومن الضروري تطوير أطر قانونية أقرب إلى نظرية الحاجات عند إعطاء مسوغات للحقوق، وعدم إغفال متطلبات المساواة المادية وتلبية الحاجات الأساسية لممارسة القدرات الإنسانية الأساسية، وضمان التمتع بالحرية الحقيقية وتطوير خطط الحياة المختارة بحرية.
وكما أشار فلوربايي، إذا اعتبرنا الفقر وعدم المساواة شكلين من أشكال القمع، فإن الحقوق الأساسية في السلامة الشخصية لا تتحقق إلا إذا اعترفنا في الوقت نفسه بحق موسع في الهروب من الفقر (Fleurbaey 2007: 154). ومما لا شك فيه أن هذه الأهداف تتطلب من الحكومات أن تأخذ السياسات الضريبية بجدية. ولهذه الأسباب فإن الحكومات التي تنفذ السياسات الضريبية كسياسات حقوق الإنسان تؤمن أطرا اجتماعية تتسم بالمساواة والفعالية تؤدي إلى نمو اقتصادي مستدام اجتماعيًّا وبيئيًّا. وينبغي أن يكون مثل هذا النظام مدعوما باقتصادات مستدامة وأنظمة قانونية تضمن مستوى عال من العدالة الاجتماعية.
باختصار إذا كان الفقر نتاج قرارات قانونية وسياسية، فيتطلب القضاء عليه قرارات قانونية وسياسية أيضا.
الهوامش
1- سيلفينا ريبوتا، أستاذة مشاركة في فلسفة القانون والفلسفة السياسية وحقوق الإنسان، جامعة كارلوس الثالث بمدريد، إسبانيا.
2- انظر مقاربتي للفقر والتقاطعات التي سببتها جائحة كوفيد في Ribotta 2021a.
3- يشرح التقرير التطورات والابتكارات الجديدة في مجال قياس الفقر واللامساواة، مع التركيز على مؤشر التنمية البشرية المعدل(IHDI)، ومؤشر الفقر المتعدد الأبعاد MPI (UNDP 2010: 85-101). وتشرح المذكرة الفنية رقم 4 حساب مؤشر الفقر متعدد الأبعاد MPI (UNDP 2010: 215 and 221-222).
4- فالشخص الغني الذي اختار طوعا الصيام أو نذر أن يعيش حياة الفقر يمكن أن يعاني من نقص التغذية، تماما مثل الشخص الذي ليس لديه موارد. ومع ذلك، على الرغم من كون النتيجة واحدة، فإن مجموعة القدرات لدى الغني تختلف تماما عن تلك التي لدى الفقير عندما يقرر الأول بحرية عدم تناول الطعام. فالصوم ينطوي على الاختيار والحرية.
5- يميز سين بين رفاهية الشخص وخصائص السلع والوظائف والقدرات الشخصية والموارد التي يحتاجها الأشخاص لتحقيق هذه الوظائف. كل هذه المفاهيم مختلفة ولكنها مترابطة، وتجسد الوظائف البشرية والقدرات على تحقيق الحريات (Sen 1985: 9-10 and 25-26).
6- يدرس سن كيف يؤثر تعقد مفهوم الحرية على مقاربة القدرات والوظائف. ويلاحظ أنه عندما نقيم اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية في العالم - من حيث القدرة على الوقاية من الأمراض أو الجوع أو الوفيات المبكرة (التحرر من المرض الجوع)، فإننا ندرس الاختلافات في الرفاهية، ولكن أيضا أي حريات أساسية تتيحها أو تمنعها هذه المواقف. وبالتالي هناك فرق بين التحرر من الجوع وبين باقي الحريات الناشئة عن التحرر من الجوع. والجزء المهم من تقييم فكرة التحرر من الجوع هو تحديد ما إذا كان هناك بعد للحرية مرتبط بالجوع، غير الحريات الناشئة عن التحرر من الجوع. وتثير هذه المقاربة انتقادات كبيرة. فيرى كوهين مثلا أن سن يطرح فكرة غامضة عن الحرية، لأنه يعتقد أن التحرر من الجوع ليس في حد ذاته ممارسة للحرية (Cohen 1993: 47 ff.).
7- وفي اللغة الإسبانية يكون الفرق أكثر قابلية للفهم حيث estar تعني يكون وser تعني يصبح، ويكون فقيرا estar pobre ويصبح فقيرا ser pobre.
8- حول انتقادات نظريات العدالة، وخاصة نظريات العدالة المساواتية لجون راولز ورونالد دوركين وأمارتيا سين، انظر Barry 1973; Blocker and Smith 1982; Daniels 1975; Gargarella 2009; Ribotta 2010
9- للحصول على تحليل مفيد حول المسؤولية والفقر والأدوار وأنواع المسؤولية، انظر وينار (Wenar 2007).
10- As explained by Parfit 2002: 81-125. See my insights in Ribotta 2021c
11- يوضح أنيون رويغ المقاربات المختلفة للحاجات ويقدم مناهج لتحديد الاحتياجات. Añón Roig 1994: 33-93, 93-147 and 151-193. Among others, see Braybrooke 1987; Doyal and Gough 1991: 193-304; Galtung. et al. 1980b; Marmor 2003; Miller 2002; Nussbaum 2000; Wiggins 1987; Zimmerling 1990.
12- انظر تحليل بوج حول ما إذا كان يوجد (أو يمكننا إيجاد) حق في الحاجات الأساسية، أي الحق في إشباع الحاجات الأساسية. ويتساءل بوج عما إذا كانت الحاجات في حد ذاتها تؤدي إلى الحق في الإشباع، ويفحص كيف ينبغي للمطالبات الخاصة بالالتزامات اللاحقة لمعالجة الفقر المدقع العمل، دون أن تنطوي على مطالب استثنائية ضد أصحاب المصلحة الآخرين (Pogge 2007b: 14-15). ويمكننا إنشاء علاقة بين تحليل بوج وتحليلات آشفورد حول الالتزامات الإيجابية والسلبية ضمن حق الإنسان الافتراضي في الحاجات الأساسية (Ashford 2007).
13- انظر مقاربتي للحاجات وتصنيفها في Ribotta 2011.
14- يشرح بوج أسباب الفقر المتعلقة بالأضرار التفاعلية، والإخفاقات التفاعلية في التخفيف، والأسباب المتعلقة بالمؤسسات الاجتماعية وتلك المرتبطة بالنظام العالمي المعاصر (Pogge 2007a: 16-51).
15- اللامساواة الاقتصادية ليست مثل اللامساواة في الدخل أو الثروة. بل يتعلق الأمر باللامساواة في الوصول أو عدم توفر المشبعات المناسبة (الدخل أو الموارد)، التي بالإضافة إلى العوامل الشخصية والاجتماعية والسياقية للأفراد المعنيين، تمنعهم من تطوير قدراتهم الأساسية. وبالتالي فإن الدخل والثروة توصفان كوسيلتين تمكنان من الوصول إلى الموارد وتشيران إلى مستويين متميزين من اللامساواة الاقتصادية. وفي سياقات اللامساواة الاقتصادية، غالبا ما تتجاوز اللامساواة في الثروة اللامساواة في الدخل. ومع اتساع فجوة اللامساواة في الدخل، يصبح من الأسهل توليد المزيد من الثروة، وبالتالي اتساع فجوة الثروة. كما يمكن أن تكون هناك سيناريوهات اجتماعية قريبة من المساواة في الدخل برغم إظهار تفاوتات عميقة في الثروة ناجمة عن سياسات وقوانين الميراث القائمة على معايير التقسيم الطبقي الاجتماعي القوية، دون حراك اجتماعي. ترتبط اللامساواة في الدخل واللامساواة في الثروة بشكل وثيق وتؤثران على بعضهما البعض، لكنهما تختلفان من الناحية المفاهيمية، وتنشآن من ديناميكيات اقتصادية منفصلة، ولا تغطيان اللامساواة الاقتصادية أو جميع أبعادها.
16- تثير هذه الجوانب تفاوتات مختلفة بسبب التقييم الاجتماعي للاختلافات المجتمعية، ما يؤدي إلى اعتبارات مختلفة للميزات الفردية أو ترتيب غير متساوى أو هرمي للأدوار الاجتماعية (المكانة، الشرف، الوضع الاجتماعي). علاوة على ذلك، لأن بعض الأوضاع الاجتماعية تضع بعض الأشخاص في وضع أكثر ملاءمة للوصول إلى حصة أكبر من السلع والمشبعات.
17- أناقش هذه المسألة بالتفصيل في Ribotta 2020.
18- تتجاوز مستويات اللامساواة في الدخل الحالية بكثير ما يمكن تبريره بسبب الموهبة والجهد الشخصي والجدارة. انظر (Piketty, 2014: 302-448), من بين آخرين.
19- تتأثر نظرية الحصول على المزايا عند كوهين بشكل كبير بنظرية تكافؤ الفرص في مجال الرفاهية لريتشارد أرنيسون، ويمكن اعتبارها مراجعة نقدية لنظريات دوركين وراولز وسن (Arneson 1989; Cohen 1989; Ribotta 2010: 119-243).
20- يعطي كوهين أهمية خاصة للمسؤولية الفردية. ومع ذلك يرسم حدودا واضحة بين المسؤولية والحظ السيئ، حيث أن فهم تأثيرات الاختيارات الحقيقية يتناقض مع الحظ السيئ (Cohen 1989: 931; Daniels 1990: 290-291).
21- الميزة وفقا لكوهين هي مجموعة غير متجانسة من الحالات المرغوبة لدى الشخص، التي لا يمكن اختزالها في سلع راولز أو حزم موارد دوركين. يتضمن تعريف كوهين للميزة اعتبارات الرفاهية ويشبه تفسير سن للوظائف. يتردد كوهين في استخدام كلمة ميزة، لكنه لم يتمكن من العثور على كلمة أفضل لاقتراحه، وهو يطرح نظريته دون أي دلالات تنافسية (Cohen 1989: 917, notes 17 and 18).
22- يؤكد كوهين أن الوصول المتساوي إلى الميزة أبعد مدى من مقاربة القدرات الأساسية الذي اتبعه سن، حيث إن الوصول يشمل القدرة نفسها وفرصة تحقيقها، والتحكم الخارجي في الوسائل وفرصة تنفيذها. ويفرق كوهين بين capability وcapacity. يمكن تفسير capability على أنها مهارات/مواهب، وcapacity على أنها القدرة على القيام بشيء ما، وهي تشبه وظائف وقدرات سن (Cohen 1989: 941; Cohen 1993).
23- See, e.g., the Inter-American Court of Human Rights cases “Niños de la calle (Villagrán Morales et al.) v. Guatemala”, Judgment of 19 November 1999, C Series No. 63; “Loayza Tamayo v. Peru”, Judgment of 17 September 1997, C Series No. 33; “Instituto de Reeducación del Menor v. Paraguay”, Judgment of 2 September 2004, C Series No. 112 and “Servellón García et al. v. Honduras”, Judgment of 21 September 2006, C Series No. 152. Within the former European Commission on Human Rights, see “Van Volsen v. Belgium,” Commission Decision of 9 May 1990, Complaint No. 14641/89 and “F.N. v. France,” Decision of 10 October 1994, Complaint No. 18725/91. Regarding the cases of European Court of Human Rights, see “Moldovan et al. v. Romania”, No. 2, Judgment of 12 July 2005, Complaints No. 41138/98 and 6432/01; “M.S.S. v. Greece and Belgium”, Judgment of 21 January 2011, Complaint No. 30696/09; “S.H.H. v. United Kingdom”, Judgment of 29 January 2013, Complaint No. 60367/10; “F.H. v. Greece”, Judgment of 31 July 2014, Complaint No. 78456/11; “V.M. et al. v. Belgium”, Judgment of 7 July 2015, Complaint No. 60125/11, “A.S. v. Switzerland”, Judgment of 30 June 2015, Complaint No. 39350/13 and “Amadou v. Greece”, Judgment of 4 February 2016, Complaint No. 37991/11.
24- Countries such as Finland, Iceland, Denmark, Belgium, Austria, Sweden, Norway.
25- Countries like Democratic Republic of the Congo, Malawi, Ethiopia, Yemen, Burkina Faso, Burundi, Mozambique, Mali, and Niger.
26- يجدر الاستفسار عن العلاقة بين السياسات الضريبية وحقوق الإنسان فيما يتعلق بالفساد ومتطلبات الشفافية والمساءلة (Alston & Reisch 2019: Part III; Malem Seña 2017).
REFERNCE
SALEGRE, M. (2007), “Extreme Poverty in a Wealthy World: What Justice Demands Today”, Pogge T. (ed.), Freedom for Poverty as a Human Right. Who Owes What to the Very Poor?, UNESCO-Oxford University Press, Oxford, pp. 237-254.
ALSTON, P. (2015), “Extreme inequality as the antithesis of human rights”, Open democracy, pp. 1-3.
ALSTON, P. Y REISCH, N. (2019), Tax, Inequality, and Human Rights, Oxford University Press, Oxford. https://doi.org/10.1093/oso/9780190882228.001.0001
AÑÓN ROIG, M.J. (1994), Necesidades y Derechos. Un Ensayo de Fundamentación, Centro de Estudios Constitucionales, Madrid.
AÑÓN ROIG, M.J. (2001), Igualdad, Diferencias y Desigualdades, Fontamara, México.
ARNESON, A. (1989), “Equality and Equal Opportunity for Welfare”, Philosophical Studies, 56 (1): 77-93. https://doi.org/10.1007/BF00646210
ARNSPERGER, C. (2004), “Poverty and human rights: The issue of systemic economic discrimination and some concrete proposals for reform”, International Social Science Journal, Nº 180, pp. 289-299. https://doi.org/10.1111/j.0020-8701.2004.00491.x
ARROW, K., BOWLES, S. & DURLAUF, S. (EDS.) (2000), Meritocracy and Economic Inequality, Princeton University Press, Princeton-New Jersey. https://doi.org/10.1515/9780691190334
ASHFORD, E. (2007), “The duties imposed by the Human Rights to basic Necessities”, Pogge T. (ed.), Freedom for Poverty as a Human Right. Who Owes What to the Very Poor?, UNESCO-Oxford University Press, Oxford, pp. 183-218.
ATKINSON, A., GLAUDE, M. Y OLIER, L., (2001), Inégalités économiques, Conseil d’Analyse Économique, Paris, 2001, pp. 11-137.
BARCELONA, J. (2017), “El Tribunal Europeo de Derechos Humanos y la pobreza”, Ivs Fvgit, Nº 20, pp. 323-370.
BARRY, B. (1973), The liberal Theory of Justice, Oxford University Press, Oxford.
BARRY, B. (1988), “Equal Opportunity and Moral Arbitrariness”, Bowie, N., (ed.), Equal Opportunity, Westview Press, Boulder, pp. 23-46. https://doi.org/10.1108/eb010489
BLOCKER, H. & SMITH, E. (EDIT.) (1982), John Rawls’ Theory of Social Justice. An Introduction, Ohio University Press, Ohio.
BOWIE, N. (EDIT.) (1988), Equal Opportunity, Westview Press, Colorado.
BRAYBROOKE, D. (1987), Meeting Needs, Princeton University Press, Princeton-New Jersey.
CAMPBELL, T. (2007), “Poverty as a violation of Human Rights: Inhumanity or Injustice?”, Pogge, T. (edited), Freedom for poverty as a Human Rights, Who Owes what to the very poor?, UNESCO-Oxford University Press, Oxford, pp 55-74.
COHEN, G.A. (1989), “On the Currency of Egalitarian Justice”, Ethics, 99 (4), pp. 906-944.https://doi.org/10.1086/293126
COHEN, G.A. (1993), “Equality of What? on Welfare, Goods, and Capabilities”, Nussbaum, M. & Sen, A. (edit.), The Quality of Life, Claredon Press, Oxford, pp. 9-29. https://doi.org/10.1093/0198287976.003.0002
COHEN, G.A. (1995), “The Pareto argument for inequality”, Social Philosophy and Policy, Vol. 12, Nº 1, pp. 160-185. https://doi.org/10.1017/S026505250000460X
COHEN, G.A. (1999), “Socialism and Equality of Opportunity”, Rosen, M. & Wolff, J. (edit.), Political Thought, Oxford University Press, Oxford, pp. 354-358.COHEN, J. (2005), “¿Sufrir en silencio?”, Gargarella, R., El derecho a resistir el derecho,Miño y Dávila Editores, Buenos Aires, pp. 79-89.
DANIELS, N. (EDIT.) (1975), Reading Rawls. Critical Studies on Rawls’ A Theory of Justice, Basic Books, New York.
DANIELS, N. (1990), “Equality of What: Welfare, Resources, or Capabilities?”, Philosophy and Phenomenological Research, Nº 50, pp. 273-296 https://doi.org/10.2307/2108044
DE LUCAS, J. Y AÑÓN ROIG, M.J. (1990), “Necesidades, Razones, Derechos”, Doxa, Nº 7, pp. 55-81.
DE LUCAS, J. (1996), “La igualdad ante la ley”, Garzón Valdés, E. & Laporta, F., El Derecho y la justicia, Enciclopedia Iberoamericana de Filosofía, Trotta, Madrid, pp. 493-500.
DOYAL, L. & GOUGH, I. (1991), A Theory of Human Need, Guilford Press, New York. https://doi.org/10.1007/978-1-349-21500-3
DWORKIN, R. (1981), “What is Equality? Part 2: Equality of Resources”, Philosophy and Public Affairs, 10, Nº 4, pp. 283-345.
FLEURBAEY, M. (2007), “Poverty as a Form of Oppression”, Pogge, T. (ed.), Freedom From Poverty as a Human Right: Who Owes What to the Very Poor?, Oxford University Press- Unesco, Oxford, pp. 133-154.
FRANKFURT, H. (1988), “Necessity and desire”, The importance of what we care about. Philosophical essays, Cambridge University Press, Cambridge, pp. 104-116. https://doi.org/10.1017/CBO9780511818172.010
GALTUNG, J. ET AL. (1980a), Human Needs. A Contribution to the Current Debate, Oelgeschlager, Gunn & Hain Publishers, Cambridge Mass.
GALTUNG, J., (1980b), “The Basic Needs Approach”, Galtung, J. et al., Human Needs. A Contribution to the Current Debate, Oelgeschlager, Gunn & Hain Publishers, Cambridge Mass, pp. 55-125.GARGARELLA, R. (2009), Las teorías de la justicia después de Rawls, Paidós, Barcelona.
GARGARELLA, R. (ed.), (2006), El derecho a resistir el derecho, Miño y Dávila, Madrid.
GARRET, L., The coming plague: Newly Emerging Diseases in a World out of Balance, Picador, New York, 2020 (Penguin Book, 1995).
GIALDINO, R. (2003), “La pobreza extrema como violación del derecho de toda persona a la vida y a no ser sometida a tortura o tratos crueles, inhumanos o degradantes, entre otros derechos humanos”, Jurisprudencia Argentina, 26-2-2003, 1079-1100.
KERBO, H. (2000), Social stratification and inequality: class conflict in historical, comparative, and global perspective, 4th ed., McGraw-Hill, Boston.
LÓPEZ ARANGUREN, E. (2005), Problemas sociales. Desigualdad, pobreza, exclusión social, Biblioteca Nueva, Madrid.
MALEM SEÑA, J. (2017), Pobreza, corrupción, (in)seguridad jurídica, Marcial Pons, Madrid. https://doi.org/10.2307/j.ctv10qr07r
MARMOR, A. (2003), “The Intrinsic Value of Economic Equality”, Meyer, L., Paulson, S., Pogge, T. (eds.), Rights, Culture, and Law. Themes from the Legal and Political Philosophy of Joseph Raz, Oxford University Press, Oxford, pp. 127-141. https://doi.org/10.1093/acprof: oso/9780199248254.003.0008
MILLER, D. (2002), Social justice, Clarendon Press, Oxford.
Nino, C. (1990), “Autonomía y Necesidades Básicas”, Doxa, Nº 7, pp. 21-34. https://doi.org/10.14198/DOXA1990.7.01
NUSSBAUM, M. (2000), Women and Human Development: The Capabilities Approach, Cambridge University Press, Cambridge. https://doi.org/10.1017/CBO9780511841286
NUSSBAUM, M. & SEN, A. (EDIT) (1993), The Quality of Life, Oxford University Press, Oxford. https://doi.org/10.1093/0198287976.001.0001
PARFIT, D. (2002), “Equality or Priority”, Clayton, M. y Williams, A. (eds.), The Ideal of Equality, Palgrave MacMillan, Hampshire, pp. 81-125.
PARRA VERA, Ó. (2012), “Derechos Humanos y Pobreza en el Sistema Interamericano”, Revista IIDH, 56, pp. 273-320.
PIKETTY, T. (2014), Capital in the Twenty-First Century, Harvard University Press, Cambridge-MA. https://doi.org/10.4159/9780674369542
POGGE, T. (2007a), “Severe Poverty as a Human Rights Violation”, Pogge T. (ed.): Freedom for Poverty as a Human Right. Who Owes What to the Very Poor?, UNESCO-Oxford University Press, Oxford, pp. 11-53.
POGGE T. (ED.), 2007b, Freedom for Poverty as a Human Right. Who Owes What to the Very Poor?, UNESCO-Oxford University Press, Oxford.
RAWLS, J. (1993), Political Liberalism, Columbia University Press, New York.
RAWLS, J. (1999), A Theory of Justice. Revised Edition, The Belknap Press of Harvard University Press, Cambridge-Massachusetts. https://doi.org/10.4159/9780674042582
RIBOTTA, S. (2008), “Necesidades y derechos: Un debate no zanjado sobre fundamentación de derechos (consideraciones para personas reales en un mundo real)”, Revista Jurídicas, 5 (1), pp. 29-56.
RIBOTTA, S. (2010), Las desigualdades económicas en las teorías de la justicia. Pobreza, redistribución e injusticia social, Centro de Estudios Políticos y Constitucionales, Madrid.
RIBOTTA, S. (2011), “Necesidades, igualdad y justicia. Construyendo una propuesta igualitaria de necesidades básicas”, Derechos y Libertades, Nº 24, Época II, enero, pp. 259-299.
RIBOTTA, S. (2015), “Poverty as a violation of Human Rights”, Essays on Human Rights, de Asís Roig, R. & Ansuátegui Roig, F., (direct.), Thomson Reuters y Editorial Aranzadi, Navarra, pp. 511- 538.
RIBOTTA, S. (2017), “Defendiendo la igualdad de la objeción de nivelar a la baja”, Cuadernos Electrónicos de Filosofía del Derecho, Nº 36, pp. 148-168.
RIBOTTA, S. (2021a), “Desigualdad y pobreza en la vida de las mujeres atravesando la pandemia” en Derecho, derechos y pandemia, Pozzolo, S., Grande P., and Moresso JJ. (edit.), Palestra, Lima, pp. 181-226.
RIBOTTA, S. (2021b), “Pobreza y desigualdad como problema de salud”, Los determinantes sociales de la salud: más allá del derecho a la salud, Lema Añón C. (edit.), Dykinson, Madrid, pp. 261-294. https://doi.org/10.2307/j.ctv282jh7t.12
RIBOTTA, S. (2021c), “Condiciones materiales para el ejercicio de la autonomía. El jaque de la degualdad a la libertad”, Revista Derecho del Estado-Universidad Externado de Colombia, No. 48, January-April, pp. 149-182. https://doi.org/10.18601/01229893.n48.06
ROEMER, J. (1998), Equality of Opportunity, Harvard University Press, Cambridge-Massachusetts. https://doi.org/10.4159/9780674042872SEN, A. (1970), “The Impossibility of a Paretian Liberal”, Journal of Political Economy, Nº 78, pp. 152-157. https://doi.org/10.1086/259614
SEN, A. (1973), On Economic Inequality (expanded ed.), Clarendon Press-Oxford University Press, Oxford-New York.
SEN, A. (1985), Commodities and Capabilities, Elsevier Science Publishers, Amsterdam. https://doi.org/10.1016/0044-8486(85)90002-X
SEN, A. (1992), Inequality Reexamined, New York: Oxford University Press.
SEN, A. (1999), Development as freedom, Oxford University Press, New York.
SENGUPTA, A., (2007), “Poverty Erradication and Human Rights”, Pogge, T. (ed.), Freedom From Poverty as a, Human Right: Who Owes What to the Very Poor?, Oxford University Press-UNESCO, Oxford, pp. 323-344.TEMKIN, L. (1996), Inequality, Oxford University Press, New York.
THOMSON, H. & SNELL, C. (2013), “Quantifying the prevalence of fuel poverty across the European Union”, Energy Policy, 52, pp. 563-572. https://doi.org/10.1016/j.enpol.2012.10.009
UNITED NATIONS-GENERAL ASSEMBLY (2015), Transforming our world: the 2030 Agenda for Sustainable Development, A/RES/70/1, 21 October.
UNITED NATIONS-UNITED NATIONS DEVELOPMENT PROGRAMME (2010), Human Development Report 2010, United Nations, New York.
UNITED NATIONS-UNITED NATIONS DEVELOPMENT PROGRAMME-UNDP (2022), Human Development Report 2021-22: Uncertain Times, Unsettled Lives: Shaping our Future in a Transforming World, NEW YORK.https://hdr.undp.org/system/files/documents/global-report-document/hdr2021-22pdf_1.pdf
WADE, L. (2020), “An unequal blow. In past pandemics, people on the margins suffered the most”, Science, Nº 368-6492, pp. 700-703. https://doi.org/10.1126/science.368.6492.700
WENAR, L. (2007), “Responsibility and Severe Poverty”, en Pogge T. (ed.), Freedom for Poverty as a Human Right. Who Owes What to the Very Poor?, Oxford University Press, Oxford, pp. 255-274.
WIGGINS, D. (1987), Needs, Values, Truth. Essays in the Philosophy of Value, Basil Blackwell, Oxford.
WILLIAMS, B. (1970), “The idea of equality”, Feinberg, J. (comp.), Moral Concepts, Oxford University Press, Oxford, pp. 153-171.
ZIMMERLING, R. (1990), “Necesidades Básicas y Relativismo Moral”, Doxa, Nº 7, pp. 35-54. https://doi.org/10.14198/DOXA1990.7.02
[1] - الترجمة بحث منشور في مجلة عصر حقوق الإنسان، جيان، إسبانيا، مجلد 20 يونيو 2023.






