هوس الغرافيتي: من بؤس الواقع إلى الافتراضيّة الموهومة

فئة :  مقالات

هوس الغرافيتي: من بؤس الواقع إلى الافتراضيّة الموهومة

هوس الغرافيتي: من بؤس الواقع إلى الافتراضيّة الموهومة

ملخص:

يستدعي هذا البحث فنّ الغرافيتي بعد غياب عن المتن الفلسفي لم تبرّر دواعيه، يستدعيه ليستكمل معه المعنى ويرصد مواطئ الجماليّة التي ظلّ الإنسان في حاجة إليها، لمواجهة طغيان التقنية الحديثة، طغيانا يمتدّ فيه الإخضاع تحت عنف الافتراضيّة المحروسة بإيديولوجيا أفكارها المطلقة.

المقدّمة:

يطرح موضوع الخربشة استشكالا فلسفيًّا لم يفكّر فيه كسؤال جذريّ لسؤال مضامين الفعل في الأشياء، بعد أن وقفت التقنية أمام تجاهل المصير، وتجلّت كسدّ حصين يُبيد المقاصد ويطعن في أسس الوعي. وحتّى وإن أعادت السؤال فيه، فإنّه يكون من جهة النفْع، بما يكشف أنّ أزمة الفكر الإنساني لا تتعيّن في نسيان الموضوعات المصيريّة وإنّما تتعيّن في أساليب طرحها وطريقة معالجتها. كان لاستعمال الغرافيتي في الجانب النفعي الشبح المُفزع الذي ضاعف من الهاوية بين الإنسان والتحرّر وظلّ الحدث الأساسي الأكثر جدارة بالسؤال، إذ: ما علاقتنا بالغرافيتي؟ هل لتمرّد النفوس تمثّلات في هذا النمط المخصوص من الفنّ؟ كيف يُمكن فهم خطاب الخربشة حتّى نكتشف أعمق ما فيه؟

1.- الغرافيتا القلقة:

تمنح التقنية للغرافيتي فهما سطحيًّا ومبتذلا تحت تأثير نداء المخزون والإنتاج وفق إرادة خارقة تُعدم المنتوج طبقا لمعقوليّة إرادة غازية، قصد تمثّل ما يمكن السيطرة عليه واستخدامه لغرض الهيمنة. فكّر ديكارت من داخل هذا المرسم وفرض قطيعة بين الذات والعالم واتّجه بإرادة غازية[1] إلى فرض نظام عقلاني داخل نظام مسطّر سابقا، يستخدم الموجود تحت اليد تنبيها لأن يكون الإنسان سيّدا ومالكا للطبيعة وتفعيلا لها نحو نهاية الإبداعات الانسانيّة بعد اكتمال رهاناتها أو منحها للإرادة الإلهية، تماثلا وانسجاما مع الأفكار الفطريّة كمقام للحقيقة. سكن الإنسان بعيدا عن مضاءة الجماليّة، إلى درجة أصبحت إبداعاته - والتي سنّها قصدا للتغلّب على عوائق- ليس له فيها قرار وأضحت موضوعات خاوية. بذلك، تتعمّق الهاوية التي يستحيل تخطّيها بما ينتزع من الذات القُدرة على الانتماء "ويقتلع نداء المبدأ الكلّي من الأرض التي كان مشدودا إليها"[2] ويبعث على الانزعاج من هوس غياب الطريق الذي يمنح الإنسان سلاما عالميّا ويعجّل بانكشاف مقام الحرّية.

لفت هوسّرل انتباه الانسانيّة لأزمتها بعد أن تحوّلت الإبداعات الانسانية إلى واقعات طبيعانيّة تُغيّب الإنسان وتنفي وعيه الخاص، واتّجه نحو الاحتجاج على النسق المقولاتي للفكر لأجل توجيه الفنومينولوجيا إلى حلّ أزمة الانسانيّة، وإلاّ سيظلّ الوجود مقفرا ويتحوّل داخل هذا المقام إلى معضلة يصعب التفكير فيها. بين تعرّج الثنايا واستحالة التفكير هذه، يسلك فرويد في كتابه كرب الحضارة دروبا بلا أمكنة راسخة، أفاضت بطريقة تحليليّة فهم ما بين الوعي واللاّوعي من تعاد منذ أن نُسيت مقاصد الأفعال.

تعِد هذه الدعوة لإيقاظ المقاصد بالنظر للأعمال الإبداعية كأدوات اتصاليّة مباشرة بالعالم، وهي الصورة الفضلى التي تستقدم التعابير لزحزحة الأصل عن الثوابت والتمّرد على حدودها البائسة. ليس في القول بالبؤس هنا ما يفيد عقم الانسانيّة أو يستحضر طفولة وعيها كما تصوّر ذلك ألان، وإنّما فيه أبعادا دقيقة ومختفية تتّجه إلى تخصيب الإبداع ودمجه في النسقيّة الثقافيّة السائدة، مادام الحقّ في المقاومة لا يزال مجازيا في كلّ مستوياته. قد يكون عصر التمثّل[3] الأعمق فهما لعنصر الجماليّة حين حاول أن يقنعنا بهِيف القبيح وعدّه أدورنو شرطا أساسيا لإمكان قول الجميل في كتابه في القبيح والجميل وفي التقنية نظريّة جماليّة. إنّ العودة لهذا الكتاب من أجل إضاءة مفهوم القبح، لا يعني تباعده عن مسألة البؤس لأنّه منه كان ومن دونه لا يكون، وإذا كانت الخربشة تّتسم بالبساطة وسرعة التنفيذ، فإنّ هذه السمة لا تعود إلى مهارة الفنّان، وإنّما تستحضر في جانب خفيّ منها مترسّبا يريد لنفسه أن يخرج ويعبّر بلغة تفتّح الحياة وليس بلغة العنف أو الهدم.

يجد هذا التوجّه منبته بالأساس في فنّ الغرافيتي الذي ظلّ الإبصار فيه يُغْني عن الأدلّة المنطقيّة في إظهار عناصره الجماليّة، فحتّى النظر لهذه الأثار لم يكن متأسّسا تأسيسا يمسّ ماهيتها وإلاّ لما أمكن لأحد أن يرفعها إلى الفهم أو الترجمة[4]. يرفع فرويد الحقيقة من مضمونها التقليدي إلى أصلها السيكولوجي، بوصفها ما يسمح برؤية ما احتجب. يفهم هذا الرفع بمعنى مصارعة الاختفاء والبحث عن إمكان استدعائه ورصد بواطنه، حتّى وإن كان الأمر عسيرا.

يتحوّل هذا المتخفّي إلى نصّ ثريّ لعمل فلسفي جديد يمتدّ نحو إعادة فهم للنص الفرويدي الذي كان قد كشف عنه منذ دروسه في التحليل النفسي؛ ذلك أنّه بين الخربشة والعبارة تواشج، فكلاهما لبعضهما البعض ولا يختلفان إلاّ في التسمية، بعد أن ارتبطت الجماليّة بالاختفاء.

تدوم الجماليّة في الاختفاء وتنتشر في أعمال الخربشية، لتظهر المقاصد التي تستجيب لظهورها حتّى لا تبقى دون معنى وإن كان ظهورها متعدّد الأطوار، فإنّ ماهيتها تستدعيها بالضرورة وتظلّ عالقة في قَفا ما يظهر. اعترف فرويد في تحاليله النفسيّة أنّ البقاء في دائرة الظاهر من الأفعال، يُبقينا على سطح ما يظهر دون أن نقتحم أسواره الداخليّة أو نفجّر ما دفن في أعماق التاريخ الطفولي. لذلك، لم يجد فرويد من مدخل لاستعادة جماليّة خربشات مرضاه، إلاّ بالعودة إلى هذا النفسي الغابر منذ مرحلة الطفولة، والذي وجد فيه ما يحتاجه من معان ودلالات، للخروج من غموض المسارات اللاواعية التي ظلّت لا تختلف كثيرا عن فعل الاختلاس الذي ينجزه الفنان الغرافيتي على القطارات أو الحافلات أو ما صنعه الفنان مارسال دي شامب[5] لمّا سمح لنفسه مجاوزة المؤسسة الفنية القائمة واستولى على لوحة الموناليزا ليضيف إليها الشوارب.

يأخذ مفهوم البؤس في المتن الفرويدي معنى في أعمال العُصابيّين دون أن يحدّد نمطا معيّنا من التفكير، بما يسمح بالتحرّك داخل وحدة أسمى هي البحث عن المعنى، والذي يتّجه لمقام عناصر دلالاته الواهبة معان للذوات والمسطّرة لخرائطهم وحدودهم، ففي حدودهم المجسّمة، يتحدّد المعنى الذي يختفي وراء النبش. نزع فرويد إلى الانفتاح على معبر التأويل للعبور إلى فكر مخفيّ دون السقوط في هاوية الذاتي وسلطة المراوغات التي تسم أعمال مرضاه. تلك هي رسالة الحفر في أنماط الرسوم بعد أن ظلّت تجيب عن تردّدات معكوسيّتها النشطة بأشكال متعدّدة.

2.- من فائض البؤس إلى مبدأ الأداء[6]:

يضرب الفنّان الخربشي علاقة حميميّة بين الغرافيتي والفكر في لغة مخصوصة بالصمت، وهي لغة لا تدرك معانيها إلاّ في جواهر أخرى بعد أن أفاض القمع طاقة إحيائيّة سمحت بظهور الحضارة أو ما يسميه ماركيز بمبدأ الأداء، الذي يعمل على سحب الطاقة من موضع الجسد الثائر وتحويلها إلى الأعضاء التناسليّة، ممّا يسمح للجسد أن يفعل دون متطلّبات للذائذ حتّى يُستخدم في الإنتاج.

ليست الفجوة بين العمل الغرافيتي ومبدأ الأداء فراغا وعبثا يُنجزه الواقع، وإنّما هو تخفّ يُثبت أنّ الفكر مهما أبدع، فإنّه يظلّ يحتاج إلى ضرب من ضروب القمع الذي يسمح باستمرار الحضارة في ذاتها، وهو ما يصبغ أعمال الخربشة بوعي البعد الجسدي وأثره على السلوك والتصرّفات. يحتّم هذا المبدأ انتفاء الحاجة لأيّ شكل من أشكال البؤس الزائد وإفراغ الذات من عمليّات الإبداع، بعد أن تحوّلت أجساد البشر إلى مناطق وأعضاء للذائذ جديدة بدلا من الألم.

هكذا يخلط الغرافيتي في قاموسه بين البؤس والأداء، ويتخوّف من سقوط أعماله في الابتذال والغرق في العادة اليوميّة، التي تساهم في تفقير النظر إليه، فيسعى إلى موضعة نفسه ضمن المسار السائد، أي ذاك المسار الذي يفترض وجود تبادل لا متوقّف بين الجسدي والواقعي، ويعود بالفكر الثائر إلى موقف الإنكار لما تصنعه له الذاتيّة، محوّلا كلّ إبداع إلى أعمال مألوفة تحلّ الغضب الفائر.

الافتراضية: أمريّة الغرافيتي

حين تلغى مسافة المفارقة بين الإبداع والاستسلام، يصبح الواقع السائد هو المرجعيّة الأولى وتشرع أزمنة الافتراضيّة بالحفر في الأعمال الفنّية سعيا لتوطّنها وتوقا في تخطّي الألم والبؤس إلى إتيقا الفرح الدائم. تلك هي سمة الأخلاق النفعيّة المنبثقة من الثقافة العالميّة، التي لا ترى في تشافي النفس إلاّ معيارا لسعادتها الساديّة. على هذا الأساس، يطلق فرويد بتأويليّته المفرطة القطب المضاد لأعمال مرضاه، بإعلان حاكميّة الجنسي وحده على أساس تأهيلهم وإعادة تصالحهم والواقع، كما لو أنّ المصالحة لا تأتي إلاّ كمرحلة لا حقة لمنعطف افتراضي تمّت هندسته في حدوده الجنسانيّة كما رأى ذلك لوكاتش، ذلك أنّ سيكولوجيا فرويد لم تكن سوى سيكولوجيا الرجل العاطل عن العمل.

يحمل هذ المنعطف الافتراضي الجديد الفنّان نحو دهاليز الصمت، بعد أن تُجرّد أعماله من معانيها وتُفرغ من كلّ دلالة ابتداء من ما يزيد من التماسف بين المادّة والفنّان، فيتموضع المعنى ويسلبه على سبيل الاختفاء، لاعتبار أنّ الجماليّة لا تأتي إلاّ من خلال الخضوع لسلطة العقلانيّة، والاعتراف بخصوصيّتها. ما يعني أنّ الغرافيتي الحقيقي، هو من يتغلّب على إحباطات الآمال المغدورة ويتجنّح بأهواء السلطة حتّى يُعيد التكلّم طبقا لكلّ مفصل من تطوّرات الثقافة الجديدة.

تلك هي الصفة التعيسة لفنّ الغرافيتي، والتي بموجبها سار ت الافتراضيّة المنتصرة بخيارات الحداثة، نحو البحث عن طريق أخر وترويجه تحت عناوين نظاميّة ونهائيّة، لأجل الاتصال بالإنسانيّة الملطّخة بالميديا السمعيّة والبصريّة. يمتزج الفن والواقع وتتقاطع الرموز ورغبات السياسي في الفكر كما يفضحها ريجيس دي بري، لتصير الخربشة علّة فاعلة للمجون وتنسج ضفيرة الفضاء العمومي والفردي، فتنزوي به في غرف الإتّجار وقصور الاستهلاك حتّى تروّج منتوجها من وراء دفق وسائلها المخصوصة كبخّاخ الرسوم وأقلام الإمضاء التي راحت تتخصّص فيها شركات الإتّجار كشركة مونتانا الألمانيّة التي تمتلك تقنيات واسعة من بخاخات قولد وبلاتينيوم وبلاك. هكذا، عندما تتدخّل الثقافة الاستهلاكيّة في أعمال الغرافيتي، فإنّ الفنّان في نظرهم هو من يمتثل لأوامرهم ويتسلّح بأدواتهم ويتذوّق الملذّات التي يبيحونها، ليضحى الفنّ تجربة متعة لا ثورة. ولكن هل يعني ذلك أنّ المتعة قد أطردت شبح التمرّد؟

خاتمة:

يتحوّل الغرافيتي إلى عمل فنّي يتطلّب التأويل ليكشف عن مقام وجود، يحمل الصمت فيه استعدادات فنيّة يشكّلها البعد البائس ويبحث له عن جواهر لجماليّة بديلة. فما ينبع من البؤس غير ما نفهمه في محاولات المتون الماركسيّة أو فلسفة البؤس. افتتح فرويد بؤس الذات المتطلّعة للإشباع لكنّها بقيت فاعلة في سيكولوجاه مع أخر وجوه السعي نحو مطالبها. صار المبدع منذ البدايات حاملا لمعناه في جوفه واتّجه يبحث لنفسه عن سكن بين الصمت والتكلّم تحت صدمة فقدان اللغة المخصوصة التي يمكن أن تنفرد بقول المسكوت عنه. وتحت عدم التعيّن في اللّغة ورموزها هذه، فإنّ الرائي هو وحده من يكون مخصوصا بعمق هذا الصمت في احتجابه وانكشافه، بذلك يلتقي الرائي والمرئي على أرض التحرّر والإبداع لأجل حدوث الحقيقة وتحققّها مقاما في الوجود، لِما قد يمّكنه من التحكّم في التاريخ وممارسة التفكير الذي يُغْني لحظة العبور من ضفّة لغة الخربشة إلى ضفّة لغة الاستيتيقا التي نحتاجها أكثر من أي زمن مضى. إذ، ليس العبور من بدِء إلى أخر هيّنا إلاّ على العابرين، أصحاب إرادات الاقتدار للقفز على ملذّات الواقع نحو فجوة تكون مقاما للقدّيسين، لذلك علينا أن نُهيّئ لهم أسباب المجيء وعوامل العبور إلى ضفّة تُحدث من فجوتها التحرّر والانعتاق.

 

 

المصادر والمراجع:

- البسيوني محمود، أسس التربية الفنيّة، عالم الكتاب، القاهرة

- عبيد كلود، نقد الإبداع وإبداع النقد، دار الفكر اللبناني، بيروت، 2005

- Stranger R, 1974, Psychology of personality, New York, M.C. Grow hill, fourth edition.

دراسات ونشريّات:

- حداد زياد، "الفن الغرافيتي والمؤسسة الفنية"، مجلة أبحاث اليرموك، سلسلة العلوم الانسانيّة والاجتماعيّة، 1997

- إلينا أرونتس، "الجرافيتي أثناء الأزمات"، ترجمة محمد الجوهري، 23 أوت 2012.

- مها مزيد، "فنّ الشارع كمثير لتنمية السلوك الجمالي في المجتمع"، مجلة بحوث، كلية التربية الفنيّة، جامعة حلوان، مصر 2008

- العبيدي جبار محمود حسن، "إشكالية القيمة والمعيار الجمالي في النحت المعاصر"، رسالة دكتوراه غير منشورة كلية الفنون الجميلة، جامعة بغداد 1993

[1] نذكّر في هذا المقام بكتاب مقالة الطريقة التي يعلن في طيّاته بنيّته نحو إعادة التحكّم في الطبيعة وجعل الإنسان سيّدا ومالكا لها.

[2] Heidegger, Le principe de la raison, traduit par A. Préau, Gallimard 1962, p 56

[3]عصر التمثّل، يتمّ فهمه في هذا السياق على أساس الفترة الزمانيّة التي يتمّ فيها التعبير عن الأشياء أو الأفكار أو الأحداث بشكل تمثيلي أو رمزي كوسيلة لفهم العالم.

[4]في هذا السياق يتّجه فرويد نحو فهم وتفسير أعمال مرضاه من أجل الكشف عن مكامن اللاوعي وتبيّن زيف الوعي.

[5] مارسيل دي شامب (1887- 1968)، فنّان فرنسي تحدّى الفكر التقليدي وحوّل العمليّة الفنية وسوّقها عبر أفعال هدّامة، شُهر من خلال قيامه بعمل فنّي لمبولة وأسماه النافورة. أنتج دو شامب أعمالا فنّية قليلة نسبيّا واعتبر أنّه ليس بإمكان الفنّان أن يؤدّي العمل المبتكر وحده، بل أنّ المشاهد هو من يجلب العمل من خلال الاحتكاك بالعالم الخارجي عن طريق فكّ رموز وتفسير مؤهّلاته الداخليّة.

[6] مبدأ الأداء، وهو مبدأ كان قد تحدّث عنه ماركيز بالأساس في كتابه إيروس الحضارة، أين تقوم الحضارة الرأسماليّة بإفراغ الجسد من مطالبه اللذويّة لأجل استخدامه في الإنتاج.