الجذور الاجتماعية لحدث الفتنة: من أجل أرخنة جديدة


فئة :  أبحاث محكمة

الجذور الاجتماعية لحدث الفتنة: من أجل أرخنة جديدة

الجذور الاجتماعية لحدث الفتنة: من أجل أرخنة جديدة

ملخص:

إن قراءة تاريخية جديدة لحدث الفتنة أضحت ضرورية، إن لم تكن "حتمية" في اشتغال وانشغالات المهتمين بالتاريخ الإسلامي عامة، والمبكر منه على وجه التخصيص.

فتجاوز ما يعرف بالتاريخ السردي أو التاريخ الحدثي، لكونه الشكل الأكثر وضوحا - والأكثر سيطرة- للكتابة التاريخية الإسلامية، والذي ينظر للحدث التاريخي كيفما كان؛ بنظرة تعزله عن شروطه المنتجة له، مطلب أساس في محاولاتنا لإعادة قراءة علمية للتاريخ الإسلامي، أو ما أسميه بالقراءة التاريخية للتاريخ؛ فالتعاطي الكلاسيكي مع الأحداث التاريخية، أصبح متجاوزا إلى حد كبير في البيئات الأخرى وخاصة الأوروبية، إلا أن البيئة والتاريخ الإسلاميين ظلا عصيين، على التأسيس لكتابة تاريخية جديدة تنظر للزمن الطويل وتركز على الشروط الموضوعية الفاعلة في أي حدث.

وإذ أحاول في دراستي هاته، أن أطرق موضوعا ذائعا، فهو مما يصعب العمل، إذ الاشتغال على حدث الفتنة، باعتبارها حدثا فارقا في تاريخ المسلمين، تم لفه بهالة من "القداسة" التاريخية/الدينية، الأمر الذي يزيد من صعوبة التبيئة أو الموضعة التاريخية لهذا الحدث/الفعل. وقد وجدت في تحليل بعض المعالجات الحديثة للفتنة - سواء من أهل اختصاص التاريخ أو لا- حاجة ملحة في استجلاء، وتحليل، ومقارنة آرائهم ومقارباتهم، والتي تأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر بمناهج في الكتابة التاريخية ظهرت منذ أواخر القرن 19، كما هو حال كل من هشام جعيط، وطه حسين، وحسين مروة.

مقدمة:

يمكن وضع تحقيب آخر للتاريخ الإسلامي، تكون فيه الاضطرابات السياسية التي امتدت من 35 إلى 41 للهجرة، وسميت بـ "الفتنة"؛ نقطة تحول كبرى لما أسميه بما قبل الفتنة وما بعدها. وتكمن الأهمية التاريخية المعاصرة لهذا الحدث ـ الحقبة في كونها "حقبة أما"[1] بكل ما استتبعها من لواحق وكل "تطورات الإسلام السياسي والإسلام الديني"[2] بعد ذلك، وإلى يومنا هذا. أسعى لنبش تاريخي في جذور الفتنة، عبر تحليل المحددات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك السياسة لهذا التحول الكبير للتاريخ والحاضر الإسلاميين.

تهدف هذه الدراسة لكشف طبيعة القوى الاجتماعية/السياسية الإسلامية من حياة الرسول (ص) إلى تاريخ اندلاع الفتنة، علاقاتها التفاعلية، وكذلك دورها في هذا الصراع السياسي/الديني، والذي تكثف لحروب دامية، فتحت جرحا في التاريخ والاجتماع الإسلاميين؛ ولم يندمل ليومنا.

وهنا، أفترض وجوب التساؤل عن هذه القوى الاجتماعية/السياسية التي تواجدت في شبه الجزيرة العربية؛ إبان هذه الفترة، وفاعليتها في أحداث الفتنة؟ وهل الانقسام الديني-السياسي للجماعة المسلمة بين أنصار علي والبيت الهاشمي، في مقابل موالين/داعمين لمعاوية والبيت الأموي، يعكس تضادا عميقا في المصالح الاجتماعية/السياسية؟

ارتأيت في دراستي هذه، تقديم عرض أحلل فيه ما جاء في بعض المقاربات الحديثة للفتنة، عبر مساهمات معتبرة لثلاثة مفكرين، وهم: هشام جعيط من خلال دراسته "الفتنة جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر"، طه حسين ومؤلفه "الفتنة الكبرى"، بالإضافة لانفتاحي على رؤى حسين مروة في "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية"، لأقدم بعد ذلك رؤيتي النقدية، والتي أسلط الضوء فيها على فاعلية المحددات الموضوعية للحدث/الفعل من خلال أرخنة الفتنة في صيرورة المتغيرات التي أنتجتها، أو ما أسميته بـ "أرخنة جديدة" للفتنة.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا

[1]- هشام جعيط، الفتنة: جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر، بيروت، دار الطليعة للطباعة والنشر، الطبعة الرابعة مارس 2000، ص 5

[2]- نفس المرجع، نفس الصفحة.