حقوق الماء وعملية السقي في مغارب القرون الوسطى


فئة :  ترجمات

حقوق الماء وعملية السقي في مغارب القرون الوسطى

حقوق الماء وعملية السقي في مغارب القرون الوسطى[1]

تأليف: باتريشيا كابرا

ترجمة: جواد رضواني

إن توافر مصدر الماء يعني بقاء الأفراد والجماعات على قيد الحياة في المناطق شبه الصحراوية في شمال أفريقيا. منذ عصور ما قبل التاريخ، اعتمد إنتاج المحاصيل وتربية الماشية على الموارد المائية الضئيلة. ولقد تطلّب هذا تكنولوجيا ماء خاصّة، لكي تتمّ السيطرة على مصادر المياه وترشيد استخدامها، ونظاماً قانونياً كذلك يتمّ عبره الاتفاق على، وحماية، حقوق الماء. خلال الفترة الإسلامية، لقد تمّ التشديد على قيمة الماء، وتقسيمه من طرف الرحالة، والجغرافيين، وعلماء القانون الذين اهتموا بالعديد من النواحي التكنولوجية والقانونية. في عبارة بليغة جاءت في كتاب القرن الثاني عشر تحت عنوان (كتاب الاستبصار). أوضح المؤلّف أنك إذا سمعت الناس يتحدثون بصوت عالٍ، عليك أن تعلم أنهم يتحدثون عن الماء! في ردٍّ على الخصومات العديدة التي قامت لأجل الماء، طوّر فقهاء المالكية مجموعة من المعايير في التعامل مع مواضيع حقوق الماء. وهذه المعايير قد جمعت في كتاب القرن التاسع لصاحبه سحنون (المدونة)، و(مختصر خليل) فيما بعد، ومجموعة من الفتاوى ومصادر الفقه[2]. إنه من الواضح جداً، من خلال دراسة الفتاوى الواردة في كتاب (المعيار) للونشريسي، [3] أحد كتب الفتوى المغاربية القليلة جداً المنشورة، أن علماء القانون، خلال الفترة ما بين القرن العاشر والخامس عشر، أقاموا تناسباً بين حقوق الفرد والجماعة في محاولة لحل المنازعات. تأثرت آراؤهم بالفهم الشرعي لمن سبقهم دراية بالأوضاع البيئية.

يتبيّن من خلال الدراسات الأركيولوجية والتاريخية أن تكنولوجيا التحكّم في أنظمة الماء في بلاد المغرب (دول شمال أفريقيا) تعود إلى زمن سابق للعصر اليوناني والروماني. منذ (2000) سنة مضت، تمّ تأسيس وتنظيم أنظمة ماء في المنطقة بطريقة توفّر ما يكفي من الماء لحماية الفلاحة في المناطق القاحلة والشبه قاحلة في شمال أفريقيا. «لقد تطورت تقنيات فلاحية بورية خاصّة بالتحكم في، وحماية، جريان تيارات المياه والأمطار من خلال استعمال شرفات مائية من التربة، والمحاصيل المتدرجة، وتنظيم فيضانات عن طريق مد الجسور والسدود» في وقت مبكّر[4]. لقد أعاد أركيولوجيون، يشتغلون في المنطقة القريبة من الصحراء في ليبيا، قرب غرزة، تطور الفلاحة في المنطقة إلى التأثير القرطاجي، أو إلى عصور سابقة[5]. إن نظام تحكم في الماء في غاية الإتقان يوجد في منطقة الوادي، يتكون من الجدران والقنوات والصهاريج مشابهة لتلك التي نجدها في جنوب تونس إلى يومنا هذا، وجدت لأوّل مرّة قبل العصر الروماني[6]. في المناطق الجبلية والساحلية، جدران التوزيع وشرفات مائية وسدود استُعملت من طرف الفلاحين للتحكم في تدفّق المياه، والحفاظ على الرطوبة[7]. توضّح وثائق من العصر الروماني المتأخّر أنواع أنظمة الريّ التي تمّ اعتمادها في بعض المناطق الساحلية، حيث تأسّس نظام توزيع الماء على وحدات الليل والنهار، وأحواض القنوات والتوزيع، وبيع حقوق الماء عن طريق حيازة الملكية[8]. وبذلك، فأنظمة السقي تمّ تأسيسها قبل وصول العرب في القرن السابع الميلادي، وأنظمة توزيع الماء كانت جدّ مترسّخة.

خلال العصر الإسلامي، تمّ الحفاظ على، وتطوير، أنظمة الري هذه من خلال الاعتماد على تقنيات جديدة وقديمة. استُعملت أدوات تقنية مثل الساقية لرفع الماء[9]، عجلات الماء مثل الرحى، قناطر ماء، قنوات تحت أرضية، سواقي من أجل نقل والتحكم في مسار الماء. تطلّب هذا كله عملاً جماعياً: البناء، والصيانة، والتوزيع. تمّ توزيع الماء، في الأغلب، حسب العادة، من طرف مجموعات متخصّصة، نقابات، أو مسؤولين يتم تعيينهم من طرف السلطات المحلية. تمّ قياس نسبة الماء والمدة الزمنية المسموح بها لجريان المياه من خلال تقنيات متعددة؛ من بين تلك التقنيات نجد القادوس، وهو نظام يتم عبره تقطير الماء من خلال حاوية لحساب الوقت المسموح به للماء أن يمر. في توزر، جنوب تونس، بالنسبة إلى البكري، إن أربعة أقداس (جمع قادوس) من الماء تساوي مثقال سنة. وصف كلٌّ من البكري، في القرن الحادي عشر، والتيجاني، في القرن الخامس عشر، توزر على أن بها نظام توزيع ماء معقّد يتكون من ثلاثة أودية مقسّمة إلى ستة مجاري، وكل مجرى أساسي يقسّم إلى عدة قنوات حجرية[10]. تمّ الإتيان على ذكر هذا النظام المائي المعقّد من طرف بينيت عام (1913) في دراساته لنظام الري في تونس. لقد لاحظ أن توزر لها نظام توزيع ماء يدور كل سبعة أيام، حيث يتمّ ري بعض الحقول خلال الليل، والأخرى خلال النهار. ويصبح ذلك بمثابة مشكل عندما يحصل، مثلاً، الحق (أ) على الماء من شروق الشمس إلى غروبها، ويشتري (48) وحدة إضافة من عند الجار (ب) يوم الخميس بعد شروق الشمس. وبعدها مات وتمّ تقسيم الحقل فيما بين أخوين (حصل كلُّ واحد منهم على الثلث) وأختين (لكلّ واحدة منهن السدس) والأرملة الثمن. وقد تمّت إعادة طرح السؤال المتعلق بتوزيع الماء[11]. لقد تطلّب هذا النظام كلّاً من مالك الأرض والأمين الذي يراقب توزيع الماء، الذين هم خبراء في هذه التقنيات وأدوات القياس. فيما يخص (كتاب الاستبصار)، تبقى تقنيات الماء المعتمدة في قفصة، قرب توزر، عمل هندسي غاية في الدقة. كان بإمكان حتى عمال الحقول تحديد الوقت من النهار، كان بإمكانه الوقوف، والنظر إلى الشمس، وحساب طول ظله، فيقرّر بعدها عدد الساعات بطريقة جدّ متقنة بالدقيقة[12]. مع ذلك، قامت خصومات متعلقة بتوزيع وملكية الماء، غالباً ما كانت تؤدّي إلى خلافات وسفك للدماء.

أدى التشريع الإسلامي دوراً مهمّاً في المغارب في حلّ الخصومات، وفي تقنين ممارسات تقليدية من خلال صبّها في الإطار القانوني المالكي. توضّح مجموعة واسعة من المصادر المكوّنة من كتابات ووثائق وجود تقنيات وتوزيع الماء في مغارب القرون الوسطى، لكن القليل منها يتناول المظاهر الاجتماعية، والاقتصادية، والقانونية لتوزيع الماء. في النصوص التشريعية المالكية في شمال أفريقيا، ولاسيما في مجموعات الفتاوى والأجوبة المتعلقة بأحكام المياه، يمكن لنا العثور على وصف مطول لتقنيات الماء، وما تعلّق به من نزاعات، لكن هذه المجموعات تخلق مشاكل عديدة بوصفها مصادر. أولاً، في استثناء نادر، وبخصوص أجوبة عزوم من تونس القرن السادس عشر، تتوافر هذه المجموعة من الأرشيف على فتاوى مختصرة، تاريخها، أسماء المدعين، لكن في بعض المرات يتم حذف اسم المفتي. إن المجموعات، مثل «نوازل» البرزولي و«معيار» الونشريسي تضمّ مجموعة مختلفة من الفتاوى، البعض منها تمّ اختصارها في ثلاثة أو أربعة أسطر، وتضمّ فحسب الحكم القانوني الأهم الذي تمّ تطبيقه في تلك الحالة الخاصة[13]. وعليه، فالوضع التاريخي، والوصف المهم لأنظمة الماء، من الممكن أنها ضاعت كلها. ثانياً، لقد تمّ جمع هذه الفتاوى في كتاب النوازل، والمعيار، في مكان خاص، وتمثل كل ما عدّه المؤلف مهماً وملخصاً للمذاهب الأساسية في الفكر القانوني. إن نظام الاختيار يعني أنه ليس بالإمكان التحديد بشكل دقيق عدد الحالات المتعلقة بموضوع معيّن خلال أيّ زمن محدّد. كما أن أهمية هذه الحالات والسياق التاريخي الذي وردت فيه تبقى صعبة التحديد. ثالثاً، أغلبية مجموعات الفتاوى هذه لازالت في شكل مكتوب، مثل أعمال عزوم والبرزولي التي توجد في المكتبة الوطنية في تونس. ليست هناك دراسات مفصلة لمحتواهم، أو مصادرهم[14]. إن أحد مجموعات الفتاوى التي تمّ تحريرها ونشرها تعود إلى الفقيه المالكي أحمد الونشريسي (914هــــ/1508م)، تحت عنوان «المعيار المعرب». من خلال المشكلات المذكورة أعلاه، يمكننا فحص الحالات الواردة في المعيار، والمتعلقة بأحكام المياه، ولاسيما تلك التي تضمّ خصومات حول ماء الريّ، سوف يفسّر لنا الطريقة التي تمّ استعمالها من أجل حلّ مشاكل اقتصادية واجتماعية حقيقية.

يتكون المعيار من اثني عشر مجلّداً، بالإضافة إلى فهرس، وهو مرتّب حسب المواضيع. فيه (128) فتوى تخصّ الماء تمّ جمعها في (المعيار)، (81) حالة منها توجد في المجلد الثامن في فصلين يتعلقان بالأسئلة حول الماء. أمّا الفتاوى الــــ(47) الآخرين، فهي موزّعة في باقي المجلدات كالآتي:

المجلد (5): (10) حالات في الفصل الخاص بالعقود والبيع.

المجلد (6): (7) حالات في الفصل الخاص بالقسمة.

المجلد (7): (12) حالة في الفصل المخصص للحبوس (ملكيات الوقف).

المجلد (9): (10) حالات في الفصل المتعلق بالضرر.

المجلد (10): (6) حالات في الفصل المتعلق بالدعوى والإيمان.

هناك فتاوى أخرى قليلة منتشرة في كتاب (المعيار). أكثر من نصف تلك الفتاوى التي تتعلق بالماء تمّ إصدارها من طرف علماء قانون مغاربة في الفترة ما بين القرن الثاني عشر والخامس عشر، والباقي من الأندلس. تقدم هذه الفتاوى، بالطبع، جزءاً فحسب من الصورة العامة للمواضيع المتعلقة بحقوق الماء في المغارب، ويجب وضعها في إطار التقاليد الإسلامية القانونية العامة.

يتمّ تصنيف الماء في التشريع الإسلامي حسب المصدر، والاستعمال، والملكية[15]. من حيث المبدأ، إن الماء مباح للعموم، ولا يجب امتلاكه، كما يجب الحرص على توفيره لمن يحتاجون إليه. مع ذلك، عملياً، يخضع الماء للملكية والبيع مثل حالة الأرض، وإمكانية الامتلاك تعتمد على المصدر، والمكان، والغاية التي يخدمها، والطريقة التي تمّ الحصول عليه من خلالها. وهذا موضّح بما فيه الكفاية في مدوّنة ابن سحنون، حيث يتمّ تسجيل رأي مالك بن أنس، كما تمّت روايتها من طرف ابن القاسم، وعن طريق أقوال ابن القاسم، وفي بعض الحالات، من طرف سحنون نفسه. هذه الآراء كلّها مجموعة في المدوّنة، في الفصل المتعلق بالحريم، والشفاء، والقسم، والإجارة، والبيع. وهذا التصنيف يختلف شيئاً ما عن المعيار للونشريسي، ومختصر خليل، الذي هو مصدر مهمٌّ جداً بالنسبة إلى فقهاء التشريع المالكيين ما بعد القرن الرابع عشر. في (مختصر خليل)، تظهر كلّ الإحالات الخاصة بالفلاحة في الفصل الخاص بالقسم، البيع، والأحياء والأموات[16].

في هذه الأعمال، يتم التفريق بين ثلاثة أنواع من الماء في علاقة بالمصدر: الجاري، والمخزن، وماء الآبار. الماء الجاري، مثل الأودية، والمجاري، لم يكن مملوكاً لأحد، ويمكن استعماله دون معيقات، إذا كان كافياً لمقيمين بالقرب منه. إذا كان الماء غير كافٍ، ويتطلّب بناء سدّ، أو قناة، أو عجلة مياه، أو ساقية، أو أي بنية أخرى للتحكم فيه، فإن الماء يستعمل من طرف أولئك الذين هم مجاورون له، أو الذين ساهموا في بناء نظام الماء ذاك. هذا التقسيم للماء كان يتمّ عن طريق نظام أولوية. بالنسبة إلى (المختصر)، مقتبساً من (المدوّنة) بوصفها مصدراً، يستفيد الساكن الأول قرب الماء في الأعلى قبل أولئك الذين يسكنون في الأسفل. مع ذلك، إذا جهّز الساكن في الأسفل أرضه قبل الأعلى، كان له الحق في الاستفادة من الماء أوّلاً[17]. في حالة الماء الذي يتمّ الوصول إليه عن طريق بناية، مثل قناة، الحالة الواردة في (المعيار) تبيّن أن أولئك الذين شاركوا في بنائه لهم الحق في الاستفادة منه بناء على درجة مساهمتهم في البناء، وهذا هو الموضوع المتعلق بحقوق الماء الذي أثار العديد من النزاعات. في الحالة الثانية (الماء المخزّن)، إن الخزانات، أو الصهاريج، أو الآبار التي ساهم الناس في تشييدها، يتم استغلالها من طرف الجميع. أمّا الماء القادم من آبار خاصة، أو صهاريج، يمكن الحدّ من الانتفاع بها، أو بيعها. في المدوّنة، يُحكى أن مالكاً لم يوافق على بيع ماء المواجل، وماء المطر، خصوصاً من أجل الشرب من طرف الناس والحيوانات، لكن الماء الفائض عن الفيضانات، أو ماء السقي من الآبار، يوجد في ملكية خاصة، وماء الري من العيون والمنابع يمكن بيعه[18]، لكن على المالك أن يقدّم الماء لأيّ شخص في حاجة ماسّة إليه، ولاسيما من أجل الشرب[19]. ومالك الماء يمكن أن يكون إمّا المستأجر وإمّا مالك قطعة أرضية فيها بئر، أو صهريج. وكان استعمال الماء حسب حالة واردة في (المعيار)، في معجل كان موضع نزاع بين مكتري ومالك أرض. في هذه الحالة، سُئل المزاري، عالم القرن الثاني عشر، حول رجل يكتري منزل بمعجل فهل من حقه استعمال الماء، هو أو المالك؟ خلص المزاري إلى أن، كما هو الحال مع باقي الاستعمالات، للمكتري حقّ استعمال الماء[20]. أمّا النوع الثالث من الماء، النبع، فكان استعماله ممكناً طرف الجميع، إذا كانت كميته كافية. إذا لم تكن كافية، فإنه يقتصر استعماله على المجاورين له، أو أولئك الذي نقّبوا عنه، وجعلوه يجري. تتناول هذه النصوص تقنيات توزيع الماء كذلك. يمكن تقسيم الماء بناءً على الأدوار، الساعات، الأيام، من خلال التحكم في كميته، أو من خلال تقسيمه. يمكن لمقدار القسمة أن يختلف حسب الموسم، أو الساعة من النهار، أو نوع المحصول، أو وضعية الأرض.

هناك مبدأ قانوني متعلق بحقوق الماء، ويعدّ ذا صلة خاصة للحالات المرتبطة بالرّي: موضوع الملكية، لا يمكن امتلاك جميع منابع الماء، ولا واحد منها، ملكية خاصة؛ امتلاك الماء لا يعني امتلاك حقوق غير محدودة للاستعمال. في الشرع الإسلامي، يتعين على مالك منبع ماء اقتسامه مع أناس أو حيوانات في حاجة إليه، على الرغم من أنهم لا يستطيعون دفع المقابل. وامتلاك منبع ماء لا يعني أنه بإمكانك إلحاق ضرر بحديقة جارك من خلال فيضان، أو السماح لماء الصرف أن يصل إلى منزله. وفي الحالة التي يكون فيها الماء غير مملوك، يكون على المستفيدين مسؤولية المالك في ترشيد استعماله. مع ذلك، غالباً ما قامت مشاكل حقيقية تتعلق بكيفية وتحديد الوصول إلى، والمسؤولية عن، ومراقبة، وصيانة، أنظمة الماء. إن الفتاوى المتعلقة بهذه الأسئلة الخاصة بماء الري مهمة جدا؛ لأنها توضح كيفية تبنّي التشريع الإسلامي لأعراف محلية وكيفية تغييرها، والطريقة التي تعامل بها أفراد من المجتمع مع فكرة حقوق الملكية. إن المشاكل التي واجهت فقهاء التشريع المغاربيين في حل النزاعات كانت دائماً تتفاقم بسبب الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي للمدعين، أو خشونة الأوضاع البيئية المحلية.

ومن بين الحالات التي وردت في المعيار، خصومة مهمة حول الحق في استعمال الماء الجاري، مثل الأودية، أو المجاري، أو الينابيع؛ وعادةً يكون لأولئك الذين يجاورون الماء حق السبق إلى المنبع عن البعيدين منه. وقد طبق هذا المبدأ من طرف فقيه التشريع الفاسي المصباح (705هــــ/1305م). سئل عن عين ماء تابعة لأشخاص من منطقة معينة، الذين استعملوها لري جبالهم، وسقي حيواناتهم، لأجيال دون حقوق خاصة تابعة لأي أحد منهم، سواء جماعة أم فرادى، لكن بعض سكان هذه المنطقة كانت لديهم أراضٍ وحدائق على طول هذا المنبع، بينما آخرون لم تكن لهم أيّ أرض. أولئك الذين كانت لهم أراض مجاورة أرادوا الاستفادة من جريان المياه لريّ حدائقهم وخضرواتهم التي كانت توجد في أراضٍ قاحلة. لكن أولئك الذين لم تكن لهم حدائق أو أراضٍ أرادوا استعمال الماء الفائض، سواء لبيعه، أم لإعطائه لآخرين. هل يجب استعمال الفائض من الماء لصالح كل السكان، أو أولئك الذين لديهم ملكية مجاورة للماء فحسب؟ وإذا كان الفائض سيرجع لمن لديهم أراضٍ وحدائق على طول مجرى الماء، هل يجب قسمته بشكل متساوٍ، أو بالتناسب مع حجم أراضيهم، أو يستفيد منه الأعلى أوّلاً؟ أجاب المصباح إن أولئك الذين يملكون الأراضي والحدائق لديهم حق أكثر في الماء الزائد أكثر من أيّ شخص آخر، والأعلى أوّلاً بالنسبة إلى تقليد النبي عليه الصلاة والسلام. وأولئك الذين زرعوا أوّلاً، لديهم حقوق أسبق ممّن زرع متأخراً، لكنّهم كانوا في الأعلى (الباجي 1012-1041)[21]. في هذه الحالة، مبدأ القرب الأساسي، الذي تمّ ربطه له بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، تمّ تغييره بطريقة تضمّ حتى أولئك الذين استقروا قبل الآخرين، لكنهم كانوا ربّما بعيدين عن المصدر. مع ذلك، أولئك الذين يحرثون أراضيهم لهم الأسبقية من أولئك الذين لا يشتغلون بها، أو أولئك الذين لم تكن لهم أراضٍ فلاحية. ففي هذه الحالات يصير الاستعمال الأكفأ للأرض هو الأكثر أهمية، وفي حالات أخرى، أسبق من حقوق القرب زمنياً ومكانياً.

وكان أحد أسباب الخلاف كذلك مشكل إصلاح وصيانة أنظمة الماء. كيف يمكن اقتسام المسؤولية؟ سئل مصباح، في حالة أخرى، حول أناس كانت لهم ساقية تمرّ عبر أراضيهم، وكان من حقّ أيّ شخص على امتدادها أن يستفيد من الماء. وقد تمّ التقسيم دون أيّ سوء تفاهم يذكر فيما بينهم. مع ذلك، عندما كان يسقط المطر، ويحصل فيضان، كان يخلق خصام حول من هو المسؤول عن عدم ترك مياه الساقية تجري[22]. هل كانت مسؤولية ذلك الذي يوجد في الأعلى ولديه الحق في استعمال الماء أوّلاً، وذلك من خلال فتح الساقية على أراضيه من أجل تفادي الفيضان؟ أو كانت مسؤولية الأخير، حيث عليه ترك الساقية مفتوحة من أجل تسريب المياه إلى الخارج؟ وعليهم جميعاً تحمل المسؤولية؟ في بعض الحالات تمّت الإجابة عن هذا السؤال كما فعل الصائغ (486هــــ/1093م) في حالة قنطرة ماء سقطت، وكانت في حاجة إلى إصلاح. تم سؤاله حول ما إذا كان إصلاحها سيتم عن طريق حجم ممتلكات أولئك الذين يستفيدون منها، أو بالتناسب مع الذين يملكون المال. أجاب إنه على مالكي الأراضي أن يتحمّلوا بناءً على درجة الاستفادة منها، ويتم اقتسام الإصلاحات فيما بينهم[23].

إنَّ اقتسام الإصلاحات والصيانة بإمكانه أن يشكّل حملاً زائداً على أولئك الذين ليس بمقدورهم الأداء - مالكي قطع أرضية صغيرة. أمّا أولئك الذين لا يملكون أراضي، فعادة ما لا يؤدّون رغم أنّهم يستعملونه من أجل حرفة أو تجارة. تم التطرق لهذا النظام غير العادل من طرف العبدوسي (849هــــ/1445-6م) عندما قرر في حالة تخص قرية صغيرة كان يأتيها الماء من خلال قادوس عريض على بعد أربعة أميال من أجل الاستعمال من طرف سكان المنطقة. لقد استعملوا الماء في مساجدهم، الري، الحمامات، والمنازل. لقد كان في حاجة الى إصلاح على مستوى العديد من الأمكنة، لكن الحبوس التي كانت تنظمه لم يكن بإمكانها ذلك، ولم يكن بالإمكان الاتكال على بيت المال للقيام بذلك كذلك. وعلى هذا فقد سئل، هل يجب أن تشمل الإصلاحات سكان القرية جميعهم، في حالة ما إذا رفض الناس، هل يجب إجبارهم على ذلك؟ هل كانت مسؤولية الأغنياء، أو جميع الناس - أغنياء وفقراء؟ أجاب بأنه لا يجب إجبار أي أحد على إصلاحها بما أن أولئك الذين يرفضون يمكن أن تكون لهم دواعٍ وأسباب مشروعة، مثل كونهم لا يستعملونها بسبب حيازتهم بئراً، أو أنهم يعتمدون على الوادي، أو أي مصدر آخر. ويوكل الأمر إلى ضميرهم من أجل أخذ القرار. مع ذلك، من يساهم في الإصلاح بإمكانهم منع أحد من بين من لم يساهم من استعمال ماء القادوس حتى يحصل الجميع على حصصهم من الماء[24].

كان الذين يستعملون مصادر مياه جارية من أنواع مختلفة، وفيما يتعلق بتحديد من يتحمل مسؤولية صيانة نظام توزيع ماء معين، كان دائماً أكثر تعقيداً من مسألة الاعتماد على الضمير فحسب. في حالة تتعلق بوادي مصمودة قرب فاس، تمّ وصف أنواع كثيرة من مستعملي المياه في المنازل، حتى في التجارة، تمّ وصفهم كما يأتي: المنازل التي استعملت الماء، ماء الوادي من أجل استعمال منزلي، أولئك الذين كانت لهم آبار تجرّ الماء من الوادي، أولئك الذين كانت لهم مراحيض تصبّ في الوادي، والفلاحين والحرفيين الذين استعملوا الماء للحصول على فائدة. وقد تمّ طرح السؤال حول من كان مسؤولاً عن، أو يجب عليه المشاركة في، تنظيف القنوات، أو الوادي. يكمن المشكل في أن الماء الجاري، مثل ذلك الذي في الوادي، لا يمكن تملّكه، لم يكن أحد مسؤولاً بشكل مباشر. وإذا ما نظّف بعضهم الوادي، فإنهم كانوا، بناءً على أن عملهم المشترك، يحصلون على حقّ استعمال خاصٍّ للماء. تمّ تفادي هذا السيناريو الأخير من طرف قرار القاضي، وذلك من خلال اشتراط أن أولئك الذين كانوا يدرّون ربحاً من ماء الوادي فحسب كان عليهم أن يساعدوا في تنقية ماء الوادي[25]. في حالة أخرى، تمّ فرض ضرائب على مستعملي النظام المائي بناءً على نسبة الماء التي يستعملونها. وكان يستعمل مدوّل هذه الضريبة في صيانة قنوات الماء[26].

إن إحدى الحالات الأكثر تفصيلاً في (المعيار) تتعلق بنزاع طويل تطرّق إليه عدد من القضاة من فاس خلال القرن الثالث عشر[27]، ويتعلق باستعمال ماء الوادي من أجل الري، ويتعلق به وصف دقيق يخص الجوانب المائلة للوادي، والمجاري المؤدّية له، والجماعات التي تعتمد عليه. العديد من الأودية فيها مياه دائمة وموسمية، وبذلك فهي قد تطلّبت تحديداً مفصل لمجاري المياه من خلال قناطر حجرية، وتقنيات توزيع الماء، مثل الساقية والنورية، كما تطلبت تعامل خاص مع الفيضانات، وقوانين تتعلق بتنظيم وتصريف ماء الفيضان. في هذه الحالة، اشتكى سكان مجمع سكاني أنّ سكان تجمّع آخر قد منعوا عنهم الماء من خلال تغيير مجرى المياه دون أخذ إذن. وفي حكمه، أفاد القاضي بأنه لا يمكن تغيير مجرى أيّ مسار مائي دون إذن من المستعملين الأصليين، وبأن الماء الجاري ليس في ملكية أيّ أحد. هنا مبدآن أساسيان يبدوان واضحين: الأولية مبنية على الاستعمال الأول، والماء الجاري ليس بملكية. وفي حالات أخرى، أولئك الذين يسكنون في أعلى الوادي لهم الأسبقية، مع ذلك، عليهم ترك ما يكفي من الماء لأولئك الذين هم في الأسفل. وغالباً ما كانت وسائل تنظيم الوادي طويلة، وتتوه وسط عشرات التجمعات السكانية. وأيّ خرق لحق الآخرين بإمكانه أن يقود إلى حرب أو تخريب. كما أن هدم السقي المبني على الوادي بإمكانه أن يؤدّي إلى زوال مجتمعات بأكملها.

غالباً ما كان يتم سحب الماء على طول الوادي عبر قنوات تُسمّى سواقي في المغارب، وغالباً ما كان يتمّ استعمال وسائل رفع الماء مثل الرحى والصانية. وقد أعطت المشاركة في بناء مثل هذا النظام الحقّ في استعمال الماء للمشاركين. سمع أبو عمران القيرواني (1083) بحالة تتعلق بنزاع بين أفراد مجتمع لديه حدائق مدرجة، واحدة فوق الأخرى، كلها تسقى من الساقية نفسها. كان يتمّ ريّ كلّ حديقة على حدة وفق الدور، حتى الوصول إلى الأخيرة. فاشتكى صاحب الحديقة الأخيرة بأنه لم يحصل أبداً على ما يكفي من الماء، ويجب أن يُعطى حقّه كاملاً. صرّح أبو عمران بأنهم لو ساهموا جميعهم في بناء نظام الساقية، فإن التقسيم يجب أن يكون بناء على المشاركة؛ يحصل كلّ واحد على قسط متساوٍ مع الآخرين، ويتفقوا بينهم من يحصل على الماء أولاً. وبناءً عليه، يكون المبدأ القانوني للشريك قد تمّ تطبيقه بناءً على المشاركة في سحب الماء.

إن مشكل قياس كمية الماء المستعمل واضح بما يكفي في العديد من الحالات. وقد ظهرت إحدى المشاكل المعقدة في تازة في المغرب الأقصى (المغرب)[28]؛ في هذه المدينة كان يتم نقل ماء القناة في أربعة قواديس، وكان أحدهم مخصّصاً من أجل الصهاريج، واثنين من أجل الاستعمال العام، وآخر لملء ما يحتاجه ثلاثة بيوت من الماء. وقد تمّ توجيه طلب لأحد مالكي البيوت الثلاثة من أجل السماح باستعمال الساقية لأخذ الماء عبر قادوس لشارع آخر، فقبل الطلب. بعد عامين، اكتشف سكان الشارعين أن ذلك قد أثّر على جريان الماء، وبأنه ينقص بشكل عام خلال الصيف، فاشتكوا من ذلك، فتمّ ضمان حقّ الشارعين في استعمال الماء بموجب عقد. لكن السؤال الذي بقي هو: هل لساكن واحد الحقّ في أن يسمح لطرف ثالث بالوصول إلى الماء، وقد تمّ الإفتاء بأن له الحق. هذا غير طبيعي؛ لأن المالكين المرتبطين الثلاثة كانوا دائماً يستشارون في القضايا التي تتعلق بالماء. في تحليلي لهذا النظام، يتضح أن وحدة القياس كانت زمن الاستفادة الذي يتحدّد عبر الأذان؛ حيث يتم فتح القادوس بعده مباشرة.

إن نتيجة عدم حل نزاع حول الوصول إلى الماء بإمكانه أن يؤدي إلى سنوات من العداء والحرب بين القرى والمجتمعات. وغالباً ما كان يتمّ حسم النزاع بالقوة لفترة طويلة. مع ذلك، عندما تمّ التوصّل إلى نتيجة، وتمّ إيقاف الصراع من خلال حلٍّ، كان القاضي، أو المفتي المحلّي، غالبا ما يُسأل لكي يقدم رأيه حول الموضوع. سئل المزاري يوماً عن الناس الذين كانوا يحاربون جيرانهم، فقتل بعضاً منهم، وفي النهاية اتفق رؤساؤهم على اقتسام ماء الوادي الذي كانوا يستعملونه من أجل الري. لكن بعض الناس كانوا يحتجون على أن الأقوياء استمروا في السيطرة على الماء شيئاً فشيئاً حتى لم يعد معروفاً لمن يعود الماء. كيف يمكن إحلال العدالة؟ وقد أجاب بأنهم إن لم يكونوا يعلمون، وبأن الأقوياء كانوا يستغلون الضعفاء، فيجب أن يُعاد توزيع الماء انطلاقاً من أولئك الذين يوجدون في الأعلى، وصولاً إلى الأخير[29]. هنا، يتم تطبيق بسيط لقانون سابق مشهور، وهو بمثابة حل بسيط لمشكل جد معقد. من الواضح أن الأقوياء كانوا يسعون نحو التفاوض، وطلبوا حضور وسيط للحكم، وتنفيذ القرار نظراً لأنهم ربّما لم يكونوا لا يزالون في موقع قوّة.

يتضح من الفتاوى في كتاب الونشريسي وجود أنظمة تنمية متعددة في المغارب. أوّلاً، بينما عرف التمدّن اتساعاً خلال الفترة الإسلامية، وارتبطت المراكز الحضرية، مثل فاس والقرويين، بالتجارة والحرف، وبنسبة أقل بالفلاحة، انخفضت نسبة الخصومات حول الماء التي كان السبب وراءها الاقتصاد الفلاحي، وظهرت مشاكل ماء حضرية. وربما يعود هذا إلى اختيار واضح للمدونة الفقهية، لكن دراسة أولية للفتاوى في كتاب (النوازل) للبرزولي تشير إلى التطوّر نفسه. ثانياً، كما هو الحال بالنسبة إلى سكان تازة، تعارض فقهاء القانون إلى حالات معقدة ذات طبيعة تقنية، حيث كان يجب عليهم فهم كل من المبادئ التقنية والقانونية التي يجب أخذها في الاعتبار في أيّة حالة. ثالثاً، كان عليهم تطويع مبادئ تشريعية وضعها مالك؛ حيث لم تكن كافية لإيجاد حلٍّ مناسب. فقاموا إمّا بالبحث عن حلول أخرى قابلة للتطبيق، كقوانين الشراكة، أو كما جاء في حالة وادي مصمودة، قوانين تتعلق بالإنصاف للتقرير في توزيع الماء. خلال العملية المتواصلة لتطوير مبادئ قابلة للتطبيق، والتفكير في الأدلة التي تدعمها، أخرج القضاة والمفتون سوابق قانونية. وقد أصبحت فتواهم يُعتمد عليها كذلك من طرف الفقهاء اللاحقين، ويختارون منها ما هو مناسب. إن هذه العملية المتواصلة للتغيير والتكييف للقوانين التطبيقية الإسلامية هي ما يميّز الحالات العديدة التي تعلقت بحقوق الماء في مغارب القرون الوسطى.

[1] - الترجمة مقتطفة من كتاب: التشريع الإسلامي، الصادر عن دار مؤمنون بلاحدود.

[2] - انظر: سحنون، أحمد، المدونة الكبرى، بغداد، --. والحطاب، كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، القاهرة، 1329

[3] - الونشريسي، أحمد بن يحيى، المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء أفريقية والأندلس والمغرب، 13 مجلد، الرباط، 1981-3

[4] - انظر بحثي: Patricia K. Kapra, `Patterns of EconomicContinuity and Change in EarlyHafsid Ifriqiya (University of California, Los Angeles: 1994), 106

[5]- Owlen Brogan and D. J. Smith, Ghiza: A Libyan Settlement in the Roman Period (Tripoli, 1984), 227

[6]- انظر: G. w. w. Barker and G. D. B. Jones, The UNESCO Libyan Valleys Survey 1979-1981: Paleoeconomy and Environmental Erchaeology of the Pre-Desert,' Libyan Studies, 13, p.123

[7]- Kabra, ibid., p.123

[8] - C. Courtois et al., Tablettes Albertini: Actes Privés de l'Epoque Vandal (fin du 5eme siecle) (Paris, 1955), 223 ; P. Trousser, `Les Oasis Presahariennes dans l'Antiquite: Partage de l'Euau et Division du Temps,' Antiquité Africaine, 22 (1986), 163-93.

[9] - هناك اختلاف في معاني بعض الكلمات حسب المراجع في بلدان المغارب؛ فكلمة الساقية نجد لها تعاريف مختلفة حسب المصادر والحالات، أو الدول.

[10] - البكري، كتاب المسالك والممالك، تونس، 1992، المجلد 2، ص708-9؛ التيجاني، رحلة التيجاني، تونس، 1981، ص157

[11] - انظر: P. Penat, L'Hydraulique Agricole dans la Tunisie Meridienne (tunis, 1913), 79

[12] - كتاب الاستبصار، ص153

[13] - البرزلي، أبو القاسم، نوازل الأحكام، م.م.س في المكتبة الوطنية في تونس. وعبد الفاضل القاسم بن محمد مازوق بن عزوم، أجوبة.

[14] - من أجل فكرة موسعة عن عزوم، انظر: Jacques Berque, l'Interieur du Maghreb: XVE-XIXE Siécle (Paris, 1978), ch.3. ومن أجل فكرة عن البرزلي، انظر: محمد الهادي العمري، باب القضاء والشهادات من نوازل البرزلي، تونس، 1979

[15] - انظر موضوع قوانين الماء في: A. M. A Maktari, Water Rights and Irrigation Practices in Lahj: A study of the Application of customary and Shariah Law in South-West Arabia (Cambridge, 1971) ; وEncyclopedia of Islam articles on Maa and Biar.

[16] - تشمل أوراق البرزلي على مواضيع تتعلق بالماء، ولاسيما في المجال المتعلق بالمزارعة، والمغارسة، والاجارة، والضرر، والقسم، والوديعة، والحبوس.

[17] - خليل، المختصر، ص6، ص16-18

[18] - سحنون، المدونة، المجلد 4، ص290

[19] - المرجع نفسه، المجلد 6، ص189

[20] - الونشريسي، المعيار، المجلد 5، ص86. من أجل معلومات أكثر عن هذا الفقيه، انظر: الطاهر المعمور، فتاوى المزري، تونس، 1994

[21] - الونشريسي، المعيار، المجلد 5، ص152

[22] - المرجع نفسه، المجلد 5، ص123-4

[23] - المرجع نفسه، المجلد 5، ص350

[24] - المرجع نفسه، المجلد 7، ص11

[25] - المرجع نفسه، المجلد 8، ص20-.7

[26] - المرجع نفسه، المجلد 7، ص55

[27] - المرجع نفسه، المجلد 8، ص5-6

[28] - المرجع نفسه، المجلد 8، ص37-40

[29] - المرجع نفسه، المجلد 6، ص518