معاداة حزب التحرير للوطنية والانتقال الديمقراطي بتونس: المظاهر والخلفيات (2011-2015)


فئة :  أبحاث محكمة

معاداة حزب التحرير للوطنية والانتقال الديمقراطي بتونس: المظاهر والخلفيات (2011-2015)

الملخّص:

عرف المشهد السياسي بتونس منذ 2010 إلى اليوم، العديد من التحولات المتسارعة، فبعدما كانت البلاد ترزح تحت هيمنة حزب واحد حكم البلاد مدّة دامت أكثر من خمسين سنة بالرغم من وجود معارضة شكلية منذ بداية الثمانينات من القرن العشرين، فإنّ الواقع السياسي شهد بين 2010 و2015، تحوّلاً سياسيًّا جذريًّا برز من خلال ظهور أكثر من خمسين حزبًا، ذات مرجعيات إيديولوجية متنوّعة. ومن بينها حزب التحرير فرع تونس، الذي يعود ظهوره إلى فترة الثمانينات من القرن العشرين.

أما نشاطه القانوني فبدأ في شهر جوان 2012 أثناء حكومة النهضة الأولى بتونس، بقيادة السيّد حمادي الجبالي (ديسمبر 2011- مارس 2013). وذلك بالرغم من معاداة حزب التحرير لأسس الدولة الحديثة بتونس ومن بينها "الوطنية".

لقد بينّا في هذا العمل، مشروع هذا الحزب في تونس، الذي يهدف أساسًا إلى جعل البلاد التونسية منطقة ارتكاز لإعادة بعث الخلافة، نظرًا لتوفر مناخ ديمقراطي. وبينّا أيضًا أنّ من بين أهدافه كما أعلنها في دستور الخلافة، إلغاء الديمقراطية وإرساء نظام "تيوقراطي"، حيث أعلن بكل وضوح أنّ الأحزاب، الليبرالية، القومية واليسارية، وكذلك منظّمات المجتمع المدني مثل الاتحاد العام التونسي للشغل، ليس لها الحق في النشاط عند إقامة نظام الخلافة لأنّ أسسها غير دينية. وذهب إلى أكثر من ذلك، من خلال دعوته على لسان ناطقه الرسمي بتونس اليساريين إلى التوبة قبل فوات الأوان.

أما في القسم الثاني من العمل، فقد تعرّضتُ إلى مظاهر معاداته للدولة الوطنية وللانتقال الديمقراطي.

فبالنسبة إلى مسألة الوطنية برزت معاداة حزب التحرير للوطنية على عدة مستويات، من بينها اعتباره لهذه الرابطة "فاسدة"، والترويج أيضًا للكثير من المغالطات من بينها أنّ الراية التونسية وكذلك رايات مختلف الدول العربية والإسلامية، رايات "سايكس بيكو" ومن مات من أجلها مات "ميتة جاهلية". ويعتبر الترويج لهذه التوجهات مقدّمة لتفكيك الدولة الوطنية بتونس ومختلف الدول العربية والإسلامية، لأنّ الجندي، أو الضابط، الذي يموت حاليًّا في مقاومته للإرهاب، يموت من أجل الراية بتونس أو بأيّ دولة عربية أخرى. وضرب الرايات الوطنية مقدّمة لتفكيك الجيوش والأوطان.

إنّ فرع تونس لحزب التحرير، أعلن بكل وضوح رفضه الانتقالَ الديمقراطي، حيث قاطع انتخابات 2010 و2014. واعتبر أيضًا الديمقراطية بتونس كفرًا. وبرزت أيضًا معاداته للانتقال الديمقراطي من خلال مناهضته لدستور 2014، الذي اعتبره دستور كفر ونظّم العديد من المظاهرات بالتنسيق مع بقية الأحزاب السلفية لتطبيق الشريعة وإسقاط الدستور. وتجلّت هذه المعاداة أيضًا من خلال عدم اعترافه بنتائج انتخابات 2014 والدعوة للثورة من جديد لإسقاط العلمانيين وإرساء نظام الخلافة بتونس.

أما بالنسبة إلى آليّات التغيير، فإنّ فرع تونس لحزب التحرير يعتمد وسائل عديدة للتغيير مثل الدعاية لخلق رأي عام مساند له، ومثل التكفير، وأيضًا الدعوة للانقلابات العسكرية في إطار ما يسميه طلب "النصرة". ولقد ارتبطت مواقفه بالأسس الفكرية للتنظيم العالمي لحزب التحرير وبالخصوص بأفكار تقي الدين النبهاني، الذي يعتبر أن لا حاكمية إلا لله وأنّ الإيمان بفكرة الخلافة من أبرز أسس الإيمان، على الرغم من كون هذه التجربة تاريخيًّا لم تكن مقدّسة وتخللتها العديد من الأخطاء. والدليل على ذلك أنّ التجربة الأولى للخلافة بيّنت أنّ ثلاثة خلفاء من أربعة، تمّ قتلهم بطريقة فظيعة خاصّة الخليفة الثالث عثمان بن عفان. والشيء نفسه بالنسبة إلى بقية تجارب الخلافة الأخرى.

إجمالاً، يعتبر حزب التحرير بتونس والأحزاب السلفية بتونس والوطن العربي، أحد العوائق الأساسية لتحقيق انتقال ديمقراطي، على غرار ما وقع بأوروبا الشرقية والعديد من البلدان الأخرى مثل البرتغال وإسبانيا، لأنّ أحزاب الإسلام السياسي تحاول استغلال الحرية والديمقراطية لإرساء نظام تيوقراطي يلغيها لاحقًا، مستغلّة الأزمة الشاملة التي تعيشها تونس اقتصاديًّا، اجتماعيًّا وسياسيًّا.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا