مقال الولاية والصلاح النسائي


فئة :  أبحاث محكمة

مقال الولاية والصلاح النسائي

مقال الولاية والصلاح النسائي

الملخص:

تروم هذه الدراسة الميدانية تناول أحد مظاهر المقدس، والذي يتجلى في ظاهرة الوليات الصالحات وأدوارهن الاجتماعية التبادلية من خلال التوقف على السياقات السوسيودينية التي ميزت التاريخ الديني والاجتماعي والسياسي للمغرب عامة، ولمنطقة البحث خاصة (آسفي ونواحيها)، كسياقات يمكن أن تساعدنا في فهم خصوصية التدين المغربي، والذي يمكن أن نستشف أحد مؤشراته الدالة عبر كشف بنية التمثلات الاجتماعية للوليات الصالحات ومفعولاتها في الصورة التي ينسجها المجتمع المغربي حول المرأة الصالحة مقارنة مع الولي الصالح؛ وذلك عن طريق استجلاء واستكشاف مستويات حضور التاريخي في التمثلات الاجتماعية الراهنة للوليات الصالحات من حيث القداسة التي تمنح لهن داخل منظومة التصورات الجماعية ومن حيث أدوارهن الروحية.

تقديم:

يعدّ حقل الصلاح والولاية النسائية من الحقول الدينية التي لم تنل المكانة الوازنة في التاريخ الديني المغربي، حيث ظلت وضعية المرأة تعاني إلى جانب التهميش الاقتصادي والحقوقي تهميشا روحيا ورمزيا، بسبب احتكار القول في مجال الدين من طرف المؤسسة الدينية الذكورية التي عملت على إعادة إنتاج سيرورات الهيمنة الذكورية من خلال تأويلات فقهية للمقدس الإسلامي، تتماشى وهذه الهيمنة الذكورية التي تمكنت من تصنيف المرأة في وضعية الدونية والتبعية للرجل، عبر توسل تفسيرات ظاهرية لبعض النصوص الدينية والأحاديث النبوية مضفية عليها شرعية دينية، باستدعاء بعض الأحاديث الضعيفة والمستحدثة والمنتحلة المنسوبة إلى الرسول (ص) في إطار وضعية تاريخية واجتماعية تتعارض تماما مع الثورة الحقوقية التي مثل عليها العهد المحمدي، كمقابل للفترة الجاهلية التي عاشت فيها المرأة كل أشكال القهر الوجودي، إلى درجة أن مولدها ارتبط في الذهنية الذكورية الجاهلية بكل الشرور الوجودية. وربما تفسيرنا لذلك؛ أن المقدس الإسلامي كنمط جديد للوجود لم يستطع بالرغم من طابعه الثوري والحضاري الفصل النهائي مع العقلية التي كانت سائدة قبله، لما لهذه العقلية من قوة على الاستمرارية في التاريخ، واتصافها بالإحيائية التي تبقى في نظرنا من الخواص الثابتة في العقل العربي، والتي تظهر تجلياتها العميقة في التمثلات الاجتماعية للمرأة التي تبقى بالرغم من حركيتها وتطورها وتغيرها مشدودة إحيائيا إلى الماضي البعيد، كتراث إحيائي تجسدت معالمه الكبرى في الديماغوجية الدينية التي وصمت الفترة ما بعد المحمدية إلى حدود التاريخ الراهن، حيث نجد على مستوى المخيال الاجتماعي للمرأة الصالحة والولية تشابه وتقاطع مع وضعية المرأة بصفة عامة، إذ لم ينظر للمرأة إلا باعتبارها كائنا ناقصا وضعيفا ورطبا وناعما وشهوانيا وغرائزيا يختزل وجوده بأكمله في الغواية والفتنة ذات الارتباط في الذهنية الإسلامية بطبيعة كيانها الجسدي ذي الخصائص البيولوجية الشبيهة برمزية الأفعى الشيطان التي وردت في أسطورة الخلق، وتسربت إلى البناء الاجتماعي على شكل صورة نمطية تم استدماجها تمثليا لتنصرف على كل القطاعات الاجتماعية، بما فيها الحقل الديني الذي تمكن من خلاله الفكر الفقهي من تقعيد ومأسسة الوضعية الدونية للمرأة، من منطلق توجيه الاجتهاد الفقهي إلى الاختلاف الجنسي وجعله تشكل ثقافي لا ينظر فيه للمرأة كوعي للمغايرة، بقدر ما ينظر لها كاختلاف بيولوجي يأتي من الناحية الخلقية في المرتبة اللاحقة على الخلق الذكوري الذي يتميز بخواص بيولوجية سامية على الخواص البيولوجية التي طبعت الجسد الأنثوي، بفعل الخطيئة الآدمية التي كانت حواء سببها، فلحقها ما لحقها من دنس الدم الذي لا يمكن التخلص منه إلا بالولادة والنفاس وما يتبعها من تقسيمات اجتماعية للأدوار تجعل من المرأة كائن خلق للمتعة الجنسية والنكاح والتكاثر والتبادل القرابي الشبيه بالتبادل التجاري الذي عرضت فيه المرأة، كبضاعة لتبادل الامتيازات بين العائلات المهيمنة على إنتاج الرأسمال المادي. وعليه تصير كل التمايزات الاجتماعية ضد المرأة مبنية بتأثير البنى اللاشعورية الأسطورية والدينية التي تم استدماجها وكأنها شيء عادي يدخل في منطق انتظام الأشياء والعالم عبر عملية التبرير الديني الفقهي المحمول أيديولوجيا وثقافيا على تكريس آلية إنتاج وإعادة إنتاج اللامساواة الجنسية بين الأنوثة والذكورة على مستوى التمثلات المنعكسة اجتماعيا في حقل البراكسيس الذي تتقوى محمولاته الدلالية والرمزية في عملية التصنيف الاجتماعي للأدوار بين الرجل والمرأة.

من هذا المنطلق، تمأسس المرتكز الإشكالي لهذه الدراسة التي تحاول من خلال البحث الميداني في منطقة عرفت بالصلاح النسائي الجواب عن إشكال محوري، يرتكز على أسباب الغياب أو التغييب الذي لحق المرأة في باب الولاية والصلاح، والتحقق على مستوى التمثلات الاجتماعية وبعض النماذج من النساء الوليات الصالحات من مكانة المرأة الروحية والرمزية في المنطقة المدروسة، ومقارنتها مع ما ورد في حقها من أوصاف ميثولوجية ودينية، بهدف تفسير الأسباب الموضوعية التي حالت دون أن تحتل المرأة نفس المكانة الوازنة التي احتلها الرجل في التاريخ الديني الموصوف بالمركزة الذكورية.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا


مقالات ذات صلة

المزيد