الجهاد، الشهادة، الشهيد


فئة :  ملفات بحثية

الجهاد، الشهادة، الشهيد

الملخص:

يهتمّ هذا الملفّ البحثي بكشف الالتباس الحاصل في الأذهان بين مفهومي الجهاد والشهادة، وأحد أبرز تأويلاتهما التاريخيّة، تأويلهما الحربيّ القتالي الذي يتجاوز ردّ العدوان الخارجيّ، إلى المبادرة به واعتماده منهجاً في الحياة، لأنّه المنهج القويم في الدين.

سيجد القارئ لهذا الملفّ دراسات شتّى، أنجزها باحثون من أقطار متفرّقة من العالم العربيّ الإسلاميّ، وجّههم هدف واحد، هو توضيح العمليّة التحويليّة التأويليّة والإيديولوجيّة بالضرورة لمفهومي الجهاد والشهادة نحو مدلوله المروّج له بقوّة في الفضاء الإسلاميّ الرّاهن.

فمن سورية المكتوية بنار هذه التأويليّة، عاد الباحث نبيل صالح تحت عنوان "دور فكرة الجهاد وتأصيل التطرّف لدى أتباع التيّار الإسلاميّ" إلى الجذور التاريخيّة الحديثة لفكرة الجهاد الرّاهنة في بلده، فربطها بأصولها في التفكير الإخوانيّ عبر وساطة مروان حديد، وعبد اللّه عزّام، منذ أحداث المدينة السوريّة حماة في الثمانينات. وتصدّى لبيان تهافت هذه الفكرة بكشف الانزياح الذي مورس على النصوص المؤسّسة، عن طريق تحويل الجهاد إلى واجب هجومي لا دفاعيّ، وربطه بالكفر.

ومن مصر حاول الباحث وليد فكري في مقاله تحت عنوان "عن مفهوم شهادة المظلوم" أن يميط اللّثام عن تاريخيّة مفهوم الشهادة، وتحمّله في الحاضر بمدلولات مباينة لمفاهيمه القديمة. فبيّن أنّ المفهوم ليس حكراً على الثقافة الإسلاميّة، كما شرح كيفيّة تطوّر مدلوله في المجال الإسلاميّ ليصل إلى معناه الحاليّ الجهاديّ، بداية من الفتنة الكبرى وصولاً إلى الحركات المتطرّفة، متعرّضاً في الأثناء إلى العوامل السياسيّة والنفسيّة المتدخّلة في الموضوع.

ومن تونس، وتحت عنوان "سؤال الحقيقة أو مدخل إلى المقدّسات الشاردة" اهتمّ الباحث الأسعد النجّار ببدايات تشكّل مقولتي الجهاد والشهادة بالصيغة العقائديّة السياسيّة الرّاهنة، منطلقاً من لحظة مقتل الخليفة الرّاشد الثالث عثمان بن عفّان، بوصفها اللّحظة الأولى في التاريخ الإسلاميّ التي وجّه فيها مفهوم الجهاد لأوّل مرّة نحو قتل المسلم للمسلم. وقاده البحث فيما ألمّ بتلك اللّحظة من حيثيّات وموجّهات فكريّة إلى الكشف عن القاع التاريخيّ والسياسيّ لما صار اليوم يعدّ من البديهيّات الدينيّة، فأمّا الحيثيّات فهي الصراع السياسيّ على السلطة، وأمّا الموجّهات الفكريّة فهي مفهوما الصحبة والدم.

ومن المغرب تابع الباحث موستف يونس في بحثه المعنون: "الجهاد جدل الغاية والوسيلة" تاريخ مفهوم الجهاد، ليؤكّد أنّ صورته الحربيّة القتاليّة ناتجة عن توظيفه من أجل أهداف إيديولوجيّة، هي في التاريخ الإسلاميّ القديم الصراع على السلطة، وفي التاريخ المعاصر الردّ على أزمة الحداثة في طوريها الاستعماري، والنيوليبراليّ الرّاهن. سيعود يونس إلى القرآن، وإلى فتح اللّه كولن، وأحمد الريسوني، ليتحدّث عن كلّ هذا.

ومن المغرب أيضاً اهتمّ الباحث الشاب عبد الصمد صابر بتقييم شرعيّة التأويل القتالي للجهاد قياساً إلى ما جاء عنه في الخطاب القرآنيّ، فعاد في بحثه المتوسّط المعنون "مفهوم الجهاد في القرآن" إلى نصوص القرآن ليكشف المقاييس القرآنيّة التي يميّز في ضوئها بين العنف الدينيّ المشروع، والعنف الدينيّ غير المشروع، واستنتج من تطبيق تلك المقاييس عمليّة التحريف التي مارسها الفقهاء والأصوليون واللغويّون للمفهوم القرآني للجهاد المشروع الذي لم يكن مطلقاً في صورته الحربيّة يتجاوز ردّ العدوان.

الباحث التونسيّ المتميّز سهيل الحبيّب في بحثه الموسوم بـ"الجهاد ضدّ الوطن" (اعتبار البلدان العربيّة دار حرب في إيديولوجيا الحركات الجهاديّة)، سعى إلى قراءة بنية الفكر الجهاديّ في طوره الرّاهن، والخلفيّات التي تجعله يعتبر البلدان العربيّة الإسلاميّة ومجتمعاتها دار حرب. فبيّن أنّ التنظير القتالي الأساسي للفكرة الجهاديّة في الفترة الراهنة يعود إلى منظّري الإخوان الأوائل، وهؤلاء وإن استمدّوا عناصر تأويليّتهم ممّا كان مستبطناً في المنظومة الفقهيّة، فإنّ ما أضافوه هو أنّهم عقدوا علاقة صميمة بين مفهوم التوحيد الإسلاميّ والحاكميّة بمدلولها السياسيّ، مثّلت المستند النظريّ لمفهوم الجهاد القتاليّ الراهن.

ثلاث باحثات من تونس أيضاً أثرين هذا الملفّ بمساهماتهن، الأولى حياة اليعقوبيّ التي اختارت قراءة كتاب من أبرز الكتب المعبّرة عن الجهات المسؤولة عن ترويج إيديولوجيّة الجهاد الرّاهنة، لا سيما المنشور برعاية جهات رسميّة دون أن يتبنّى تأليفه مفكّر بعينه، هو كتاب جمعت فيه أبرز ثلاث رسائل منظّرة للجهاد القتاليّ الراهن، وهي رسائل البنّا والمودودي وقطب حول الجهاد. سيجد القارئ لقراءتها المعنونة بـ"مفهوم الجهاد في مخاض ثنائيّة الدينيّ والسياسيّ، قراءة في كتاب الجهاد في سبيل اللّه.." تحليلاً للدور التأصيلي الذي أنجزه هذا الثالوث لفكرة الجهاد بمدلولها الحاليّ في الشريعة، وفي العقيدة، حتّى حوّلوه إلى فريضة سياسيّة دينيّة.

أمّا الباحثة الثانية فهي فوزيّة ضيف اللّه التي اختارت التعريب من الفرنسيّة لإحدى المقالات الأبرز في الموضوع، وهي المتعلّقة بمفهومي الجهاد والشهادة، من موسوعة الإسلام (الفرنسيّة). بينما تحاورت الباحثة وفاء الدريسي مع يوسف هريمة حول الدور الأساسي الذي مارسه المفسّر الطبري في التأصيل الدينيّ للمفهوم القتالي الراهن للجهاد.

للاطلاع على الملف كاملا المرجو الضغط هنا