تعريب العلمانيَّة


فئة :  أبحاث محكمة

تعريب العلمانيَّة

تعريب العلمانيَّة([1])


الملخّص:

يمثّل تصوُّر برهان غليون، للعلاقة بين الدّين والسياسة في العالم العربيّ الإسلاميّ، الموقف الثالث في سلسلة المواقف التي يعرضها الباحث في هذا الفصل فيما يخصُّ هذا الموضوع، أي بعد الموقفين: المعارض للعلمانيَّة (الجابري)، والداعي لها (أركون).

وفي إطار تحليله لهذا الموقف الذي يعتبره موقفاً توفيقيَّاً يهتمّ الباحث في مرحلة أولى بإدراجه في إطاره من رؤية برهان غليون للثالوث: الدّين والدَّولة والتاريخ. فمن هذا الجانب تتمثّل خصوصيَّة هذا الموقف في كونه يصاغ في سياق محاولة تأسيس علم اجتماع سياسي للدّين في العالم العربيّ، يستند إلى تحليل تاريخيّ أنتروبولوجيّ لوضع الدّين والدَّولة في التاريخ العربيّ الإسلاميّ. وفي ضوء هذه القراءة التاريخيَّة الأنتروبولوجيَّة يكشف غليون أنَّ العلاقة بين الدّين والدَّولة في تاريخ كلّ المجتمعات البشريَّة كانت علاقة تداخل لم يحدث خلالها نزاع بينهما. ولم يحدث هذا النّزاع إلا بعد ظهور الأديان التوحيديَّة التي رفعت عن الملك صبغته القدسيَّة أو أنسنته، فمنذ ذلك التاريخ صارت الدَّولة عملاً دنيويَّاً، وتعالى الدّين بصفته القدسيَّة.

هذه الحقيقة تنطبق على الإسلام في نظر غليون، فهو عند ظهوره لم يفكّر بالدولة، لأنَّه كان حركة ثوريَّة ذات أبعاد أخلاقيَّة واجتماعيَّة، جسَّدها مفهوم النبوَّة. ولكن تبعاً لحاجة النبوَّة إلى القيادة من أجل تبليغ الرسالة وتطبيقها، نشأت الدَّولة في الإسلام الأوَّل بوصفها نتيجة جانبيَّة للرسالة.

و لم تنشأ الدَّولة فعليَّاً في التاريخ الإسلاميّ وتصبح هدفاً في ذاتها إلا بعد مقتل عثمان، وحادثة الفتنة الكبرى. فهذه كانت فعلاً رمزيَّاً مؤسّساً غلّب قيم السياسة على قيم الرسالة، بل ألحق الرسالة بالدَّولة.

ومع هذا فقد نجحت الدَّولة الإسلاميَّة حتَّى تاريخها الحديث في أن تنجز نوعاً من التسوية بين وضع الدّين ووجود الدَّولة، لم يظهر بموجبه نزاع بينهما على الشرعيَّة.

والذي حدث فيما بعد أنَّ الدَّولة الحديثة خلخلت تلك التسوية، بأن اتجهت نحو كليانيَّة اكتسحت بها كلَّ المجالات، بما في ذلك المجال الدّينيّ. وكانت نتيجة هذا التحوُّل أن نظر إلى العلمانيَّة التي كانت خياراً للدولة، عداء للدّين. وبهذه الصورة فقدت العلمانيَّة دورها الإجرائيّ الذي مارسته في الغرب أداة لحلّ مشكلات العلاقة بين الدّين والدَّولة، وصارت أداة تعقيد الوضع القلق الموجود بين القوى التقليديَّة الإسلاميَّة، والقوى التحديثيَّة الدَّولتيَّة. هذه المعطيات تجعل من العلمانيَّة في العالم الإسلاميّ منظومة تحتاج إلى إعادة تفهُّم وتأويل خارج مجال المشاحنات الإيديولوجيَّة بين قوى التحديث والأسلمة.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو  الضغط هنا


[1] ـ هو عنوان المحور الثالث من الفصل الثاني من كتاب مراد زوين: الإسلام والحداثة، مقاربات في الدّين والسياسة، ص-ص108-133.