رمزيّة اللباس في التجربة الصـوفيّة


فئة :  أبحاث عامة

رمزيّة اللباس في التجربة الصـوفيّة

تمهيد:

.1 أشكاله

2.تاريخيّة ظاهرة اللباس عند الصوفية

.3 رمزيّة اللّباس عند الصّوفيّة وأبعاده

تكمن أهمية اللّباس في كونه واحدا من أبرز التعابير الثقافية أو الحضارية، فهو مقوّم من مقوّمات شخصية الفرد ورمز من رموز انتمائه وهويته الجماعية،[1] لذا تتعدد أشكاله وتتنوّع، حاملة لدلالات مختلفة قد تقترن بمهنة أو مذهب أو عقيدة أو فكرة. ويتجلّى هذا بشكل لافت للانتباه في الظاهرة الدينية، فمن يذكر البوذية مثلا، ترد إلى ذهنه مباشرة صورة زيّ معتنقيها وألوانه المخصوصة، ومن يستحضر المسيحية لا يمكن أن يغفل عن لباس الرهبان ذكورا كانوا أو إناثا، وكذلك الشأن لمن يتحدّث عن اليهوديّة، لأنّ جميع الأديان تعرّضت إلى موضوع اللباس، وتوسّعت فيه فوضعت شروطا له، وسار أصحابها على اتباع تقليد معيّن في اختيارهم لأشكال من الثياب تتناسب مع معتقداتهم وتحقق لهم التميز والتفرد. ومن ينظر في هذه الأشكال الحاصلة ويبحث في خلفياتها؛ فسوف يقف على ما في ظاهرة اللباس من مخزون ثقافي وأبعاد رمزية، لأنّ اختيارها لم يكن اعتباطيا، وإنّما كان مدروسا وهادفا، وهذا من الأسباب التي دفعتنا إلى الاهتمام بالزيّ الصوفي أو اللباس عند الصوفية عموما، خاصة أنّ المسألة لم تكن موضع اتفاق حقيقي بينهم، إنّما حملت الكثير من الاختلاف والتباين سواء في الاختيار أو التعليل، ممّا وصل إلى حدّ التضارب أحيانا، ودعا عددا منهم إلى تخصيص باب أو فصل أو حتّى كتاب في تصانيفه لمعالجة هذه الظاهرة وتوضيحها، من قبيل:" باب في ذكر آدابهم في اللباس "لأبي نصر السراج الطوسي في كتابه "اللمع"[2] وكذلك "باب في لبس البدلة من الثياب"[3] و"باب في اتّخاذ المرقعة ولبسها"[4] لأبي عبد الرحمن السلمي في كتابه " كتاب الأربعين في التصوف"، وأيضا ما أقدم عليه كلّ من أبي معمر الأصفهاني وأبي الحسن الهجويري من تأليف كتاب مفرد للموضوع سمّاه الأوّل "كتاب في إشارات المرقعة"[5] أمّا الثاني فاتخذ له عنوانا هو " أسرار الخرق والملونات".

* صابر سويسي باحث تونسي

للإطلاع على البحث كاملا المرجو ضغط هنا


[1] يقول أندري لوروا قوران (André Leroi-Gourhan):

L’appartenance au groupe est d’abord sanctionnée par le décor vestimentaire", (Leroi-Gourhan, le geste et la parole, tome II, La mémoire et les rythmes. Paris : Albin Michel, 1964, p118)

[2] الطوسي (أبو نصر السّراج)، كتاب اللّمع،حقّقه وقدّم له وخرّج أحاديثه د.عبد الحليم محمود/ طه عبد الباقي سرور. مصر: دار الكتب الحديثة / بغداد: مكتبة المثنى. 1380هـ/1960م، صص 249-248.

[3] السّلمي (أبو عبد الرحمان)،كتاب الأربعين في التّصوّف، طبعة أولى، حيدر أباد الدكن- الهند: مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانيّة، 1369هـ / 1950م، ص 8.

[4] المصدر السابق، ص .12

[5] انظر: الهجويري (أبو الحسن)، كشف المحجوب، دراسة وترجمة وتعليق الدكتورة إسعاد عبد الهادي قنديل، مراجعة الدكتور أمين عبد المجيد بدوي. بيروت: دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1980، ج 1، ص 252.