في نمط البناء السياسي الإسلامي وبلورة نظرية الإمام المعصوم بين السنة والشيعة


فئة :  مقالات

في نمط البناء السياسي الإسلامي وبلورة نظرية الإمام المعصوم بين السنة والشيعة

في نمط البناء السياسي الإسلامي

وبلورة نظرية الإمام المعصوم بين السنة والشيعة

الملخص

"ما سُلّ سيف في الإسلام قطّ مثلما سُلّ على الإمامة"، هكذا قال المؤرخ الإسلامي الشهير في ملله ونحله؛ فالتاريخ الإسلامي ينضح بنظريات الإمامة وصراعاتها التي أخذت الطابع الديني لنفسها، ومن ثم تحول الصراع إلى صراع ديني، وأضحت كل فرقة ترى في نفسها الحق الديني والشرعي من قبل الإله للحكم وتولّي الإمامة، وأنتج هذا الصراع أكبر تيارين في التاريخ الإسلامي وهما التيار السني والتيار الشيعي، وبلور كل منهما نمطه الديني والتعبدي تبعا لتوجهاته، وأخذ يعيب في التيار الآخر مستندا على العقل والمنطق تجاه القضايا الإيمانية للتيار الآخر دون الانتباه إلى الحاجة لمعقولية قضاياه الإيمانية المفارقة التي لا تصمد أمام النقد المنطقي.

تحاول هذه الدراسة تقديم رؤية لنظرية الإمامة عند التيارين السني والشيعي بشيء من التركيز على التيار السني كونه يتخذ على الشيعة فكرة الإمام المعصوم ذو العلم اللدني متغافلا عن بنائه لنظرية الإمامة التي لا تختلف جوهريا عن نظيرتها الشيعية كونها تفضي في نهاية الأمر إلى حاكم؛ مرشد للدار الآخرة، قائد في الدنيا والآخرة، يحكم بهدى الله وبهبة منه وما يتضمنه هذا من نمط من أنماط العلم اللدني والعصمة.

كما أنها تبرز الدور الديني في صياغة نمط الإمامة عند التيارين (السني والشيعي)، حيث أنه لم يعدو كونه أداة رابحة بالنسبة للسلطة السياسية فأنتج كلا التيارين سيلا من الأحاديث النبوية تؤيد حكم كل فئة، وتم تقنين التوريث بشكل ديني-وهو ما نهى عنه الدين في مواضع عدة- كما تمت صياغة الرغبات السياسية من خلال البنية الفقهية كي يتم استبعاد أي نوع من المعارضة، وهو ما أفضى إلى تأبيد هذه النظم ووضع غياتها ورغباتها ضمن البنية العقائدية للدين، ومن ثم تصبح نظرية سياسية تمت صياغتها من قبل عقل إلهي تتعالى على كافة النظم والنظريات السياسية الإنسانة وتتميز بالقدسية الإلهية، ويعد رفضها أو تبني أي نظرية سياسية إنسانية رفضا للقانون الإلهي وخروجا عن الدين.

مقدمة:

يدعي العقل العربي أن ثمة نظام حكم إسلامي عربي أصيل يقدمه كمقابل لمنظومة وشكل الدولة الحداثية الدخيلة (في نظره)، ولكن من خلال الاستقراء التاريخي يتضح أنه لم يكن هناك حديث عن منظومة دولية أو نظام حكم في التاريخ الإسلامي بقدر ما كان سعي لصياغة نظرية الإمام العارف والمعصوم؛ الحامل للراية الإرشادية بعد وفاة النبي ﷺ. لذا جاءت أداة الاستحقاق السياسي لإدارة شؤون الدولة – وما زالت في الذهن العربي العام - للشخص الأكثر تدينا والتزاما بالأمور الدينية، ولما كان الأمر هكذا أصبح الحاكم هو المرشد للحياة الآخرة، ووظيفته قيادة جموع المسلمين إلى الحياة الآخرة (كونها المستقر)، لذا أخذ شكل الأب (المُربي)، وبالصياغة الفقهية راع مسؤول عن الرعية، أو قائد وملهم، ودارت النظريات السياسية حول الإمام وأوصافه وأخلاقياته، ووجود متضائل إلى حد الاختفاء للمواطن، ولطبيعة العقل حينها – حيث إنه مرهون بالظروف الاجتماعية والتاريخية - لم يتطرق إلى منظومة الدولة والتفكير كونها كيانا إداريا مستقلا، كون هذا الأمر مفارقا للعقل حينها.

فصاغ التيار الشيعي بشكل واضح وصريح نظريته في الإمامة، لتكون امتدادا للوظيفة النبوية الإرشادية، لذا رأت أن الإمامة تكون لأبناء (علي) (آل بيت رسول الله ﷺ) ليحملوا من بعده الراية الإرشادية؛ وعليه يصبح الإمام معصوم وعلمه لدني من قبل الله عز وجل؛ لذا لا يوجد مجال لمناقشته أو الخروج عليه، وهذا ما يتخذه التيار السني (وهو الذي أطلق على نفسه هذا اللقب) بشكل قوي على التيار الشيعي، إلا أن التيار السني هو الآخر انتهى إلى أن الإمام معصوم أيضا، ولكن بشكل أقل وضوحا وصراحة من الشكل الشيعي، والواقع التاريخي يثبت أن العديد من النظريات الفقهية السنية كانت تصاغ تبعا لأفعال الإمام واحتياجاته. فتبعا لرؤية جورج بالانديه "أن المقدس هو أحد أبعاد الحقل السياسي؛ يمكن أن يكون الدين أداة للسلطة وضمانا لشرعيتها، وإحدى الوسائل المستعملة في أطر المنافسات السياسية."([1]) - وهي رؤية يساندها الاستقراء التاريخي - تم استغلال المقدس من قبل السلطة السياسية في كلا التيارين ساعين لبناء مشروعية دينية لافتقادهما للمشروعية الواقعية.

1- الصراع على الدين لأجل السلطة

جاء الإسلام في شبه الجزيرة العربية مكونا كياناً مختلفا برابطة كانت معروفة لدى سكان شبه الجزيرة، ولكنها لم تكن بهذه القوة التي وجدت من خلال الإسلام، وهي الرابطة الدينية؛ فالإسلام جاء مكونا ما يمكن أن نسميه شكلًا قبليًّا جديدًا لا يحمل الرابطة الدموية، بل الرابطة الدينية، فكَوَن - إن صح القول - قبيلة جديدة تقع تحت لواء هذا الدين ورايته. ومن خلال هذه الرابطة خرج النظام السياسي ونمط الدولة - الذي لم يكن معروفا في شبه الجزيرة العربية([2]) -، فتماهى النظام السياسي مع الدين، حيث صيغت السياسة بوصفها خادمة لأهداف الدين. وكان لهذا النمط من التفكير، المازج بين السياسي والديني، السيطرة في مراحل تكون الدولة الإسلامية وبعد تكونها، لذا عَرِفَت السياسة مشروعيتها من خلال الدين، ورسخ داخل الأذهان أن الدين هو الذي يخلع المشروعية على السلطة السياسية.

وريثما حدث صراع سياسي، ذهبت كل فرقة تدعي تدينها أكثر من أختها، وادعى كل من المتصارعين امتلاكه للحق وحقيقة النص. فقد كان الرهان على المشروعية الدينية، فمالكها يملك السلطة وكلّ شيء([3])، من هنا ظهر ما يمكن أن نسميه مع محمد أركون: تأميم الإسلام من قبل الدولة والسطو على مشروعيته([4])، فلم تعد السلطة السياسية تخدم الإسلام وتسعى لتحقيق غايته، بل إنها أصبحت هي الغاية التي من أجلها يؤول ويلون الدين كي تحظى بالمشروعية المنشودة. فعلى حد قول نصر حامد أبو زيد: "لم يكن الإسلام هو موضوع التأويل، بل كان الواقع الخارجي ومتطلبه الأيديولوجي هما القصد والغاية التي سقطت على الأصل فلونته"([5]) وقد خضع الإسلام لما يمكن أن نسميه عملية الأدلجة من قِبَل السلطة السياسية، كي تتمكن من حكم الشعب بمشروعية مطلقة.

من الناحية التاريخية، تعدّ أول محاولة رسمية للسطو على النص القرآني، في معركة صفين على يد "معاوية"، عملا بنصيحة عمرو بن العاص، فعندما تراجع جيش معاوية أمام جيش "علي" اقترح "عمرو بن العاص" رفع المصاحف، ليحتكموا إليها، ورفعوها على أسنة الرماح، ما أحدث شقاقا في جيش "علي" وقال حينها "القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين، لا ينطق، إنما يتكلم به الرجال"([6]) كما أشار إشارة واضحة إلى محاولتهم للسطو على النص بقوله: "بالأمس حاربناهم على تنزيله واليوم نحاربهم تأويله"، فاليوم الحرب على محاولة المراوغة وتلوين النص، كما كانت الحرب بالأمس على تنزيله ولإثبات النص([7])، بَيْدَ أن الأمر لم يكن بيد "علي"، وأجبره الانشقاق بين رجال الجيش على القبول بالاحتكام إلى المصحف.

وقد انتهي الأمر بخدعة أخرى من ابن العاص لأبي موسى الأشعري (الحكم من طرف "علي")، أفضت بالحكم إلى معاوية، ولما بُلغ "علي" بالأمر أمر بقتل كل من قال بالتحكيم ونادى به، وقال: "تركا حكم الله، وحكما بهوى أنفسهما بغير حجة ولا حق معروف، فأماتا ما أحيا القرآن، وأحييا ما أماته"([8]). ودارت صراعات عديدة بين "علي" وأعوانه، وبينه وبين معاوية، أفضت في نهاية الأمر بولاية "معاوية"، وقتل "علي" بيد أحد الخوارج.

2- العصر الأموي وصياغة صورة الحكم

كان على معاوية إرساء مشروعيته بدعائم مضمونة، وخاصة أنه كانت هناك انشقاقات عديدة ما زالت قائمة داخل الإمبراطورية الإسلامية، فعمل - كما يرى أركون - على تأميم الدين ووضعه في خدمة الدولة([9]) وتثبيت مشروعيته، وما كان من أنصار "علي"، أن يذعنوا للأمر. من هنا أصبح هناك تياران: التيار الذي تتبناه الدولة الأموية وتتحدث من خلاله، وأطلقوا على أنفسهم التيار السني، والتيار الذي يعارض السلطة القائمة، وهم من يطلق عليهم الشيعة، أو العلويين. وركن التيار السني إلى السلطة السياسية التي تتحدث من خلاله، لتوحيد صفوفه وتوسيع شعبيته. في حين عمل التيار الشيعي للبحث عن سبيل لتوحيد كلمتهم والتفاف الناس حولهم، فما كان منهم أن عملوا على تفعيل وظيفة الإرشاد النبوي – التي كانت مغلقة طوال القرن الأول الهجري - وذلك بابتكارهم مفهوم ((الإمامة الشاملة)) على يد ((محمد الباقر))* في أواخر القرن الأول، وعزز ((جعفر الصادق)) الأمر من خلال تنظيره وتنظيمه في النصف الأول من القرن الثاني؛ وأصبحت الوظيفة الإرشادية والعلم اللدني النبويين ممتدين من خلال الأئمة الذين ورثوا صلاحياته وخصائصه([10]).

بعد عملية جمع النص القرآني، لم يكن هناك مجال للاختلاف عليه أو إضافة شيء من أي سلطة، فما كان من التيارات السياسية أن اتخذت التأويل حيال النص القرآني، بيد أن النص السني كان مفتوحا حينها([11]) فـ "كانت الأفكار التي تتناول هذه المسائل (السياسية، الدنيوية)، شأنها شأن المذاهب التي تستند إليها، تقدم في شكل الحديث النبوي"([12]) فصبغ النص السني – في العديد من الأحيان - بالصبغة السياسية، وساعد هذا على تقنين ومشروعية أي محاولة لتلوين النص القرآني والسطو عليه. فكان على التيار الشيعي أن يجد وعاءً نصّيا – لم يتوفر داخل القرآن - يقدم من خلاله منصب (الإمام المعصوم) وصلاحياته التي تميل إلى النبوة واستمرار الوحي للإمام، فأنتج العديد من الأحاديث، والتأويلات والشروح والروايات، فروي أن النبي ﷺ قال: ((من الذي يبايعني على روحه وهو وصيي وولي هذا الأمر من بعدي؟)) فلم يبايعه أحد حتى مد "علي" يده يبايع النبي ﷺ، ويذكر أن النبي ﷺ قال:((من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من ولاه وعادِ من عداه)) ويذكر أن النبي ﷺ قال: ((إن الله خلقني وخلق عليا والحسن والحسين من نور واحد فعصر هذا النور فخرجت منه شيعتنا)) وغير ذلك من الأحاديث، كما أولوا آيات الله تعالى بما يوفق رؤيتهم، فأولوا قوله تعالى: (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) المائدة 15، المقصود بالنور هو محمد ﷺ والكتاب القرآن والنور يسري من محمد ﷺ إلى علي وذريته من بعده، وأوّل جعفر الصادق قوله تعالى: (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) الرعد(7)، المنذر الرسول ونحن الهداة في كل عصر منا إمام يهدي الناس إلى ما جاء به رسول الله مما جهلوه، وأول الهداة علي([13])، وغيرها من الأحاديث والتأويلات التي لا يتسع المجال لذكرها. ولم يكن الأمر مختلفا بالنسبة إلى التيار السائد الممثل للسلطة، فظهرت في فترة حكم معاوية أحاديث نبوية عديدة تؤيد فكرة الملك، وتُثَبِت قواعد حكم معاوية وبنيه "الخلافة ثلاثون عاما ثم يكون بعد ذلك الملك* .. إن أول دينكم بدأ نبوة ورحمة، ثم يكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملكا وجبرية* .. لا يزال هذا الأمر عزيزا منيعا ينصرون على من نوأهم عليه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش* .. لا يزال أمر أمتي قائما حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش*"([14]) .. وغير ذلك سلسلة طويلة من الأحاديث والمشاريع الفقهية التي عملت على إضفاء الشرعية الدينية على الأمر. ووضع الأمويون ثلاث نظريات تضفي المشروعية على سلطتهم.

أولها: أنهم وارثو الخلافة عن عثمان الذي أخذها بالشورى، وقتل ظلما وخرجت الخلافة عنهم ثم استردوها.

وثانيها: أنهم أحق بالخلافة لقرابتهم للنبي محمد ﷺ.

والثالثة: أن الله اختارهم للخلافة، وأن هذا قدر الله الذي لا فرار منه، فهم جاءوا بقضاء الله وقدره ويحكمون بأمره([15]).

وأصبح الحاكم على يد الأمويين "خليفة الله" في كل شيء، فقد كان الرهان الأخير على الصراعات والمناقشات، الربط المحكم - الذي يقدم في صورة بديهية - بين السلطة الإلهية والسلطة السياسية.([16]) فأنتجت شكلا من الحكم يمتلك الحاكم فيه ناصية الدنيا والآخرة - كما هو عند الشيعة - فيقول معاوية في خطبة الجمعة: "أيها الناس أعقلوا قولي فلن تجدوا أعلم بأمور الدنيا والآخرة مني"([17]) فكان الفكر السياسي – الذي يخرج من بنيته الفكر الديني - يتمحور حول الحاكم. وظهر الاتهام المتبادل بين السنة والشيعة بالتحريف والكفر، ويأخذ السنة على الشيعة مغالاتهم في فكرة (الإمام المعصوم) وعدم صلاحيتها دينيا، باعتبار النبي محمد ﷺ آخر الموحى إليهم، بيد أن الفكر السني على المستوي الواقعي يفتح وظيفة النبي الإرشادية – التي تحمل في جزء منها العصمة والسيادة - من خلال الفقهاء. فيقول ابن القيم عن الفقهاء: "عنوا بضبط قواعد الحلال والحرام؛ فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجاتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء."([18]) تتضح الوظيفة الإرشادية والسيادة للفقهاء والمطالبة بالطاعة التامة، ويقول ابن القيم في وضع الأمراء من الفقهاء: "فكما أن طاعة العلماء تبع لطاعة الرسول، فطاعة الأمراء تبع لطاعة العلماء، ولما كان قيام الإسلام بطائفتي العلماء والأمراء، وكان الناس كلهم لهم تبعا، كان صلاح العالم بصلاح هاتين الطائفتين، وفساده بفسادهما."([19]) يضع ابن القيم طاعة الأمراء تبعا لطاعة الفقهاء، وكما اعتدنا من التاريخ الإنساني، أن ثمة فجوة قائمة بين النظرية والتطبيق؛ فالتطبيق أفضى بأن الفقهاء أطاعوا الأمراء، وليس العكس. فتمدد الوظيفة الإرشادية في سلطة الفقهاء جعل منهم كنزا ثمينا بالنسبة إلى الأمراء، باعتبارهم يضفون على موقعهم الشرعية الإلهية المطلقة، ومن ثم حاول رجال السياسة إخضاع الفقهاء لسلطتهم، ولما كان وجودهم مرهونا برغبة الأمير ورجاله، كان خضوعهم له وتبعيتهم مفروضة لا فكاك منها. فقد أقرّ الفقهاء الحكم الأموي، وأفتوا بأن الإمامة تكون في قريش وحدها.([20])

والدين في إحدى زواياه الكبرى يمثل ديْنا للآلهة على البشر، بكونهم على ما هم عليه([21])، وعلى هذا المنوال صيغت الدولة الأموية، فالبشر الواقعون تحت رقعة الحكم الأموي مدانون للحاكم بكونهم على ما هم عليه، حتى كان الوليد بن عبد الملك بن مروان يستفسر في عجب وإنكار "أيمكن للخليفة أن يحاسب؟!"([22])، وجاء أخوه اليزيد بن عبد الملك بن مروان وأجاب عن هذا الأمر، و"أتي بأربعين شيخا فشهدوا له: ما على الخليفة من عذاب!"([23]). وقد تضمنت مسألة عدم الحساب العصمة بالضرورة، فأصبح الملك معصوما كما هو في الفكر الشيعي، وإن اختلفت بلورة الأمر وصياغته.

واستقر الأمر على أن النص أصبح أداة طيعة في يد الأمراء، واستولى عليه من قبل الفقهاء العاجزين بدورهم عن الوقوف في وجه الأمراء ولا يملكون خيارا سوى الإذعان لإرادتهم. واتخذ الإيمان مضامين سياسية، فتضمن الإيمان لدى الخوارج العمل بالشرع ونواهيه، بيد أنه لم يكن كذلك لدى التيار الرسمي (الأموي) فطرح الإيمان كمفهوم بعيد عن العمل ينحصر في الإقرار بالأنبياء والكتب والمرسلين والملائكة .. إلخ، وكان الهدف منها بقاء الخلفاء المتهمين بالظلم والفسق والفجور داخل الدائرة الإيمانية([24])؛ ومن ثم أضحت إرادة الخليفة نافذة، وطاعة الملك أو عدم طاعته تمثل شكلا من أشكال الثواب والعقاب الإلهيين، فمن يطع الإمام فهو في زمرة المؤمنين الموثوق بإيمانهم، أما من يخالف فيعد آثما مفرطا تجاه الواجب الديني.

3- العصر العباسي

اختلف منطق التشريع السياسي في العصر العباسي عنه في العصر الأموي، من زاوية الصعود إلى السلطة، حيث إن الأمويين حاولوا تشريع وتقنين الغلبة([25]) لأخذهم الخلافة بالسيف والحرب. أما العباسيون، فكان صعودهم إلى السلطة لصلة القرابة بينهم وبين النبي ﷺ، وقد بدأت دعوتهم ولاقت رواجا وشعبية لزعمهم أن الحكم لآل محمد ﷺ([26])، وكان هناك تدخلات وحروب عسكرية بطبيعة الحال، فإن أبا العباس (السفاح) في خطبته الأولى بعد البيعة أعلن أن الخلافة آلت إليهم لصلة رحمهم مع محمد ﷺ وقال: "الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه دينا ... وألزمنا كلمة التقوى، وجعلنا أحق بها وأهلها، وخصنا برحم رسول ﷺ وقرابته، ووضعنا بالإسلام وأهله الموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتابا يتلى عليهم. فقال تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، وقال: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ} ... أيها الناس بنا هدى الله الناس بعد ضلالتهم... رد الله علينا حقنا... وختم بنا كما افتتح بنا"([27])، وخطب قائما وكان بنو أمية يخطبون قعودا "فضج الناس وقالوا: أحييت السنة يا ابن عم رسول الله ﷺ"([28]). وقد كانت بداية الحكم العباسي حكمًا ثيوقراطيًا (دينيًا)، ولصلة رحمهم بالرسول ﷺ أُخذت افعالهم كسنة يجب اتباعها، لا تحتاج إلى تبرير، بل هي المبرر، كما هي عند أئمة الشيعة. على العكس من الأمويين الذين كانوا في حاجة إلى تبرير أفعالهم أحيانا، كقضية مرتكب الكبيرة وغيرها.

ولم يمنعهم هذا من تدشين العديد من الأحاديث التي تقر حكمهم، بل تصرّ على أن الحكم العباسي سيستمر إلى يوم الساعة، هذا ما أوضحه داود عم السفاح العباسي عندما قال: "لم يصعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله ﷺ إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمير المؤمنين هذا – وأشار بيده إلى السفاح - وأعلموا بأن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا، حتى نسلمه لعيسي بن مريم عليه السلام"([29])، وسيل من الأحاديث "ليكونن في ولد العباس ملوك يلون أمر أمتي، يعز الله تعالى بهم الدين* ... يا أيها الناس إنما أنا ابن العباس فأعرفوا ذلك له، صار لي والداً، وصرت له فرطا *... ألا أبشرك يا عم! إن من ذريتك الأصفياء، ومن عترتك الخلفاء ومنك المهدي في آخر الزمان، وبه ينشر الله الهدى وبه تطفى نيران الضلالة، إن الله فتح لنا هذا الأمر وبذريتك يختم* .. ستكون لولد العباس راية، مَن تبعها رشد ومن خلفها هلك، ولن تخرج من أيديهم ما أقاموا الحق* .."([30]) وغيرها من الأحاديث التي تذكر فضل بني العباس وتُثًبٍتْ أركان ودعائم حكمهم، والتي أثبت الزمان بطلانها، بزوال حكمهم في نهاية الأمر.

على الرغم من التشابه في العصور – من حيث منطق التشريع السياسي - إلا أن العصر العباسي يتمتع بأهمية فريدة، باعتباره عصر التدوين؛ فقد تم تدوين الأحاديث وتصنيف الكتب، وتم نشوء علم الحديث وتطوره كعلم يطلب لذاته في هذا العصر. وتشكل مصطلح "السنة" كمصدر مرجعي منفصل من مصادر التشريع، وتمت صياغة هذا المصطلح وتشكل المدونة التراثية في هذا العصر، ([31]) - الذي لا ينفك عن الأغراض السياسية والحاجات الاجتماعية على كل حال - بيد أن هذه المدونة (التراثية) منذ طرحها وحتى لحظتنا هذه، تطرح نفسها باعتبارها الممثل الأوحد لروح الدين وغايته، ووضعت نفسها كمعيار ديني، يمكن من خلال أتباعه، أو تركه، الحكم على مدى تدين الفرد وصدقه في عبادته، وتشكَل لدى العقل الأصولي سمات الحكم الفردوسي والمجتمع العادل، الحامل بين طياته التوازن الكافي لأيّ اجتماع، في تطبيق هذه المدونة التي اتخذت صفة الإطلاق بناء على الرغبة السياسية.

وعدت السلطة الحاكمة نفسها – كما اعتاد التاريخ الإسلامي - الممثل لأهل السنة والجماعة، وكرد فعل للتنظير الميثولوجي* الشيعي للإمامة، سعى الفقه السني لإرساء الدعائم التنظيرية للحكم – ليكون حكما ميثولوجيا مع اختلاف الصياغة - وسعت الدولة إلى بلورة الهيئات السياسية والعلوم، خاصة علم الحديث([32]). ومن ثم دخل الاستبداد السياسي مرحلة أخرى، وهي مرحلة التنظير والتأسيس الديني للاستبداد السياسي. رجال الفقه - الذين لم يتورعوا لحظة لتقنين الاستبداد الأموي – ([33]) لم يتخاذلوا لحظة أمام التنظير لنظام الحكم القائم، فطوال حقبة التدوين، ظل العمل على صياغة الأغراض السياسية من خلال مفاهيم فقهية، ويأتي في مقدمتها مفهوم "الطاعة" المالك لقاعدة تنصيصية ليست هينة، يظهر من خلالها حقيقة الصراع بين الأنظمة على السلطة، ومحاولاتها الدائمة لتشريع الخضوع من خلال النسق الديني.

من داخل المدونة الفقهية، يتماهى مفهوم الجماعة (الدولة) مع الحاكم، ومن ثم تصبح معارضة الحاكم انشقاقًا عن الجماعة، وهو الأمر الذي يوصف فقهيا بالبدعة، ومروج البدعة وجب قتله وفقا للنسق الفقهي المالكي، واعتبر أساسا تم من خلاله تقنين قتل المعتزلة والإباضية، وغيرهم([34]). ولم يقف الأمر عند هذا الحد، ولكن أصبحت طاعة الإمام ركنا من أركان الدين، بل أحد أهم عناصر العقيدة التي يسقط الإيمان بسقوطها، رغم مراعاة الفرد للأركان الأساسية للدين، فأضحى من لا يتمسك بأمين الله (المؤتمن على الرعية – الخليفة) لن يفوز بالصلوات الخمس([35]). فضلا عما تحفل به المدونة الإسلامية ككل (التراث)؛ من محاولات التنظير للحاكم، التي تكون شبه خالية من أي دور أو اعتبار للمحكوم، فهي تدور حول الحاكم وصفاته، ومهامه، التي لا توجد أي قوة ملزمة للقيام بهذه المهام سوى ضميره، ولا رقيب سوى الله والفقهاء([36])؛ الذين يتلقون رواتبهم من البلاط الملكي. وليس أدل على ذلك مما فعله أبو يوسف قاضي هارون الرشيد الملقب ب (فقيه الأرض) عندما بعث اليه يسأله في أمر جارية يشتهيها كانت لأبيه وطاف بها، فأجاب القاضي أبو يوسف "اهتك حرمة أبيك وصيره في رقبتي"([37])، ومحنة ابن حنبل الشهيرة؛ حيث فرض المأمون مقولة القرآن مخلوق كعقيدة رسمية للدولة، وحاول فرضها على موظفي الدولة، لا سيما الفقهاء، وتم استجواب ثمانية وأربعين موظفا، منهم من أعرض ومنهم من قبل، بيد أنه أجبر من عارض على التراجع عن موقفه، تراجعوا جميعا عدا أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح الجنديسابوري، وتم تعذيب ابن حنبل حتى يرجع عن موقفه، ولكنه رفض التراجع([38]). على هذا يمكننا القول إن لم تكن هناك قوة ملزمة، أو رقابية، حقيقة على الحاكم سوى ضميره، وتم تجريم الخروج عن الحاكم، واعتباره خروجا عن الجماعة، ومن ثم خروجا عن الدين، وتعامل الفقهاء، خاصة المالكية والحنابلة، مع الاختلاف في المجال السياسي حتى وإن كان بالرأي، من داخل مفهوم البدعة الفقهي([39]). والأدهى من ذلك أن هذه الأفكار والمفاهيم، طرحت باعتبارها فروضا دينية يقام على أساسها الحكم السياسي الذي يحمل في طياته ما يحتاجه المجتمع من توازن وعلاج لانشقاقاته، ومن ثم اتخذت – من قبل العقل الأصولي – كدستور ونظام إلهي، وليس كاجتهاد بشري يمكن دراسته وفحصه والوقوف على عيوبه ومميزاته، ومخالفته إذا لزم الأمر.

وعن شكل الخلافة وتوليها كان النص بسكوته عن هذا الأمر وعدم وصاية النبي ﷺ لأحد من بعده، تعني إحالة القضية برمتها لحركة التاريخ وظروف المجتمع الإنساني، بيد أن رجال السياسة كان لهم رأي آخر، فقد حاول كل طرف أن يستنطق النص بما يهوى، وفقا لما اعتدنا عليه من السياسة، والنصر في نهاية الأمر للطرف الأكثر إدراكا للواقع والقادر على الحيلولة والدهاء، فكان النصر لمعاوية، ومن موقعه بوصفه خليفة الله، جعل الخلافة بالوراثة، وهذا ما لم يأت به النص بأي وجه من الوجوه.

لذا يمكننا القول: إن صياغة الشرعية الإلهية للحاكم، وتبرير أفعاله وتقنينها كانت هي الغاية والقصد لعديد من العلماء والفقهاء في العديد من العصور، فوجودهم كان مرهونا بقيامهم بوظيفتهم، ألا وهي تثبيت أركان الحكم وتبرير أفعال الحاكم وانصياع المحكومين له. فمفهوم "العدل" في الثقافة الإسلامية أرضية يتم من خلالها الوصول لمفهوم "الطاعة"، فالعدل في الاصطلاح العربي لا يعني المساواة بين الناس والقانون؛ أي يصبح الناس جميعا سواسية أمام القانون، وإنما يعني (إنزال الناس منازلهم)؛ ومنازل الناس ثلاث (الخليفة، الخاصة، العامة) والفضيلة قيام كل منهم بوظيفته، فللخليفة الحكم، وعلى العامة الطاعة، وعلى الخاصة أن تضمن للأمير سكوت العامة وخضوعها، أي الطاعة عن طيب خاطر([40]). فالمؤسسة الفقهية منذ نشأتها، بل في مراحل إرهاصات ما قبل النشأة، تتمحور حول قضية الإمامة والرئاسة؛ من محاولات إثباتها بالنسب إلى النبي، أو إمامة الفاضل، أو الغالب، وغيرها من الأسباب، هكذا دار الحديث بين الفرق متراميا ما بين الفعل ورد الفعل. لم تسمح الصراعات السياسية إبان ما يسمى بالفتنة على حد قول عبد الجواد ياسين "بتكريس فكرة الاختلاف السلمي (التي عرفتها على نحو خاطف مرحلة الراشدين) كمسلكية سياسية واجتماعية كان يمكن ترجمتها إلى مفهوم فقهي"([41])؛ لذا ترجمت رغبات بعض الحكام في عصر التدوين إلى نصوص غير قابلة للشك ولا المساءلة، لا نملك حيالها سوى المحاكاة، والإذعان.

الخاتمة

أتفق مع عابد الجابري في أن عصر التدوين يمثل الأدوات الفكرية التي يعالج بها العقل الإسلامي المعاصر أزماته ويطرحها كحلول لكافة المشكلات([42])؛ ومن ثم لا يتغير نمط البناء والفكر السياسي. فلا زالت النظريات السياسية تتحدث عن تقوى الحاكم ومواصفاته وأخلاقياته بدلا من الحديث عن النظام السياسي وكيفية عزل السلطات والبرنامج المقترح لإدارة الدولة، بل إن العقل المعاصر يتعامل مع ما قدمه عصر التدوين كجزء من البناء العقائدي والتفريط فيه يمثل تفريطا في العقيدة. لذا لا يكمن المشكل الرئيس بالتراث أو بعصر التدوين، بل إن عصر التدوين مثل ثروة علمية ومعرفية كبرى، المشكل الرئيس يكمن في العقل الإسلامي المعاصر العاجز عن انتاج نظم معرفية وادارية تمكنه من مواجهة أزماته والتخلي عن الأدوات الفكرية القديمة غير المجدية في عصره، ويكون له الاستقلالية الكافية، ولكنه بكسل شديد يرتكن إلى منتج السابقين كمنتج أصيل دون أن ينتبه لعملية التنصل الذي يقوم بها.

لذا يعد طرح العقل الإسلامي -خاصة الإسلامي السياسي- لنظام حكم إسلامي بديلا للديمقراطية الغربية ونظريات العقد الاجتماعي غير دقيق؛ لا يحمل في طياته القدرة التي تمكنه من التفعيل، فهو أقرب إلى الشعارات الدينية والدعاوى على المنبر أكثر منه نظاما فكريا نابعا من مشكلات المجتمع، فيمثل طرحه للدولة الإسلامية سطوا على نظم الدولة الحديثة وإعطائها مسميات تحمل طابعا إسلاميا، أو يكتفي في معظم الأحيان بتكفير النظام الغربي ورفضه وطلب الشريعة بديلا له دون تحديد ما هو المقصود بالشريعة، أو تقديم بحوث اجتماعية وأطروحات فكرية تعمل على سيران ما يدعوه بالشريعة داخل المجتمع العربي/ الشرقي الإسلامي وتنفيذها ويكتفي بالبكاء على فقدانها.

[1]- بلانديه (جورج)، الأنثروبولوجيا السياسية، ترجمة علي المصري، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2007، صـ 146

[2]- راجع، لؤي صافي، الحرية والمواطنة والإسلام السياسي (التحولات السياسية الكبرى وقضايا النهوض الحضاري)، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت 2013، صـ 55، 65، 80

[3]- راجع محمد أركون، تحرير الوعي الإسلامي (نحو الخروج من السياجات الدوجمائية المغلقة) ط 1، ترجمة هشام صالح، دار الطليعة بيروت 2011، صـ 75-77

[4]- المرجع السابق، صـ 46

[5]- نصر حامد أبو زيد، نقد الخطاب الديني، ط 3، المركز الثقافي العربي، بيروت - لبنان، 2007، صـ 128

[6]- محمد بن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ج 5، ط 2، دار المعارف، القاهرة، د.ت صـ 66

[7]- راجع، نصر حامد أبو زيد، الخطاب والتأويل، صـ 174

[8]- الحسين بن على المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج 2، ط 1، مراجعة كمال حسن مرعي، المكتبة العصرية، بيروت 2005، صـ 312

[9]- راجع، محمد أركون، الهوامل والشوامل حول الإسلام المعاصر، ترجمة هشام صالح، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت 2007، صـ 107

*- أبو جعفر محمد بن على الباقر (ولد يوم 1 رجب 57 هـ في المدينة المنورة - وتوفّي فيها في 7 ذي الحجة 114 هـ) (13 مايو 677 مـ - 1 فبراير 733 مـ) الإمام الخامس عند الشيعة الإمامية (الاثني عشرية) و(الإسماعيليين).

[10]- عبد الجواد ياسين، اللاهوت (أنثربولوجيا التوحيد الكتابي)، ط 1، مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، المملكة المغربية، الرباط، 2019، صـ 394-396

[11]- عبد الجواد ياسين، تشكل المدونة الرسمية في الإسلام السني، مركز المسبار للدراسات والبحوث، الإمارات العربية المتحدة، الكتاب 137، بعنوان (الإسلام التقليدي: التشكل التاريخي والتحديات الراهنة) 3/ 7/ 2018، صـ 3

[12]- تسيهر (جولد)، دراسات إسلامية، ج 1، ترجمة شيحة عطية، مراجعة خيري قدري، مركز الحضارة العربية للإعلام والنشر والدراسات، الجيزة، 2008، صـ 114

[13]- محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي (دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية)، ط 9، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2009، صـ 319-320. راجع أيضا الشهرستاني، الملل والنحل، تحقيق عبد العزيز الوكيل، ج 1، مؤسسة الحلبي، القاهرة، 1968، 163

لم يذكر الشهرستاني الأسانيد؛ لأنها كانت حادثة تاريخية معروفة.

*- حدثنا بهز، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا سعيد بن جمهان، ح وعبد الصمد حدثني حماد، حدثني سعيد بن جمهان، عن سفينة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الخلافة ثلاثون عاما، ثم يكون بعد ذلك الملك"، نقلا عن، مسند الإمام أحمد بن حنبل (164 - 241 هـ)، تحقيق شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م، ج 36، صـ 248، رقم الحديث (21919).

*- حدثنا محمد بن يزيد بن عبد الصمد، ثنا هشام بن عمار، ثنا يحيى بن حمزة، عن أبي وهب، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول دينكم نبوة ورحمة، ثم خلافة ورحمة، ثم ملك وجبرية يستحل فيها الحر والحرير»، نقلا عن، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (ت 360هـ)، مسند الشاميين، تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة – بيروت، الطبعة: الأولى، 1405 - 1984، ج 2، صـ 293، رقم الحديث، (1369). وفي مسند البزار، حدثنا محمد بن مسكين، قال: نا يحيى بن حسان، قال: نا يحيى بن حمزة، عن أبي وهب، عن مكحول، عن أبي ثعلبة، عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول دينكم بدأ نبوة ورحمة، ثم تكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملكا وجبرية، يستحل فيها الدم»، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق بن خلاد بن عبيد الله العتكي المعروف بالبزار (ت 292 هـ)، مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار، تحقيق، محفوظ الرحمن زين الله (جـ 1 - 9)، عادل بن سعد (جـ 10 - 17)، صبري عبد الخالق الشافعي (جـ 18(، مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، الطبعة: الأولى، (بدأت 1988 م، وانتهت 2009 م)، ج 4، صـ 108، رقم الحديث (1282).

*- حدثنا عبد الله، حدثنا محمد بن أبي بكر بن على المقدمي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا ابن عون (1)، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال هذا الأمر عزيزا منيعا، ينصرون على من ناوأهم عليه إلى اثني عشر خليفة "، ثم قال كلمة أصمنيها الناس، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: "كلهم من قريش"، نقلا عن، الإمام أحمد بن حنبل (164 - 241 هـ)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م، ج 34، صـ 471، رقم الحديث (20926).

*- حدثنا علي بن عيسى، أنبأ أحمد بن نجدة القرشي، ثنا سعيد بن منصور، ثنا يونس بن أبي يعفور، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: كنت مع عمي عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «لا يزال أمر أمتي صالحا حتى يمضي اثنا عشر خليفة» ثم قال كلمة وخفض بها صوته فقلت لعمي وكان أمامي ما قال يا عم؟ قال: قال يا بني: «كلهم من قريش»، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، 1411 - 1990، ج 3، صـ 716، رقم الحديث (6589).

[14]- جلال الدين السيوطي، تاريخ الخلفاء، دار ابن حزم، بيروت، 2003، صـ 13.

قال عبد الله بن أحمد: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا أبو عون، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة عن النبي ﷺ.

[15]- راجع، إمام عبد الفتاح إمام، الطاغية (دراسة في فلسفة الحكم لصور من الاستبداد السياسي)، نيو بوك للنشر والتوزيع، القاهرة، 2017، صـ 274-276

[16]- محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، ط 2، ترجمة هشام صالح، المركز الثقافي العربي، مركز الإنماء القومي، بيروت، 1996، صـ 168.

[17]- أبو الفداء الحافظ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، مكتبة المعارف، بيروت، 1992، صـ 134.

[18]- ابن القيم الجوزي، إعلام الموقعين عن رب العالمين، ج 2، ط!، دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، 1423 هـ - 2002 م، صـ 14.

[19]- المصدر السابق، صـ 16

[20]- راجع، حسين عطوان، الفقهاء والخلافة في العصر الأموي، ط 1، دار الجيل، بيروت، 1991، صـ 12. راجع أيضا، محمد أركون، الهوامل والشوامل حول الإسلام المعاصر، ترجمة هشام صالح، دار الطليعة، بيروت، 2010، صـ 168.

[21]- راجع، على حرب، في أصل العنف والدولة، ط 1، دار مدارك للنشر، القاهرة، 2013، صـ 174

[22]- جلال الدين السيوطي، تاريخ الخلفاء، ط 2، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إدارة الشئون الإسلامية، قطر، 2013، صـ 367

[23]- المصدر السابق، صـ 399

[24]- راجع، محمد عابد الجابري، العقل السياسي العربي، صـ ص 314-315

[25]- راجع، عبد الجواد ياسين، السلطة في الإسلام، ج 2، صـ 151-154

[26]- راجع، محمد سهيل طقوش، تاريخ الدولة العباسية، صـ ص 19-20

[27]- ابن كثير، البداية والنهاية، ج 10، صـ 40-42

[28]- المسعودي، مروج الذهب، ج 3، صـ 210

[29]- ابن كثير، البداية والنهاية، ج 10، صـ 42

*- قط في الأفراد، عن جابر. أخرجه الدارقطني في "الأفراد" (ج 2 رقم 28 - منسوختي): حدثنا أبو القاسم نصر بن محمد بن عبد العزيز بن شيرزاذ الباقرحي: حدثنا علي بن أحمد بن إبراهيم السواق: حدثنا عمر بن راشد الجاري: حدثنا عبد الله بن محمد بن صالح مولى التوأمة، عن أبي، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله مرفوعا. وحكمه موضوع، راجع، أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (ت ١٤٢٠هـ)، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، ج 9، دار المعارف، الرياض - الممكلة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، ١٤١٢ هـ/ ١٩٩٢ م، صـ 386.

* - رواه ابن قاع، عن حنظلة الكاتب، نقلا عن، جلال الدين السيوطي (٨٤٩ - ٩١١ هـ)، جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير»، المحقق: مختار إبراهيم الهائج - عبد الحميد محمد ندا - حسن عيسى عبد الظاهر، الأزهر الشريف، القاهرة - جمهورية مصر العربية، الطبعة: الثانية، ١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م، صـ 429. والحديث في كنز العمال كتاب (الفضائل) باب: العباس - رضي الله عنه - ج ١١ ص ٧٠٣ رقم ٣٣٤١٨ بلفظ: "يا أيها الناس! إنما أنا ابن العباس فاعرفوا ذلك له، صار لى والدا وصرت له فرطا" وعزاه إلى ابن قانع عن حنظلة الكاتب. وأخرجه ابن قانع (١/ ٢٠٢) .صـ 140 - كتاب جامع الأحاديث - ياء النداء مع الهمزة.

* - أخرجه الرافعي، عن ابن عباس، نقلا عن، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت ٩١١ هـ) جامع الأحاديث (ويشتمل على جمع الجوامع للسيوطى والجامع الأزهر وكنوز الحقائق للمناوى، والفتح الكبير للنبهانى)، ج 5، ضبط نصوصه وخرج أحاديثه: فريق من الباحثين بإشراف د على جمعة (مفتي الديار المصرية (طبع على نفقة: د حسن عباس زكى، صـ 408. وأورد في "فيض القدير" ٦/ ٢٧٨ وعزاه للرافعي. راجع، محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفاريني الحنبلي (١١١٤ - ١١٨٨ هـ)، البحور الزاخرة في علوم الآخرة، ج 2، المحقق: عبد العزيز أحمد بن محمد بن حمود المشيقح، دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، ١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م، صـ 525.

*- عن سهل بن تمام، عن الحارث بن شبل، حدثتنا أم النعمان عن عائشة. نقلا عن، أحمد بن علي بن محمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ)، الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس المسمى «زهر الفردوس»، ج 4، اعتنى به وقام بتنسيقه: الدكتور أبو بكر أحمد جالو، الناشر: جمعية دار البر، دبي - الإمارات العربية المتحدة، الطبعة: الأولى، ١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م، صـ 742. وورد الحديث في مجمع الزوائد كتاب (الفتن) ج ٧ صـ ٣٠٧ عن عبد الله بن عمرو، قال الهيثمى: رواه الطبرانى وفيه (محمد بن سليمان الحضرمى)، وفي كتاب جامع الأحاديث للسيوطي، ج 13، صـ 267.

[30]- علاء الدين بن علي المتقي بن جاسم الدين الندي البرهان فوري المتوفي سنة 975 هـ، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، ج 11، ط 5، ضبطه، الشيخ بكري حياني، صححه الشيخ صفوة السقا، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1985، صـ 701-704.

[31]- راجع، عبد الجواد ياسين، السلطة في الإسلام، ج 1، صـ 277-278.

* - حاولت الإمامية تثبيت نظريتها في الحكم من خلال تأويل النص القرآني، وتدشين الأحاديث، كقول المفيد في الآية؛ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، إنها نزلت في الإمام علي، وتأويل جعفر الصادق قوله تعالي (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) الرعد (7)، المنذر الرسول ونحن الهداة في كل عصر منا إمام يهدي الناس إلى ما جاء به رسول الله مما جهلوه، وأول الهداة علي. انظر أيضا صـ 25، 41، 42 من الدراسة.

[32]- راجع، عبد الجواد ياسين، السلطة في الإسلام، ج 1، صـ 288-289

[33]- راجع، عبد الجواد ياسين، السلطة في الإسلام، ج 2، صـ 165

[34]- راجع، عبد الجواد ياسين، الدين والتدين (التشريع والنص والاجتماع)، ط 1، التنوير للطباعة والنشر، بيروت، 2012، صـ 190.

[35]- راجع، تسيهر (جولد)، دراسات إسلامية، ج 1، صـ 75

[36]- راجع، محمد عابد الجابري، قضايا في الفكر المعاصر، ط 5، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1997، صـ 75

[37]- راجع، إمام عبد الفتاح أمام، الطاغية، صـ 303- 304

[38]- محمد أركون، تحرير الوعي الإسلامي (نحو الخروج من السياجات الدوجمائية المغلقة)، ترجمة هشام صالح، دار الطليعة بيروت 2011، صـ 80. راجع أيضا، ابن كثير، البداية والنهاية، صـ 272-275

[39]- راجع، عبد الجواد ياسين، السلطة في الإسلام، ج 2، صـ 171

[40]- راجع، محمد عابد الجابري، قضايا في الفكر المعاصر، صـ 75-76.

[41]- عبد الجواد ياسين، السلطة في الإسلام، ج 2، صـ 169

[42]- راجع، محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، ط 6، مركز دراسات الوحدة العربي، بيروت، 1994، صـ 62