ملف العدد: الهمجيّة والحضارة
172
2016 )9(
العدد
الذي نستخلص منه التأكيد على قيمة المساواة، فالرجل والمرأة مخلوقان، وخلقهما تمّ من
6
لإسباغ المشروعية الدينية على معياره الأول
.
7
نفس واحدة
ويشدّد رضا على المساواة بين الجنسينعندما يتوقفلإبراز أنّ إيمان النساء كإيمان الرجال، وأنّ أركان الإسلام واجبة على المرأة وجوبها
على الرجل إلا في حالات استثنائية كزمن الحيضوالنفاس بسبب عدم توفر شرط الطهارة.
والملاحظ أنّ رضا لمّا كان يرمي إلى إبراز الصورة المشرقة للمرأة في الإسلام سكت عّ يمكن أن يحرج هذا المسعى. نذكر على سبيل
المثال حديثاً يحتجّ به على نقص عقل المرأة ودينها رواه أبو هريرة عن الرسول يقول فيه: «ما رأيت ناقصات عقل ودين أقدر على سلب
ذوي العقول عقولهم منكنّ يا معشرالنسوان فقيل: يا رسول الله ما علامة نقصان عقولهن وأديانن؟ فقال: جعلتشهادة امرأتين بشهادة
.
8
رجل، والمرأة تمكثشطراً من عمرها لا تص ّ، ويمضيعليها اليوم والخمسة لا تصلي سجدة واحدة»
ولئن وقع التسليم بصحة هذا الحديث فإنّنا نجد من خرق إجماع الفقهاء وهو الفقيه الظاهري الأندلسي ابن حزم، فهو يعترض على
الاحتجاج بهذا الحديث لاستخلاص نقصعقل المرأة، ويستحضر أمثلة لبعض الرموز النسائيّة الكبرى في الإسلام وقبله مثل مريم أمّ
عيسى وعائشة زوج الرسول وفاطمة ابنته ليبّ أنّ من الرجال من هو أنقصديناً وعقلاً من النساء. وهذا لا يعني أنّ ابنحزم يلغي فكرة
.
9
نقص المرأة بل إنه يقرّ بها، لكنه يحصرهذا النقصفي وجهين فقط هما الشهادة وكونا إذا حاضتلا تصّ ولا تصوم
غير أنّ ابن حزم لم يذهب إلى حدّ إنكار الحديث فهو مدوّن في صحيحي البخاري ومسلم، وإيمانه بصحّة مدوّنة الأحاديث وعدالة
الصحابة يقف حاجزاً بينه وبين ردّ هذا الحديث، إلا أنّ العصر الحديث الذي شهد مراجعة هذه المسلّمات والمعتقدات برز فيه من ينتقد
هذا الحديث وغيره من الأحاديث المعادية للنساء سواء على مستوى السند أو المتن.
يتابع رضا مسعاه الرامي إلى ترسيخ قيمة المساواة من خلال فكرة التساوي في الجزاء في الآخرة بين الرجال والنساء اعتماداً على
من سورة النحل «من عمل صالحاً من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا
97
الآية
يعملون».
يواصل رضا محاولته البرهنة الواقعية على تطبيق المساواة بين الجنسين في الإسلام من خلال فكرة رابعة تتمثل في مشاركة النساء
للرجالفي الشعائر الدينية والأعمال الاجتماعية والسياسية، لكنّ تحليل رضا في هذه النقطة ضعيفومتناقض، فهو منجهة يقرّ أنّ النساء
.13
ـ نذكر من بين هذه النصوص الآية: «يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى ..»، الحجرات
6
.1/3
ـ النساء
7
.87/1 ،
، كما رواه مسلم في صحيحه
405/1،
- هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه
8
- يقول ابن حزم تعليقاً على هذا الحديث: «إن حملت هذا الحديث على ظاهره فيلزمك أن تقول إنك أتمّ عقلاً وديناً من مريم وأم موسى وأم إسحاق ومن عائشة
9
وفاطمة، فإن تمادى على ذلك سقط الكلام معه ولم يبعد عن الكفر، وإن قال لا، سقط اعتراضه واعترف بأنّ من الرجال من هو أنقص ديناً وعقلاً من كثير من النساء،
فإن سأل عن معنى هذا الحديث قيل له قد بّ رسول الله وجه ذلك النقص وهو كون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل وكونها إذا حاضت لا تصّ ولا
تصوم، وليس هذا بموجب نقصان الفضل ولا نقصان الدين والعقل في غير هذين الوجهين فقط، إذ بالضرورة ندري أنّ في النساء من هنّ أفضل من كثير من الرجال وأتم
ديناً وعقلاً غير الوجوه التي ذكر النبي، وهو عليه السلام لا يقول إلا حقاً فصحّ يقيناً أنّه إ ّا عنى ما قد بيّنه في الحديث نفسه من الشهادة والحيض فقط، انظر الفصل
.55-54/3 ،
في الملل والأهواء والنحل
حمادي ذويب




