الصّراع على المُؤسّسة الدّينيّة الرّسميّة
فئة : أبحاث محكمة
الصّراع على المُؤسّسة الدّينيّة الرّسميّة
في إطار سعي النظام السياسي نحو تجاوز تجربة الإسلاميين السياسية وتمددهم في المجال الديني الرسمي وغير الرسمي، عمد إلى سِلسلة مُستمرّة من الإجراءات التي تَستهدف في مَضمونها ضبط المَجال الدّيني بإخضاعه لسُلطة الحُكم، حيث تكون أداة من أَدوات السّلطة -كغيرها من المُؤسسات[1] وخُضوعها حينئذ لرُؤية النّظام وتَنفيذها دون النّظر إلى أيّ اعتبارات أخرى. وعلى الرغم من وحدة الهَدف لدى مُكونات المُؤسسة الدّينية في مُواجهة أَخطار العُنف الدّيني ودَعم الدّولة في مَعركته، تظل التّباينات في العلاقات البَينية بين أركان المؤسسة الدّينية، وهو ما يدفعنا إلى قِراءة مُتقاطعة لواقِع المَجال الدّيني في مِصر في ضوء تَنوع المَسارات التي تتداخل فيها دَوافع السّيطرة بمُبررات إدارية أو تَنظيميّة أو سياسيّة.
أولاً: المَجال الديني العام بين التّنظيم والتّأميم
في إطار تَفكيك علاقة السّلطة بالمُجتمع وتَصورها لواقع حُضور الدّين من المَشهد السّياسي، من الأهمية التّعرف على مَصادر إنتاج الدين وحدود تأثيره، وموقعه من السلطة. يدفعنا ذلك إلى التّعرف على تصورنا «للمجال الديني»، والذي نَعني به مساحة الاشتباك المُتبادل مع احتياجات وهواجس عُموم المجتمع ذات البُعد الديني عبر كل من الفاعلين «الرسميين» -والمُمثلين في الجِهات المَوكُول لها تَقديم إجابة دينيّة- والفاعلين «غَير الرَسميين» -سواء كانوا أفراداً أو أحزاباً وجماعات ذات إسناد ديني- تَعمل على تَشكيل/ إعادة تشكيل توجهات ومُمارسات وأفكار المُتماسين مع تلك المُخرجات، كلُّ في ضوء احتياجاته واستيعابه، وطبيعة المساحات التي أُتيحت له في التّلقي.
1- الدّولة والمشيخة: جدل الاستقلاليّة والتّبعية
نتيجة التّخوفات السُّلطوية من حُدود تغلغل المجال الديني في المجتمع ومضمونه ومسارات تأثيره المُحتملة، ظلّت العلاقة بين السّلطة والمشيخة مثار جدل قديم، لم يتم تجاوزه نتيجة تداخل المُؤثرات ما بين؛ رغبة النظام في السّيطرة على المشيخة، لتحاشي أي صِدام علني مُحتمل حَال اختلاف الرُؤى، ما يُثير عَمليّاً غَضباً شَعبيّاً على الحَاكم، بصفته مُناهضاً للدّين ورجاله. والرّغبة في التَّفعيل العَملي لأُطروحات الإصلاح الديني للمُؤسسة الرّسمية، سَواء داخليّاً من أبناء المَشيخة، أو خارجيَّا عبر النّخب الثّقافية المعنيّة بهذا الأمر، في ضوء حاجة المُجتمع المُعاصر إلى تَجديد مُخرجات المُؤسسة بما يُناسب احتياجاته وتَحدياته اليوميّة. يَتحكم في تَفعيل كُل ذلك عَمليّاً وبدرجات مُتفاوتة كلّاً من رُؤية الحَاكم لدور المَشيخة وتَداعيات تَطورها المُحتمل على سُلطاته وسِياسَاته، إضافة إلى مَوقف عُموم المَشيخة-قيادة وقواعد- ومدى قُبولهم للتّغيير المُتوقع من عدمه، يتم إِعادة هَندسة العلاقة بين الحَاكم والإمام الأكبر عبر مُختلف العُصور مُمثلاً في شِعاريْ «التّطوير» و«الإصلاح»، لتنظيم وتطوير الأزهر الشّريف بهدف إحكام السّيطرة على المجال الديني، ومنع تَفلته كفَاعل مُحتمل مُقاوم لقبضة السّلطة.
مع تكوين الدولة الحديثة في مصر، صدر أول قانون سنة 1872م في عهد الخديوي إسماعيل، لتنظيم حصول الطلاب على شهادة العالِمية، كأول خطوة عمليّة في تَنظيم الحياة الدّراسية بالجامع الأزهر. وفي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، صَدرت عدّة قوانين لإصلاح الأزهر؛ كان أهمها القانون الذي صدر في سنة 1896م في عهد الشيخ «حسونة النّواوي». وفي سنة 1911 صدر القانون رقم1 لسنة 1911 أُنشئت بمقتضاه «هيئة كبار العلماء»، وتوالت على هذا القانون تعديلات آخرها سنة 1930، وكانت خُطوة كبيرة نحو استكمال الإصلاح وتنظيم الدراسة بالأزهر، والتي حُددت أربع سنوات للمرحلة الابتدائية، وخمس سنوات للمرحلة الثانوية، كما أنشئت ثلاث كليات هي: كلية أصول الدين، وكلية الشريعة، وكلية اللغة العربية. وفي 5 تموز/يوليو 1961 صدر القانون رقم 103، والذي أصبح الأزهر بمقتضاه جامعة كُبرى للتّعليم العالي بغرض إعداد وتزويد الباحثين الأزهريين والمصريين وغيرهم ممن اكتسبوا العُلوم الحَديثة والمَعرفة الدّينيّة[2].
صَاحبت سِياقات إصدار وتَفعيل تلك القوانين-على اختلافها- كثير من الصّراعات التي استهدفت إقرار قبضة الحُكم على المُؤسسة الدّينية، مع أزمات خطاب التّجديد الذي تم طرحه داخليّاً أو خارجيًّا عبر تاريخ المُؤسسة العريقة، وإن كان ذلك لم يُعق تَطور بنية المَشيخة المُؤسسيّة عبر العُقود في ضوء تَجديدات جُزئية داخلية كانت تَتم وِفق إقرار من النّظام، بهدف إرضاء قَواعد المُؤسسة للحِفاظ على شرعيته كحاكم، مع تَعميق تَبعيتها وتَقليل تمايزاتها تدريجيًّا عن غيرها من مُؤسسات الدّولة.
في هذه القوانين كانت الدّولة مُمثلة في الملك، وهي المُتحكمة في تَعيين شيخ الأزهر، فحسب «قانون الجامع الأزهر والمعاهد الدينية العلمية الإسلامية رقم 10 لسنة 1911 م»، والذي أصدره الخديوي عباس حلمي ووفق المادة 22، فإن «انتخاب وتعيين شيخ الجامع الأزهر منوطان بنا وبأمر منّا»[3]، كذلك في قَانون رقم 103 لسنة 1961، حيث «يَختار شَيخ الأزهر من بين هَيئة مُجمع البحوث الإسلامية، أو ممن تَتوافر فيهم الصّفات المَشروطة في أَعضاء هذه الهَيئة، ويُعين بقرار من رَئيس الجمهورية، فإن لم يكن قبل هذا التّعيين عُضو في تلك الهيئة صار بمقتضى هذا التعيين عُضواً فيها»[4].
استمر الأمر هكذا حتى وفاة شيخ الأزهر محمد أبو الفضل الجيزاوي عام 1927م، حيث كانت الدولة البرلمانية حينئذ تشهد صراعاً بين طرفيها حول ولاء المؤسسة لمن سيكون؟ «حدثت الأزمة التي بين مرشَّح الملك الشيخ محمد الأحمدي الظواهري ومرشَّح وزارة الائتلاف (الوفد والأحرار الدستوريين) الشيخ محمد مصطفى المراغي على من يتولَّى منصب شيخ الجامع الأزهر، ليستقر الأمر للشيخ المراغي وعندما يرفض الملك مشروعه لتطوير الأزهر يستقيل، فيتولى المشيخة الشيخ الظواهري، والذي أعاد إلى الملك تبعية الأزهر وجعل له حق التعيين للشيخ ووكيله وشيوخ المذاهب والمعاهد ووكلائها والوظائف الكبيرة..»[5]. يُرجع شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري اهتمام الحُكام بالاحتفاظ لأنفسهم بحق تعيين شيوخ الإسلام إلى «سببين؛ أولهما: أن شيوخ الأزهر كانت لهم دائماً مَنزلة رفيعة جدًّا في نُفوس المُسلمين، من ثم كان لهم نفوذ عميق في جمهور الشعب، فكان طبيعيًّا أن يسعى الولاة والحكام لاكتساب هؤلاء المشايخ والقادة إلى ناحيتهم، وثانيهما: أن هؤلاء الحكام أنفسهم كانوا دائماً مُخلصين للإسلام عاملين على نشره ورفع لوائه.. فكانت هذه الخصال فيهم دوافع أخرى، لكي يَرعوا بأنفسهم شؤون هذا الدين الحنيف.. وهذا لا يتأتى إلا بأن يكون لهم حق اختيار أشخاص العلماء الرُؤساء الذي سيُوكل إليهم أمر هذه الرّعاية والعناية بشؤون هذا الدّين»[6].
وحين أراد المراغي التّطوير، أقرّ الظّواهري الأوضاع كما هي عليه، ليتجنب من ثَاروا على المراغي قبله، لكن لم يَستقر الأمر له، وصَادف عَهده وزارة مَغضوباً عليها جاراها في أمور أغضبت بعض أهل الأزهر وغيرهم عليه، وتم فَصل سَبعين عالماً من وَظائفهم كان مغضوباً عليهم. كما انعكست الأزمة المالية على أوضاع الأزهر، فلم يجد خريجوه وظائف في المعاهد الدينية ولم يتدخل الشيخ لإصلاح الأمر، فثاروا عليه[7]. «ففي 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1934م، قرَّر مجموعة من طلبة الأزهر الإضراب تبعهم باقي الطلاب حيث استمرت المظاهرات، رغم فَصل زعماء الطلاب فصلاً نهائياً، وتألَّبت على الشيخ الظواهري كل القُوى الشعبية والحزبية، عدا الملك الذي اضطّر إلى قُبول استقالته في 27 نيسان/أبريل 1935م، وعاد المراغي شيخاً للأزهر للمرة الثانية، فأعاد المفصولين المنقولين وغير ذلك من الإجراءات الجزئية»[8]. وصدَر في عهده القانون رقم 26 لسنة 1936، مُلغيّاً قانوني سنة 1923، سنة 1930[9].
وفي عهد دولة 23 تموز/يوليو، أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إِعادة تَنظيم الأزهر والهَيئات التي يَشملها، وجَعل للرئاسة حَقّ تَعيين شَيخ الأزهر، وتَعيين وزيرٍ لشؤون الأزهر[10] وهو القَانون الذي استمر يَحكم مَسار العلاقة بين الدّولة والمَشيخة إلى الوَقت الرّاهن.
اتّسمت غالب عُهود المُؤسسة بدعم الحَاكم في صِراعاته السّياسية الدّاخلية ضمن رُؤيته للتوازنات السّياسيّة؛ فبعد مظاهرات كانون الثاني/يناير 1977 حرص شيخ الأزهر آنذاك عبد الحليم محمود على مُهاجمة الشيوعيين ووصفهم بأنهم مُلحدون، وبناء عليه أعلن السادات أنه لن يُولّي أحداً من الشيوعيين مَنصباً مُهمّاً في الدولة. وأيّده في ذلك المُفتي وقتئذ «جاد الحق علي جاد الحق» في مُعاهدة السّلام مع إسرائيل، باعتبار أن الرّسول صلى الله عليه وسلم عَقد مُعاهدات مع اليَهود، لكنه رَفض التّطبيع[11]. وفي عهد حُسني مبارك، كانت المؤسسة الدّينية الرّسمية في صَفّهِ دائماً، وكان الرّاحل محمد سيد طنطاوي -مُفتياً ثم شيخاً للأزهر- يدخل العديد من المعارك تطوّعاً إلى جوار سَدنة الحُكم، وضد كل من يُغضب رئيس الجمهورية. وعندما تَحدث صحافيون عن ثروة نجله علاء، ثم عن تَوريث الحُكم لابنه جمال، رأى الرئيس أنّ الصّحافيين يُردّدون الإشاعات، يتدخل شيخ الأزهر ويبادر بنشر سلسلة من المقالات في «الأهرام» وفي «صوت الأزهر» عن الشّائعات ومن يُثيرها في الإسلام والعِقاب الإلهي الذي ينتظرهم[12].
2- الإسلاميون والأزهر: لمن المَجال الدّيني؟
رافق تنحي مبارك في 12 شباط/فبراير 2011 وتولي المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد، وبروز جماعات الإسلام السياسي، حالة من الانفتاح النّسبي في المجال الدّيني بصورة رسمية -دون مَحظوراته القديمة- والذي ظل لسنوات سابقة أسيراً بين الدولة ومحاولاتها المُستمرة، لتطويعه كأداة من ضمن أدوات الحُكم. أَخذت تلك المُمارسات الشّكل القَانوني بهدف تَنظيم «الفَضاء الدّيني» بينما الإسلاميين يَعملون على التّمدد في المَجال الدّيني الرّسمي كجزء من الصّراع السّياسي مع الأنظمة الحَاكمة؛ وذلك وفق إطار فِكر يأخذ مُسمّى «صراع المَرجعيات». اتّسمت فترة الصّعود الإسلامي رسميّاً وغير رسميّ في المَشهد السّياسي في تلك السنوات بحالة جُزئية من التّنوع/الانفتاح النّسبي في المَجال الدّيني بصورة غير مَسبوقة وفق ما تُظهره عدّة مُمارسات أبرزها؛ الاعتراف الرّسمي والتّعاون بين المُؤسسة الدّينية والإسلاميين، تَمدّد الإسلاميين في هَياكل المُؤسسات الدّينية واقترابهم من مَراكز السّيطرة على المَجال الدّيني، مع استمرار تَمددهم في المَجال الدّيني غير الرّسمي دون تَضييقات، إلّا أنّ مُحاولات الإخوان المُسلمين السّيطرة على هذا التّنوع فيما بعد، حَالت دون استمرار هذا الانفتاح، وسَعت لإعادة إنتاج سِياسات الدّولة التّسلطية التّقليديّة للسّيطرة على المَجال الدّيني بِما يخدم رَغبتها في تَحجيم مُعارضيه -خَاصة السّلفيين، بهدف بَسط سَيطرتها الدّينيّة على عُموم المُجتمع[13].
في تلك الفترة، بدا واضحاً أنّ التّيار الإسلامي بتنويعاته المُختلفة هو نجم المرحلة، فبدأ الحكام الجُدد في التّقرب للإسلاميين. وأمام ذلك الانفتاح الرسمي، عَمدت مؤسسة الأزهر عبر الإمام الأكبر إلى الحركة استباقاً لخُطوات الإسلاميين المًتسارعة بهدف تَثبيت أقدامه كمرجعيّة فِعليّة أمام الجميع، ليس بوصفه إمام «أهل السنة»، بل كإمام «لجميع المصريين»[14]؛ وذلك عَبر عِدّة أدوات؛ تم تَنشيط مَشروع «بيت العائلة» ليكون بمثابة المظلة السّياسية والاجتماعيّة للقُوى الوطنية، وبدأ في طرح ما عُرف بـ «وثائق الأزهر»، والتي كانت دلالتها الرّمزية كبيرة أكثر من فَعاليتها التّنفيذية، فهي مُحاولة لإرضاء الأطراف والتّهدئة، أكثر منها مشروعات فعلية يمكن إقرارها على أرض الواقع السياسي.
وفي إطار صِراع الهَويّة الذي أُثير في تلك الأيام حَاول «الأزهر تَحقيق تَوافق بين مُختلف مُكونات المُجتمع حَول المَرجعيّة الإسلاميّة، دُون طَرح قَضية إسلامية الدّولة مُباشرة، وحاول تَطمين المُتَخوّفين من المرجعية الإسلامية، دون أن يدخل صراحة في المشكلات المختلف حولها.. ودون أن تَتضح حَقيقة مَوقف الأزهر من المشروع الإسلامي الذي تحمله الحركات الإسلامية، خاصة جماعة الإخوان المسلمين»[15]. وكانت تلك الخُطوات دافعاً لقُوى سياسيّة ومُجتمعية مُختلفة -عَلمانية وسَلفية- عَمدت عبر مَراحل مُختلفة إلى الدّفع بالأزهر في مُقدمة المَشهد لأهداف مُتعددة حيث؛
- الدّعم «العَلماني»- مُمثلاً في النُخب الثّقافيّة- لمواقف الإمام الأكبر بهدف احتفاظ هذه النّخب بمكانتها الرّمزيّة المَوروثة من عهد حسني مبارك، وقُوّتها النّاعمة بوصفها حِصن الدّولة المدنيّة، وحاملة نبراس التّنوير في مُواجهة قُوى الظّلام المُمثلة في الإسلاميين.. إلخ.
- دفعت التّطورات السّياسيّة بَعض القُوى الإسلاميّة إلى الدّفع بالمُؤسسة للصدارة والتّحرك من خَلف السّتار تَجنّباً لأي مُزايدات سياسيّة قد تَنالها، مثلما فَعلت جماعة «الدعوة السّلفيّة»[16] في بعض القَضايا في إطار مُواجهتها مع القُوى العَلمانية والإخوان المُسلمين -كالدّستور وما صَاحبه من قَضايا تَخص المادة الثانية ومدنية الدولة وحُقوق الأقليات...إلخ- حيث سَعى جاهداً إلى تَدعيم الجانب المُؤسسي عبر الدّفع بالأزهر كمُؤسسة مُستقلة وفق الدّستور عبر هيئة كبار العلماء، لتكون لها الكلمة العُليا في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية.
ظلت علاقة الإسلاميين بتنويعاتهم مع المشيخة مُرتبكة مَنهجاً ومَوقفاً؛ فالإسلاميون مُكونهم الفكري سَلفي بدرجات مُختلفة، والأزهر حصن الأشعرية في العصر الحديث، والذي مَثَّل الدّين الرّسمي السّلطوي في وعي الإسلاميين. لذا، كانت التّحفظات الفعليّة على التّسليم به كمرجعية إسلامية، حيث الرّغبة قائمة في مُنازعته الدّور الدّيني، فهم لا يعترفون بشيوخهِ المُفرّطين في أُمور الدين، المُؤيدين للحُكام الظّالمين. وتَمثّل ذلك في مُحاولات إِنشاء الجَماعات الإسلاميّة المُتعددة، و«الجَامعات الإسلامية»[17] -فيما بعد- كمحاولة احتجاجية من قبل إسلاميين على كسر الاحتكار الرسمي للدين وفرض وجودهم، رغم أنهم كانوا يَعتمدون بشكل أو بآخر على أبناء هذه المؤسسة؛ لأنهم الأقرب إلى عَملهم الدّعوي. تاريخيّاً.. حرص «حسن» على إيجاد التواصل وتدعيم العلاقة بين الأزهر والجماعة؛ فعندما بدأ التفكير في العمل الدعوي فكر في أن يدعو إلى «تكوين فئة من الطلاب الأزهرين وطلاب دار العلوم، للتدريب على الوعظ والإرشاد في المساجد، ثم في المقاهي والمُجتمعات العامة..»[18].
بصورة عامة، «ظلت العلاقة بينهما 'تكاملية' في أشياء و'تَصادمية' في أشياء أخرى؛ ذلك لأن جماعة الإخوان المسلمين ظهر لها: 'طابعاً ثوريّاً استمده حسن البنا من الأفغاني، وطابعاً عقليّاً استّمده من محمد عبده، وطابعاً سلفيّا استمده من محمد رشيد رضا. فالطّابع الثّوري أبرز الشّق السّياسي الحَركي، وقد عَارضه الأزهر الشّريف، والطّابع العَقلي نتج عنه الشّق الإصلاحي الدّعوي وقد تَفاعل الأزهر وأيَّده. وأما البُعد العلمي الفكري، فنقّحه الأزهر الشريف[19].
في سنوات ما قبل 25 كانون الثاني/يناير، ظلت العلاقة مُتغيرة تبعاً للأوضاع السياسية؛ فجماعة الإخوان المسلمين تَتمدد داخل الأزهر وكُلياته. ففي الثمانينيات على سبيل المثال، كان الإخوان غير مُتمايزين في جامعة الأزهر، «فلا يصح القول بوجود تَيار ديني في جامعة دينيّة، ونشاطهم دعوياً، حيث يتواجدون من خلال القنوات الطّلابية المَفتوحة بلا أيّ تَمايز، لكن عَقب عودة مهدي عاكف من ألمانيا عام 1986، تولى قِسم الشّباب والطّلاب بالجماعة لتبدأ الأوامر لطلاب الإخوان بالتّمايز عن غيرهم من الطلبة، ومثَّل وصول طالب الطب -حينئذ- محمد البلتاجي لرئاسة اتحاد كلية طب الأزهر، ثم رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الأزهر (بفروعها على مُستوى الجمهورية) 85/86/87 نقلة وبداية لعهد جديد في العمل الطلابي والإسلامي بجامعة الأزهر»[20].
وبمرور السّنوات، أصبح للجماعة رجالها في مُختلف المُستويات العِلميّة والإداريّة، والتي تَمكنوا من اقتناصها طوال عُقود، رغم التّحفظات المُتبادلة بين الطّرفين. ظهر مُؤشر هذا التّمدد في حدثين؛ الأول: انتخاب عبد الرحمن البر عميداً لكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر[21]، والثاني الحِراك الطّلابي الكَبير للإخوان في الجامعة بعد 2013. ولأسباب سياسية مَحضة، ظلّت العلاقة مُتوترة بين جَماعات الإسلام السّياسي وعدد من شيوخ الأزهر، حيث نشبت العديد من المواجهات مع الإمام الأكبر السابق محمد سيد طنطاوي نتيجة مَواقفه التي أثارت عليه نُواب الإخوان المسلمين، وطالبوه بالاعتذار عَقب مُصافحته للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في مُؤتمر حوار الأديان في تشرين الثاني/نوفمبر 2008، ثم أثار إجباره لطالبة في المرحلة الإعدادية الأزهرية على خلع النّقاب غَضباً بين السّلفيين، رافقته مُطالبات من نائب الإخوان حمدي حسن بعزله، إلّا أن مجمع البحوث الإسلامية سانده في موقفه، وأيده رسمياً في قرار حظر النّقاب داخل فُصول المعاهد الأزهرية، وقاعات الامتحانات والمدن الجامعية التابعة للأزهر[22]، ثم كان موقف «أحمد الطّيب» رئيس جامعة الأزهر حينئذ -وشيخ الأزهر فيما بعد- مما عرف ب «مليشيات الأزهر»[23]، والذي أثار غضب الجماعة وطالبوا بإقالته، لذلك نتفهم مُحاولات الإخوان تقديم مشروع قانون خاص بتطوير الأزهر في برلمان 2005 بدعوى ضمان الاستقلال السياسي والمالي[24].
أما التّيار السّلفي -باختلاف جماعاته-، فكان وجوده بالجامعة في مراحل مُتعددة وبدرجات مُتفاوتة، منذ بداية تأسيس الجمعيات الدّينية كأنصار السّنة والجمعيّة الشّرعية[25]، وتطور وُجودهم كمُكون إسلامي بتطور النّشاط الديني في مصر عامة منذ نهايات عَصر عبد النّاصر. ونتيجة للأزمة السّياسية والاقتصاديّة في السّتينيات والسّبعينيات، هَاجر الكثيرون -إسلاميون وغير إسلاميين- لدول الخليج عامة والسّعودية خاصة، وكان من ضمن المُهاجرين في موجة الانفتاح أساتذة الأزهر، حيث عملوا طوال عقديْ السبعينيات والثمانينيات في مختلف التّخصصات، وخَضعوا بالتالي للتأثيرات السّلفيّة ما انعكس على أفكارهم[26]، وزاد هذا التوجه في بدايات القرن الجديد نتيجة المد السّلفي المتزايد وتأثيرات القنوات السّلفيّة النّاشئة.
وعلى الرغم من الخلاف السّلفي الأشعري والتّحفظات المُتبادلة، سعت تلك القُوى لاختراق المُؤسسة كلما سنحت الفرصة كوسيلة غير مباشرة، لاستمرارية التّمدد في المجتمع المصري، رغم بعض المضايقات الأمنية[27]. فعلى سبيل المثال، ورغم إنشاء المعاهد الإسلامية مثل معهد الفُرقان التّابع للدّعوة السّلفيّة، سعى أبناء الدعوة السّلفيّة -وغيرهم من السّلفيين والإسلاميين عامةً- إلى الدراسة بجامعة الأزهر في النّصف الثاني من التّسعينيات، حينما أتيحت الدراسة الشّرعية الجَامعية لغير الأزهريين، ويعُود هذا السّعي الحَثيث للدراسة في الكُليات الشرعية من ناحيتهم إلى أمرين؛ الأول الحُصول على درجة علمية رَسمية -لا تَمنحها معاهدهم- من الأزهر، والأمر الثاني ما يترتب على الشّهادة من الحُصول على «رُخصة» رسميّة تتمثل في تَصريح بـ «الخطابة» في المساجد، كي يتمكنوا من القيام بالدّور الدعوي بشكل رسمي، دون أن يُمنعوا بدعوى أنهم ليسوا أزاهرة، وليس من حَقهم الدّعوة، لكن تم غلق الباب مرةّ أخرى لدواعٍ أمنيّة، وبدأ الانتباه إلى مَدى تأثير هذا الانفتاح الدّراسي أمامهم، وما سوف يتبعه من استحقاقات تمثل في السّماح الرّسمي للدّعوة لانعدام الحُجة بعدم أزهريتهم. وحسب بعض المقابلات مع عدد من هؤلاء الدّارسين، نفوا وجود أي احتكاكات في هذه الفترة نتيجة اختلاف المرجعيات، وأنهم تَجاوزوا هذه النقطة التي لم تُثر أبدا وقتئذ. لم يقتصر الأمر على دُخول السّلفيين الأزهر، بل كان من داخل الجَامعة العَريقة من أصبح بمرور الوقت مَدرسة سلفية خاصة، مثل أسامة عبد العظيم[28] أستاذ أصول الفقه بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر. واتّسمت العلاقة بين الإسلاميين ودار الإفتاء بالتّوتر المُتبادل؛ فالإسلاميون يُنازعون الدّار في وَظيفتها في إصدار الفَتاوى، والدّار تَراهم خَارجين عن صَحيح الإسلام الوَسَطي الذي يُمثلونه. فيما يَعيب الإسلاميون عليها تَوجيه الفَتوى لخدمة الأنظمة، بوصفها الذّراع الرّسمي للدّولة في الإفتاء، وليس بما يُوافق صَحيح الشّرع، فضلا عن السّمة الصّوفية الغالبة على رجالها[29]. ظهر هذا التّوتر عبر عِدّة مُستويات؛ سِياسياً كان للمؤسسة دور-بصورة مُباشرة أو غير مُباشرة- في مُواجهة بعض القَضايا ذات البُعد السّياسي، والتي أثارتها الجَماعات الإسلامية مثل فتاوى الخُروج على الحَاكم، واستحقاق المرأة لحقوقها السّياسيّة المُختلفة كحق الانتخاب والتّرشيح وتولي الوظائف العامة[30] والموقف من الأقباط.. إلخ. وبعض الفَتاوى ذات المَنحى الاقتصادي مثل فوائد البنوك، وبعض القَضايا الاجتماعية كالاختلاط والختان[31]، إلّا أن تَصعيد هذه المواجهات بين الطرفين برز مع تولي دكتور «علي جمعة» مسؤولية دار الإفتاء في الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر 2003 -خلفاً للدكتور «أحمد الطيب» الذي عُين رئيساً لجامعة الأزهر- حيث أخذت علاقة الدّار الإسلاميين مُنحنى أكثر حِدّة طَغى فيها الجَانب الشّخصي في الصّراع بين الطّرفين طوال عهده. أخذ «جمعة» مَوقفاً مُناهِضاً من التيّارات الإسلامية بمُختلف الصّور عبر آلية الفتوى، ويُتردد أنه كان يتحكم في الفتاوى الصادرة بصورة عامة، سواء بصورة مباشرة عبر الفتاوى التي تخرج باسمه، أو بصورة غير مباشرة عبر الفتاوى التي تصدر باسم «أمانة الفتوى»؛ إذ لديه تأُثير شخصي ورمزي بالغ على أفرادها، فأغلبها من تلامذته ومُريديه.. ومن هذه الفَتاوى الفتوى «بعدم جواز الانتماء إلى الجماعات الإسلامية، لو انتهجت نَهجاً سِياسيًّا وعَسكريًّا، أو سِياسيًّا قابلاً للتّطوير العَسكري، وأنّ المُسلم عليه اتباع الشّرع في أُموره، مع احترام النّظام العَام للدّولة، حتى إن عَاش في ظل نِظام له مَرجعية وضعية»[32].
ومع الصّعود الإسلامي في 2011، تزداد حدّة المواجهة بين الطّرفين[33] نتيجة التّرسبات الحَادثة طوال سَنوات ومَواقفه المُحرّضة على الإسلاميين. لذا كان تصعيدهم السّياسي ضد شَخص المُفتي واضحاً، وطَالبت جَماعة الإخوان المسلمين بأن يكون مَنصب المُفتي بالانتخاب وليس بالتّعيين، مع ضَم دار الافتاء المَصرية إلى مَشيخة الأزهر. وصَعّد السّلفيون بمَطالبهم لإقالة «جُمعة» نتيجة مَواقفه العمليّة منهم، وكَتب مَقالاً في «الواشنطن بُوست» مُحرّضاً فيه الغَرب على السّلفيين، والتّلاسن الذي دَار مع الدّاعية السّلفي أبي إسحاق الحويني[34] وما أورده في كِتابه «المُتشددون»، والذي مَارس قدراً ملحوظاً من النّفي والإقصاء لهم، أيضا مَوقفه من النّقاب بأنه «عَادة». وبانتهاء مُدة «جمعة» واستقرار الأوضاع على انتخاب «شوقي علام» مُفتياً تبدأ صفحة جديدة من العلاقات الهادئة بين الدّار والإسلاميين -بعد أن كانت مُتوترة جدّاً في عَهد سَلفه بسبب مَواقفه السّياسيّة التي اتّخذها، وانعكَست على أداء الدّار[35].
كان الهُدوء سِمة العَهد الجَديد، فلم تَتسبب مَواقفه في إثارة غَضب الإسلاميين وحدّتهم عليه، مثلما حدث مع سلفه لأسباب عديدة أهمها اختلاف المشهد السياسي، والذي كانت له توازناته المطلوبة من الطرفين، مع غياب مَوقف شخصي مُتبادل بين المفتي الجديد والإسلاميين. لذا، وَجدنا نَوعاً من التّفاهمات في فترة العَمل التي جمعت الطرفين في لجنة الــــ50 لإعداد التّعديلات الدستورية، والاتّفاق على أنّ التّعديلات ليست مُنافية للشريعة، وأن التّصويت على الاستفتاء واجب وطني. ولأول مرة يتم اجتماع بين مفتي الجمهورية ووفد من قيادات حزب النّور والدّعوة السّلفيّة، وقدّموا فيه الشكر للمفتي على جهوده المبذولة في الحِفاظ على مَواد الهَويّة بالدّستور، وأثنى المفتي في المُقابل على مجهودات مُمثل حزب النور في لجنة الخَمسين ومَجهوداته في ضَبط صياغة المواد بطريقة جيدة تتفق مع الشريعة[36].
ومع التّوافق بين الأزهر ووزارة الأوقاف في ظل تبعيّة الثّاني ضِمنيّاً للأول، حيث ظَلّ وزير الأوقاف يُعيّن بعد وُجود تَوافق ضمني عليه من الإمام الأكبر[37]، استخدمت بعض الجماعات الإسلامية مَساجدها في مُحاولة سَحب شّرعية الأنظمة الحاكمة، بوصفها لا تحكم بالشّريعة ومُفرطة في أمور الدين[38]، بينما يَسعى الخِطاب الرّسمي لتأكيد شرعيّة النّظام عبر تصنيف هذه الجماعات ضمن الخوارج. ورغم أهمية الأدوار السّياسية والاجتماعية التي تلعبها المساجد، إلّا أنها في واقع الأمر خارج سيطرة الوزارة عَمليّاً، لعدم قدرتها على حَصر أعدادها ومن ثم الإشراف عليها، مُوكلاً ذلك إلى الأجهزة الأمنية.
ثانياً: الاستراتيجيّة الدّينيّة لنظام 3 يوليو
سعى النّظام الحاكم إلى اتخاذ عَدد من الإجراءات تجاه المَجال الدّيني في مِصر وإحكام السّيطرة على مَصادر إنتاج الخِطاب الدّيني بكافة صُوره لِحسم الصّراع الدّائر عَقب عَزل الرّئيس السّابق محمد مرسي، وإعلان الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
1- إدارة المجال الديني
مع سَعي النّظام الحَاكم إلى تَجاوز الأزمة السّياسية، بَدت عَبر السّنوات -إلى حدٍّ بعيد- مَعالم فَلسفة الحُكم في النّظر إلى الدّين ومُؤسساته وأدوارهما، يحرص الرئيس عبد الفتاح السّيسي وِفق خطاباته المُختلفة عَبر السّنوات، على طرح ملامح تَصوره للدين وفق ما يراه مَطلباً تجديدياً ومَركزياً -من أجل تَجاوز تَجارب الإسلاميين وبيئة التّطرف- على المؤسسات والجِهات المَعنيّة تنفيذه؛ وذلك في إطار رُؤية سياسيّة مُختلفة تجاه موضع الدين وتنظيماته في الحياة السّياسيّة وفق نموذج مُناهض لسابق مُمارسات الأنظمة الحاكمة مع الملف الدّيني وفاعليه الرّسميين وغير الرسميين.
توجد فَلسفتان تعكسهما تجارب الحُكم السابقة تجاه مَوقع الدّين بصورة عامة- سواء مُؤسساته الرّسمية أو تنظيماته الحَركية المُختلفة- حيث تَختلف أدوار ومساحات حُضوره عبر هؤلاء الفاعلين من وقت لآخر، استناداً إلى التّقييمات الأمنية المُختلفة، والتي تُؤطر الملامح العامة للملف الديني كأحد مَلفاتها المهمة في ظل سَنوات نشاط تيّارات الجِهاد والتّكفير سَابقاً. يَتمثل النّمط الأول في ترك مِساحات مُتنوعة للحُضور الدّيني عبر الفَاعلين الدّينيين الرّسميين وغَير الرسميين -التّنظيمات الدّينيّة والدّعاة- حيث يَحمل ذلك ضمنيًّا احتمالية المُواجهة الدّاخلية بينهم بهدف مُتعلق بإحداث توازن وقتي لتفريغ طاقاتهم داخليّاً، وتَضييق الخِناق على الجَماعات والأفكار الرّاديكاليّة.
في المُقابل، يتم التّغاضي عن خِطاباتهم وتَنافسهم في المَجال العَام طَالما يَتم الأمر وِفق الضّوابط الأمنيّة التي تَستند إلى تَنميط المُمارسَات الدّينيّة والتّدينيّة المُختلفة للفاعلين، ومُستويات العُنف القائمة والمُحتملة في الخِطابات والمُمارسات، ومتى يَتم تَرك مِساحة ومَتى يتم التّضييق وتَصعيد الصّدام وكيفية حدوثه.. إلخ. وهذا يتم في ضوء إستراتيجية سياسيّة تَحرص على إقرار الشّرعيّة الدّينيّة للأنظمة الحاكمة عبر استخدام أَنماط التّدين المُختلفة والمُتغلغلة في مُختلف الطّبقات بما يَكفُل دَعم وبَقاء النّظام ويَمنحه شَرعيّة ضِمنيّة تجاه أَفكار التّكفير والخُروج عن الحَاكم، عبر التّأكيد على عَدم مُعاداته للإسلام؛ وذلك في مُواجهة خِطابات رَاديكالية دِينية تَنشط من وقت لآخر، وتَحرص على مُنازعته الشّرعيّة الدّينيّة. أمّا النّمَط الثّاني، فيَتبنى ضَرورة عَدم استخدام سِياسَة التّوازن تلك، حيث الدّين عَاملاً دَاعماً وتابعاً للسلوك السّياسي للنّظام، وتُرسم مَساراته التّطبيقية في الحياة اليوميّة وفق تلك الرؤية بقوة الدّولة وشرعية النّظام القائمة، وعلى الدولة أن تُخضِع الجميع أفراداً ومُؤسسات وأفكاراً، دون أن تَخضَع هي لأي مُكون داخلي أو تُهادنه بصُورة وقتيّة، -حال تطلّب الأمر ذلك- للحيلولة دُون وُجود فُرص للتّطرف الدّيني -وِفق مَنظور الحَاكم- عبر سِياسات وتَنظيمات لديها القابليّة للتّطرف، أو دَعم التّطرف في ظِلّ وجود امتيازات استثنائية لها. يَحدث هذا دُون النّظر إلى الحُصول على شَرعية دِينية -بحسب تَصوره- ليس لها وُجود حَقيقي في ظِل الدّولة المَدنيّة، فالدّين والتّدين حِينئذ يكون أمر شَخصي في المَقام الأول، ودور الدّولة تُنظم تَطبيقاته ومَساراته ضِمن بَاقي شُؤون الحُكم. ومع غَلبة المَسار الأول عبر عُقود طَويلة مَضت -نتيجة سِياقات مَحلية وإقليميّة ودولية مُتباينة- بات المَسار الثّاني هو المُسيطر بصُورة مَركزيّة على المَشهد السّياسي بعد 3 تموز/يوليو 2013 بعد أن ظل على الهَامش سابقاً. وعليه، فقيادة النّظام هي الأدرى بالتّحديات وسِياقات قَراراتها، ولديها التّفويض الشّعبي الذي لم تنله أيّ جماعة أخرى. لذا، لا مَجال لمُنازعتها في مَواقفها، ولا بَديل عن إخضاع الجميع لسُلطة الدّولة- مُؤيداً كان أو مُتحفظاً على تَوجهاتها- ليترتب على ذلك الالتزام بمُختلف القواعد المُنظمة، وهي في المجال الدّيني تتعلق بالخُضوع للجهات الرّسمية المَعنية بالحَقل الدّيني، وهي الأزهر والأوقاف. فإن كان الأزهر هيئة علمية مَرجعية في أمور الدين لا تَملك عمليّاً تَطبيق سُلطات الدّولة -مع وُجود نزعة استقلالية مُؤسسةً وشَيخاً عن النّظام- فإن وزارة الأوقاف الأداة التّطبيقية المُسيّرة والمُتابِعة والمُقيّمة لمُمارسات مُختلف المكونات الدّينية، وإن كان هذا لا يَعني تَسامح تلك السّلطة مع الحلفاء حال وجود تجاوزات ترتئيها. فعلى الرّغم من الدّعم المُعلن للتّيار المدخلي وجَماعة الدّعوة السّلفيّة ورموزهما للنّظام، إلّا أن وِزارة الأوقاف مَنعت الدّاعية المَدخلي مُحمد سعيد رسلان من الخَطابة في أيلول/سبتمبر 2018 لتجاوزات ارتأتها في خُطبه، مع التّضييق على تَصريحات الخَطابة التي تُمنح أحياناً بضوابِط للقِيادي البَارز بالدّعوة السّلفيّة ياسر برهامي؛ أي إنّ لسان حال الرّسالة المُستهدف ترسيخها وفق استقرائنا للمشهد: «مهما كان ولاؤك أو تأثيرك، فلن نَسمح بأيّ خَرق للقواعد المُنظمة التي وضعناها كدولة».
وبالنّظر إلى الخَطوات العَمليّة للنّظام في إدارته للمَشهد الدّيني، اعتمد على إستراتيجيتين؛ الأولى: شَعبوية، وتعتمد على؛
أ. الأداء الدّينـي الشّـعبـي للرئيـــس السّيسي: سَــواء اســـتلهاماته الدّينيّة المُســتمرة في خِطاباته، أو تأكيداته على مَسؤوليته عن الدين، فلم يَكتف بالدّعوة لتجديد الخِطاب الدّيني، بل دَعا باستمرار إلى ضَرورة وُجود ثَورة دِينية[39]، وتَجديد للفِكر الدّيني[40]، وبتعبيره «أنا مَسؤول عن القيم والمبادئ والأخلاق والدين»[41]. وتحرص مُمارسات بعض الأدوات الإعلامية على تَأكيد هَذا التّوجه الدّيني للنّظام[42].
ب. إبراز «الحماية الدينية» للنظام؛ وذلك بتضخيم الأدوار غير الرّسمية لعدد من النّخب الدّينية المقربة من النّظام، الذين يَستمدّون من قُربهم لها قُوة ونُفوذاً -بغض النّظر عن خَلفيتهم كأزهريين من عدمها- سَواء إِعلاميّاً واجتماعيّاً أو سياسيّاً؛ مثل علي جمعة، سعد الدين الهلالي، أسامة الأزهري، الحبيب الجفري، سالم عبد الجليل، ليتسبب ذلك في التوتر بين النخب الدينية الرسمية وغير الرسمية[43].
الاستراتيجية الثّانية: إجرائية، تَستهدف التوجه بأدوات تنفيذية نحو «المجال الدّيني العَام»- الرّسمي وغير الرّسمي- لتَحجيم الظّاهرة الإسلاميّة والحَيلولة دون إعادة تَمدّدها السّياسي والاجتماعي، كيلا يوجد مُنازع مُحتمل لسُلطة الدّولة في مَجالها الدّيني. يأتي ذلك في ظل فلسفة النّظام بأنه لا استقرار أو تقدم للبلاد دون قدر من التّحكم المركزي في القُوى الفاعلة، حيث تخضع جميع المكونات السّياسيّة لأدوات السلطة. يَستَهدف ذلك تَجنب الدّخول في مُمارسات فَوضوية تُسبب أزمات للدّولة المصرية، تُرجم ذلك عمليّاً عبر التّعديلات التي أُقرّت على الدّستور المصري في نيسان/أبريل 2019 مُستهدفةً إعادة سَيطرة الدّولة المركزية إلى الكثير من المُؤسسات -كالقضاء والإعلام وغيرها- عبر صِيغة تَنظيميّة بإنشاء «مجلس أعلى»، بهدف التّنظيم والرقابة وضمان التّنفيذ لسياسات الدّولة العليا، ووضعت تلك القواعد لاحقاً في مَجموعة من القَرارات الإداريّة التّفصيلية. وبالعودة إلى المجال الديني بدت تلك الاستراتيجية في ثلاثة أمور:
أ. تحجيم استقلالية المؤسسة الدينية: وذلك بِهدف تَحويلها لأداة تَابعة لمُؤسّسة الرّئاسة على النحو التالي:
- دستوريّاً: من ضِمن المَواد المُعدلة دُستوريّاً في 2014، المادة الخاصة بـ «هيئة كبار العلماء»، والتي أُعيد إِحياؤها في 2012 وتخضع لعدّة تَغييرات حول حدود فَعاليتها الذي اَقتصر عَمليّاً على اختيار شيخ الأزهر، ثم الدّعوات للنّظر في قَانون الأزهر، كيلا يَبقى في مَنصبه مَدى الحَياة[44].
- سياسياً: على الرغم من الاهتمام الرئاسي بدعم المُؤسسة الدّينيّة، نشطت الحملات السّياسيّة والإعلاميّة ضد «مَشيخة الأزهر» تعليماً ودَعوة ومُمارسة من قبل المثقفين والإعلامين[45]، وتَذبذب الموقف الرئاسي منه ما بين الهجوم عليه وتأييده؛ فقد لامَ الرئيس على دُعاة الأزهر خلال حُضوره احتفالاً دينياً -تموز/يوليو 2015- بسبب «عدم التّحرك بفاعلية لمُواجهة انتشار التّطرف وتَصويب الخِطاب الدّيني»[46]، قبل أن يَعود بعدها بأسابيع ويُشيد بدور الأزهر خلال كلمته في افتتاح توسعة قناة السويس، قائلاً إن «التاريخ سيذكر لمصر أنها تَصدّت بأزهرها وعلمائها لتجديد الخطاب الديني، حتى يتناغم مع عصره ومُحيطه»[47].
ب. السّيطرة على القَنوات الدّينية[48]إدارة ومَضموناً؛ فبَعد عَزل مرسي تم إيقاف بث تلك القنوات للحَيلولة دون استخدامها كأداة تجييش وتوجيه حُشود المحتجين على التّغير السياسي الحادث، خاصة وأنّ تلك القنوات كان لها دور تعبوي في السّنوات التالية لعزل مبارك. وفي وقت لاحق، حَرصت بعض مُكونات النّظام على إعادة استخدام القنوات الدّينية بصورة تتّسق مع تَوجهات النّظام الدّينيّة، والاستفادة من شَعبيتها السّابقة بعد إعادة تَوجيهها فِكريّاً. وهو ما حدث بشِراء بعض رجال الأعمال المُقربين من النّظام «قناة الناس» وتَغيير هويتها السّلفيّة لهوية صُوفية، لكن لم تُحقق هذه الخُطوة المُستهدف منها، في ظل الملاحظات السّلبية للقواعد الإسلامية على مُحتوى القَناة؛ فالوُجوه القائمة على القناة من الدّاعمين للنّظام، كما أن خِطابها الصّوفي المُقدم لا يَتسق مع المزاج السّلفي العام الذي تم تكوينه وتغذيته في عُموم المُجتمع عبر العُقود الأربعة الأخيرة، بصورة جعلته النّمط التّديني السّائد.
ج. فيما يخص إدارة المساجد، أصدر وزير الأوقاف عدّة قرارات إدارية استُهدف منها ضبط الخطاب الديني لمنع استخدام المساجد في الاستقطاب السياسي منها[49]:
- إغلاق الزّوايا ومنع صلاة الجمعة بــــ13 ألف زاوية مساحتها أقل من 80م، وقصر صلاة الجمعة على المساجد الكبرى.
- وضع كافة المساجد والزوايا تحت إشراف الوزارة واعتماد خطبائها وأئمتها، مع وضع الإدارة المركزية لشؤون المساجد الضّوابط والخطة الفنيّة والزّمنية للتّنفيذ.
- ضم جَميع المساجد دَعويًّا -وإنهاء سابق علاقتها بالجمعيات الدّعوية والأهالي.
- إلغاء تصاريح الخَطابة لغير «الأزهريين»، حيث تم مَنع 55 ألف إمام وداعية من اعتلاء منابر المساجد، منهم عدد من أبرز الدّعاة السّلفيين مثل أبو إسحق الحويني، محمد حسان، محمد حسين يعقوب.
- توحيد خُطبة الجمعة في جميع مساجد مصر «أوقاف، جمعيات، أهالي» ومُعاقبة من يُخالف بدعوى «البعد عن التّوظيف السّياسي أو التّحريض الطّائفي».
وبالتزامن مع ذلك، أصدر رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور في نهاية فترته مشروع قانون «تنظيم الخطابة والدوس الدينية بالمساجد» كان البداية الفعلية لمواجهة الإسلاميين في المؤسسة الدّينية وخارجها، أكد القانون أنه[50]:
- لا يجوز لغير المُعينين المُتخصصين بوزارة الأوقاف والوُعّاظ بالأزهر الشّريف المُصرّح لهم مُمارسة الخَطابة والدّروس الدّينية بالمَساجد وما في حُكمها من السّاحات والميادين العامة، وبذلك كان التّأميم الشّامل لكل فعل ديني عَلني، فلا يَملك أيّ شّخص غَير مُصرّح له بالخَطابة إلقاء دروس أو كلمات، سواء في المساجد، أو الساحات العامة، من دون تَصريح في سابقة لم تحدث من قبل.
- ولضمان تنفيذ القَرارات، أعطى القانون للعاملين المُتخصصين بوزارة الأوقاف صِفة مَأموري الضّبط القَضائي لتَطبيق أحكام هذا القانون.
- وعند الإخلال بما سَبق، يُعاقب بالحَبس مُدة لا تَقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سَنة، وبغرامة لا تَقل عن عِشرين ألف جنية ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتُضاعف العقوبة في حالة العودة.
- بعد ذلك أصدرت الوزارة قراراً يسمح لكل من يحمل درجة الدكتوراه من أي جامعة وليس الأزهر فقط، بأن يلقي الدروس والخطب الدينية بالمساجد[51]، ما اُعتبر بأنه باب خلفي لعودة الإسلاميين للمنابر.
عند تَقييم تلك الإجراءات، نَرى أنها تَظل إلى حَدٍ بَعيد قَرارات «إعلامية» تتّسق مع سياسات الدّولة المُعلنة[52] دون أن يتم تَفعيل غالبها على أرض الواقع، نتيجة أزمات وزارة الأوقاف الإدارية والمالية، خاصة وأنها لم تَستهدف من ورائها أكثر من تعظيم حضورها الرمزي المُنافسٍ للأزهر، كما أن انعكاساتها العمليّة على الإسلاميين ليست ذات أهمية، رغم الصّخب الإعلامي الحادث. وثمة اختلاف أمني حول تَنفيذ تلك الإجراءات. على سبيل المثال؛ رغم الوجود الرّسمي للدّعوة السّلفيّة السّكندرية ودَعمها للنظام، إلّا أنّ غَالب شُيوخها مَحرومون من تَصريح الخَطابة رسميّاً، ويُعانون من التّضييق إداريّاً وقانونيَّا[53] في الحُصول على ذلك التّصريح[54]، رغم سابق دِراسة بعضهم بالأزهر. وهذا انعكس على التّضييق على رُموزها بمنعهم من الدروس، وفي أفضل الظروف منح تصاريح مؤقتة محلية[55] يتم تجديدها كل ثلاثة أشهر بعد تقييم الأداء[56].
وِجهة نظر الوزارة كمُنفذ ومُراقب لسياسَات النّظام، هي أنه رغم تَأييد قِطاعات من السّلفيين للنّظام الحالي، فإنه لابُد من مُواجهة الفكر المُتطرف الذي يُمثلونه، ومنع أي وجود مُستقبلي لتيار يُنافس الدّولة في مجالها الديني. مع أن الواقع الأمني حال دون تنفيذ جِدّي لتلك القرارات، فمع وجود ما يقرب من أربعة آلاف مسجد وزاوية بالإسكندرية وحدها تعود للسلفيين، إلا أن قَرارات عدم اعتلاء غير الأزهري عقب الإعلان عن تَطبيقها آنذاك لم تُنفذ إلّا في ثلاثة مَساجد كُبرى فقط[57] في خِضم الصّدام الإعلامي.
2- تفاعلات السّياسي في الشأن الديني
تَجمع السّياسات الدّينية الحاليّة للنّظام الحاكم، بين مُمارسات رُؤساء سَابقين لمصر مثل جمال عبد النّاصر وأنور السّادات، حيث تَشابهت بَعض السّياقات السّياسيّة في بعض التّجارب، ومن ثم بعض المُمارسات الدينية الفرديّة في بعضها الآخر؛ فقد سَعى جمال عبد الناصر إلى تأميم المَجال الدّيني في ضوء أزمته مع الإخوان المُسلمين في الستّينيات من بَاب تَطوير الأزهر لبناء خِطاب ديني مواكب للعصر، وكان التوجه إلى:
- المؤسسة الرّسمية وتَعديلات القانون المتعلق بالأزهر.
- إنشاء إذاعة القرآن الكريم ومن ضمن ما استهدفته «مُحاربة الأفكار المتطرفة في ذلك الوقت، وظهور نُسخ مُحرفة من كتاب الله»[58]، وبمرور الوقت أصبحت وسيلة مهمة للسّيطرة على المجال الديني العام[59].
- التّضييق على بِناء المَساجد وإحكام الرّقابة على خِطابها الديني[60].
فيما حرص الرئيس الراحل أنور السادات على إبراز العَديد من المَظاهر الدّينيّة خلال مُمارساته المُختلفة، سواء بتلقيبه بالرئيس المؤمن والتّركيز على حُضوره الدوري للصلاة ومُفرداته الدّينية المُختلفة في خطاباته، فقد كان أول رئيس ألقى خطبة من إذاعة القرآن الكريم في 31 أيار/مايو 1976، وهو ما قام به الرئيس «السيسي»، والذي جمع بين كل هذه المُمارسات من خلال تَفاعله مع المُؤسسة الدّينية، ودَعواته الدّينية للتّجديد ومُفرداته الدّينية في خِطاباته المُختلفة تجاه الأزمات الجارية[61].
هذا التّداخل بين السّلطوي والدّيني، أدّى عَمليّاً إلى انقسام طَرفي المُؤسسة الدّينيّة، كانت له تَداعيات تَطبيقيّة عَميقة على المجال الدّيني، تعكس فَلسفة النّظام السّياسي تجاه مُؤسساته، وكيفية تَسييرها وفق رُؤيته، وبصفة خاصة نظرته للفاعلين الدّينيين وحُدود دورهم وموقعهم المُتوجب أن يكونوا فيه، وهو ما نُفصله كما يلي.
أ. انقسام المؤسسة الدينية
يتمحور الصّراع بين مَشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف حَول سَعي الأوقاف نحو مُنازعة مَشيخة الأزهر دَورها كهيئة عِلمية دينيّة بهدف السّيطرة على المَجال الدّيني الرّسمي؛ وذلك في ظِل حِرص الوزير على التّناغم مع عَقل النّظام السّياسي عبر العَمل المُستمر على تَطبيق التّوجيهات الرئاسيّة، ما جعله أقدم الوزراء دون تغيير. أنتج هذا النّزاع سِلسلة مُستمرة من الصّراعات بَدت في عِدّة قَضايا أبرزها: تَجديد الخَطاب الدّيني، خطبة الجمعة الموحدة والمكتوبة، ومُكافحة التّطرف. ففي سَابقة هي الأولى من نوعها، نشب صراع بين مشيخة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف عُرفت إعلاميّاً ب «حرب الإمام والوزير»[62] حول أيُّهما يَحق له أن يكون الأقرب للنظام كمُمثل دِيني رئيس في الصّراع، وبلغت ذُروة ذلك مع دعوة رئيس الجمهورية في كانون الثاني/يناير 2015 في خِطابه بمناسبة المولد النّبوي الشّريف[63] إلى ما سماه «ثورة دينيّة للتّخلص من أفكار ونُصوص تم تقديسها على مَدى قُرون، وباتت مَصدر قَلقٍ للعالم كله»، بعدها أعلن «الأزهر»[64] و«وزارة الأوقاف»[65] عن وثيقة مُنفصلة لكل منهما تتعلق بـــ «تجديد الخِطاب الديني» استجابة لدعوة الرئيس[66]. بالتوازي مع ذلك، أثير الحديث عن «منصب ديني كبير»[67] للمُفتي السّابق «علي جمعة» خاصة في ظل تَنامي دوره السّياسي -لقُربه المباشر من رئيس الجُمهورية- رغم عدم شَغله أيّ مَنصب رسمي بالدولة سوى رئاسته اللّجنة الدّينيّة في مجلس النواب دورة 2021.
واستمرت الأزمات نتيجة إصرار وزير الأوقاف على توحيد الخُطبة وجعلها مكتوبة بدعوى ضمان عدم الاستغلال السّياسي من قبل الإسلاميين وداعميهم لصلاة الجمعة بما لها من رمزية كبيرة بين المسلمين، رفضت هيئة كبار العلماء موقف الوزير، الذي رأته مُسيئاً ومُتجاوزاً في شأن يخُص الأزهر بصفته المرجعية للدين الإسلامي في البلاد طبقاً للدستور. وبعد التّصعيد الإعلامي، يُصدر رئيس الجمهورية قراره بإلغاء الخطبة المكتوبة عقب لقائه بشيخ الأزهر، والذي نقل له مَساوئ تطبيق الخطبة المكتوبة واعتراض الشيوخ عليها، ليؤكد وزير الأوقاف أن الإمام الأكبر قد وجّه بوضع الخطط التّدريبيّة اللّازمة لرفع كفاءة الأئمة والوعّاظ في مُواجهة القَضايا التي تَحل مُشكلات الناس، وتُلامس واقعهم، مع صَقل مَهارات الأئمة، ورفع كفاءتهم في تحضير الخطب وإلقائها[68].
وفي ظل استمرار تأزم المُؤسسة الدّينية تجاه التّفاعل مع أزمات الخِطاب الدّيني، يتدخّل فاعلون جُدد في الصّراع، حيث يُعلن وزير الثقافة السابق حلمي النمنم -على هامش مُؤتمر الأول الشباب تشرين الأول/أكتوبر 2016-عن «إسناد الرئيس مهمة تجديد الخطاب الديني لوزارة الإنتاج الحربي وقطاع الأمن[69]. وتأتي تصريحات 'أسامة الأزهري' مُستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب -دورة 2015- واصفاً فيها الجهود المبذولة لتجديد الخطاب الديني من مُختلف مُؤسساتنا الدّينيّة بأنها دُون المُستوى المَطلوب بكثير.. وامتدت انتقاداته إلى الأوقاف والإفتاء واصفاً الجميع بأنهم لا يُلبون نِداء الوَطن ولا يَستجيبون لما يَطلبه الوطن»[70]، ليرد الإمام الأكبر على كل ذلك قائلاً: «كنا نتمنى من بعض المُنتسبين للأزهر ألا يَقحموا أنفسهم في القضايا الفقهية الشّائكة، وأن يُتركوا للمَجامع والهيئات المُتخصصة في الأزهر الشريف بيان الحُكم الشرعي في قضية الطلاق الشفهي، ولدينا وثائق علمية، حتى لا يُزايد علينا في الصحف ولا في القنوات»[71].
ولاحقاً يُعلن «الأزهري» عن؛ تكليف الرئيس له بإيجاد آليات لإطفاء نيران الفكر المتطرّف، وطالب الأزهر الشريف بإطلاق صفحات رسمية على الفيسبوك وتويتر، باللغة العربية والإنجليزية، يعمل عليها فريق من الخبراء والمُتخصصين، كما طالب وزارة الأوقاف، والإفتاء، ومجمع البحوث، وهيئة كبار العلماء، ومَشايخ الطرق الصوفية، ونقابة الأشراف، وجامعة الأزهر، بإطلاق 4 صفحات أخرى، فمن فاته إحدى تلك المِنصات الإلكترونية ستدركه منصة أخرى.. وأشار الأزهري إلى أنه «سيُنفق على هذا الجيش الإلكتروني بسخاء، حيث لا يقل مُتابعو تلك الصّفحات عن 15 مليونا أو 20 مليون متابع»[72].
وكان لتزايد أفكار التّكفير عَامل مُغذ لتنافس أركان المُؤسسة الدّينية على أيّهم الأجدر بمواجهة التّطرف؟ ورغم سَعي الفاعلين الدّينيين الرّسميين إلى الاشتباك مع مُختلف تلك القضايا، إلا أنّنا نرى أن تلك المُمارسات لا تخرج عن كونها «إعلامية» أكثر منها «عملية»؛ فالأوقاف عمليّاً لا يُمكنها السّيطرة على الخِطابات الدّينية في المساجد لمشاكل إدارية ومالية تخص الإِشراف الإداري، وضعف مُستوى الكثير من الأئمة، وقلة عددهم مقارنة بالمساجد الموجودة. وسعى الأزهر للاشتباك مع قضية التكفير وتمدد أفكار العنف[73] وتبدى ذلك في أمرين؛
أولهما: سياسة المؤتمرات: حيث نظَّم الأزهر مُؤتمراً دوليّاً لمواجهة الإرهاب والتّطرف- 3: 4 كانون الأول/ديسمبر 2014م- بحضور العديد من رجال الدين الإسلامي والمسيحي من مختلف أنحاء العالم، لبحث كيفيّة مُواجهة هذا التمدد. ورغم رمزية المُؤتمر، إلّا أنه انعكس سلباً على الأزهر الذي رفض شيخه الأكبر تكفير تنظيم «الدولة الإسلامية -داعش»، مُؤكداً على «عدم إمكانية تكفير مُسلم مهما بلغت ذنوبه»؛ وذلك في أعقاب ما نُسب إعلامياً لمفتي نيجيريا بتكفير داعش خلال كلمته التي ألقاها بمؤتمر الأزهر الشريف. وهنا يُقرأ هذا الموقف على مُستويين؛
- شرعيَا: يحمل موقف المؤسسة وجاهة دّينية لتخوّفه من فتح باب التّكفير، مَا قد ينعكس على الداخل المصري بين الأطراف المختلفة مُهدداً لأمن المُجتمع، اتساقاً مع المذهب الأشعري المُعتمد في الأزهر والرافض للتكفير من حيث المبدأ.
- أما سياسيًّا: فرغم انطلاق رؤية الأزهر من أن للعنف دوافع شخصية وسياسية واجتماعية وليست نتاج الرافد الديني فقط -كما تُصر بعض الأصوات على تأكيده- إلا أن مُعارضي «الإمام الأكبر» ومعهم قطاعات من الإسلاميين يرون موقف المؤسسة:
- «مائع»: بمنظور المصلحة الوطنية، حيث يصب ذلك في صالح المتأثرين والدّاعمين لــ «الدولة»، مما يُحمل الأزهر المسؤولية بصورة غير مباشرة عن تفشي الإرهاب وتنامي الحركات الأصولية.
- «مُتردد»: لعدم رغبته في التّصادم مع توجهات النظام العامة، بهدف تجنب مزيد من الهجوم عليه لتبعيته الدائمة للأنظمة «العلمانية».
أما ثانيها؛ فيتمثل في اعتمادها على المُبادرات/الحملات. فبعد أقل من أسبوع على هجمات باريس 2015، أعلنت دار الإفتاء المصرية، عن مبادرة عالمية جديدة بعنوان «Not talk in our name» أي «لا تتحدث باسمنا»، للتصدي للإسلاموفوبيا، تستهدف غير العرب في مختلف دول العالم، وهي مبادرة ترتكز على إبراز حقائق الإسلام بعدد من اللغات المختلفة منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية، كما أنها تهدف إلى فضح البنية الأيديولوجية لجماعات التكفير، بحسب مفتي الديار المصرية خلال المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه عن المُبادرة. تأتي هذه المبادرة بعد تسع مُبادرات سابقة صادرة من مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف وحتى دار الإفتاء نَفسها، والتي ربما تَقوم بأكبر جهد في هذا المجال، حيث أصدرت مجلة «Insight» باللغة الإنجليزية للرد على مجلة «دابق» التي ينشرها تنظيم «داعش»، كما أطلقت مرصداً للتكفير في آذار/مارس 2014. لمُحاولتها مُنافسه مُنتجي الأفكار الجهادية على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال إنشاء صفحتَين على الفيسبوك هما «داعش تحت المجهر» و«مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية» تحاول من خلالهما تفكيك أطروحات التنظيمات المتطرفة، كما تم إنشاء «مرصد مكافحة التطرف» -3 حزيران/يونيو 2015م- باقتراح من الإمام الأكبر- لرصد ومتابعة ومجابهة الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة[74].
ما سبق يمثل زخماً دفع الدّار في حزيران/يونيو 2022 إلى تدشين «مركز سلام لدراسات التطرف»[75] التابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ودار الإفتاء المصرية؛ وذلك عبر إطلاق المؤتمر الدولي السنوي الأول بعنوان «التّطرف الدّيني: المُنطلقات الفكرية.. وإستراتيجيّات المُواجهة»، وفي كلمته الافتتاحية حرص محمد الضويني وكيل الأزهر الذي حَضر المُؤتمر نائباً عن الإمام الأكبر، على إشارة لافتة في بداية كلمته[76] إلى سَبق جُهود المشيخة المُختلفة في مُكافحة التّطرف، ومنها عقد الأزهر عام 2014 «مُؤتمر الأزهر لمُواجهة التّطرف والإرهابِ» بحُضور ممثلين عن مئة وعشرين دولة، والذي انتهى بإعلان «بيان الأزهر العالمي»، كما أشار إلى أن مُؤتمر دار الإفتاءِ هو «خُطوة جديدة لهذه الرّؤية الأزهريَّة الوَطنيَّة..».
ب. هيئة كبار العلماء
تُشير التّفاعلات السّابقة إلى وجود فَجوة بين ما يُطرح رئاسيّاً وما يُنفذ مُؤسسيّاً؛ ففي مُجمل التّفاعلات الخاصة بالشأن الديني «لم يشتبك 'الطيب' في خِطاب مُسيّس ضد الفَاعلين السيّاسيين الإسلاميين، مُقتصراً على القَضايا الوطنية التّوافقية- كمُكافحة التّطرف- عَكس غيره الذين يرون مَعركة النظام ضد الإسلام السياسي تَهديدات وُجودية للدولة، وأنتّجوا خطاباً مُؤيداً يربط بين القوميّة والشّعبوية والدين»[77]. وهذا في جوهره نتيجة وجود «صراع مصالح مُؤسسية.. في ظل تباين التّصورات بينهما حول كيفية إدارة شؤون الدولة..»[78]، رغب الطيب في الإبقاء على مُكتسبات المُؤسسة الأزهريّة، وتفعيل دورها في المَجال الديني أمام ما يراه تهديداً لوُجودها وفعاليتها، بل والانتقاص من شخصه بالسعي لتحويله لموظف تابع، يَقتصر دوره على تقديم التّبرير الدّيني وفق ما يُطلب منه، دون النّظر إلى أيّ اعتبارات شَخصيّة أو دينيّة لا يُمكنه تَجاوزها. لذا كان من الطّبيعي أمام تلك التّباينات، أن تَظهر عدّة تلاسُنات إعلامية تَعكس تَوتر العلاقة بين الرئاسة والمَشيخة، يَمتزج فيها السّياسي بالشّخصي. ومن أبرز إشارات هذا التّوتر- فبجانب قضية الخطبة المكتوبة- كان هناك تصريحان لافتان للرئيس في حضور الإمام الأكبر؛ أولهما قوله: «أنا بقول لفضيلة الإمام كل ما أشوفه إنت بتعذّبني، فيقولي إنت بتحبني ولا لأ... ولا حكايتك إيه؟... أقوله يا فضيلة الإمام أنا بحبك وبحترمك وبقدرك، إياكم فاكرين غير كده تبقى مصيبة..»- كانون الأول/ديسمبر 2016[79]، وثانيهما: «تعبتني يا فضيلة الإمام»- كانون الثاني/يناير2017-[80] عقب رَغبة الرّئاسة في إصدار تَشريع بحظر «الطّلاق الشّفهي، حيث يجعل الطلاق لا يتم إلا أمام مأذون، وهو ما رفضته هيئة كبار العلماء في الأزهر»[81].
يرجع جوهر تلك الخلافات الدائرة إلى تباين مواقف الطرفين من مَسألة تجديد الخِطاب الدّيني لاعتبارات سياسية؛ فمن حيث المبدأ الأزهر لم يرفض الدعوة، «وأقرّ بضرورة إحداث تَعديلات في المناهج، وأن هناك سياسة مُتبعة حالياً بهذا الشّأن»[82]، ولكن الخِلاف مُتعلق بالتّوظيف السّياسي؛ فمن ناحية يسعى «السّيسي» إلى توظيف هذه القضية لأسباب «سياسية تخص السّردية التي أتى بها إلى السّلطة كمُنقذ لمصر من التّطرف»[83]، حيث يرى أن هذا التّجديد «قضية حياة أو موت»[84].
وبعد أن كان الأمر مُوكلاً للأزهر، سَحب من الرئيس هذا الملف بتشكيل المجلس القومي لمكافحة الإرهاب والتطرف، في أعقاب تفجيرات كنيستي الإسكندرية وطنطا في 12 نيسان/أبريل 2017، حيث استهدف إقرار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتّطرف داخلياً وخارجياً، والتّنسيق مع المؤسسات الدينية والأجهزة الأمنية[85]. ومع قُوة منصب شيخ الأزهر دستوريّاً وما يراه البَعض نِدّية من الشَيخ في مُقابل تَعارض المواقف مع بعض أطروحات الرئيس -كان التّوجه نحو ضرورة عدم تفلت المجال الديني من قبضة الدولة-تحسباً لأي تَغييرات مُستقبلية قد تحدث- مع حرص الدولة على عدم وجود أي مخالفات دستورية وقانونية في قراراتها التنظيمية. لذا، كان العمل على إعادة تنظيم المؤسسة الدينية بالالتفات إلى أوضاع كل من هيئة كبار العلماء ثم دار الإفتاء.
أُنشئت هيئة كبار العلماء لأول مرة طبقاً للقانون رقم 10 لسنة 1911م والمعروف بـ «قانون الجامع الأزهر والمعاهد الدّينية العلمية الإسلامية». وأُلغيت بعد ذلك، طبقاً للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تَنظيمه وحل محلها مجمع البحوث الإسلامية، وهو ما كان مَثار تَحفظ لغياب الاستقلالية للمؤسسة الدينية وتبعيتها المُطلقة للرئيس، حتى «أصدر المجلس العسكري مرسوماً في 19 كانون الثاني/يناير 2012، بإعادة هيكلة وإحياء هيئة كبار العلماء، ووضعها في مرتبة أعلى من مجمع البحوث الإسلامية»[86]. وبعد أن كان دستور 2012 ينص على أن «يُؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية»، أصبح الهدف الأساسي منها بعد تلك التعديلات اختيار شيخ الأزهر.
شهدت مَسارات الهيئة مُخالفات بالنسبة إلى القانون المنظم لها، فرغم مرور عقد على إصدار قانون بإشهارها في عام 2012، إلا أنها ظلت غير مُكتملة حيث لم يصل عدد أعضائها إلى النصاب القانوني المطلوب، وساهم في إطالة أمد تلك المخالفة التباين بين وجهتيْ نظر الرئيس والإمام. ينص قانون الهيئة الأساسي على أنها تتكون من 40 عضواً، إلّا أنها انعقدت في أُولى اجتماعاتها ب 26 عُضواً كنصاب قانوني لحين استكمال باقي أعضائها[87]، وهو ما لم يتم. وبمرور السنوات تفقد الهَيئة العديد من أعضائها بالوفاة، ويتم تعين الخُلفاء بأعداد أقل، وهو ما حَال دُون الوُصول إلى كامل أعضائها؛ فمع خلو المَقاعد تَطرح الهَيئة تَرشيحات بديلة، لكنها لا تلقى تجاوباً كاملاً من الرئاسة لإقرارها مَوضع التّنفيذ، ووفقأ المادة (32) «ج» من قانون الهيئة: «إذا خَلا مقعد عُضو هيئة كبار العلماء لأي سبب من الأسباب انتخبت الهيئة عن طريق الاقتراع السري المباشر عضواً آخر خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إعلان خلو المقعد، من بين المستوفين شروط العضوية، شرط أن يرشح المتقدم اثنين من أعضاء الهيئة، ولا تكون جلسة الانتخاب صحيحة إلا بحضور ثلثي عدد الأعضاء، ويُصبح المرشح عُضواً، إذا حصل على أعلى الأصوات للأعضاء الحاضرين، ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض شيخ الأزهر».
في تشرين الأول/أكتوبر 2018 رشّح شَيخ الأزهر ستة أعضاء جُدد لعُضوية الهَيئة بعد انخفاض أعضائها إلى خمسة عشر عضواً[88] لكن لم يَحدث تَجاوب من الرئاسة حتى آذار/مارس 2020 حيث صدر قَرار جُمهوري تضمّن تَعيين أربعة أعضاء جُدد[89] كانوا من ضمن الأسماء السّتة السّابق تَرشيحها 2018. وبعد وفاة أربعة من أعضائها خلال عام 2020 انتخبت الهَيئة ثلاثة أعضاء جُدد لعُضويتها[90] دون تفاعل رئاسي بإقرار الترشيحات المقدمة[91].
بالتوازي مع ما يحدث في هيئة كبار العلماء، برز توجه قانوني عبر مجلس النواب، حيث طُرح مشروع قانون يستهدف تنظيم دار عمل دار الإفتاء. كانت عملية اختيار مَنصب المفتي سابقاً تتم عبر شيخ الأزهر مع موافقة رئيس الدولة ووزير العدل، ويكون التّجديد للمُفتي من عدمه أمراً خاصّاً برئيس الجمهورية، بجانب رغبة المفتي في التّجديد من عدمه مع مشورة الإمام الأكبر، ويتم التجديد وفق أداء المفتي في الفترة الأولى وإنجازاته وإخفاقاته..[92]، تغير الأمر في 2013، حيث يُوكل الاختيار لهيئة كبار العلماء؛ فوفقاً للائحتها الدّاخلية[93] حدّدت المادة 14 آلية اختيار مُفتي الجمهورية على النحو التالي:
- يدعو شيخ الأزهر هيئة كبار العلماء للانعقاد قبل موعد انتهاء مدة مفتي الجمهورية بشهر على الأقل، للنظر في ترشيح المفتي الجديد.
- ترشح الهيئة ثلاثة من العلماء من بين أعضائها، أو من غيرهم ممن تنطبق عليهم شروط ومعايير صلاحية شغل منصب المفتي التي تقررها الهيئة.
- تقترح الهيئة عبر الاقتراع السري المباشر على المرشحين الثلاثة في جلسة يحضرها ثلثا عدد الأعضاء، ويعد من يحصل على أعلى الأصوات هو مرشح هيئة كبار العلماء لمنصب الإفتاء شرط حصوله على الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين.
- يعرض شيخ الأزهر الترشيح على رئيس الجمهورية لإعمال اختصاصه في إصدار قرار تعيين مُفتي الجمهورية.
- تكون مُدة شغل منصب الإفتاء أربع سنوات قابلة للتجديد، بناءً على عرض فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بعد أخذ رأي هيئة كبار العلماء، وفي جميع الأحوال تنتهي مُدة المُفتي عند بلوغه السن القانونية المقررة لترك الخدمة.
وهو الأمر الذي تم تَفعيله عند انتخاب دكتور «شوقي علام» في شباط/فبراير 2013، حيث أرسل شيخ الأزهر قَرار الهَيئة بانتخاب المُفتي الجَديد، إلى رئيس الجمهورية حينئذ محمد مرسي لاعتماده وفقاً للقانون[94]، وبانتهاء مُدة المُفتي، تم التّجديد له فترة ثانية في 2017 بموافقة من الإمام «الطيب»[95].
وبالتركيز على مَضمون مَشروع القَانون المُقترح والمُتعلق بدار الافتاء[96] أتت مواده بصورة إجمالية مُنظمة وداعمة لمؤسساتيّة الدار واستقلالها، ماليّاً وإداريّاً وتبعيتها لوزارة العَدل من النّاحية السّياسيّة، كجهة مُعاونة للهيئات القضائية، وهو ما يعني وجود حَصانة للمُفتي، إلّا أنّ الإشكالية تتمثل في حِرص القانون على الإشارة إلى أن «تَعيين المُفتي والتّجديد له يَكون بقرار من رئيس الجمهورية»، واقتصار دور الهَيئة في هذا الأمر على مجرد «ترشيح ثلاثة أسماء يُختار من بينها المُفتي». فحسب النص النهائي المُعدل للقانون- وفقا للمادة2، «المُفتي يُعين بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة تُرشحهم هيئة كبار العلماء.. ويَجوز التّجديد له بقرار من رئيس الجمهورية».
هذا التّعديل يُجهض من دور الهيئة وثقلها؛ فبعد أن كانت الهَيئة سَابقاً تُرشح ثلاثة من العُلماء، سواء من بين أعضائها أو من غيرهم ممن تَنطبق عليهم الشّروط، ويتم اقتراع سري مباشر على المُرشحين الثّلاثة، ومن يَحصل على أصوات الأغلبية المُطلقة للأعضاء الحَاضرين، يكون هو مُرشح الهَيئة لمنصب الإفتاء، ويتم إقراره بعد ذلك من قِبل الرئاسة؛ أي إنّ التّعيين والتّجديد للمُفتي أصبح بقرار رِئاسي، بعد أن كان تَرشيح المُفتي والتّجديد له يتم بموافقتها- كما كان الحال عليه منذ عودتها للحياة- وهو ما أثار خلافاً بين الأزهر والبرلمان، حيث طَالب «الطّيب» رسمياً البرلمان بإرسال مَشروع القَانون إلى المَشيخة لمُراجعته[97]، الأمر الذي انتقده نُواب في البرلمان، حيث رأوا[98] أنّ «رأي الأزهر بخُصوص هذا المَشروع غير مُلزم للبرلمان، وأن مَوقفه سَلبي مُتشدد وغير مَقبول»؛ وذلك على الرّغم من أن قانون تنظيم الأزهر أَقرّ للمجلس الأعلى للأزهر برئاسة الإمام الأكبر «النّظر في كل مَشروع قانون أو قرار جمهوري يَتعلق بأي شأن من شُؤون الأزهر» مادة 10، ليَبقى مَشروع هذا القَانون مُعلّقاً دُون أيّ حَسم، سَواء بالإقرار أو الإلغاء حتى انتهاء انعقاد البرلمان أواخر 2020[99].
وبعد شُهور من الصّمت السّياسي والبرلماني حول هذا القانون والجَدل الدائر حول مَنصب المفتي ومن يَحق له اختياره في إطار الصّراع القائم حول تَرسيم المجال الدّيني، يُصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 338 لسنة 2021 باعتبار أن دار الإفتاء المصرية من الجهات ذات الطّبيعة الخاصة[100] وعدم خُضوعها للمادتين 17 و20 من قانون الخدمة المدنية، وهو بذلك يُقر عمليّاً المُستهدف من مشروع القانون المُجهض بإطلاق يد الرّئيس في اختيار المُفتي. أتى هذا القرار قُبيل يوم من بلوغ مُفتي البلاد للسن القانونية للتقاعد، والتي كان يفترض أن تكون يوم 12 آب/أغسطس 2021، وهو التاريخ الذي ينتهي به سابق القرار الجمهوري رقم 62 لسنة 2021 والمتعلق بتجديد تعيين «علام» مُفتياً والسابق صدوره في شباط/فبراير 2021[101].
في السّياق المُعتاد، كانت دار الإفتاء تَخضع لقانون الخِدمة المَدنية[102]، وبالتالي منصب المُفتي من حيث جهة التّعيين أو بلوغه سن المعاش خاضع للقانون. تنص المادة 17 على أن يكون التّعيين في الوظائف القيادية والإدارة الإشرافيّة عن طريق مُسابقة يُعلن عنها على موقع بوابة الحكومة المصرية، أو النّشر في جَريدتين واسعتي الانتشار مُتضمناً البيانات المُتعلقة بالوَظيفة. ويكون التّعيين من خلال لجنة للاختيار لمدة أقصاها ثلاث سنوات، يجوز تجديدها بحد أقصى ثلاث سنوات، بناءً على تقارير تقويم الأداء. ووفقا للمادة 20، تنتهي مدة شغل الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية بانقضاء المُدة المُحددة في قَرار شَغلها ما لم يَصدر قَرار بتجديدها أو بلوغه السن المقررة قانوناً لترك الخدمة.
ومع عدم حَسم البرلمان السّابق لقانون دار الإفتاء وموقف الأمام الأكبر المناهض، كان هذا القرار في ظل ما يتيحه القانون للرئيس بتحديد الجهات ذات «الطبيعة الخاصة»؛ فوفقا للمادة 21 من قانون الخدمة المدنية «يكون التّعيين في الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية في هذه الجهات والوظائف بقرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه، ويكون شغل هذه الوظائف عن طريق الترقية بالاختيار؛ وذلك على أساس بيانات تقويم الأداء وما ورد في ملف الخدمة من عناصر الامتياز». وهذا يعني عملياً إبعاد مَنصب المفتي عن أي سلطة للمشيخة؛ أي إن استمرار المفتي في منصبه أو في حال وجود توجه بترك منصبه، يكون حق تعيين المفتي الجديد حَصراً لرئيس الجمهورية، دون أي تدخل من «هيئة كبار العلماء». وفي سبيل الرغبة في ترسيخ الأوضاع الراهنة يُصدر قراراً جمهوريّا «بالتجديد للمفتي في منصبه مدة عام بداية من 12 آب/أغسطس 2021»[103].
ج. إعادة النظر في صلاحيات المشيخة
يتبدى ذلك عبر ممارستين؛
أولها: مَشروع قانون بتعديلات على قانون تنظيم الأزهر: والذي قدّمه النائب محمد أبو حامد [104]بدعوى تَطوير الأزهر والعمل على تفرّغه لدوره الدّستوري، والذي قدّم في 2017؛ فمن ضِمن ما استهدفه هذا المُقترح تَحديد مدة تولّي شَيخ الأزهر بثماني سنوات قابلة للتجديد مرّة واحدة فقط عبر انتخابات لا تَقتصر على هَيئة كبار العلماء، بل سيختاره 110 عضواً - حيث يتم إشراك مَجمع البحوث الإسلامية في الاختيار وزيادة أعضائه من 30 إلى60 عضواً، وزيادة عدد هيئة كبار العلماء لــــ50 عضواً- وهو الأمر الذي رفضته اللجنة الدينية بالبرلمان، حيث رأت أن شيخ الأزهر مُحصّن بمُوجب الدّستور، وأن التّدخل في شؤون اختياره أمر يَخص هَيئة كِبار العلماء.
وثانيها: أزمة تعيين رئيس جامعة الأزهر: والتي تبدأ في كانون الأول/ديسمبر 2015 في أعقاب استقالة رئيس الجامعة حينذاك «عبد الحي عزب» بسبب حُكم قضائي صادر ضده، فكلف الإمام الأكبر أقدم نُواب رئيس الجامعة بالقيام بعمل رئيس الجامعة إلى حين تعيين رئيس جديد[105]، فوفقا للمادة 43 من قانون الأزهر[106] «يكون تَعيين رئيس الجامعة بقرار من رئيس الجمهورية، بناء على ترشيح شيخ الأزهر». ومع تَقديم المَشيخة لعدّة تَرشيحات، إلّا أنّ «جميع الاختيارات قُوبلت بالرفض»، لتشير بعض التغطيات الصحفية إلى أن «النيّة تتجه داخل رئاسة الجمهورية لتعيين رئيساً للجامعة دون الرجوع للإمام الأكبر، بسبب عدم التّقدم بشخصية حتى الآن تَحظى بثقتها»[107]؛ يأتي ذلك على الرّغم ما تشوبه هذه الخطوة حال تنفيذها من مُخالفة لنص القانون المنظم،
عقب ذلك يُعيّن «الطيب» «26 عميداً لــــ26 كلية من كليات جامعة الأزهر بالقاهرة والأقاليم».. كانت التّفسيرات التي قِيلت حول هدف تلك القرارات «حتى لا يجد رئيس الجامعة الجديد من يُنفذ سياساته وخطط إدارته، خاصة وأن رئيس الجامعة يصدر قراراته بعد تصويت العُمداء»[108].
وعلى الرغم من التّبريرات التي قُدّمت للرفض ما بين عَدم وُجود مُستوى لائق للأسماء المُقدمة أو عدم توافر الشروط في الأسماء المتاحة، إلّا أنّ جوهر الرفض يعود إلى قُرب الأسماء المطروحة من الإمام الأكبر. ففي إطار صِراع الولاء، حرص «الطيب» منذ خلو المنصب على أن تتجاوز ترشيحات المشيخة نُواب رئيس الجامعة[109]،- حيث كان منهم «د. محمد أبو هاشم» والذي رفضت المَشيخة تَرشيحه لقُربهِ من كل من وزير الأوقاف وأسامة الأزهري المستشار الديني لرئيس الجمهورية، وهو ما يفسر اتهام «هاشم» للمشيخة «بسوء الاختيار»- لكن ترفض الأجهزة الرقابية تلك الترشيحات لوجود أمور ثابتة على الأسماء تمنع من تولّيها هذا المنصب الرفيع«[110].
وبعد عام ونصف، ظلت الجامعة خلاله تُدار عبر قائم بالأعمال[111] تُحل الأزمة بصورة غير مباشرة، حيث يَصدُر قَرار من رئيس الوزراء باعتماد تَرشيح الإمام الأكبر د. محمد المحرصاوي، عميد كلية اللغة العربية رئيساً للجامعة منذ 5 حزيران/يونيو 2017»، وتم التجديد له لفترة تالية بنفس الطريقة 27 حزيران/يونيو 2021[112]، وبنفس الطريقة، يصدر قرار تعيين خليفته د. سلامة داوود في تشرين الأول/أكتوبر 2022، بعد أن سبق وكُلف من قبل «الطيب» في آب/أغسطس للقيام بأعمال رئيس الجامعة[113]. ومع الغَرابة الإجرائية البَادية للوهلة الأولى في جِهة صُدور القرار -والتي تم تجاهل التّعقيب عليها- تشير ديباجة القرار تشير إلى أنه يتم استناداً إلى «تفويض من الرئاسة لرئيس مجلس الوزراء في بعض الاختصاصات»، وهو الإجراء الذي تم الانتهاء إليه لتجاوز الأزمة القائمة -دون اشتباك مُباشر لأطرافها- وهو ما يعكس استمرار الحرص الرّسمي على عدم حُدوث مُخالفات دستورية اتّساقاً مع قَانون تَنظيم الأزهر، والذي يُشير إلى أن التّعيين يتم بقرار من الرئيس.
ثالثاً: جدالات تنظيم المجال الديني الرسمي
تُثير حالة الصّراع القائمة حول محاولات التنظيم الجارية للمجال الديني تساؤلات عديدة حول طبيعة كل من المُؤثّرات والعوائق التي تواجهه تلك المحاولات، حيث ترتبط فُرص إخضاع المَجال الدّيني لسُلطة أيّ نِظام سِياسي من عَدمه بثلاثة مُؤثرات رئيسة شخصية وداخلية وخارجية؛ فهي التي تتحكم في فرص تحقق ذلك من عدمه.
1- المُؤثر الشّخصي
ويتمثل في «طبيعة الشّخصية المُتصدّرة لقيادة المُؤسسة» وطبيعة تصوره لنفسه، وهو المُحدد الذي يَرتبط بطبيعة التّكوين الشّخصي للإمام الأكبر، والمتمثل في انعكاس التّكوين العائلي والمسار المهني وسماته الشخصية على سلوكه الشخصي ونزعاته العِملية سواء بالاستقلال أو التّبعيّة. وبالتّطبيق على الوَضع الحالي في ضوء مُمارسات «الإمام الطّيب»، يبدو حِرصه على الاستقلالية في المُمارسات عن بَاقي المَسؤولين بما يُفهم في كثير من المَواقف نوعاً من النّدية، وسُلوكا مُختلفاً عن بَاقي القِيادات المَعنية، ويراه هو نتاج مُمارسات وخِطابات عَلنية تَحمل انتقاصاً من شَخصه وإدارته لمُؤسسته، وهو ما لم يُعهد من قبل بهذه الصورة في علاقة الرئيس بالإمام عبر تاريخ المؤسسة.
يغذّي حالة النّدية تلك طبيعة نشأة الشّيخ ومَساراته المهنيّة، والتي تبدو ملامحها فيما يُبَث من في سيرته وما تعكسه مُمارساته. يظل «الطيب» حريصاً على تصدير الرَصيد العلمي والاجتماعي لعائلته كمبرر لثقلها الاجتماعي، وهو الثقل الذي لا ينفي وجود قُدرة مالية، وإن كانت مُرتفعة نسبيّاً، إلّا أنه لا يَحرص على اعتبارها مُبرّراً لذلك التّصدر الاجتماعي. يَعود الشّيخ لعائلة ذات ثِقل كبير في مَدينة الأقصر «مُتميزة من النّاحية العلميّة والاجتماعية لا من النّاحية المَادية، فأجداده جَميعهم تقريباً من العلماء..»[114]. إضافة إلى حُضورها الرّمزي في مُجتمعها الجغرافي عبر طريق «ساحة الطّيب» -والتي يتردد عليها المئات من الفقراء والمُحتاجين يومياً- وهي مركز إدارة الطريقة «الحسانية الخلوتية» - التي وصل عدد أتباعها إلى مليوني مريد، وشيخها هو شقيقه الأكبر الشيخ «محمد الطيب»[115]. هذا الاستقلال المادي، جعله لاحقاً يتنازل عن راتبه والكثير من مُخصصاته عن منصبه كشيخ للأزهر. كما أن مَهاراته المُتميزة كانت وراء تَصعيده في المؤسسة الأزهرية- فمما يُروى عن مُلابسات اختياره شَيخاً للأزهر أنّ الرئيس السَابق حُسني مبارك اختاره من الخَمسة المُرشحين لخِلافة الإمام الرّاحل الشّيخ محمد سيد طَنطاوي لإجادته للغتين الإنجليزية والفرنسية بطلاقة[116]، ولذلك فهو عمليّاً على جانب آخر غير مَدين شَخصيّاً للقيادة السيّاسية الحالية بوضعه المهني، حيث سبق وتَحقق في ظل نظام سِياسي سابق، واستطاع الحِفاظ على حُضوره المُؤسسي بتأييد أبناء مُؤسسته وانتخابه بإجماع هيئة كبار العلماء في 2012.
2- المُؤثر الدّاخلي
ويَستند إلى أمرين؛ الإطار القانوني الحاكم للمُؤسسة الدينية، والذي يُحدد طبيعة تفاعلاتها في النظام السياسي، وموقع المُؤسسة في الدولة المصرية. يَحظى الإطار القانوني للمؤسسة، باستقلالية دستوريًة وقانونيًة، «حيث نجحت التّغييرات القانونية والدّستورية في تَقوية الأزهر كــــ 'مُؤسسة' من مُؤسسات الدّولة تتمتع بقدرِ جيد من الاستقلال عن السّلطة التّنفيذية»[117]؛ فشيخه «مُستقل غير قابل للعزل، ويُختار من بين أعضاء هيئة كبار العلماء، كما أنه يُعامل مُعاملة رئيس مجلس الوزراء من حيث الدّرجة والرّاتب والمَعاش» مادة 5.
هذه الاستقلالية القائمة لا تعني انفصالاً عن الدولة، كما أنها لا تعني تَبعية لأجندة الحكومة اليومية؛ فالتوازن بين الاستقلالية والتكامل واضحة في ذهن «الطيب» منذ اليوم الأول لتوليه المشيخة، حيث سبق وأشَار إلى أن «مُؤسسة الأزهر لا تحمل أجندة الحكومة على عاتقها، لكن الأزهر لا يَنبغي أن يَكون ضد الحُكومة؛ لأنه جزء من الدّولة وليس مَطلوباً منه أن يُبارك كل ما تقوم به الحكومة..»[118]. وهذا جَانب من الدّور الذي اختطّه «الطّيب» منذ 2011 عبر سَعيه للقِيام بدور الوَسيط السّياسي بين الفُرقاء- بدا ذلك في وثائقه المُختلفة- دون الدّخول في تَحزبات سِياسيّة مُباشرة[119]. وبناءً على ذلك، كانت التّراكمات تتزايد بين الطّرفين، بما يُعيق فرص التّوافق، حيث تَظهر الخِلافات القائمة بين الرئيس والإمام[120]، خاصة في ظل استراتيجية نظام 3 يوليو التي استهدفت الدّفع بالجميع نحو إعلان موقفهم، سواء ضد أو مع الدّولة/ النّظام، ووجود فرضية مُسبقة ترى أن على الجميع تنفيذ أجندة الحكومة التي يتم رسمها.
على الجانب الآخر، تحظى المَشيخة بالتوافق كأحد أدوات القوة الناعمة العالمية للدولة المصرية، ويتزايد ذلك في أوضاع الأزمات الإقليمية والدولية خاصة؛ فمع تزايد حُضور البُعد الأمني الذي يحكم كثيراً من علاقات الدول المُعاصرة مع المُجتمع الدولي في أوقات الأزمات وتَزايد التّهديدات. يأتي ذلك في ظل أهمية الأزهر ورمزيته الدّولية، حيث تعكس نشاطاته الدولية المُستمرة الكثير من القبول الذي يَحظى به من مُختلف أجهزة الدولة المصرية المعنية بملف العلاقات الخارجية، وهو ما يجعل هناك نوعاً من التّنسيق الرّوتيني بين تلك الأطراف بما يتوافق مع الأمن القومي المصري.
في هذا الإطار، تبدو رئاسة شيخ الأزهر لوفد مصري في مؤتمر «من هم أهل السنة» والمنعقد بالعاصمة الشيشانية جروزني- 25-27 آب/أغسطس 2016- بمشاركة كل من «شوقي علّام» المفتي الحالي، و«علي جمعة» المفتي السابق، و«أسامة الأزهري» مستشار الرئيس ضمن 200 عالم سني من مختلف الدول العربية والإسلامية. ونشير إلى أن مثل هذه المشاركة الرفيعة المستوى ما كانت لتتم بمعزل عن مُختلف الأجهزة المعنية، خاصة مع ما سبّبه من تَداعيات رمزيّة وعمليّة على الواقع السّياسي المَحلي والإقليمي[121] في ظِلّ غياب مُشاركة سُعودية واستبعادها من دائرة أهل السّنة والجماعة، والتي عَرّفها المُؤتمر بأنهم «الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التّصوف علماً وأخلاقاً وتزكيةً»[122] مع استبعاد إضافة «أهل الحديث» لإقصاء الوهّابية والسّلفيّة [123].
3- المُؤثر الخارجي
ونعني به استخدام المؤسسات لثقلها الدّولي حال وجُود نَشاط خارجي لها في دعم وترسيخ حُضورها الدّاخلي. يبدو ذلك جليّاً في حالة مَشيخة الأزهر؛ فمع رمزيتها كمؤسسة دينيّة عالميّة تَحظى بالقُبول بصفتها مُمثلاً للمسلمين عامة ومَرجعية للإسلام السّني. تحظى تَحركاتها في الخارج بالتّقدير، وهو ما يعكسه مُستوى الاستقبال الرسمي الرفيع لزيارات الإمام، والذي تتم مُعاملته بروتوكوليا كرئيس دولة، وهو حِراك يحمل في مَضمونه قُبولاً دوليّاً للمَشيخة ونَشاطها[124]، و«رهاناً غربياً على دورٍ أكثر اعتدالاً يمكن أن يلعبه الأزهر في تفكيك الرؤى المُتطرفة التي تَستند عليها مَجموعات إرهابية ونزع الشّرعية الدّينيّة عنها»[125]؛ في ظل التّهديدات التي سبّبها تَنظيم الدّولة الإسلامية في العالم وامتداد نشاطه لأوروبا، وما سبّبه من تَزايد الفُوبيا الغربية تجاه الإسلام.
تبدو علاقة المشيخة بدولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً على استخدام الأزهر لثقله الدولي من أجل ترسيخ قوته الداخلية، حيث تتسم تلك العلاقة بالاستفادة المتبادلة مع وجود مساحة تنافس مَحدودة. تبدو تلك الاستفادة في تحقيق المزيد من الثّقل الدولي للأزهر بدعم رمزيته في العالم السني، كما أن العلاقة الوثيقة لرئيس الإمارات بالرئيس المصري والإمام الأكبر لعبت دوراً في تهدئة الأزمات بين المشيخة والرئاسة، لما يَحظى به من قبول من الطرفين، خاصة وأن الإمارات تُقدّر وتَستفيد من رمزية المَشيخة الدينية وتَوجّه شَيخها الصّوفي في دعم التوجه الصوفي كاستراتيجية رئيسة لمُواجهة جماعات الإسلام السياسي. يبدو تَقديرها ذلك بتصَدّير «أحمد الطيب» كرئيس لـ «مجلس حكماء المسلمين» الذي أسسته في تموز/يوليو 2014 لتعزيز السّلم في المجتمعات المسلمة، ثم تأسيس فرع لجامعة الأزهر في الإمارات-تشرين الثاني/نوفمبر 2015. أما مساحة التنافس، فتبدو في تقديم الإمارات الدعم والرعاية لتيار صوفي أزهري منافس للطيب ومُوال للسيسي بقيادة رموز مثل «علي جمعة»، «أسامة الأزهري»، ودعمها لمؤسسة طابا ومُؤسسها الداعية الصوفي الحبيب علي الجفري ومقرها في العاصمة أبو ظبي؛ وتأسيسها لمركز «صواب» للرد على الفكر المتطرف كاستنساخ لفكرة «مرصد الأزهر»[126].
الخلاصة
تظلّ علاقة الأنظمة الحاكمة بالمجال الديني مُلتبسة في ظل المُعطيات السّياسية القائمة عبر عُقود، فلا قاعدة مُطلقة تَحكم تلك المَسارات، التي يتداخل في تأطيرها الشّخصي بالموضوعي، الذاتي بالخارجي. جانب من مساحات السّيطرة تلك على المجال الديني مرتبطة بموقع العامل الشخصي للنظامين السياسي والديني؛ وذلك عبر تصوراتهما الذّاتية للمُستهدف تحقيقه، سواء على مُستوى النّظام وتَحالفاته وأولويته السّياسية، وتَتأثر بطبيعة المُتصدر على مُستوى المُؤسسة الدّينية وحُدود رُؤيته لدورهِ وإمكانيات مُؤسّسته والمُستهدف تَحقيقه؛ وذلك بغضّ النّظر عن الإطِار القَانوني الحَاكم، فالقواعد القانونية دائماً قابلة للتعديل في ظل توفير السياقات اللازمة لذلك، وهي أمر قابل للتهيئة دائماً، إذا تطلب الأمر ذلك.
ومع وجود الفَاعلين الدّينيين غَير الرَسميين وأولوياتهم الحَركيّة شِبه الثّابتة، تظل فُرص مُنازعتهم للمُؤسسة الرّسمية حاضرة فيما يتعلق بالمجال الدّيني، وتتفاوت أبعاد تلك النزاعات -سياسياً ودينياً- من مكون لآخر ومن سياق زمني لآخر؛ وذلك وفق عدة ضوابط/مُؤثرات منها:
- ما هو «ذاتي»: أي خاص بطرفي الصّراع، ويتعلق بمُرتكزات القُوة الذّاتيّة المُمثلة في الكوادر التي يَملكها كلا الطرفين، وطبيعة الخطاب السّائد لكليهما، ومَدى قُدرة كل ذلك على التّغلغل من عَدمه في مَسارهِ لبناء حَواضن داعمة له في أَوساط كل من الفاعليين الرّسميين والفَاعلين غَير الرّسميين.
- ما هو «خارجي»، والذي يرتبط بعاملين؛ «أولهما» يتعلق بالنظام السّياسي القائم وطبيعة السياق السياسي والاجتماعي الناجم عنه، والذي تَتحدد مَعالمه في كثير من الأحيان وِفق حُدود تأثير الرُؤية الأمنيّة القَائمة على رَسم السّياسات العَامة، خاصة ما يَتعلق بتصوّر النّظام السّياسي لمَوقع الدّين وحُدود استخدامه وحُضوره في المجال العام. وعليه، سيظل التّفاوت وحَالة المَد والجَذر لاستخدام الدّين الرّسمي وغَير الرّسمي قَابلة للتّكرار بصورة تَبادلية في ظل المُعطيات الرّاهنة. أما «العامل الثاني»، فيرتبط بالسّياق الدّولي تجاه حُضور الدّين في المَجال العَام وقُدرته على التّأثير على طَرفي العلاقة إيجاباً أو سلباً؛ وذلك عبر الأدوار التي تُمنح للفاعلين الدّينين في بعض الأزمات الدولية، والتي تَتفاوت مِساحاتها من وقت لآخر ومن أزمة لأخرى. يأتي ذلك في إطار رُؤية أوسع تتعلق بتفكيك البنى الرّمزية للعُنف الدّيني القائمة عبر فَاعلين دينيين يَملكون أدوات ذلك التّفكيك، بهدف نزع الشّرعيّة الدّينية المُستخدمة للحَشد المُضاد بما يمثل إضافة للأمن والسلم الدوليين، وهو ما يُعزز بالتالي من مساحات الحضور في المجال العام الداخلي.
[1] - وفق هذا السّياق، نشير إلى وجود توجه مُماثل نحو بعض المؤسسات المركزية، فوفق التعديلات التي أقرت على الدستور المصري في نيسان/أبريل 2019 تم استحداث «مجلس أعلى للجهات والهيئات القضائية» يختص بالنظر في شروط تعيين هذه الهيئات وأعضائها.
[2] - نعتمد في ذلك الرصد على: افتتاح الأزهر الشريف، الهيئة العامة للاستعلامات، 25 تشرين الأول/أكتوبر 2014، على الرابط التالي: http://cutt.us/3vCyi
[3] - نص القانون على الرابط التالي: http://cutt.us/OflWW
[4] - نص القانون على موقع جامعة الأزهر، على الرابط التالي: http://cutt.us/fYCYg
[5] - عبده مصطفى دسوقي، الإخوان المسلمون والأزهر الشريف (الحلقة الأولى)، موقع إخوان ويكي، على الرابط التالي: http://cutt.us/xmU4g
[6] - محمد الأحمدي الظواهري، السياسة والأزهر، (القاهرة: دار الشروق، 2011)، ص 36
[7] - عبد المتعال الصعيدي، تاريخ الإصلاح في الأزهر وصفحات من الجهاد في الإصلاح، (القاهرة: مطبعة الاعتماد، 1943م)، ص ص 133-134
[8] - الإخوان المسلمون والأزهر الشريف، م س.
[9] - نيفين العيادي، المراغي.. تولى المشيخة مرتان.. ورفض إصدار فتوى تحرم الزواج من الملكة فريدة بعد طلاقها من الملك فاروق، المصري اليوم، 28 أيار/مايو 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/3OSUN
[10] - زكريا سليمان بيومي، الإخوان المسلمون بين عبد الناصر والسادات من المنشية إلى المنصة 1952-1981، (القاهرة: مطبعة وهبة، ط1، 1987)، ص 71
[11] - نبيل عبد الفتاح «تحرير»، تقرير الحالة الدينية في مصر 1995، (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ط1، 1995)، ص 42
[12] - لمزيد من التفاصيل انظر: حلمي النمنم، الأزهر الشيخ والمشيخة، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2012).
[13] - يبدو ذلك في مشروع قانون «نقابة الدعاة» الذي قدمته الجماعة في نيسان/أبريل 2013، وأثار رفضاً شديداً، سواء من قِبل الإسلاميين، والصدامات مع مشيخة الأزهر منذ اللحظة الأولى لحكم مرسي وفي تفاصيل ذلك انظر: الإسلاميون في السلطة: تجربة الإخوان المسلمين في مصر، م س، 127: 130
[14] - لقاء مع محمود عزب مستشار شيخ الأزهر، الإسكندرية، 29 كانون الأول/ديسمبر 2013
[15] - رفيق حبيب، الأزهر والإخوان: الصراع المفترض على المرجعية، الموقع الشخصي للكاتب، 23 نيسان/أبريل 3102، على الرابط التالي: https://cutt.us/KKIDq، ص ص 5-6
[16] - هذا التقارب المرحلي لا ينفي وجود تحفظ يصل لدرجة الرفض لشيخ الأزهر، وترجم ذلك في صور متعددة أبرزها الموقف من شيخ الأزهر في الدستور ما أثارته تصريحات للنائب الأول للدعوة السلفية ياسر برهامي- والذي شغل عضوية الجمعية التأسيسية لدستور 2012- من خلال كلمته في ملتقى العلماء والدعاة لمناقشة مسودة الدستور، والذي أشار فيها لوجود تخطيط لعزل شيخ الأزهر في لقاء له مع شيوخ الدعوة تم تسريبه على الإنترنت أشار فيه إلى أنهم تمكنوا من تضمين بعض المقترحات في مسوّدة الدستور المصري، والتي ستتيح التخلص من شيخ الأزهر بعزله عن منصبه بتحديد سنّ التقاعد، وقال إنه طرح عزل شيخ الأزهر في الجلسة المغلقة، فهاج ممثلو الأزهر في الجلسة، لذلك «تغاضينا عن المطالبة بعزل شيخ الأزهر حتى لا يهيج علينا الشارع، لكن بعد تشكيل هيئة كبار العلماء، ووضع القانون يمكن أن نعزل شيخ الأزهر بالقانون». وقد أثار الفيديو جدلاً ما بين مؤيد ومبرر، وما بين منكر، باعتبار أن ما اشتهر من الفيديو كان مجتزأً (نشير إلى أن النسخة الأصلية للحوار، والذي لا تختلف كثيرا عما اشتهر: جانب من ملتقى العلماء والدعاة كلمة الشيخ ياسر برهامي، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/XdjeO). وبعد حالة الاستياء التي تبعت هذا اللقاء، تم ترتيب لقاء بالإمام الأكبر وإرسال وفد مُكوّن من عبد الله بدران رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور، وعبد المنعم الشحات المتحدث الإعلامي باسم الدعوة السلفية، والذي حرص على تقبيل رأس ويد شيخ الأزهر معتذراً له عن كل ما حدث من قبل الدكتور برهامي، وأكد بدران أن حزب النور متمسك بعرض كل القوانين على هيئة كبار العلماء بالأزهر، وأشار إلى أن هيئة كبار العلماء هي محل العلم والفتوى والاجتهاد الجماعي الذي يرشد الأمة إلى ما فيه خيرها في الدنيا والآخرة. انظر: عبد المنعم الشحات يقبل رأس ويد شيخ الأزهر ويعتذر عن هجوم برهامي، موقع مصراوي، 25 آذار/مارس 2013، على الرابط التالي: https://cutt.us/zUk6a
[17] - أبرزها: الجامعة الإسلامية العالمية إسلام آباد، الجامعة الأمريكية المفتوحة للدراسات الإسلامية والعربية وغيرهما.
[18] - حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، (القاهرة: دار التوزيع للنشر، د ت)، ص 53
[19] - حسين أحمد محمد السيد، العلاقة بين الأزهر الشريف وقوى وجماعات التيار الإسلامي في مصر من 1919م إلى 1936م، (رسالة ماجستير غير منشورة، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، كلية اللغة العربية أسيوط، جامعة الأزهر الشريف، 2008)، ص 308، 309 بتصرف. ويرى الباحث أسباباً عدّة أدت إلى إنجاح الإخوان في جذب ما استطاعوا من الأزهريين، وهي: أن الدعوة الإخوانية في بدايتها كانت تتفق مع فكر الأزهر وأهدافه في خدمة الدعوة الإسلامية- ما تميز به حسن البنا من أسلوب مقنع في الدعوة - التنظيم الدقيق في صفوف الجماعة وتحركاتها - انتشار خلايا الجماعة في المصانع والمساجد والمدارس... إلخ- أن مطالبة الإخوان بتحويل النظم السياسية إلى الطابع الإسلامي كان شيئاً يهدد بعض السياسيين ورجال الحكم الباحثين عن المناصب، ولم يكن يمثل تهديداً للأزهر الشريف، بل يتفق مع هدف الأزهر القائم على تطبيق النظم الإسلامية كل النظم في المجتمع. ومع ذلك، فإن من المُؤرخين من يرى أن الأزهر الشريف لم يحقق للإخوان ما أرادوا من آمال، ولم تؤد جهود الإخوان المسلمين في بداية الدعوة ما كانت ترجوه من الأزهر الشريف، ولم يحقق علماء الأزهر الشريف آمال الجماعة، حتى مكتب الوعظ والإرشاد بالأزهر الشريف لم يؤدّ الوظيفة التي أرادها له الإخوان، بل قام بعد ذلك الإخوان المسلمون بانتقادات لقسم الوعظ والإرشاد، ووصموه بتهم شديدة. (نفس المصدر ص: 249).
[20] - مقابلة للباحث مع سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف سابقاً، ورئيس اتحاد طلاب كلية الدعوة الإسلامية بالأزهر في الثمانينيات، والذي تم فصله من الجماعة لاعتراضه على خطوة التمايز هذه، لأنه رأى أن نشاطهم دعوي، لا يتحركون من أجل جماعة ما أو هدف ما، القاهرة 15 كانون الأول/ديسمبر 2013
[21] - صالح رمضان، عبد الرحمن البر يفوز بعمادة «أصول الدين» بالمنصورة، اليوم السابع، 03 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، على الرابط التالي: https://cutt.us/6JMAK H
[22]- مجمع البحوث الإسلامية يؤيد رسميا قرار طنطاوي بحظر النقاب، موقع العربية، 31 تشرين الأول/أكتوبر 2009، على الرابط التالي: https://cutt.us/fcbTE
[23] - في ظل حالة الحراك الطلابي التي شهدها عام 2006 واحتجاجا على تزوير انتخابات اتحاد الطلبة، يصدر قرار الجامعة بفصل سبعة من الطلبة الذين شكلوا ما يعرف باسم (الاتحاد الحر)، يعقُب ذلك دخول مجموعة من البلطجية للجامعة بالأسلحة البيضاء، واعتدوا على طلبة الاتحاد الحر تبعتها مُضايقات أمنية للحريات الطلابية والاعتداء على إحدى الطالبات واستبعاد حوالي مائتين وتسعة طلاب من السكن في المدينة الجامعية على خلفية الانتماء الفكري والسياسي، ليؤدي ذلك إلى موجة قوية من التظاهرات والاعتصامات لم تتوقف، تم القبض على خمسة من طلاب الجامعة، ونظم طلبة جامعة الأزهر اعتصاماً تضمن طابور عرض أشبه بطوابير عرض المقاومة الفلسطينية، حيث ارتدى الطلاب الأقنعة وملابس المقاومة، وقاموا بعروض لبعض ألعاب الدفاع عن النفس. تبعتها حملة إعلامية على جماعة الإخوان المسلمين متهمة إياهم بتكوين تشكيلات عسكرية، وفى فجر يوم الخميس الموافق 14 كانون الأول/ديسمبر 2006، قامت قوات الأمن بمداهمة المدينة الطلابية لجامعة الأزهر، واعتقلت عدداً كبيراً من الطلاب، كما داهمت منازل بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين وألقت القبض عليهم، وحكم القضاء العسكري بالسجن 7 سنوات على خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام. سارة حسام الدين، ميليشيات الإخوان...تعود لقلب الأزهر من جديد، جريدة الوفد، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2013، على الرابط التالي: https://cutt.us/SwWQZ
[24] - بقراءة مواد هذا المشروع نجد أن اختيار شيخ الأزهر يتم بالانتخاب من بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية، الذين مضى على عضويتهم بالمجمع ثلاث سنوات على الأقل، والذين يشكِّلون هيئة علماء الأزهر، وأن يحصل على أعلى الأصوات وبنسبة لا تقل عن 51% من عدد أعضاء المجمع، وإلّا أُعيد الانتخاب بين الحاصل على أعلى الأصوات والذي يليه، ثم يكون شيخاً للأزهر من يحوز أعلى الأصوات من بينهما، ويصدر له قرار من رئيس الجمهورية باختياره شيخاً للأزهر. كما اقترح النائب في مشروعه إضافة فقرة جديدة لقانون الأوقاف الخيرية، تُعطي لشيخ الأزهر -وبمعاونة المجلس الأعلى للأزهر- ولايةَ النّظر على الأوقاف المرصودة لخدمة أغراض الأزهر وبكافة الصلاحيات الممنوحة لوزير الأوقاف ومجلس الأوقاف الأعلى ولجنة شؤون الوقف، وأن يسترد الأزهر جميع أوقافه السابقة وعائداتها الحالية، وألا يتم التصرف فيها حتى يتسلمها الأزهر. انظر: الإخوان في برلمان 2000: دراسة تحليلية لأداء نواب الإخوان المسلمين في برلمان 2000 - 2005، (ويكبيديا الإخوان المسلمين، موقع إخوان أونلاين، على الرابط التالي: https://cutt.us/VZkT3).
[25] - للتعرف على مواقف الأزهر والجمعيات السلفية الناشئة في بدايات القرن العشرين انظر: العلاقة بين الأزهر الشريف وقوى وجماعات التيار الإسلامي في مصر من 1919م إلى 1936م، م س.
[26] - صبغت الكثير من أقسام جامعة الأزهر بالمنهج السلفي نتيجة سفر كثير من الأساتذة للتدريس في العديد من الجامعات السعودية، وانعكست هذه التجارب عليهم بالكثير من التحولات والميل الفكري للتوافق مع البيئة الجديدة التي يعملون فيها، فلولا ذلك لم يكن ليتاح لهم الاستمرار هناك. مع ملاحظة أن غياب هذا التأثير على قسم العقيدة، فلم يكن للأساتذة دور كبير في تدريس هذه المادة لخصوصية مادة العقيدة التي تعد القاعدة الأساس للوهابية هناك. وإن أشار سالم عبد الجليل إلى وجود قلة من أساتذة العقيدة عملوا بالمملكة، ولم تتغير أفكارهم مثل محمد يسري جعفر أستاذ العقيدة والفلسفة في كلية أصول الدين. مُقابلة شخصية، م س.
[27] - ظلّت الكثير من مساحات انتشار السلفية في أوقات متعددة نتاج موافقات أمنية بهدف مواجهة النشاط الجهادي وفي مساحات لا يتم تجاوزها.
[28] - درس في البدء بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، ثم ترك الدراسة واتجه للدراسة الشرعية بجامعة الأزهر وترقى إلى أن وصل لدرجة الأستاذية. توفي في تشرين الأول/أكتوبر 2022
[29] - في جذور هذه السمة انظر: العلاقة بين الأزهر الشريف وقوى وجماعات التيار الإسلامي في مصر من 1919م إلى 1936م، م س، ص ص 95- 96
[30] - لا تمانع دار الإفتاء في أن تتمتع المرأة بالحقوق السياسية ما عدا وظيفة رئيس الدولة، وهي بذلك تتفق في هذه الفتوى مع موقف الإخوان المسلمين.
[31] - على سبيل المثال انظر: ياسر برهامي، الرد على المفتي في بعض المسائل المتعلقة بالمرأة، موقع صوت السلف، 5 نيسان/أبريل 2009 على الرابط التالي: https://cutt.us/dJucU، ياسر برهامي، المفتي والختان، موقع صوت السلف، 30 آب/أغسطس 2007، على الرابط التالي: https://cutt.us/2ABvw
[32] - عبد الستار حتيتة، دار الإفتاء المصرية: الانتماء إلى جماعات إسلامية بنهج سياسي وعسكري مخالفة للشرع، جريدة الشرق الأوسط، 9 فبراير 2009، على الرابط التالي: https://cutt.us/9Lb9K
[33] - الإسلاميون في السلطة: تجربة الإخوان المسلمين في مصر، م س، ص130: 133 بتصرف
[34] - قال الحويني عقب تصريحات جمعه الرافضة لهدم البعض بعض الأضرحة أن «المفتي من الفتة - الثريد- وهو في رأيي ولد ميتا.. هذا الرجل يعرف شيئا عن أشياء، حتى أصول الفقه التي هو أستاذ فيها نحن فقط من نعرف قدره فيها. اذهب واسأل عنه زملاءه في الجامعة، هناك يخبرونك عن علمه ودينه وأخلاقه». في هذه الأزمة انظر: صلاح الدين حسن، أزمة جمعة والحويني.. إلى أين تنتهي؟، موقع إسلام أون لاين، 14 تشرين الأول/أكتوبر 2011، على الرابط التالي: https://cutt.us/pyWrr، وقد انتهت الأزمة بتنازل جمعة عن جميع الدعاوى التي رفعها ضد أي شخص؛ وذلك بعد وساطة من رئيس حزب النور وقتئذ عماد عبد الغفور.
[35] - تسببت المواقف والفتاوى التي نسبت لجمعة في إثارة الغضب الإسلاميين عليه، والقول إنه يُوجه الفتاوى عامة، رغم أن الواقع يشير إلى أن فتاوى الدار لا تخرج باسم المفتي، بل باسم «أمانة الفتوى» وإن خرجت بعض الفتاوى باسمه نسبتها محدودة بالنسبة إلى حكم الفتاوى الكلية الصادرة عن الدار.
[36] - رامي نوار وكامل كامل، لقاء بين المفتي و«النور» والدعوة السلفية لمناقشة الدستور، اليوم السابع، 23 كانون الأول/ديسمبر 2013، على الرابط التالي: http://goo.gl/kZVf73
[37] - استمر هذا العرف طوال سنوات ما بعد 2011، وبدا دوره في عدم تفعيل قرار ترشح محمد يسري إبراهيم وزيراً للأوقاف لتوجهه السلفي في 2012، والذي أثار حالة من الغضب داخل المشيخة لتجاوزهم، وفي سنوات ما بعد 2013 دعّم الإمام الطيب تولي محمد مختار جمعة وزارة الأوقاف (حول ذلك انظر: http://cutt.us/RVr9Y)؛ وذلك في ظل سابق العلاقات الجيدة بينهما، والممتدة منذ أن كان الطيب رئيساً لجامعة الأزهر وجمعة عميداً قبل أن تتفاقم الخلافات بين الطرفين في ظل طموح الأخير لتقديم نفسه ممثلاً دينياً رئيساً. وفي هذا الاتجاه، يُشير سالم عبد الجليل في لقائه معنا إلى أنّ من شُروط عُضوية هَيئة كبار العلماء أن يكون حائزاً شهادة «الدكتوراه» وبلغ درجة الأستاذية في العلوم الشرعية أو اللغوية، وأن يكون قد تدرج في تعليمه في المعاهد الأزهرية وكليات جامعة الأزهر، وعليه، فقد حُصر تعديل المناصب الدينية العليا في أعضاء هيئة تدريس جامعة الأزهر. ويرى سالم عبد الجليل أنّه المقصود شخصياً بمثل هذا الشرط ويُفصِّل قائلاً: عندما توفي شيخ الأزهر الراحل سيد طنطاوي طُرحَت أربعة أسماء لخلافته، وهم: أحمد الطيب- على جمعة- محمود زقزوق- وأنا، مما أزعج بعض أساتذة الأزهر لتردد اسمي، فأنا في سن أولادهم - وبالفعل أتاني اتصال من الرئاسة، ولما علموا بتاريخ مولدي اعتذروا، لذا لم يُطرح اسمي أساسا على مُتخذ القرار، بل كان مجرد ترشيح. وهذا سبب رفضهم لترشحي وزيراً بعد ذلك؛ لأنهم رأوني خطيباً، فكيف أكون وزيراً! -رغم أني حاصل على درجة الدكتوراه، ودرجتي كوكيل وزارة تعادل أستاذ جامعة «بروتوكوليا»، لكنهم لا يعترفون بذلك- فلا أحد يحترم أننا مؤسسة، لذا فالجامعة هي التي تحتكر كافة المناصب'. مقابلة شخصية، م س.
[38] - كما هو الحال في تجربة مساجد تنظيم الجماعة الإسلامية قبل مبادرة وقف العنف 1997، وبعض المساجد ذات المرجعية السلفية الحركية في فترات زمنية مختلفة.
[39] - السيسي: نحتاج إلى ثورة دينية تخلص الإسلام من التطرف، العربية. نت، 2يناير 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/uPV4I
[40] - السيسي يدعو المفكرين لمشاركة الأزهر «تجديد الخطاب الديني»، المصريون، 25 أيار/مايو 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/hdJgt
[41] - ورد النص ضمن: حوار المرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي لقناة سكاي نيوز عربية، انظر الرابط التالي: https://cutt.us/bb4uF
[42] - انظر: داليا عبد الحميد، ما الذي يهدد رجولة تامر أمين؟، المصري اليوم، 24 أيلول/سبتمبر 2014، على الرابط التالي: https://cutt.us/mm2St
[43] - على خلفية النشاط السياسي لعلي جمعه في جمعية «مصر بلدي» الداعمة للترشح السيسي في انتخابات الرئاسة قرّرت «هيئة كبار العلماء» في الأزهر في الأول من أيار/مايو 2014 عدم السماح بظهور أي من أعضائها بشكل يوحي بارتباطه باتجاه سياسي معين؛ لأن ذلك يتناقض مع استقلال الهيئة وضرورة عدم توظيفِها سياسيا وهذا دفع «جمعة» إلى الاستقالة. وفي تفاصيل ذلك انظر: «هيئة كبار العلماء» في الأزهر تحظر على أعضائها ممارسة السياسة، جريدة الراي، 1 أيار/مايو 2014، على الرابط التالي: https://cutt.us/mlCW3، محمد عمارة، بعد توصية هيئة كبار العلماء.. علي جمعة يقدم استقالته من رئاسة 'مصر بلدي'.. والجبهة توافق، جريدة الوطن، 8 أيار/مايو 2014، على الرابط التالي: https://cutt.us/3teJc
[44] - في الصفحات التالية المزيد من التفاصيل حول هذا التوجه.
[45] - في أبرز هذه النماذج ما ذكره حلمي النمنم وزير الثقافة المصري حينئذ بأن توغل التعليم الأزهري أدى للعنف ولابد من إعادة النظر فيه، اليوم السابع، 26 آب/أغسطس 2016، على الرابط التالي: https://goo.gl/z5RQxz، محمد ثابت، حسن راتب: الأزهر والأوقاف سبب انتشار التطرف، جريدة فيتو، 1 تشرين الأول/أكتوبر 2016، على الرابط التالي: www.vetogate.com/2390065 أيضا التناول الإعلامي السلبي لدور وشخص شيخ الأزهر ومواقفه في الكثير من البرامج السياسية في الفضائيات.
[46] - كلمة السيسي في احتفال ليلة القدر (النص الكامل)، المصري اليوم، 14 تموز/يوليو 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/AV0NB
[47] - أحمد مصطفى، السيسي: تجديد الخطاب الديني لا يمس الثوابت، الحياة، 19 آب/أغسطس2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/c7Ixc
[48] - الجزء التالي سبق نشره بصورة أولية في كتابنا: الإسلاميون في السلطة: تجربة الإخوان المسلمين في مصر، ص 126: 128، 134
[49] - إسماعيل رفعت، غدا...خطبة الأوقاف الأولى في مساجد أنصار السنة والجمعية الشرعية، اليوم السابع، 13 آذار/مارس 2014، على الرابط التالي: https://goo.gl/Z3szJD. وتبرّر الوزارة هذه السياسات بحجّة أنها تسعى إلى الحدّ من ظاهرة استخدام المساجد لتحقيق مكاسب انتخابية. وقد حذّر الوزير «جمعة» من تكرار تجربة جماعة الإخوان المسلمين في السيطرة على المجال الديني في حال فقدت الوزارة السيطرة على المساجد انظر: جورج فهمي، الدولة المصرية والمجال الديني، (مركز كارنيجي للشرق الأوسط، 18 أيلول/سبتمبر 2014)، على الرابط التالي: https://cutt.us/PilKL
[50] - للنظر في مواد القانون انظر: https://goo.gl/iCkvFn
[51] - صالح رمضان، «الأوقاف» تتراجع وتسمح للسلفيين بالعودة للمنابر.. والدعاة: كارثة، جريدة الوطن، 6 تموز/يوليو 2014، على الرابط التالي: https://cutt.us/erg8a
[52] - لقاء مع أحد قيادات الوزارة يتحفظ على ذكر اسمه - القاهرة حزيران/يونيو 2014
[53] - أيمن عبد العزيز، ننشر حيثيات حكم «الإداري» بتأييد قرار الأوقاف رفض تجديد تصريح الخطابة لـ «متشدد»، البوابة نيوز، 27 نيسان/أبريل 2014، على الرابط التالي: https://cutt.us/py05o
[54] - بالأسماء.. شيوخ السلفية الممنوعون من الخطابة في رمضان، جريدة الموجز، 23 حزيران/يونيو 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/vlZVi
[55] - محمد فتحي عبد العال، «الأوقاف» تمنح برهامي حق الخطابة في صلاة العيد، المصري اليوم، 5 تموز/يوليو 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/J9cgZ
[56]- أســماء على بــدر، انتهــاء تصريح ياســر برهامي بالخطابـــة 30 تمــوز/يوليو الجاري...والأوقاف: ندرس التجديد، اليوم السابع، 8 تموز/يوليو 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/saIxJ
[57] - حوار مع أحد شيوخ الدعوة السلفية بالإسكندرية - يتحفظ على ذكر اسمه- في آب/أغسطس 2014 وأكد أنه تم استدعاؤه للأمن الوطني وأخبروه أنه غير ممنوع من الخطابة؛ وذلك رغم تعيين إمام أوقاف للمسجد الذي يصلي فيه منذ عقود.
[58] - شيماء عبد الهادي، إذاعة القرآن الكريم.. بدأت قبل 51 عاماً بصوت «الحصري» للرد على «نسخ محرفة» من القرآن، جريدة الأهرام، 25 آذار/مارس 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/y0jMu
[59]- في عهد مرسي حل الوزراء ضُيوفاً على الإذاعة، وكان آخر هم أسامة يس وزير الشباب السابق، الذي كان ضيفاً على الفترة المفتوحة، والتي تستمر لمدة ساعة وتحمل عنوان «غذاء الروح»، ومن قبله حل وزير التربية والتعليم ضيفاً على نفس الفترة المفتوحة لمدة ساعتين كاملتين، كما استضافت الإذاعة وزير التموين الذي لحقت باستضافته كثير من انتقادات المستمعين الذين تساءلوا عن علاقة القرآن الكريم بالتموين، أيضا استضافة وزير الإعلام. انظر: محمد علي حسن، إذاعة القرآن الكريم.. أسسها عبد الناصر واستغلها مرسي وحاورت السيسي، جريدة الوطن، 23 آذار/مارس 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/A1k61
[60] - في ذلك انظر: عصام تليمة، مساجد مصر بين عبد الناصر وعمرو بن العاص!، مصر العربية، 11 يناير 2015، على الرابط التالي: https://goo.gl/hTygiO، وفي رؤية مناهضة انظر: عمرو صابح، الإسلام في عهد جمال عبد الناصر، على الرابط التالي: https://goo.gl/O60YKv
[61] - في 22 آذار/مارس 2020 يلقي الرئيس السيسي خطاباً حول أزمة فيروس كورونا على هامش الاحتفال بعيد المرأة من قصر الاتحادية، ويجتمع بدعاء لحماية مصر من الفيروس، ليصبح لاحقا ذلك الدعاء فقرة دورية تعرضها القنوات الفضائية، وبعد أيام يُلقي الإمام الأكبر كلمة مُماثلة تنتهي بدعاء «أتى بهندسة صوتية مختلفة عن باقي الحوار، بدت كرغبة في الرد على دعاء الرئيس، لأنه بهذه الصورة قابل لاقتطاعه وبثه بشكل منفصل لمزاحمته»، وهو ما حدث بالفعل وإن كان بصورة أقل كثافة مما حدث مع الرئيس. (مُقابلة مطولة مع الباحث بلال عبد الله، 30 آذار/مارس 2020، القاهرة).
[62] - في تفاصيل هذا الصراع الدائر انظر: أسامة عبد الحميد، فادية شعلة، حرب الإمام والوزير: معركة «العمائم البيضاء» على المؤسسات الدينية، على الرابط التالي: http://goo.gl/GUeWIK
[63] - كلمة الرئيس في احتفالية المولد النبوي الشريف، 1يناير 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/Y6llD
[64] - حول المشاركين في وثيقة الأزهر لتجديد الخطاب الديني انظر الرابط التالي: http://goo.gl/KgjadT أما نص هذه الوثيقة فانظر: https://cutt.us/O2Od1، مع الإشارة إلى تأكيد الأزهر عقب النشر عدم الانتهاء من الوثيقة، فادي الصاوي، الأزهر ينفى الانتهاء من وثيقة تجديد الخطاب الديني، مصر العربية، 26 حزيران/يونيو 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/fywd8
[65] - فادي الصاوي، ننشر نص وثيقة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني، مصر العربية، 26 أيار/مايو 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/ErdFW، وحول نتائج هذه الممارسات انظر: سناء حشيش، مؤتمرات وزير الأوقاف لتجديد الخطاب الديني تكبد الدولة ملايين الجنيهات، جريدة الوفد، 16 أيار/مايو 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/OXhNC
[66]- في هذا التوجه أعلن حزب النور عن مشروع لتجديد الخطاب الديني يتم إعداده بالحزب لتقديمه للجنة الدينية بمجلس النواب من أجل مناقشته واتخاذ قرار بشأنه، وهو ما رفضه «محمد الشحات الجندي» عضو مجمع البحوث الإسلامية مؤكداً أن مشروع تجديد الخطاب الديني، من تخصص الأزهر والأوقاف ومجمع البحوث الإسلامية. انظر: أحمد عرفة، «البحوث الإسلامية» لــ «النور»: تجديد الخطاب الديني مسئولية الأزهر والأوقاف، اليوم السابع، 11 أيار/مايو 2016، على الرابط التالي: http://goo.gl/dgMo6d وبعد عام من هذه الدعوة، يشير الباحث السياسي عمار علي حسن إلى أن تراجع الحديث عن تجديد الخطاب الديني، فلم يعد الرئيس يتحدث في هذا الأمر، ولا الأزهر ولا علماؤه، ولا حتى المؤسسات الدينية الرسمية وبقيت أقلام قليلة هي التي تتحدث في التجديد والإصلاح فقط، فوزير الثقافة حلمي النمنم تحدث كثيراً عن تجديد الخطاب الديني، وقت أن كانت السلطة الرسمية تتحدث والرئيس السيسي منشغل به، لكن مع انفضاض الرئيس عنه تراجعت وزارة الثقافة وانتهى الموضوع. انظر: عمار على حسن: تجديد الخطاب الديني لم يعد على أجندة السيسي، جريدة المصريون، 16 حزيران/يونيو 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/m2pdV، وفي مصير الدعوة الرئاسية بعد عام من انطلاقها انظر: إسلام المسيري، ثورة السيسي الدينية.. عام من تأميم الشأن الديني، إضاءات، 30 تموز/يوليو 2015، انظر الرابط التالي: https://cutt.us/JOQ0F
[67] - محمود الشهاوي، تجهيز على جمعة لــ «منصب ديني كبير»، البوابة نيوز، 12 أيار/مايو 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/xTyVg ونرى أن مثل هذ الأخبار تأتي في إطار المواقف المناهضة للشيخ الطيب في إطار التّهديدات بأن «جمعة» هو البديل له، وفرضية غير قابلة للتنفيذ في ظل القوانين المُنظمة لمنصب شيخ الأزهر، والذي يُشترط أن يكون ابن المؤسسة التعليمية منذ المرحلة الابتدائية، وهو ما لم يتوفر في «جمعة» الذي تلقى تعليماً حكوميّا حتى المرحلة الجامعية ولاحقا يُكمل دراساته العليا بالأزهر ويترقى داخله، وكان ذلك السّبب في عدم توليه المشيخة عقب رحيل الإمام الأكبر السابق محمد سيد طنطاوي وكان اسمه مطروحاً بصفته مُفتي البلاد ومُنافساً للطّيب رئيس جامعة الأزهر.
[68] - فادي الصاوي، إلغاء الخطبة المكتوبة.. انتصر الإمام على الوزير، مصر العربية، 5 آب/أغسطس2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/CCNtb
[69] - وزير مصري: ملف الخطاب الديني انتقل إلى وزارة الإنتاج الحربي، الجزيرة. نت، 29 تشرين الأول/أكتوبر 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/v4xYO. وجدير بالذكر أن أول تعقيب حول هذا الأمر أتى بعد ثلاث سنوات تقريباً بإشارة محمد العصار وزير الإنتاج الحربي في أحد لقاءاته أن تجديد الخطاب الديني له أهله وفئته، خاصة وأنه يحتوي على علوم كثيرة يجب الإلمام بها مثل الفقه والحديث والقرآن. وأكد على ضرورة التركيز على ثلاث نقاط مهمة؛ أولها الجهاد في الإسلام وهذا يؤثر على الشباب بشكل كبير، ثانياً قبول الآخر خاصة في القرى والنجوع، وأننا في مصر ضروري أن تكون لدينا ثقافة قبول الآخر، ثالثا السلوكيات والمعاملات'، مؤكدا أن الدولة حققت الكثير خلال خمس سنوات. انظر: شادي محمد، وزير الإنتاج الحربي: تجديد الخطاب الديني له أهله، أخبار اليوم، 31 كانون الأول/ديسمبر 2019، على الرابط التالي: https://cutt.us/nGdxE
[70]- في ذلك انظر: محمود مصطفى، أسامة الأزهري: تجديد الخطاب الديني «عملية متعثرة»..والأئمة يحتاجون لتأهيل كبير، «حوار»، موقع مصراوي، 10 يناير 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/AmPUt، محمد أبو العيون، ساعات أسامة الأزهري الأخيرة.. احتدام الخلاف بين «الإمام» و«المستشار»، بوابة فيتو، 15 فبراير 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/YBlpL
[71] - محمد جمال عرفة، معركة الأزهر والسلطة تستعر.. و«الطيب» يرد بمهاجمة مستشار السيسي، قدس برس، 18 فبراير 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/qSGbq
[72] - محمد مجدى السيسي، توجيهات رئاسية لمواجهة الأفكار الإرهابية، اليوم السابع، 13 أيار/مايو 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/SVbbK
[73] - أحمد زغلول شلاطة، الأزهر بين سندان الإسلاميين ومطرقة الأنظمة، الإسلاميون. نت، 1 كانون الأول/ديسمبر 2014، على الرابط التالي: https://cutt.us/rgs4O
[74] - حول تلك التفاعلات: انظر: مصطفى هاشم، من يستطيع محارة داعش فكريا، دويتشه فيلة DW، 26 تشرين الثاني/نوفمبر2015، على الرابط التالي: https://goo-gl.me/Dy0qB عبد الهادي عباس، مدير مرصد الأزهر الشريف: مسؤوليتنا إنقاذ الشباب من براثن مستغلي الدين، أخبار اليوم، 13 أيار/مايو 2019، على الرابط التالي: https://cutt.us/3edke، محمود عبد الرحمن ومحمود مصطفي، 4أعوام في مواجهة التطرف.. كيف يعمل مرصد الأزهر، موقع مصراوي، 1 أيلول/سبتمبر 2019، على الرابط التالي: https://cutt.us/uRIex
[75] - الموقع الإليكتروني للمركز على الرابط التالي: salamcenteronline.org
[76] - انظر نص كلمة وكيل الأزهر على الرابط التالي: https://cutt.us/11wSf
[77] - Nouran S. Ahmed, Little Religious Discourse, Massive Social and Class Complexities in Egypt, Jadaliyya,27 Apr 2020, Available in: https://cutt.us/Z8Fyd
[78] - انظر: بلال عبد الله، الأزهر ونظام السيسي: الجذور المؤسِّسَة للخلاف، مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، 7 نيسان/أبريل 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/CwpZ4
[79] - كلمة الرئيس في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، 8 كانون الأول/ديسمبر 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/RMKq4
[80] - كلمة الرئيس بمناسبة عيد الشرطة الــــ 65 بأكاديمية الشرطة، 24 يناير2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/61fjR
[81] - أحمد البحيري، نص بيان هيئة كبار العلماء بشأن «الطلاق الشفوي»، المصري اليوم، 5 فبراير 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/lL9Ns، وحرص الإمام الأكبر على التأكيد أن الأمر ليس صراعاً بين الأزهر وإحدى المُؤسسات الرّسمية وتَحفظ على التّغطية الصّحفية، والتي أشارت إلى أن الهيئة ضد الدولة، وقال أنها رأت أمانة تبليغ الحُكم الشرعي من بين شذوذ الفتاوى التي تصل لأذهان المسلمين قبل إثارة هذا الموضوع بشكل رسمي بسبعة أشهر تقريبا انتدبت لجنة من علماء كلية الشريعة بالأزهر ودار العلوم، كما ضم لها قاضياً متخصصاً في الأحوال الشخصية، وقال إن مُبرراته في ذلك أن ينقل مشكلات الواقع لهذه اللجنة لأن معظم العلماء انفصلوا عن مشكلات المجتمع وما يحدث على أرض الواقع من قضايا تتعلق بالشريعة، ولكنها تنعكس سلباً على الأسرة، انظر: لقاء تلفزيوني للإمام، 7 نيسان/أبريل2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/sJCvw
[82] - حول تداعيات هذه التعديلات انظر: رمضان عبد الله، تحفظات مصرية على ثورة المناهج الأزهرية، الجزيرة. نت، 20 يناير 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/d2yvg وهنا نشير إلى بيان هيئة كبار العلماء الذي رفضت فيه ما سمته الحملة الضارية الموجَّهة إلى الأزهر الشريف، ومناهجه العِلميَّة، وقياداته المسؤولة، على نحوٍ لم يَسبِق له مثيل، مُشددة على أنّه لا يتَلقَّى توجيهاتٍ علويَّة ليَفعَل أو لا يفعَل، وأنَّ التجديد الحقَّ الذي يعمل من أجله علماءُ الأزهر هو في أسلوب الخِطاب الدعوي وطريقة العرض وترسيخ وسطيَّة الإسلام وحقائق الدِّين، وثوابته (انظر: شيماء عبد الهادي، هيئة كبار العلماء: الأزهر لا يتلقى أوامر علوية ليفعل أو لا يفعل، والحملة ضده «سحابة صيف»، جريدة الأهرام، 22 آذار/مارس 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/Axbq9)، وهو البيان الذي يعد أعنف لغة استخدمها الأزهر في مواجهة الرئاسة، كما أنه يعكس حرص الطيب على إبراز الطابع المؤسسي لدوره وتماسك جبهته الداخلية، وأنه لا يتحدث في القضايا الخلافية قبل أخذ رأي هيئة كبار العلماء، وهو ما يُعد أحد أسباب صموده في وجه خصومه. مقابلة مع بلال عبد الله، م س.
[83] - مقابلة مع بلال عبد الله، م س. وفي تفاصيل أكثر عن مواقف الأزهر السياسية انظر: الدور السياسي للأزهر بعد الثورة: الثابت والمتحول، مؤسسة مؤمنون بلا حدود، 2014. وفي ظل هذا الإطار يأتي التلاسن الذي حدث بين الإمام الأكبر ورئيس جامعة القاهرة محمد الخشت حول موقع التراث والتعامل معه في إحدى جلسات «مؤتمر الأزهر العالمي لتجديد الفكر والعلوم الإسلامية». قال الطيب «إن حذف التراث بأكمله ليس تجديدا بل إهمال، وأن منهج الأشاعرة لا يقوم على أحاديث الأحاد، وأنهم يعتمدون على الأحاديث المتواترة، كما رفض اتهام التراث بأنه يورث الضعف والتراجع»، وأكد أن «الفتنة التي نعيشها الآن سياسية وليست تراثية، وأن السياسة تخطف الدين اختطافا حينما يريد أهلها أن يحققوا هدف مخالف للدين»، عقّب الخشت قائلا: «البعض فسر حديثي عن الأشاعرة بشكل خاطئ، أنا أعي تماما ما أقوله، ولي مؤلفات وكتب تدرس في الجامعات منذ فترة طويلة.. ومن يعتقد بعصمة التراث، فعليه أن يُراجع نفسه جيّداً، والجميع يًصيب وُيخطئ.. وخاطب الإمام الأكبر قائلاً: أحترم رأيك بشدة ولست معك في كل شيء ولست ضدك». (انظر: لؤي علي، خلاف بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة بمؤتمر التجديد، اليوم السابع، 28 يناير 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/mJx4Y. وفي اللقاء المرئي انظر: الرد كاملا لــــ شيخ الأزهر أحمد الطيب على رئيس جامعة القاهرة محمد عثمان الخشت، موقع قناة أزهري على يوتيوب، على الرابط التالي: https://cutt.us/jrLHJ). هذا الجدل وإن بدا في ظاهرهِ فكرياً إلّا أنه في واقع الأمر لا يُقرأ بعيداً عن كونه جولة جَديدة من جولات الصدام بين الرئاسة والمشيخة؛ وذلك عبر طرف جديدة ممثلُا في رئيس جامعة القاهرة والمقرب من الرئاسة، في ظل اختلاف مواقف الأطراف حول قضية التجديد فالرئاسة تراه مُناهضاً وهو ما عكسه العتاب العلني القديم من قبل الرئيس للإمام، واشتباكات وزير الأوقاف مع دعوة الرئاسة التجديدية، والتي لم يستهدف منها الطيب سوى إعلان استمرار تحفظه على الطرح وإبراز أخطاء أصحابه، وقدرته على الصمود في انتقاد هذا المشروع بصيغته القائمة المُعدّة بعيدا عنه.
[84] - نص كلمة الرئيس السيسي في احتفال مصر بليلة القدر، الهيئة العامة للاستعلامات، 21 حزيران/يونيو 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/irwOC
[85] - قرار جمهوري بتشكيل المجلس القومي لمكافحة الإرهاب والتطرف (نص كامل)، المصري اليوم، 26 تموز/يوليو 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/Y1KI9
[86] - انظر تعديلات يناير 2012 على بعض أحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 مادة (32) مكرر
[87] - لؤي على، الرئيس يعتمد أول تشكيل لهيئة كبار العلماء بالأزهر، اليوم السابع، 18 تموز/يوليو 2012، على الرابط التالي: www.youm7.com/735380
[88] - محمود مصطفى، بالأسماء.. شيخ الأزهر يرشح 6 أعضاء لهيئة كبار العلماء، موقع مصراوي، 7 تشرين الأول/أكتوبر 2018، على الرابط التالي: https://cutt.us/NoYNm
[89] - لؤي علي ومحمد تهامي زكي الأزهر: قرار جمهوري بتعيين 4 أعضاء جدد بهيئة كبار العلماء، اليوم السابع، 2 آذار/مارس 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/w9oD0
[90] - الأعضاء المتوفون محمد عمارة في 29فبراير، وزيراً الأوقاف السابق محمود حمدي زقزوق في الأول من نيسان/أبريل، ثم محمد عبد الفضيل القوصي في الثالث حزيران/يونيو، عبد العزيز سيف النصر 29 أيار/مايو، أما الأعضاء المرشحون، فهم: طه حبيشي -، محمد الضويني، فتحي عثمان الفقي، وحول ذلك انظر: محمود مصطفى، لخلافة زقزوق والقوصي وعمارة.. هيئة كبار العلماء توافق على انضمام 3 أساتذة بالأزهر إليها، موقع مصراوي، 8 أيلول/سبتمبر 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/ y7s6c
[91] - ومن الأمور اللافتة صدور قرار رئاسي في تشرين الأول/أكتوبر 2020 بتعيين محمد الضويني وكيلاً للأزهر بناء على ترشيح الإمام الأكبر وفقاً لقانون الأزهر، وهو -أي الضويني- سبق وانتدب كأمينا عام لهيئة كبار العلماء ثم رشح لعضويتها دون إقرار جمهوري. وحول القرار انظر: شيماء عبد الهادي، تعيين الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني وكيلا للأزهر الشريف، جريدة الأهرام، 15 تشرين الأول/أكتوبر 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/OkSMR، وبوفاة مُرشح الهيئة د. طه حبيشي -5 كانون الأول/ديسمبر2020- ثم عُضويها أحمد طه ريان -17 فبراير 2012- عبد الفتاح بركه -30 حزيران/يونيو- يصدر في 25 تموز/يوليو 2021 يصدر قرار جمهوري بتعيين الضويني والفقي في الهيئة بعد 10 أشهر من تَرشيح الهيئة لهم. انظر: محمد عبد الناصر، السيسي يصدق على تعيين عضويين جديدين بهيئة كبار العلماء، مصراوي، 25 تموز/يوليو 2021، على الرابط التالي: https://cutt.us/wno9n، وفي 27 يناير 2022 تَفقد الهيئة عُضواً جديداً منها هو د. عبد الرحمن العَدوي، أصبح إجمالي أعضائها سَبعة عشر عُضواً.
[92] - سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسى، عضو «الشؤون الدينية»: «علام» يقوم بواجبه دون «شو إعلامي»، الوطن، 5 يناير 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/1lbfh
[93] - انظر قرار رقم 10 هــــ لسنة 2014 والمتعلق بلائحة هيئة كبار العلماء، على الرابط التالي: https://cutt.us/Byvho
[94] - أحمد البحيري، كواليس اختيار المفتي، المصري اليوم، 12فبراير 2013، على الرابط التالي: https://cutt.us/8KshA
[95] - 'الإمام الأكبر».. كلمة السر في اختيار المفتي والتجديد له، الوطن، 05 يناير 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/A5Cmu
[96] - قام بتقديم مشروع القانون أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بالمجلس ورئيس جامعة الأزهر سابقا ودعمه لاحقا 60 نائباً، وتمت عدة نقاشات داخل اللجنة نتج عنها تعديلات داخلية أنتجت الصيغة النهائية، التي نشرت إعلامياً وتم الإعلان عن طرحها للنقاش العام -لإقراره من عدمه- في منتصف فبراير 2020 وهو ما لم يحدث بعد انظر: نص القانون على الرابط التالي: www.albawabhnews.com/3909331
[97] - سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسين، يختاره الرئيس من 3 ترشيحات ويبقى بمنصبه حتى المعاش.. نص قانون الإفتاء، جريدة الوطن، 23 فبراير 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/ZgV8O
[98] - حول تلك المواقف انظر: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسي، مهجة غالب: رأي الأزهر بخصوص مشروع قانون الإفتاء غير ملزم لمجلس النواب، جريدة الوطن، 23 فبراير 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/tDaJ2، سعيد حجازي، محمد أبو حامد: موقف الأزهر من قانون الإفتاء سلبي متشدد وغير مقبول، جريدة الوطن، 23 فبراير 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/WHkjF
[99] - في 19تموز/يوليو 2020 أعلن مجلس النواب عن موافقته المبدئية على قانون تنظيم دار الافتاء المصرية على الرغم من سابق التحفظ المعلن من قبل مشيخة الأزهر المعلن، حيث أرسل الإمام الأكبر خطاباً لمجلس النواب يتحفظ فيه على عدد من مواد هذا المشروع، وتضمن الخطاب بيانات بالتحفظات القائمة واقتراح بتعديلات على بعض المواد الواردة بمشروع القانون الحالي تتعارض مع أحكام الدستور والقوانين القائمة؛ وذلك في ظل ما تراه المشيخة من مُخالفات دستورية وتجاوز لاختصاصات المَشيخة وجامعة الأزهر، وهو العَوار الذي أشار له بالفعل قِسم التّشريع بمجلس الدّولة -وهي الجِهة المختصَّة بمراجعة مَشروعات القَوانين- في تقريره، والذي أشار إلى مُخالفه مشروع قانون دار الإفتاء -والمُحال له من مجلس النواب- الصّريحة لنصوص الدستور، وتعارضه مع الاختصاصات الدستورية والقانونية للأزهر الشريف. وطالب الإمام في خطابه إلى رئيس مجلس النواب، بحضور الجلسة العامة المُنعقدة لمناقشة المشروع حال الإصرار على إقراره، رغم ما به من عوار دستوري لعرض رؤية الأزهر. وهو الأمر الذي تَجاهله المجلس مُستمراً في إجراءاته لإقرار القانون. قبل أن يُعلن لاحقاً عن سحب مَشروع القانون من التّصويت في الجلسة العامة، والذي أشاد به الأزهر في بيانه مؤكداً أنّ «الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي حريصة دائماً على الحِفاظ على الأزهر، وعلى تَقديم كل الدّعم والمُساندة له لأداء رسالته، وأن المُناقشات التي تمّت حول مشروع القانون مظهر صحي من مَظاهر الحَياة النيّابية المصرية»، في مُقابل ذلك يُؤكد أسامة العبد رئيس اللجنة الدّينية بمجلس النواب عدم سَحب القانون، مُشيراً إلا أن رئيس المجلس أعاده إلى اللّجنة للنظر في ملاحظات مجلس الدولة. (وحول تفاصيل تلك التّطورات انظر: نورا فخري، مجلس النواب يوافق مبدئياً على قانون تنظيم دار الافتاء المصرية، اليوم السابع، 19 تموز/يوليو 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/XPPW8. الأزهر يُرسل خِطاباً للبرلمان يَتحفظ على قانون الإفتاء، جريدة الشّروق، 18 تموز/يوليو 2020، على الرّابط التالي: https://cutt.us/nipzO. محمد الغريب- علي موسى، تقرير قسم التشريع بمجلس الدولة الخاص بمشروع «تنظيم الإفتاء»، البوابة نيوز، 23 آب/أغسطس 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/gj5vF. مصباح قطب، شيخ الأزهر يُرسل خطاباً لمجلس النواب بشأن رفض «قانون الإفتاء»، اليوم السابع، 23 آب/أغسطس 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/jdZ3Y. البرلمان المصري يتجاهل طلب شيخ الأزهر حضور جلسة «الإفتاء»، موقع العربي الجديد، 24 آب/أغسطس 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/kykT7. مي عبد المنعم، برلمان مصر يتراجع عن قانون دار الإفتاء..والأزهر يشيد، العربية. نت، 25 آب/أغسطس 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/QuRw2. محمد غريب، محمود جاويش، رئيس «دينية النواب»: لم أسحب قانون «دار الإفتاء»، المصري اليوم، 24 آب/أغسطس 2020، على الرابط التالي: https://cutt.us/dcUNc©. H
[100] - أماني حسن، السيسي يصدر قرارا باعتبار دار الإفتاء المصرية من الجهات ذات الطبيعة الخاصة، المصري اليوم، 11 آب/أغسطس 2021، على الرابط التالي: https://cutt.us/5oSa6
[101] - وسام عبد العليم، الجريدة الرسمية تنشر قرارا جمهوريا بتجديد تعيين مفتى الجمهورية حتى 12 آب/أغسطس المقبل، الأهرام، 24 شباط/فبراير 2021، على الرابط التالي: https://gate.ahram.org.eg/News/2613517.aspx، ونشير إلى أن اختيار «.شوقي علام» جاء خلفاً لــــ«على جمعة» مُفتيا وفقاً لتعديلات قانون الأزهر رقم 103 في 11/2/2013 من قبل هيئة كبار العلماء بالاقتراع السري المباشر لمدة أربع سنوات، تم تجديدها مرة ثانية في 22 كانون الثاني/يناير 2017 لتنتهي مدته بعد ذلك لبلوغه السن القانوني.
[102] - انظر: قانون الخدمة المدنية، موقع منشورات قانونية، على الرابط التالي: https://manshurat.org/node/14678
[103] - لؤي علي، قرار جمهوري بمد خدمة مفتي الجمهورية لمدة عام، اليوم السابع، 12 آب/أغسطس 2021، على الرابط التالي: https://cutt.us/YVvCV
[104] - حول ذلك انظر: إيمان على- عامر مصطفى، دينية البرلمان' ترفض تعديل قانون اختيار شيخ الأزهر وتحديد مدة ولايته، اليوم السابع، 15 آذار/مارس 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/XmMPE
[105] - لؤي على، إسماعيل رفعت، كواليس استقالة رئيس جامعة الأزهر، موقع اليوم السابع، 15 كانون الأول/ديسمبر 2015، على الرابط التالي: https://cutt.us/M0sj6
[106] - نص قانون تنظيم الأزهر على الرابط التالي: https://cutt.us/hkgow
[107] - عبد الرحمن أحمد، السيسي يرفض ترشيحات «الطيب» لرئاسة جامعة الأزهر.. ويدرس اتخاذ القرار، موقع مصراوي، 3 تموز/يوليو 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/VsGyK
[108] - محمود المصري، بعد مرور 200 يوم ورفض «السيسي» ترشيحات «الطيب».. جامعة الأزهر تبحث عن رئيس، جريدة الفجر، 4 آب/أغسطس 2016، على الرابط التالي: https://www.elfagr.com/2225588
[109] - كواليس استقالة رئيس جامعة الأزهر، م س.
[110] - لهذه الأسباب.. ترفض الرئاسة ترشيحات الطيب لرئاسة جامعة الأزهر، موقع مصر العربية، 11 أيار/مايو 2017 على الرابط التالي: https://cutt.us/2FXUi، والجدير بالذكر أن «أبو هاشم» قام بتقديم طعن على تعيين «المحرصاوى» رئيساً لجامعة الأزهر بصفته أقدم نواب رئيس الجامعة، بما أكسبه مركزاً قانونياً يخوله القيام بأعمال رئيس الجامعة، وأحد أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف (انظر: محمد أسعد، طعن جديد على تعيين «المحرصاوى» رئيساً لجامعة الأزهر، موقع اليوم السابع، 8 تموز/يوليو 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/a5ylQ)، وكان من تداعيات ذلك 'عدم تجديد الإمام الأكبر له في منصبه كنائب رئيس الجامعة لشؤون الوجه البحري في نيسان/أبريل 2018 وتعيين آخر، ورأت تغطيات صحفية ذلك 'كتصفية حسابات معه نتيجة لرفضه لقرار الإمام الأكبر بتعيين المحرصاوى رئيسا للجامعة، مؤكدين أن رفض التجديد من أجل غلق الباب فى وجه نهائياً أمام رئاسته الجامعة.(انظر: محمد ناجى، التفاصيل الكاملة لرفض شيخ الأزهر التجديد للدكتور محمد أبو هاشم، موقع مبتدأ، 11 نيسان/أبريل 2018، على الرابط التالي: https://cutt.us/5bNZa
[111] - بعد انتهاء المدة القانونية للقائم بالأعمال في أول الأزمة، تم تعيين أحمد حسني طه قائماً بالأعمال في 26 فبراير 2017، ليصدر بعد شهرين قرار لشيخ الأزهر بإقالته بعد تصريحات وصف فيها الباحث الإسلامي إسلام بحيري بأنه «مرتد» مع تكليف محمد حسين المحرصاوي عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة، كقائم بأعمال رئيس الجامعة. الطيب يقيل القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر، موقع CNN عربي، 6 أيار/مايو 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/4oRdu
[112]- قرار بتعيين الدكتور محمد المحرصاوى رئيسا لجامعة الازهر، موقع جامعة الأزهر، 6 حزيران/ يونيو 2017، على الرابط التالي: https://azhar.live/?p=1182، وحول نص القرار على الرابط التالي: https://cutt.us/80kUr، وحول التجديد انظر: إسراء سليمان، مدبولييُقرر التّجديد ل«المحرصاوي» رئيسا لجامعة الأزهر، الوطن، 27 حزيران/يونيو 2021، على الرابط التالي: https://cutt.us/NqQhA
[113] - شيماء عبد الهادي، تعيين سلامة داوود رئيسا لجامعة الأزهر، جريدة الأهرام، 19 تشرين الأول/أكتوبر 2022، على الرابط التالي: https://cutt.us/F8Pio
[114] - عمرو أبو الفضل، شيخ الأزهر الجديد: أنتمي إلى «وادي البسطاء» وأنحاز للضعفاء وأكره ظلم الرجل للمرأة، جريدة الاتحاد، 25 آذار/مارس 2010، على الرابط التالي: https://cutt.us/eNMW0
[115] - عمرو رشدي، «الأعلى للصوفية» يرفض اعتماد طريقة شيخ الأزهر، الدستور، 11 فبراير 2018، على الرابط التالي: https://www.dostor.org/2055535
[116] - أشرف عبد الحميد، تفاصيل لا تعرفها عن شيخ الأزهر.. ما سر تخليه عن راتبه؟، العربية. نت، 5 فبراير 2019، على الرابط التالي: https://cutt.us/lpdOm
[117] - محمد جمال علي، دور الأزهر في المجال العام في ضوء تحولات علاقات الدولة والمجتمع في الفترة من 2011 إلى 2018، (رسالة ماجستير غير منشورة، معهد البحوث العربية، جامعة الدول العربية، تشرين الثاني/نوفمبر 2019)، ص 206
[118] - الشيخ أحمد الطيب الشيخ الخمسون للجامع الأزهر، بوابة الحركات الإسلامية، 12يناير2017، على الرابط التالي: www.islamist-movements.com/38759
[119] - انظر: جورج فهمي، الإسلام والديموقراطية: متى يقرر الفاعلون الدينيون دعم عملية التحول الديمقراطي، مركز كارنيجي للشرق الأوسط، 13 حزيران/يونيو 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/Po3VZ
[120] - من أبرز تلك الخلافات؛ رفض الطيب؛ التّنسيق مع أجهزة الدولة، سواء في اختياراته لرئاسة الجامعة، في ظل ما تشهده الجامعة حينئذ من مظاهرات مستمرة لطلاب الإخوان، وفي اختيار أعضاء هيئة كبار العلماء، ليتسبب في عدم اكتمال نصابها القانوني إلى اليوم. انظر: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسى، بروفايل: «الطيب» سيد قراره، الوطن، 25 أيلول/سبتمبر 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/nd35Z
[121]- من تلك الأزمات الداخلية التي حظيت بجدل إعلامي في تشرين الأول/أكتوبر 2016 إعلان شركة أرامكو السعودية عدم إرسال شحنة مواد بترولية متفق عليها مسبقاً لمصر، مغادرة السفير السعودي بالقاهرة إلى الرياض بصورة مفاجئة قبل أن يعود من دون أسباب بعد ثلاثة أياملعمله، وقرار عدم منح تأشيرة المملكة للمصريين، وتصويت مصر لصالح مشروع روسي في مجلس الأمن حول سوريا. انظر: القاهرة: السعودية ستستأنف إرسال شحنات البترول بعد توقف 5 شهور، السعودية وقطر تنتقدان تصويت مصر للمشروع الروسي، الجزيرة. نت، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/nMHVE
[122] - نص بيان مؤتمر غروزني...أصداء واستياء سعودي، وكالة خبر للأنباء، 2 أيلول/سبتمبر 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/JWwAt
[123] - بعد انتقادات واسعة للمؤتمر، أشار بيان للمكتب الإعلامي للأزهر أن كلمة شيخه أحمد الطيب بمؤتمر غروزني لم تخرج أهل الحديث من دائرة أهل السنة والجماعة، انظر التقرير التالي: https://goo.gl/yfOLYv، (حول خلفيات المؤتمر وردود الأفعال التي أثارها انظر: مؤتمر غروزني خطوة كبرى لسحب المرجعية السنيّة من السعودية وزيادة عزلتها في العالم الإسلامي، رأي اليوم، 2 أيلول/سبتمبر 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/DFmdq، مؤتمر غروزني والتآمر على الرياض، الخليج العربي، على الرابط التالي: https://cutt.us/d03ou، مؤتمر الشيشان غضب وانحراف وتوظيف سياسي، 4 أيلول/سبتمبر 2016، إسلام أون لاين، على الرابط التالي: https://cutt.us/KWdrX).
[124]- يبدو ذلك في خطابات الطيب في مجلس اللوردات البريطاني، البوندستاج الألماني، قصر الإليزيه الفرنسي. ومشاركة أمين مجمع البحوث الإسلامية، في جلسة مجلس الأمن لمناقشة جهود مكافحة الفكر المتطرف، وزيارة شيخ الأزهر للفاتيكان، وعن ذلك انظر: الأزهر في مجلسالأمن: نرصد أفكار داعش المنحرفة على الإنترنت، سكاي نيوز عربية، 12 أيار/مايو 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/WneU1، بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر يتفقان على عقد مؤتمر دولي للسلام، روسيا اليوم، 23 أيار/مايو 2016، على الرابط التالي: https://cutt.us/dyg7o
[125] - عن هذا النشاط وانعكاساته انظر: بلال عبد الله، نحو حضور أكبر على الساحة الدولية: دور الأزهر في مكافحة الإرهاب، مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، 27 حزيران/يونيو 2017، على الرابط التالي: https://cutt.us/o7aRK
[126] - انظر: نحو حضور أكبر على الساحة الدولية: دور الأزهر في مكافحة الإرهاب، م س.