الهلاخاه، والشريعة، والتقاليد ملاحم قانونية من أعالي اليمن (1900-1940)


فئة :  ترجمات

الهلاخاه، والشريعة، والتقاليد ملاحم قانونية من أعالي اليمن (1900-1940)

الهلاخاه، والشريعة، والتقاليد ملاحم قانونية من أعالي اليمن (1900-1940)[1]

تأليف: إسحاق مولاندر

ترجمة: جواد الرضواني

مقدمة:

لقد اعترف الإمام يحيى بن المنصور حميد الدين اليمني (1869-1948) بالنظرية القائلة إن اليهود تحت راية الإسلام لهم الحق فيما يخص البتّ في مشاكلهم القضائية باستقلالية[2]. وقد قام قادة المجتمع اليهودي في اليمن، كما في غيرها، بفعل كل ما بوسعهم للحفاظ على استقلاليتهم، وفي بعض المرات يتم تطبيق العقاب في محاكم غير اليهود عن طريق العزل[3]. مثل هذه التطبيقات كانت تعدّ خرق للسياج الأخلاقي الذي يحمي المجتمع. بعيداً عن التأثيرات المباشرة بالنسبة إلى سلطة المؤسسات الاجتماعية، يمكن لهذا التصرّف أن يُنظر إليه من خلال عيون ملاحظين مولعين بالسجال على أنه يدلّ على سموّ ديانة فوق منافستها؛ وكان هذا مشكل يتعلق باحترام الذات كذلك. على الرغم من نظرية الاستقلالية ومجهودات رؤساء التجمّع، كان ميل اليهود اليمنيين نحو المحاكم العامة أمراً شائعاً[4].

إن أحد الأسباب المذكورة في الكتابات، التي تفسر شيوع ميل اليهود نحو المحاكم الإسلامية، هو مرسوم عثماني محلّي يعود إلى سنة (1875) يحدّ سلطة محاكم صنعاء اليهودية في مجالات الزواج، والطلاق، وطقوس الذبيحة[5]. هذا بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الأوضاع التي شهدت لجوء أعداد كبيرة من يهود اليمن وغيرها من الأراضي الإسلامية إلى القضاء العام. تمّ إبرام العقود في محاكم حكومية إسلامية، لكي تتمّ حماية قانونية الإجراءات، ويتم بذلك ضمان الاعتراف بها على أنها أدلّة مقبولة، إذا ما تمّ تقديم دعوى إلى محكمة حكومية. على المدّعين أن يتقدموا إلى محكمة إسلامية عندما يرفض المتنازعون المثول أمام محكمة يهودية، أو عندما لا ينجحون هناك في حلّ المشكل. بالطبع، لقد تجاوز الأفراد المحاكم اليهودية كلّها وأدخلوا إجراءات في مجال المحاكم الإسلامية، وعندما كان يتمّ تطبيق القانون كان لصالحهم. إن أحد الأمثلة الأكثر شيوعاً في هذا المجال يتعلق بالإرث، حيث إنه في التشريع اليهودي (الهلاخاه) لا يتقاسم الإناث إرثاً أبداً مع ذكر، ويأخذ الابن البكر ضعف نصيب أيٍّ من إخوانه الذكور. البنات (أو من يمثلهن) والأبناء الصغار تمّ جذبهم من طرف أحكام التشريع الإسلامي ذات النفع النسبي، حيث يمكن للبنت أن تحصل على نصف نصيب أخ، وحيث لا تطبّق قوانين البكورة (الولد البكر الأول)[6]. إن المحفّز كان قويّاً جداً، حيث إن المحاكم اليهودية قد عُرف عنها أنها غيّرت أحكامها الخاصة لكي تتقارب مع التشريع الإسلامي لكي تحافظ على سلطتها؛ وقد تمّ اللجوء إلى الوصية وسيلةً، وتم استعمالها بشكل واسع من طرف الآباء المسنين من أجل تفادي الخلافات بين الأبناء[7]. في الصفحات القادمة، توضّح محاولة إعادة بناء التجارب القضائية التي خاضتها عائلة يهودية قروية من أراضي اليمن العليا، تفسّر بعض تلك الحالات، وتعطي معنى لتعقّد الضغوطات التي عاش تحت وطأتها مثل أولئك القرويين، وعن المواءمات التي كانت مطلوبة منهم في التعامل مع مشاكلهم القانونية.

المصادر:

قمت بترتيب بعض المعلومات الأولية عن طريق وسائل البحث والمناهج التي استخدمتها في تفسير هذه المعلومات؛ وذلك حسب زمانها ومكانها. إن الوثائق القانونية غالباً ما تكشف عن معلومات شرائح الساكنة لا يتمّ التطرق إليها بشكل متواصل في المصادر المعاصرة؛ ولكن نظراً لأن الوثائق، بطبيعتها، تحتوي على معلومات لها علاقة بالإجراءات الخاصة الآنية، فإن لها عيوباً باعتبارها مادة بحث. في السجلات، لا توجد وثائق تصف إجراءات أو تعاملات تتعلق بمحاكم أخرى، وهي خاصة بالمتقدمين أمامها. المصدر الواسع الآخر للتاريخ الاجتماعي والقانوني اليهودي، وهي وثائق جنيزة القاهرة، كونها مستودعاً للكتابات التي لها علاقة ذات أهمية دينية يهودية نسبية، لا تقدّم دائماً معلومات من الدرجة الأولى فيما يخص ما كان يحدث في المحاكم الإسلامية آنذاك[8]. لقد تشكلت العقود، بشكل خاص، بدرجات مختلفة، من مصطلحات محددة وصيغ. وفي النهاية، يبقى أمر تنفيذ الشروط والتعليمات المشروطة في وثيقة معينة قد تمّ تطبيقها في الواقع، أو لا، غير معروف. في حالة اليمن، هناك وسيلة بحث ممكنة، وهي تخفّف من آثار كلّ هذه العيوب. حاول ميسيك الكشف عن السبب في أن الوثائق القانونية كانت تحفظ من طرف اليمنيين عموماً، وتمّت المحافظة عليها من طرف العائلات من أجل الأجيال، باعتبارها دليلاً في حالة التعرض لدعوى قضائية[9]. إن دلالات هذا الوضع بالنسبة إلى الباحث هو أنه عندما يتم فتح وثائق أيّ خزانة عائلة، وبسطها بشكل كرونولوجي، يظهر أنها تقدّم أحداثا منيرة: وقائع، وأشخاص، وأبعاد يمكن رؤيتها واضحة، ممّا يجعل أمر وضع فرضية سهلاً جداً فيما يخص حتى الشخصيات وراء الأسماء.

كما أن هناك ميزة أخرى لمثل هذه الوثائق، هي أنها تركز على المناطق القروية؛ حيث كانت أكبر نسبة من اليهود تنتشر: أكثر من أربعين سنة بعد محاولة جواتين لتوجيه البحث نحو المناطق القروية[10]، البحث حول يهود اليمن لا يزال يركز على صنعاء. يساعد هذا التوجه كذلك في تقييم المعاملات اليهودية القانونية في وسط قروي إسلامي، في مقارنة مع وثائق الجنيزة، أو سجل القدس، أو مسودة المحكمة اليهودية في صنعاء، التي تعكس مجتمعاً يتموقع في المراكز الدينية والإدارية للأغلبية. والنوع الذي تنتمي إليه هذه الوثائق هو جزء من مجموعة من الوثائق جمعها البروفيسور س. د. جوتين في إسرائيل خلال بداية الخمسينيات، التي سمح لي بالوصول إليها من طرف موظفي مؤسسة بن زفي (B. Z) باعتبارها مادة بحث خاصّة بدراسات الدكتوراه.

الزمان والمكان:

الوثائق المقدمة هنا تمتدّ تاريخيّاً (من 1900 إلى 1940)، وتتضمن بطريقة مباشرة ممثلي أربعة أجيال من عشيرة مدار من قرية الأظارب. الأشخاص المعنيون هم: سليم يهودا المدار؛ ابن من زوجته الأولى: يحيى سليم؛ زوجة سليم الثانية، حنا؛ بناتهم، مريم وسلامة؛ بنات سلامة: مريم وسعيدة؛ ابن يحيى سليم: سليم؛ حفيد يحيى: حسن سليم (انظر الملحق 3). القبيلتان المتعلقتان بالإجراءات تقعان في أهم منطقة في جبل بعدان، وهي تمتد إلى الشرق من فوق مركز إيب الإقليمي في اتجاه القعطية، وهي مدينة صغيرة تقع بالقرب من الحدود مع المحمية الإنجليزية لعدن. حسب أشخاص عاشوا هناك، إن قرية الأظارب لسنوات الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين كانت واسعة نسبياً، وكانت تحتوي على ما يقارب أربعين منزلاً ليهود، ونحو خمسين بيتاً يعود إلى مسلمين؛ وقد كانت موزّعة، ولم يكن هناك أيّ حيٍّ خاصٍّ باليهود، أو قرية يهودية قريبة[11]. كانت المنازل مبنية من حجر، ومتعدّدة الطوابق، وتعود ملكيتها إلى ساكنيها[12]. في وسط المدينة قرب خط التلال، كان هناك حقل ممدود ذو أربعة مستويات، ويدعى المسبار[13]، والحي الذي كان يوجد بالقرب منها كان يدعى حافة المسبار[14]. من وسط المدينة، كان هناك مسار يمرّ عبر الجهة الجنوبية من التل، ويسير، بعد مدة خمس دقائق من المشي على الأقدام، إلى بئر موان، وهو منبع الماء الذي يشربه السكان. هنا كانت مجموعة من البنايات المهجورة، وتدعى حافة بئر موان، ونجد من بينها بقايا كنيس يهودي وبنايتين اثنتين أو ثلاثة أخرى. مثل باقي المجتمعات اليهودية كان للأظارب موري خاص بهم (شخص متعلم)؛ لكن السلطة القضائية المركزية التي يعترف بها اليهود من جلّ المنطقة كانت توجد على بعد ساعتين من المشي نحو الشمال الغربي في القرية اليهودية الخاصة ببني منصور. وهذا الشخص، موري هارون يعقوب المصرافي، كان قد حصل على وظيفته طيلة نصف القرن الذي سبق هجرة (1949)[15].

تسلسل الوثيقة:

(ب.ز. 184) (شباط/فبراير-آذار/مارس 1900)؛ (ب.ز 362.15) (أيار/مايو-حزيران/يونيو 1902)

إنَّ الوثيقتين في تسلسلنا يمكن اعتبارهما ممثلتين للمجموعة الأولى للحالات المذكورة آنفا، حيث كان اليهود يتقاضون لدى محاكم إسلامية من أجل أسباب تتعلق بالأمن القضائي. سجّل سليم يهودا المدار برفقة ابنه لدى كاتب مسلم من أجل التأكيد شفهياً، وبشكل لا لبس فيه، من خلال وثيقة إقرار (وثيقة اعتراف)، بأن البنايات الموجودة في حافة الموان يجب وضعها باسم الابن، وبأن العديد من الكتب (بما في ذلك لفائف جزء من توراة) تعود إليه وحده. بعد ذلك بسنتين، حصل سليم على إقرار ثانٍ؛ حيث يجدد لائحة الممتلكات التي كان يريد أن يتملكها هذه المرة يحيى. وهذه الوثائق تبيّن علاقة خاصة بين سليم ويحيى، وهو ابنه من زوجته الأولى المسمّاة قدرية.

(ب. ز. 362.9) (20.6.1903)

إن علاقة سليم بزوجته الثانية حنا (أو غزال)، كانت أكثر تعقيداً. عندما فقد سليم بصره (نحو سنة 1896)، قرّرت حنا أن تخدمه حتى يموت؛ وذلك مقابل أن يسمح لها بالاستفادة من منتوج بقرة كان يحتفظ له بها شخص مسلم. وقد وافقت حنا كذلك على أن تحصل على بقرة مقابل مستحقات نفقتها[16]، لكن سليم عاش أطول ممّا تمّ توقعه، وفشلت حنا في أداء مهامها، وتركت يحيى يؤدّي ثمن الاعتناء بأبيه. في سنة (1903) تمّ عرض القضية على محكمة موري هارون المصرفي[17].

انطلقت الإجراءات من خلال يحيى، وهو يدّعي بأن حنا قد تجاهلت واجباتها، لكنها أجابت بأنها قد تمّ منعها من بيع منتوج البقرة الأولى، واعترفت بأن الثانية كان قد تمّ بيعها، لكن العائد قد تمّ تقديمه لسليم. والآن بعد أن أصبحت مدّعية، اقترحت حنا بأن سليم عليه تسديد الديون الخاصة بالاعتناء به منذ أن صار بصيراً. لكن الشهود قدّموا للمحكمة شهادات بأن حنا قد توصّلت إلى مستحقاتها بشكل منظّم من خلال حليب البقرة الأولى، وبأن الثانية قد تم بيعها بالفعل، وبأن سليم قد أدّى الثمن لحنا مباشرة. قرّرت المحكمة بأنه لم تعد هناك واجبات تخصّ الاثنين مقابل بعضهما بعضاً، وبأنه على سليم أن يطلّق حنا، ويعطيها ريالين لكي يسدّ باب أيّ قرض متبقي؛ وبأن الاهتمام بسليم يجب أن يتحمّل مسؤوليته أبناؤه كلّهم الآن. وعلى الرغم من أن المحكمة قد نصحت بأنه يجب أن يكون هناك طلاق، اتفق الزوجان على أن تبقى حنا متزوجة من سليم، وذلك دون الحصول على أي حقوق مكتوبة (أي عقد زواج؛ وبأنه لن تبقى هناك أيّ واجبات أخرى (ب. ز. 362.9 الجهة الأخرى). وكان يجب على يحيى أن تسرّه هذه النتيجة: عندما يموت سليم، فإن عقد زواج حنا يكون ملغياً، سوف لن يتم خصم ما فيه من الميراث؛ وفي الوقت نفسه، سوف يتم تخفيف ثقل تحمّل العناية بسليم.

(ب. ز. 362.10) (20.6.1903)

بناءً على قرار المحكمة بأن الأبناء عليهم أن يتشاركوا مسؤولية العناية بوالدهم، لم يكتفِ يحيى بذلك فحسب؛ بل قام بتعميق الحالة. فعن طريق اعتماد يحيى على فقرات من وصية سليم، ومن وثيقتين أخريين، ادّعى يحيى أنّ لأبيه (16) ريالاً في ذمّته، وهو المبلغ الذي صرفه يحيى مقابل الاعتناء بوالده. وبدل إنكاره ذلك، اقترح سليم تسديد القرض من خلال إعطاء يحيى قيمة أحد المنازل التي كان يمتلكها في حافة المسبار. وهذا الاقتراح لم يستسغه موري هارون: هذا المنزل بالخصوص كان قد تمّ الوعد به لبنات حنّا في الوثيقة المقدمة للتوّ. أجاب سليم بأنه قد تمّ سحب التصريح بينما كان على فراش موته، وكذلك عندما كانت حنّا تعتني به. وبما أن الحالتين لم تعودا قائمتين، فإن الطلب أصبح ملغياً وفارغاً. وإذا لم يتقدم الأبناء بطلب إلى المحكمة من أجل التدخل، فإنّ المنزل سيعود إلى يحيى. فأثار هذا أخوات يحيى غير الشقيقات، اللواتي كنّ الآن يردن أن يتدخلن، بشرط ألّا يعود البيت إلى يحيى. وبشكل غير متوقع أكثر، طالبوا بمنزلين آخرين إضافيين؛ تلك المتواجدة في حافة موان، يجب أن تُكتب باسم أبيهم (وليس يحيى)، الذي، بالنسبة إليهم، كان يقوم بكلّ ما أوتي، من أجل منعهم من الحصول على حقّهم في الميراث[18]. لكن بعد سماع المحكمة للشهود، كان لصالح يحيى: منازل حافة موان تعود إلى يحيى من خلال حق الشراء، وتلك الموجودة في حافة المسبار يجب أن تُعطى له، نظراً لكونه الابن المتحمّل للمسؤولية. نظراً لعدم تقبّلهم هذا الحكم، عادت الأطراف إلى المحكمة في اليوم الموالي في جوٍّ محايد أكثر من أجل تسجيل اتفاق (ب. ز. 362.10 الوجه الأول 21.6.1903)؛ حيث يوافق يحيى على أن حافة الموان يجب أن تقسّم فيما بين إخوته، بينما وافقت أخواته، من جهة واحدة فقط، على القبول بأي مقدار استفادة يحدّده لهنّ هو.

ب. ز. «فارز» (21.6.1903)

إن تقسيم ملكية في اليمن يمكن أن يتطلب ثلاثة أنواع من الوثائق؛ الأول، يسمّى حصر مخلف التركة، وهي لائحة رسمية وتقدير لما تحتويه الملكية، بما في ذلك لائحة المبالغ التي يجب تحصيلها من الملكية قبل تقسيمها: ديون، مهور (مهر نساء مات أزواجهن)، ومصاريف تقسيم مختلفة. الثاني هو «تركيز التركة»، ويظهر به مجموعة من الخانات خاصة بعدد الورثة، ويصف كل واحد بنية وشكل كل حق. الوثيقة الثالثة، وتسمى الفرز، ويتم إعدادها من أجل تسليمها لكل وارث، ويوجد فيها تقرير مفصل حول خانة الوارث في التركيز[19]. إن الفرز الذي تم تسليمه لأبناء قدرية (يحيى، وعواد، وسعيدة) يقرّ بأن يحيى، على الرغم من أنه تمّ تكليفه بتقسيم الملكية باعتباره الأنسب، فقد اتبع بشكل حرفي وأصلي ما أملاه عليه والده؛ حيث هو الذي أراد أن يعود النزل الصغير في حافة المسبار إلى الأخوات غير الشقيقتين: مريم وسلامة. وتخلّى يحيى كذلك عن (16) ريالاً التي يدين بها لوالده، سامحاً بشكل أوتوماتيكي بتنقيل البيت الصغير في حافة المسبار إلى أخواته غير الشقيقات كما هو مقرر في الوصية. وبناءً على الافتراض أن، وبناء على ظهوره المفروض في المحكمة، يحيى لم يسلم المنزل الصغير والدين بناءً على نية طيبة فحسب، فإن تصرّفه هذا يمكن أن ينمّ عن رغبة منه، ورغبة من والده كذلك، التحرّي فيما يخص أيّ تقديم ادعاء من جانب أخواته من الأب: فمن خلال تسليم حافة المسبار ربّما قد كانوا يريدون إغلاق موضوع حافة الموان بشكل تام. وسواء إذا كانت هذه هي النية، أم لا، يتبين أنّ الخواطر قد أجبرت على مستوى عائلة مدار.

(ب. ز. 362.11) (7.8.1921)

مات سليم مباشرة بعد ثماني عشرة سنة من أحداث (1903)، فظهر خلاف من جديد. طلبت بنات سلامة (حفيدات حنا) من يحيى أن يعطيهنّ حق ميراث أمهن المتوفية من تركة سليم. وعلى الرغم من أن هارون المصرفي كان مازال يعمل، لم تقصده البنات؛ إذ كان موقفه واضحاً بما يكفي. بدل ذلك، لقد قصدن المحكمة اليهودية المحلية الخاصة للأظارب، وسجلن أربع دعوات: حق سلامة في منازل حافة موان؛ حقها في منازل حافة المسبار؛ حقها في النقود التي تركها سليم؛ وإرجاع ريال تدين به أحد المدعيات إلى يحيى، لكن بيت الدين (وهي محكمة الأظارب) لم تغيّر ما خلص إليه موري هارون سنة (1903): كانت منازل حافة موان من حقّ يحيى عن طريق الشراء، أمّا منازل حافة المسبار، فقد تمّ تقسيمها فيما بين الورثة عن طريق التفاهم. وافق يحيى على أداء نصف المال المطالب فيه (أربعة ريالات)، لكن فحسب عن طريق حضور يحيى رفقة موظف -كان يدعمه سيد محلي- من أجل اتباع القانون فيما يخص طريقة تقديم المال: كان يجب إقناع يحيى بالاكتفاء بيمين المدعيات.

(ب. ز. 319) (تشرين الأول/أكتوبر-تشرين الثاني/نوفمبر 1925)

وبعد ذلك بأربعة سنوات، ظنّت مريم (وهي أخت يحيى غير الشقيقة وخالة مريم وسعيدة) بأن الظروف مناسبة لكي تقوم بمحاولة هي الأخرى. مثل حفيداتها، اتهمت يحيى بأنه مكلّف بشكل غير قانوني بالملكية كلّها -ممتلكات حافة موان، وما يوجد في حافة المسبار. وقد أضافت إلى ذلك لفافة التوراة، وكتب أخرى متعددة، وبقرة أعطاها سليم ليحيى لكي يسدّد نسبة من الديون كان قد تنازل عنها يحيى. لقد طالبت بأن يكون هناك جرد جديد، وتعيين لمحتويات الملكية. وخلافاً لحفيداتها توجهت هذه المرة إلى محكمة إسلامية، لكن أكثر ما كان محرجاً هو شكل ادعائها ذي الحدين: لقد نجحت أولاً أمام الموظفين في إثبات أن يحيى وأباه كانا شريكين في جميع معاملاتهم المادية؛ وثانياً، أن تقسيم الملكية الذي حدث عام (1903)، قبل وفاة والدهم، يعدّ ملغياً وفارغاً. فقام يحيى بإخراج سلسلة من الوثائق التي كان قد حافظ عليها من أجل مثل هذه المناسبة: ما جاء، حتى الإضافة الأخيرة التي أكّد من خلالها القاضي قرار سنة (1903) الذي أصدره موري هارون، لكن ذلك لم يشفع له؛ أمر الموظف بأن يكون هناك جرد وتقسيم جديد لجميع ما يملكه يحيى منذ لحظة وفاة أبيه. وقد أصر على إلغاء فقرة خاصة بما أضافه بيت دين الأظارب على الصفحة اليسرى من وثيقة سنة (1921)، وقد تمّ إعادة المال الذي أدّاه يحيى إلى ورثة سلامة. فكانت كل وثيقة دليلاً مهمّاً تم تقديمه إلى الموظف؛ بينما كان بصدد تقدير جدي لمحتوى كل وثيقة يهودية تُقرأ عليه، قام بإلغاء قرار أصدره قاضٍ أقلّ عناداً منه. فاستغلت مريم مواقف قوانين الشريعة، وهو الأمر الذي، حتى تلك اللحظة، ربّما لم يكن عملياً.

(ب. ز. 138)، (ب.ز. 172) (تشرين الأول/أكتوبر- تشرين الثاني/نوفمبر 1925)

إن هذه الدعوى المطولة، التي تمّ وصفها، قد رافقها فرز تعرّض له يحيى، وفرز تعلّق بورثة أخوه عوض الذي كان يسكن في ذلك الزمان في المحمية الإنجليزية لعدن، في مدينة الضالع الموجودة على الحدود. وكان هناك تعديل من طرف الموظف للصفحة اليسرى لفرز عام (1903) أعدّه موري هارون، يلخّص الفروز الجديدة التي تمّ تقديمها إلى أخت يحيى وأختين له من جهة واحدة. وقد تمّ أخذ في الاعتبار، في هذه المرة، كلّ من بنايات حافة موان وحافة المسبار، وقد تمّ تحديد نصف قيمتهم من أجل قسمتها بين الأبناء؛ وذلك بناء على أنه كانت هناك شراكة كشفتها مريم. لم يستطع يحيى أن ينقذ بالتمام سوى ملفوفة التوراة: كان النصف يعود له جزءاً عن الشراكة، وحصل على النصف الآخر مقابل عمله ومشاركته في التقسيم. في نهاية المطاف، لم يحصل يحيى سوى على أقلّ من (65%) في المئة ممّا كان يعدّه حقاً له لأكثر من ثلاثين سنة. ويجب الاعتراف الآن بأنّه قد تعلّم درساً: عندما تكون هناك «شراكة عرفية» (ب. ز. 319، السطر 40) بين أب وابن هدفها طمس المصادر المالية لما يحصل عليه الابن، أو عندما يتم تقسيم ملكية (حتى بحكم القانون) قبل وفاة صاحبها، لا تصير وثائق الإقرار التي يعدّها كتّاب عدل مسلمين قادرة على توفير الأمن المناسب باعتباره دليلاً على الملكية. إذا كان يحيى يريد أن يتأكد من أن جزءاً من ملكيته، كيفما كان، يجب أن يبقى في يد عائلة ابنه بعد وفاته، عليه أن يجد طرقاً بديلة للتصرّف.

(ب. ز. 136) (كانون الثاني/يناير-شباط/فبراير 1927 الملحق 2)

بعد مرور عام وثلاثة أشهر على حدوث الخسارة، جاء يحيى بموظف مسلم لكي يسجّل له وثيقة هجينة، عبارة عن هبة ووصية. من جهة، العبارات الصريحة الخاصة بالإيجاب، القبول والقبض[20]، تجعل الأمر واضحاً من حيث إنه هبة شرعية يتمّ في آنه. من ناحية ثانية، تقرّ معلومات أخرى بأن هذا لا يدلّ على ذلك أبداً. أوّلاً، على الرغم من أن الهبة ليس لها حدّ فيما يخص الكمية أو المساحة[21]، فقد تمّ تحديد هذه الهبة على أنّها أمر بوصية؛ تصل إلى حدّ ثلث الملكية، هو الذي يمكن التوصية به فقط، ولا يمكن ان يتمّ إصدار وصية في حق أحد الأفراد الذين يشملهم شرعياً الحقّ في الميراث[22]. فيقوم يحيى بوهب الثلث إلى ابن ابنه: حسن. ثانياً، لقد تمّ استعمال مصطلح مخلف بالنسبة إلى الملكية. ثالثاً، في حين أن طبيعة الهبة يجب أن تحدّد بدقة[23]، إلّا أنه لم يتم تحديد طبيعة الثلث الموهوب هنا.

(ب. ز. 301)، (ب.ز. 320)، (ب.ز. 304) (آذار/مارس-نيسان/أبريل 1940)

لقد تمّ إيجاد أدلّة في مقابل شكوكنا: عملياً، لقد تمّ اعتبار القرار الهجين لسنة (1927) ترحيلاً للإدلاء بالشهادة. وقد أدّت دوراً أساسياً في تحديد ملكية يحيى سنة (1940)، بعد وفاته. إن المقارنة بين الحصص المذكورة في الوثائق الأخيرة الثلاثة التي ذكرناها -الفرز الخاص بالابن (ب. ز. 301)، الفرز الخاص بالحفيد (الذي حصل للتوّ على «هبته» التي تشكل الثلث ب. ز. 320)، الذي يخصّ الأخوات الأربع (ب. ز. 304)، يؤكّد أن كلّ جزء من الملكية قد تمّ تقسيمه بشكل جدّ وثيق حسب قوانين الشريعة. ونعلم كذلك بخطة معدّة جيداً وضعها يحيى وطبّقها؛ لقد طالب بأن يكون هناك وقف وصائي يخص تلك الملكية التي يمكن أن يحصل بشأنها خلاف، مثل ملفوفة التوراة التي رافقته لنصف قرن، لكي يتحكّم فيها، بشكل غير غريب، حسن. لقد تعلّم يحيى درساً بشكلٍ تامٍّ، وقد تبنّاه بالتمام.

محاولة للتنظير:

إن قصة مدار الطويلة تتوافر على مادة مهمّة بالنسبة إلى الإجراءات القانونية، وهي مبادرة النسوة فيما يخص الدعاوى القضائية الموجهة نحو المحكمة، والمثول في المحاكم، وتنفيذ الأحكام الصادرة عن المحكمة. إن النقاش الحالي يتعلق بمحاولة تقييم الأحداث فيما يتعلق بالأوضاع التي تفسر الحراك اليهودي في محاكم الأغلبية المسلمة.

إن اتكال يهود مضر، من خلال المحاكم الإسلامية، على مرسوم عثماني يعدّ أمراً غير مرضي[24]. إن التسيير الإداري العثماني (الذي لم يكن رسمياً إلا في المناطق القروية مثل التي تهمنا هنا) توقّف عام (1918)، قبل وقوع أحداث (1925-1940). وقد كانت محكمة موري هارون تتمتّع، من دون شكٍّ، بسلطة خلال فترة الحكم العثماني. أكثر من ذلك، كما هو مسجل في (ب. ز. 188) أسفله، لقد كان المضريون يلجؤون إلى المحاكم الإسلامية حتى قبل عام (1870)، عندما دخلت الإدارة العثمانية إلى اليمن.

هل يمكن للوضعية المتبقية، التي تفسّر لجوء اليهود إلى المحاكم الإسلامية، أن تثبت طرق تعامل المضريين بشكل عام؟ إن حقيقة أن اليهود كانوا يلجؤون إلى المحاكم الإسلامية لكي يستفيدوا من قوانين الشريعة الصالحة هو أمر لا شبهة فيه. فدعوة مريم تحتاج إلى فهم خاص لمبدأ الشريعة، الذي سيتم عبره إعادة تقسيم الملكية فحسب بعد وفاة المسؤول الأول (الأب)[25]، هو حالة تتطلّب الدراسة. لكن، يعدُّ من الخطأ أن يتمّ افتراض أن اللجوء إلى الموظف المسلم يرافقه، بشكل متغيّر، تنفيذ صارم للقانون الإسلامي، كما يتمّ توضيحه من خلال وثيقة الإقرار لسنة (1902) (ب. ز. 362.15). ففي النصف الثاني من تلك الوثيقة، يوضّح سليم كيف يجب تقسيم تركته بعد وفاته. فهذا ليس برغبة في نظر الشريعة، وهو محدود في ثلث الملكية، وينحصر في أولئك الذين هم ليسوا بورثة قانونيين، وهو ليس كذلك بهبة شرعية: إن التصريح اللغوي المطلوب غير موجود، وسليم لا ينوي، بشكل واضح، تسليم ملكيته في الحين (ب. ز. 136). ويبدو أنه كما أن وجهاء المسلمين الدين فحصوا إقرار سليم بممتلكاته، لم يكن يهمّهم دقّته في هذا الإقرار، ولا توافقه مع الشريعة الإسلامية، فهم بالمثل لم يكن يهمهم أن تتفق وصيّة سليم مع الشريعة. ونعلم كذلك أنّ سليم كان قد أعدّ وصية في محكمة يهودية (انظر فوقه، ب. ز. 362.10)؛ ويعدّ من المعقول افتراض أنّ الجزء الثاني من هذه الوثيقة دورها هو توفير حماية قانونية، حماية قانونية عرفية، لتلك الوصية. وباعتبارها نوعاً من الدليل الذي يخلق الإلزام، دون النظر إلى الأسباب التي هي مصدره[26]، فإن الإقرار كان هو الأداة الواضحة التي يجب استعمالها من أجل الحصول على مثل هذه الحماية.

والأكثر من ذلك، في (ب. ز. 136)، نجد أن الوثيقة التي تمّت كتابتها بمفردات الشريعة الإسلامية تتحدى أحد تعاريف الشريعة. إن هذه الوثيقة تدعونا إلى استحضار وضع لاحظه البروفيسور ن. أندرسون لدى المجتمع الشافعي في جنوب شبه الجزيرة العربية. إن عملية النظر الخاصة بالهبة التي يجب أن تأخذ طابع التفعيل ثلاثة أيام قبل وفاة المانح، كان يتم استعمالها بشكل واسع، مثل ميكانيزم متطوّر من أجل تفادي تدخّل قوانين الشريعة وتبنّي أمور توزيع الملكية[27]. ومن مزايا هذا المنح فيما يخص الوصية الشرعية: تحرّرها من تعقيدات نقل التركة إلى الورثة؛ فالنسبة المحولة غير محدودة وتحويل ملكية نحو وارث شرعي ممكنة. وأفضليتها على الوقف الذرّي (العائلي) مماثل لذلك الذي يتعلق بالهبة: الحق في التصرف في الملكية غير مفيد. إن مزايا منح الهبة نفسها تتمثل في واقع أنها ليس لها أيّ تأثير مباشر: يتمتع المانح بكامل الملكية، عملياً، طيلة حياته. إذ يتبين من حالة يحيى سليم مع الهبة أنها أكثر تميّزاً حسب ما يقول أندرسون عن الندر: لا يجب على الهبة أن تكون، ولأي سبب (إلغاء تقسيم عام 1903 يحضر إلى الذهن الآن)، ويمكن الاعتماد على الوثيقة كوصية، كما تمّ فعله عام (1940) تماماً.

لكن، لو أن نيّة يحيى كان قد تمّ التأكيد عليها في تعامل (1940) مع الوثيقة كوصية، لماذا كانت ستكون المصطلحات المتعلقة بالهبة ضرورية[28]؟ هناك تفسير معقول. لو لم يكن السبب تجاربه السابقة، كان يحيى سيلجأ إلى كتابة وصية يهودية، وهي تعدُّ نوعاً من الهبات، حيث بالإمكان تقسيم ملكية كاملة من طرف صاحب الملكية، وخلال حياته كاملة، وحيث يكون من حقّه أن يستفيد من مداخيل الملكية حتى وفاته[29]. لا بدّ من أن يحيى قد أعدّ مثل هذه الوصية (كما وضع أبوه وصية وإقراراً للسبب نفسه)؛ لكن محكمة شرعية كانت ستعجز عن تنفيذ مثل هذه التعليمات الواسعة. ربّما كان يحيى هنا بصدد الاستعانة بالمصطلحات الإسلامية من أجل إعادة تعديل مفهوم الوصية لدى اليهود، محاولاً أن يحافظ على الشروط والحدود التي تفرضها المحكمة الشرعية. وبذلك، فإن تقدير (1940) للوثيقة عليه ألّا يأخذ نية يحيى الأولى في الاعتبار أبداً[30]. وبالنظر الى هذا التفسير، فإن وثيقتنا الإسلامية تتحدى تعريف الشريعة؛ لأنها تعكس المفهوم الحاخامي للوصية، الذي يعطي الموصّي بتركة، بشكل شفهي، الأفضل في الأحوال كلّها[31].

يُقال إنه مادام الأمر يقتصر على المحاكم اليمنية، فإن القانون اليهودي كان يتمّ تطبيقه[32]. هل كان التعامل العرفي يقتصر فحسب على الموظفين المسلمين، أو أنه كان بإمكان المحاكم اليهودية أن تنحاز، شيئاً ما، عن القواعد التوجيهية المعيارية، حتى عندما لا يكون بالإمكان محاولة منع توجه أحد طرفي النزاع إلى المحاكم الإسلامية؟ لم يكن هناك شيء خاطِئ بشكل واضح أكثر من وجهة نظر الهلاخاه فيما يخص الإجراءات القانونية التي حدثت في محكمة موري هارون المصرفي كما هو موضح في (ب. ز. 362.10). وكما أوضحنا أعلاه، من الممكن للمالك توزيع تركته بالكامل أثناء حياته في تناقض مع الشريعة الإسلامية، ويمكن للمحكمة أن ترفض وصية سليم لكي تتمكن من تحويل المنزل الموعود به إلى بنات حنا إلى يحيى: الاعتناء بالأب هو أمر طبيعي لدى الأبناء، من خلال ماله، إذا أمكن ذلك[33]، وتبقى وصية فراش الموت تنبني فحسب على عودة الرجل المريض إلى عافيته[34]. وإذا تمّ وضع شرط واضح يمكن من خلاله تقديم هبة، لكن إذا لم يتم تفعيل هذا الشرط، تصبح الهدية مرفوضة وباطلة[35]. أمّا بالنسبة إلى التعديل المتعلق بالقسمة الموالية، عندما يوصي شخص ما بجميع أملاكه لابنه، «... فإنه يكون قد عيّنه فقط بوصفه مسؤولاً عن تقسيم الملكية... أي إن الأب لم يقم بأكثر من وضع وصاية تتعلق بوجوب خضوع أبنائه لقرارات ابنه»[36].

في (ب. ز. 362.9) كذلك، يتبيّن أن موري هارون كان يطبق التقليد الحاخامي، فلمّا علم بأن حنا كانت تعيش دون عقد زواج، قرّر بأنه على سليم أن يطلقها، ويقدم لها ثمناً مقابل ذلك، على الرغم من أنّه سبق وأدّى ثمن مهرها. إنها لقاعدة حديدية تلك التي تقول إنه «يمنع على الرجل أن يقعد، ولو ساعة، مع زوجته دون عقد زواج»[37]، وبأن العقد لا يؤدّى ثمنه إلا عند الطلاق، أو وفاة الزوج[38]. إن بعض السلطات الدينية المتعلقة بالهلاخاه (غونية) أعطت أدنى حقٍّ ماديّ في «كتوبة قانونية» (كتوبة إكار) حتى لزوجات ليس لهنَّ الحق في الحصول على نقود الكتوبة (العقد)، مثل أولئك اللاتي لا يرتبطن بأزواجهن (الزوجات المتمردات أو ما يُعرف بــــ موردوت)؛ ومن بين أسباب أخرى، كان يتمّ هذا من أجل تبديد أيّ شكٍّ بخصوص اعتقاد أن الزواج سيتم رفضه بشكل رجعي، أو يتم اعتبار أفعال الزوج خلال حياته عبارة عن فحش[39]. وبشكل مخالف لهذه المبادئ، قام موري هارون مباشرة بعد قراره بتسجيل تفاهم توصل إليه الزوجان؛ يقرّان من خلاله بأن المرأة عليها أن تستمر في الزواج، ويقرّان في الوقت نفسه بأنه لا تجمعهم أيّ علاقة مادية أو جسديّة. هل كان من الواجب، في الدفاع المذكور، هل لم يكن من الواجب، تأجيل أداء الريالين حتى الوفاة، أو حدوث طلاق؟ إن ميل القضاة نحو وضع اتفاق جزاء بين المتنازعين، حتى عندما يكون في ذلك خرقاً للقانون يوجد كذلك في محاكم تخدم عشائر مسلمة[40]. يتبيّن أن وضعية ماثلة للأحداث حدثت في محكمة موري هارون كذلك.

لكن ما هي علاقة بيت دين الأظارب هنا؟ يتبيّن أن موري يحيى له الحق في احتجاجاته هنا على الإجراءات التي تمّ تطبيقها هناك. إن ظهور أخته في المحكمة قد عارض الهلاخاه في أيٍّ من المحاكم الثلاثة: لقد كانت شاهداً وحيداً[41]، إلى جانب كونها فرد عائلة[42]، وامرأة[43]. بالإضافة إلى ذلك، بناءً على أن يحيى رفض أن يؤدي يميناً، كانت المحكمة قادرة على تحويل عبء اليمين إلى المدعية[44]، وفضّلت أن تمارس ضغطاً أكثر على يحيى. في النهاية، تباعاً ليمينه، وبدل أن يتمّ تخليصه من الأداء[45]، وجد يحيى نفسه يوافق على أداء نصف المقدار المُطالب فيه.

بشكل واضح، لقد واجه المضريون مشكلة بين النظرية والتطبيق في كلٍّ من المحاكم الإسلامية واليهودية. إن القول إن كلّاً من المحاكم الإسلامية واليهودية كانت تتصرّف بناءً على قواعد عامّة هو أمر فيه تبسيط عام. ويبقى فهم هذه النقطة مهمّاً جداً بالنسبة إلى دراستنا: في حالة التطبيق كمثال، إن أغلبية المجتمع لا يعطي بناته حقهنّ الشرعي، عوامل الجذب والضغط التي تفسّر التطبيقات المتعلقة بمجال القضاء بشكل عام يأخذ منحى الحياد. إذاً، يجب الاهتمام بتحديد «المستوى المعياري» الذي توفره كلّ محكمة على حدة، أو موظّف عدل عملياً، وخلال نقطة زمنية محددة، وذلك قبل أن يتم اللجوء إلى التفكير في توجه اليهود نحو محاكم إسلامية لكي يستفيدوا من مبادئ الشريعة الملائمة نسبياً.

هل تعكس وثائقنا واقع كون المحاكم اليهودية تقدم للنساء نصيبهن الشرعي في ملكية حتى لا يتوجّهنَ نحو محاكم إسلامية؟ يتم ذلك بشكل محدود فحسب. مثل هذا المحفز بإمكانه أن يوفر نظرة عميقة في قضية تصرف يحيى لسنة (1903) (عندما سحب طلبه المتعلق بــــ 16 ريال، وأعاد اقتسام حافة المسبار، على الرغم من أن المحكمة كانت قد قضت بأن تلك الممتلكات تعود إليه وحده)، لكنها بقيت غير كافية بوصفها تفسيراً لما حصل في مدار لاحقاً. في تعامله مع المواجهة النسوية الثابتة (أو تلك المتعلقة بمن كان يدعمهم في الأصل)، لم تكن تحركات يحيى الأولى تسير في تجاه إرضاء أخواته أكثر ممّا كانت تسير في تجاه تقوية موقفه باعتباره رجلاً. أكثر من ذلك، كانت هذه العمليات يتم تداولها، منذ البداية، في المحاكم الإسلامية. (وهذا ينطبق على وثائق سليم الثلاثة الأولى). يبدو الموقف الساخر واضحاً: من خلال لجوئه فحسب إلى المحاكم الإسلامية، كان يحيى قادراً على أن يستفيد بعض الشيء من المسلّمة الهلاخية المتعلقة بكون النساء لا يمكنهنّ أن يرثن في حضور الرجال.

لقد لاحظ جويتين في مقاله حول قبيلة الكادس بأن اليهود والمسلمين القرويين كانوا يواجهون سواسية تدخل الحكومة المتزايد في قانون العشائر[46]. هل يمكن تفسير التحركات المضرية المتزايدة في المحاكم الإسلامية لأواسط العشرينات على أنها انعكاس للتغيرات التي كانت تحصل على مستوى ما كانت توفره المحاكم الإسلامية نفسها للمدّعين، مسلمين ويهود سواسية؟ من جهة الترتيب الزمني، إن تأكيد قواعد الشريعة التي تمّ اللجوء إليها تتقاطع مع سياسة الإمام يحيى في تدعيم القانون الإسلامي على أنه القانون الوحيد في اليمن، وهو ما يعكس المجهودات السياسية والعسكرية التي تمّت خلال مرحلة حكمه لكي تتمّ تقوية سيطرته على المناطق القروية البعيدة[47]. إن حيفاً واضحاً ومتزايداً نحو الشريعة يمكن تعقبه عبر السنين من خلال التجارب التي مرّ عبرها المضريون. إن قاضي سنة (1925) لم يعترف في الواقع بصلاحية تقسيم كان قد تمّ قبل وفاة صاحب الملكية، على الرغم من أنه قد طبق تعاليم الشريعة بشكل اختياري. بينما تمّ تقسيم الملكية بناء على الحقوق الشرعية الصحيحة (السبعة في هذه الحالة)، تم في الوقت نفسه بذل مجهود من أجل حماية كلّ حق على حدة: لم يتم ذكر أيّ من المنازل المتواجدة بحافة المسبار في فرز عام (1925)، التي تعود إلى الأخوين الاثنين. لا يمكننا إلا أن نفترض أن ورثة سلامة ومريم قبلوا بشراكة متعددة لهذا البيت مقابل حصة صغيرة (إذا كانت) في منازل حافة موان. وقد تمّ دعم هذا الطرح من خلال تصريح الموظف الواضح (الموضوع على ظهر فرز عام 1903) فيما يتعلق بالمنزلين الموجودين في حافة المسبار التي تمت إعادة تقسيمها بين الأختين. في تقسيم عام (1940) لملكية يحيى، بشكل مقارن، تمّ تقسيم كل الملكية بشكل تفصيلي (إلى تسُع). بالإضافة إلى ذلك، لم تكن هناك حاجة إلى شهود مسلمين في وثائق عام (1925)؛ في أحد الوثائق لم يتم ذكر أيّ شهود أبداً. يتعارض هذا مع أحداث عام (1940)، حيث إن الشهود اليهود (عندما يحضرون) يُعدون شهوداً تكميليين إلا الشهود المسلمين. إن الدور الأهم الذي أدته المؤسسات المركزية يظهر جلياً مرةً أخرى في واقع كون تقسيم عام (1940) للملكية تمّ الأمر به من طرف الأب حكيم، بينما حدث تقسيم عام (1925) بطلب من أحد المدّعين. في النهاية، يبقى الإقرار، وهي نوعية الوثيقة التي توفر، بشكل كلاسيكي، الحماية القانونية، والتي تجد عبرها معاملات مثل «الشراكة العرفية» دعماً في الوثائق القانونية، لا توجد أبداً ضمن وثائق مضر، وهذا ما يفسر تراجع قيمتها وفعاليتها في ظل المستجدات والأوضاع المتغيرة.

هناك سبب وجيه آخر يفسر واقعية اعتبار ادعاء مريم الكلاسيكي بشكل أكثر محلية، وفي ظلّ وسط يتميز بممارسات تعهدية متداخلة، بدل مقارنته بشكل قطعي وتام بالقانون الإسلامي واليهودي. إن التفسيرات التي تقدم فيما يخص توجه اليهود نحو المحاكم الإسلامية مشابهة لتلك التي تشجع مسلمي العشائر على التحاكم لدى الحكومة المركزية، أو محاكم الشريعة في الشرق الأوسط في القرن العشرين. ففي ليبيا، كان الورثة الذين يشعرون بالظلم (أو الضعفاء في قبائلهم) كانوا يفضلون المحاكم الحكومية على الطرق التقليدية للتقاضي[48]. في المجتمع نفسه، كان يتم اللجوء إلى محاكم الشريعة من أجل أسباب تتعلق بالحماية القانونية: عندما كان يتم الطلاق خارج المحكمة، تلتجأ الأطراف إلى المحكمة لكي تحصل على الوثائق الخاصة بالحكم من أجل استباق أي دعوى لدى المحكمة الشرعية في المستقبل[49]. وبشكل أكثر تحديداً، إن هذا الافتراض تؤيده في اليمن من طرف ملاحظات مارثا موندي المتعلقة بوادي الظهر: «في حالات النزاع بين النساء الرجال، فإن الحالات... يتم النزاع حولها مبدئياً أمام السلطة الإسلامية الشرعية»[50]. على مستوى آخر، يذكرنا ما قامت به مريم بأنظمة تعامل مشابهة لتلك المتعلقة بالمسلمين اليمنيين العاديين. نادراً ما يتم نقل حق ابنة حديثة الزواج في تركة أبيها في مرحلة أولية من زواجها؛ لكن عندما تكبر شيئاً ما في سنٍّ يتوجب عليها أن تصارع من أجل نيل حقها من يد وتسيير أخيها[51]. إن تعامل الأوصياء بالتركة في مضر تتشابه مع أنظمة التعامل التي تميز المجتمعات الإسلامية في القرن الحالي. وبذلك، وعلى سبيل المثال، إن يهود الصحراء البدويين كانوا يتفادون قوانين الإرث الخاصة بالشريعة من خلال تقسيم التركة فيما بين الأبناء برضاهم، خلال حياة الأب[52]. وهذا التعامل سائد بين المسلمين اليمنيين كذلك، [53] وهذا ما حاول أن يقوم به سليم يهودا تماماً عام (1903). أمّا بالنسبة إلى الهبة، والوصية، والوقف -الطريقة العرفية الأكثر فعالية التي تبنّاها يحيى من أجل الوصول إلى النتيجة نفسها متبعاً حدود حرية التنقل العرفية- تبقى تلك هي التقنيات التي أثبت نجاعتها التاريخ، والتي تفادى من خلالها المسلمون قوانين الإرث الشرعية[54].

خاتمة:

إن إعادة بناء قصة مدر من خلال استعمال الوثائق المنسية والمخبأة التي تمّ إنقاذها من طرف جوتين، يؤكّد أهمية الوثائق اليمنية من أجل البحث التاريخي؛ حتى التعاملات والعقود التي تتشكل بشكل عام من نظام معين تجد لها مكاناً في الحكاية. لكن تبقى لدينا انطباعات معينة. أولاً، لا يعكس كلٌّ من النظرية التي تقول إن اليهود كانت لهم استقلالية قانونية، أو الحكم الأخلاقي المسمّى بريسات جادير الوضع في الأظارب. عملياً، كان التحاكم لدى موظفين قضاة مسلمين ضروري؛ لم يكن هناك في أغلب الأحيان أيّ حلٍّ ممكن آخر. ثانياً، قبل توسّع مجال استعمال قوانين الشريعة في المحاكم بشكل خاص، كان المسلمون واليهود القرويون يلجؤون إلى تقسيم الإرث فيما بينهم على أساس نظام مثالي أبوي. وهذا يتمّم ما أوردناه فيما يخص الأعراف المشتركة المتعلقة بمجال الزواج والطلاق[55]. إن أحد أهم الأمور هي نسبة المبادئ والتعاملات المتصارعة التي نجدها في قرية الأظارب، والواقع المتعلق بها، المتعلق بكون الأفراد المتنازعين كانوا راضين بشكل عام عن الخفايا والديناميات للعلاقة المتأرجحة بين الشريعة، الهلاخاه، والعرف عندما يتعلق الأمر باختيار أفضل وضع خلال أيّ لحظة زمنية. لكن حتى هذه الإمكانات لم تكن لتضمن للمضريين حقّهم: وثيقة مضرية أخيرة (ب. ز. 188 (الملحق الثاني) توضح كيف أن بعض هؤلاء القرويين كانوا يعرفون جيداً كيف يستغلون الاختلافات القانونية بين المدارس الإسلامية ذاتها. وهذا يضيف بعداً آخر لملاحظة تمّ تسجيلها أعلاه؛ قبل أن يتم التقاضي حسب الشكل؛ حيث كان اليهود يتقاضون لدى محكمة إسلامية، لكي يستفيدوا من مبادئ الشريعة، فالمطلوب ليس معرفة عدالة الموظف المتخصّص وحسب؛ بل كذلك يجب تقصّي معايير المدرسة الفقهية التي ينتمي إليها.

الملحق1: (ب. ز. 188) (كانون الثاني/يناير- شباط/فبراير 1845)

تتضمن هذه الوثيقة حقوق «الشفاعة»، التي بإمكان فرد ما، بموجبها، أن يعوّض نفسه بمشتري لأرض له الأسبقية إليها، مع إرجاع ثمن الأرض إلى المشتري. لكي يتم تطبيق الشفاعة، لا حاجة إلى أيّ حكم قضائي غير تصريح من طرف المشتري يعبّر فيه عن إرادته، والمال لا يجب أن يكون قد تمّ تحويله، وحضور المشتري الخارجي ليس مطلوباً[56]. وكان يهودا أبو سليم أب سليم مصرّاً على تطبيق حقّه الشفعي في شراء يهودي آخر لأجزاء بيت بجوار بيته. بسبب المشاكل التي سببها المشتري الخارجي، توجّه يهودا نحو خبير قانوني مسلم كان قادراً على أن يصدر الحكم، ويسجن المشتري. من خلال نظرة متفحّصة أولى يتبيّن أن هذا ليس إلا مثالاً آخر على المسلّمة اليهودية الكلاسيكية حول أن اليهود توجهوا نحو الفضاء الإسلامي بسبب قدراته على التنفيذ: يتشابه القانون اليهودي هنا مع المبادئ الزيدية التي تعطي الحقّ للجار في الشفاعة[57]. كانت هذه التفسيرات ستكون كافية لو أنها لم تكن متعلقة بمنطقة شافعية خاصّة في اليمن؛ وبالنسبة إلى تلك المدرسة، يبقى معنى «الحي» غير ذي معنى في حالة الشفعة، ليس هناك حقّ لأحد في تطبيق الشفعة إلا المالك الشريك للملكية التي تمّ بيعها[58]. بشكل معقول، كان على يهودا المدار أن يقوم بجهد أكثر لكي يتقاضى لدى موظف عدل مطبقاً المبادئ الزيدية[59]؛ وهذا يؤدي بنا إلى فهم أعمق للاختلافات بين المدرستين الإسلاميتين للفقه.

الملحق2: (ب. ز. 136)[60]

عبد الله بن محمد المنصوب وفقه الله

وقع صدور الهبة من الواهب

لدي بتاريخ شهر رجب سنة (1345)[61]

الحمد لله

1) حضر لدي الذمّي يحيى سالم المدار طائعاً مختاراً ساعياً على قدميه جايز تصرفه

2) فيما هو شرعاً[62]، ووهب لولد ولده الذمّي حسن سالم، وذلك من ثلث مخلفه

3) جميع من كلّ ما يملكه وهباً صحيحاً، وأذن الواهب لولد ولده بالقبض[63]

4) والتصرف بالطوع والرضا والنفوذ والإمضاء بقول الواهب

5) وهبته وقول الموهوب له الذمّي حسن سالم لنفسه قبلت[64] وتخلى

6) الواهب عن ثلث مخلفه وصار ثلث مخلفه ملكاً وحقاً ويداً

7) لولد ولده الذمي حسن سالم وهباً لا يردّ ولا يستثنى عليه[65]

8) بتاريخ شهر رجب الأصب[66] سنة خمسة وأربعين وثلاثمئة وألف

9) سنة 1345 بحضر من شهد الولد[67] صالح عبد الله المنصوب ومحمد ناجي

10) يحيى السميري وخالد مانع السميري وآخرون وكفا بالله شهيداً

بسم الله[68]

11) هذا خط عبد الله محمد المنصوب معروف

12) عندي خطه وشخصه علا شروط

13) القسمة في الهبة المعتبرة شرعاً

14) بتاريخه رجب سنة 1345

15) عبد الله الجلال...

[1] - هذا البحث عبارة عن إعادة كتابة ورقة ندوة علمية كتبت تحت إشراف البروفيسور أهارون لاييش (I. hollander, Halakha, Shariaa U-Minhag : Sipur Mishpati me-Harey Teyman (unpublished seminar paper, Hebrew University of Jerusalem, 1994). أريد أن أشكره على التوفير من وقته من أجل قراءة النص وإبداء مقترحات. كما لدي رغبة في توجيه شكر لــــ Morris M. Pulver scholarship fund، ولجنة جائزة S. D. Goitein على الدعم المادي. كما أنه أتوجه بالشكر الجزيل إلى الاشخاص المستجوبين الذين قدموا معلومات مهمة عن مجتمع الأظارب. وفي الأخير أتوجه بالشكر الجزيل إلى مديري مؤسسة بن زفي في القدس من أجل سماحهم لي بدراسة الوثائق اليمنية التي جمعها س. د. جويتن. كما أشكر أستاذي، البروفيسور مناحيم بن ساسون من أجل تقديمه المجموعة إلي، وأشكر السيد روبرت عطال في المكتبة التابعة للمؤسسة من أجل تشجيعه، ومن أجل مساعدته خبيراً.

[2]-Y. Tobi, `Ha-Qehilla ha-Yahudit be-Teyman,' in Y. tobi (ed.), Moreshat Yehudy Tayman : `Iyyunim we-Mehqarim (Legacy of the Jews of Yemen : Studies and Research) (Jerusalem, 1976), 106, 109-10

[3]-S. D. Goitein, A Mediterranean society, Vol. 2: The Community (Berkeley and Los angeles, 1971), 401; I hollander, `Ibraa in Highland Yemen: Two Jewish Divorce Settlements,' Islamic Law and Society, 2 (1995), 14-15 notes 44-5

[4]-S. d. Goiten, `Al ha-Hayyim ha-Siburyyim shel ha-Yehudim be-Eres Teyman,' in M. Ben-Sasson (ed.), Ha-Teymanim : Historya, sidrey Hevra, Hayyey Harwah (The Yemenites : History, Communal Organisation, spiritual Life) (Jerusalem, 1983), 204 ; Y. nini, Teyman we-Siyyon : ha-Raqa ha-Medini, ha-Hevrati we-ha-ruhani le-Aliyyot he-Rishonot mi-Teyman, 1800-1914 (Jerusalem, 1982), 133-4

[5]-Y. Ratzaby, `Yehudy Teyman Tahat Shilton ha-Turkim,' Sainai, 64 (1969), 53-77; Y. Tobi, The Jews of Yemen in the 19th Century (Tel Aviv, 1976), 95

[6]-Goiten, The Community, pp.398-9

[7]-Geiten, The Community, p.399; tobi, `Ha-Qehilla ha-Yehudit be-Teyman,' pp.114-15

[8] - S. D. Goiten, `The Interplay of Jewish and Islamic Laws,' in Bernard S. Jackson (rd.), Jewish Law in Legal History and the Modren World (Leiden, 1980), 76

[9] - B. Messick, `Literacy and the Law: Documents and Document specialsits in Yemen,' in Daisy Dwyer (ed.), Law and Islam in the Middle East (New York, 1990), 62-5

[10] - Goiten, `Al ha-Hayyim ha-Siburiyyin,' p.199

[11] - وصف الأظارب هو عبارة عن ملخص لمعلومات تمّ تقديمها لي من طرف السيد إبراهام الصايغ، السيدة هوديا مظار، خلال مقابلات مختلفة (21.9.94).

[12] - الوضع قرب قرية الناظب؛ حيث تم نزع المنازل من يد أصحاب الأراضي (Hollander, `Ibraa' in highland Yemen,' p. 12. Note 33).

[13]- المسبار: مرتفع أرضي. M. Piamenta, dictionary of Post-Classical Yemeni Arabic, Pt. 1 (Leiden, 1990), 213

[14]- الحافة: حيّ، منطقة - Piamenta, Dictionary, Pt. p.99

[15]- انظر تسوية طلاق تمّت من طرفه سنة 1948، Hollander, Ibraa in Highland Yemen, pp.10-15

[16] - يمكن أن هذه قد ضمّت واجبات نفقة خلال الزواج، والمبالغ التي تمّ تحديدها في عقد الزواج، والتي يؤديها الزوج في حالة طلاقه أو موته.

[17] - وصل موري هارون إلى الأظارب لتنفيذ العملية.

[18] - يجب التذكير بأنه في حال وجود ابن لا يمكن للبنات أن يستفدن من الميراث. Maimonides, The Code of Maimonides, book thirteen: the book of civil laws, translated by Jacob J. Robinowitz (New Haven and London, 1949), 260.

[19]-B. Messik, Transactions in Ibb: Economy and Society in a Yemeni Highland Town (Ph.D dissertation, Princeton University, 1978), 370-6

[20] - انظر: Y. Linant de Bellefonds, Traité de Droit Musulman Compari, Vol. 3 (Paris et la Haye, 1973), 319-20; 356.

[21] - يحيى بن الشرف بن موري النووي، منهاج الطالبين، تنسيق L. Z. C. Van Den Berg, with french translation (Batavia, 1883), Vol. 2, 194; Linant de Bellefonds, Traité, p.356.

[22]-N. Coulsonm Succession in the Muslim Family (London, 1971), 213-14

[23]-Linant, Traité, p.346

[24] - تبقى طبيعة القرار نفسه غامضة؛ لقد رأيت عمليات بيع خلال سنوات (1880) من طرف المحكمة اليهودية في صنعاء.

[25]-Couldon, Succession, p. 195

[26]-J. Schacht, An Introduction to Islamic Law (Oxford, 1964), 151

[27]-J. N. D. Anderson, Islamic Law in Africa (London, 1972), 17 note 2; 30, 370

[28] - أشكر الدكتور محمد فاضل من أجل تقديمه هذه المعلومة.

[29] - J. Caro, Shulhan Arukh, edited by Z. Preisler and S. Havlin (Jerusalem).

[30] - في الواقع، إن فروز عام (1940) لا يمكن أن تكون نظرياً عبارة عن تعبير واقعي عمّا حدث.

[31] - إن تجربة اليهود المتعلقة بتوجههم نحو المحاكم الإسلامية من أجل الاستفادة من النظرية القانونية توجد كذلك فيما يتعلق بتسوية مشاكل الطلاق التي تم تسجيلها في المحاكم العمومية، انظر: Hollander, Ibraa in Hihland Yemen, p. 6.

[32]-Y. Tobi, Yerushat Nashim ba-Hevra ba-Yehudit we-ha-Muslimi, in S. Seri (ed.,) Bat Teyman (Daughter of Yemen) (Rishhon le Siyyon, 1994), 39

[33]-Maimonides, The Code of Maimonides, p. 141 (Zekhiyya Matana) (Laws Concerning original acquisition and gifts), 8:23

[34] - Maimonides, The Code of Maimonides, book Twelve: The Book of Judges, translated by abraham M. Herschman (New Haven & London, 1949), 154-55 (=Mamrin (laws concerning rebels)).

[35] - المرجع نفسه، ص118

[36] - المرجع نفسه، ص128

[37] - Maimonides, The Code of Maimonides, Book Four: The Book of women, translated by Isaac Klein (New Haven and London, 192), 64 (=Ishut (laws of marriage), 10 :10).

[38] - المرجع نفسه، ص99

[39] - M. A. Friedman, `Divorce upon the Wife's Demand as Reflected in Manuscripts from the Cairo Geniza,' in Bernard S. Jackson (ed.,), The Jewish Law Annual (vol. 4) (Leiden, 1981), 108

[40] - A. Layish, Divorce in the Libyan Family (jerusalem, 1991), 187-40.

[41]-Maimonides, The Book of Judgesm p. 91 (=edut (Laws concerning evidence), 5:1

[42] - المرجع نفسه، ص110 (ايدوت 13:1).

[43] - المرجع نفسه، ص100 (ايدوت، 9.2).

[44] - Maimonides, The Book of Civil Laws, p. 191 (=Toen we-Nitan (Laws concerning pleading), 1 :4).

[45] - المرجع نفسه، ص190-1 (=توين وي-نيتان، 1.3).

[46]-S. D. Goiten, `Portrait of a Yemenite Weaver's Village,' Jewish Social studies, 17 (1955), 16-17

[47]-M. M. Wenner, Modern Yemen (Baltimore, 1967), 65-6

[48]-J. Davis, Libyan Politics: Tribe and Revolution (London, 1987), 223

[49] - Layish, Divorce in the Libyan Family, pp.182-3

[50] - Martha Mundy, Domestic Government: Kinship, Community and Policy in North Yemen (London, 1995), 53.

[51]-Mundy, `Women's Inheritance,' pp.165-70

[52]-A. Layish and A. Shmueli, `custom and Sharia in the Bedouin Family According to Legal Documents from the Judaean Desert,' Bulletin of the School of Oriental and African studies, 42(1972), 39

[53]-I. Hollander, `Prashat' «Arasa Mi Hujariyaa», in Y. Tobi (ed.,), Le Rosh Yosef: Mahqarim be-Hokhmal Yisrael (Jerusalem, 1995), 537 note 90

[54]-A. Layish, The Family Waqf and the Sharia Law of Succession,' in G. 17; Messick, Transactions in Ibb, pp. 378-84

[55]- انظر: Hollander, `Ibraa'in Highland Yemen, p.9

[56] - النووي، المنهاج، ص122-3

[57] - Maimonides, The Book of Acquisition, p. 098 (=Shekhenim (Laws Concerning Neighbours), 12 :4-5) cf. the Zaydi principle in Husayn b. Ahmad al-Husayn al-sayaghi al-Hayami, kitab alrawd alnadir sharh majmu alfiqh alkabir (cairo, 1348), vol. 3, 335-9.

[58] - النووي، المنهاج، ص120

[59]- وقعت الأحداث خلال فترة تميزت بضعف في السيطرة على اليمن الشافعي السفلي. انظر: b. Messick, The Calligraphic State : Textual Domination and History in a Muslim society (Berkeley and Los angeles, 1993), 49

[60] - خلال عملية طبع الوثيقة من أجل إفادة القارئ، قمت بإدخال تعديلات عامة تخص الحروف والرسوم غير الواضحة.

[61] - هذا تقرير الموظف الملخص المتعلق بمحتوى الوثيقة.

[62] - يتمتع الواهب بسلطة التصرف، وهو شرط صحة الهبة (Linant de Bellefonds, Traité, p.327).

[63] - إن أحد شروط صحة الهبة هو وجود وثيقة أخرى يعقدها الواهب ويقر فيها بأحقية الموهوب في التصرف في الملكية الموهوبة (المرجع نفسه، ص361).

[64] - الإيجاب والقبول هما شرطان من بين الشروط الثلاثة التي يجب توافرها في صحة العقد، والثالث هو القبض. (النووي، المنهاج، ص193 وص 195؛ الهيمي، كتاب الروض النضر، 381، 383)، وهو مذكور مرتين في هذه الوثيقة (الصفحة 3 و6).

[65] - مبدئياً، لا يمكن رفض هدية Linant de Bellefonds, Traité, p.388 ; Al-Haymi, kitab arrawd annadir, p.384))، ويستثنى الحفيد من هذه الحالة للهبة بالنسبة إلى الشافعيين.

[66] - هذه الكنية هي عبارة عن رحمة من الله تجاه عباده في شهر رجب، انظر: M. J. Kister, `Rajab is the month of God... : A Study in the Persistence of an Early Tradition,' Israel Oriental Studies, 1 (1971), 200.

[67] - كلمة ولد هي صفة ذات قيمة، وهي تصبح بشكل خاص صالح عبد الله المنصوب، ويتبين أنه كان ابن الموظف عبد الله محمد المنصوب. انظر: M. Piamenta, Dictionary of Post-Classical Yemeni Arabic, pt. 2 (Leiden, 1991).

[68] - هذا المقطع هو شاهد على هوية الموظف، تمت إضافته من طرف شخصية أعلى سلطةً من الكاتب نفسه. Messick, (`Literacy and the Law', p. 70) يفسر بأن الوثائق، في حد ذاتها، دليل بناء على كون القاضي على علاقة مقربة من الرجال المحليين الذين يحررونها. انظر: Messick, The Calligraphic State, pp.231-7 من أجل دراسة تتعلق بالنصوص اليمنية.