القُربان الإبراهيمي: قلق التضحية واستئناف المنسي


فئة :  مقالات

القُربان الإبراهيمي: قلق التضحية واستئناف المنسي

تقديم:

إنّ الحديث عن إبراهيم الخليل يحيل إلى الأصل الذي تعلن الديانات التوحيدية الانتساب إليه، ويعود له أيضًا حدث تأسيس دين التوحيد عبر محنة الشك ثم الخلاص الإلهي ونفي الأصنام وعبادتها فالهجرة لبناء قواعد البيت العتيق (الكعبة)، ثم وضع لَبِنات التوحيد الإسلامي ومعها دين التوحيد، بل الإسلام نفسه (هو الذي سماكم المسلمين). إنّ الأثر الذي خلفه الحدث الإبراهيمي يرخي بظلاله على الحياة الطقوسية الإسلامية فهو لم يتأخر في تقديم ابنه فلذة كبده فداءً وبرهانًا على حبه لإلهه السماوي، هذه التضحية سَتَسِم شكل العقيدة بعده بل والطقوس (الإسلامية) ورؤية العرق العبراني والعربي-الإسلامي لنفسه، وسينتج عنها عهد سماوي جسده الختان الذي ينطبع في جسد كل ذكر يدين أبواه بدين إبراهيمي. والإشكالات التي تُطرح هنا يمكن العمل على محاولة فهمها انطلاقًا من التساؤلات التالية:

إلى أي حد يمكن القول إنّ المتن القرآني استئناف لمساحات البياض في المتن التوراتي في ما يخص التضحية الإبراهيمية؟

كيف فسر إبراهيم رؤيا الذبح: هل صدَق في تأويله للحلم أم أنّه صدّق الرؤيا بوصفها واقعةً لا مناص من تجسيدها؟

كيف نفهم شرف التضحية والقربان الإلهي: إسماعيل أم إسحاق؟

إبراهيم: قلق التضحية

لقد لزم التراث الإسلامي الحياد فيما يخص صدقية صُحف التوراة، وقد أدرك زعيم طبقة كتاب الأخبار والسِير الحافظ بن كثير الدمشقي حساسية الأمر، ومع ذلك فقد ذكرها على سبيل التحلي، لا على سبيل الاحتياج إلى أخبار التوراة[1]. فلم يتجه الإخباريون المسلمون إلى الاستعانة بالمتن التوراتي إلا حذرين.

إذا اعتمدنا المتن التوراتي فإنّ القصة تنطلق مع هجرة إبراهيم من أور الكلدانيين والتي يفترض أنّها تقع جغرافيًّا في بلاد الرافدين مع والده وابن أخيه النبي لوط وزوجته سارة[2]، والوجهة أرض الكنعانيين وهي فلسطين[3]. (و أعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك، كل أرض كنعان، ملكا أبديًّا، وأكون إلههم).[4] لا يتعلق الأمر بأصل إبراهيم أو سبب هجرته من البداية والتي سكتت عنها التوراة، بل سننقل إلى العهد الذي أبرمه إبراهيم "الغريب" في أرض جديدة أقطعه الرب إيّاها ولنسله العبراني من بعده (وفي ذلك اليوم، قطع الرب مع إبرام ميثاقًا قائلاً: لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر، إلى النهر الكبير نهر الفرات)[5]. لقد شاخ إبراهيم ولكن الرب وعده بأن يكون من نسله أمة عظيمة (فأجعلك أمة عظيمة، وأباركك، وأعظم اسمك)[6]. ولكن لن يكون ذلك قبل الاختبار العظيم للتضحية علامة حب إبراهيم لله الذي يجب أن يتجسد في طاعة الأمر الإلهي والاستسلام له، ولنتذكر أنّ الاستسلام لإرادة الخالق من مسلمات الدين الإسلامي، والذي يَذكر أنّ إبراهيم هو من نحت للمسلمين تسميتهم.

إنّ التضحية طقس وآلية لكبح جماح العنف، فإجماع الناس لا يتم إلا على حساب طرف ثالث، حسب روني جيرار، ثم إنّ تبديد العنف لا يتحقق إلا على حساب طرف ثالث[7]. "قبل أن يصار إلى الاستعاضة عنها بالذبيحة الحيوانية، لما بين العالمين الحيواني والإنساني من صلات ووشائج رمزية"[8].

يظهر تقديم القربان أيضًا عبر قصة قايين/قابيل وهابيل، عندما فضل الرب القربان الحيواني على القربان الزراعي، وإذا زعمنا أنّ عنف أحدهما تجاه الثاني هو تعبير عن فشل في التنفيس عن عداء أصلي حاول أن يجد متنفسًا له عبر التحول نحو طرف ثالث أي الأضحية والقربان "فقد لزم أنّ "الحسد" الذي أضمره قايين لأخيه هابيل هو جزء من مكونات هذه الشخصية التي تتحدد بافتقارها إلى مخرج ذبائحي"[9]. إنّ توتر العنف، بوصفه أحد سمات الذات البشرية، يحاول أن يفرغ حمولتها وتوتراتها على "طرف ثالث" مخرجًا ولكن فشله هنا نتج عنه قتل الأخ لأخيه. تكرر أمر التضحية ولكن هذه المرة من نبي إلى ابنه النبي طقسَ عبور وتطهّر، هنا يصبح فعل التضحية استبدالاً لعنف بشري وإعادة توجيهه، ولكن باتجاه عنصر آخر غير بشري لتجاوز العنف داخل الجماعة، ولعلنا هنا ننتقل من الفرد إلى الجماعة، أعني من فعل التضحية تعبيرًا خاصًّا بالنبي إبراهيم ومنه نحو جماعة المؤمنين ومن خلال ذلك نستشف أنّ الذبيحة تتحرك بين ثلاثة أقطاب: الرؤيا، الأب/الابن، الحَمَل بدل الأب/الابن المنذورين للذبح، وتوجيه عنف الحياة نحو مخلوقات أخرى غير بشرية[10].

تتكرر قصة التضحية في مواضع عديدة نذكر منها مباركة إسحاق بعدما شاخ وفقد بصره لابنه البكر عيسو ولكنّ تدخل الأم يدفع الابن الأصغر لمحاولة خداع الأب عبر تقديم جديين ويستتر بجِلد أحدهما[11]. لقد وعد الله إبراهيم بالذرية الكثيرة من بعده، ولكن إبراهيم كان يبدي الشك والقلق، مع ذلك يقوم الله باختبار إبراهيم في ما سبق أن وعد بقضائه وهذا فعل يتكرر في العلاقة بين الله وخليله، تظهر التوراة الله وإبراهيم في علاقة قريبة جدًّا (الآن علمت أنّك خائف الله ولم تمسك ابنك وحيدك عني)[12]. ولكن لماذا يفكر إبراهيم في التضحية بابنه وهو الذي عرف الألم النفسي كي يكون له نسل، فهل يكفي الارتكان إلى طاعته لسارة وغيرتها من إسماعيل ابن الجارية، ربما يمكن الاستعانة بلمحة توراتية أخرى حول علاقة النبي بسارة، حيث تصرح على لسان إبراهيم (والحقيقة أيضًا هي أختي ابنة أبي، غير أنّها ليست ابنة أمي فصارت لي زوجة)[13]. وعندما دفعته المجاعة إلى الهجرة نحو مصر قال لسارة أن تخفي علاقة الزواج وتقول إنّها أخته حتى لا يصيبه مكروه من ملكها "أبيمالك". يقول عالم الاجتماع المغربي عبد الكبير الخطيبي: "حتى فرويد، حسب ما أعلم، لا يشير إلى هذا على الرغم من أنّ إبراهيم حسب رواية الكتاب المقدس يقول لأبيمالك: هي أختي، ابنة أبي غير أنّها ليست ابنة أمي فصارت امرأة لي. من الصحيح أنّه اختلاف في الدرجة. ولكن الأمر على هذا الحال، فسارة، المحرمة العاقر، تنجب ولدًا، وهذا يذكرنا بميلاد المسيح.[14] لهذا فإنّ فعل الختان استعداد لتلقي هذه المنة الإلهية بميلاد إسحاق من سارة قريبته وحدث التضحية استعادة لهذا القلق الذي يعتمر في نفس النبي إبراهيم. لعلنا من خلال هذه الافتراضات يمكن أن نستشف مدى الثقل الوجداني، ولماذا توجه الحلم نحو إسحاق، كما تصر على ذلك التوراة، وليس إسماعيل كما جرت بعض العادات القديمة بوصفه الابن البكر. وإذا صح هذا الافتراض يكون من ينتهك التابو هو نفسه تابو. فضلاً عن أنّ بعض الآثار الناتجة عن انتهاك تابو يمكن تحاشيها بأفعال توبة وبطقوس تطهر".[15] وإذا كان الأمر كذلك يتضاعف الهاجس الإبراهيمي ويتضاعف معه التوتر والقلق الذي يضاف إلى سياق طقوس التضحية بالابن، فتتقاطع هذه الخيوط داخل الحلم الذي سيحول مجرى حياة النبي إبراهيم وأمة المؤمنين من بعده، نحو التذكير بالمأساة من أجل تجنب استعادتها وحصرها في الاستعادة الطقسية التعبدية فتكون الدماء غير بشرية دائمًا، أو لابد أن تكون غير بشرية، "لابد من الأضحية القربانية لأنّها تذكرنا دائمًا بما كان سيقع، أي بما لا يجب أن يقع [..] بمعنى أنّه لابد من دم أضحوي قرباني كي لا نرى دماً آدميًّا"[16].

لقد سكت فرويد عن قصة إبراهيم وهذا أمر جعل عالم الاجتماع المغربي عبد الكبير الخطيبي يتساءل "لكم يدهشني أنّ فرويد فضل موسى على أب الأخلاق المذنبة" (يقصد إبراهيم)،[17] ولكن لماذا لم ينصب التحليل النفسي على إبراهيم، هذا ما يقع خارج مجالنا. لقد قدم فرويد تفسيرًا يستند إلى قتل الأب الذي ترتبت عليه التحريمات والمحظورات الجنسية وشعور بالذنب ارتد إلى شفقة جعلت الأبناء يقسمون على عدم تكرار التجربة، ومن ثمّ أحاطتها بتحريمات تسيِّجها وتحميها من الاستعادة، ولكن خطاطة التضحية الإبراهيمية كما تسطرها التوراة تقدم قتل الابن لا قتل الأب وتنتج عنها طقس التضحية، غير أنّ التوراة ضربت صفحًا عن عذابات هاجر التي استعادها الإسلام أيضًا من خلال طقوس الحج. وهنا كذلك استكمال لمنسي التوراة واستئناف لانقطاعاته.

إبراهيم يضحي: من الرؤيا إلى الفعل

يقدم التأويل الصوفي للحلم الإبراهيمي رؤية خاصة من خلال طرح ابن عربي، وتنطلق كالتالي: "إبراهيم عليه السلام قال لابنه: "إنّي أرى أنّي أذبحك" والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدَّق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وَهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة.

[..] ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فلو صَدق في الرؤيا لذبح ابنه، وإنّما صدّق الرؤيا في أنّ ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده [..] فصورة الحس الذبح وصورة الخيال ابن إبراهيم عليه السلام [..] فغفل فما وفَّى الموطن حقه، وصدّق الرؤيا لهذا السبب.[18] هنا يصبح تأويل ابن عربي متوافقًا مع ظاهر السرد القرآني الذي يقدم الرؤيا لا بوصفه أمرًا إلهيًّا ولكن باعتباره حدثًا إبراهيميًّا تداوله مع ابنه طلبًا للمشورة والرأي (فانظر ما ترى)، و"لا شكّ أنّ هذا التّأويل الذي قدّمه ابن عربيّ يندرج في إطار تقليد عريق في التّصوّف يقوم على اعتبار "التّضحية الكبرى" تضحية بالنّفس. والنّفس هي psyché الجزء الحيوانيّ الفاني من الرّوح، وهي التي تظهر في صورة الحمل الوديع المقدّم قربانًا، وعلى هذا النّحو يسلم الغنوصيّ نفسه إلى الفناء في الإلهيّ.  إلاّ أنّ طرافة ابن عربيّ تكمن في النّظريّة التي قدّمها في "الفصّ" المتعلّق بإسحاق. فهي من أرقى وألطف النّظريّات المؤوّلة للحلم المتعلّق بما يعتمل في الأب من شوق إلى قتل الطّفل، وللمرور من الفعل الخياليّ إلى الواقع"[19]. ونجد تحليلاً مشابهًا عند روني جيرار حول طبيعة الأضحية الشبيهة بالإنسان، وكثيرًا ما تحضر الحيوانات واسطةً بين المضحي والرب، وهي غالبًا ما تختار من بين أقرب الضحايا من الإنسانية إن صح التعبير.[20] هنا يبدو التأويل الصوفي لابن عربي محاولةً لاستدراك عطب التأويل وتعبير الرؤيا عند إبراهيم وبالتالي لا نصبح أمام أمر إلهي مباشر، بل تأويل إبراهيمي للرؤيا، ولكن من خلال العبور بها من الخيالي إلى الواقعي "و النتيجة التي يمكن استخلاصها مما تقدم حسب ابن عربي هي أنّ إبراهيم لا يستطيع أو لم يهتد إلى تأويل الهوام".[21] إذن فالتضحية تجاوز لعطب التأويل، إنّها مخرج لتجاوز أخذ الرؤيا على الحقيقة وعدم العبور بالرؤيا إلى المجاز، ويصبح ذلك مفهوماَ في ظل أطروحة روني جيرار حول دور التضحية في عبور العنف وتجاوزه بتحريف مساره من الإنسان نحو الأضحية الحيوانية، ونخرج بنتيجة معتبرة هنا وهي تأكيد ابن عربي لخيرية الإله وإبعاد شبه الدموية التي لا ترضى إلا عبر التضحية والدم باعتبارهما تطهُّرًا أبويًّا لتخفيف الآثام عبر التضحية بالابن[22]. لكن التضحية هنا حسب فتحي سلامة تملأ وتتمم الحيز الفارغ في تأويل إبراهيم لرؤياه كما يذكر عالم الاجتماع المغربي نور الدين الزاهي في المقدس الإسلامي، وهذا يذكر بفكرة طاعة الأمر الإلهي الذي لا يكون إلاّ مطلق الصدق مقابل الشك البشري في جدوى أن تكون الدماء ثمنًا للطاعة وتعبيرًا عن الولاء المطلق، هنا العنصر الدرامي المتوتر الذي يحمل من القلق ما لا يمكن الإفلات منه سوى بمخرج يضمن لجميع الأطراف حلاً، غير أنّه حلٌ طقوسي يطهِّر صاحبه ويتجاوزه إلى الجماعة الدينية من بعده. نجد أيضًا في التراث الصوفي قصة الصوفي المغربي الهادي بن عيسى عندما قام باختبار مريديه حيث "يحكى أنّ الشيخ محمد بن عيسى أراد أن يمتحن أتباعه، استدعى مائة منهم ليلة العيد.[...] وقال لهم: سأكون مسرورًا لو اجتمعتم عندي صباح الغد. لم يخلف الأتباع الموعد، مع صباح يوم العيد اصطف الأتباع أمام باب شيخهم إلى أن خرج إليهم قائلاً: كلكم أبنائي. وإن كنتم تعتبرونني أبًا لكم، فهل باستطاعتكم تنفيذ ما سأطلبه منكم؟ فأجاب الأتباع بنعم، فقال الشيخ: إنّي أرغب ذبحكم بمناسبة هذا العيد. اندهش الأتباع من أمر شيخهم. وقال أحدهم: ولكن يا شيخنا، إنّنا نذبح الأكباش. فرد الشيخ: أنا أريدكم أنتم كأضاحي. فمن منكم يحبني فعلاً، فما عليه إلا أن يدخل بيتي كي أنحره.

تقدم المريد الأول وراء شيخه قائلاً: لك حياتي إن كان في الأمر منفعة، حينما وصلا إلى المدخل، طلب الشيخ من مريده أن يذبح كبشًا، ويترك دمه يسيل إلى أن يصل إلى الخارج. بعد ذلك تقدم المريد الثاني.. بعد استفحال سيلان الدم خارج الدار، تم إخبار رجال المخزن (السلطة) بأنّ الشيخ الهادي بنعيسى ينحر أتباعه. فقدم هؤلاء إلى المكان فلم يجدوا سوى ثمانية وثلاثين مريدًا حيًّا وإلى جانبهم ثمانية وثلاثون كبشًا مذبوحًا"[23].

لقد سلم المريد نفسه للشيخ، خلف حاجز الجدار فكانت التضحية بالكبش مخرجًا طقوسيًّا، وهنا تتم تعرية القصة الإبراهيمة، فالشيخ كان على علم منذ البداية بأنّ قتل مريديه لن يحصل كما يعلق نور الدين الزاهي ويحيل إلى تأكيد الفيلسوف سورين كيركغارد على يقين إبراهيم بأنّ الله لن يتركه يذبح ابنه، وهو ما سبب القلق في نفس النبي.

فكيف إذن يمكن فهم سياق الحلم الذي سيعبره النبي وابنه المبارك وتضحيته، وهل يمكن القول إنّ الإسلام ملأ الفراغ التوراتي وأعاد المكانة لمنسياته واستكمل صورة النسل الإبراهيمي التأسيسي؟

تنقل التوراة أنّ الاختبار العظيم إنّما جاء بعد العهد الإلهي الذي ختمه الرب مع إبراهيم، والذي علامته الختان له ولأبنائه وجميع الذكور، إلا أنّ سارة عندما شعرت بالغيرة من هاجر الجارية وأُم الصبي إسماعيل أشارت على إبراهيم بطردهما، وعلى الرغم من أنّ ذلك قبح في عينيه إلا أنّه عمل بمشورتها التي باركتها السماء أيضًا (في كل ما تقول لك سارة اسمع قولها)[24]، لكن بعد تيه هاجر في الصحراء القاحلة أغاثها الرب وابنها بعين ماء وهو الحدث الذي يبجله الإسلام في طقوس الصفا والمروى بوصفها استعادةً لمأساة هاجر، بعد هذه الأحداث يأتي الوعد الرباني بابن مبارك ينتمي لإبراهيم حقًّا ! ولنتذكر أنّ إسماعيل لم يكن ابن إبراهيم الخالص من الأم العبرانية، كما توحي التوراة وتذكر أنّ العهد سَيسري في سلالة إسحاق لهذا السبب، وإن كانت ذرية إسماعيل مباركة أيضًا (لا يرثك هذا بل الذي يخرج من أحشائك هو يرثك)[25]. وهكذا أيضًا تشير التوراة إلى أنّ الابن/ القربان هو إسحاق مع أنّ الشرعة التوراتية تجعل التضحية من نصيب الابن البكر، ولذلك تخالف نفسها[26]. ولكن هذه الرواية ربما تفهم في سياق آخر، يفسر هذا الإصرار على إسحاق بأي ثمن، وهو استمرار البركة الإبراهيمية في النسل العبراني الخالص بدل إسماعيل الذي شابت دماؤه عناصر غير عبرانية من هاجر الجارية المصرية، فالبركة إذن ستأتي ولكن بعد الاختبار، كأنّه طقس عبور لابد منه لتأكيد علاقة القرب بين الله وإبراهيم فيكون حب إبراهيم لله أشد من حبه لولده إلى درجة استعداده للتضحية بأعز ما يملك من أجله. إذا كان وعد التوراة بأن يكون نسل إبراهيم بعدد نجوم السماء (ثم أخرجه إلى الخارج وقال: أنظر إلى السماء وعد النجوم إن استطعت أن تعدها وقال له: "هكذا يكون نسلك")[27] فلابد أن يخالج قلبه شك وقلق، فكيف تعده السماء بالنسل المديد وتختبره في أعز ما يملك، هنا تظهر عقيدة الاستسلام لإرادة السماء دون سؤال، وهكذا يقدم الاختبار على شكل حلم، فلماذا الحلم؟

لقد وُعد إبراهيم بالنسل الكثير المبارك ومن إسحاق يكون مباركًا وحاملاً للعهد، وإن كان نسل إسماعيل مباركًا أيضًا ولكنه لا يحمل العهد الإلهي، ثم جاء الأمر الإلهي بالاستعداد لهذا العهد وإبرام هذا الاتفاق المقدس والذي علامته الختان لإبراهيم وذكور بيته وجميع نسله من بعده، وهذه العلامة الجنسية التي ستطبع حياة كل يهودي باعتبارها علامة للعهد هي أيضًا علامة في جسد كل مسلم، وكان لا يدركها إلا بوصفها طقسًا وتراثًا دينيًّا وسُنة نبوية، هكذا يصبح إبراهيم مستعدًّا لتلقي الوعد الإلهي، لكن حول إرث النبوة والبركة التي لا تنتقل إلا إلى ابن واحد يحوز المباركة بينما يتوارى الآخر في النسيان.

إنّ هذا القلق النبوي والشك الممتزج بالثقة في الرب خليله سيجعل إبراهيم في تراجيديًّا لا يمكن أن تجد لها حلاًّ فكان الحلم مدداً إلهيّاً، رسالة سماوية لافتكاك النبي من براثن القلق حول مصيره ومصير نسله، يأتي الحلم في القرآن الكريم كالتالي: (فبشرناه بغلام حليم، فلما بلغ معه السعي قال يا بني إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك فانظر ماذا ترى. قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين([28]. الرؤيا الإبراهيمية إذن احتفظت بكل سريتها إلى اللحظة الأخيرة، لم تعلم بها الأم ولا الابن الذبيح، يحتفظ التراث الإسلامي بالمكانة الاعتبارية للرؤيا بوصفها قبسًا من النبوة. ومن ثمّ فرسالة الحلم تكف عن أن تكون مجرد صدى لاشعوري لمنسي نفسي، وليست رموزًا كما يخبرنا تراث الأحلام بل إنّها صورة عن الواقع وقطعة استباقية منه، ذبح الابن في الحلم لا يعني غير ذبح الابن فعلاً، وهكذا فهم النبي إبراهيم من رؤياه أنّه يذبح ابنه "وحيده"، غير أنّ "إبراهيم" لا يستطيع أن "يتكلم" لأنّه لا يستطيع أن يتفوه بالكلمة التي تفسر كل شيء فهو لا يستطيع أن يقول إنّ الأمر كله اختبار، والاختبار من النوع الذي يكون فيه الأخلاقي ethical هو الامتحان (versuchung)[29].

إنّ الأضحية وافتداءها علامة تقوى لا مجرد دماء (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)[30] وهكذا يصبح الافتداء الأضحوي تعبيرًا ماديًّا عن تقوى أخلاقية معنوية يتم استعادتها ضمن رزنامة الزمن القدسي، وإذا كان الزمان الدنيوي زمنًا خطيًّا يسير من الماضي إلى المستقبل عبر الحاضر، بطريقة لا رجعة فيها، فإنّ الزمن القدسي هو زمن عكوسي يمكن استعادته وعيشه من خلال الطقس الدوري[31]. إنّ دماء الأضحية بالتالي استبدال وتعويض.

شرف التضحية: إسماعيل أم إسحاق؟

إنّ المتن التوراتي يقدم وعدًا بالنسل الكثير لإبراهيم والبركة والمدد الإلهي من خلال ابنه/الأضحية، ومن ثمّ فإنّ الاختبار يكون معلومًا للنبي وإذا أضفنا إلى هذا سياق التضحية بالأبناء طقسًا دارجًا في تلك العهود نفهم تصديق إبراهيم للرؤيا وإخفاءه لرؤياه عن أقرب الناس إليه، لقد خرج إبراهيم بالابن ثلاثة أيام في الخلاء إلى جبل حيث أمره الله وذكر القرآن الكريم قصة الذبح غير أنّه لم يحدد المضحى به أهو إسماعيل أم إسحاق، ولكن التراث الإسلامي يقدم النبي محمد (ص) بوصفه ابن الذبيحين، في إشارة إلى جده أبي عبد الله الذي أوشك أن يكون أضحية للإله هُبل وفاءً لنذر قطعه جده عبد المطلب، وإسماعيل جده البعيد الذي قدم قربانًا وأضحية تم فداؤها بذبح عظيم[32]. وإن كان ابن كثير يورد أنّ الظاهر من القرآن أنّ الذبيح هو إسماعيل[33] مقتفين في ذلك أثر الآية الكريمة: "وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ، رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ، فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ، وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ، سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ، وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ"[34]. وتبعًا لسياق الآية يصبح إسماعيل هو المعني بالتضحية حسب بعض الإخباريين المسلمن فالذين يقولون إنّ موضوع التضحية هو إسماعيل يستندون إلى حديث يوصف فيه الرسول بأنّه "ابن الذبيحين". فالذبيحان حسب الشُراح هما إسماعيل جد العرب وعبد الله والد الرسول محمد[35]. نستخلص من حدث التضحية - وعبر المتنين التوراتي والقرآني نتائج أهمها أنّ حدث التضحية والفداء بالابن الأحب إلى والده طقس عبور يشير إلى سياق طقس التضحية بالابن وما يحمله من أزمة وذنب سيجد مخرجه عبر التضحية الحيوانية بمثابة إبدال واستعاضة عن الجسد الإنساني فتكون دماؤها تعبيرًا عن التزام أمر الإله والاستسلام لإرادته.

إنّ الحلم الإبراهيمي -تقول التوراة- يتعلق بالابن الأصغر إسحاق لا الابن البكر إسماعيل كما يوعز التراث الإسلامي، والذي رزق به إبراهيم عن كبر وبعد يأس وقنوط وشك، أشفقت له زوجته سارة فأوعزت له بأن يتزوج هاجر الجارية المصرية لعله يصيب منها الولد/الحلم وهذا ما حصل، ولكن دون الرجوع إلى الرب نقرأ في التوراة: "خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق أصعده هناك محرقة"[36] ولنلاحظ أنّ النص هنا يضرب صفحًا عن إسماعيل ويتجاهله في عبارة "ابنك وحيدك"، وهنا نستشف أيضًا علاقة صراع الإخوة التي تتكرر في المتن التوراتي. ولكن مادام الأخوة في هذه الحالة صبية فإنّ الصراع سينتقل إلى غيرة النساء سارة أم إسحاق تظهر الغيرة من الجارية المصرية هاجر أم إسماعيل البكر الذي لن يرث إرث النبي إبراهيم مادام ابن جارية.

إنّ الخلاف حول الابن الذي حظي بشرف امتحان الله لإخلاصه بالمحبة وإفراده بالعبودية، يتعدى مجرد الخلاف اللاهوتي الصرف، بل يحمل تبعات ونتائج تتجاوز مجال اللاهوت نحو الأثر السياسي-الديني وتمثل كل جماعة دينية لذاتها ولغيرها، إنّه أثر يفسر إصرار التوراة على أنّ الأضحية إسحاقية خالصة الدم العبري، باسم إبراهيم يقوى الإيمان بإله منقسم وإليه ترد الإقصاءات المتبادلة والتبريرات التي تعطى لها. وليس باستطاعة الحديث السياسي أن يرمي بهذه الوقائع دون أن يأخذها بعين الاعتبار. إنّه حضور قوي لصورة إبراهيم، تلك الصورة التي وقف عندها كييركغارد مضطربًا فاقدًا ثقته في عقله الرهيف[37]. فمن شروط الأضحية أن تكون كاملة بدون تشوه أو عيب، حيث لا يقدم قربان معيب فالأضحية لا تكون مشوهة أو غير كاملة، والنقاء هنا يتعلق بالدم العبراني، وهذا ما يفسر إصرار التوراة على أنّ الذبيحة إسحاقية من أمّ عبرانية (سارة)، ما دام إسحاق جد العبرانيين حسب التاريخ العرقي اليهودي، لن يكون أضحية معابة الدم، وعليه فإنّ المذبوح كان إسحق[38]، متجاهلة إسماعيل ابن الجارية هاجر، وإسماعيل جد العرب في المقابل الذي يجد مساحة معتبرة في التراث الإسلامي، ولنقرأ كيف تقدم التوراة إسماعيل ضمن سياق المشاحنة بين هاجر وسارة، حيث تصور التوراة الغيرة النسائية بين المرأتين حول إرث إبراهيم السماوي (ورأت سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لإبراهيم يمزح، فقالت لإبراهيم: "اطرد هذه الجارية وابنها، لأنّ ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحاق"[39].

لعلنا نفهم هنا إيعاز التراث الإسلامي باستعادة مكانة إسماعيل موضوعًا التضحية المباركة، بل إنّ التقديم القرآني يجعل إسماعيل مشاركًا أساسيًّا في رفع قواعد الكعبة مع إبراهيم يداَ بيد، الأمر الذي تسكت عنه التوراة، حيث نسجل فجوة وبياضًا حول زيارة إبراهيم لجزيرة العرب[40]. وإذا أضفنا جعل التوراة مكانه هاجر وإسماعيل بعد مكانة سارة وإسحاق، يمكننا أن نميز الاستكمال القرآني لزمن الأنبياء وإعادته الاعتبار الروحي للنبي إسماعيل المصنف جداً للعرب، والذي قدمته (التوراة) كالتالي: (وإنّه يكون إنسانًا وحشيًّا يده على كل واحد ويد كل واحد عليه وأمام جميع إخوته يسكن)[41]. وإن كان طه حسين قد قال بالرابطة المتخيلة بين العرب واليهود، القرآن والتوراة وإثبات الصلة بينهما[42]. فإنّنا يمكن أن نلاحظ هذا الاستكمال في بياضات التوراة من خلال استعادة مكانة منسي التوراة وإحلاله في الصدارة، على الرغم من سكوت التوراة عن علاقة إبراهيم بجزيرة العرب ثم رفع قواعد البيت العتيق (الكعبة) واستعادة مأساة هاجر والتيه في الصحراء ثم المدد الإلهي بإيجاد نبع الماء عبر طقس الصفا والمروى.

خاتمة:

يمكن القول إنّ استعادة النبي إبراهيم تجد مشروعيتها من حيث استئناف المتن الإسلامي لمنسي التوراة وفراغاتها واستعادة ما هو إسماعيلي-إسلامي فيها. ثم إنّها عودة تؤكد استمرارية التضحية الإبراهيمية وإن قدم التراث الصوفي الإسلامي تأويلات مغايرة للرؤيا الإبراهيمية. وإذا كانت المسيحية تجعل من الفداء قلبها الديني عبر فداء المسيح للبشرية بجسده، فلعلنا نذكر أيضًا استعادة المذهب الشيعي لفداء الحسين وتضحيته ودمائه، وإنّ استعادة الدموي تضحيةً تضفي عليه صفات الأخلاقية فتنقلها من عنف إلى تطهير يفتح المجال أمام العنف بصيغة المقدس ويتوارى عنصر التقوى والاتقاء بما هو حائل وحجاب يضعه الإنسان بينه وبين دم الإنسان. الأمر الذي ينفتح بنا على أطروحة نور الدين الزاهي القائلة بأنّ إنشاء حقل سياسي داخل المجتمع العربي-الإسلامي تم بفعل تحويل شروط الأضحية القربانية ونقلها إلى مجال الخلافة. وبذلك ظل هذا الحقل مؤسسًا على جوهر أضحوي تتوزع مظاهره وأشكاله بين الأضحية القربانية (العنف القدسي) والأضحية السياسية (العنف السياسي).[43] وتبعًا لهذه الأطروحة تصبح شروط الأضحية مقابلاً لشروط الخليفة بوصفه الشخص الثالث الذي يحصل الإجماع حوله وهو خارج عنه.[44] الموت في هذه النقطة يجسد أقصى نهايات العنف... هنا تتحول التضحية بالجسد باعتبارها فعلاً فيه قداسة قربانية تطهرية وتتداخل مساحات الاشتباك بين الديني والسياسي.[45] ويغدو سفك الدماء مرادفًا للإحساس بالحيوية والقوة والفرادة والتفوق على الآخرين. ويغدو القتل هو التطهر الأعظم.[46] ومن هنا الحاجة إلى استئناف المنسي الروحي في التضحية الإبراهيمية والتسامي الروحاني عن البعد الحسي للقربان الدموي.

 

المراجع:

- النبي إبراهيم والتاريخ المجهول، سيد محمود القمني، الناشر مدبولي الصغير.

- نور الدين الزاهي، المقدس الإسلامي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2005

- ابن عربي، فصوص الحكم، (فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية) للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي المتوفى سنة 638 هجرية والتعليقات عليه بقلم أبي العلاء عفيفي، الجزء الأول، الناشر دار الكتاب العربي بيروت- لبنان [بدون سنة نشر].

- عبد الله حمودي، حكاية حج موسم في مكة، ترجمة عبد الكبير الشرقاوي، منشورات دار الساقي، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى 2010

- سورين كيكرغارد، خوف ورعدة، ترجمة فؤاد كامل، سلسلة النصوص الفلسفية 13، دار الثقافة للنشر والتوزيع 1984

- إريش فروم، جوهر الإنسان، ترجمة سلام خير بك، دار الحوار للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى.

- عبد الكبير الخطيبي، النقد المزدوج، منشورات عكاظ، الرباط، فبراير 2000

- روني جيرار، العنف والمقدس، ترجمة سميرة رشا مراجعة د.جورج سليمان، منشورات المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت حزيران (يونيو)، 2009

- فرويد، الطوطم والحرام، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت.

- د فتحي بن سلامة، الإسلام والتحليل النفسي، ترجمة وتقديم د. رجاء بن سلامة، الطبعة الأولى، دار الساقي، 2008

- فراس السواح، الأسطورة والمعنى دراسة في الميثولوجيا والديانات الشرقية، دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة، الطبعة الثانية، 2001

- القرآن الكريم، دار المصحف الشريف.

- العهد القديم (التوراة)، موقع الأنبا تكلاهيمانوت القبطي الأرثوذكسي، الرابط الالكتروني: https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/bookIndex.php?book=1


[1]- النبي إبراهيم والتاريخ المجهول، سيد محمود القمني، الناشر مدبولي الصغير، ص 18

[2]- تضرب التوراة صفحًا عن علاقة إبراهيم المتوترة مع أبيه كما يشير المرجع السابق.

[3]- العهد القديم (التوراة)، سفرالتكوين الإصحاح 12، الآيات5-1، موقع الأنبا تكلاهيمانوت القبطي الأرثوذكسي، الرابط: https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/bookIndex.php?book=1

[4]- سفر التكوين الإصحاح 17 الآية 8

[5]- سفرالتكوين، الإصحاح 15 الآية 18. لنلاحظ بصدد الآية الأثر السياسي لما هو ديني وتغذيته لصراعات.

[6]- التكوين، الإصحاح 12، الآية 2

[7]- أنظر عرض روني جيرار لعداوة قايين وهابيل التي افتقدت لعنصر المخرج الذبائحي، روني جيرار، العنف والمقدس، ترجمة سميرة رشا مراجعة د.جورج سليمان، منشورات المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت حزيران (يونيو)، 2009 ص 21

[8]- روني جيرار، العنف والمقدس، مقدمة المترجمة سميرة ريشا، ص 12

[9]- روني جيرار، العنف والمقدس، ص 23

[10]- عبد الله حمودي، حكاية حج موسم في مكة، ترجمة عبد الكبير الشرقاوي، منشورات دار الساقي، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى 2010، ص 235

[11]- روني جيرار، العنف والمقدس، ص 24

[12]- سفر التكوين، الإصحاح الثاني والعشرون، الآية: 12

[13]- سفر التكوين، الإصحاح 20، الآية: 12

[14]- عبد الكبير الخطيبي، النقد المزدوج، منشورات عكاظ، الرباط فبراير 2000، ص 165

[15]- فرويد، الطوطم والحرام، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ص 34

[16]- نور الدين الزاهي، المقدس الإسلامي، دار توبقال للنشر، الدار البضاء، الطبعة الأولى 2005، ص

[17]- عبد الكبير الخطيبي، النقد المزدوج، 164

[18]- ابن عربي، فصوص الحكم، (فص حكمة حقية في كلمة اسحاقية) للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي المتوفى سنة 638 هجرية والتعليقات عليه بقلم أبي العلاء عفيفي، الجزء الأول، الناشر دار الكتاب العربي بيروت- لبنان ص 86

[19]- د فتحي بن سلامة، الإسلام والتحليل النفسي، ترجمة وتقديم د رجاء بن سلامة، الطبعة الأولى، دار الساقي 2008 ص 294

[20]- ذكره روني جيرار، المقدس والعنف، ص 20

[21]- فتحي بن سلامة، الإسلام والتحليل النفسي، ص 296

[22]- فتحي بن سلامة ص 297

[23]- نور الدين الزاهي، المقدس الإسلامي ص 101

[24]- التكوين، الإصحاح الحادي والعشرون، 12

[25]- التكوين، الإصحاح الخامس عشر، 4

[26]- النبي إبراهيم والتاريخ المجهول، سيد القمني ص 79

[27]- التكوين، الإصحاح الخامس عشر، 5

[28]- القرآن الكريم، سورة الصافات، الآيات: 101-102

[29]- سورين كيكرغارد، خوف ورعدة، ترجمة فؤاد كامل، سلسلة النصوص الفلسفية 13، دار الثقافة للنشر والتوزيع 1984، ص 142

[30]- القرآن الكريم، سورة الحج الآية: 37

[31]- فراس السواح، الأسطورة والمعنى دراسة في الميثولوجيا والديانات الشرقية، دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة، الطبعة الثانية، 2001، ص 143

[32]- سيد القمني ص 80

[33]- نفسه، الصفحة نفسها.

[34]- القرآن الكريم، سورة الصافات، الآيات من 99 الى 112

[35]- فتحي بن سلامة، ص 292

[36]- التكوين22: 2

[37]- عبد الكبير الخطيبي، النقد المزدوج، مشورات عكاظ فبراير 2000، ص 16

[38]- سيد القمني، ص 80

[39]- التكوين21: 9-10

[40]- سيد القمني ص 75

[41]- التكوين 16: 12

[42]- ذكره سيد القمني ص 17

[43]- نور الدين الزاهي، المقدس الإسلامي، ص 98

[44]- نور الدين الزاهي، نفس الصفحة.

[45]- إريك فروم، جوهر الانسان، ص 38

[46]- فروم، جوهر الإنسان، ص 48