الفعل الجهادي عند تـيّارات الإسلام السيّاسي: مبرّراته الأيديولوجيّة ومراحله الـتاريخيّة
فئة : أبحاث محكمة
الفعل الجهادي عند تـيّارات الإسلام السيّاسي:
مبرّراته الأيديولوجيّة ومراحله الـتاريخيّة
الملخص
معقود هذا البحث ومحصوله، تحليل المرجعيّات الفكريّة التي أسّست للفعل الجهادي عند مختلف تيّارات الإسلام السيّاسي، وكذا تتبّع مُجمل المراحل التّاريخية التي أدّت إلى تطوره. منطلقين من فرضية محورية مفادها: أنه لم يكن تاريخ الإسلام السيّاسي بمختلف تيّاراته، وهو في إطار إنجاز تمرحُله الحدثي والوقائعي تاريخيًا، سوى تاريخ الإقرار بحتمية الحل الإسلامي المتجسّد في ضرورة إقامة نظرية وممارسة كفيلة بإعادة إقامة دولة الخلافة على مِنهاج النّبوّة؛ باعتبارها الدّولة المثال، القادرة على إعادة الدّفاع عن حقوق الله وتجسيد مركزيته، ناهيك عن تخليص الاجتماع الإسلامي من مختلف أزمات الفوات التّاريخي والحضاري التي يعاني منها. وهو ما يضعنا تلقائيًا قبالة نتيجة حاسمة مؤدّاها: إن مفهوم الخلافة قد نحت البنية الذهنية والإدراكية التي حكمت كلية المنطلقات النّظرية والعملية لمختلف أعلام تيّارات الإسلام السيّاسي، بحيث تحوّل عندهم إلى أداة لمفهمة العالم، وثابت بنيوي وجّه تصوّراتهم لله والإنسان والوجود في شموليته.
ولما كان بالإمكان اختزال تاريخية الإسلام السيّاسي في هذا الحاصل، فإنه يكون لزامًا علينا محاولة الإبانة عن مُجمل الاستراتيجيات التي انتهجها بهدف إضفاء طابع المشروعية والصّلاحية العقدية والتـاريخيَّة على مشروعه السيّاسي. تلك الاستراتيجيَّات التي يمكن حصرها في تأسيس صحوة إسلامية حركية تتّخذ من الجهاد في سبيل الله، مرجعية فكرية وخلفية أيديولوجيَّة تبرّر من خلالها مختلف الأفعال السلوكيَّة العنيفة، وتشرّع على أساسها مُصادرة حق الآخر - سواء أكان فردًا أو جماعة - في ممارسة فعل الحياة. الشيء الذي ترتّب عنه إقحام المجال السيّاسي الإسلامي المعاصر ضمن نسق مغلق من النزعات التدميريَّة والعنف المُميت.
على أساس هذه الأرضيَّة النظريَّة وانطلاقا منها، برزت مجموعة من الظواهر الشاذة البعيدة كل البعد عن قيم التسامح والغيريَّة، يمكن تلخيصها في الفعل الجهادي الذي انبثق كتعبير موضوعي عن تأويل سيّاسي مصلحي لمفهوم الجهاد كما عُبّر عنه من داخل منطوق الخطاب القرآني والسنّة النّبوية، اختزله في تصور أحادي الجانب يقر بشرعية تكفير وقتل مختلف الفواعل الاجتماعيين المؤسّسين للمجال السيّاسي الإسلامي (الجاهلي) بدعوى الجهاد في سبيل الله. ذلك التأويل الذي سمح لأعلام تيّارات الإسلام السيّاسي، بتقسيم المجتمعات الإسلاميَّة الحديثة والمعاصرة إلى دارين، تجمع بينهما علاقة تناحـر: دار الكفر التي يجوز محاربتها وتحريم القعود مع أهلها من خلال شرعنة اعتزالهم شعوريًا ومكانيًا؛ لكونهم يمثلون (الفئة الباغيَّة) القابلة بحكم (الطواغيت)، والمساهمة بشكل فعلي في تأبيد نُظمهم السياسيَّة. ودار الإسلام التي يمثل أهلها (حقيقة الدّين) ومبادئه وقيه المثلى، وهم السّائرون بطريق تخطيط معالم (الحاكمية لله). وبالتالي تأسيس الخلاص الإسلامي المتجسّد في حتمية إقامة دولة الخلافة على منهاج النّبوّة.
لكل هذه الاعتبارات، سنعمل على مقاربة المبرّرات الأيديولوجيّة للفعل الجهادي عند تيّارات الإسلام السيّاسي، وسنتبع تطور مراحله التاريخيَّة من خلال ثلاثة مداخل: الأول، يُعنى بمساءلة مرجعيّاته وأسانيده النّصية؛ وذلك بهدف تحليل العدّة المفاهيميَّة التي شكّلت أساسًا استدلاليًا لبناء مختلف منطلقاته وغائياته العقديّة والتاريخيّة والّياسيّة. أما الثاني، فسيتكفل بتتبّع تطوّره التاريخي من داخل المجال السيّاسي الإسلامي الحديث والمعاصر. في حين أن المدخل الثالث، سيقارب مجمل المُراجعات التي قام بها أعلام تيّارات الإسلام السياسي، وذلك بهدف إدراك كيفية تحوّلهم من الدعوة إلى الفعل الحركي الجهادي الراديكالي، إلى إسلام سياسي معتدل يقبل العمل ضمن الأطر السياسية الدولتية؛ كاستراتيجية بديلة تمكّنهم من استئناف مسار إقامة الدولة الإسلامية.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا
