الديمقراطية ثقافةً وسلوكًا


فئة :  مقالات

الديمقراطية ثقافةً وسلوكًا

لماذا لا نفكر في إخراج الديمقراطية من بعدها السياسي ونحولها إلى سلوك يومي، يبدأ من داخل البيت مع الذات والأسرة، ثم يصبح ثقافةً يومية في التعامل مع الآخرين في المحيط الخارجي؟ لقد أمضينا في المغرب أكثر من خمسين سنة في التنظير للديمقراطية من أجل تثبيتها في الفضاء السياسي العام دستورًا وحكومة، لم لا نغير تركيزنا ونبدأ المشروع الديمقراطي، تنظيرًا وممارسة مرة أخرى، من الأسفل؟ فقد حان الوقت، بعد أن توصل المغاربة في العام 2011 إلى دستور حقق قفزة نوعية في المجال الديمقراطي، إلى التفكير في نضال جديد يتخذ الفرد المغربي منطلقًا للإصلاح؛ أي أنه يجب أن يتم التركيز الآن على إصلاح الذات وغرس قيم المواطنة فيها عَلَّنا نصل إلى الهدف المنشود الذي عبر عنه رضوان أفندي على النحو الآتي: "صحيح أن المواطن فرد محسوب على رقعة جغرافية ومساحة ثقافية وامتداد تاريخي، بغض النظر عن ملابسات الهوية وتداعياتها. ولا يقل صحة أن مفهوم المواطن كنموذج نظري تجريدي هو بالأصالة شخص حر ومريد وواعٍ. لكن المواطن كذلك وبالنتيجة انتماء لفضاء رمزي هو الفضاء الديمقراطي. هكذا برز السيد الحر منذ مئات السنين في ساحات 'أثينا' كسيد يجادل ويقارع الحجة بالحجة، وينتقد، ويقترح، ويبادر، ويساهم في صنع مصيره"[1]. مع أننا لا نريد الإنسان الحر حسب الأنموذج الأثيني، فإننا نطمح إلى مجتمع يتكون من مغاربة أحرار، ينتقدون ويقترحون ويبادرون ويساهمون في تكوين مصيرهم ومصير وطنهم، بعيدًا عن الصراعات الحزبية.

إن دراسة الديمقراطية بمعزل عن البعد السياسي والقانوني، سيؤهلنا لا محالة إلى فهمها في أبعادها الإنسانية، ومن ثم سيؤهلنا إلى توظيفها توظيفًا سياسيًا وقانونيًا وثقافيًا يجعلنا في مصاف الدول التي عنيت بالديمقراطية بشكل شمولي. وقد اهتم الفلاسفة والأدباء في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا عمومًا بمسألة الديمقراطية بمعناها الفردي وليس الاجتماعي. وفي هذا يقول الفيلسوف الأمريكي، جون ديوي، ليست الديمقراطية شكلاً من الحكم ولا نفعية اجتماعية، ولكنها علاقة مجازية بين الإنسان وتجربته في الطبيعة؛[2] أي أن هذه العلاقة الديمقراطية بين الفرد والطبيعة هي التي تجعله فردًا مسؤولاً مع نفسه أولاً ومحيطه ثانيًا. ويرى كورنيل ويست، في السياق نفسه وفي حديثه عن الأديب الأمريكي إِمرسن، أن النزعة الفردية عند إِمرسن "لا تتعلق بأفراد منعزلين، ولكن، وهذا أهم، بمفهوم معياري ووعظي عن الفرد بصفته أمريكا."[3] ومعلوم أن الفرد سيصل، باعتماده علاقة ديمقراطية مع عالمه الخارجي، إلى مرتبة مميزة يكون فيها تجسيدًا حيًا لوطنه. وهل سيصل الفرد المغربي يومًا ما إلى مستوى اعتباره مغربًا؟ بمعنى هل ستذوب الحواجز بين العالم الخارجي والفرد حتى لا نميز بين المواطن والوطن؟ وإن كان هذا سيحتاج إلى وقت، فإنه ليس مستحيلاً، لأن الأشواط التي قطعها المغرب في المسار الديمقراطي سياسيًا وقانونيًا، على مستوى الدستور، تفرض التفكير في تكوين الفرد كي يكون نفسه دستورًا ديمقراطيًا يمشي على الأرض. لذلك، سنناقش في هذا المجال بعض النظريات الغربية التي تناولت فن الحكم والثقافة التنظيمية كي نقترح نمطًا من أنماط إصلاح الفرد وإقناعه بأهميته في مجتمع يتوخى التطور نحو الأحسن.

تفسير العجز الديمقراطي:

كيف يمكننا، في ضوء ما سبق، تقويم ملاحظات من يعتقدون بوجود عجز ديمقراطي في الوطن العربي كله وفي المغرب خاصة؟[4] وهل ثمة عجز ديمقراطي في المغرب فعلاً؟ لقد دأبت كتابات عديدة عن الديمقراطية في المغرب على الحديث عن الصدمة الديمقراطية والديمقراطية المنقوصة واحتقار الديمقراطية وبؤس الديمقراطية إلى غير ذلك من أصناف التعبير التي تثبط العزائم، لأنها تنظر إلى النصف الفارغ من الكأس عوض التفاؤل بما تم إنجازه في المسار الديمقراطي حتى الآن. لقد أمضينا وقتًا طويلاً في الإشارة إلى الجوانب السلبية اعتقادًا منا أننا سنتعلم من أخطائنا ونتجاوز العقبات المطروحة أمامنا، بينما أهملنا الإيجابيات، باعتبارها إنجازات تمت وانتهت. علاوة على أن من المثقفين من يتحدث عن الديمقراطية في الوطن العربي ويعمم على جميع البلدان العربية بما في ذلك المغرب، وإن كان تحديدهم نفسه للديمقراطية يختلف، فجدير أن يختلف تطبيقها على أرض الواقع لكل قطر عربي على حدة. "وعند قيامنا بمهمة تفسير عدم ترسخ العملية الديمقراطية [ يلاحظ إبراهيم البدوي وسمير المقدسي] كنا على اطلاع ليس فقط على أن مفاهيم ومعنى الديمقراطية قد فسرت بطرق مختلفة، بل على أن قياسها التجريبي يعاني قيودا أو نواقص"[5]. إذا كان الأمر كذلك، هل هناك قواسم مشتركة تجمع الدول العربية كلها في نظام ديمقراطي متشابه؟

من الصعب الحديث عن قواسم مشتركة ما عدا أمرين اثنين، إذ إن ثمة تحفظات تستثني المغرب من الأنظمة العربية؛ أولاً: يميل المحللون السياسيون إلى التمييز في الوطن العربي بين الديمقراطية الاسمية والديمقراطية الحقيقية، "ففي حالة الديمقراطية الاسمية، يمكن لنظام ما أن يلجأ إلى مظاهر من الديمقراطية، بما في ذلك الانتخابات التي تسيطر عليها السلطة القائمة، والأحزاب السياسية المتنوعة أيديولوجيًا والمشاركة السياسية الشكلية، ولكنه قد لا يمتلك الثقافة السياسية التي تجعل المواطنين يتمسكون بقواعد اللعبة الديمقراطية الصحيحة، ومنها فكرة المجتمع المدني المستقل، والحقوق المدنية والسياسية للفرد، بما في ذلك المساواة بين الرجل والمرأة، كما هو الحال في حالة الديمقراطية الحقيقية أو الناضجة."[6] ثانيًا: ثمة دراسات، في مقابل هذا الرأي، عن مميزات المجتمعات العربية المعاصرة، "وكيف ترتبط بطبيعة النظم غير الديمقراطية السائدة في الوطن العربي. إن عدم المساواة بين الجنسين...، والعلاقات العائلية، والزبائنية أو القبلية، والدين، في بعض الحالات، كلها طرحت كتفسير للطبيعة غير الديمقراطية المتأصلة داخليًا للمجتمعات العربية. وفي هذا السياق، قدمت المناهج الثقافية بشكل خاص كتفسيرات بديلة لتواصل الأوتوقراطية العربية."[7]

وإذا قارنا الملاحظتين وصلنا إلى النقاط الآتية:

- أولاً: بعد تنصيب هيئة الإنصاف والمصالحة والسماح للاتحاد الاشتراكي بتشكيل حكومة التناوب، لا يمكن بأية حال تصنيف المغرب ضمن الأنظمة العربية التي تعتمد الديمقراطية الاسمية.

- ثانيًا: لم يكن النظام المغربي يومًا أوتوقراطيًا محضًا، بل كان ثمة مفاوضات مع الأحزاب والمؤسسة الملكية من حين لآخر حول الدستور والتغيير الملائم الذي يتماشى مع التطورات الوطنية والعالمية. إذ يقول علّال الفاسي عن المغرب: "لا يعرف ولم يعرف في تاريخه حكمًا فرديًا، لأن للمغرب حكومة تشاطر الملك مسؤولية الحكم، وليس فيه أحد يتبرأ من الأعمال التي تقررها، وهذا وحده كافٍ في صد كل ادعاء لوجود حكم فردي في البلاد."[8]

- ثالثًا: إذا كان التفسير الأول للعجز الديمقراطي يتناول المسألة من الأعلى، فإن الثاني ينطلق من الأسفل ولكن باعتبار العائلة والقبيلة والدين عوائق للديمقراطية الحقيقية. أما الإسلام فلا أحد ينكر أنه جاء ضد الاستعباد، فحرر العرب "بدعوته إلى التوحيد وإلى المساواة والحرية والعدل الاجتماعي"[9]، والمساواة والحرية والعدل قيم ديمقراطية دون منازع. وإذا كان غياب الديمقراطية في القبيلة والعائلة يفسر غياب الديمقراطية في النظام السياسي كله، فذلك لأن الأمية منتشرة بحدة في الأوساط الشعبية. وإذا حاربنا الأمية غرسنا قيم الحرية والعدالة والمساواة في القبيلة والعائلة وساهمنا من ثم في توطيد نظام ديمقراطي حقيقي.

هل سنبقى سجناء خطاب الأزمة والتحليل السلبي لواقع المغرب؟ سؤال يطرح نفسه بقوة كلما تصفحنا كتابًا، أو قرأنا جريدة، أو استمعنا لخبر، وسواء كنا في المدرسة أو الجامعة، في الإدارة أو الأسواق، في الشارع أو المنزل. كيف يمكننا تجاوز خطاب الأزمة وغرس قيم التفاؤل لدى المواطنين المغاربة؟ يجب أولاً أن تبدأ المدرسة بالتغيير، وذلك بالعمل على "تطوير شخصية الطفل وعلى تكوين قدراته العقلية وأحكامه الأخلاقية، فغاية المدرسة المثلى هي تكوين أفراد لديهم شعور بحريتهم الفردية واستقلالهم الذاتي.[10] كما يجب أن يتمثل الطفل طرق التفكير النقدي وقيم المواطنة والموازنة بين الحقوق والواجبات، ولا نقصد أن يكون هذا التمثل موسميًا أو في ساعات محدودة، بل يجب أن يكون درسًا مستقلاً بذاته في عدد من الساعات في الأسبوع، ويجمع بين النظري والتطبيقي، ويُمتحن فيه الطفل في نهاية السنة. ويجب أن تعدل وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة ورقيًا وإلكترونيًا من أهدافها النقدية المحضة، فتخصص مثلاً بعض اهتماماتها لذكر المزايا والإنجازات الإيجابية. فعندما نقرأ جريدة بأكملها نادرًا ما يثيرنا عنوان يبشر بإنجاز رائع أو فكرة مهمة جديرة بالتطبيق، فلمَ لا تخصص الجرائد أو المواقع الإلكترونية فضاءً لتكنولوجيات التحكم في الذات، كما تتناولها نظرية فن الحكم؟

فن الحكم:

إن "فن الحكم" من المفاهيم المهمة التي اقترحها الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو قبيل وفاته gouvernementalité أو حكم gouverner العقلية mentalité، فدرس أبعاد المفهوم السياسية والاقتصادية والثقافية على الفرد والمجتمع.[11] وأبان فوكو في دراسته أنه إلى حدود القرن الثامن عشر كانت كلمة حكومة لصيقة بالمفهوم السياسي فقط، لتشمل بعدئذ النصوص الفلسفية والدينية والطبية والبيداغوجية، كما أصبحت الكلمة تعني العلاقة بين تكنولوجيات الذات وتكنولوجيات السيطرة؛ أي تكوين الذات وتكوين الدولة وكيفية التحكم في الذات وتوجيه العائلة والأطفال وتدبير البيت. لذلك يرى فوكو أن المعنى الدقيق للحكومة هو تدبير السلوك الذي يقتضي حكم الذات للنجاح في حكم الآخرين، إذ يقول: "للغرب تقليد عريق في افتراض مجموعة من العلاقات بين أشكال الحكومة والسيطرة على مستويات مختلفة، غالبًا الذات، والعائلة، والآخرين. باختصار، ليس غريبًا لعلاقة حميمة بين السيطرة على الذات والسيطرة على الآخرين أن تُفترَض ويتم التأكيد عليها: إذا أردت أن تحكم الآخرين يجب أن تتعلم أولاً كيف تحكم نفسك"[12]. وعلى الرغم من المعنى الشاسع لكلمة ""gouvernementalité التي تعني فيما تعنيه طريقة الحكم وعقلانية الحكم والمسار التاريخي لتحليل الحكم والتقنيات التي تجعل مجتمعًا ما قابلاً للتحكم، فإننا فضلنا المرادف العربي "فن الحكم"، باعتبار أن الفن يجمع بين تقنيات وجماليات الحكم وطرق إحداث التناغم بين الفرد والمجتمع.

ولم يعد "فن الحكم" يعني إجبار الناس على فعل ما يريده الحاكم، بل هو إحداث توازن بين تقنيات الإكراه والعمليات التي من خلالها تبنى الذات أو تُغير بمحض إرادتها. إنه حكم تشاركي بين الدولة والفرد بتنظيم سلوك هذا الأخير وتطبيق عقلاني لوسائل الحكم من قبل الدولة، لذلك أهم مظهر من مظاهر الحكم هو ألّا يقابل السياسة والمعرفة، بل يعتمد المعرفة السياسية، ويستعمل المعرفة التي هي جزء من ممارسات التوجيه مادامت الممارسات لا توجد دون نظام معين من العقلانية. هذا بالإضافة إلى أن فن الحكم يقترح سياسة الحقيقة وليس سياسة التمويه، وسياسة الحقيقة هذه تُحدث مفاهيم جديدة للتحكم في مجالات جديدة من التنظيم والاختراع، مفاهيم مثل التنمية المستدامة والحكامة والنظام الإيكولوجي. وإذا كان النظام الرأسمالي قد وضع حدًا فاصلاً بين الإنسان والطبيعة، مما أدى إلى كوارث خطيرة، فإن المفاهيم الجديدة التي أحدثها فن الحكم تؤسس لعلاقات جديدة بين الإنسان والطبيعة وتأخذ بعين الاعتبار الفجوات بين البرامج الحكومية وتقنيات تطبيقها لتفادي كوارث إضافية وإصلاح ما يمكن إصلاحه على مستوى الفرد والمجتمع والطبيعة.

وإذا كانت أشكال الحكم التقليدية تعتمد ثنائية الحرية والإكراه أو الإجماع والعنف، فإن فن الحكم يحيل على استمرارية تبدأ من الحكومة السياسية لتصل إلى أشكال التنظيم الذاتي أو ما يدعى تكنولوجيا الذات، وهي تكنولوجيا تستعملها الحكومة بشكل غير مباشر لتجعل الأفراد والجماعات، مثل العائلات والمنظمات يتحلون بقدر من المسؤولية، وذلك بتحويل الأخطار الاجتماعية، مثل الأمراض والبطالة والفقر إلى مجالهم الخاص، وتجعل منها مشكلاً يتعلق بالرعاية الذاتية.[13] كيف ذلك؟ يعتبر الهدف الأساس لليبرالية الجديدة هو خلق توازن بين الفرد المتخلق والفرد المقتصد، فالفرد المتخلق يميل إلى تقويم عقلاني لثمن وربح فعل ما في مقابل أفعال أخرى، وهذا الفعل تعبير عن حرية الاختيار التي جاءت من قرار ذاتي، لذلك فالفرد المتخلق مسؤول عن نتائج فعله. ويمكن نشر هذه الاستراتيجية في مجالات عديدة من المسؤولية الاجتماعية، وجعلها مسألة لصيقة بالقرارات الشخصية، فعندما درست الكاتبة الأمريكية باربارا كروكشانك العلاقة بين الخاص والعام بكاليفورنيا، وجدت أن احترام الذات ليست له علاقة بالمجال الشخصي، وإنما هدفه هو سياسة جديدة ونظام اجتماعي جديد يناهض الطريقة الخاطئة في حكم الذات. فتحولت البطالة والإدمان والجرائم وإساءة معاملة الأطفال من مشكل حكومي إلى اهتمام الفرد داخل جماعته لإصلاح هذه الآفات الاجتماعية. وعليه فإن احترام الذات يدعو إلى تقويمها وضبطها لتقويتها قصد معالجة المشاكل الجماعية، ومن هنا يمكننا الحديث عن تكوين جديد يحدث تناسقًا بين الأهداف السياسية للدولة واحترام الذات.[14]

فما علاقة ما سبق ذكره بالديمقراطية؟ لقد اعتاد المغاربة على فكرة أن الدولة أو الحكومة مسؤولة عن وضعهم، وأن النظام الديمقراطي المغربي كي يلقى نجاحًا وقبولاً لدى فئة كبيرة من الناس عليه أن يضمن حقوقهم. ولكن هل فكّر المغاربة في واجباتهم باعتبار الحقوق تأتي بعد القيام بالواجب؟ هذا ما يطمح إليه مفهوم "فن الحكم" وتكنولوجيا الذات. والغريب في الأمر هو أن هذا المفهوم قد سبق التطرق إليه من قبل علّال الفاسي، وإن بشكل غير مباشر، ألم يقل عبد الكريم غلاب عن "النقد الذاتي" إن مفاهيم الكتاب الفكرية والاجتماعية "تثير مبادئ الديمقراطية في عمقها"[15]؟ أليس "النقد الذاتي" في هذه الحالة كتاب يتوخى إحداث توازن بين تكنولوجيا الذات و"فن الحكم"؟ ألا يرقى الكتاب إلى أن يكون برنامجًا لترسيخ التناغم بين أهداف الدولة السياسية واحترام الذات، وبين الفرد المتخلق والفرد المقتصد؟ إن دارس "النقد الذاتي" بإمعان وتبصر سيجد جوابًا عن كل سؤال وضعناه، وسيدرك لماذا ختم علال الفاسي تصديره للكتاب بالملاحظة الآتية: "وإذا قدر للنخبة المغربية أن تجتمع يومًا ما لتضع برنامجًا مفصلاً لكل فروع الحياة ومظاهر النشاط القومي في مغرب الغد، ووجدت في هذا الكتاب ما يدلها على سبيل تحقيق غايتها فسيكون ذلك خير جزاء على الجهد الذي بذلته، والطريق الذي مهدته."[16]

ويغطي "النقد الذاتي" معظم القضايا الإنسانية التي تسهم في تغيير الذات داخل إطار شمولي لا يخرج عن هدف البناء الإيجابي للمجتمع المغربي، كما أنه لا يبخس حق الفرد في الإفادة من مزايا الحداثة والتطور لأجل تفاعل مثمر مع الثقافات الأخرى. ولكن يبقى الهم الأساس للكتاب هو تكوين فرد مغربي يتسامى عن أنانيته الضيقة ليفكر سياسيًا واجتماعيًا احترامًا للمصلحة العامة. متى نصل إلى هذا المستوى من التفكير لننجز ما نطمح إليه من ديمقراطية حقيقية؟ لا يمكن أن يتم هذا عمليًا، يجيب علال الفاسي: "إلا إذا أصبح خلق الاهتمام بسير الشؤون العامة والاستعلام عنها والتعليق عليها والتفكير فيها والنقد لها متيقظًا حارسًا في أغلب طبقات الأمة، لأن بذلك يتحقق وجود رأي عام كقوة يحسب لها حسابها"[17]. وتتكون أغلب طبقات الأمة من أفراد تختلف مستوياتهم الثقافية، لأن "النقد الذاتي" لا يهم النخبة المثقفة فحسب، بل هو منهج موجه لكل فرد مغربي له قدرة التحكم في الذات والاستعلام عن الشؤون العامة والتعليق عليها، وبفضل يقظة الفرد وحرصه على شؤون وطنه يتكون رأي عام قوي، فتتحقق الديمقراطية من الأسفل؛ فما هي أسس بناء هذا الفرد؟

يعد "النقد الذاتي" من ألفه إلى يائه كتاب تكوين المواطن الصالح، ولكن نكتفي هنا بثلاث ركائز هي في رأينا أس البناء الفردي ذاتيًا واجتماعيًا، هي: الأنانية والتفكير اجتماعًيا والتفكير بالواجب. ولا يحدد علال الفاسي الأنانية في حب الذات، لأنه يمقت من يتقوقع حول الذات ولا يحاول الخروج إلى ما هو أسمى. إن الأنانية المقصودة هي التي توجَّه التوجيه الصحيح في حياتنا وأعمالنا، "وهكذا تصبح فرديتنا وهي تنشد أنانيتها عن طريق الامحاء في المجموع والانغمار في صالحه، والامتزاج بحاجياته، فلا نحس لعملنا قيمة إلا إذا كان من ورائه نفع عام، ولا لجهودنا فخرًا إلا بقدر ما فيه من أثر في جلب الخير للناس ودفع الشر عنهم."[18] إنها بحق أنانية تنشد المجموع انطلاقًا من التحكم بالذات والسيطرة على شهواتها المحدودة من حب التملك والبحث عن المصلحة الخاصة، وقد بين التاريخ الإنساني أن البطولة لا تتم إلا بتغلب "على النفس، وسيطرة على الأعصاب، دفعت أصحابها للتجرد من رغبات الحياة والانتصار على الشهوات الدنيئة."[19] وإذا عجز الأفراد عن استيعاب نبل هذا النوع من الأنانية، فعلى النخبة المثقفة والمفكرين المغاربة أن يجندوا أفكارهم وأقلامهم لتثقيف جل الشرائح الاجتماعية، لأنه لا تقدم للمجتمع دون تقدم أفراد يستطيعون تحمل المسؤولية الكبرى، "تلك هي رسالة المغرب التي يجب أن يضطلع بها المفكرون من إخواننا، وتلك هي الغاية التي يجب أن تتبارى في خدمتها النخبة من حملة الأقلام المغاربة الذين يريدون أن يسهموا بقسط وافر في تطور ذهنية أمتهم، وتجديد روحانيتها، حتى تستعد لتحمل المسؤولية الكبرى التي نعمل جميعا لإدراكها."[20]

أما التفكير اجتماعيًا، فينطلق من تجاوز الأنانية الضيقة إلى التفكير في الآخر وفي أحواله قصد الاستفادة منها أو إصلاحها. وينصحنا علال الفاسي أن "نلقي نظرة على إخواننا ولنتغلغل بنظرنا إلى أعماق البؤس الذي هم فيه، ولنشاهد آلاف المسلولين والمسلولات الذين أفقدهم الجوع والعري أغلى شيء في الوجود وهو الصحة، ولنعاود النظر في ملايين المنكوبين والمنكوبات الذين لا يجدون مثوى، ولا يحسون بالعطف من أحد، لنتألم معهم، ولنتقمص أجسامهم وقلوبهم علنا نحس بما به يحسون."[21] من خلال هذا التفكير الاجتماعي الذي يعتمد خلفية إسلامية يستطيع المواطنون أن يعرفوا معنى التضامن والإحساس الإنسانين كما يستطيعون بأفقهم الواسع وضع برامج تحمي أفراد المجتمع، فـ "التفكير اجتماعيًا يستدعي منا أفقًا واسعًا وذهنًا ثاقبًا ننفذ به لأعماق الأشياء دون أن نتهيب النتائج التي نصل إليها بتفكيرنا، حتى نستطيع الشعور بما يؤلم المجتمع الذي يعز علينا انحلاله وضياعه، ونقدر أن نخلق البرامج التي من شأنها أن تحميه وترعاه."[22] وليس هذا صعبًا بالنسبة لمجتمع كمجتمعنا تربى على الإحساس بالجماعة وثقافة الواجب في مساعدة الآخر.

لذلك لم يتحدث علال الفاسي على الشعور بالواجب، بل اختار عن قصد أن يجعل مكان الواجب في العقل وليس في القلب، لأنه أراد "أن يكون الواجب هو شغل الفكر الشاغل الذي يملك على صاحبه كل المنافذ فلا يتركه يهتم بشيء قبل أن يقوم بأدائه ليحصل على رضا فكره وطمأنينة ضميره."[23] فقد يكون الشعور بالواجب شعورًا عابرًا، ولكن ما كان محله العقل والضمير لا يهنأ، حتى يحقق أهدافه الاجتماعية البانية. و"يجب أن نسأل أنفسنا في كل صباح: ماذا سنفعله اليوم لأمتنا؟ ثم نمضي وكل همنا في أعمالنا الخاصة والعامة أداء الواجب وقضاء المفروض، ثم متى عدنا في الليل إلى فراشنا يجب أن نلقي نظرة على ما فعلنا مستعرضين أعمالنا اليومية محاسبين أنفسنا على كل ما يمكن أن يكون قد صدر منا من تقصير أو تفريط متسائلين: ماذا فعلناه اليوم لأمتنا؟"[24] إن الفرد الذي يفكر بالواجب على هذا النحو هو الفرد الذين يستطيع أن يحكم ذاته بذاته، وهو الفرد الذي يكون قد استوعب معنى الديمقراطية من خلال تطبيقها على أرض الواقع. ويجب أن نجعل من هذا السلوك ثقافة يومية لكل فرد على حدة لنرقى إلى مستوى ثقافة تنظيمية مركزها الفرد ومحيطها التفكير بالواجب.

أبعاد الثقافة التنظيمية:

لأن لمصطلح الثقافة تعريف متشعب بل غامض أحيانًا، سنكتفي هنا بالتعريف المتداول، وهو أن الثقافة هي كل ما يميز شعبًا ما من لغة ودين وعادات اجتماعية وطبخ وموسيقى وفن وأدب. ولما حدد المفكر البريطاني الثقافة في أنها طريقة من طرق الحياة، فقد أراد أن يُنزل الثقافة من الأعلى إلى الأسفل، بمعنى ليست الثقافة هي ما نعرفه بالثقافة العالمة، وإنما الثقافة هي "مجموعة من البنيات، لا يراها الفاعلون، ولكنها توفر الحدود والإمكانيات للفعل الفردي والتغيير الاجتماعي."[25] فوجود إمكانيات الفعل الفردي والتغيير الاجتماعي يعني أن الثقافة عملية تعرف التغيير باستمرار، وأن الفعل الفردي مهم مثله مثل الفعل الجماعي، ويجب ألّا يُفهم أن الثقافة العالمة لا محل لها في التغيير، بل هي عامل أساس في التغيير، إذا انخرطت في الحوار الاجتماعي ولم تبقَ حبيسة برجها العاجي.

فالثقافة بهذا المعنى، تسهم في بناء مجتمع يعتمد رؤية معينة وتوفر لهذا المجتمع تنظيمًا معينًا، لأننا عندما نعرف الثقافة بأنها مجموعة من الأفكار يتقاسمها مجتمع ما، فإننا بذلك نعترف بقدرة الثقافة على تنظيم المجتمع إلى حد أن هناك من المنظرين من ذهب إلى ربط التنظيم بالثقافة؛ أي أينما يوجد تنظيم توجد ثقافة، و"الثقافة هي اسم من الأسماء يُعطى للطرق المختلفة التي يقوم بها الناس لتنظيم العالم والطرق المختلفة التي يقوم بها العالم في تنظيم الناس."[26] من هنا يمكننا أن نعتبر الثقافة تنظيمًا اجتماعيًا وسياسيًا وفكريًا، كما اعتبارها لصيقة بالديمقراطية في إعطائها الفرد كما المجتمع إمكانيات الفعل والتغيير. وإن ما وصل إليه المثقفون الغربيون بشأن فن الحكم والحكامة والتحكم في الذات ما هو إلا نتاج لاعتبار الثقافة قوة تنظيمية تجمع بين الفرد والمجتمع، وبين المنتمي وغير المنتمي، وبين السياسي والثقافي.

ويطرح في هذا المقام السؤال التالي: كيف يمكننا ربط التنظيم الفردي بالتنظيم الاجتماعي؟ إن أول شرط للتنظيم الفردي هو ضرورة توفر الفرد على قابلية استيعاب تكنولوجيا الذات وتطبيقها على أرض الواقع، وقد تحدثنا سابقًا عن ارتباط التحكم بالذات بالتحكم في الآخرين. والتحكم هنا لا يعني سلطة ولا ديكتاتورية، بل يعني الانضباط الطوعي والإرادي لتطوير المجتمع والوطن نحو الأفضل. بعد ذلك، يمكن للفرد أن يحقق تنظيمًا في حياته الخاصة والعامة على حد سواء. فكيف يتم ذلك؟ هناك عديد من الممارسات يكون فيها الفرد فاعلاً أساسيًا، في بيته وفي مهنته وفي اهتماماته الثقافية والسياسية، لنأخذ مثلاً ملموسًا يبدأ من حياة الفرد الشخصية إلى حياته العمومية، إذ يقوم كل فرد بتنظيم حياته داخل البيت، فيدخل بيته في وقت معين، مما يتطلب منه الأكل والنوم في وقت محدد، وهكذا لا يمكنه التعامل مع أفراد المجتمع إلا في وقت محدد. فالفرد المنظم هو الذي يستطيع احترام برنامجه الخاص في ضوء برنامجه الاجتماعي، واحترام برنامجه الاجتماعي في ضوء برنامجه الخاص. مثل هذا الفرد قد يكون عضوًا في البرلمان أو في الحكومة مستقبلاً، وقد يكون عضوًا في بلدية وفي جماعة قروية، أو في جمعية حكومية أو غير حكومية، أو في حزب سياسي أو منظمة نقابية. ومثل هذا الفرد الذي يحترم تنظيمه الخاص وتنظيمه العام ويتحكم في ذاته هو الفرد المؤهل لفهم ثقافة الديمقراطية وتطبيقها على أحسن وجه، إن على المستوى الوطني أو الجهوي.

الجهوية وثقافة الديمقراطية:

إذا ما عرّفنا الجهوية بالسياسة التي "تنبني على الجهة كفضاء جغرافي سوسيو اقتصادي، وكمضمون نشاطي تمارسه السلطة اللامركزية الجهوية، أو كليهما معًا، وذلك قصد إيجاد الحلول للمشاكل ذات البعد الجهوي"[27] وإذا اعتبرنا الحكامة التشاركية هدفًا لتطبيق ديمقراطية القرب، فهل من الضروري أن تبقى الديمقراطية حبيسة الهم السياسي والاقتصادي حتى في السياسة الجهوية؟ لكي نصل إلى فهم أدق لما نقصده بثقافة الديمقراطية على مستوى الجهة، نود أولاً مناقشة مستويات الحكامة التشاركية الثلاثة[28] التي سطرها كريم لحرش باعتبارها تسهم أساسًا في تحقيق ديمقراطية القرب ومقارنة هذه المستويات بما ورد في الباب التاسع من دستور 2011 في ضوء ما أشرنا إليه بشأن تكنولوجيا الذات:

- المستوى الأول: "يمكّن من العمل على الرفع من معدل المشاركة السياسية، إذ لا حكامة تشاركية دون تراكمات سياسية وتدبيرية عبر الديمقراطية التمثيلية أولاً، والقصد هو عمل الفرقاء السياسيين: دولة، جماعات ترابية، أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني، على الحد من الآثار السلبية لظاهرة العزوف السياسي من خلال استرداد عامل الثقة في العمل السياسي وطنيًا وجماعيًا وإقليميًا وجهويًا". وعلى أهمية هذا المستوى لأجل محاربة العزوف السياسي، فإن تغييب المبادرات الفردية التطوعية يجعل أسلوب العمل السياسي ينطلق من الأعلى مرة أخرى، فهل مشكل الثقة هو مشكل سياسي فقط؟ لقد تحول انعدام الثقة ثقافة في حياة المغاربة اليومية، في السوق وفي جميع المرافق الاجتماعية وفي التعامل مع الآخرين عمومًا حتى في أبسط الأشياء، لذا يجب تصحيح هذه الثقافة السلبية بتجنيد الآباء والمدرسين والصحافيين والمجتمع المدني، لأن فقدان الثقة يكرس خطاب الإحباط والأزمة.

- المستوى الثاني: "تتحدد الحكامة التشاركية من خلال تحديد حجم الأولويات في المفكرة السياسية للفرقاء المحليين وفق نظام الأسبقيات والأولويات، فيما يخص الجهات الكبرى ليس بالضرورة فيما يخص باقي الجهات الصغرى أو المتوسطة." فليس هناك، في اعتقادنا، أولوية أعظم من الاهتمام، أولاً وقبل كل شيء، بالفرد المغربي الذي يجب أن يُلقن تكنولوجيا التحكم بالذات."

- المستوى الثالث: "يعد المستوى الأكثر إجرائية بالنسبة للحكامة التشاركية، فعبره يتم الانفتاح بقصد الإشراك الفعلي للساكنة قوةً تنظيمية اقتراحية مبادرة ومسهمة في الإنماء المحلي." هذا المستوى هو الأقرب إلى الديمقراطية القوية التي تعتمد حكم الذات الفردية والمشاركة الفعلية في القرارات السياسية المحلية منها والوطنية. ولكن بينما أوضح دستور 2011 طريقة الإشراك الفعلي للأفراد غفل عن ذلك المتخصصون في العلوم السياسية والقانونية، لذلك من الأفضل في هذا السياق إشراك المتخصصين في العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية. وفي الفصل التاسع من دستور 2011 الخاص بالجهات والجماعات الترابية الأخرى، يركز الفصل 136 على ما يلي: "يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن، ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة." أما الفصل 139 فيبين كيفية مشاركة السكان المعنيين: "تضع مجالس الجهات، والجماعات الترابية الأخرى، آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها. يمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض، الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله."[29] ويعد الفصلان متكاملان في رسم خريطة للحوار والتشاور وتبادل الآراء بين المسؤولين والمواطنين من جهة، وبين المواطنين أنفسهم من جهة أخرى، وهكذا يجب أن نفكر من الآن فصاعدًا في الانطلاق من الأسفل، من المحادثة بين المواطنين على مستوى الحي فالمدينة فالجهة.


[1] رضوان أفندي، ''المواطن وعدوان الشقق بالملكية المشتركة''، في "آفاق التحول الديمقراطي في المغرب"، مجلة نوافذ، الجزء الأول، العدد السادس، يناير 2000، ص 125

[2] John Dewey, ‘Maeterlink’s Philosophy of Life,’ in The Middle Works of John Dewey, Carbondale, Ill: Southern Illinois University Press, 1978, vol VI.

[3] ِCornel West, The American Evasion of Philosophy: A Genealogy of Pragmatism, Madison: University of Wisconsin Press, 1989), Ch. 1, p. 36

[4] انظر: إبراهيم البدوي وسمير المقدسي، تفسير العجز الديمقراطي في الوطن العربي، تر: حسن عبد الله بدر، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2011

[5] إبراهيم البدوي وسمير المقدسي، المرجع نفسه، ص ص 25-26

[6] إبراهيم البدوي وسمير المقدسي، المرجع نفسه، ص 27

[7] إبراهيم البدوي وسمير المقدسي، المرجع نفسه، ص 24

[8] علال الفاسي، منهج الاستقلالية، الرباط، مطبعة الرسالة، ط2، 1999، ص 59

[9] علال الفاسي، منهج الاستقلالية، ص 43

[10] رضوان سليم، الثورة الديمقراطية، ص 188

[11] Thomas Lemke, ‘Foucault, Governmentality, and Critique’, in Rethinking Marxism Conference Amherst (MA), September 21-24, 2000, pp. 1-, University of 17

[12] Gavin Kendall and Gary Wickham, Understanding Culture: Cultural Stduies, Order, Ordering, London, SAGE, 2001, p. 81

[13] Thomas Lemke, ‘Foucault, Governmentality, and Critique’, in Rethinking Marxism Conference, pp. 1-17

[14] اعتمدنا المرجع نفسه لطوماس ليمكي بتصرف.

[15] عبد الكريم غلاب، عبد الكريم غلاب في مذكرات سياسية وصحافية، الرباط، منشورات المعارف، 2010، ص 692

[16] علال الفاسي، النقد الذاتي، الدار البيضاء، دار الثقافة، ط7، 2002، ص 10

[17] علال الفاسي، النقد الذاتي، ص 126

[18] علال الفاسي، النقد الذاتي، ص 14

[19] علال الفاسي، النقد الذاتي، ص 14

[20] علال الفاسي، النقد الذاتي، ص 15

[21] علال الفاسي، النقد الذاتي، ص 17

[22] علال الفاسي، النقد الذاتي، ص 18

[23] علال الفاسي، النقد الذاتي، ص 36

[24] علال الفاسي، النقد الذاتي، ص 39

[25] Gavin Kendall and Gary Wickham, Understanding Culture: Cultural Studies, Order, Ordering, London: SAGE, 2001, p. 11

[26] Kendall and Wickham, Understanding Culture, p. 24

[27] محمد طالب، ''الجهوية أيه رهانات؟ بأية إجراءات؟''، في الجهوية المتقدمة بالمغرب: رهان للحكامة التشاركية، تنسيق وتقديم كريم لحرش، الرباط، طوب بريس، ط3، 2012، ص 121

[28] انظر كريم لحرش، ''تقديم الطبعة الثالثة''، الجهوية المتقدمة بالمغرب: رهان للحكامة التشاركية، ص ص 5-6

[29] امحمد لفروجي، الدستور الجديد للمملكة المغربية، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ط2، 2012، ص 65