حوار مفتوح بعنوان: "الإسلاموفوبيا في أوربا...حالة نقاش"

فئة: أنشطة سابقة

حوار مفتوح بعنوان: "الإسلاموفوبيا في أوربا...حالة نقاش"

استضاف مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي يوم الثلاثاء الموافق 19 يوليو 2016م الباحث في الشؤون الإسلامية البراء إبراهيم القصاص في حوار مفتوح بعنوان: "الإسلاموفوبيا في أوربا...حالة نقاش"، وذلك بمقر الأبحاث بجاردن سيتى.

شهد اللقاء حضورًا من المهتمين، وأدار تفاصيل الحوار الباحث عبد الله أحمد، الذي أكد في افتتاحيته أنّ الإسلام كان يمثّل شكلًا من أشكال الثقافة الروحانية المضادة في أوربا، تحصن بها وانبهر العديد من اليساريين والتقدميين، حيث شهد أوائل القرن العشرين ظهور المجتمعات والمؤسسات الإسلامية الأولى في أوروبا الغربية، ومعها تحول كثيرون في بريطانيا وهولندا إلى الإسلام. وبحسب الفيلسوف الأوروبي اليهودي، هوغو ماركوس، فإنّ الإسلام لم يكن موجودًا في أوروبا في السنوات التي تلت الحرب العالمية الأولى فحسب، بل بالنسبة إلى بعضهم، لعب الإسلام دورًا حيويًّا في المناقشات حول ما يجب أن يبدو عليه مستقبل القارة.

من جانبه بيّن المحاضر أنّ الجاليات الإسلامية في الغرب تكونت على أنقاض الجماعات الإسلامية في الشرق وحطامها، هذه الجماعات الفارة من اضطهاد الأنظمة لها، إذ كان العديد من الأوربيين يصارعون ذواتهم في خضم خيبة أملهم العميقة من الحضارة الغربية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ويكنون انبهارًا كبيرًا تجاه الدين الشرقي، حيث كانوا يسعون إلى الحصول على بديل ديني حديث وعقلاني وروحاني في الوقت نفسه، والكثير منهم تحولوا في نهاية المطاف إلى الدين الإسلامي.

وبسؤاله عن الكيفية التي تكونت بها الجاليات الإسلامية في الغرب، وهل استدعت هذه الجاليات بعض إيديولوجياتها من الشرق، أم استطاعت أن تتفاعل مع الغرب وتندمج في المجتمع الجديد ؟ أوضح المحاضر أنّ هذه التكوينات الجديدة في الغرب قامت من حطام بعض التيارات الإسلامية في الشرق، وأنّها استدعت أيديولوجيتها معها من الشرق، فلعبت هذه الأيديولوجيات دور المحرك الرئيس لتوجهات هذه الجاليات الوليدة، وكانت السلفية الوهابية، ومنطلقات الإخوان المسلمين من أشد الحاضرين في التوجه الإسلامي الغربي. وكذلك استدعت معها بعض قضاياها التي كانت غير مطروحة في المجتمع الجديد، وعلى سبيل المثال كانت التوجه السلفي في أمريكا في بداية التسعينيات، وكانت تتحدث مثلاً عن الأضرحة !

وأوضح أنّ الخطاب الشيعي في الغرب لا يقدم نفسه على أنّه شيعي بقدر ما يظهر نفسه من خلال التصوف؛ لأنّ فكرة التصوف فكرة متعدية للأديان.

من جانبه تدخل المحاور مع الباحث، حيث أكد عبد الله أحمد أن لا أحد يستطيع أن ينكر دور مدرسة الاستشراق في دراسة الدين الإسلامي والفكر الإسلامي، وسواء كانت محاولة الشرق لــقبول توفيق لهذه الدراسات وما أثمرت عنه من النزاع بين طرفي (الأصالة والمعاصرة)، أو رفضه أو عرضه، تبقى مدرسة الاستشراق رائدة في الدراسات الدينية الإسلامية وعلى سبيل المثال لا الحصر: كتاب المستشرق الأمريكي "ولتر ملفيل باتون" "أحمد بن حنبل والمحنة" من كلية الفلسفة بجامعة هيدلبرج بألمانيا، وقد نشر عام 1897م بألمانيا، وكذلك أرند جان فِنْسِنْك، الذي ألف كتاب "مفتاح كنوز السنّة". وأوضح أنّ حالة دراسة الشرق تغيرت تغيرًا كبيرًا منذ منتصف القرن العشرين تقريبًا، فأصبحت الدراسات الغربية تأتي في محاولة الفهم لا الهجوم كما كان قديمًا، فأكبر موسوعة تهتم بالشأن الإسلامي هي "دائرة المعارف الإسلامية"، وكان صدورها باللغة الإنجليزية، وتُعنى بكل ما يتصل بالشأن الإسلامي من الناحية: الدينية، أو الثقافية أو السياسية أو الأدبية أو الاجتماعية ..... وغيرها، وما زالت إلى الآن هي أكبر دراسة مهتمة بهذا النوع،  فالدراسات الغربية أخذت منحى التقارب والفهم، وليس العداء والهجوم.

 وبالنسبة إلى الوضع الاجتماعي للمسلمين الجدد في الغرب في التراث الإسلامي ذكر عبد الله أحمد أنّ أول حالة بدأت تطل برأسها على العلاقات الشخصية كانت حالة السيدة زينب بنت الرسول وأبي العاص بن الربيع، وأخبار الرسول بأنّه لا يجمع بين مسلمة وغير مسلم؛ لأنّ عقد الزواج في الإسلام عقد دينيّ، فمنع الإسلام الزواج بين مسلمة وغير مسلم، وإن كان أجازه بين المسلم وغير المسلمة بشرط أن تكون "كتابية". والصورة الآن أصبح فيها بعض الصعوبة حتى بين المسلم وغير المسلمة، وإن كانت الحالة المجتمعية العامة لم تشهد حالة اضطراب الأحوال الشخصية، إلا أنّ الحالة المستدعاة من كتب التراث والتي تم تدوينها في مرحلة الحروب الصليبية (القرن السابع والثامن والتاسع الهجري)، وأصبحت تلك الصورة المستدعاة في الوقت الراهن، ثم طرح سؤاله على المحاضر عن مدى التأثير الاجتماعي الذي يحدثه ذاك في المسلمين الجدد في الغرب؟

أوضح المحاضر أنّ فكرة الإسلام في الغرب باتت مزعجة وربما مرفوضة، فمعنى أن يعلن الشخص إسلامه أن يدخل الإنسان في قطيعة مع أسرته، وحتى مع أصدقائه المقربين؛ وهو ما أظهر مشكلات جمة تقف حائلاً أمام اندامج المسلمين في  المجتمع الغربي، ولقد لخص أحد المهتمين بهذا الشأن مشكلاتهم في ثلاثة محاور: الإقامة، العلاقات، الانتماء.  

وأكد كذلك أنّ حالة الإسلاموفوبيا تعود إلى ما تداولته بعض الأدبيات الإسلامية من تقسيم البلاد إلى: دار كفر، ودار إيمان، وهل يجوز للمسلم أن يمكث في دار الكفر، وما هي شروطه، وهذا انعكس بالضرورة، على حالات الانتماء والإقامة والعلاقات، فهل يكون انتماء المسلمين الجدد لوطنهم أو إلى أماكن ثانية؟ وما الذي أفرزته من العلاقات وما مدى ترابطها؟ لغياب حالة دراسة معمقة عن المجتمعات الغربية وأوضاعها.

وأرجع المحاضر: أنّ مشاكل الفوضى المؤسسية ومعاناة الحكومة وارتفاع معدلات الدفع لتيارات  الإسلاموفوبيا يعود جزء كبير منه إلى: غياب المؤسسة الحاضنة للفكر الديني الإسلامي المعتدل، فالمسلمون في الغرب يمثلون حركات منفصلة، لا تجمعهم رابطة مؤسسية، والغرب بطبيعته لا يقبل ولا يجبذ التعامل مع الأفراد، فهو يريد مؤسسة تجمع شمل المتفرق، ليستطيع التعامل معهم.

وبسؤاله حول إمكانية استمرار الوضع على ما هو عليه: أجاب بأنّ المسلمين إن لم يقوموا بالعمل المؤسسي اختيارًا، سيقومون به اضطرارًا.

والبراء إبراهيم القصاص، يعمل محاضراً للجاليات الإسلامية الوافدة في مؤسسة سفراء الهداية، كما يعمل مترجمًا ومعرّبًا لشركات ومواقع عالمية، وعمل كذلك محاضراً لبرنامج إعداد العلماء فى مؤسسات عديدة بجنوب أفريقيا، تخرج فى جامعة الأزهر حيث درس العلوم الإسلامية والاستشراقية بالإنجليزية والألمانية.

 

البحث في الوسم
الإسلاموفوبيا