صورة المرأة في التشريع: بين الأصولية والعلمانية


فئة :  مقالات

صورة المرأة في التشريع: بين الأصولية والعلمانية

 للمرأة في التشريع الإسلامي نصيب كبير، وهذا النصيب إنّما ينبني بالأساس على جملة من التصورات المشبعة بها الثقافة التي تنزّل فيها هذا الدين. وإنا إذ نودّ الحديث عن صورة المرأة في التشريع، فإننا نريد أن نتّخذ من مسألة تعدّد الزوجات نموذجا نبني عليه الرؤية التي من أجلها نكتب هذا المقال.

لسنا في حاجة إلى توضيح رأي الدين في تعدّد الزوجات، والذي يعرفه القاصي والدّاني، فمن لم يعرف الرأي المعتاد فيه، ففي محركات البحث على شبكة الإنترنت الكفاية. غير أنّ في رأي بعض الأئمة المجدّدين من أمثال: "محمد عبده"، فإن هذا القاصي والدّاني بما يعرفونه من أمر التعدد إنما هم لا يطيقون صبرا على إتمام آية التعدّد التي وردت في القرآن، فهم إن أرادوا أن يقرؤوا فهم يقرؤون قوله تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ"[1]. ثم لا يطيقون صبرا على تكملة الآية ليقرؤوا: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً". ثم إن قرأوا هذه الآية فهم لا يقرأون آية أخرى من ذات السورة: "وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ"[2].

ويذهب محمد عبده إلى أنّ القرآن الكريم وإن نصّ على التعدّد فإنّ هذا التعدّد يكون بأن يتزوج الرجل بثانية وذلك مع الحفاظ على الأولى إن رضيت، أو تسريحها إن شاءت. وهذا التعدد لا يكون بشكل فوضوي، بل لا بدّ له أن يكون محدّدا، وهذا التحديد هو أن تكون الزوج عاقرا لا تلد. أمّا أولئك الذين يحلو لهم أن يبيحوا التعدد، فإنّ هذا لا يعدو أن يكون حيلة تتوسّل بالشرع لقضاء شهوة بهيمية، وهذا النوع من العلاقات ـ كما يرى محمد عبده ـ إن دلّ فإنّما يدل على اختلال الحواسّ وفساد الأخلاق وشره في طلب اللذائذ.

وهكذا فنحن نرى الإمام محمد عبده قد عالج المسألة كمن استدار هربا من وحش استهجان المرأة، فإذا به يجد خلفه حائط النصّ الديني منيعا.

إنّنا إذ نريد علاجات جذرية لمسـألة من المسائل، فليس من بدّ من أن نرجع إلى الوراء إلى أقصى ما يتاح لنا من الرجوع؛ لنرى المسألة في سياق كلّي وفي تشابكاتها الأوسع، بحيث تظهر المسألة وكأنّها حصاة في موضعها المناسب من بلاطة كبيرة من الفسيفساء يغلب عليها التناغم والانسجام. وهذا الرجوع البعيد للوراء، إنّما هو رجوع لما وراء الشرع والقانون... والدين.

فها نحن نرى الأستاذ الإمام قد تورّط فيما تورّط فيها السابقون واللاحقون من حيث المبدأ؛ ذلك أنّه حينما رجع إلى الوراء ليرى المسألة رأيا كليا، إنما رجع قليلا ليصطدم ظهره بحائط الدين، ولم يحاول أن يخترق هذا الحائط ليرجع أكثر، فيرى الدين ذاته في إطاره الأوسع والأشمل. فلم يكن من بدّ في أن يذهب ما ذهب من الإقرار بالتعدد من حيث المبدأ مع وضع بعض القيود والشروط التي تحفّ هذا التعدد.

وإنا إذ نكلّف أنفسنا هذا الرجوع الشديد البعيد، فإننا نودّ أن نسجّل موقفا من مسألة الشرع ومسألة القانون؛ فالشرع والقانون هما صنوان، بيد أنّ الشرع _اصطلاحيا_ هو قانون منزّل من السماء، بينما القانون _اصطلاحيا_ هو تشريع يسنّه المختصّون من أهل الفكر والقانون والاجتماع والفلسفة...أي جماعة من المفكرين لمجتمع ما هم المنوط بهم سنّ القوانين. والموقف الذي نود تسجيله هنا هو أنّ الاختلاف بين الشرع والقانون، إنّما هو اختلاف في مصدر التشريع، لا في المضمون أو في آليات العمل بهذا المضمون، فالأول إلهي المصدر، والثاني بشري.

وإنّ الذي يكمن وراء الشرع ووراء القانون إنما هو جملة من التصورات عن الإنسان والعالم تسيطر على العقل الجمعي _بما يشتمل عليه من ثقافة_ لجماعة ما في زمان ما ومكان ما. وهذه التصوّرات إنما هي نتاج لجملة من الظروف والسياقات البيئية والتاريخية والسياسية والاقتصادية والحضارية والثقافية... إلخ. فلا يخرج القانون ولا يتنزّل الشرع إلاّ في إطار من هذه التصوّرات وهذه الظروف، ولا يكون قانونا نافذا ولا شرعا قابلا للتطبيق إلاّ إذا كان مناسبا لهذه التصوّرات لا يشذّ عما يحيطه من ظروف إلاّ بمقدار ما تتطلبه هذه الظروف من إصلاح وتقويم.

وهذه التصوّرات والظروف، إنّما هي تلازم جماعة من البشر في حقبة من الزمن قد تقصر أو تطول، والذي يحدّد هذا الطول أو القصر، إنّما هو مدى انفتاح هذه الجماعة على غيرها من الجماعات المباينة لها في التصورات والظروف التي تحيط بها وتسيطر على أذهانها. كما أنّ هذه الظروف وهذه التصورات تعد بصمة للزمان والمكان، فهي لا تتكرر في مكان وزمان آخر (وليس الزمان هنا بالذي تحدده الأيام والشهور والسنون، وإنما هو يتحدد بالغِيَر والأحداث والتقلبات التي تعتور الأمم والجماعات؛ فأمّة بلا حوادث وتغيرات هي أمة بلا زمن... بلا تاريخ. فإذا ما حدثت تغيرات كبرى في أمّة من الأمم انتقلت من زمن إلى آخر، ومن ثم إلى تصوّرات أخرى نتجت عن هذه التغيرات في الظروف والأحوال). ومنه، فإنّ القانون أيضا (والشرع بطبيعة الحال باعتباره صنو للقانون) ليس له من بدّ في أن يتبدّل بتبدّل هذه الظروف والتصوّرات.

فإذا ما أتينا إلى قضية المرأة، وقضية تعدد الزوجات على وجه التحديد، فإنّ هذا التشريع بالتعدد ليس بالضرورة ظالما لأهل هذا الزمان والمكان من التاريخ والعالم، وأعني زمان الرسول وموقع شبه الجزيرة العربية، بل في أغلب مناطق العالم في هذا التوقيت؛ نظرا للتشابه الكبير بين الظروف التي أفرزت هذه التصوّرات عن المرأة بين أغلب أمم الأرض.

فالمرأة منذ عصور موغلة في القدم كانت لا تقلّ مكانة عن الرجل، بل تزيد أحيانا. فقد تم تقديسها في كثير من الثقافات باعتبارها واهبة الحياة[3]. فإذا ما طُوِي سجل العصور السحيقة، دخل الإنسان في عصر التملك بعد أن كانت الحياة والممتلكات شيوعا بين البشر لتَوفُرها ولعدم بذل الإنسان جهدا فيها. فكان عصر البحث عن الغذاء واكتشاف الزراعة والتملك للأراضي والتبادل السلعي، كل ذلك ضخّم في النفس الإنسانية مشاعر التملك التي تهب شعور السيطرة وبسط السلطان، فكان أوّل نتائجه الاحتراب من أجل الملكية.

وإذا كانت أغلب النساء ما بين طمث أو حمل أو رضاعة أو ضعف عام بسبب تراكم كل ذلك عند منتصف العمر، كان البيت أولى بها من النزول إلى ساحات المعركة في الغالب لعدم استطاعتها هذا النزول والنزال. ليس ذلك فحسب، فنحن نعرف أنّ المجتمعات القديمة كان الحاكم أو الملك في الغالب محاربا أو خاض حروبا أو تنصبّ على العرش بعد موت أو مقتل ملك قبله أو بعد انتصار جيشه بقيادته على عدوّ له. ومن ثم فليس للمرأة نصيب من هذا الملك أو هذا السلطان لانتفاء أسبابه المؤدية إليه عنها، كما ليس لها نصيب من إمارة الجيوش على ما لهذا المنصب من مكانة.

فلمّا تضاءل حظ المرأة من المشاركة تضاءل بالتبعية حظها من المكانة والأهمية في التصوّر العام. أضف إلى ذلك أنها _وبالتدريج_ بدأت تنسرب من بين يديها أحقية التملك، لأنّها أوّلا لا تقاسم الرجال في غنائم الحرب التي لم تخضها معهم، ثمّ انسحب الأمر إلى أيّ نوع آخر من أنواع التملك، وبالأخصّ عندما يتعلق الأمر بالتجارة التي بها من المشقة والمخاطر ما تجانبه النساء لذات الأسباب التي سقناها منذ قليل. ونحن نعرف الآن ما للعامل الاقتصادي (الملكية) من دور بالغ الخطر في إذكاء شعور السيطرة والسلطان، هذا الشعور استأثر به الرجل من دون المرأة.

ولما انحدرت المرأة في المكانة إلى حد بعيد بفعل التراكم التاريخي من العزل والتهميش، صارت في التصور العام هي الأخرى موضوعا للملكية حتّى ولو كانت حرّة. وصارت أيضا موضوعا للمتعة واللذة، فهي قد انحصر دورها في الحياة في خدمة بيتها وخدمة فراش زوجها.

وليس من مانع إذن يمنع الرجل بما لديه من مال أن يشتري أو يتزوج وينفق على ما لذّ له من النساء، فكلٌّ بِحُرّ ماله وليس عليه من حرج. ثم جاء الإسلام في ظلّ هذه التصوّرات ولم يزد على أنّه حدّد اللامحدود، حدّده بأربع، ولم يمنع في المقابل التمتع بالجواري شراء من دون الزواج، أو زواجا يحسب عليه مما حُدد له من عدد النساء الأربع الذي أتيح له.

وثمّة موقف آخر هنا نريد أن نسجله، وهو أنّ الشرع الإسلامي في موقفه من المرأة وفي جميع مواقفه الأخرى إنّما هو شرع علماني. وهذا ما قد يُدهش البعض. فليست العلمانية كما يظنّ البسطاء هي فصل الدولة عن الدين، وإنّما هذا الفصل هو تجلّي من تجلياتها أو نتيجة مترتّبة على العلمانية، وليست العلمانية ذاتها.

فالعلمانية هي الارتباط بالعالم، الارتباط بالواقع. فإذا ما أردت أن تسنّ قانونا فعليك أن تمعن النظر في الواقع وملابساته وتشابكاته ومتغيراته لتنطلق من خلال كل هذه المتغيرات. وإذا ما أردت أن تبحث في مسألة من مسائل العلم كمسألة الحياة، فعليك أن تعود إلى هذا العالم وتبحث فيه وفي قوانينه؛ أي في مسألة الحياة_ فإنّ عليك أن تبحث في الجسم الحيواني وفي تفاعلاته البيولوجية بدلا عن أن تردّ كل أمور الحياة إلى ما وراء الطبيعة من قضايا كالروح مثلا. فليس يخفى على أحد من أنّ البشرية لو قد أسلمت نفسها إلى هذا النوع من الإجابات لما تقدّمت شبرا في علوم الحياة والطبّ، ولقبعت طويلا _وربما إلى آخر الدهر_ في تخبّط الخرافات والعلاج بالسحر والأحجبة.

فالعلمانية منهج وأسلوب في الحياة والتفكير، وليست مذهبا أو موضوعا للأيديولوجيا. هو منهج الارتباط بالعالم والواقع واللحاق به ومحاولة فهمه وتفسيره، وتعهّده بالإصلاح والتقويم إذا ما انحرف عن سداد السبيل. وفي مقابل هذه العلمانية تكون الأصولية التي بدورها ليست مذهبا أيضا أو موضوعا للأدلجة، وإنّما هي أيضا منهج وأسلوب في الحياة والتفكير. فهي تتصوّر نقطة بعينها هي البداية والأصل الذي يقاس عليه ويتفرّع عنه جميع أنواع التفكير والسلوك. وقد يكون هذا الأصل نسقا قيميا أو نصا دينيا أو لونا بعينه من ألوان التفكير... إلخ.

وإذن، فقد تكون الأصولية في أناس يريدون أن يرجعوا إلى دستور قد صيغ منذ قرن أو قرنين، بالرغم من علمانية مبادئه، إلا أنه لم يعد مناسبا لواقع قد استجد. كما أنّ العلمانية قد تكون في نصّ ترجع إليه كل التوجّهات الأصولية، وذلك لما اشتمل عليه هذا النص من مواكبة للواقع الذي نزل فيه وارتباطا به. لذلك، فنحن نرى في التشريع الإسلامي علمانية التشريعات الحديثة التي تتخذ من الارتباط بالواقع والعالم منطلقا لها.

وبناء على هذا الموقف الذي سجّلناه للتوّ، فإنّنا نرى ضرورة اتخاذ العلمانية أسلوبا ومنهجا لا في المناحي العلمية فحسب، وإنّما أيضا في المناحي القانونية والتشريعية. وعليه، فإنّه وبما أنّ صورة المرأة قد حدثت لها تغيرات جذرية على مستوى العالم أجمع (وقد أكّدت هذا التغير نساء نابغات في ميادين العلم والفكر، وليست "مدام كوري" سوى تجسيد بديع لاستئهال المرأة للمكانة التي رُدّت إليها والمكافئة لمكانة الرجل)، فإنّه وجب تأسيسا على هذه النظرة وهذه التصورات بناء نسق تشريعيّ مختلف يلائم هذا التصوّر الجديد الذي ردّ إلى المرأة المكانة التي كانت عليها في العصور السحيقة. وعليه، فإنّ إباحة التعدّد في الزوجات لم يعد له محلّ في هذا العصر الذي صاغ فيه الإنسان المواثيق والاتفاقات الدولية[4] التي تنبذ أيّ تمييز على أيّ أساس، ومنها التمييز على أساس الجنس.

ومن منظور أكثر شمولا ومن زاوية أكثر رجوعا للوراء، فإنّ الشرع هو شقّ من الدين الذي يحتوي الشريعة والعقيدة. وأزعم أنّ مكمن الأزمة التي توقع الأصوليين في حبائلها إنّما هي اعتقادهم بالقداسة المطلقة للدين ورجحان كفّة أهمية الدين على أهمية الإنسان. وإنّا إذ سجّلنا أنّ الشرع الإسلامي هو شرع علماني، فإننا نسجل أيضا أنّ الدين ذاته يفترض به أن يكون كيانا علمانيا.

ولسنا بالذي يلقي كُرة من اللهب هكذا في غير اكتراث ثم يلوي عنها غير عابئ بالذي ألقى وما يترتب عليه من تبعات، وإنّما نحن نحاول أن نتواضع على أرض المنطق الذي اختفت تحت ركامٍ كثيرٍ من الدوجما والأيديولوجيا والتعصبات والتحزّبات التي كثيرا ما تؤدّي بنا جميعا إلى مواطن الهلاك.

إنّ الله بما هو مطلق الكمال منزّه عن النقصان، فإنّه مكتفٍ بذاته وليس في حاجة إلى إثبات هذه الذات، وإلاّ لكانت في حاجة إلى شيء ما (إلى الإثبات) ومن ثمّ فهي ذات ليست كاملة، وإنما يعتريها النقصان، وفي هذا تناقض لا يريده ولا يرضاه المؤمن. ويترتّب على ذلك أنه ليس في حاجة إلى البشر، وإنما البشر هم من في حاجة إليه.

وتأسيسا على هذه الرؤية، فإن الله إذ ينزل الأديان، فإنه ينزلها من أجل التشريع لا من أجل العقيدة، فالعقيدة تكون إجابة عن سؤال: مَنْ المشرّع وما هي صفاته وذاته؟ وهذا الأساس الذي هو التشريع إنّما ينزل في قوم لم يمسسهم حظ من الحضارة يهذب نفوس ويثقف عقول نخبة منهم بحيث تستطيع هذه النخبة أن ترصد مشكلات مجتمعاتهم وتحاول فهمها والوقوف على عللها وسنّ الشرائع والمبادئ الأخلاقية التي تتيح لمجتمعاتهم حظ وافر من الارتفاع إلى مصاف الإنسانية.

فلم نعرف أنّ دينا تنزّل في بلاد اليونان حيث "صولون"، ولا في بلاد الرومان حيث "شيشرون"، ولا في الصين حيث "كونفوشيوس". وعندما تنزّل في مصر مع موسى وهارون، فإنّه تنزّل توجيها إلى الفرعون حيث لا أحد يستطيع أن يوجه إليه نقدا أو نصحا إلاّ أن يكون مدعّما من قوى أعلى من قوة الفرعون: "اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى"[5].

وكلّ ما تقدم ذكره ينتهي بنا إلى نتيجة مفادها أنّ الدين إنّما تنزل استجابة لحاجة الأرض، ومن ثم فهو أيضا مرتبط بالإنسان والعالم والواقع، وليس متعاليا على هذا الواقع في سماء المثالية.

وبعد، قد يبدو، في الظاهر، أننا غير مرتبطين بالموضوع الذي نكتب من أجله، غير أننا نعتقد أنّ الظاهرة الاجتماعية، إنّما لا يتم إحكام القياد عليها إلا إذا نظرنا لها في إطارها الأوسع بقدر ما يتاح لنا من هذه النظرة.


[1] سورة النساء، الآية 3.

[2] سورة النساء، الآية 3.

[3] نوال السعداوي، الوجه العاري للمرأة العربية، دار ومطابع المستقبل بالفجالة، الطابعة الثالثة 1994م، القاهرة، ص ص 25-26

[4] الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المواد: (1، 2، 6، 7، 15، 16، 23، 26).

[5] سورة طه، الآية 43