212
2016 )9(
العدد
*
إبراهيم مجيديلة
) ماي، وبرحاب
12
و
11
، وعلى امتداد يومين: (
2007
في سنة
اجتمع فيها
1
، انعقدت ندوة دولية
)Lausanne
جامعة لوزان (
مفكرون ينتمون إلى تخصصات متنوعة بغية دراسة فكر فيلسوفة
السياسة حنا أرندت. وقد عالجت الأوراق المقدمة مواضيع
متعددة كالسلطة والحكم والحرب والسياسة والفكر والعلم
والتقنية. واتجه أغلبها، بغض النظر عن مرجعياتها وغاياتها، إلى
التأكيد على راهنية فكر حنا أرندت في فهم إشكالات الواقع
المعاصر، وحلّ شفرات أزماته العميقة، واستلهام عناصرمقاومة
لمواجهة هذا الوضع المخنوق بالأزمة. وربما كان دافع العودة إلى
حنا أرندت واستدعاء فلسفتها السياسية، هو أنّ اللحظة التي
يعيشها العالم المعاصر هنا - الآن، لا تختلف عن اللحظة التي
عاشتها حنا أرندت، إنّا التجربة الإنسانية نفسها بكلّ تعقيداتها
وتفاصيلها. ولهذا كان المناسب استلهام المفاهيم الفلسفية
والسياسية والرؤى التحليلية والنقدية، التي صاغتها حنا أرندت
من أجل الاستفادة منها والعمل على تطوير بعضجوانبها.
وإذا أردنا أن نرسم صورة عامة لأعمال هذه الندوة، أمكن
القول إنّا قاربت ثلاث قضايا كبرى متداخلة فيما بينها. تخص
الأولى العلاقة بين السلطة والحرب، وتخص الثانية منظومة القيم
وحقوق الإنسان عملاً بمبدأ حنا أرندت «حق التمتع بالحقوق»،
فيما تخصالأخيرة العلاقة بين الفكر والشرالسياسي. وخلفهذه
القضايا يتوارى سؤال مركزي يضفي عليها الوحدة والانسجام،
*باحث من المغرب
- نشرت أعمال هذه الندوة في كتاب تحت عنوان:
1
Lire Hannah Arendt aujourd`hui: pouvoir, guerre, pensée,
jugement politique, L’Harmattan, 2008.
حنا أرندت
الإنسان في مواجهة تفاهة الشر
ويتعلق بالبحث في دلالة الإنسان في ظلّ الأزمة، وسبل المحافظة
على هويته.
الأزمة كإطار للتفكير:
تظهر فلسفة حنا أرندت تعبيراً عن تجربة شخصية وتاريخية
كبرى، فهي تجربة مفكرة من أصول يهودية وطالبة للفلسفة في
، عانتمنمعاداة السامية ثم من النازية، وأجبرت
1930
ألمانيا سنة
، ثم بعد
1940
إلى
1933
على الهجرة التي قادتها إلى فرنسا ما بين
. وحسب
2
سنة وفاتها
1975
إلى
1943
ذلك إلى أمريكا ما بين
تتخذ حياة حنا أرندت شكل سرد مسكون
3
جوليا كريستيفا
بهواجس القلق الفكري والوجودي المرتبط بسؤال الذاتوالهويّة
والحضور في العالم، فهي كائن إنساني تعرّض لمحاولة التجريد
من إنسانيته، وسلب هويته، وطمس معالم خصوصيته بسبب
كونا مغايرة جنسياً: (امرأة) وعرقياً (ساميّة) ودينياً (يهوديّة)
للإيديولوجيا التي فرضها النظام النازي.
وشكلت هذه الأزمة/التجربة الشخصية والتاريخية بالنسبة إلى
حنا أرندت الإطار النظري العام لفلسفتها ـ فهي موضوع تجربة
معيشة وموضوع تفكير في الآن نفسه- كما ساهمتفي تحديد معالم
منهج تفلسفها الذي يتحدد فيصورة فينومنولوجيا أنثروبولوجية
ويتخذ طبيعة نقدية، وتُعنى هذه الفينومنولوجيا
4
وسياسية
2 - Françoise Colin, L’Homme est-il devenu superflu ? Edition
Odile Jacob, Paris, 1999, p: 09.
3 - Julia Kristeva, le génie féminin, la vie, la folie, les mots, Hannah
Arendt, T1, Paris, Gallimard, 1999, p : 27.
4 -Ibid. p19
مقالات




