Next Page  173 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 173 / 362 Previous Page
Page Background

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة

173

2016 )9(

العدد

تشاركن الرجال في العبادات الاجتماعية كصلاة الجماعة والجمعة والعيدين، لكنّه من جهة أخرى يعلن أنّا لا تجبعليهنّ تخفيفاً عليهنّ،

فهل من شأن هذا أن يرسّخ المساواة بين الجنسين؟

تطرّق رضا في الشأن السياسيوالحربي إلى أنّ المرأة تتوّ النصرة الحربية والسياسية، لكنه يقرّ أيضاً أنّ الشريعة أسقطتعن النساء وجوب

القتال بالفعل، وهذا يدلّ على عكس ما ابتغاه أوّلاً ، فمن الواضح أنّه لا مساواة بين الجنسين في تصور الشرع الإسلامي إن في القتال وإن

في السياسة. ففي القتال تضطلع المرأة بدور المساعدة في تجهيز الطعام وتضميد الجراح وسقي الماء والتحريضعلى القتال، أمّا على الصعيد

السياسي فإنّ رضا يتحدث أوّلاً عن حق من حقوق المرأة السياسية في الإسلام وهو منحها الأمان للأعداء المحاربين والعمل بذلك الفعل.

تطرّق رضا ثانياً إلى حق المرأة المسلمة في انتقاد الحكّام تطبيقاً لمبدأ الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر، لكنفي مقابل هذا سكتعن حق

المرأة في المشاركة السياسية وفي توّ السلطة. فالواضح أنّ كلّ ما يمكن أن تستخلصمنه مواقفلا تدعم رغبته في تقديم صورة وردية

للمرأة المسلمة فإنّه يحذفه ولا يتطرق إلى ذكره.

يمرّ صاحبكتاب«حقوق النساء في الإسلام» إثر ذلك إلى بحثحقوق النساء في التعلّم والتأديب، فيذكر في البداية أنّه ثبتمن طرق

، ويورد بعد ذلكسنداً لهذا الخبر آية

10

عدّة أنّ الشفاء بنت عبد الله المهاجرة القرشية العدوية علّمتحفصة بنت عمر أم المؤمنين الكتاب

تتضمن أمراً بكتابة الدين وإمكانية التعويل على شهادة المرأة في هذه العملية، لكنّ هذا لا يخدم مبتغى رضا لأنّ الآية لا تتحدث عن حق

النساء في التعليم ولا تفيد أنّا مساوية للرجل، فالمرأتان تقومان مقام الرجل الواحد حسب نصّ الآية «واستشهدوا شهيدين من رجالكم

.

11

فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممّن ترضون من الشهداء...»

وقد اكتفى رضا بذكر بعض الأمثلة عن وضعية تعلّم المرأة أثناء حياة الرسول ولم يسعَ إلى بيان بعض الشواهد التاريخية المتعلقة بتعليم

المرأة في المجتمع الإسلامي عبر العصور، فهل كان يسمح للمرأة بالتعلم خارج بيتها؟ هل كان من حقها أن تشاهد معلّمها؟ ما مدى

شيوع تعليم المرأة في الأقطار الإسلامية؟ كم تبلغ نسبة المتعلمات والعالمات مقارنة بنسبة المتعلمين والعلماء؟

لقد كان هاجسرضا عبر كتابه بيانهمجيّة وضع المرأة قبل الإسلام وإبراز الصورة المتحضرة التي أصبحتعليها بعد ظهور الإسلام،

وهو ما تجلى عند تطرقه إلى حقوق النساء في الزواج. ففي الصورة الهمجيّة للزواج قبل الإسلام بّ أنّ العربفي الجاهلية كانتلهم أنواع

من الزواج الفاسد «الذي كان يوجد عند كثير من الشعوب وما يزال بعضه إلى اليوم في البلاد التي تغلب عليها الهمجيّة، فمنها اشتراك

.

12

الرهط من الرجال في الدخول على امرأة واحدة وإعطاؤها الحق في الولد أن تلحقه بمن شاءت منهم»

ومن هذه الأنواع نكاح الاستبضاع، وهو أن يأذن الرجل لزوجه أن تمكّن من نفسها رجلاً معيناً من الرؤساء والكبراء الممتازين

بالشجاعة والكرم ليكون لها منه ولد مثله. ويكرّر رشيد رضا وصف الشعوب التي تمارس هذه الأصناف من الزواج وغيرها بالهمجيّة

، وهذان النوعان مبنيان في نظره على قاعدة حسبان المرأة ملكاً للرجل يتصرف

14

ونكاح الشغار

13

عندما يتحدثعن نكاح البدل والمبادلة

.313/24 ،

  ـ رواه الطبراني في الكبير

10

.282/2،

  ـ البقرة

11

.22

  ـ رشيد رضا، حقوق النساء في الإسلام، ص

12

  ـ نكاح البدل: هو أن ينزل رجلان كلّ منهما عن امرأته للآخر.

13

  ـ نكاح الشغار: هو أن يزوج كل من الرجلين الآخر بنته أو أخته أو غيرهنّ ممّن تحت ولايتهما دون صداق.

14

الهمجيّة والحضارة من خلال قراءة رشيد رضا لمنزلة المرأة في الإسلام