شيوعيّون في ثوب إسلامي: محطّات في الإسلام السياسي والسلفية


فئة :  قراءات في كتب

شيوعيّون في ثوب إسلامي: محطّات في الإسلام السياسي والسلفية

شيوعيّون في ثوب إسلامي:

محطّات في الإسلام السياسي والسلفية

إدريس الكنبوري، منشورات طوب بريس، الرباط، 2014م، 307 ص.


في المقدمة الاستهلالية لهذا الكتاب، نقرأ الآتي على لسان المؤلف: "لقد أصبحت المسألة الدينية تفرض نفسها علينا بإلحاح، وقد تأكّد هذا الأمر، بشكل جليّ، خلال وبعد فترة ما بات يُعرف بـ الربيع العربي... الذي جعل هذه المسألة في قلب كلّ تفكير في التغيير والإصلاح في العالم العربي. وتفرض عملية تحوّل الدين إلى "مسألة" وضعه في سياقه الاجتماعي، والسياسي، والثقافي، والتفكير فيه بوصفه حراكاً، لا بوصفه جوهراً ثابتاً. ومن هذه الزاوية لا يصبح التعاطي مع الدين باعتباره ديناً مجرداً؛ بل بوصفه تمثّلات يُعاد إنتاجها كلّ يوم في خطابات الفاعلين؛ ذلك أنّ الدين مشترك عام، بينما التمثّلات أنماط مخصوصة، تختلف وتتنوّع تبعاً لمنتجيها".

هذا الكتاب ليس بحثاً أكاديمياً متّسقَ البنية والبنيان، ولا هو من تلك الدراسات الموغلة في التجريد، أو المحيلة على التنظير؛ إنّه مجموعة أبحاث ودراسات صاغها الكاتب في فترات مختلفة (بين العامين 2011 و2013م)، لكنّها تحتكم، في معظمها، إلى خيط ناظم متمحور، في الأساس، حول تموّجات «الظاهرة الدينية»، خلال فترة ما سُمِّي إعلامياً «الربيع العربي».

ولذلك، فهي، في جزء كبير منها، مساءلة لعدد من الأطروحات والطروحات، التي لطالما أطرت النقاش، خلال هذه الفترة (ومن قبلها أيضاً)، وستبقى - لا شكّ - ناظمة للخطاب الديني في القادم من أزمان.

ويبدو لنا أنّ ثمّة ثلاث قضايا كبرى لا يمكن لعين القارئ المتفحّص أن تزيغ عنها عند تناوله هذا الكتاب، أو تصفّحه لمضامينه:

+ القضية الأولى تتمحور - في رأي الكاتب - حول أطروحة "الإسلام هو الحلّ"، التي لطالما لازمت خطاب الحركات الإسلامية في مشرق الوطن العربي كما في مغربه.

يقول المؤلف بهذا الخصوص: إنّه "مع وصول الأحزاب الدينية، في بعض البلدان العربية، إلى السلطة، نتيجة حراك الشارع، الذي أطلق عليه الربيع العربي، بات العديد من الشعارات، التي ظلّ الإسلاميون يرفعونها طيلة العقود الماضية، على محكّ التجربة والمراجعة".

ويتابع: "وليس هناك شعار استطاع تأجيج المشاعر الدينية للمواطن العربي... مثل شعار «الإسلام هو الحلّ»، الذي أُثيرت من حوله الكثير من الزوابع في فترة من الفترات، حتى أصبح عملة مسكوكة صالحة للرواج في جميع الأسواق. ومع تكراره، والإصرار عليه، ووضعه في إطار من القداسة، التي أضفاها البشر عليه، لم يعد أحدٌ يجرؤ على التشكيك فيه، وتمحيصه، من دون أن يُوضع مباشرة في الصفّ الآخر الذي تُكال له الشتائم".

لقد أُثير شعار «الإسلام هو الحل» (برأي الكاتب) في فترة زمنية خاصة في مصر، وبعض بلدان المشرق العربي، "تميزت بالمواجهة بين القطبين الرأسمالي والاشتراكي، وكان تعبيراً عن التميّز، وسط تلك التقلبات، اتّضح جيداً مع الشعار القائل لا شرقية ولا غربية، أو لنقل إنّه كان بمثابة حركة عدم انحياز فكرية وإيديولوجية انطلاقاً من الدين، أملتها العاطفة الدينية للمسلمين، أكثر ممّا فرضتها العقلانية الفكرية؛ إذ لم يواكبها اجتهاد معاصر يجدد العلاقة مع الإسلام، بعد ردح من التسلط العثماني، والتحجر الفكري، وانسداد باب الاجتهاد".

كما أنّ الذين رفعوا ذلك الشعار كانوا ممّن أعلنوا القطيعة المعرفية والمنهجية مع فكر جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ومحمد رشيد رضا، الثلاثة الذين كان من الممكن أن يشكّلوا بداية حركة تجديد واسعة في الفكر الإسلامي، الذي تحوّل إلى مجموعة من النقول، والحواشي، والاستعادة السلبية لتراث الأموات... "لقد كان ذلك الشعار مجرّد يافطة لإثبات الحضور في معمعان العراك الحضاري للمسلمين الخارجين لتوّهم من لحظة غياب تاريخي طويل".

إنّ شعار «الإسلام هو الحل»، عندما طُرِح مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لينقل لاحقاً إلى مناطق أخرى، كان "شعاراً سياسياً"، في نظر الكاتب، أرادت منه الجماعة تمييز نفسها من جهة، وتأكيد نوع من العلاقة مع زمن السلف الصالح من جهة ثانية. ولذلك لم يعكس أيّ حالة من التطوّر الفكري، والإنتاج الثقافي والسياسي، والتجديد الفقهي، تجدّد طريقة فهم الدين، وكيفية تنزيله في الأحداث، "لاسيما أنّه كان موجّهاً إلى السلطة بوجه الخصوص، وليس إلى الأمة. الغرض منه القول إنّه تمّ تجريب جميع الإيديولوجيات ولم يبقَ سوى الإسلام، الذي يتضمّن جميع الحلول لجميع الأقضية".

بيد أنّ المؤلف يزعم أنّ شعار «الإسلام هو الحل» كان بمثابة "حالة ارتداد كبرى في تاريخ الإسلام المعاصر، أكثر ممّا كان انعكاساً لحالة امتداد نحو التعاطي المتجدّد مع قضايا الأمة".

لقد كان - في رأيه - "إجابة خاطئة على أسئلة صحيحة"، طُرِحت في عصر النهضة العربية، وتمّ، بمقتضاها، اختزال جميع مشكلات الأمة في المشكلة السياسية، ثمّ في مشكلة الحكم والسلطة، حتى أصبح الإسلاميون ينظرون إلى هذه الأخيرة كأنّها مفتاح كلّ خير، ومغلاق كلّ شر.

لذلك، فقد أدّى ترويج شعار «الإسلام هو الحل»، وتكريسه في الذهنية الإسلامية، إلى مجموعة من الانزلاقات الفكرية، التي قادت، في النهاية، إلى تسييج الإسلام ديناً واسعاً وعميقاً، ومتعدّد الأبعاد، في إطار ضيّق، لا سيّما في ظل مقولة إنّ "الإسلام دين ودولة"، التي لم تكن - في رأي الكاتب - سوى تنويعٍ على الشعار الأول، كونها تتلاقي معه في العمق، وهو تأكيد مركزية الدولة في فكر الإسلاميين.

وقد حصل هذا الانزلاق الخطير في فهم الإسلام، بعد التحريف، الذي خضع له شعار «الإسلام دين ودنيا»، الذي يعبّر عن حقيقة الإسلام وشموليّته، ولكنّه لا يحدّها في الحكم، أو السلطة، وإنّما يوسّعها لتشمل سائر مناحي الحياة.

ولهذا السبب، عندما قال الإسلاميون، في بداية القرن الماضي، إنّ الإسلام مصحف وسيف، فقد كانوا، بذلك، يؤسّسون لنهج دموي دون شعور منهم؛ إذ جعلوا من الإسلام دين إرهاب وسفك دماء، ودين موت لا دين حياة. ولذلك لم يكن مستغرباً أن تأتي "طائفة من السلفيين المتطرّفين في القرن الحادي والعشرين، لتقول إنّ النبي - صلي الله عليه وسلم - كان قتالاً وذباحاً، تحريفاً للحديث النبوي، الذي له مكانه، وزمانه، ومعناه السياقي، الذي يقول فيه النبي - عليه الصلاة والسلام - لقد جئتكم بالذبح".

+ القضية الثانية تحيل على مدى تطبيق طرح «الإسلام هو الحل»، من لدن الحركات والأحزاب، التي وصلت إلى السلطة، في أعقاب أحداث "الربيع العربي"، لا سيّما في مصر، مهد الطرح إياه.

يقول الكاتب بخصوص هذه القضية: إنّ "وصول هذه الأحزاب إلى السلطة لم يحصل بسبب دهائها السياسي، أو نتيجة تخطيط سابق لها؛ بل بسبب حراك الشارع العربي، الذي مهد لها الطريق، وجعل دخولها إلى السلطة أمراً ميسوراً. وطيلة العقود الماضية، اجتهد العديد من الحركات الإسلامية في العالم العربي في وضع سيناريوهات الوصول إلى السلطة، وفي التنظير لعملية الاستيلاء عليها؛ بل إنّ بعض هذه الجماعات وضع برامج تدريب عسكري في السبعينيات والثمانينيات، من أجل تحقيق حلم الوصول إلى الحكم، وبعضها وضع استراتيجية متكاملة لاختراق المؤسسة العسكرية في بلاده"، وهكذا.

غـيـر أنّ كلّ تلك الخطط والاستراتيجيات لم تفلح - في نظر المؤلف - في تحقيق طموحات الإسلاميين، "وها هو الربيع العربي ينجح في تحقيقها من دون الحاجة إلى تلك الأدبيات الحالمة، التي ظلّت حبراً على ورق، وكان يمكن أن تبقى كذلك لو لم يأتِ هذا الربيع، فكم من سنة كان على الإسلاميين أن ينفقوها في الانتظار، لو لم يتحرّك الشارع العربي، ويهتف مطالباً بالتغيير؟".

ولذلك، فإنّ الأحزاب الإسلامية، التي وصلت إلى السلطة على أكتاف الربيع العربي، قد فوجئت بذلك، فهي لم تكن تتحسّب لهذه المرحلة، وقصارى ما كانت تفكّر فيه تجديدُ خطابها النظري، لتكون أقرب إلى الرأي العام، في ظلّ "أنظمة تجاوزت سقف قمعها للحركات الإسلامية حتى المعتدلة منها، وانتقلت إلى خلق ثقافة سياسية شبه جماعية تدين هذه الحركات، وتضعها على هامش العملية السياسية، تحت عناوين مختلفة، مثل: الماضوية، والتطرف، ومعاكسة الحداثة، وغيرها من التوصيفات، التي باتت علامة على الإقصاء السياسي أكثر منها برهاناً على صدق من يدعيها".

بيد أنّ النتيجة الطبيعية، التي حصلت لهذه الجماعات والأحزاب الإسلامية، وهي في السلطة، هي الارتباك. ولعلّ الأسباب في ذلك كثيرة، لكنّ أقواها - في نظر الكاتب - أنّ أدبيات هذه الأحزاب والجماعات كانت تكتفي بالشعارات الكبرى، "وتعتقد أنّ التفاصيل مضمّنة فيها، ولا داعي للتفكير فيها. فقد كانت المثاليات الطاغية تحجب الوقائع الصلدة المتحرّكة في الخارج، وكان يكفي التنصيص، في تلك الأدبيات، على القيم الكبرى في الإسلام، لكي يتكوّن شكل الدولة المنشودة في أذهان أتباع هذه الجماعات".

أضف إلى ذلك أنّ هذه الجماعات لم تكن تضع في حسبانها الرأي العام داخل البلد، الذي تسعى إلى حكمه. فبقدر ما كانت معارضتها موجّهة إلى الأنظمة الحاكمة، وتضع معادلة غير سليمة بين عداء هذه الأنظمة لها وبين عدائها للإسلام نفسه، "بقدر ما كانت تتناسى، أو تهمل أنّ هناك رأياً عاماً ستكون أمامه في الغد؛ لأنّ خطابها التبسيطي كان يقول: ما دام المجتمع مسلماً فسيكون بالضرورة معها؛ أي إسلامياً هو الآخر، وكان هذا التبرير... نابعاً من فهم أحادي للإسلام لدى هذه الجماعات، فهمٌ يلغي التعدّدية في النظر إلى الدين، وفي تطبيقه، وفي الاختيارات المتعدّدة للحياة به لدى المسلمين".

ثم إنّ هذه الجماعات كانت تعتقد بأنّها إذا نجحت في الوصول إلى الحكم فستحكم لوحدها، أي أنّها ليست بحاجة إلى شريك في الحكم، ليس فحسب من الأحزاب السياسية "غير الإسلامية"، التي لا ترفع شعار الدين، وإنّما، أيضاً، من الأحزاب التي تعلن انطلاقها من الأرضية نفسها التي تنطلق هي منها؛ ذلك أنّه يكفي أن تكون هذه الأحزاب ترفع شعار الإسلام هي أيضاً، حتى يكون ذلك مبرراً لإزالة أيّ اختلاف، أو خلاف معها، وكأنّ هذا وحده كافٍ لخلق الانسجام النظري والسياسي، مع أنّ الخلاف، الذي يمكن أن ينشأ عن هذا المشترك، أكثر من الخلاف الذي يمكن أن ينشأ عن المنفصل.

+ القضية الثالثة (محور دراسة "شيوعيون في ثوب إسلامي")، ويتعرّض فيها الكاتب لإشكالية الدولة الدينية، والدولة المدنية، التي لطالما شغلت، ولا تزال تشغل، الفكر والممارسة. يقول الكاتب في هذه النقطة: لقد "تجدّد السجال، بمناسبة الانتخابات المصرية، حول مفهومي الدولة الدينية، والدولة المدنية، في المواجهة الانتخابية بين مرشح الإخوان المسلمين، والمرشح المستقل أحمد شفيق، أحد رموز العهد السابق في مصر، ورأينا توزعاً في المواقف، والولاءات بين مختلف المعسكرات، على خلفية ذلك الانقسام بين المفهومين، اللذين تحوّلا إلى مفهومين ضاربين في الساحة السياسية المصرية، حتى إنّ العدوى انتقلت إلى الإخوان المسلمين في الأردن، الذين بدأوا يعلنون تبرّمهم من مفهوم الدولة الدينية، وحذا حذوهم الكثيرون في مناطق أخرى من العالم العربي. ذلك أنّ التحرّك الواسع، الذي بدأ التيار الإسلامي يسجّله في مرحلة الربيع العربي، أعاد إحياء عدد من المفاهيم السابقة التي صِيغت في فترات متباعدة، وجلّها تمّت صياغته إمّا ردّ فعل متطرّف على الأنظمة السياسية الحاكمة، وإما نتيجة لقراءات خاطئة للنصوص حول الدين إلى قوالب معدّة سلفاً، مثل البيوت الجاهزة التي يمكن نقلها إلى أيّ مكان".

الملاحظ، هنا - في رأي المؤلف - أنّه في الوقت الذي يحاول فيه الإخوان المسلمون جاهدين التخلص من مفهوم الدولة الدينية، الذي أُلصِق بهم طيلة تاريخهم الطويل، منذ نهاية عشرينيات القرن الماضي، يحاول المرشح الآخر، أحمد شفيق، استثمار هذا الصراع لصالحه عبر القول إنّه يمثّل تيار الدولة المدنية، بينما يمثّل الإخوان تيار الدولة الدينية. ومن الصعب هنا "الاقتناع بأنّ الإخوان غيّروا تفكيرهم تجاه المفهوم القديم، الذي كان يحمله رموزهم، ذلك أنّ التحوّل السياسي القصير، الذي حصل منذ إسقاط النظام في كانون الثاني/ يناير الماضي، لا يمكن أن يكون كافياً لإعادة النظر في مجمل الترسانة المفاهيمية، التي كوّنوها خلال أزيد من ثمانين عاماً".

بيد أنّه على الرغم من أنّ أنصار الدولة المدنية داخل الإخوان، ولاسيما في أوساط الجيل الجديد، قد ربحوا مساحات واسعة في الأعوام الماضية، إلا أنّ التيار الأوسع ما زال يميل إلى مفهوم الدولة الدينية، حتى من دون الإعلان عنها بشكل صريح. ذلك أنّ الأمر لا يتعلّق بمجرّد إقرار علنيّ بالمفهوم الذي يحمله هذا التيار؛ بل "بالتصوّر العام للدولة، والحكم، والسلطة؛ إذ المفهوم، في النهاية، تعبير عن هذا التصوّر. فعندما نسمع، مثلاً، دعوات إلى التطبيق الحرفي للشريعة الإسلامية، لا ينفع، بعد ذلك، أن يتمّ ترويج مفهوم الدولة المدنية؛ لأنّ الدعوة، في حدّ ذاتها، لا يمكن أن تكون ناتجة إلا عن تصوّر يرى أنّ وظيفة الدولة هي أن تقود المواطنين في الطريق التي تراها، وهذا هو جوهر الدولة الدينية".

لقد أضاع الإخوان وقتاً طويلاً في التنظير للدولة الدينية، وعندما أرادوا العودة إلى مفهوم الدولة المدنية، التي هي الأصل في الإسلام، وجدوا أنّهم ضيّعوا أزيد من سبعة عقود من الزمن كرّست لدى الناس، سلفاً، ظلالاً من الغموض حول أهداف الإسلاميين بعد الوصول إلى الحكم، ومن ثمّة أصبح الخوف أمراً مشروعاً، حتى إنّ هذا التخوّف من أجندة الإخوان في مصر لم يعد يقتصر على المعسكر، الذي كان يُسمَّى تقليدياً "العلماني"؛ بل شمل أطيافاً داخل التيار الإسلامي نفسه، سواء من المستقلين كانوا أم من أبناء الإخوان السابقين.

إنّ مفهوم الدولة الإسلامية، الذي ارتبط، في العصر الحديث، بالحركات الإسلامية الدينية، ما كان ليظهر - في نظر الكاتب - لولا انهيار الامبراطورية العثمانية، وميلاد الدولة الوطنية، التي جعلت كلّ تصحيح للوضع آنذاك مرتبطاً بضرورة بناء دولة بذلك المفهوم. لكنّ التطور الأبرز، الذي أثّر في فكر تلك الجماعات، ظهور الدولة الاشتراكية، وانتشار الأحزاب الشيوعية، ما دفع الإخوان المسلمين إلى اجتراح بنية تنظيمية حديثة جمعت، في سابقة من نوعها، بين بناء الجماعة الصوفية (الشيخ)، وبناء الحزب الشيوعي (الزعيم).

لذلك فإنّ الكثيرين لا يلتفتون إلى أنّ شعار الإخوان في مصر المتمثّل في السيف، والمصحف، وتحتهما كلمة "وأعدوا"، يُعَدُّ "استنساخاً لشعار الاشتراكية السوفييتية، ممثلاً في المطرقة والمنجل. فكلا المشروعين بُنِيَ على أساس مفهوم عقائديّ للدولة؛ أي الدولة الشمولية؛ بل إنّ البنية التنظيمية للحزب، أو الجماعة، لدى الإسلاميين، شكّلت نسخة شبه مطابقة للبنية التنظيمية للأحزاب الشيوعية، حيث يقف الزعيم الفرد على رأس المجموعة، وحيث لا يمكن الخروج عن أدبيّاتها، وحيث يكون الولاء للجماعة قبل الولاء للدولة، حتى مع افتراض وصول هذه الجماعة إلى الحكم".