محنة الفحولة في المجتمعات العربية المعاصرة


فئة :  قراءات في كتب

محنة الفحولة في المجتمعات العربية المعاصرة

 محنة الفحولة في المجتمعات العربية المعاصرة*


الكتاب: الرجولة المتخيلة: الهوية الذكرية والثقافية في الشرق الأوسط

المؤلف: مي غصوب وإيما سنكلير

الناشر: بيروت دار الساقي 2002

مازال الخطاب النسوي العربي عاجزا عن تخطي ذلك المأزق الإيديولوجي المتمثل في تبنيه مقولات أرساها التوظيف السياسي الغربي لمسألة المرأة في المجتمعات العربية[1]، فهو خطاب موصوم بالعمالة أو الخيانة أو الانبتات أو الاستهلاك الفكري وخاصة بشروعه في الانفتاح على المقاربات النسوية الغربية منذ الستينات من القرن الفارط وتفاعله مع الدراسات الجندرية الأمريكية. وقد بات هذا التفاعل مصدر قلق لدعاة الخصوصية الثقافية ورعاة الهوية العربية الإسلامية باعتبار ما أحدثه من اتساع في مدارات الخطاب النسوي العربي، ولعل أهم ملمح لهذا الاتساع هو اتجاه الخطاب نحو دراسة المكونات النفسية والاجتماعية للهوية الذكرية وطبيعة الأدوار النوعية المنمطة لموقعه الاجتماعي[2]. وقد منح هذا الاتجاه نفسا جديدا للنسوية العربية شهدنا أثره في دراسات وقراءات جمعتها مي غصوب وإيما سنكلير ويب Emma Sinclair Webb تحت عنوان "الرجولة المتخيلة الهوية الذكرية والثقافية في الشرق الأوسط" وتم نشرها سنة 2002[3]. وقد أدرجها الأستاذ العادل خضر ضمن الدراسات المتعلقة بالرجل: Men’s studies المعنية بـ "كيفيات تشييد الذكورة والفحولة"[4]. وفي تمهيدها للكتاب تبرر غصوب اختيارها لهذا المبحث برغبتها في اقتفاء أثر خلخلة الحركة النسوية البالغة نصف قرن للتركيبة الاجتماعية في المجتمعات الشرقية لا سيما ما تعلق بصرح الذكورة أو الرجولية يحدوها في ذلك تساؤل طرحته الباحثة التركية دنيس كانديوتي Deniz Candiyoti: "إلى أي حد كان الخطاب الذي يعلن أنه موضوع لإصلاح المرأة [..] هو أيضا لإعادة صوغ الجندر عبر تأسيس موديلات جديدة للذكرية والنسائية بهدف تحسين تماسك العائلة النواة؟"[5] ولعل شرعية هذا السؤال مستمدة من خلفيته الفكرية الشرقية أولا واكتسابه حصانة مستمدّة من مفهوم الأسرة ثانيا، وهو ما يخفف وطأة اتهامات العمالة للغرب والتآمر الفكري ضد الهوية العربية الإسلامية التي طالما لاحقت كل مهتم بمسألة الجندر في المجتمعات العربية. ثم إن اعتماد الكاتبتين على مقالات تتنوع مشاربها ومقارباتها ويهيمن فيها قلم الرجل (عشرة مقالات من جملة أربع عشرة مقالا) يبدو مظلة فكرية منيعة تتقي بها الكاتبتان ما يمكن أن يترتب عن تقديم مشهد محنة الفحل. وبين احتضار الفحولة والرجولة المتخيلة يتخذ الرجل كذات عارفة موقعا جديدا في عملية إنتاج المعرفة فموضوع المعرفة في هذه الحالة يقتضي الجهر بالهوية الجندرية التي تسعى الذات العارفة عادة إلى التظاهر بالتجرد منها، ولا نبالغ إن اعتبرنا هذا الموضع الجديد للذات الذكورية في مسار إنتاج المعرفة من الشروخ العميقة في صرح الابستيمولوجيا التقليدية[6]، إذ نزلت الذات العارفة من عليائها وقد تبنت رؤية جوانية إضافة إلى أنها تخلت عن المصلحة الذكورية وقد انكبّت على فضحها باعتبارها الأساس الاجتماعي المتحكم في البنى الثقافية.

وبذلك تفتح هذه الدراسات المجال أمام تفكيك الخلفيات الدافعة نحو إنتاج المعرفة المجوهرة للذكورة وهو ما أكدت سنكلير على أهميته في تحديد توجهات الخطاب النسوي: "ينبغي ألا ينظر إلى التركيز على الذكورية بوصفه ابتعادا عن المشاريع النسوية بل باعتباره مسعى مكملا بل مسعى يرتبط بها ارتباطا عضويا"[7]، فالذكورة المطروحة في جملة المقاربات تخلت عن هالة القداسة وهي تستعرض مراحل تبلورها وتجربة عبورها للبنى الاجتماعية والثقافية والسياسية التي تؤسسها فإذا هي مقلوب صورة الأنوثة المنبوذة. وترتسم ملامح هذه الصورة في القسم الأول من الكتاب عبر إبراز أهم المؤسسات والممارسات الاجتماعيةالتي ساهمت في صنع الرجال، بينما جمع القسم الثاني مقالات تعكس التمثلات الثقافية للذكورة داخل "السرود والصور والأيقونات"، وشمل القسم الأخير ثلاثة نصوص تعكس شهادات دقيقة عن علاقة الذكر ببعض محددات جندره كالشنب والخصي.

1ـ الختان والتجنيد: شحذ أم شطب للذكورة؟

ركز القسم الأول على استراتيجيتين أساسيتين من استراتيجيات التجنيس:

  • طقس الختان: وهو طقس مروري لدى المسلمين واليهود[8] يحفظ عملية الفصل بين الجنسين، وهو يجعل من المختون ممتحنا مشحونا رهبة ومدفوعا للتظاهر بالشجاعة ومعتدا بنفسه إذ هو مركز الطقوس الاحتفالية وقَلقا من فقدان هذه "الامتيازات الباهظة التي تقترن بكونه ذكرا"[9]. لكن هذا الطقس يمنح جسد الذكر رمزية قدسية في اليهودية فهو طقس قرباني يرقى بالذكر عن الجسد الأنثوي الموبوء بالنجاسة، إذ يذكر عبد الوهاب بوحديبة: "إن الختان اليهودي عهد مع الرب بمعنى أنه طقس وتضحية يراد بهما رفع درجة الوعي بين المجموعة وفي الجماعة"[10]. أما في الإسلام فلا يعدو الدلالة السوسيولوجية والوظيفة الجنسانية فهو تحقيق للانتماء إلى جماعة وهو أيضا شحذ وشحن للذكر بحيوية جنسية تؤهله للزواج، وكأن الأستاذ بوحديبة يسعى إلى شطب صفة المقدس الثقافي عن هذه الممارسة التي تنمّط الذوات الذكورية وتنحت علاقة جديدة بالعضو الذكري فيغدو البؤرة التي منها تتحدد ملامح الهوية الجنسية وعلاقة الذات بالآخر لا سيما المغاير. وفي روايته "مدن تأكل العشب" رصد عبده الخال أهمية هذا الطقس في نفخ الذكورة لدى الطفل ورفع منسوب الحب الجنسي في علاقته بالأنثى الأقرب إليه أي الأم، فقد اقترنت لحظة استعداد الراوي لتوديع أمه قاصدا مكّة بذكريات الختان فكلاهما ابتعاد عن المرأة الأم وكلاهما مشبع بأويقات حميمية ولهفة عاطفية تذكي إحساسه بذكورته: "خطفتني لحضنها وبكت.. كنت أحس بها ترتجف وتلتهمني بقبل محمومة [..] اختن يا ختان واقطع من شغافي لأمي .. وجدت أم تحضنني وتشهق بصوت مكتوم تغالبه بحة أحرقها نشيجها [..] تحضنني وتمسد على شعري.."[11]

من الواضح إذن خطورة استراتيجية الختان في المجتمعات الشرقية خاصة بتأليفها بين الرمزيتين الدينية والجنسية مما يبوئها مرتبة الخطاب المحظور ويجعل محاولات تفكيكها عصفا حقيقيا بالمركزية اللاهوتية القضيبية التي ترتهن إليها كل بنى المنظومة الاجتماعية[12]. وقد كشف يورامبيلو هذه الثنائية من خلال مقاربة انتروبولوجية لطقوس الختان لدى أرثوذوكس اليهود باعتبارها مرحلة ضرورية لتلقي تعاليم التوراة الأشبه بتلقين الأسرار في بعض المجتمعات البدائية. غير أن الإجحاف في الالتزام بمراسم هذا الطقس يفضي إلى درجة قصوى من الذكورة ويحدّها داخل دائرة أقلية من المجتمع اليهودي (الحريديم يمثلون 10 بالمائة من سكان إسرائيل)[13] فإذا هم ذكور من نوع خاص أو هم ذكور أكثر ذكورة: وإذا هو شرخ جديد في مجتمع الذكور رغم أنه يهدف إلى إعداد "صبي كامل النمو مجهز بعلامات الهوية اليهودية الذكورية إلى نسخة مصغرة بلا ذقن من أبيه"[14].

وما يستوقفنا في هذا السياق هو هذه الوظيفة المزدوجة التي يلعبها الختان في بعض المجتمعات الإسلامية، فبقدر ما كان نفخا في ذكورة الذكر كان استيلابا لأنوثة الأنثى أو إعداما للحسّ الجنسي لديها. ولئن كان النقد المسلط على ختان الذكور محفوفا بعوائق فقهية قوية الأثر في الخطاب المحافظ فإن ما تعلق بختان الإناث صار من القضايا النسوية الأساسية نظرا إلى نسبية الدعامة الفقهية التي يقوم عليها.

  • واجب التجنيد: إذا كان طقس الختان محل اختلاف بين الأديان من حيث مراسمه ورمزيته فقد مثّلت الخدمة العسكرية استراتيجية تتقاطع عندها سياسات المجتمعات الذكورية، ولذلك كانت مدار بحث أغلب مقالات الكتاب باعتبار دور المؤسسة العسكرية في إنتاج رجال مميزين عن غيرهم ممن لم يخضع إلى الخدمة العسكرية. غير أن الإعداد العسكري لنموذج الرجل الوطني الشجاع والقوي يصطدم بعقبة الهويات المضطربة التي عجز المجتمع عن احتوائها داخل منوال الهويات الجندرية الثابتة، وقد تعطّله أيضا تحديات الهويات الجندرية المعيارية مثل عمل جمعية مناهضة الحرب في مجال الاعتراض الضميري[15]. ولئن أقرت إيما سنكلير بأن الذكورية النازعة للهيمنة تنتصر باستمرار لما تجده من مساندة اجتماعية وتزكية سياسية فإنها تختم تحليلها بأن تلك الذكورية ليست مطلقة أو أنها تصنّف وفق مراتبية النظام العسكري مما يجعل الذكورية ذكوريات. وقد قدمت سنكلير شهادة أحد الجنود الأتراك تحت عنوان "الخدمة العسكرية رغم أنفي" وفيها استرجع ألم مرحلة التجنيد وأشكال الإهانة وقسوة المعاملة مما يعدم فيه احترامه لهويته الذكورية فهي ذكورة من درجة ثانية والارتقاء عنها يكون بالإمعان في تبخيس شأنها، ورغم حرصه على الرضوخ لمعايير الذكر المجنّد فقد كان عاجزا عن التخلص من التوتر الناتج عن تأرجحه بين ما كان عليه وما يجب عليه أن يكون وهو ما دفع غيره من الجنود إلى تعاطي الحشيش والحبوب والكحول بينما استمرت معاناته النفسية وكانت نهايته مأسوية في حادث سير يرجح فيه دافع الانتحار. وتطالعنا هذه الوظيفة التجنيسية في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وإن كانت النساء مشمولات بهذا الواجب، وهو ما وسم به داني كابلان Danny Kaplan مقاله: "الخدمة العسكرية كتأهيل للذكورية الصهيونية"[16]. فهو طقس عبور لاكتساب الهوية الإسرائيلية واتخاذ موقع جديد داخل المجتمع الصهيوني ولذلك وضح الكاتب تلك العلاقة بين المصطلحات العسكرية والتوراتية مثل تحمل عبء الفروض للتعبير عن الولاء لمؤسسات الدولة أو اعتبار الجيش حارسا وهو مرادف الله في التعاليم التلمودية. ونظرا إلى هذا الالتباس بين الإيديولوجي الديني والإيديولوجي الصهيوني في الخدمة العسكرية تمسي الهوية مسألة ذاتية وشديدة الحميمية مهما كان درجة توافقها والذكورية الصهيونية المتخيلة، إذ يذكر "نير" الجندي المثلي في مقامين متباعدين: "لعل من يحدد هويته بوصفه مثليا منذ البداية لن يؤدي الخدمة الفعلية. والحق أني أديتها لكن أبحث عن أي ذكورية فلقد كنت هكذا قبل الجيش وسأكون نفسي بعده وأنا لم أعتمد سلوكا أنثويا لمجرد أني مثلي [..] أشعر بأن الخدمة جعلتني أنضج وليست هذه مجرد فحولة خالصة إنها عملية إنضاج."[17]

وإذا كان المعسكر الإسرائيلي هو فضاء التدريب على الذكورية الصهيونية المتخيلة فإن معتقلاتهم هي فضاء مهم ليمارس الفلسطيني المعتقل طقوس العبور إلى الهوية الجندرية للمقاوم الفلسطيني، أي الاستعداد لموقع جديد في المجتمع مثلما أوضحت جولي بيتيت. فالضرب والسجن هما طقسا العبور يؤديان وظيفتين تجنيسيتين متقابلتين: هما إفقار للمعتدي من رجولته وإثراء للمعتدى عليه برجولة تعجز الجماعات القرابية عن توفيرها. وتشير الكاتبة أن إدراك سلطات الاحتلال لهذه المفارقة دفعتها إلى استعمال التعنيف الجنسي لإجهاض العبور مما جعل الروح النضالية والشجاعة والتضحية معايير ثانوية في تأكيد الهوية الذكورية.

ويتجسد التعنيف في ممارسات جنسية تناوئ أخلاق الفحولة الجنسية، فيسكت عنها المفعول به ويعرضها الفاعل في صلف وعنجهية. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن العوامل التي تجيز لهم الجهر بما هو مسكوت عنه في الأنظمة الأخلاقية الجنسية. ثم ما علاقة الاحتلال بالهويات الجندرية والأدوار الاجتماعية الموكولة للأفراد، هل تكون مساهمته في فرقعة النظام الجندري السائد في البلد المحتل وضرب معاييره سلاحا للفتك بالنسيج الاجتماعي وتفكيك عراه؟ أليس التعنيف الجنسي ممارسة معهودة في جل السجون السياسية مهما كانت طبيعة السلطة القائمة وبالتالي يصبح خطر الممارسة الاستعمارية متجسدا في الانتهاك الإعلامي لحرمة الإنسان؟ يبدو أننا في هذا الإطار إزاء حرب هويات وتنافس على التمثيل الأفضل للنوع الاجتماعي. إلا أن النظر إلى المسألة من واجهة واحدة قد يغمط دور واجهات أخرى في إحداث صدع يهدد موقع الرجل الفلسطيني الراعي ـ الحامي لوطنه وأسرته ـ وتدفعه إلى الاستمرار في مقاومة المستعمر وإثبات أهليته بامتيازات الرجولة.[18]

المربكات الاجتماعية والثقافية للذكورة

قد يكون في تحديد فريديريك لاغرانجFrédéric Lagrange [19] لأنواع التلميحات إلى المثلية الجنسية في الأدب العربي الحديث ما يكشف عن هذا الارتباك الذي يشهده النظام الأخلاقي الجنسي حاليا، فخرق الآليات الانضباطية المنظمة للعلاقات الجنسية بشكل صريح داخل السجون السياسية يتفق مع تلك العلاقة الجُرحية النفسية بالآخر ويكون عادة الأجنبي الغربي مثلما بيّن لاغرانج خلال تحليله رواية "شرف" لصنع الله ابراهيم، وقد علق عليها بقوله: "إن الغرب ببساطة ينكح مصر التي عندما تتحرك دفاعا عن نفسها توضع في السجن"[20]. ويمكن تنزيلها في نطاق تلك المقايسة التي تجعل الفاعل في العلاقة المثلية مشبعا بالفحولة والمفعول به نظير الأنثى المحتاجة إلى الوطء. وقد استنتج لاغرانج أن هذا الصمت الحاف بالعلاقات المثلية في المجتمعات العربية لا يعني امتناع شيوعها بل هو إمعان في التستر عليها بما هي معصية، وبما هي تهديد لهوية ذكورية شرقية متخيلة. ومع عدم إرادة المعرفة لمّح لاغرانج أن هذا السكوت يفضح انتظارا لما يمكن ان تحدثه الثقافة الغربية من تجاوز للهويات المنجزة ولعل المؤلف يلوح إلى انفراده بمثل هذا المقال المركز على المثلية من جملة مقالات الكتاب.

لكن تأكيد لاغرانج على أن المثلية في المدونة الأدبية الحديثة لم تتجاوز حد الهمس يدفعنا إلى التساؤل عن عدم بحث الكاتب في دوافع هذا الصمت المفاجئ فمن نافلة الحديث عن المثلية انها احتلت مساحة هامة من أمهات المتون الأدبية القديمة، وشكلت أخبار المثليين وأشعارهم مصدر جمالية مختلفة بما تحمله من إيقاعات جديدة يخلقها الجسد وهو يتحرك في مدارات مغايرة للمألوف، ولنا في المأثور عن أبي نواس وصفي الدين الحلي وأخبار الماجنين الواردة في "نثر الدر" لأبي سعد الآبي وغيرها شواهد ثابتة على ما شكلته الجنسية المثلية من قيمة إبداعية وهي تتحول إلى تفريغ جمالي يتحدى الأحكام الأخلاقية والسنن الاجتماعية. ولذلك فإن هذا التراجع الذي شهده الأدب العربي لا يمكن أن يكون انتظارا لمدد غربي بل لعله من آليات الدفاع عن النظام الاجتماعي المبني على التغايرية الجنسية أي على تمثل الرجل والمرأة لهويتهما الجنسية تمثلا تاما.

وينسجم هذا التأويل مع ما أبرزته مي غصوب في مقالها "علكة ونساء شبقات"[21] من انتشار رهاب الخصاء المتربص بالهوية الذكرية، إنه كالخوف من لعنة وباء أو مرض يكتفي المرء بالتلميح إليه. لقد كانت العلكة سببا في الاعتراف بالخوف من الاغتصاب على يد أنثى أو تدمير الأعضاء التناسلية أو انفلات السلطة. وهو الخوف الذي بعث بكتب الجنس القديمة إلى الحياة للاستفادة من نصائح التيفاشي[22] والنفزاوي[23] وغيرهما. إنه استنجاد بالمنوال القديم للفحل العربي المتخيل لمواجهة عدو إسرائيلي يدرك نقطة ضعفه، وهو ما يفسر حسب غصوب ذلك التوظيف السينمائي لقدرات المرأة الجنسية من خلال أدوار نادية الجندي مثلا لمقاومة العدو. غير أنه توظيف لا يخلو من مساس بمنظومة الشرف التي ينهض الرجل بدور حمايتها. فهو في مأزق عبرت عنه الكاتبة بسؤال طريف: من قال إن من السهل أن يكون المرء رجلا؟ إن وقوع الذكورة بين خطرين أحدهما أسطوري والآخر تاريخي يفسر محورية المسألة الجنسانية في الثقافة الشرقية، فعملية الضبط والمراقبة التي تتعرض لها النساء عن طريق المنظومة الأخلاقية والفقهية والعرفية تعد عملية ضرورية لتحصين المراتبية والحدود الجنسية التي يقوم عليها البنيان الاجتماعي، وتماسك هذا البنيان وتراصّه هو شرط القدرة على الصمود في وجه خطر الآخر المتربص به. وعندما تصبح العلكة مصدر تهديد لهذه المراتبية فإن تلك علامة هشاشة هذا البنيان الذي جعل التمييز الجنسي مقوما محوريا له.

وبالنظر إلى معضلات استقرار البنيان الاجتماعي يمكن التسليم بأنه ليس من السهل أن يكون الشرقي عامة والعربي خاصة رجلا فعلا. فالرجولة المنشودة تتربع عرش المتخيل الذكوري إذ يسعى الواحد منهم إلى اكتساب مكوناتها ولكنها لا تمكنه من الارتقاء إلى مصاف المتخيل.

وهي أيضا هوية مرتبكة لعدم قدرة صاحبها على الانضباط داخل معاييرها مثلما تكشفت عنه دراسة شخصيتين شهيرتين تحولتا في المتخيل الجمعي العربي إلى رمزي فحولة ولكنهما عجزتا عن تمثيلها في الحياة الخاصة. فبين فريد شوقي وصدام حسين تنشأ تخييلات للفحولة كان الإعلام من أهم صانعيها، ومن أهم ملامحها الدفاع عن الشرف الجمعي والاضطلاع بأدوار القوة والشجاعة التي تؤهل صاحبها للزعامة وانكسار الجميع أمام جبروته، غير أن تضخيم تلك الملامح التي تجعل شوقي رمز الفتوة وصدام رمز الطاغية أفضت إلى وثنية جديدة ـ مثلما وصفها حازم صاغية[24] ـ لم تستمر طويلا وقد اصطدمت بواقع وحش الشاشة الذي كان مهزوما أمام سطوة نجومية زوجته هدى سلطان وتبددت إثر هيمنة شعور الإحباط والخيبة من انكسار الإله البشري ـ صدام حسين ـ في واقعتي أم المعارك والمنازلة الكبرى. فالأحداث التاريخية والدينامية الاجتماعية تحرم المجتمع الذكوري من مداناة هذه النماذج المتخيلة، ولو كان الأمر مقتصرا على رمزية الأب نفسه مثلما أوضح أحمد بيضون[25] في سيرته الذاتية. فلا وراثة الاسم ولا الوفاء للغة العربية ولا التعلق بثقافة الجماعة كان قادرا على تمكين الكاتب من تمثّل ملامح هوية أبيه. وكذلك كان أمر الشاربين في المقالة الأخيرة فقد عرض حسن داوود[26] بشكل مضحك التحولات التي عرفتها هذه العلامة الذكورية وتراجعها من مدار القسم إلى موضع سخرية نظرا إلى تراجع قيمتها الرمزية في رجولة الوسامة والإغراء رغم حرص المؤسسة العسكرية على حفظ مكانة الشارب باعتباره علامة كرامة جماعية.

هكذا تفضح هذه المقالات الثلاثة تاريخ الرجولة الملحمي في المجتمعات الشرقية بما تعترضه من متغيرات تنسف محاولات الاصطفاف وإعادة الإنتاج الهووي الأمر الذي يفضي إلى انعدام تناسب بين الذات وموقعها الاجتماعي. واللافت للانتباه هو الدور الذي تلعبه عوامل التثاقف من استعمار وإعلام في تسويق الصور الجديدة سواء كانت العملية واعية أو عفوية، مما يجعل الحديث عن رجولة "شرقية" محضة فهما سطحيا للمعايير الخارجية التي تضبطها.

وبما أن مؤسسات الرجولة الرمزية فقدت قدرتها على الصمود في وجه الديناميكية الاجتماعية، فقد غدت استعادة صور الحريم ملاذ الباحثين عن الفردوس المفقود وهو ما جسده موريس فارحي[27] في قصة استوحاها من سيرته عن سحر الحمامات التركية وفتنة النساء العاريات وقد أيقظن فيه ذكورته الفتية وشحذن حساسيته العالية إلى الجنس. وربما تكون استعادة الكاتب ذكريات الصبا ضربا من ممارسة التلصص voyeurisme ليمنح الحياة للرمز الأقدم والأثبت للفحولة وهو هذا القضيب، غير أن القارئ يكتشف ذلك الرهاب الطفولي من الخصي وقد رددت كل نساء الحمام: "الخُصي لم تقع" وهو الرهاب الذي يلازم الرجل وإن تنوعت أشكاله. وربما يكون تشبيه طرده من الحمام بطرد آدم من الجنة بإدراك انخراطه في محنة الفحولة المعرضة للمخاطر والملعونة بقدَر العجز فإذا هو في حركة ارتجاعية إلى صورة الطفل جنسيا مع فارق مريع أنه عاجز عن الاستمتاع بلحظة تقع فيها الخصي من جديد. وتضعنا مسيرة السارد الطفل أمام تلك اللوحة الأسطورية الراسخة في أعماق الذاكرة البشرية على اختلاف انتمائها، لوحة الشرقيات العاريات المحتفيات بذكورة الرجل الأوحد الفحل، تلك اللوحة الديونيزوسية التي تؤله اللذة وتجعل من القضيب رمزا للإله.. وفي انقضاء فترة الطفولة وانفصال السارد عن عالم النساء اللذيذ مفارقة للصورة المتخيلة والتحاق بالواقع الذي يخبو فيه إشعاع عضوه الذكري بانحساره في وظيفتي الإشباع الجنسي والتناسل.

خاتمة

خلف معرض مشاهد الرجولة المتخيلة تتراءى أخيلة صور الأنوثة الكريهة في مجتمعات تحرص على رسم الحدود بين الجنسين، غير أنها حدود مائعة أو هي كما قدمها جون سكوت Joan Scott زئبقية لا تقبل التقيد بمعايير نهائية، بل هي تاريخية[28] متغيّرة إذ لكل ذات طريقتها في مقاربة تلك المعايير وفق استعداداتها وطبيعة العوائق المطروحة أمامها، وهو ما يخلص بنا إلى اعتبار هذا الكتاب وثيقة تاريخية تساعد على رسم المسارات المتعرجة والمتقطعة للذوات والجماعات في سياقات ذات أطر مرجعية مختلفة.

وربما يكون العجز هو محور التقاطع بين مختلف مقالات الكتاب، ونقصد العجز عن تحقيق صناعة رجولة يتوافق فيها المتخيل مع الواقعي ويضعنا أمام بداهة تنوع الهويات الجنسية. وفي كتابها "بنيان الفحولة"[29] أوضحت الأستاذة رجاء بن سلامة مظاهر إمعان النظام الأخلاقي الحديث في كبت "الالتباس الجنسي" وتأثيم التبديل الجنسي وتجريم المثلية بشكل متشدد لم يشهده العرب من قبل. ويتزامن هذا القمع مع تنامي ثقافة كره النساء ذات النزعة الدينية، وكلاهما آلية ناجعة لتحقيق ما وسمته الكاتبة بالدفاع المهووس عن الهوية. وتستوقفنا عبارة الهوس ذات الدلالة النفسية والتي تعكس حالة انفعالية لا نبالغ إن وصفناها بأنها تميل إلى ضرب من الذهان بما يعنيه من هلوسة ووهم في الحفاظ على أسطورة الفحل جنسيا والأب المقدس والزعيم المنقذ، ولعل هذه الحالة النفسية هي مثال وضع الماليخوليا[30] الذي يسيطر على علاقة العرب برهانات الحداثة عموما كما أشارت الكاتبة. إننا ما نزال رافضين مواجهة محنة الفحولة وما يزال شبح الفحولة المتوحشة يخيم على ثقافة التعامل بين مختلف الهويات الجندرية، غير أننا نسير ولو بخطى وئيدة في طريق الخلاص من هذه الحالة الهذيانية وذلك بفضل تنوع مستويات وأنماط الخطاب النقدي لا سيما وقد شرع في التخلص من آليات ومرجعيات التحليل التي توظف في الخطابات المنافحة عن المركزية الذكورية (الاستدلال الديني على مكانة المرأة، جوهرة الأنوثة في مقابل الذكورة استنادا للطبيعة..) ولعل المرجعية الحقوقية التي استندت إليها الكاتبة في نقدها بنيان الفحولة هي التي مكّنتها من تجاوز التعصب للأنثى ومنحها رؤية محايدة ومنزهة عن السخرية أو التهجم أو التحسر الغالب على المقالات التي جمعتها الكاتبتان.

على أن ذلك لا ينفي درجة الجرأة التي وسمت مقالات الكتاب وإن بقيت إلى حد ما وفية لجوانب من المسكوت عنه داخل النظام الفحولي، لا سيما ما تعلق بانفلاتات الأنوثة من جديد، إذ لا نكاد نعثر على إضاءات تتناول الوضع الاجتماعي والنفسي للمتحولات جنسيا أو السحاقيات أو المترجلات في المجتمعات العربية. فالخوف ما يزال يرمي بظلاله خاصة بالنظر إلى ما تعنيه هذه الهويات المتمردة من ضرب للمركزية الذكورية وقطع مع تقاليد العلاقات الأنثوية من تنافس وغيرة بين النساء من أجل الظفر بمكان ما في عالم الرجال. ويعنينا هذا السكوت بما هو دعم لاستراتيجيات تحصين السياسات الذكورية، أليست الأنوثة صناعة وازعها إفراد الذكورة بالسلطة، صناعة لمعايير تتحكم في صورة الأنوثة المتخيلة التي تتفاوت درجات الدنو منها؟؟ وبذلك كلما تمكن المرء من الابتعاد عن النمط المتخيل كلما تقلص منسوب التمييز الجنسي وكان الحديث عن ذاتيات متنوعة خارج النظام الثنائي القسري، وفي تلك المسافة الفاصلة عن المعايير المنتجة لفانتازم الأنوثة والذكورة تحدث التوترات التي قد تنشأ عنها تلك الهويات المتمردة.


* نشرت هذه المادة في مجلة "ألباب"، العدد 6، صيف 2015، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.

[1]- لقد كان وضع المرأة أداة تبرير وضغط تلوّح بها الثقافات المستعمرة قبل الإقدام على الاجتياح العسكري، فقد ندّد اللورد كرومر مثلا بتردي الوضع الاجتماعي للمرأة المصرية وأكد ضرورة التعجيل بإجراء تغيير في المنظومة القانونية لتحرير المرأة من ربقة التقاليد البالية، وقد بينت

ليلى أحمد تضارب هذا الموقف مع تحفظ بل معاداة كرومر للحركة النسائية الإنقليزية. يمكن النظر في كتابها:

women and Gender in Islam The Roots of a Modern Debate , New Heaven Yale University Press 1992.

[2]ـ كان صدور كتاب "الرجل والجنس" لنوال السعداوي سنة 1973 وهو تاريخ يزامن ظهور الدراسات الأمريكية المتعلقة بالرجل. غير أنها تفتتح الكتاب بضبط دواعي تأليفه لتجعله استجابة لمطلب قرائها من الرجال والمحتاجين إلى المساعدة على تجاوز المشاكل الجنسية والنفسية التي ترهق علاقته بالمرأة. وكأنها بهذا التوضيح تقدم المبرر الأخلاقي لتناولها مسائل تتعلق بجوهر الدراسات عن الرجل مثل الأبوية والجسد الذكوري وجنسانية الرجل .."وإذا كنت في هذا البحث أحاول دراسة مشاكل الرجل الجنسية وخوفه من فقدان القدرة الجنسية أو خوفه من الجنس بصفة عامة فإنني بالضرورة لا أستطيع أن أفصل الأسباب عن ظواهرها." دراسات عن المرأة والرجل في المجتمع العربي، ص 340، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط2، 1990

[3]ـ صدر الكتاب ببيروت، دار الساقي. ومي غصوب (1952ـ2007) كاتبة وفنانة وناشطة حقوقية لبنانية من مؤسسي دار الساقي للنشر من أهم مؤلفاتها "مغادرة بيروت: النساء والحروب من الداخل". أما سنكلير ويبف هي باحثة تركية تهتم بالمسألة الدينية والسياسية وقد أصبحت عضوا في منظمة هيومنرايتسواتش منذ سنة 2007

[4]ـ بنيان الفحولة: تقديم العادل خضر، ص 10. تونس، دار المعرفة للنشر، 2006

[5]ـ الرجولة المتخيلة: ص 11. وقد اهتمت DenizKandiyoty بدراسة العلاقات بين الأنواع الاجتماعية والسياسات التنموية في الشرق الأوسط، وفي كتابها الصادر في العفد الأخير من القرن الفارط "النساء، الإسلام والدولة" تقدم الكاتبة مقاربة تجمع فيها بين التحليل التاريخي للحكومات الإسلامية المعاصرة والدراسة المفصلة لمشاريعها السياسية لتبيّن موقع النساء في المجتمعات الإسلامية.

[6]- تحت عنوان "تأنيث الابستمولوجيا" يحلل عادل ضاهر خصائص الابستمولوجيا الموضوعانية Foundationalist Epistemology باعتبارها مدار نقد من قبل طائفة من المفكرين والفلاسفة منذ العشرينية الأخيرة من القرن الفارط ومنهم على سبيل الذكر جاك دريدا وميشال فوكو وهابرماس وغيرهم. ويؤكد الكاتب على أن "الابستمولوجيا السائدة تخدم هذه المصلحة ـ الذكورية ـ عن طريق تكريسها النتائج التي أوصلتنا إليها سيرورات إنتاج المعرفة ـ هذه النتائج التي تعكس المنظور الاجتماعي المصلحي للذكورـ. وهي تكرس هذه النتائج عن طريق تحجيب الأساس الاجتماعي لممارسات إنتاج المعرفة. هنا تبدو المعرفة، عن طريق هذا التمويه وكأنها نتاج الفرد المجرد أو الذات الكنطية الترنسندنتالية." مواقف، قضايا المرأة العربية ص25، العددان 73ـ74، دار الساقي، سنة 1993

[7]ـ م.ن: ص 14

[8]ـ من الجلي اختلاف عبد الوهاب بوحديبة عن يورامبيلو في تناول مسألة الختان، فبقدر ما توخى الأول في دراسته لهذا الطقس مقاربة مقارنية بين اليهودية والإسلام كانت الرؤية أحادية شديدة الخصوصية في دراسة بيلو لمراسم الختان لدى اليهود الأرثوذوكس. ولعل تنصيص الأستاذ بوحديبة على الطابع القرباني للختان اليهودي مقارنة بالدلالات الاجتماعية والنفسية والجنسية للختان الإسلامي يرمي إلى رفع اللبس عن هذه العادة لدى المسلمين بخلع طابع القداسة عنها.

[9]ـ م.ن: ص 37

[10]ـ م.ن: ص 34

[11]- م.ن: ص ص 42ـ43. نشرت دار الساقي هذه الرواية سنة1999، وقد جعل الكاتب السعودي بطله "يحي" مركز شبكة علاقات محبطة مع النساء بدءا من جدته ومشروع الأم البديلة وصولا إلى حبيبته "حياة" المتمنعة وعاشقته "عواطف". فالحب الناجح الوحيد في تجربة يحي هو ذلك الذي أيقظته الأم في قلبه الصغير ونفخت فيه بإذكاء ذكورته وهي تشرف على مراسم ختانه.

[12]ـ يستعيض المسيحيون عن الختان بطقس التعميد. وقد نقل الأستاذ بوحديبة مقطعا من رسالة بولس إلى أهل غلاطيّة يوضح اختلاف دلالة الختان بما هو تجميل وافتخار بالجسد عن التعميد بما هو احتفاء بالخلق الجديد وتمجيد لفعل صلب المسيح. يمكن العودة للمصدر ص 34

[13]ـ وردت كلمة حريديم في التوراة سفر "أشيعيا" 5/66: "اسمعوا كلام الرب أيها المرتعدون (ها حريديم) من كلمته". وتتمسك هذه الفئة بتطبيق تعاليم التلمود والوفاء لصورة اليهودي المحافظ مظهرا وسلوكا وأخلاقا مما يجعلهم في قطيعة مستمرة مع مقتضيات التحديث الاجتماعي وفي عزلة عن الشعوب.

[14]- م.ن: ص 75. إن مقارنة بسيطة بين أولوية طقس الختان وواجب التجنيد الذي لا يلقى اهتماما لدى هذه الطائفة تكشف عن تطابق بين الهوية الجندرية الذكورية والهوية اليهودية، أو بمعنى أوضح تقع النساء في هذا المجتمع خارج تمثيل الهوية اليهودية.

[15]ـ نشأت جمعية مناهضي الحرب في أزمير سنة 1994 لمناهضة الحرب والنزعة العسكرية والعرقية وقد بينت الكاتبة ظروف تأسيس الجمعية وما لقيته من عرقلة قانونية وهي تطالب بالاعتراض الضميري على العمل العسكري. م,ن: ص ص 102ـ 105

[16]ـ ألف داني كابلان كتابا بعنوان "الرجال الذين أحببناهم: علاقات الصداقة الذكورية والقومية في إسرائيل" سنة 2006، وينضوي ذلك في صميم اهتماماته بالدراسات الذكورية انطلاقا من العلاقات بين الرجال في المجتمع الإسرائيلي.

[17]ـ م.ن: ص ص 159ـ160

[18]ـ تحلل ليزا تركي الباحثة الفلسطينية دوافع التغيرات السلوكية الطارئة على المجتمع الفلسطيني ومن بينها ضعف السلطة الأبوية فتتحدث عن هجرة الذكور وتهميش الزراعة وبداية تلاشي الأسرة الممتدة .. وتخلص بالتالي إلى نسبية دور الاحتلال في إحداث انخرام النظام الأبوي: "ليس معقولا إذن أن يجري التركيز على عامل واحد فقط وحصر الاهتمام به هو العنف الذي يمارسه الجنود الإسرائيليين تجاه الرجال الفلسطينيين لتفسير ما يرى من تفتت للسلطة البطريركية داخل العائلة.» المجتمع والنوع في فلسطين"، ص 192 ورد بالعدد التاسع من باحثات2003ـ2004 بيروت، المركز الثقافي العربي.

[19]ـ ولد لاغرانج بباريس سنة 1964، أستاذ جامعي يشرف على قسم الدراسات العربية والعبرية بجامعة باريس ـ السوربون. وقد اهتم في هذه المقالة بـ "النظر إلى تمثيل العلاقات الاجتماعية والحميمية في الإنتاج الثقافي". م.ن: ص 185

[20]ـ م.ن: ص 207

[21]ـ تتعرض مي غصوب إلى الضجة التي عرفها الإعلام العربي سنة 1996 وكان مصدرها إشاعة علكة تثير نشاطا جنسيا لدى الإناث قد يبلغ حد الهيجان الجنسي، وقد تحول هذا الخبر إلى قضية سياسية بعد أن أكدت التحقيقات الصحفية على أنها مؤامرة إسرائيلية لضرب المجتمعات العربية.

[22]ـ شهاب الدين أحمد بن يوسف التيفاشي (580ـ651ه): من مؤلفاته "نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب"، وفيه قدم عرضا شاملا لكافة الظواهر الجنسية في المجتمع الإسلامي حتى نهاية القرن السابع هجري غير مستثن ما اعتبره المجتمع من ضروب الشذوذ والانحراف مثل اللواط والسحاق والزنى..

[23]ـ عمر بن محمد النفزاوي (القرن 8 ه): فقيه وقاض ألف كتاب "الروض العاطر في نزهة الخاطر" وهو كتاب تعليمي جنسي كان سببا في تراجع السلطان الحفصي عن توليته منصب قاضي القضاة.

[24]ـ حازم صاغية ساة 1951 في لبنان، صحفي وناقد سياسي له مؤلفات عديدة من أهمها: "العرب بين الحجر والذرة فسوخ في ثقافة سائدة" 1992 و"مأزق الفرد في الشرق الأوسط" 2005

[25]ـ أحمد بيضون: سياسي وكاتب ومؤرخ لبناني (ولد سنة 1943). من مؤلفاته "كلمن من مفردات اللغة إلى مركبات الثقافة" 1989، "الجمهوربة المتقطعة" 1999

[26]ـ حسن داوود: صحفي بيومية بيروتية "المستقبل" وكاتب روائي. كانت رواية "ضيعة ماتيلدا" أول مؤلفاته باللغة الفرنسية وذلك سنة 1998

[27]ـ موريس فارحي: ولد سنة 1935 بأنقرة واشتغل بالتمثيل ثم انكب على التأليف الروائي. من مؤلفاته بالأنجليزية: "أطفال قوس قزح" 1999، و"تركي شاب" 2004

[28]ـ Del’utilité du genre, p 7; traduit de L’anglais par Claude Servan ; Paris Fayard; 2012

[29]ـ بنيان الفحولة: أبحاث في المذكر والمؤنث، تونس، دار المعرفة للنشر، 2006

[30]ـ تفسر الأستاذة رجاء بن سلامة مفهوم الماليخوليا بأنه رفض الحداد وقطع الصلة بالموضوع الحبيب عبر نفاس هذياني للرغبة. بنيان الفحولة: ص 168