جاك دريدا: لحظة الموت

فئة :  ترجمات

جاك دريدا:  لحظة الموت

جاك دريدا:

لحظة الموت[1]

إليزابيث رودانيسكو

ترجمة: الحسن علاج

لقد حان الوقت لتوديع الموتى، توديع فلاسفة العصيان الذين يختلفون غاية الاختلاف عن بعضهم البعض، والذين لم يكفوا عن التعارك أو التحابّ لكن، سواء شئنا أم كرهنا، فنحن ورثة لهم. ولهذا السبب، فإني بصدد إتمام هذا الكتاب مثنية على جاك دريدا Jacques Derrida))، مثنية على من كان صديقا ما يقارب عشرين عاما. آخر من بقي على قيد الحياة من هذا الجيل، لقد كان آخر من يفارق الحياة، لكن أيضا هو الوحيد الذي أجاد توديع غالبية من هم شكلوا هذا الجيل، وإلى آخرين كثيرين أيضا، ضمن كتاب 1 وددت أن أضم إليه نوعا من الحاشية بغية تقديم الثناء بدوري إلى ما يعدّ سرمديا في الصداقة، إلى ما يعدّ غاية في القوة في فعل استحضار الماضي من أجل تأمل أفضل للمستقبل، فهم ماذا سيكون عليه الغد2.

إن القانون الذي ينظم العلاقات، والذي تحافظ عليه كل ذات مع الصديق الميت، وبالتالي مع الموت ومع الصداقة، يعدّ قانونًا بنيويًّا وكونيًّا، "قانونا صارما وفتاكا: لصديقين؛ أحدهما يبصر إلى الآخر، وهو يحتضر"3؛ ذلك الموت، عندما يأتي، فهو مجرد نهاية لهذه الحياة أو تلك بل "نهاية لشيء ما تماما". بناء على ذلك، فأي حداد لا يكون ممكنا. ولكن بما أن غياب الحداد يعرض في غالب الأحيان الصديق الذي يصر على البقاء، إلى الجنون، فوحدها الحالة السوداوية تسمح بالاندماج داخل موت الآخر ومواصلة الحياة.

لقد أجبرت على التصدي لهذا الفقدان، وكنت مضطرة إلى كتابة خطابات وداع لأقرباء أو إلى أصدقاء رحلوا. لطالما ودعت ميتا مباشرة بعد وفاته. لم أتمكن أبدا من كتابة كلمة تأبين قبل الموت الحقيقي لمن كان من المفترض فيه أن يموت، حتى ولو كان مهددا سلفا بمرض لا شفاء يرجى منه.

يبدو لي أنه لا أحد مطلقا لا يستطيع قول الموت قبل مجيء الموت. وعندما يحدث ذلك، عندما تتم كتابة وداع في وقت مبكر، مثل اغتيال للموت، يُقرأ التضليل بين ثنايا السطور. يكون الميت عندئذ محرومًا من المحكي الممكن لموته، ثم إن هذا الأخير تتم مطابقته بالعدم. خيانة للإطار الزمني، خيانة للزمن الضروري لقدوم الموت، خيانة لسرديته، للاحتفاء به. انتهاك سافر، أخيرا، بما أن فعل اغتيال الموت، يُرتكب قبل الموت، يجعل من يكتب نصه سيدا ـ مضللا بالضرورة ـ لتعطيل الزمن. لا شيء يقول بالفعل أن مؤلف النعي قبل الوفاة سوف لن يكون ميتا بالفعل خلال وفاة من قام بالإخبار عن وفاته.

انفصال نهائي، يتم التعبير عن الوداع طيلة الحياة، مثل اللحظة التي يمتزج فيها الموت المعيش، الموت الذي يعاني، الموت المحتفى به، ذاكرة الموت. فأن يقول المرء وداعا، أن يقوم بعبارات وداعه، أن يقوم بزيارة وداع، فكل تلك التعابير تفيد جيدًا بأن من يرحل يسلم روح من بقي على قيد الحياة إلى باريها: إلى الأبد. فأن تقول وداعا، لهو أن تختفي الذات عينها أيضا، تنسحب من العالم الذي عاش فيه المرء من أجل الولوج إلى عالم آخر. لكن التلفظ بالوداع، قول وداعا للصديق المتوفى، ربما يكون على النقيض من ذلك، بالنسبة إلى من بقي على قيد الحياة. إن إرجاع روح الهالك إلى الله كي تحيا إلى أبد الآبدين، أبعد بكثير من الموت، من ذاكرة الصداقة. لكن لربما أيضا تحويل إلى ـ الله l’à-Dieu)) إلى وداع adieu)انسحاب بتكتم شديد من ملكوت الله إلى ملكوت موت الله. تفترض صيغة إلى ـ الله وجود إله وتفترض صيغة الوداع امّحاءه.

وليس من قبيل المصادفة إذا ما كان التمييز بين الوداع وإلى اللقاء au revoir)) قد تم إدراجه في المعجم الفرنسي في بداية القرن التاسع عشر، عقب ثورة دمرت الرابطة التي كانت تجمع الله بالسيادة الملكية؛ وذلك عبر اغتيال فريد من نوعه في العالم، للملك. تُطمس إلى ـ الله لصالح الوداع، عاملة على ظهور إلى اللقاء إلى حيز الوجود.

منذ قرن من الزمن كان المرء لا زال يقول: وداعا، حتى إلى اللقاء

لم يكن تنفيذ حكم الإعدام في حق لويس السادس عشر مجرد قطع لرأس الملك، بل اغتيالا للملكية. منذ بزوغ الحياة، وكي تحيا الأمة، كان يتوجب، من دون احتفالات الوداع، ومن دون إرجاع روح الفقيد إلى الله، بدون أي وداع حتى إلى اللقاء، فقد تحول توديع الملكية إلى مملكة أموات.

وبالنسبة إلى الحداد على الفقيد المحبوب، فلم يتم حدوثه إطلاقا في حقيقة الأمر، ولتقديم تفسير لهذا التعذر الذي أصر فرويد، عام 1915، في وقت واحد، على عقد وحل الخيوط التي تجمع الحداد بالاكتئاب. أيضا مخافة أن يجعل من الاكتئاب، ليس مجرد قدر ذاتي فقط، بل مرضا خاصا بالعصابات النرجسية. وكان لابد من انتظار ابتكار غريزة الموت والتجربة المعيشة للموت لبعض أفراد العائلة ـ ابنته وحفيده، خصوصا ـ كي يأخذ معلم فيينا بعين الاعتبار فكرة أن بعض أنواع الحداد يستحيل القيام بها: "من المعروف أنه بعد فقدان ما، يكتب بخصوص وفاة صوفيا Sophie))، فإن الفقدان الأليم سيتلاشى، لكن المرء يظل على الدوام محبطا تماما، دون العثور على البديل. وكل من يحل في ذلك المكان، حتى ولو احتله كليا، فإنه يظل مع ذلك على الدوام شخصا آخر. وفي حقيقة الأمر، فإن ذلك أمر حسن. إنها الطريقة الوحيدة لاستدامة ذلك الحب الذي لا يرغب المرء في التخلي عنه بأي ثمن4. "ثم أضاف "صحيح إنني فقدت ابنتي الغالية البالغة من العمر سبعة وعشرين عاما، لكنني تحملت ذلك بطريقة مثيرة للغرابة. لقد حدث ذلك في عام 1920، وكنا منهكين ببؤس الحرب، كنا مهيئين منذ سنوات لتعلم أننا فقدنا ابنا. الامتثال إلى القدر كان مهيئًا حينئذ [...].

منذ وفاة هاينيرل Heinerle))، لم أعد أحب أحفادي ولم أعد أسر بالحياة. وهنا يكمن سر اللامبالاة. لقد تمت تسمية هذا بالشجاعة أمام التهديد الذي كان يثقل كاهل حياتي الخاصة"5.

إن ما تبرزه تانك الشهادتان، واللتان تتناقضان على الرغم من ذلك، هو أن موت جيل قادم، حينما لا يكون ناتجا عن حرب "وباء"، آفة أو مجزرة، يتم الإحساس به مثل مرض. ويشاء قانون التطور فعلا بأن التسلسل الجينيالوجي لم يتم التشويش عليه أبدا6؛ لأنه جاء في كتاب الزمن الكبير أنه ما من إنسان لابد له من التلاشي باستمرار بعد أسلافه وقبل ذريته. وبالتالي، فكلما ضرب الموت باتجاه معاكس لهذا القدر الثابت على ما يبدو، كلما سكنت المعاناة روح من بقي على قيد الحياة وكان مجبرا على القول بما يعدّ مردودًا. ابتداء من القرن الثامن عشر، ثم عند نهاية القرن العشرين، فإن خرق هذا القانون كان سيُعاش مثل انحراف أكثر حيوية مرة أخرى7.

تعدّ نصوص وداع دريدا نصوصًا منتزعة من الصمت والعدم: "إلى روح) In Memoriam). إن طعم الدموع، بسبب الحداد، سوف يتوجب علي أن أهيم على وجهي وحيدا، صداقة في أسوأ الأحوال". وأخيرا، وبخصوص ليفيناس: "لكني قلت إنني لم أكن أرغب فقط في تذكر ما أسر لنا به إلى ـ الله، بل أولا أن نقول له وداعا، مناداته باسمه، مثلما يطلق عليه في اللحظة التي، إن لم يستجب فيها بعد، وهو أيضا كونه يجيب بداخلنا [...] مذكرا إيانا: "إلى ـ الله" وداعا إمانويل"8.

أمام قبر الصديق، أمام الفقيد المحروم من الآن فصاعدا، من الكلمات، يتعلق الأمر أكثر بتلافي تطور الحداد من خلال تحدًّ. أن تقول وداعا وليس إلى الله. وإذا كانت "كل مرة لا مثيل لها"، فإن ذلك يعني أن لكل واحد الحق في تقديم متميز يمكن أن يكون أيضا تكرارا لنفس استحضار الفقدان: "ثمة الكثير مما يمكن قوله، القلب متعب، أشعر بالعجز، يستوجب علي التسكع وحيدًا، يظل الغياب منذ الآن وإلى الأبد غير قابل للتصور، إن ما يحدث يقطع النفس، كيف بي ألا أرتجف، ما العمل، كيف أتصرف، الكلام مستحيل، والتزام الصمت أيضا، فما كنت أعتقده مستحيلا هو هنا، فاضح، يتعذر تبريره لا يُطاق، مثل نائبة وقعت فعلا، والتي يستوجب عليها أن تتكرر بالضرورة. ألتمس منكم العذر إذا ما كان في حوزتي، في الوقت الراهن القوة على الصدع سوى ببعض الكلمات الأكثر بساطة. سأحاول في وقت لاحق التعبير بطريقة مثلى". بإمكان المرء أن يضاعف إلى ما لا نهاية لائحة تلك العبارات المفجوعة التي تتلفظ بعبارات تشييع جاك دريدا لأصدقائه، عبارات وداع بدون إله.

من دون طرح السؤال عن أساليب الموت في الغرب، ومن دون التفريق بين مختلف طرق الموت ـ انتحار، حادثة، مرض، موت عنيف، موت بلا ألم، موت مرغوب فيه، موت يأتي بغتة، المرور إلى الفعل ـ، وأيا يكن عمر من توجه إليه التحية، فإن جاك دريدا ينشئ خطابه مثل طرس لحظة الوفاة، مثل الأثر الفوري لتلك اللحظة الفريدة، حيث يحدث العبور من الحياة إلى الوفاة. كما يمكنه أيضا أن يذكره بالذاكرة المطمورة بأتمها لوجود مهشم. أثناء كل مرة ينبثق تفصيل من الظل كي يصدر اللحن من الـ"قانون الجائر والمحتوم": أن يكون لك صديق، تنظر إليه، تلاحقه بعينيك، تُعجب به في الصداقة، لهو أن تتعرف بطريقة قوية إلى حد ما ومؤلمة مسبقا، مزعجة دائما، لا تنسى بشكل مطرد، أن أحدهما سوف يشهد حتما موت الآخر. الواحد منا ـ يقول في نفسه ـ الواحد منا نحن الاثنان، سوف يأتي يوم، لن نتقابل فيه ولن يرى أحدنا الآخر أبدا"9.

ليست نصوص الوداع لدى جاك دريدا خطابات تأبين، بالمعنى الكلاسيكي، ولا هي نصوص نعي، ولا هي قصص احتضار. فليس هو من يختار قول لحظة الموت، ولا تفسخ الأبدان، ولا رعب الوجه الذي يتصلب أو الجسد الذي يتيبس. فهو لم يقم بسرد الأيام الأخيرة لإمانويل كانط، ولا هو حرر كتاب بودلير، اللحظات الأخيرة أو كتاب فولتير محتضرا. ولم يكن عليه تأكيد أي "حفل وداع "10.

كما أنه لم يقم بجمع عبارات الموت ـ قضى نحبه، توارى، استسلم، فاضت روحه، توفي (الأكثر رهبة). كما أنه لم يقم بعرض لا اللحظات الأخيرة للمحكومين بالإعدام، ولا الكلمات الأخيرة المبتكرة من أجل الموت بواسطة الأحياء في انتظار الوفاة: "أيها الموت، أيها القبطان العجوز، لقد حان الوقت! فليرفع المرساة !"، أو أيضا: "لقد استقرت فكرة الموت هذه تماما في الأنا مثلما يفعل حب ما"، ثم: "الموت، شبح مقنّع، لا شيء يوجد تحت واقيته الأمامية"11. لا موتى سيّئوا السمعة، ولا موتى ذوو سمعة حسنة. الموت، بكل بساطة.

لا تستحضر نصوص وداع دريدا إلى أصدقائه لا الأقنعة الجنائزية، ولا المراسم الكبيرة لتجهيز الميت. فبين قطيعة وعودة، بين انفصال عن الله واندماج الآخر في الذات، باختصار، بين الوداع وإلى اللقاء، فإنها تلمح، ضمنيًّا، إلى الألم والإخفاق، ولاسيما البنية السردية والوجودية تقريبا لأي كلمة تأبين وكلمة صداقة: يستوجب على شخص ما أن يختفي قبل الآخر. كما أنها لا تحيل على المسار البيوغرافي للشخص المحبوب إلا عبر كتابة تفسيرية مقارنة بالتقنية السينمائية للعودة إلى الوراء12. دوما متهافتة، تتحطم الكلمة ضمن عدم اكتمال متواصل: "لقد لبث دولوز بالتأكيد، وعلى الرغم من العديد من التباينات، والذي لطالما اعتبرته الأكثر قربا من بين أولئك الذين ينتمون إلى ذلك "الجيل" [...]. ثم إني أتذكر الأيام العشرة التي لا تنسى بمقاطعة سريزي Cerisy))، عام 1972، وأيضا العديد من اللحظات الأخرى التي جعلتني، بالتأكيد مع جان فرانسوا ليوتار (Jean –François Lyotard) (الذي كان موجودًا هناك أيضا)، أحسني وحيدًا، باق على قيد الحياة وسوداويا في الوقت الحاضر، ضمن ما يُطلق عليه بهذه العبارة المرعبة والمضللة إلى حد ما "جيلا"13."

إن الـ"جيل" الذي يسوق دريدا الحديث عنه، يتم تقديمه بين مزدوجتين، كما لو أن العبارة تحمل بصمة تاريخانية مشبوهة. أحب كثيرا هذه العبارة، وأتبناها. وأعتقد أن هذا الـ"جيل" ـ نفس هذا الجيل الماثل في هذا الكتاب ـ هو جيل واحد، بالرغم من تفاوت ممثليه؛ لأن ما يوحدهم، مثلما سبق لي الإشارة إلى ذلك، أشد قوة مما يفرقهم. وبالتأكيد، فإن ثمة العديد من السلالات تحت أرضية أو على الأقل ثلاثة أجيال تتقاطع في تلك المجموعة: ظهر الجيل الأول في بداية القرن العشرين، وظهر الجيل الثاني ما بين الحربين، والجيل الثالث، الذي هو جيلي، ظهر ما بين 1940 و1945.

تجنّبًا لتقريب معين، أودّ تعريف بعض السمات المشتركة لهذا الـ"جيل" الذي يضم ثلاثة أجيال، سواء أكان ناجما عن ظاهراتية أو يُسمى بنيوية، ما بعد بنيوية، بنيوية مضادة، فإنه يجمع بين مؤلفين يتميزون بوضع طبيعة الذات موضع تشكيك والكشف عن الخفي وراء استعمال هذا الضمير. فبدلا من التمسك بفكرة أن الذات سوف تكون حرة جذريا تارة، ومعرفة تماما، عبر بنيات اجتماعية أو لغوية تارة أخرى، فقد فضل مفكرو هذا الجيل التشكيك في مبدأ هذا التناوب. وهذا ما جعلهم، يتمسكون بانتقاد أوهام عصر التنوير والعقل، انتقادًا لاذعا أحيانا، مع إمكانية إبعاد فلسفة الخطاب الفلسفي لمساءلة هوامشها ونطاقاتها على ضوء ماركس، فرويد، نيتشه أو هيديغر، حتى ولو كان ذلك يعني إفراغ الأدب من كل محتوى رومنطيقي لتركيزه على أدبيته ذاتها أو على شروط انبثاقه. ينتمي الشعراء، الكتاب أو الفلاسفة إلى هذا الجيل ـ الذي يوسم بميسم الـ"رواية الجديدة" ـ لم يكتبوا لا روايات، ولا "روايات جديدة" ـ ما يعدّ رواية لاحقا ـ بل نصوصا أدبية تضع مفهوم العالم الروائي نفسه موضع تساؤل.

كل الأصدقاء الذين تتوجه إليهم نصوص وداع دريدا ـ خمسة عشر رجلا وامرأة ـ كانوا شهودًا أو ورثة لنكبتين أوروبيتين في القرن العشرين: المحرقة ومعسكرات الاعتقال (الغولاغ). لقد كانوا أيضا ممثلين أو شهود عيان على نهاية الإمبراطوريات الاستعمارية، انتفاضة الشباب الطلابية وانهيار الشيوعية.

فإذا كان كل واحد منهم قد واجه، في فترة ما من حياته، مسألة الإبادة الجماعية لليهود، لا لشيء سوى مساءلة ـ بصورة جذرية ـ مواقف هايديغر المتخذة في "كلمة تنصيبه رئيسًا للجامعة"14، فلا أحد، في واقع الحال، كان منخرطا في المقاومة ضد النازية ـ عسكريا أو سياسيا، وحتى الموت ـ على سبيل المثال، مارك بلوخ Marc Bloch))، روجيه كفاييس، بوريس فيلديه (Boris Vildé) جورج بوليتزر، إيفون بيكارYvonne Picard)) 15. كان البعض لا يزالون صغارًا، وكان البعض الآخر في مكان آخر.

قام رولان بارت، من 1940 إلى 1941، بتدريس الأدب في ثانويتين بارزيتين. وبعد مرور عام، أصيب بداء السلّ، فوجد نفسه مضطرا إلى الإقامة منذ سنوات خمس في مصحات مختلفة.

بعد تعاونه في كتابة نصين على الأقل يتميزان بطابع مضاد للسامية في جرائد بلجيكية، احتج بول دو مان Paul de Man)) ضد الهيمنة الألمانية على صفحات جريدة المساء ليتشغل فيما بعد في دار نشر 16. على إثر تجنيدهما في الجيش الفرنسي، قضى كل من ألتوسير وليفيناس Lévinas)) الحرب في الأسر، في حين نجد أن إدموند جابيس (Edmond Jabès) قاوم الفاشية؛ وذلك بتأسيسه في القاهرة جمعية مناهضة معاداة السامية وتكتل الصداقات الفرنسية. صغيرا لايزال من أجل التجنيد، شهد جيل دولوز اعتقال أخيه الذي سوف تتم إبادته في معسكرات أوشفيتز بسبب المقاومة، مثل والد سارة كوفمان، الذي تم ترحيله عام 1942 بوصفه يهوديا بعد أن ألقي عليه القبض من قبل بوليس نظام فيشي Vichy)).

بالنسبة إلى بلانشو Blanchot))، وبعد شبيبة في خدمة حزب اليمين الشاب، قام أثناء فترة الاحتلال، بتحرير محكيين أساسيين: طوماس الغامض وعميناداب. ويدين هذا النص الثاني بعنوانه إلى الشخصية التوراتية، لكن أيضا إلى أخ ليفيناس الأصغر، الذي اغتاله النازيون بلتوانيا، والذي كان يحمل هذا الاسم. قام بلانشو بنسج علاقات سرية مع المقاومة عاملا على حماية أشخاص غير شرعيين وأصدقاء، لاسيما أفراد عائلة ليفيناس. وفي يونيو 1944، تمكن من الفرار من كتيبة الإعدام النازية، وهو حادث، سوف يرويه خمسين سنة فيما بعد في كتاب لحظة موتي. 17

وهكذا تتوالى قصة بعضهم مع قصة البعض الآخر، قصة حياة وموت، حيث يتم نسج روابط إلى اللقاء والوداع، روابط الموت المؤلم، الموت المعيش، من الوداع الذي نخص به من يبقى على قيد الحياة، من الوداع الذي نوجهه إلى من يرحل.

لا ينتمي جاك لاكان (Jacques Lacan) إلى أولئك الذين كتب لهم دريدا نصوص وداعه في كتاب كل مرة فريدة من نوعها، نهاية العالم. أولا لأنه لم يكن أبدا صديقا له، ثانيا، لأنه لم يدع أي وريث إلى الحضور إلى المقبرة أمام قبر المعلم الذي وري جسده التراب، في عام 1981، ضمن حميمية أكثر صرامة، تبعا للصيغة المكرسة: بدون شرف، ولا زهور، ولا أقوال، ولا موكب جنازة.

ومع ذلك، فقد قام دريدا، في مناسبة أخرى، بإدراج لاكان في سجل موتاه، في سجل أولئك الذين رغب في تخليد وفاتهم: "يوجد الموت ماثلا بيننا، لقد كانت مسألة الموت، كتب في عام 1990، كنت أرغب في القول فقط عن موت الواحد منا، كما هو الحال مع أو عند كل أولئك الذين يحبون بعضهم بعضا. أو بالأحرى فقد تكلم عنه وحده؛ لأنني لم أنبس ببنت شفة عن ذلك أبدا. لقد تحدث وحده، عن موتنا، عن موتي الذي لن يتعذر عليه الحدوث. وعن الموت أو بالأحرى عن الفقيد الذي كنت أتلاعب به، تبعا له"18.

ومحبة في لاكان، فقد أخذ دريدا في حسبانه مشهدا ـ مشهدا للأب والموت، بإمكان المرء القول ـ، مشهدا رواه لي خمس سنوات فيما مضى وقمت بسرده في المجلد 2 من كتابي تاريخ التحليل النفسي بفرنسا. اتهم لاكان دريدا "لعدم اعترافه بالمأزق الذي يجربه هو ذاته على الآخر متلاعبا بالموت". مشهد شهير ومؤرشف منذ الآن. ومحبة في لاكان، من أجل وفاة لاكان، من أجل الموت الذي يتوجه به لاكان إلى متلقيه، من أجل رسالة المعاناة التي قام هذا الأخير باستعادتها، ينبش دريدا في هذا المشهد عن جانب خفي من تاريخ علاقاته بلاكان. وعد بالحياة ومقاومة حتى الموت.

إن من لا يزال على قيد الحياة يبعث بتحيته إلى ميت، حتى وإن كان ذلك الشخص هو نفسه الذي تمنى بشدة ألا يبقى على قيد الحياة قط. تجري أحداث المشهد على ضفة جنائزية، حيث سينتهي المطاف بأربع شخصيات إلى الجنوح ـ الملك، الملكة، الوزير والفارس ـ تم الإمساك بهم على الفور، مثلما هو الحال في تراجيديا شكسبير، في أربع مراحل من تاريخهم، حاول خلالها كل واحد منهم الهيمنة على الآخر بدون مشاركة.

هنا، لا تفشل العبارات، والنفس لا ينقطع. يتعلق الأمر من دون شك بخطبة تأبين، كلاسيكية، مبنية، منظمة. وفي هذا الصدد، بلا شك، هل كان ينبغي عليها أن تمثل في خطابات الوداع الموجهة إلى أصدقاء؛ لأنه في ضمن الحياة والموت هذا، الذي شكل نقطة خلاف فيما مضى بين الرجلين، لم يكن الصديق صديقا بل خصما يتوجب منذ الآن فصاعدا، تكريمه بعد الوفاة.

إن الموت الذي يتحدث عنه دريدا، وهو يهدي إلى أصدقائه عبارات وداع من يتوجب عليه أن يظل حيًّا كي يشهد بأن الصداقة التي وقعت بالفعل ليست إذن من نفس طبيعة موت منافس تم تكريمه في وقت لاحق، لكنها أيضا ليست شبيهة بالوفاة البطولية لـ"الموتى في ساحة الشرف".

علاوة على ذلك، فإن الجنود يسقطون في ساحة الوغى، المجندين أو المقاومين الذين يختارون أسلوبا في الموت؛ فهم يتخذون قرارا بالموت قائلين وداعا للعالم الذي عاشوا فيه من أجل قدوم عالم آخر. كما أنهم يهبون حياتهم دون أن يتأكدوا من أن موتهم سوف يشكل تتويجا لوجود مكتمل. يلتحق القبول بالموت بهبة الحياة؛ لأن الموت يكون مرغوبا فيه أكثر من العبودية والحرية أكثر تمنيا من الحياة. إن هؤلاء الموتى الذين اغتيلوا، عذبوا، أعدموا، قطعت أطرافهم، تحولوا إلى رماد، رُمي بهم في الخنادق، أبيدوا، اختفوا ليس لهم الحق في عبارات الوداع المتلفظ بها في لحظة موتهم. فليس لهم مدفنا عسكريا، لا يزيد عن، فضلا عن ذلك عن موتى الحل النهائي. إن موتهم جريمة ضد الموت.

لكن صياغة خطابات الوداع لهؤلاء الموتى، إلى موتى الحرية، إلى موتى بدون ضمانة ولا يقين، تأتي في غالب الأحيان بعد فوات الأوان. ولا أعرف ما هو أكثر إثارة للمشاعر في هذا المجال أكثر من جمل جان مولان (Jean Moulin) الشهيرة التي قام بإلقائها أندريه مالرو، عند أسفل مقبرة العظماء (البانثيون)، في 19 من شهر دجنبر 1964: "... اُدخل هنا، جان مولان، بمعية موكبك المرعب. بمعية أولئك الذين قضوا في السراديب دون أن يتكلموا، مثلك؛ وحتى، ما يمكن أن يكون أكثر فظاعة، بعد التحدث عن ذلك؛ بمعية كل المخدوشين وكافة الذين تم تجريدهم من كل شيء في معسكرات الاعتقال؛ بمعية آخر جسد مترنح من الطوابير المريعة للفيلم الوثائقي ليل وضباب، يسقط أخيرا تحت أخمص البندقية؛ بمعية ثمانية آلاف فرنسية لم يرجعوا من سجون الأشغال الشاقة؛ بمعية آخر امرأة قضت بمعسكر الاعتقال النازي لكونها استضافت أحد الأفراد من أفرادنا. اُدخل مع الشعب الذي ولد من الظل واختفى معه ـ إخوتنا في نظام الليل". كما إنني لم أعرف شيئا أكثر صرامة من وداع جورج كانغيلم Georges Canguilhem)) إلى صديقه روجيه كافاليس Roger Cavaillis))19. أخيرا، علاوة على ذلك، فإني لم أكن أعرف شيئا أكثر إزعاجا، بالنسبة إلى القرن العشرين، من عبارات الوداع التي جمعها كلود لنزمان Claude Lanzmann)) بالقرب من مراكز الإبادة. أقوال منتزعة، منهوبة، مقتلعة في أعماق كينونة الموت، مؤامرة العدم بهدف الولوج إلى ذاكرة الموت: "أنتم تعرفون، "الإحساس" هناك... من الصعوبة بمكان الشعور بأي شيء: تصوروا العمل ليلا ونهارا بين الأموات، الجثث أحاسيسكم تختفي، كنتم ميتين شعوريا، موت في كل شيء [...]20.

في الوقت الذي اكتشفت فيه عبارات وداع دريدا إلى أصدقائه، كنت بصدد إنهاء قراءة الثلاثية الضخمة الفرسان الثلاثة لألكسندر دوما 21. متأثرةً بالثماثلات المتواجدة في ذينك النصين، بين طريقتين في الاحتفال بالموت والقول وداعا، وبالتالي فإني كنت أتصور بالفعل أنه يرى نفسه مثل باق على قيد الحياة مع وقف التنفيذ، مثل ناج كان بدوره مهددا بالموت جراء مرض أصيب بآفته مقاوما إياه، مع علمه ألا شفاء يرجى منه 22، لقد قررت منح جاك دريدا تاريخ خمس وثلاثين سنة من صداقة الأبطال الأكثر شهرة في الأدب الفرنسي: أتوس Athos))، بورتوس Portos)) أراميس Aramis))، أرتاغنان Artagnan)).

في فرنسا ما قبل جان بابتيست كولبير Jean-Baptiste Colbert)) الذي قرر دوما Dumas)) بعثه من جديد، في تصاعد كبير للسخرية البورجوازية التي يشمئز منها، يجسد الأصدقاء الأربعة نموذجا فروسيًّا سوف لن يكف عن تدمير حياتهم. لقد اختاروا البطولة المثالية، تحد حقيقي لنظام الدولة الجديد الذي سنه ريشوليو Richelieu)) أولا، ومازاران Mazarin)) فيما بعد، وفي آخر المطاف بواسطة لويس الرابع عشر، الذي سيفرض الحكم المطلق. كل يوم يتبارزون فيه، كل يوم يقتلون بالرغم من تعرضهم لخطر القتل. ممتشقين السيف وجها لوجه، وبعيدا عن مسرح الحرب، لا يقاتلون العدو أبدا، عدوًّا حقيرًا، بغيضا، بل المنافس، المثيل، توأم الروح؛ لأنه وحده من يعرف المخاطرة بحياته من أجل متعة المجد، من أجل بهاء البهرجة، أو من أجل محبة أمير، يتم تصوره كمثال لسيادة ملكية خيالية، ذاك وحده من له الحق في الموت مطعونا: تطور مطلق لحياة بطل.

من سيكون أول الراحلين من الأصدقاء الأربعة؟ أي واحد من الأصدقاء الأربعة سيقول وداعا للآخر؟ ذلك هو السؤال الضخم الذي تطرحه هذه الرواية؛ وذلك أيضا هو التساؤل الذي ينهال منذ خمس وثلاثين سنة عل كل واحد منهم: بورتوس العملاق، الغر، الباروكي، الأكثر بسالة من الجميع؛ أتوس، النبيل السوداوي والمتزمت، مرتبطا بالمثال الفروسي لعصر آخر، أراميس، الخليع، المتموج والأنثوي، مستقبل القائد القادم لليسوعيين، متكتم ومخادع، لكنه وفيّ بين كل الأوفياء للأمير الوحيد الذي كرس نفسه معلما له فوكيه Fouquet))؛ وأخيرا، أرتغنان، النحرير، الأكثر حداثة، الأكثر تعقيدا في بحثه عن مبدأ السيادة الذي ينفلت منه باستمرار.

إن الصداقة التي توحد هؤلاء الأشخاص الأربعة، في السراء والضراء، مثنى مثنى دائما، تستثني الاختلاف الجنسي. لن تستطيع أي امرأة مشاركة حياة أحدهم من دون أن تعرض الميثاق الذي ينظم وجود الصداقة ذاته للخطر.

لهذا السبب، نجد أن الشخصيات الأنثوية التي قام دوما Dumas)) بتشخيصها شيطانية (ميلادي دو وينتر، دوقة دو شوفروز)، ملائكية (كونستانس بوناسيوه) أو مخيبة للآمال (لويز دو لفاليار، آن دو تريش). أيا كان ما يفعلنه، فإن كافة النساء اللواتي يتقاطعن مع الأصدقاء الأربعة مقدر لهن تحطيمهم؛ لأن الفرسان لا توحدهم سوى الروابط الحصرية لصداقة تحظر على كل واحد منهم أن يكون زوجا، عشيقا، أبا. وعندما يرث أتوس ابنا (براجلون)، ولد خارج الزواج مع عشيقة أراميس، فإن هذا الابن محكوم عليه بالهلاك، لن يكون له أب ولا أم، بل أربعة أباء، إلى درجة أن لا يكون له وجود إلا بعد أن يجمع ما هو جوهري لكل واحد منهم: بسالة الأول، سوداوية الثاني، أنوثة الثالث، والرغبة في المجد للرابع.

كان لابد إذن من قتلهم، وإلا فإن دوما كان قد حكم عليه بألا يكمل روايته أبدا، وأن يضيف كل سنة تتمة إلى التتمة. مرتبطا ببساطة عقله، رحل بورتوس الأول، محطما على الصخور في قلب مغارة، بعد قتال جبار ضد وحدة عسكرية من الأعداء. خفيف مثل الهواء ومفجوع بموت ابنه، كان أتوس هو الثاني الذي يختفي، محمولا بواسطة ملَك نحو الوطن السماوي للحداد اللانهائي. وأخيرا، فإن أرتاغنان، رب النار والحرب، يكون ثالث من يهلك، تخترقه قذيفة مدفعية. وعند لحظة آخر فقرة تشكل نهاية الثلاثية، تلفظ ببعض العبارات، عبارات "قبالية مثلث فيما بعد الكثير من الأشياء على الأرض وأنه لا أحد، ماعدا هذا المحتضر، لم يعد يفهم شيئا بعد: ـ أتوس، بورتوس، إلى اللقاء ـ أراميس، وداعا، وإلى الأبد!"23

انقلاب مذهل لمنطق الوداع. منذ موت داأرتغنان، ومنذ زمن مجهول ولى يجهله الأحياء، منذ زمن سحيق ما قبل موته، يقول إلى اللقاء إلى الأصدقاء الموتى ووداعا وإلى الأبد للصديق الذي لم يمت، إلى الصديق الذي أسلم الروح إلى باريها، إلى الصديق الذي قدر عليه أن يعيش دائما مع علمه أن أي صديق، لن يقول له وداعا أبدا.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ جاك دريدا، في كل مرة مميزة، نهاية العالم، تقديم باسكال آن برولت Pascale-Anne Brault)) وميشال ناعس Michel Naas))، باريس، غاليلي، 2003. ففي هذا الكتاب تم جمع عبارات وداع جاك دريدا إلى رولان بارت، بول دومان، ميشال فوكو، ماكس لورو، جان ماري بنوة Jean-Marie Benoist))، لويس ألتوسير، إدمون جابيس، جوزيف ن. ريدل Joseph N.Riddel))، ميشال سيرفيير(Michel Servière) لويس ماران Louis Marin)) سارة كوفمان، جيل دولوز، إمانويل ليفيناس، جان فرانسوا ليوتار، جيرار غرانيل Gérard Granel))، موريس بلانشو. اُنظر أيضا، بخصوص موت هانز جورج غادامير: أكباش. الحوار المقطوع بين لانهائيين، القصيدة، باريس، غاليلي، 2003

2 ـ راجع جاك دريدا وإليزابيث رودانيسكو، ماذا غدا... حوار، باريس، غاليلي / فايار، 2001

3 ـ جاك دريدا، أكباش مرجع مذكور، ص 20

4 ـ إليزابيث يونغ برويل Elisabeth Young-Bruehl))، أنا فرويد (1988)، باريس، بايو، 1991

5 ـ سيغموند فرويد ولودفيغ بنسونجر Ludwig Binwanger))، مراسلات 1908 ـ 1938، باريس، كالمان ليفي 1995

6 ـ هذا هو السبب الذي جعل جوكاستا، في مسرحية سفوكل، تقتل نفسها، قبل أن يعاقب أوديب نفسه.

7 ـ راجع ميشال فوفيل Michel Vovelle))، الموت والغرب (1938)، باريس، غاليمار، 2000

8 ـ جاك دريدا، في كل مرة مميزة...، مرجع سبق ذكره، ص 252

9 ـ جاك دريدا، في كل مرة مميزة...، مرجع سابق، ص 137

10 ـ سيمون دو بوفوار، احتفالات الوداع، باريس، غاليمار، 1981

11 ـ شارل بودلير، مارسيل بروست، فيكتور هوغو.

12 ـ هذا هو السبب في إضافة ملاحظات بيوغرافية وبيبلوغرافية جيدة إلى هذا العمل دونها كاس سغافي Kas saghafi)). إنها تسلط إنارة تاريخية على عبارات الوداع.

13 ـ جاك دريدا، في كل مرة مميزة...، مرجع سابق الذكر، ص 236

14 ـ مارتن هيديغر، تصريح ذاتي للجامعة الألمانية، تولوز، TER,1982,bilingue,traduit par Gérard Granel.

15 ـ راجع حرية العقل. وجوه المقاومة. 16، خريف 1987 La Manufacture.

16 ـ حول هذه المسألة، اُنظر جاك دريدا، تذكرات، من أجل بول دو مان، باريس، غاليلي، 1988

17 ـ موريس بلانشو، طوماس الغامض، باريس، غاليمار، 1941؛ عميناداب، باريس، غاليمار، 1942؛ لحظة موتي (1994)، باريس، غاليمار، 2002

18 ـ جاك دريدا، مقاومات التحليل النفسي، باريس، غاليلي، 1996. محاضرة "حبا في لاكان"، حيث تم اقتباس تلك السطور، وقام بإلقائها في شهر ماي 1990، أثناء ندوة "لاكان مع الفلاسفة"، قام بتنظيمها رونيه ماجور (René Major)، فليب لاكو لابارت Philippe Lacoue-Labarthe)) وباتريك غويومار (Patrick Guyomard) في إطار المدرسة الدولية للفلسفة.

19 ـ بالنسبة إلى هذا الوداع سوف تتم الإحالة على الفصل 1 من هذا المجلد الذي خصص لجورج كانغيلام.

20 ـ كلود لانزمان (Claude Lanzmann)، المحرقة، باريس، فايار، 1985

21 ـ ألكسندر دوما، الفرسان الثلاثة، بعد مرور عشرين عاما، فيكونت دو براجلون (Le Vicomte de Bragelone) (1844 ـ 1850)، باريس، لافون، مجموعة "بوكان"، في 3 مجلدات، 1991. وتتقدم المجلد الثاني مقدمة رائعة كتبها دومنيك فرنانديز (Dominique Fernandez)، "دوما الباروكي".

22 ـ جاك دريدا، تعلم العيش في آخر المطاف. حوار مع جان برنباوم Jean Birnbaum))، باريس، غاليلي، 2005. وليست مصادفة، أن عنوان هذا الكتاب، يشكل استعادة للجملة الشهيرة من كتاب أشباح ماركس التي قام دريدا من خلالها بالثناء على فلسفة التمرد. فارق جاك دريدا الحياة في 9 من شهر أكتوبر 2004 نتيجة سرطان البنكرياس.

23 ـ ألكسندر دوما، فيكونت براجلون، المجلد الثاني، مرجع سابق، ص 850

 

مصدر النص:

Elisabeth Roudinesco Philosophes dans la tourmente, fayard 2005

[1] - باحث مغربي مهتم بالترجمة والنقد الأدبي والقصة القصيرة.