وظيفة النبوّة في الخِطاب الاستشراقي: قراءة نقدية في أطروحة مكسيم رودنسون


فئة :  مقالات

وظيفة النبوّة في الخِطاب الاستشراقي:  قراءة نقدية في أطروحة مكسيم رودنسون

وظيفة النبوّة في الخِطاب الاستشراقي:

قراءة نقدية في أطروحة مكسيم رودنسون

 ملخص الورقة البحثية:

تهدف هذه الدراسة إلى تتبع إشكال النبوّة في الخِطاب الاستشراقي المُعاصر؛ خاصة عند مكسيم رودنسون، وهو أحد أساطين التأليف في السيرة النبوية، حيث خصص تأليفا لهذه الغاية درس فيه "الظاهرة المحمّدية". وعلى سبيل التوجيه ليس غرضنا من هذا البحث دراسة إشكالية الاستشراق في شموليتها، فالمقام لا يتسع لإشكاليةٍ من هذا الحجم. وبخصوص الأسلوب المنهجي المعتمد في قراءة أطروحة الرجل، سنعتمد معول النقد والتحليل لكي نبْقى في دائرة العلم والموضوعية بعيداً عن التحليلات الأيديولوجية التي تنصّب المشانِق للكاتب بُغْية اتهامه، والاستخفاف من دعواه.

تمهيد:

مكسيم رودنسون (Maxime Rodinson 1915-2004) مستشرق وعالم اجتماع فرنسي، وهبَ نفسهُ للبحث في العالم الإسلامي. إنه من بين المستشرقين الذين تركوا إرثاً معرفيا ومنهجياً ضخماً، لا يشاركه في هذا الإرث، إلاّ الأسماء الكبيرة مثل: "نولدكه" و"إرنست رينان"، وقد امتاز بنظره الثاقب ومنهجه الاجتماعي. إن الاستشراق الفرنسي قدم لنا أسماءً لامعة؛ ورودنسون واحد من هذه الأسماء التي كان لها بالغ الأثر في الدراسات العربية والإسلامية، لوعدنا مثلاً إلى التيار الماركسي الإسلامي؛ أو بصيغة أوضح من حاولوا الربط بين الماركسية والإسلام كإشكالية نجدها تعود إلى ما كتبه الرجل وخاصة كتبه: "الإسلام والرأسمالية (1966)، "الماركسية والعالم الإسلامي (1972)، "جاذبية الإسلام"[1]. هذه الكتب تُرجِمَ أغلبها إلى العربية.

ولأجل فهم وظيفية النبوّة[2] في الخطاب الاستشراقي؛ رؤية رودنسون نموذجاً، قررنا الاشتغال على كتابه الموسوم بـ »محمد«[3]، حيث نُشر الكتاب أولَ مرةٍ باللغة الفرنسية في عام 1961، وأعيد طبعه مرة ثانية، لذا اعتمدنا في كتابة هذا المقال على الطبعة الثانية التي نشرتها دار "سُوي" لسنة 1968، وعدد صفحات الكتاب 428. فيبدأ الكِتاب بتوطئة عن مشكل المصادر، ثم فصل يتحدث فيه عن حالة العرب قبل الإسلام، أما الفصل الثاني فتحدث فيه عن جزيرة العرب وظروف العيش كالخيام واقتصاد الكفاف، والرعي والتجارة، وعن أخلاق القبيلة كالثأر والحرب، ثم في الفصل الثالث والأهم يتحدث فيه عن ولادة النبي محمد والظروف الصعبة التي مرّ منها، وكان لها انعكاس في تشكيل شخصيته في المستقبل، وهي تحليلات تعود إلى علم النفس التحليلي الفرويدي (Freud). أما الفصل الرابع فتحدث عن ولادة الطائفة/الأمة، بينما الفصل الخامس خصصه للحديث عن النبي المسلح، وهو أول مستشرق حسب أركون كتب عن النبي المسلح. وفي الفصل السادس، ناقش فكرة تأسيس الدولة، وأخيراً تطرق لفكرة الموت والخلاص.

أولا- مسح الطاولة: الشك في المصادر

تحدث رودنسون عن الكتابة حول سيرة النبي biographies du prophète وهي كثيرة، وفي أغلبها معقولة وجيدة، لكن السؤال الذي طرحه الرجل: لماذا إذن نحكي نفس القصة مرة أخرى؟[4] وفي إجابته عن هذا السؤال، لا يختلف كثيراً، عمّا ذهب إليه مؤلفو السيرة الذين سبقوه، منذ بيكر Becher ولامنس Lammens، بل سؤال الإضافة في حقل السيرة كان يراوده وهو يكتب مقدمة الكتاب. ومن بين الكتابات الجديدة التي نظرت نظرة مغايرة حول الإسلام الناشئ، أعمال منتغمري واط[5] M. Watt ويصفها بالأعمال الرائعة والجيّدة، بل يصرّح أنه سيكتب بنفس الطريقة ونفس المنظور.

ويحضر في أسلوب رودنسون منهج "مسح الطاولة" (Table Rase) الذي يجد أساسه في الشك والتشكيك في نصوص التراث التي لدينا، والتي كُتبت بعد وفاة النبي بما يُقارب في نظره مائة وخمسة وعشرين سنة. وأسلوب التشكيك هذا سبقه إليه مجموعة من الأسماء الاستشراقية: غولد زيهير وجوزيف شاخت الذين أظهروا حجم الضعف والنقص في موضوعية النصوص التراثية[6]. وفي الجهة المقابلة، يؤكد "الجندي المستعرب"[7] على أن المسلمين قد يكونون على وعي أو عدم وعي بحجم التلاعبات والتزوير الذي لحق كُتب التراث، فلا يوجد منهج علمي يمكننا من الفصل بين الصادق والكاذب، وبين الصالح والطالح، وبين الصحيح والخطأ، ويدفعنا إلى التسليم بلا جِدال أنه يعود إلى زمن النبي.

يحدد رودنسون طريقتين لكتابة سيرة النبي: إما انتهاج أسلوب علمي رصين يشكك في النصوص واتباع منهج الحفر والتنقيب عبر إزاحة رُكام المرويات التراثية، وإما الانخراط في كتابة سيرة نبوية تحكي عن أسطورة محمد[8] parler d’un mythe de Mohammad ?، فيجيب، لا اعتقد ذلك؛ أي يفضل عدم الانخراط في تضخيم الأسطورة.

ما من شكٍ في أن الخطاب الاستشراقي يرتكز على مرجعية الشك المنهجي الديكارتي، وهذه المنهجية وجدت لها أتباع ومؤيدون في العالم الإسلامي، نذكّر بالأطروحة الشهيرة لطه حسين حول "الشعر الجاهلي"، حيث توصّل بمنهجه ذي المرجعية الديكارتية إلى أن الشعر الجاهلي ليست له من الجاهلية غير الاسم، وفي أصله منحول بعد ظهور الإسلام. وبالعودة إلى خطاب الاستشراق في جانبه الماركسي نجد رودنسون اتبع أكثر طرائق الشك جذرية، حيث شكك في كل شيء ولم يُبق أمله سوى في القرآن الذي يمكن من خلاله كتابة سيرة النبي محمد. فشكك في نصوص التراث فأغلبها يعود إلى ما يقارب مائة وخمسة وعشرون سنة بعد وفاة نبي الإسلام. وبعدما سحب ثقته من مصادر التراث يقول بقي لنا القرآن، رغم أنه وثيقة يصعب استعمالها، ويحتاج لجهد جهيد، لكنه قاعدة صلبة c’est une base ferme. وإن كان القرآن أكثر صلابة ومتانة عند الرجل، فإن أركون المتأثر بالمدارس اللغوية المعاصرة، نجده كغيره ينظر إلى القرآن كنص يتوجّب "على قارئه أن يفك رموزه ويستخرج بواطنه بحثا عن بنيته اللاواعية، فالنص الواحد قد يقرآ على أنحاء مختلفة وهناك دراسات نفسانية أو تحليلية، سوسيولوجية أو إثنولوجية، تنتمي إلى الفلسفة أو إلى تاريخ الأفكار"[9]. ومن الباحثين من رأى في قول رودنسون عن أصالة وثيقة القرآن أنه "يُكرّر آراء بلاشير المعدود ضمن الاستشراق الكلاسيكي"[10].

تتبع أركون نواقص المنهجية الاستشراقية؛ ومنها المنهجية الماركسية التي اتبعها رودنسون، حيث تُبْقي على الوقائع المادية والملموسة وتلقي في سلة المتلاشيات بالعجيب والمدهش والأسطورة. لذا نجد الرجل يطرح موضوع الأسطورة من رؤية أنثروبولوجية مغايرة، وهو الأمر الذي لم يوله رودنسون اهتمامه، والذي اعتمد على التراث الإسلامي في كتابة نص محمد، مثلا يسلم مع التراث الديني الإسلامي بقصة الإسراء والمعراج من بيت أم هانئ دون أن يتساءل عن حجم البُعد الأسطوري في مثل هذه المرويات، فضلاً عن وظيفة الأسطورة في شحذ الذهن والمُخيّلة.

لو أردنا التعليق على مسألة المصادر، نقول إننا نتفق مع الباحث حسن قبيسي في رأيه القائل، إن رودنسون مارس نوعاً من الازدواجية، حيث اعتمد على سيرة ابن هشام أو طبقات ابن سعد أو تاريخ الطبري، لكن مع الشك في هذه المراجع[11]، والإبقاء على الثقة في القرآن[12]. وعرّج قبيسي على مشاكل الترجمة بخصوص آيات من القرآن، وإن كان استعمالها وظيفيا، يبقى "عدم الاتفاق حول المعنى[13]" بينه وبين بلاشير، الأخير بدوره استفاد كثيراً من المدرسة الألمانية في ترجمة القرآن، نذكر عمل نولدكه حول "تاريخ القرآن"[14]. إذن، فالخطاب الاستشراقي وقع ضحية التقليد على غرار ما وقع في الدراسات الإسلامية التي ظلت سجينة التلاخيص والشروح والنقل عن رواية السلف.

هكذا يمكن القول إن الخطاب الاستشراقي في مناقشته لمسألة أصالة النص القرآني لم يكن موحداً بل اختلف باختلاف المرجعيات والمشارب الفكرية التي ينهل منها كل فريق؛ "فهناك منهم من قارب أصالة النص القرآني على ضوء تحليلٍ تاريخيٍ لكيفية تشكل القرآن وانتقاله من الرسالة الشفهية إلى النص المكتوب، ومنه إلى المصحف الرسمي. وهذه مقاربة اقتضت من بعض المستشرقين إعادة النظر في ترتيب آيات القرآن وسوره كما هي الحال عند نولدكه. وهناك توجه آخر طرح هذه المسألة في سياق تحليل سيرة النبي قصد إظهار تدخل العامل الاجتماعية والنفسية في تحديد تشكل الخطاب القرآني، ويمكن أن نشير هنا، على سبيل المثال لا الحصر، إلى مكسيم رودنسون الذي طبقّ آليات التحليل النفسي في فهمه لتشكل ذلك الخطاب"[15].

ثانيا- السببية الاجتماعية وشخصية النبي محمّد

إن أول ما أثار انتباهنا لحظة قراءتنا لكتاب محمد، أن الرجل يُعلن عن منهجه المتبع في دراسة "الظاهرة المحمدية" والموسوم بـ: "السببية الاجتماعية للسيّر الذاتية الفردية la causalité sociale des biographies individuelles"[16]، وهي منهجية ذات جذور ماركسية، واهتمامه بالمنهج الماركسي لا بالفلسفة الماركسية التي كان من نواقصها إلغاء الدين والتشطيب عليه بحجة أنه أفيون يُعيق مسار الثورة، بل نشهد عكس هذه الأطروحة عودة قوية لعودة الدين إلى الفضاء العمومي، وتحدياً لأسطورة العَلمَنة[17].

وبالإضافة إلى هذه المنهجية ذات المنزع الماركسي، تحضر في نص الرجل منهجية علم النفس المرضي، حيث اجتهد الخطاب الاستشراقي في تقديم صورة عن النبي محمد تبدو في نظرهم واقعية وتاريخية بالاستناد إلى مناهج حديثة كعلم النفس المرضي، وهي الطريقة ذاتها التي انتهجها رودنسون في وصف حالة النبي محمد، فرأى في شخصه جمعٌ للمتناقضات؛ فهو الرجل الحكيم والمتزن والمتوازن، غالبا ما يكون دبلوماسيا في اتخاذ قراراته الحربية، كما أنه يتصف بالشجاعة والوضوح. لكن خلف هذه الشخصية المتوازنة توجد شخصية لها مزاج عصبي، عاطفي، مضطرب، مليء بالتطلعات المتحمسة إلى المستحيل، وقد وصل هذا الاندفاع حد المرضية[18] pathologique.

اعتمد رودنسون على تحليلات علم النفس المرضي، وطرح فرضية أن النبي محمّد كان يستقي أفكاره من ممارسات الكُهّان وتكوينهم، أو طقوس الصوفيين وحركاتهم. فذات نوبات الصرع التي تصيب الكهّان والعرافيّين، والأمر ذاته يُقال عن النبي محمد، حيث رأى الباحث حسن قبيسي في هذه التحليلات النفسية نوع من "الإسقاط"[19] المتمثل في نقل مفاهيم من سستام (système) فكري معين هو السستام الفرويدي وتطبيقها على حقل مختلف تماما وهو حقل الدراسات الدينية.

ويضيف ذات الباحث أن ما هو مسلَّم به اليوم لا يعني أن الاتفاق كان حوله بالأمس، وخير دليل ما يعنيه مفهوم اللاوعي عند فرويد وتحليلاته عن علاقة الطفل بالأم، قد تفهم اليوم بالمعنى الاتصال الجسدي، لكن في الأمس الأزلي كانت تعني غير الأم الجسدية، قد تعني الأرض كما لدى شعب الأمازيغ. وعندما يقول رودنسون أن مفهوم اللاوعي معترف به ومسلم به اليوم، يدفعنا إلى التساؤل عن دلالة مفهوم اللاوعي عند كل من "يونغ" و"فروم"، هل لهما نفس المعنى؟ يبدو أن الشواهد كثيرة من "أنثروبولوجيين رصينين حذروا من خطورة اسقاط مفاهيمنا المعرفية الحالية على الأقدمين"[20].

افتتح رودنسون الفصل الثالث المعنون بـ: ولادة النبي، بالشك في تاريخ الولادة، حيث شكك في التاريخ المحدد لولادة النبي وفق حسابات مشكوك فيها للغاية من 567 إلى 573، وكثيراً ما تم اعتماد [21]571. وولد النبي في مكة والده يسمى عبد الله وأمه أمينة وجده هاشِم من قبيلة قريش. وبعدما كانت مكة مجهولة إلى وقت قريب من ولادة النبي، ستتحول إلى مركز تجاري[22] un centre commercial، ولا شك بفضل موقعها الاستراتيجي والمتواجد عند ملتقى طريق يمتد من الشمال إلى الجنوب، ومن اليمن إلى فلسطين، وأيضاً الطرق التي تربط الغرب بالشرق، وساحل البحر الأحمر، حيث يمكن للمرء أن يصل إلى إثيوبيا والخليج العربي.

وهذه الشكوك الاستشراقية المعاصرة تبدو لنا وريثة مدرسة الأب هنري لامنس، وهو صاحب فكرة أن ولادة نبي الإسلام كانت »متأخرة بعض الشيء عن سنة 570م «[23].والأمر اللافت للنظر أن الأب هنري لامنس اليسوعي لا يُؤْتمنُ على علمه، فغرضه من تأخير ولادة النبي عشر سنوات حتى ينقض القول الشرعي الذي يقول إن محمداً بُعِث على رأس الأربعين من عمره، ويخرج إلى القول إنه ما دام الأنبياء يبعثون على رأس الأربعين ومحمد قد صدع بالدعوة على رأس الثلاثين فمحمد ليس نبيا[24].

وعلى ذلك يمكننا القول إن الخطاب الاستشراقي يحاول أن يجد الفروق بين المسيحية والإسلام، حيث وقف على وجه المفارقة بين ولادة النبي محمد الذي جاء نتيجة اتصال بين أبوين بشريين، في حين ولادة المسيح على النقيض من ذلك، حيث ولد من دون نشاط جنسي بشري[25].

إن أصل الخِلاف بين المسيحية والديانتين: الإسلام وبدرجة أقل اليهودية أنهما تملكان اعتراضات على المبادئ المسيحية الممثلة في »إنكار التثليث وتجسُّد الإله، والطبيعة الإلهية للمسيح«[26]، بحيث تمكنّ المسيحيون بالردّ بقوة على هذه الاعتراضات، لمّا نظروا إلى القرآن أنه كتابُ تناقضات، وأن نبيّ الإسلام غارق في ملذات الدنيا وشهواتها. وهذا في رأينا وجه من المُمَاحَكات الجدلية التي رسمتها المخيّلة المنتصرة وتتضمن قدراً كبيراً من التضخيم والتهويل.

ومن بين المستشرقين الذين كتبوا عن فكرة ختم النبوة، "فان إس"، حيث أرجعها هذا المستشرق إلى أصولها »المانوية«[27]. وسبب إثارة فكرة ختم النبوة من أجل تفنيدها لإثبات فكرة عودة المسيح المسيحية، وبهذا يكون عمل المستشرق هو إثبات تهافت ركائز الدين الجديد؛ الإسلام. نشير أيضاً إلى مسألة "أمية" النبي أثارت جدلاً واسعا لدى المستشرقين، و"فان إس" أيضا علّق على الأمر بعودته إلى النصوص التاريخية التي وجدها تبرر الأمية »كصفة للناس الذين لم يحظوا بكتاب إلهي«[28]. وفي ذات السياق، يرى أن الأمية منصوص عليها في القرآن في الآية 157 من سورة الأعراف، للإشارة أن أميته تثبت »كون محمد لم يحصل على الوحي من غيره«[29]. وأنه تكلم بلسان عربي مُبين، لكن هذا لا يعني في نظر "فان إس" أن يكون »معلمه تكلّم لغة أخرى عبرية؟ آرامية؟«[30]. وهنا يتجلى المقصد ومن وراء هذا القول؛ هو نفي أصالة الرسالة المحمدية بحجة أنه كان يتحدث إليه كتبة يهود أو مسيحيين، والسرد في هذا الباب مليء بالإسرائيليات.

تطرق "الجندي المستعرب" إلى الحالة الاجتماعية للنبي، أنه ظل لفترة طويلة عازباً غير متزوج، وهذا يُخالف الأعراف والتقاليد في قبيلته ومحيطه الاجتماعي، والسبب يعود إلى فقره[31] sa pauvreté، وهذا تفسير ناتج عن اعتماد السببية الاجتماعية للسيّر الذاتية الفردية. فكانت فرصة زواج محمد سانحة، فتدخل أبو طالب فزوّج السيّدة أم هانئ وهي سيدة أرملة من النبي محمد، حيث إن زواج أبناء العم كان يحظى بتقدير كبير من قبل المجتمع القبلي[32]. ويذكر رودنسون قصة نوم النبي في بيت أم هانئ ليلة رحلته إلى السماء، أو ما يسمى بحادثة "الإسراء والمعراج"، وهذا في نظرنا ليس جديداً، وإنما موجود في كتب الحديث، ورواه ابن هشام في السيرة النبوية.

وعن المسألة المتعلقة بوصف النبي محمد بأنه عبقري، وأحد أبطال التاريخ، نجد من الباحثين من رأى فيها وصفا دارجا في كتابات المستشرقين، وردنسون لم يأتِ بجديد بخصوص هذه المسألة؛ فالخطاب الاستشراقي »خطاب ميّال إلى التقليد داخل نسق الاستشراق ذاته، بأخذ الخلف عن السّلف. وما يأتي به الخلف من "جديد" يتلقفه اللاحقون، أو مَنْ في معناهم (المتأثرون بالخطاب الاستشراقي). ولن تُفضي هذه الطرائق إلا إلى تعطيل التطور في الخطاب الاستشراقي«[33].

ما من شك في أن رودنسون استعمل التحليلات النفسية، ورأى في النبي محمدا أنه لم يكن سعيداً، رغم كل ما يملكه. وبناء على هذه الفرضية، قدم تفسيرا لمعنى الأبْتًر[34] d’abtar على ضوء أخلاق وعادات القبيلة، أي الرجل الذي يحرم من الأبناء الذكور الورثة، فهي وصمة عار عند العرب القدماء، كما عند الساميين عموماً، والرجال الذين عانوا من هذا الوصم الاجتماعي سموا باسم أبتر.

تطرق رودنسون إلى وضع جزيرة العرب قبل الإسلام، حيث كان بها شعراء وكهنة، ولقب الكاهن Kohen في الأصل كان منتشراً بين اليهود، ومن مميزات الكاهن أن له رؤى تتطلع للمستقبل، له صفة الإخبار والتنبؤ بالمستقبل، وبالتالي مجيء النبي محمد وإخبارهم بنبوءته سهّل على قومه نعتُهُ بالكاهن، والشاعر، وغيرها من الألقاب، لكن محمدا لم يكن كاهناً[35].

مجمل القول إن قضية القدح في النبي محمد لعبة انبرى لها المستشرقون، وحاولوا تفنيد وتكذيب نُبوة النبي محمد، ونزع الأصالة عنها وأنها مجردة من الصوت الإلهي، وجعلوا رسالته في »مصفّ هؤلاء الكُهان ومرتبتهم«[36]. وعن الآيات الكريمة خاصة القُصر منها أدرجها المستشرقون في خانة النثر المسجوع. يقول بروكلمان: »فالآيات زاخرة بالصور الرائعة، عابقة بالنفس الخطابي الذي يضج بين جنباته التناغم الموسيقي، والإحساس الشعري الأصيل، ثم إنها كانت، كنفثات الكهان الوثنيين، قصيرة جداً، في العادة، ومقدّماً لها بصيغ قًسًمية غير مألوفة«[37].

ثالثا- نشأة الإسلام: النبي المسلّح le prophète armé

اعتمد رودنسون في تفسيره لنشأة الإسلام على عوامل اجتماعية واقتصادية كانتا سببا في انهيار المجتمع القَبَلِي، فظهرت ظواهر اجتماعية؛ كالفقر والجوع "والبؤس المدقع الذي غالبا ما كانت تتخبط فيه جموع الأعراب كان يغري بها إغراءً شديداً للاستيلاء بالقوة على الثروات"[38]. وهذه التفسيرات الاجتماعية لنشأة الإسلام تعكس الأثر الذي تركه منتغمري واط[39] على رودنسون. ولا شك أن هذه التحليلات الاجتماعية تُنسف فرضية حاجة الإنسان إلى المطلق/الله خاصة لدى المجتمعات المُسماة بدون كتابة، أو مجتمعات اقتصاد الكفاف الزاهدة في الحياة الروحية والنافِرة من الحياة المادية.

يرى رودنسون في الإسلام أنه وريث ديانتين توحيديتين: هما اليهودية والمسيحية، وهي فكرة متضمنة في كتاب المسلمين، لكن المسيحيين شككوا في نبوة النبي واتهموه بالزندقة والكذب، بغرض تجريده من أصالة النبوة manière à dépouiller celui-ci de toute originalité» «[40]. وأصول هذه الأفكار تجد أساسها في الاستشراق الأنجلوسكسوني خاصة قوله في السيرة بمثابة فنطازيا؛ »ولا سيّما أطروحة كرون وكوك في كتابهما الهاجَرية (1977) الذي أثّر في كثير من الدراسات الغربية عن ظهور الإسلام«[41]. وبالتالي، فالاستشراق الفرنسي يُدين بالشيء الكثير إلى الاستشراق الأنجلوسكسوني؛ على سبيل المثال: »لا يخفى على قارئ كتاب محمّد لرودنسن (1961) اعتماده على منتغمري واط في مسائل عديدة، بل أخذه بآرائه في غير مسألة«[42].

وحاول الاستشراق أن يُشعل نار النعرات عبر البحث في المختلفات، فمن أهم المستشرقين الذين أثاروا فكرة تنوّع المصادر؛ المستشرق "فان إس"؛ معناه تنويع المصادر بين قطب الشيعة وقطب السنة، واختلاف الأمصار والأماكن ليبيّن المسائل الخِلافية التي وقعت بعد موت النبي، وخاصة منذ الخليفة الثالث؛ ومن بين هذه المسائل: مسألة المصاحف وترتيب السور، ومسألة نسخ مواضع معينة من القرآن، وتوصل هذا المستشرق إلى أن »القدسية على القرآن«[43] غير محدد الاتفاق حولها بشكل قطعي. ودليله »أن الخوارج في إيران اعترضوا على سورتي يوسف والشورى، وفي مكان ما في مصر احتفظ بلوحة من العاج من سنة 70هـ، كتبت عليها الآية 121 من سورة المائدة في صيغة تحيد عن الأصل قليلاً«[44].

ومن بين المسائل الفكرية التي حظيت باهتمام المستشرقين عملية النسخ، و"فان إس" أحد هؤلاء، حيث ينظر للنسخ على أنه عمل فقهي بامتياز؛ أي نتاج تراكم تاريخي حصل بداية مع العهد القديم؛ التوراة، ثم العهد الجديد مع المسيحيين، لذا فعملية القُدسية والتحوير التي لحقت النصوص عملية تراكمية استفاد منها دعاة الدين الجديد؛ الإسلام، إلا أنهم »قاموا بالعملية بصورة ميكانيكية جداً؛ لم يراعوا أن إضفاء القدسية لا يسبق الاعتراف بمكانة الكتاب، وإنما يتبعها«[45].

يمكننا التوصل إلى استنتاج مفاده أن المستشرقين كانوا انتقائيين تجاه مستودع الروايات والمصادر الإسلامية؛ فكل منهم يأخذ ما يخدم مقاصده ونواياه، وبهذا يكون الخطاب الاستشراقي وقع ضحية النقل وانحرف عن القصد المعلن بداية؛ أي نقد وتفكيك الروايات الإسلامية. بهذا يكون نقد أركون مزدوجا؛ نقد للتأريخ الإسلامي، ونقد للمنهجية الاستشراقية المتماهية في أغلب أفكارها مع الرواية الخطية الإسلامية، من بين القضايا الخلافية بين أركون والمستشرقين كيفية معالجة مسألة الأسطوري والتاريخي في الرواية الإسلامية؟

عند قراءتنا لمتن أركون نجد مسألة التاريخي والأسطوري حاضرة، سواء في النص المؤسِّس أو في السيرة النبوية ومعالجتها على ضوء الإنتاجات الفكرية المعاصرة؛ خاصة الأنثروبولوجيا، بينما تغيب عن رودنسون أو مُغيبة بشكل واعي؛ لأنه يتماهى مع الرواية الإسلامية ويأخذ بقاعدة ما اتفق حوله الرواة[46]. والخطأ جراء النقلِ[47] واردٌ حسب العلاّمة ابن خلدون. لذا يرى الباحث قبيسي أن هناك أمورا غير مادية، ويصعب على المنهجية الماركسية استيعابها؛ "كواقعة بدر مثلاً، أو إسراء النبي إلى المسجد الأقصى ومعراجه إلى السماء، أو انشقاق الأرض لابتلاع غائطه"[48].

السؤال الذي حفزنا الباحث قبيسي على طرحه: هل محمد أركون بنيوياً، بينما رودنسون مستشرق تقليدي كاره "للموضة المنهجية"؟ إن منهجية أركون تعددية تنهل من حقول معرفية شتى ومتعددة، لذا يسهل تتبع آثار هذه الموضة المنهجية في المتن الأركوني. نقرأ الشاهد التالي: »يقترح أركون تحليلاً بنيوياً للنص القرآني«[49]. على اعتبار أن التحليل البنيوي يمكننا من استكمال فهم النصاب الخطابي، أي تدلّنا على حالة المجتمع وظروف النص في جزيرة العرب لحظة تشكل النص ونزوله في القرن السابع الميلادي، منبهاً أركون أن لحظة النص الشفهي ليست ذاتها أثناء الكتابة. بينما رودنسون على شاكلة جمهرة من المستشرقين كبرنار لويس الكارهين للموضة المنهجية البارسية. "فهو -رودنسون- يصفها بالوصف الذي درج عليه كثيرون: الموضة الفكرية"[50].

ومن جهتنا، نرى في نقد حسن قبيسي لرودنسون أنه يأتي من مرجعية بنيوية، وهي مدرسة/موضة فكرية سيطرت في المنتصف الثاني من القرن العشرين، ومن مرتكزات هذه الموضة قوله: "إن اتفاق الرواة على واقعة ليس معياراً لتصديقها"[51].

وفي الشق المتعلق بالسياسي، كتب رودنسون فصلاً معنوناً بـ: "النبي المسلح le prophète armé"، متسائلاً: ما هي الخطط التي كان يخطط لها محمد وأبو بكر في طريقهما إلى المدينة؟ ومن بين المسائل التي تظهر أن النبي محمد رجل سياسة، طرحه لفكرة صحيفة/دستور المدينة.

ويعلّق محمد أركون على غرابة العنوان النبي المسلح، بالقول إن الغربيين يكنّون»العداء المزمن للإسلام ونبيّه في الغرب منذ أقدم العصور وحتى اليوم. ومصطلح النبي المسلح من استخدام مكسيم رودنسون في كتابه عن النبي محمد. وهكذا يقارنون بين عنف محمد أو لجوئه للعنف والسلاح/ وبين ضعف يسوع ورفضه لأي عنف ولأي سلاح...لكأن الظروف في عهد يسوع هي نفسها في عهد محمد! ولكنهم يحاولون أن يربطوا بأي شكل بين الإسلام والعنف منذ البداية. وكأنَ العُنف لم يُمارس في المسيحية أثناء الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش...إلخ«[52].

ما من شك في أن المسيحية قديماً والغرب حديثاً كانتا في حاجة إلى تضخيم العلاقة بين الإسلام والعنف، لإقناع الإنسان الغربي العادي بمشروعية العنف المسيحي؛ لأن المسيح بقوله: "من ضربك على خدك الأيمين فأدر له الأيسر"، دليل على أنه كان يرفض العنف، بينما المسيحية طورت من خططها الاستراتيجية وبررت العنف باسم المقدس، وجان فلوري أحد الباحثين الذين أرجعوا هذا إلى »تأثير الإسلام على المسيحية«[53].

إن جذور الصورة التخيلية عن الإسلام قديمة، تعود إلى كتابات المسيحيين في العصر الوسيط، ويمكن إدراج هنا اسم يوحنا الدمشقي، حيث كانت أعماله تأسيسية في رسم ملامح المسلم؛ أي (السرازانيين Saracens). والدمشقي، "ترعرع في بيئة عربية بيزنطية وإسلامية، قد ساهم، بقسط وافر، في إثراء الجدل الكلامي بين الإسلام والمسيحية"[54]. وهذه الصورة المسيحية عن الإسلام تبقى في نظر نور الدين أفاية، "بعداً فانتازياً ينشط المخيلة، ويحرك الوهم، أكثر مما يستدعي النظر العقلي الهادئ"[55].

ينظر رودنسون إلى الفعل السياسي حاضر في سلوك النبي، ومن أمثلة ذلك صحيفة المدينة كوثيقة حُددت لها غاية العيش المشترك بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب لتشكيل أمة موحدة، وضامنة أيضاً حق اليهود والوثنيين، وهو الأمر الذي شكك فيه أغلب المستشرقين اليهود، بالقول إن المجتمع لم يكن هادئاً كما صورته الصحيفة، وإنما مجتمعاً ساخناً ومتحركا، ودور النبي في هذا المجتمع الواسع متواضع. إنه ببساطة وسيط الله l’intermédiaire d’Allah لإرضاء وتهدئة الخلافات بين أعضاء المجتمع.[56]

هذه الأحكام الجاهزة عند رودنسون حول النبي تجد أساسها في الوعي المسيحي والغربي. لذا، فالاستشراق وقع في مزالق يصعب تعْدادها نذكر تهمة ارتباطه بخدمة الكولونيالية، وهو ما كشف عنه الحجاب والسر إدوارد سعيد، في "الاستشراق"، ثم وقع ضحية خطأ منهجي يتعلق بالتقليد والاستنساخ أحياناً، وبالإسقاط أحايين أخرى، وهذه أمور سوف نعود إليها لاحقاً في بحث منفرد.

في المحصلة يبقى القِدْح المُعلّى من نصيب رودنسون في طرح قضايا السيرة النبوّية بصورة مختلفة، وبخصوص سؤاله المطروح سلفاً لماذا نكتب سيرة النبي محمد مرة أخرى؟ يكون قد أجاب بالقول إن كل باحث يكتب سيرة النبي، فهو يعكس على محمد همومه ومشاكله، أو هموم جيله[57]. بينما حسن قبيسي رأى في كلام رودنسون "عن النبي محمد هو كلام عن محمد آخر"[58].

استنتاجات:

كانت الغاية التي وجهت هذا البحث هي إبراز الآليات المنهجية التي اعتمدها الخطاب الاستشراقي وخاصة الاتجاه الماركسي في تحليله للظاهرة المحمّدية، ومن أجل فك ملامح الشخصية المحمّدية، استعان رودنسون بعُدةٍ منهجية تنهل من علم التاريخ والفلسفة الماركسية وعلم النفس المرضي، وكانت النتيجة نزع الطابع الأسطوري عن كثير من المرويات الدينية، حتى وإن كان يُسلّم ببعضها خِدمة لأطرحته.

1_ يرى رودنسون أن المستشرق "أسير الاستشراق، محبوساً في جيتّو[59]، ومتلذّذاً فيه في كثير من الأحيان"[60]. وهذه النظرة فرضتها ضرورات علمية منحت المستشرقين حق الفيتو للاستعلاء على غير الأوروبيين، وهذه الوضعية شوّهت رويتهم بقوة. وبالتالي تتعرض المجتمعات المدروسة لتشوهات جراء هذه النظرة السريعة، مثلاً اليوم تقدم قراءات للإسلام في وسائل الإعلام الغربي، وهي قراءات سريعة، ناتجة في أغلبها عن أناس غير متخصصين، صحافيين في الأصل، كما أشار أركون كثيراً إلى الضرر الذي يُلْحق بالإسلام كدين جراء هذه القراءة المتسرعة، وأحياناً قد تُعْجِب الاتجاه التبجيلي المؤجج لمشاعر العداوة[61].

2_ لا يمكن تدمير أيديولوجية المستشرق الراضخ لضغوطات المجتمع البورجوازي الليبرالي، أيديولوجية القومية، إلاّ بإيديولوجية معاكسة، تعتمد النقد، وتنهل من مكتسبات العلوم الاجتماعية[62]؛ وخاصة السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا، لاستشكال الماضي وفهم الحاضر. بهذا يبقى رودنسون في نظري، رجلاً افتتن بمشاكلنا وقضايانا، وفتح أعيننا على التاريخ الواقعي ودحر التاريخ التبجيلي.

3_ يبقى أركون في نظرنا قد نجح بقلقه المعرفي في وصف خطاب الاستشراق أو الإسلاميات الكلاسيكية، بأنها خطابٌ غربيٌ حول الإسلام، والظاهرة المحمدية ليس بمنأى عن هذا الخطاب؛ فالغاية تفكيك وظيفة النبوة حتى وإن تعددت المناهج؛ فمنهم من اعتمد في مقاربته الفقه اللغوي الذي يجعل من تحقيق النصوص ومردها إلى أصلها هدفاً له، ومنهم من اعتمد على المنهج الماركسي الاقتصادي الذي ينكر أي دافع قدسي أو اعتقادي كما نجد لدى مكسيم رودنسون.

 

 

قائمة المصادر والمراجع:

العربية:

-          أركون محمد، قراءات في القرآن، ترجمة: هاشم صالح، دار الساقي، بيروت، الطبعة العربية الأولى، 2017

-          أركون محمد، قضايا في نقد العقل الديني، كيف نفهم الإسلام اليوم؟، ترجمة هاشم صالح، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط. 1، أبريل 1998

-          بروكلمان كارل، تاريخ الشعوب الإسلامية، ترجمة نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، ط. 5، 1968

-          بزاينيّة حسن، في نقد الخطاب الاستشراقي: سيرة محمّد ونشأة الإسلام في الاستشراق الفرنسي، سلسلة المعرفة الدينية، تونس، ط. 1، 2019.

-          جلول فيصل، الجندي المستعرب: سنوات مكسيم رودنسون في لبنان وسوريا (1940-1947)، دار الفارابي، ديسمبر 2012.

-          سوذرن ريتشارد، صورة الإسلام في أوروبا في العصر الوسيط، ترجمة وتقديم رضوان السيّد، دار المدار الإسلامي، بيروت، ط 2، يناير 2006

-          عبد الرحمان ابن خلدون، المقدمة، تحقيق عبد السلام الشدادي، بين الفنون والعلوم والآداب، الدار البيضاء، ج. 1، 2005

-          فازيو نبيل، الإسلاميات التطبيقية هاجسُ التنوير: مدخلٌ إلى مشروع محمد أركون، منتدى المعارف، بيروت، ط. 1، 2017

-          فان أس جوزيف، علم الكلام والمجتمع في القرنين الثاني والثالث للهجرة (الجزء الأول)، ترجمة سالمة صالح، منشورات الجمل، بيروت، ط. 1، 2008

-          قبيسي حسن، رودنسون ونبيّ الإسلام: مقدمة حول التفسير الماديّ-التاريخي لنشأة الإسلام، دار الطليعة، بيروت، ط. 1، يونيو 1981

-          كازانوفا خوسيه، الأديان العامّة في العالم الحديث، ترجمة قسم اللغات إشراف الأب بولس وهبة، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، ط. 1، 2005

-          مبروك علي، النبوّة من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ: محاولة في بناء العقائد، دار التنوير، بيروت، ط. 1، 1993

-          مكسيم رودنسون، جاذبية الإسلام، ترجمة إلياس مُرقص، دار التنوير للطباعة بيروت، سنة (2003).

-          نور الدين أفاية محمد، الإسلام في متخيل الغرب: في مكونات الصور النمطية الغربية عن الإسلام، ضمن كتاب: الإسلام والغرب (الأنا والآخر)، إشراف محمد عابد الجابري، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، ط. 1، 2009

-          نولدكه تيودور، تاريخ القرآن، نقله إلى العربية جورج تامر بالتعاون مع فريق عمل، منشورات الجمل، بغداد، 2008

الأجنبية:

-        Maxime Rodinson, Mahomet, éditions du seuil, février, 1968

[1]- مكسيم رودنسون في كتابه: جاذبية الإسلام؛ وهو في الأصل مخطوطين متفاوتين في الحجم، وجهّ وجهه شطر المعضلات الواقعية، والمتعلقة بالمتخيل، صورة الأنا والآخر، "وأن كل صورة إنما هي أيديولوجية"، وبالتالي يمكن للمرء اختيار الصورة العزيزة على قلبه دون أية مبررات. وحوار الشرق والغرب هذا ظل في أساسه أيديولوجي، يعكس حقيقة الطرف الراوي للقصة، وبفضل السوسيولوجيا يمكننا النظر "للطريقة التي بها تنصهر وتتحدد (تتعيّن) وتتطور مواقف وتصورات مجموعة شعوب تتمتع بثقافة متشابهة حيال مجموعة أخرى من النموذج نفسه". انظر: مكسيم رودنسون، جاذبية الإسلام، ترجمة إلياس مُرقص، دار التنوير للطباعة بيروت، سنة (2003)، ص ص 6-7

[2]- ينبغي الإشارة إلى أن كتاب رودنسون معنون بـ: محمد، وأثناء القراءة وجدنا أنفسنا أمام مفهومين لعنونة مقالنا هذا؛ إما وظيفة النبوة أو الظاهرة المحمّدية، فقوع اختيارنا على وظيفة النبوة، والشاهد التالي يشرح المقصد من ذلك، "تمثل النبوّة لحظة انحلال التعارض بين النسبي والمطلق وانصهارهما في هوية واحدة. ولذا فهي تظهر توحداً في المقاصد بين الله والإنسان وتعبر عن اتفاق القصد الإلهي الذي يمثله الوحي مع حركة الروح الإنساني الشاملة، وبعبارة أخرى تمثل النبوة لحظة يكون فيها القصد الإنساني مضموناً لقصد إلهي". انظر: علي مبروك، النبوّة من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ: محاولة في بناء العقائد، دار التنوير، بيروت، ط. 1، 1993، ص 26

[3]- Maxime Rodinson, Mahomet, éditions du seuil, février, 1968

[4]- « A quoi bon alors raconter une fois de plus la même histoire ? » Rodinson, Mahomet, p 9

[5]- Ibid, p 9

[6]- Ibid, p 11

[7]- سنطلق لفظ "الجندي المستعرب" على رودنسون، وهو في الأصل كتاب من تأليف فيصل جلول، الجندي المستعرب: سنوات مكسيم رودنسون في لبنان وسوريا (1940-1947)، دار الفارابي، ديسمبر 2012

[8]- Rodinson, Mahomet,op. cit, p 12

[9]- حسن قبيسي، رودنسون ونبيّ الإسلام: مقدمة حول التفسير الماديّ-التاريخي لنشأة الإسلام، دار الطليعة، بيروت، ط. 1، يونيو 1981، ص 31.

[10]- حسن بزاينيّة، في نقد الخطاب الاستشراقي: سيرة محمّد ونشأة الإسلام في الاستشراق الفرنسي، سلسلة المعرفة الدينية، تونس، ط. 1، 2019، ص 35

[11]- اعتمد رودنسون على عدة أسماء من التراث كابن إسحاق، الطبري، الواقدي، ابن سعد، كانت حاضرة أثناء صياغته وتأليفه لنص النبي "محمد". انظر: Rodinson, Mahomet, op. cit, p 11

[12]- حسن قبيسي، رودنسون ونبيّ الإسلام، مرجع سابق، ص30 (التشديد من عندنا)

[13]- حسن قبيسي، رودنسون ونبيّ الإسلام، مرجع سابق، ص 30

[14]- انظر: تيودور نولدكه، تاريخ القرآن، نقله إلى العربية جورج تامر بالتعاون مع فريق عمل، منشورات الجمل، بغداد، 2008

[15]- نبيل فازيو، الإسلاميات التطبيقية هاجسُ التنوير: مدخلٌ إلى مشروع محمد أركون، منتدى المعارف، بيروت، ط. 1، 2017، هامش ص ص 56-57

[16]- Rodinson, Mahomet, op. cit, p 10

[17]- خوسيه كازانوفا، الأديان العامّة في العالم الحديث، ترجمة قسم اللغات إشراف الأب بولس وهبة، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، ط. 1، 2005، ص 25

[18]- « Et pourtant, derrière toute cette façade, il y a un tempérament nerveux, passionné, inquiet, fiévreux, plein d’aspirations impatientes et ardentes à l’impossible. Cela allait jusqu’à des crises nerveuses d’une nature tout à fait pathologique ». Mahomet, p 82

[19]- حسن قبيسي، رودنسون ونبيّ الإسلام، مرجع سابق، ص 12

[20]- حسن قبيسي، رودنسون ونبيّ الإسلام، مرجع سابق، ص 14

[21]- Rodinson, Mahomet, p 64

[22]- Ibid, p 65.

[23]- كارل بروكلمان، تاريخ الشعوب الإسلامية، ترجمة نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، ط. 5، 1968، ص 32

[24]- كارل بروكلمان، تاريخ الشعوب الإسلامية، انظر: تعليق عمر فروخ هامش الصفحة 32

[25]- Rodinson, Mahomet, p 68

[26]- ريتشارد سوذرن، صورة الإسلام في أوروبا في العصر الوسيط، ترجمة وتقديم رضوان السيّد، دار المدار الإسلامي، بيروت، ط 2، يناير 2006، ص 40.

[27]- جوزيف فان أس، علم الكلام والمجتمع في القرنين الثاني والثالث للهجرة (الجزء الأول)، ترجمة سالمة صالح، منشورات الجمل، بيروت، ط. 1، 2008، ص 55

[28]- جوزيف فان أس، علم الكلام والمجتمع، مرجع سابق، ص 59

[29]- المرجع نفسه، ص 59

[30]- المرجع نفسه، ص 59

[31]- Rodinson, Mahomet, p 77

[32]- « Les mariages entre cousins sont en effet bien vus par la société bédouine ». Mahomet, p 77

[33]- حسن بزاينيّة، في نقد الخطاب الاستشراقي، مرجع سابق، ص 45

[34]- Rodinson, Mahomet, p 82

[35]- « Mohammad n’était pas un kâhin », Mahomet, p 88

[36]- كارل بروكلمان، تاريخ الشعوب الإسلامية، مرجع سابق، ص 37

[37]- المرجع نفسه، ص 37

[38]- حسن قبيسي، رودنسون ونبي الإسلام، مرجع سابق، ص 52

[39]- حسن بزاينيّة، في نقد الخطاب الاستشراقي، مرجع سابق، ص 48

[40]- Rodinson, Mahomet, p 75

[41]- حسن بزاينيّة، في نقد الخطاب الاستشراقي، مرجع سابق، ص 8

[42]- المرجع نفسه، ص 8

[43]- جوزيف فان أس، علم الكلام والمجتمع، مرجع سابق، ص 60

[44]- المرجع نفسه، ص 60

[45]- المرجع نفسه، ص 62

[46]- حسن قبيسي، رودنسون ونبيّ الإسلام، مرجع سابق، ص 35

[47]- "(...) وكثيراً ما وقعَ للمؤرخينَ وأيِمّةِ النقلِ من المغالطِ في الحكايات والوقائع لاعْتمادهم فيها على مجردِ النقْل غثًا وسمينًا". عبد الرحمان ابن خلدون، المقدمة، تحقيق عبد السلام الشدادي، بين الفنون والعلوم والآداب، الدار البيضاء، ج. 1، 2005، ص 9

[48]- حسن قبيسي، رودنسون ونبيّ الإسلام، ص 36. ينظر: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله، إني أراك تدخل الخلاء ثم يجئ الذي يدخل بعدك فلا يرى لما يخرج منك أثرا، فقال: يا عائشة! أما علمت أن الله أمر الأرض أن تبتلع ما خرج من الأنبياء؟ هذا الحديث أخرجه أبو نعيم في (دلائل النبوة): 2 / 443- 444، حديث رقم (364) تحت عنوان: بوله وغائطه (صلى الله عليه وسلم)، وقال السيوطي في (الخصائص الكبرى) 1 / 176: لهذا الحديث عدة طرق، هذه التي أخرجها أبو نعيم، وأخرى أخرجها البيهقي من طريق حسين بن علوان، وأخرى أخرجها الحاكم في (المستدرك)، وطريق رابع أخرجه الدارقطني في (الأفراد)، قال: حدثنا محمد بن سليمان الباهلي، حدثنا محمد بن حسان الأموي، حدثنا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة، فذكر نحوه، ثم قال ابن دحية في (الخصائص) بعد إيراده: هذا سند ثابت، محمد بن حسان بغدادي ثقة صالح، وعبدة من رجال الشيخين.

[49]- حسن قبيسي، رودنسون ونبيّ الإسلام، مرجع سابق، ص 33

[50]- المرجع نفسه، ص 47

[51]- المرجع نفسه، ص 15

[52]- محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، كيف نفهم الإسلام اليوم؟، ترجمة هاشم صالح، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط. 1، أبريل 1998، هامش ص30

[53]- محمد نور الدين أفاية، الإسلام في متخيل الغرب: في مكونات الصور النمطية الغربية عن الإسلام، ضمن كتاب: الإسلام والغرب (الأنا والآخر)، إشراف محمد عابد الجابري، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، ط. 1، 2009، ص 119

[54]- المرجع نفسه، ص 111

[55]- المرجع نفسه، ص 112

[56]- Rodinson, Mahomet, p 198

[57]- حسن بزاينيّة، في نقد الخطاب الاستشراقي، مرجع سابق، ص 32

[58]- حسن قبيسي، رودنسون ونبي الإسلام، مرجع سابق، ص 134

[59]- الجيتوّ: مفهوم سوسيولوجي يعبر عن المَعزل الذي يعيش فيه مجموعة من الناس طوعاً أو كرهاً، ويقصد به رودنسون ذلك الأسر الميثودولوجي الذي يحبس المستشرق فيه نفسه، وأحياناً يتلذذ بهذا السجن الأيديولوجي. انظر: مكسيم رودنسون، جاذبية الإسلام، ص 93

[60]- المرجع نفسه، ص 93

[61]- "إن الإسلام لم يؤجّج مشاعر العداوة فقط، بل ما بدا عداوة كان نتيجة أحياناً لافتتان تيارات فكرية اعتبرت نفسها أكثر جدارة بتمثيله باعتباره تراثاً إنسانياً مفتوحاً". انظر: محمد الحداد، مواقف من أجل التنوير، دار الطليعة ورابطة العقلانيين العرب-بيروت، ط. 1، (يوليو) 2005، ص 194

[62]- أثناء مؤتمر الغريب العجيب أو العجيب المدهش، ألقى محاضرة بعنوان: العجيب والمدهش في القرآن. فدعا أركون الباحثين إلى تشكيل علوم جديدة، وخاصة علم ألسنيات خاص باللغة الدينيةـ وتفاعل مكسيم رودنسون مع المداخلة، وردّ أركون بجواب ينطوي على حس الفكاهة، "أنا لم أنتظر علم سيميائيات كامل للغة الدينية حتى أنخرط في العمل، فأنتم تلاحظون أني قد رميت نفسي في الماء". انظر: محمد أركون، قراءات في القرآن، ترجمة: هاشم صالح، دار الساقي، بيروت، الطبعة العربية الأولى، 2017، ص 329