التسامح والتاريخ والحداثة


فئة :  قراءات في كتب

التسامح والتاريخ والحداثة

التسامح والتاريخ والحداثة:

تقديم كتاب

«التسامح في الثقافة العربيّة: دراسة نقديّة»

د. ناجية الوريمّي*

 

أصدرت مؤسّسة «مؤمنون بلا حدود»، في أواخر السنة المنقضية، كتاب (التسامح في الثقافة العربيّة: دراسة نقديّة) (ج1، وج2)، وهو مؤلف جماعي شارك فيه متخصّصون من دول عربيّة وأجنبيّة عدّة، وشرّفتني المؤسّسة بالإشراف عليه. يأتي هذا «الكتاب-الموسوعة» استجابةً لحاجة فكريّة ملحّة فرضتها التحوّلات السياسية والاجتماعيّة التي يمرّ بها المجتمع العربي، والتي تقتضي تعديلات وبدائل تراعي الخصوصيَّ والكونيَّ في آن. تتمثّل هذه الحاجة في بحث الشروط التي تنشئ مجتمعاً تعدّديّاً بقدر ما تتجسّد فيه المكاسب القيميّة الإنسانيّة لا تغيب عنه الخصوصيّة العربيّة الإسلاميّة. فقد طُرِحت في الآونة الأخيرة عدّة أسئلة حول إدارة التنوّع والاختلاف، ولا سيّما في بعدهما الثقافي. وقُدّم مفهوم «التسامح»، الذي يكاد يحظى بإجماع كونيّ، جواباً عن عدد مهمّ منها؛ وذلك بفضل التطوّر المطّرد لدلالاته، والمتأتّي من تقاطعها مع دلالات مفاهيم مجاورة، وهي: «الدولة» و«المواطنة» و«الحريّة» و«الهويّة» و«الحقيقة».

ويظلّ الفكر الذي يجدّد أدواته، ويراجع مفاهيمه، متفاعلاً مع كلّ التحوّلات التي يشهدها الواقع، ومنفتحاً على التطوّر المطّرد لمكتسبات المعرفة الكونيّة، فكراً منتجاً يثبت باستمرار حيويّته وانخراطه الفاعل في تحليل الراهن، وتحديد معالم الآتي. والفكر العربيّ، اليوم، شديد الاهتمام بالمفاهيم السياسيّة والاجتماعيّة والدينيّة الراهنة، هدفه صياغة مشروع وجود متجذّر في واقعه العربيّ الإسلامي ومجسّد للقيم الإنسانيّة الكونيّة، التي تسعى مختلف المجتمعات إلى ترسيخها وحمايتها. ويُعدّ مفهوم التسامح في هذا المشروع المجتمعيّ مفهوماً محوريّاً، من حيث كونه شرطاً من شروط التوازن الاجتماعي والتعدّد الثقافي الخلاّق، وأيضاً من حيث كونه مؤشّراً من مؤشّرات المراجعة النقديّة الأخلاقيّة (Ethique) لأسس حداثة ذات بعد واحد (Unidimensionnelle) يكاد يختزلها معيار النجاعة.

ولا جدال في أنّ مصطلح «التسامح » تبلور في الثقافة الأوروبيّة في عصر الأنوار، وكان تبلوره مؤسَّساً على رصيد دلاليّ معجميّ خاصّ بالكلمة اللاتينيّة (Tolerantia)، وهو القدرة على التحمّل والصبر على الشيء. ولم يكد المصطلح في البداية، يغادر هذه الأرضيّة المعجميّة عندما استقرّ في معنيين أساسيّين: معنى السماح بما كان يمكن منعه؛ لأنّه معدود في الخطأ وفي مخالفة القواعد، ومعنى القبول على مضض بالعقيدة والرأي المخالفيْن، ثمّ تطوّر المفهوم بشكل نوعيّ في ظلّ ما اقتضاه الاتّجاه العامّ نحو قيم حقوق الإنسان والعدالة والديمقراطيّة، ليصبح، في ظلّ التنسيب الفلسفيّ لمفهوم «الحقيقة» وادّعاء الذات العارفة امتلاكها وتمثيلها، «عقلنةً» لظاهرة الاختلاف، وسعياً إلى توفير شروط التعايش السلميّ عبر الحوار القائم على «الاعتراف» المتبادل بين الذوات المتحاورة، و«احترام» الآخر المختلف، و«حرّيّة» اعتقاده. لقد تحوّل إلى مفهوم جَمْعٍ، مكوّناتُ حقله الدلالي متعدّدةٌ. واليوم، وفي إطار سعي الفكر الأوربيّ إلى تدقيق المفهوم، وتخليصه ممّا اقترن به من دلالات أوّليّة تصم الاختلاف، وتجعل التسامح تعالياً على الآخر ومنّاً عليه -وهي دلالات تظلّ قابلة للتوظيف- ظهرت مواقف جديدة تدعو إلى تعويض مصطلح التسامح (Tolérance) بمصطلحات أخرى لا تحمل هذا الإرث المعجمي السلبيّ، من قبيل الاعتراف (Reconnaissance) والاحترام (Respect). واقترحت هذه المواقفُ الهجرةَ الاصطلاحيّة من التسامح إلى «الاعتراف»، أو من التسامح إلى «الاحترام».

وفي ظلّ هذه المراجعات النقديّة التي يشهدها مصطلح التسامح في الثقافة الغربيّة، والداعية إلى تعويضه، هل تُقبل مواصلة اعتماده في الثقافة العربيّة؟ وهل الثقافة العربيّة مطالبة بأن تسلك المسلك ذاته، وتبحث عن بديل للمصطلح العربيّ «تسامح» سعياً إلى الأهداف ذاتها؟

الجدير بالذكر بدءاً، أنّ الثقافة العربيّة الكلاسيكيّة عرفت دلالات معيّنة للتسامح؛ إذ ليس من المتوقّع أنّ مجتمعاً تعدّديّاً، مثل المجتمع العربيّ الإسلاميّ، ظلّ بعيداً عن كلّ مقتضيات التنظير المبدئيّ لشروط التقارب والتسالم والاعتراف المتبادل بين الطوائف والأديان والمذاهب، غير أنّه لم يتخصّص بهذه الدلالات مصطلحٌ بعينه، بل أدّتها كلمات متقاربة، من قبيل: «الوفاق، المسامحة، التسالم، العدل، التفهّم». لكنّ الخطاب العربي الحديث والمعاصر، عندما بدأ يستعمل مفهوم التسامح، لم يصدر في ذلك عن هذا الإرث اللغويّ الدلاليّ في اللغة العربيّة، بل صدر عن المحمول الفكريّ الأوروبيّ الحديث. ودخل المفهوم، أساساً، بدلالات احترام الآخر والاعتراف بحقّه في أن يكون مختلفاً، من باب الواجب الفكريّ والأخلاقي، وليس من باب المنّ والتعالي. من جهة أخرى، وإلى جانب هذه الدلالات الحديثة، لم يكن الحقل المعجمي الخاصّ بكلمة تسامح في اللغة العربيّة يمثّل إشكالاً في مستوى تناسب المفهوم مع هذه الدلالات؛ إذ لا يخرج هذا الحقل عن «السخاء» مع الآخر، و«التساهل» معه، و«عدم التضييق والتشديد»، و«الموافقة»، وانتقال العلاقة من «التنافر» إلى «الانسجام»؛ أي إنّه بعيد عن الدلالات المعجميّة «المحرِجة» في الأصل اللاتيني للمصطلح. ولذلك، فالثقافة العربيّة المعاصرة ليست مدعوّة إلى تجاوز مصطلح لا يعاني من قصور دلاليّ من هذه الناحية، ولا يحتاج إلى مراجعة تقتضي تعويضه، بقدر ما يحتاج إلى تحيين دلالاته وإثرائها باستمرار. وعلى هذا الأساس، وجب تحويل مركز الاهتمام من إشكاليّة تعويض المصطلح إلى إشكاليّة تفعيله؛ وذلك بالبحث في شروط فاعليّته بدءاً بالشروط المعرفيّة التي ينهض بها نقدٌ منتجٌ يسعى إلى تفكيك الأسس الإيديولوجيّة لأفكار التعصّب، ورفض الآخر، وإلغاء الحوار أسلوباً في التواصل، وصولاً إلى الشروط السياسيّة التي تمثّلها اختيارات هادفة تعالج بعمق الدواعي الموضوعيّة الكامنة وراء التوتّر الاجتماعي، واستشراء اللّاتسامح (Intolérance).

ولم تتجاوز الدراسات الخاصّة بمفهوم التسامح في الثقافة العربيّة اليوم أحد صنفين: صنف تقليديّ يستعمله استعمالاً خاصّاً يكاد يباين الدلالات الحديثة التي اكتسبها في رحلة تطوّره، فلم يغادر عنده الإطار «البدعويّ» والإطار «الذمّيّ»؛ وصنف حديث ينهل من فتوحات المعرفة، ومن التفاعل المثمر مع المكتسبات القيميّة الدينيّة والإنسانيّة السامية، وحقّق مساهمات نوعيّة في تكريس المفهوم النقدي للتسامح من خلال الحرص على تجاوز عوامل القصور والالتباس، وتفكيك عوامل التعصّب أو اللاتسامح، لكنّها مساهمات لا تكاد تتجاوز المقال في هذه الدوريّة، أو الفصل في ذاك الكتاب، أو المحاضرة في ذاك المؤتمر.

 

ولهذا ظلّت العديد من القضايا الشائكة المتّصلة بهذا المفهوم في حاجة إلى دراسة نقديّة متأنّية، تتقاطع فيها الاختصاصات والمناهج، وهي قضايا تهمّ ماضي هذا المفهوم كما تهمّ حاضره. والتحليل النقدي للقضايا الماضية فعلٌ معرفيّ ضروريّ؛ لأنّه لا بناءَ لجديد على أرضيّة تنبو عنه بحكم استمرار العوامل المناوئة لهذا الجديد، وتكلُّس الخلفيّة المعرفيّة التي تغذّيها، فضلاً عن أنّه لا آفاق واعدة لمشروع فكريّ لا يتأصّل في واقعه الثقافيّ والاجتماعي عبر تحليل الواقع ونقد الذات. والمواقف من الماضي العربي لمفهوم التسامح تكاد تتباين بين إثبات جزئيّ له لا يتجاوز موقف بعض المفكّرين الأفذاذ وبعض المواقف الفذّة، وإثبات موسّع يشمل منظومات فكريّة، ونفي شبه تام يشمل الفكر مثلما يشمل الممارسة السياسيّة. وجاءت هذه الموسوعة لتراجع هذه المواقف من منطلق تجاوز الإكراهات المنهجيّة الناجمة عن الالتزام بمناسبة معيّنة، أو بزاوية نظر بعينها. علاوةً على ذلك، حظيت القضايا المعاصرة والشائكة، التي تحفّ بمفهوم التسامح اليوم، والتي ما فتئت تنعكس على المجالات الدينيّة والفكريّة والسياسيّة، فقد حظيت في هذا الكتاب بما تتطلّبه من دراسات تحليليّة نقديّة متظافرة الاختصاصات ومتعدّدة المداخل المنهجيّة. وتوزّعت القضايا الماضية والحاضرة في موضوعات متواشجة، روافدُ الجمع بينها تاريخيّة وإبستمولوجيّة واجتماعيّة وسياسيّة تنظيميّة، وحقّقت أهدافاً معرفيّة ترفع الكتاب إلى مستوى المرجع الذي لا يُستغنى عنه في موضوعه، وهذه الأهداف هي:

البحث في مفهوم التسامح الذي تتقاطع فيه قيم طوّرها الفكر البشريّ من أجل البحث عن شروط كرامة الإنسان وخيره، رغم الاختلافات التي تمايز بين المجموعات والطوائف والمجتمعات والأمم؛ وذلك عبر تحيين المعالجة النقديّة لهذا المفهوم في الثقافة العالميّة بصورة مُجمَلة، وفي الثقافة العربيّة بصورة مفصّلة ومعمّقة.

الكشف عن حقيقة حضور المفهوم في الثقافة العربيّة الكلاسيكيّة؛ لأنّه إن كان صحيحاً أنّ الرصيد الديني والمذهبيّ، الذي وصل إلينا عبر عصور الانحطاط، هو في جانب مهمّ منه رصيدُ التعصّب والتزمّت، فإنّه لا يصحّ أن ننفي مطلقاً عن مجتمع تعدّديّ مثل المجتمع العربي الإسلاميّ فكرة التسامح التي تجلّت وفق ما تسمح به ظروف العصر.

الوقوف على المحدوديّة التي وسمت مفهوم التسامح في الخطاب الإصلاحيّ في عصر النهضة، سواء في مستوى التنظير، أم في مستوى التقبّل، وهي عائدة إلى حذر المصلحين من الخلفيّة الاستعماريّة التي كانت تصدر عنها المبادرات والمواقف الغربيّة الداعية إلى التسامح، والساعية في الوقت نفسه إلى التدخّل وبسط النفوذ، وإلى تمسّك الثقافة التقليديّة العالِمة بمعايير التفوّق الثيولوجي «الإسلامي»، التي لا ترى في المختلف إلا درجة من درجات الانحراف عن الحقيقة.

الكشف عن أسباب القصور الذي أصاب الفكر العربيّ المعاصر، من حيث إنّه لم يتمكّن، رغم ترسانة المناهج والرؤى الحديثة التي صدر عنها، من تعميم معالجةٍ نقديّةٍ لمفهوم التسامح يجعله فاعلاً في ثقافة العصر، ومنتِجاً لمقوّمات الانخراط الإيجابيّ في سلّم القيم التي تؤمن بالإنسان، وتكسر الحدود الدينيّة والمذهبيّة والإثنيّة، وهي أسباب موزّعة بين ضعف النقد الذاتي الموروث عن عصر النهضة، وضعف الجرأة في تفكيك الآليّات الفكريّة المنتجة للتعصّب والإقصاء في الثقافة العربيّة، والفشل السياسيّ العربيّ في توفير الأرضيّة الموضوعيّة اللازمة لتكريس قيم التسامح.

إبراز جسور التواصل بين الثقافيّ والسياسيّ والاقتصاديّ في تكريس مفهوم التسامح، والوقوف على تفاعل هذا المفهوم مع المقوّمات النظريّة للدولة الحديثة ممثّلةً في: «المواطنة» و«الحريّة» و«العدالة» و«الديمقراطيّة».

دراسة الخيط الرفيع الفاصل بين استثمار مفهوم التسامح في بعده الإنساني القائم على الاعتراف بشرعيّة الاختلاف وإدارته ديمقراطيّاً، وتوظيف هذا المفهوم في بعده المُعَوْلَم القائم على سعي «النظام العالمي الجديد» إلى محو الهويّات التي عُدّت سبباً في الخلاف والتناحر.

وقد ضمّ المشروع ستّة محاور كبرى، توزّعت بين المعالجة المفاهيميّة للمصطلحات، والمعالجة الإشكاليّة للقضايا، والمعالجة التاريخيّة للظواهر والمواقف والوضعيّات، فمثّلت بذلك الإطار المناسب لجمعِ وجهات النظر المختلفة، والاختصاصات المعرفيّة المتقاطعة، والمقاربات المنهجيّة المتعدّدة والشاملة لـمقاربات نصّيّة (textuelles) (فيلولوجيّة، سيميائيّة، بنيويّة، تفكيكيّة، إبستمولوجيّة...)؛ وأخرى حافّة بالنصّ (périphériques au texte) متعلّقة بمنتجه وظروف إنتاجه (مقاربات تاريخيّة، أنثربولوجيّة، نفسيّة...).

وفي ما يأتي جملة المحاور:

المحور 1: في مفهوم التسامح، ويشمل: مفهوم التسامح: صعوبة التعريف وتحوّلات الواقع، د. منير الكشو؛ ومفهوم التسامح في علم الاجتماع - محاولة في التأصيل، د. إبراهيم الحياني؛ ومفهوم التسامح من زاوية دينية، دة. زهرة الثابت.

المحور2: التعدّد والتسامح في النصّ القرآني، ويشمل: التعدّديّة الدينيّة من منظور قرآني: قراءة تأسيسيّة، عدنان المقراني/ د. عامر الحافي؛ التسامح في القرآن الكريم، د. الشيخ التجاني أحمدي؛ التسامح منسوخاً والسيف ناسخاً، دة. زهية جويرو.

المحور 3: الثقافة العربيّة ورفض الاختلاف، ويشمل: التعدّد اللغويّ في الثقافة العربيّة بين التعصّب والتسامح، دة. بسمة الشكيلي؛ في تفكيك آليّات التعصّب الدينيّ، دة. ناجية الوريمي؛ الأرثوذكسيّة السنّيّة ومحاصرة المختلف: محاصرة التصوّف أنموذجاً، د. نادر الحمّامي؛ سيكولوجية الإقصاء الدِّيني: بحْثٌ في جذور اللاّتسامح، الباحث يوسف هريمة؛ التسامح والنوع الاجتماعي من خلال مؤسسة الزواج في المجتمعات العربية الإسلامية، دة. هاجر خنفير.

المحور 4: حظّ التسامح في الثقافة العربيّة الإسلاميّة، ويشمل: الأدب وصناعة الغيريّات أو في احتمال ما لا يحتمل، د. العادل خضر؛ الفلسفة العربية الإسلامية ومعرفة الذات مدخلاً للتسامح مع الآخر. د. محمد بنحماني؛ نظرية ابن رشد في التأويل باعتبارها فلسفةً في التسامح، د. أشرف حسن منصور؛ ملامح من التسامح في التراث الصوفي، د. محمد بن الطيب؛ مفهوم التّسامح في الخطاب المذهبيّ بين الاختيار والاضطرار: دراسة في تحوّل الدلالات، د. صلاح الدّين العامري؛ حظّ التّسامح في السّياسة الثقافيّة للدّولة العربيّة الإسلاميّة، د. محمّد حسن بدرالدّين.

المحور 5: مفهوم التسامح في الثقافة العربيّة الحديثة والمعاصرة، ويشمل: التسامح في خطاب الإصلاح الديني: قراءة في أثر الحداثة في الفكر العربي الحديث، د. أحمد محمد سالم؛ لمَ كان المثقفون العرب من أصول مسيحيّة أكثر جرأةً وعصريّة في تمثّلهم للتسامح والدعوة إليه؟ د. محمّد الأشهب؛ المؤسّسة الدينيّة والعنف الرمزيّ: الآخر في خطاب الفقيه المعاصر، د. محمّد سويلمي؛ تهافُتُ مَركَزِيَّةِ العقيدةِ في الخطابِ الإِسلاميِّ وأَوْلَوِيَّةُ المُفاضَلَةِ بين البشر بالعملِ الصالحِ، د. أحمد زهاء الدين عبيدات؛ تجديد الخطاب الإسلامي المعاصر: نقد التطرّف والتعصّب بالتسامح الديني، د. حُسام كصّاي.

المحور 6: الحداثة السياسيّة والثقافيّة ومبدأ التسامح، ويشمل: الحداثة والحرية والتسامح، د. جلال الدّين سعيد؛ الفنّ والمقدّس: في شروط إمكان تسامح جمالي، دة. أمّ الزين بن شيخة المسكيني؛ التربية على المواطنة وبناء ثقافة التسامح، د. محمّد بالراشد؛ أيّ معنى للتسامح في زمن العولمة؟ د. خمسي الدريدي.

واحتوى الكتاب، فضلاً عن هذه البحوث، ترجمةً لمرجعيْن أجنبيّيْن مهمّيْن في موضوع التسامح، هما: التّسامح: فضيلة مستحيلة؟ لبرنارد ويليامز، ترجمة د. سعيد منتاق؛ والتَّسامح، اللَّاتسامح، المتعذّر على التَّسامح، لبول ريكور، ترجمة د. عبد الحي أزرقان. واحتوى أيضاً على تقديم لكتاب أساسيّ في الموضوع، وهو (في جنيالوجيا التسامح)، (Genèse de la tolérance, de Platon à Benjamin Constant)، وأنجزته دة. فوزية ضيف الله.

وبعد،

هذا مؤلّف جماعيّ جامع للتخصّصات -على غرار ما دأبت على نشره مؤسّسة «مؤمنون بلا حدود»- ضمّ بين دفّتيه بحوثاً تعكس زوايا نظر متعدّدة إلى مفهوم التسامح، فمثّل موسوعة لا غنى عنها في موضوعها، ولكنّها لا تدّعي الشموليّة، ولا تعد بها؛ بل قصارى طموح المساهمين فيها أن تكون خطوة جادّة في طريق معرفة نقديّة بلا حدود.