العقل والذاتية في فلسفة الــحداثة من ديكارت إلـــــى كانط


فئة :  أبحاث عامة

العقل والذاتية في فلسفة الــحداثة من ديكارت إلـــــى كانط

إذا كان النقاش الفلسفي حول دلالة العقل قد خضع، في القديم، للهيمنة الأرسطية، و تحدد إطاره الإشكالي بذلك التمييز الأرسطي بين العقل الفعال والعقل المنفعل، فإن التحول الطارئ في العصر الحديث الذي أخذ يؤكد انتقال النظرة إلى العقل من كينونته كجوهر إلى كينونته كأداة، كان لابد أن يقطع مع النقاش الأرسطي، ويلتفت إلى سؤال إمكانات العقل وحدوده، مع لوك وهيوم، ثم خاصة مع كانط

وهنا يمكن القول لقد تمت أنسنة الإطار الفلسفي الذي يؤطر إشكال العقل، وذلك لأن عصر الحداثة عصر الأنثروبولوجيا - عصر الذاتية - حسب تعبير هيدغر. وفي هذا الإطار، نجد الفلسفة الحديثة قد أحدثت نقلة نوعية في دلالة هذا المفهوم بالنظر إلى سياق تاريخ الفلسفة الأوربية (1)، فإذا كان العقل في الفلسفة اليونانية جاء بصيغته الأنطلوجية الكونية، فإن الفلسفة الحديثة ستنتقل من كونية العقل إلى ذاتيته، تلك الذاتية التي هي عند هيجل أرضية المشروع الحداثي، ومكمن تميز عصر الحداثة، وذلك بسبب سمتين تتسم بهما هذه الذاتية كما طرحت مع انبثاق الحداثة، وهما كما يقول هابرماس ـ مستثمرا الدرس الهيجيليـ "الحرية" و"التفكير". وإضافة إلى هذا ثمة سمة أخرى أبرزتها بشكل خاص الفلسفة الهيدغرية وامتداداتها في فكر ماركيوز، وهي العقلية التقنية ونزوعها نحو السيطرة على الطبيعة، وهي سمة يختص بها العصر الحداثي، وتؤشر على تحول في النظرة إلى الكائن والكينونة. وهذه النقلة تتناغم مع تحول آخر شهدته الثقافة الأوربية مع مجيء الحداثة، أقصد التحول في النظرة الوظيفية للمعرفة، الذي كانت له آثار انعكست على مختلف المفاهيم، ومن ضمنها مفهوم العقل، فإذا كانت المعرفة عند الإغريق تبجل بسبب إغراقها في النظري وتعاليها عن طلب المنفعة الحسية، فإن هدف المعرفة كما ستعبر عنه الحداثة الأوربية، سواء مع ديكارت أو بيكون، هو تسييد الإنسان على الطبيعة وسيطرته عليها واستغلالها على النحو الذي يحقق منفعته. بهذا نوجز الوضع الإشكالي للعقل في عصر الحداثة، فكيف تشكل هذا الوضع ؟ وما هي محدداته؟

للإطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا