أطروحات أولية للمساهمة في فهم فكر ما بعد المجتمعات الصناعية


فئة :  مقالات

أطروحات أولية للمساهمة في فهم فكر ما بعد المجتمعات الصناعية

أطروحات أولية للمساهمة في فهم فكر ما بعد المجتمعات الصناعية

تصدير:

هذا ليس مقالا بالمعنى المعتاد للمقال، بل هو نوع من التصنيف لأفكار عامة وسريعة حول بعض النماذج المنتقاة وفق معايير معلنة، ربما عدنا للموضوع بتفصيل أكثر تحليلاً وعمقا.

تريد نظريات عديدة أن تفهم ماذا يقع الآن بعد المجتمع الصناعي وبزوغ العولمة والثورة الرقمية؟

قبل مناقشة الأمر، لابد من العودة إلى النظريات المؤسسة لنفهم أمرين: كيف انتقل المجتمع التقليدي إلى الحديث؟ وكيف تأسست العلوم الاجتماعية التي حاولت قبل كل شيء فهم ذلك التحول؟ ثم بعد ذلك نعرج على النظريات الجديدة بعد صناعية.

I. خصائص المجتمعات التقليدية

المجتمعات التقليدية، والتي كانت تنعتها العلوم الاجتماعية المؤسسة بمصطلح الجماعات قبل أن تتأسس المجتمعات الحديثة هي المجتمعات المحلية، سواء كانت قرى أو مدنا قديمة أو حتى فيوداليات مبنية على الفروسية واستغلال سواعد الأقنان.

بماذا تتميز هذه الجماعات؟

إن أول ما يميزها نشاطها الزراعي أو الرعوي، أو هما معا، مع اعتبار النشاطين التجاري والصناعي ثانويين. هي مجتمعات مبنية مورفولوجيا على القبيلة أو العشيرة والأسرة الممتدة التي يتضامن أفرادها لضمان الاستمرار عبر الغذاء الذي يوفره الحقل أو المرعى.

إنها مجتمعات صغيرة العدد ديمغرافيا، ولا يربطها بالدولة سوى الضرائب أو التجنيد في الحرب، وعلاقاتها بالنبلاء المحليين أقوى، سواء نبلاء السيف أم نبلاء الكنيسة.

هذه المجتمعات شبه الراكدة، والتي تعيد إنتاج نفسها إلى ما لا نهاية، هي مجتمعات اللاتمايز والبساطة في تقسيم العمل، وتعرف الجميع على الجميع. التعرف الذي يسهل وضع الحدود والعلامات والقيم والمعايير، فيتم التفاعل الضيق والتنشئة النمطية الراعية لمصالح الجماعة واتزان الأفراد وفق ذلك.

في هذه المجتمعات التي يمكن نعتها بالعرفية تتم العلاقات والتفاعلات وفق قيم جماعية دنيوية أو دينية مبنية على التضامن والتآزر، والانغلاق النسبي من أجل صناعة هوية تمكن من الاستنفار والعمل على الاستمرار وإعادة إنتاج المجتمع. هذه الهوية لا تبنى على مستوى القيم فحسب، بل تنتقل إلى وضع قواعد للسلوك ملزمة، بها يتم الجزاء وفق المسؤولية الجماعية في أغلب الحالات.

المجتمعات التقليدية تشتغل بدقة فائقة، كل فرد يعرف وظيفته ودوره الذي يهبه له المتاح الطبيعي والقيم والأعراف، والتوافقات التي ترسبت عبر التاريخ، والتي قد تتحجر أحيانا ليصبح أمر تجاوزها غير ممكن. وللأمر إيجابيات مثل الاستقرار والاندماج والتضامن، لكن يمكن للأمر أن تكون له سلبيات الانغلاق وحتى التطرف أحيانا.

في هذه المجتمعات لا يأتي التغير إلا بطيئاً أو عنيفاً.

في الجماعة نكون بصدد ما قبل الدولة واحتكارها للعنف والتشريع، وجمع الضرائب وبناء الجيش والأمن والقضاء. نكون بصدد جماعات تسير نفسها بنفسها وفق أعراف شفهية أو مكتوبة، ووفق نظرة سحرية للعالم يكون فيها للأسلاف مكانة رمزية مقدسة، وكذلك لكائنات علوية وسفلية تتدخل للجزاء ما لم يتم بصيغة أرضية، أو تزكي الجزاء الدنيوي متى وقع، أو تعارضه إن لم يتم الرضى. لهذه الكائنات التي تصنعها الجماعة، كما للأسلاف وظائف وأدوار ليست معيارية وإلزامية فحسب، بل تتدخل في اليومي كله وتحدد كيفية إدراك العالم من الكوسموجونيا ونظريات تفسير العالم وميلاده وتدبيره، حتى التوغونية المرتبطة بشجرة أنساب الآلهة وأنصاف الآلهة والأبطال، مرورًا بالإحيائية اليومية التي تهب لكل ما يدب وما لا يدب روحا يجب مراعاته بإرضائه أو التفاوض معه.

هذه المجتمعات جد رمزية تهب الدلالة لكل شيء إسقاطا أو تبريرا أو تقمصا.

وبذلك يمكن أن نتحدث عن اعتكاف هذه المجتمعات حول أصنامها "مسحورة" لا تنتظر أي رشد أو نزع سحر أو عقلانية دون إغفال أهمية المعرفة العملية والملائمة، وحتى حكمة الأفذاذ.

إلى جانب هذا العالم "المسحور" يقع نوع من الرشد بالدين وشرائعه، لكنه رشد نصفي يحاول نزع السحرية الشاملة نحو سحرية أخرى خاصة ترعى مصالح الفئة الغالبة وحراس المعبد. مع الدين نكون في غائية نحو الانفصال عن الطبيعة، والتوق إلى قيم إنسانية عليا وشاملة؛ لأنها مستمدة من السماء، غير أن التصريف بالشريعة، وكما في أي تشريع حماية للمشرع نفسه، بل وفي ظروف خاصة يمكن للدين أن يتقهقر نحو وثنية موسعة ودوغمائية فقهية تزكي الانغلاق وتؤطر العنف وتشرع له تحت ذريعة حماية الهوية.

II. كيف ننتقل من الجماعة إلى المجتمع؟

من الطريف أن يصادف تاريخ الانتقال من المجتمعات ذات الذهول أمام العالم والحجر السحري والديني إلى مجتمعات الرشد والعقلانية تاريخ تأسيس العلوم الاجتماعية والإنسانية عبر الأنوار، فكيف تم ذلك؟

بدأ الأمر مع النهضة التي تفاعلت فيها عوامل متظافرة اقتصادية وفكرية وكشوفات جغرافية. لقد استطاعت مدن إيطاليا أن يكون لها انبعاث تمظهر في الفنون وتجاوز مدرسية القرون الوسطى ومركزية المعرفة الكنسية نحو آفاق أرحب؛ وذلك من خلال إبداعات عقول فذة من أمثال ليوناردو دو دافينشي ورفائيل ومايكل أنجلو، وانتقلت الأفكار إلى باقي أوروبا ممهدة للفكر المنهجي عند فرنسيس بيكون ونيوتن وديكارت وليبنتز وغيرهم. الفكر الذي حاول تجاوز البراديجم التصنيفي الأرسطي نحو تنظيم آخر للفكر أدق في الرياضيات، وأنجع وأخصب في التجريب والصناعات.

وبدأ الانتقال يطرأ من الفيودالية إلى الدولة المركزية، وبدأ العقد الاجتماعي ذي الاتجاه الواحد في إنجلترا، حين شعرت الجماعات بأهمية الأمن الذي توفره الدولة، ولو بالتنازل عن حقوق الحرية والرأي كما عبر عن ذلك وبعمق توماس هوبز. لكن التعاقد لا يمكن أن تكون له دلالة ولا أن يكون ناجعا ما لم تكن الأطراف الموقعة له متساوية. وبذلك بحث روسو عن خلفية نظرية تبرر الأمر فاهتدى إلى نظرية فرضية الإنسان الطيب الذي عليه أن يرجع إلى الطبيعة عبر الفكر والحرية والإرادة، لننتقل إلى التعاقد بالمعنى الجدي الذي يعني احترام حقوق الإنسان. بذلك مهد للأنوار مع الثورة الفكرية الأنسكلوبيدية في فرنسا التي سعت إلى تحميل الإنسان مسؤولية تجاوز الحجر إلى الرشد. وجسدت نضالات فولتير ضد القيم الفيودالية أعلى قمم الانتقال من العالم المسحور إلى عالم الرشد، فحصلت الثورة.

لا يمكن أن نتحدث عن المجتمع الحديث والعقلانية دون المرور على منجزات الثورة الفرنسية كأهم ثورة في تاريخ البشرية، أهم ليس من حيث المنجزات السياسية فحسب، بل والفكرية والتشريعية. إنها الثورة التي كثفت القيم والتفكير الراشد والشرائع في صيغة عملية، الثورة التي تهيأت لها الأسباب الديمغرافية والفكرية والمعرفية والاجتماعية كما لم يحصل في أي مكان آخر دون نسيان الإلهام الإنجليزي.

قبل سان سيمون وأوغسط كونط وجوزيف برودون الذين حاولوا التنظير للمجتمع الذي يظهر في الأفق، لحسن حظنا أن وجد مفكر فذ وصف لنا اشتغال مجتمع تقليدي في أفول، مجتمع يملك كثيرا من الأوصاف التي حاولت الحداثة تجاوزها؛ إنه ابن خلدون.

ما قام به هذا المفكر الفذ جد مفيد وجد ملهم، سواء من حيث وصف وتقرير وقائع مجتمعات شمال إفريقيا، والمساعد جدا على فهم معنى ودلالة القبيلة أم من حيث المنهاج والمناقشة الابستمولوجية لما وصل إليه علم التاريخ وأدواته التي فحصها بدقة، واقترح المقاربة العمرانية لفهم طبائع الاجتماع.

لقد انتبه ابن خلدون إلى صيرورة علم التاريخ، وضرورة وضعه هو أيضا في التاريخ؛ وذلك بعدم إمكانية البقاء عند مستوى خلطه بالحكايات وتوخي العنعنات فحسب، بل تجاوز ذلك إلى بناء مقدمة منهجية تعلمنا كيف نفهم الأحداث والظواهر واشتغال الأشياء، طبيعية بيئية كانت أم إنسانية اجتماعية، مورفولوجية أم فكرية أم علمية بالمفهوم المتعارف عليه آنذاك للعلوم المنقسمة بمعيار الدين إلى دينية ودنيوية، وبمعيار الموضوع إلى نظرية وعملية، وكمقارب اجتماعي لم يغفل الصنائع والفنون والآداب. ويبقى المفيد في موضوعنا هو تصوره الملائم للقبيلة وبنائها على الدم والمصاهرة والولاء والقرابة والزواج والسياسة بلغة العلوم الاجتماعية. القبيلة عند ابن خلدون بنية تحتية لنفسها كمشروع جيش مستدام، وهي كذلك للدول لأنها الجيش الفعلي الباني والحامي والحافظ للاستمرارية، وهي أيضا بنية فوقية تؤسس الهوية وتبني التلاحم رمزيا وثقافيا وقيميا.

إذا كان سان سيمون وأوغست كونط وكارل ماركس يقررون ما تحت أعينهم، وينظرون لما ينبغي أن يكون عليه الأمر، فإن ابن خلدون كان أيضا مقررا دقيقا دون أن تستهويه أي نسقية فلسفية أو أي تاريخانية، رغم اتقائه غلو الفقهاء بأشعريته المعتدلة. لقد كان ابن خلدون شاهدا لبيباً على حضارة تنهار، حضارة مبنية على قيم الجماعة كرعية مطيعة للسلطان.

ثم انتقل قدر البشرية إلى القارة التي ستعرف فائدة الانتقال من اقتصاد الأرض إلى اقتصاد التجارة والصناعة، ومن سياسة النبلاء والولاء نحو التعاقد؛ كل ذلك مهدت له نظرة تجريبية ملاءمة للعالم.

بعد الثورة السياسية وفصل السلط وإشراك جميع فئات الشعب في القرارات تسللت قيم طبقة جديدة لا تؤمن سوى بالربح المطرد والعمل المتواصل، واحتاج الأمر إلى مدن تكفي كثافتها لتأمين اليد العاملة للصناعة، وإلى معرفة تحل التفسير السحري وتحل محله التصور الوضعي للعالم.

منذ سان سيمون وأوغست كونط توجهت المعرفة الاجتماعية والإنسانية إلى أمرين متكاملين، فحص المجتمع، وكذلك الأدوات التي ندرك بها المجتمع.

إميل دوركهايم كمناضل معرفي سيشتغل كما اشتغل الذين سبقوه لكن بتوجه أكبر نحو العلمية والتخصص وبإعلان رسمي للأدوات المنهجية، والتي سماها القواعد كما ينبغي لأي علم.

فحص دوركهايم المجتمع الجديد الذي فككت الصناعة آلياته التضامنية التقليدية، والتي أرست أشكالا جديدة لا تبنى على القرابة والتشابه الهوياتي القيمي والمعياري، وهي معايير التماسك في الجماعات القديمة، بل على الاختلاف وتقييم العمل وتبادل التأثير. هذا المجتمع الجديد يحتاج إلى علم اجتماع علمي دقيق وموضوعي وبقواعد صارمة تعيد له الروابط بتدخل الدولة بالقانون وبالشغل وبالمدرسة. لقد كانت جبهات دوركهايم متعددة تبدأ بفحص المجتمع وتنتهي بالمرافعة للاعتراف الأكاديمي بالسوسيولوجيا بعيداً عن الفلسفة وتميزًا عن القانون وعلم النفس، مرورًا بالمناهج ونوع من الخبرة المقدمة للمجتمع والدولة.

في ألمانيا حيث الإصلاح الديني لم يحسم في أمر مقاطعة الفلسفة، توجه ماكس فيبر إلى مقاربة غير وضعية تعتمد الفهم والتفهم والتأويل؛ وذلك بعدم القطع مع الفلسفة وعلوم الدلالة انطلاقا من كون موضوع علم الاجتماع هو الإنسان صانع الدلالة من جهة، وعلى التأمل الإمبريقي في الفعل الاجتماعي الذي يعني فحص فعل ما ذي دلالة في سياق تفاعلي ما، دون أي طموح غير ممكن يريد بناء نظرية شاملة ما. بذلك لم يغفل فيبر نوايا ومقاصد الأفعال والثقافات والمعتقدات التي تسبح فيها، مميزا بين أفعال العادة والتعود وأفعال الوجدان والعقلانية التي فكت السحر.

مع وعي فيبر بعدم إمكانية الإلمام بالواقع الاجتماعي كله، ومع فحص سيرورات بنفسها اعتمد أداة فعالة هي النموذج الذي يستقى من الواقع صعودا دون تمامية، ثم ننزل به كوسيلة علمية وبيداغوجية تساعد على التركيز على ما يحمل الدلالة المركزية.

ليس هدفنا أن نستعرض كل النظريات الاجتماعية حول المجتمع الصناعي، لكن الفحص الجغرافي ينبئ عن اختلافات جوهرية بين وضعانية فرنسا التي تطورت إلى البنيوية والبنائية، وخط آخر اختار ما يسمى بالفردانية المنهجية، والذي استقى أفكاره من فيبر بدل دوركهايم، ثم توالت أفكار مختلفة ومتنوعة أنضجها الاهتمام بموضوعات بعينها تعطي منطق اشتغال الأشياء كما في السوسيولوجيات الجديدة: البرجماتية والمعرفية والانعكاسية.

في الولايات المتحدة الأمريكية لم تتخذ السوسيولوجيا أي مذهبية كما وضعية فرنسا أو تأويلية ألمانيا، بل اتخذت طابعا تجريبيا عمليا يريد أن يفهم ظواهر جديدة للتفكك مثل المدينة والهجرة والتنوع الثقافي والجريمة. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فالعلوم الاجتماعية في القارة الجديدة كانت ومازالت نوعا من التأصيل الفكري للسياسة الرسمية نحو المحافظة والتماسك والتوازن والعمل على إبراز كل ما يصد الثورة والتحولات الكبرى.

ما الذي يجمع بين هذه السوسيولوجيات؟

تجمع بينها خصائص منها:

_ البحث فيما يحدث في الوقائع، وليس تحت تأثير أي نسقية فكرية ماضوية أو غائية؛

_ البحث المنهجي في الأدوات التي تشتغل بها نحو مقاربة أدق للواقع؛

_ الخلفية الإصلاحية التدخلية مباشرة أو بشكل غير مباشر؛

_ تمجيد العقلانية والتجريب؛

_ محاولة فهم وتركيب المعارف السابقة، ومحاولة تجاوزها.

III. نظريات ما بعد المجتمع الصناعي

منذ ظهور الصناعة والاستغلال الفاحش للعمال انتبه المفكرون الاجتماعيون إلى ضرورة فعل شيء ما بعد فهم وتحليل هذا التحول؛ منهم من اقترح الاشتراكية كأسلوب إنتاج يحمي من غلواء البحث المستمر عن الربح، ومنهم من فكر في الثورة وقلب كل شيء نحو سيادة الطبقة المنتجة، وفئة ثالثة حاولت اقتراح حلول عملية تضامنية من وسائل التعاضد ومساعدة العمال على تغطية مصاريف المفاجئ من أزمات وحوادث وأمراض، ثم فئة رابعة ذهبت إلى الفكر العقلاني والحداثي تحاول تقويضه واستبداله بفكر يستجيب لحاجات الجسد والواقع وليس العقل والتبرير.

ومن غرائب الصدف، أن يبدأ الفكر الذي يطلق عليه ما بعد الحداثي في الفن والمعمار خاصة كما بدأت الحداثة إن اعتبرنا النهضة القاع الأول لها. وليس الأمر بعيدا عن نقد المدن الحديثة التي غلب عليها ما هو عملي الذي خلق إفراطا في الامتثال لشروط لا تراعي الأشكال الجمالية السابقة. بذلك تبدت ما بعد الحداثة كنوع من استلهام كل القيم الجمالية بما فيها الحداثية نفسها. إذا كانت الحداثة هي الوعي بالزمن، فما بعد الحداثة هو الخروج عن الزمن ليهب البعد الإنساني لكل ما هو جميل.

لعل أكبر ناقد لقيم الحداثة هو الفيلسوف الألماني نيتشه الذي حاول بمطرقته تعرية انحطاط الحضارة الغربية كما قدر؛ وذلك لما مزجت بين قيم المسيحية والليبرالية وفلسفة ما بعد سقراط. بذلك يعتبر نيتشه الأب الروحي لكل التيارات ما بعد الحداثية، والتي تحاول الانفلات من العقل الحداثي الليبرالي. نيتشه ليس فيلسوفا نسقيا يتوخى عدم التناقض، بل هو فيلسوف النقض لكل ما سبقه، ولكي يستطيع ذلك عاد إلى فلسفة التعدد والتغير بدل الوحدة والهوية، مستلهما في ذلك فلسفة الإرادة لدى شوبنهاور كخصم لدود لكل الهياكل الفلسفية الشاملة، وهيجل خاصة. مع نيتشه نشعر أن هناك شيئا فظيعا محايثا للحداثة، وهو حلول أوثان جديدة محل أوثان الكنيسة.

الحداثة بما هي حرية وعقلانية وفردانية وتعاقد أكذوبة بالنسبة إلى نيتشه الذي لم يحاول تحطيم الفلسفات السابقة فحسب بل والحقيقة نفسها، وبذلك يفتح باب التأويل على مصراعيه.

فلسفة نيتشه كدعوة إلى الحذر وشد الوعي، والفحص الدقيق للنصوص أمر إيجابي من دون شك، لكنه وكأي مشروع تقويضي فقد أنتج كثيرا من سوء الفهم ومن الغلو الذي يسيء أحيانا للمعرفة عامة وللعلم خاصة؛ لأنه يسقط في تساوي الكل بالكل واللاأدرية. وبذلك تعتبر النتشوية أصل كل العدميات المعرفية والأخلاقية؛ وذلك استغلالا لظاهر نصوصه، لكن في الوقت نفسه هو أصل كل أشكال النقد اللاذع للنزوع اللاإنساني للحضارة الغربية.

ما بعد الحداثة هو عودة إلى الاختلاف بالتفكيك بدل الوحدة والهوية، وبرز من أجل ذلك العودة إلى الوجدان مع فلاسفة أمثال كيركيجورد وهيدجر وفوكو ودريدا وغيرهم.

من الفن والعمارة والأدب إلى الفلسفة هو ما حاولت أن تؤثر فيه التيارات الجديدة لما سمي بما بعد الحداثة، فهل الأمر ممكن في العلم وفي العلم الاجتماعي خاصة؟

النظريات الناقدة للحداثة والمجتمع الصناعي بعضها انتبه للشغل وتقسيمه إثر تمايز الطبقات وانتشار المدن وتفكك الروابط الأولية واحتكار الدولة للعنف المشروع. هذا الانتباه الصناعي وما بعد الصناعي أعطى أفكارا جديدة مثل نهاية المجتمع، وما بعد الحداثة، والمجتمعات السائلة؛ مجتمعات تنتقد تخلي الدولة عن وظائفها الاجتماعية، وطغيان الآلة وسيادة العقل التقني وتراجع الأفكار الإنسانية والتضامن والاندماج.

البعض الآخر انتبه إلى البعد الرمزي كما في نهاية القرن التاسع عشر، عندما انتبه ماكس فيبر لأهمية المعتقد وأثره على الاقتصاد والسياسة والاجتماع.

ثم بدأت النظريات تتجه نحو فحص القيم الجديدة التي أصبحت لا ترتبط بالخير والجمال والحق، بل بالسوق والنجاعة والسرعة.

اتخذ التفكير فيما بعد المجتمع الصناعي تمظهرات عدة منها:

-  التأمل النقدي: مدرسة فرانكفورت: هربرت ماركوز، يوكرن هابرماس...؛

-  التحري السوسيولوجي لوصف الوقائع ومحاولة تفسيرها وتأويلها: آلان تورين، آكسل هونيت، زيكمون باومان ...؛

-  رفض لمنطق الحداثة ومحاولة تأسيس خطاب جديد سمي ما بعد الحداثة. أما على مستوى العلوم الاجتماعية، فقد اتسم أحيانا بالانزلاق نحو لا أدرية معرفية وعدمية أخلاقية. يمكن لبعض هذه البدائل أن يلهم، لكنه لا يمكن أن يحل محل العلم، كما أنه يمكن أن يسقط في هذيان ابستمولوجي بتعبير بيير بورديو، أو العدمية بتعبير رايمون بودون، نموذج ميشيل مافيزولي.

لا يمكن في هذه العجالة ذكر كل النماذج، لكن سنعرج عل بعضها وفق معايير ثلاثة:

_ مدى اقترابها من الروح العلمية للعلوم الاجتماعية؛

_ أصالة المشروع وعدم استنساخه لمشروع سابق؛

_ أثره على النقاش الفكري والعلمي العام.

*- مدرسة فرانكفورت الأولى: هوركماير وأدورنو

الذي ميز هذا التجمع الفكري والمعرفي نقديته، سواء من الناحية الإيديولوجية أو المعرفية أو نقد العلوم الإنسانية. وكذلك نقد التقدم الرأسمالي المطرد وتوظيف العقل في غير مصلحة الإنسان. وبذلك شكلت هذه المدرسة منبعا من منابع محاولة تجاوز الفكر الليبرالي الفج والأرثوذوكسية الماركسية على حد سواء، نحو محاولة إعادة بناء نظرية نقدية في العلوم الإنسانية موسعة تجمع بين تخصصات عدة تجاوزا للثنائية التقليدية: الوضعية والتأويلية.

وقد شهدت المدرسة تطوراً مطرداً مع أفذاذ مثل هربرت ماركوز وإريك فروم وهابرماس، ماركوز ونقده للماركسية الأرثوذوكسية وانتباهه إلى أهمية فئات جديدة لا موقع لها في الإنتاج مثل الشباب والنساء والملونين دون نسيان نقده اللاذع للرأسمالية. أما إريك فروم، فقد وسع من الفرويدية بإعطائه دلالات أخرى للجنس تتجه نحو الحب.

كلها أفكار اتخذت مسافة مع واقع الربح المطرد اللاإنساني، وعمقت من المفاهيم الفكرية السابقة لتصبح أكثر مرونة وملائمة.

بعمق التحليل انتبه هابرماس إلى أهمية الفضاء العمومي والحوار والتواصل من أجل بناء الحقيقة الاجتماعية، وبذلك يشكل مشروعه خطاً وسطا بين الماركسية الثورية وجموح الرأسمالية، لتنحو فلسفته منحى نقدياً هادئاً نحو أهمية الحوار بدل العنف، والتفاهم بدل الصراع. وليقترح حقيقة غير ماهوية تتم بالإجماع والحجاج. ويمكن اعتبار عمله الرّصين مساهمة في تحسين الديمقراطية نظرياً وعملياً.

فرونسوا ليوطار

تتجلى أهميته في انتباهه المبكر لأثر الثورة الرقمية على المعرفة والعلم والمجتمع. المجتمعات الحديثة في رأيه مبنية على ما سماه السرديات الكبرى؛ أي التقليد الفلسفي الغربي الذي يتبع فيه صغار المفكرين وكذلك الأحزاب والدول لسردية كبرى اعتبر الهيجلية نموذجا لها.

مع الحواسيب ستتشظى المعرفة وكذلك مركزية الاجتماع، وهذا ما سماه ما بعد الحداثة.

آلان تورين

اهتمامات آلان تورين متعددة ومتغيرة تاريخيا، لكن تبقى أصالته في رد الاعتبار للفاعل كنقد لهيمنة البنيوية في السوسيولوجيا، ومن ثم انتصاره للعدالة الاجتماعية، وانتقاده للحكومات التي تخلت عن الدولة لتسقط في النيوليبرالية تحت ضغط العولمات.

تتجلى أصالة آلان تورين في محاولة فهمه للتغيرات، سواء داخل مجتمع واحد أم في إطار العولمة، وكذلك في تتبعه للعلم الاجتماعي باقتراحه ما سماه بالبراديجم الجديد على أساس التحديات الجديدة للمجتمعات في صيغتها ما بعد الصناعية وبعد اجتماعية، وانحسار دور العمال والنقابات لصالح فئات جديدة مثل النساء والشباب.

تعتبر أفكار تورين مهمة في نقد الحداثة دون السقوط في العدمية المعرفية والأخلاقية.

أكسيل هونيت ونظرية الاعتراف

على خطى هابرماس سار أكسيل هونيت وفق مقاربة نقدية تحاول تجاوز براديجم التفاوت نحو الانتباه للأمراض الاجتماعية، محاولا التنبيه إلى أهمية الاعتراف بدءاً من حب الذات نحو الانفتاح على الآخرين من أجل تجاوز الاحتقار المتبادل. نظرية أكسيل هونيت جد مهمة؛ لأنها نوع من تجاوز براديجم العدالة المرتبط بالسياسة الجماعية نحو الاختلالات الأخرى التي ترتبط بالفرد.

من نظرية الاعتراف إلى مجتمع الاحتقار يحفر أكسيل معمقا في تجاوز النظام الرأسمالي.

زيكمون باومان

تتجلى أصالة باومان في نحته لمفهوم السيولة، والتي جعلها أداة لفهم سلوك مجتمعات ما بعد الصناعة، حيث استبدل الحداثة بالصلابة وما بعدها بالسيولة، مركزا على عاملين مركزيين هما الاستهلاك والافتراض، انطلاقا من فحص المجتمعات وسلوك الناس والحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية.

ميشيل مافيزوللي

ربما هو الكاتب الذي ذهب بعيدا في نقد الحداثة مركزًا على غلوها في العقل، وبدل محاولة التفكيك كما فعل الفلاسفة فوكو ودولوز ودريدا واعتمادهم على الاختلاف بدل الهوية، وهي مقاربة أتت أكلها في البحث في التفاصيل والتوجه نحو المجتمع بدل الدولة، والثقافة بدل الإيديولوجيا، وبدل أن يقوم بذلك قام بمجابهة غلو بآخر مقترحا التناول التأويلي المطلق الذي لا يعرف حدوداً ولا قواعد غير الترحال والانزياح إلى حدود قبول تأطير أطروحة سوسيولوجية في التنجيم.

وعلى الرغم من كثير من الوهن الذي يصيب كتابات مافيزوللي، فهي يمكن أن تكون مفيدة كقراءات حرة يمكن أن تلهم. هذه الاجتهادات التي تعرضت لها هنا تهم المجتمعات الأوروأمريكية. السؤال المطروح الآن هو ماذا حدث عندنا، حيث لم تؤثر أي صناعة في خلق التمايز الاجتماعي وفي خلق تقسيم العمل. وحيث لم تتمايز الطبقات والفئات الاجتماعية كفاية، لا مورفولوجياً ولا وعياً، وحيث المواطنة لم تجد طريقها لا إلى الدولة ولا إلى المدينة ولا إلى المجتمع المدني. وحتى التحديث نفسه لم يقع إلا جزئياً وهجيناً.

هذه المجتمعات تكالبت عليها المحن، لا تستطيع أن تستوعب موجة حتى تهجم الأخرى. لم تستطع أن تبني دولة ذات سيادة كاملة، وذات توجه نحو تجسيد قرارات الشعب حتى ظهرت هناك موجة تنازل الدولة عن كثير من مهامها، ولم يكتمل بناء المدن حتى ظهرت الذكية هناك.

يبدو أن كل شيء هنا تجاوزه الزمن، لولا شريحة بسيطة أكاديمية أو ارتبطت عبر الرقمي بالمستجد المعرفي والحضاري. وبقيت الأغلبية ومن يقودها تقتات من فوائد الصورة بالانبهار.

مجتمعاتنا الآن مجتمعات انبهار تقودها نسخ وأشباه في كل شيء، في الفن والثقافة والدين. إنها الحالة السحرية التي لم ترق بعد إلى العقلانية والملاءمة.

ماذا حدث في الثقافة العربية تجاه هذا التحول المعرفي؟

رفض المشروع الغربي وانتقاده قصة قديمة في الإنتاج المعرفي العربي المعاصر، النقد الذي تراوح بين المرونة والأخذ بما يناسب الهوية كما كان الأمر مع المصلحين محمد عبده ومصطفى عبد الرازق وقاسم أمين ورشيد رضا وخير الدين التونسي وطه حسين وعلال الفاسي وغيرهم، وبين من يتبنى التحديث مثل سلامة موسى ومن تبعه ممن تأثر إما بالليبرالية أمثال عبد الله العروي وهشام جعيط... أو الاشتراكية أمثال حسين مروة وحافظ الياسين وعابد الجابري وطيب تيزيني... ثم من تنكر للغرب كلية أمثال سيد قطب ومالك بن نبي وآخرين.

عبد الكبير الخطيبي

انتبه عبد الكبير الخطيبي في المغرب إلى أهمية الاختلاف بدل الهوية، وكان أمراً أصيلاً ومبتكرا خاصة مع طغيان الدعوات التوحيدية والماهوية والتاريخانية في المغرب. وكان بذلك عبد الكبير الخطيبي كأنه يعزف لحنا نشازا في جوقة جد هيجلية. لقد كانت للخطيبي حسنات الانتباه إلى الثقافة الشعبية وإلى الجسد، كما كانت له حسنة الانتباه إلى ما سماه آنذاك بالنقد المزدوج، نقد الأطروحات الغربية حول المغرب، ونقد الفهم الداخلي لنفسه الذي لم يمتلك بعد الوعي الكافي والأدوات العلمية للفهم والتأويل.

عبد الله حمودي

بعد مجهود ميداني ونظري مهم، وبعد مقالاته الوازنة، ومؤلفيه الشيخ والمريد والضحية وأقنعتها، حيث عرج بنا نحو الثقافة الشعبية من أجل فهم السلوك الاجتماعي للمغاربة حول السلطة خاصة دون الاهتمام بالمواضيع المألوفة المرتبطة بالدولة والحزب والاقتراع. بعد هذا الإسهام الأنثربولوجي الرائد الذي أرجع التسلط إلى الثقافة الصوفية المغربية مع نسيان كبير لدور السلطة المركزية والمحلية في استنبات التصوف نفسه ورعايته.

بعد كل هذا يعرج عبد الله حمودي ليس إلى الحداثة، ولا ما بعدها، ولكن إلى ما قبلها من أجل تأسيس أنثربولوجيا يسميها عربية. مشروع بقدر ما فيه من الجدية والدعوة إلى احترام التراث المحلي من أجل الاستقلال المعرفي عن النظريات الغربية دون رميها، بقدر ما فيه من مغامرة بعث منطق الهوية الذي لم يعد يلائم منطق كونية العلم، إلا بحذر منجي كوني شديد.

وائل حلاق

ما يثير في كتابات المفكر الفلسطيني المسيحي المتخصص في الشريعة الإسلامية وأصول الفقه أمران: أصالة المنهاج والحس النقدي؛ فبعد اهتمامه بنقد الاستشراق كتتمة لمشروع مواطنه الكبير إدوارد سعيد، ومحاولة وضع الأصبع على التهافت المنهجي وعلى أخطاء هذا التوجه الإيديولوجية والمعرفية، بعد ذلك اتجه نحو نقد الحداثة وخاصياتها التخريبية للبيئة وللاجتماع، مع عودة إلى الفكر الإسلامي بمقاربة نقدية غير ماضوية.

أفكار حلاق جد ملهمة، لكنه عند الفحص الدقيق يمكن إدراجها ضمن الطوبى والحنين إلى قيم الجماعة بدل المجتمع.

بدون شك يمكن الاستفادة من التجربة التشريعية الإسلامية المتسمة بالأخلاق والدعوة إلى الفضيلة ككل الديانات، وكذلك من طريقتها الإمبريقية التي تربطها بمقاربة العلوم الاجتماعية، لكن دون نسيان أهمية مطلب الحرية كمنهاج كوني.

طه عبد الرحمن

مثل كل الذين ينافحون عن الدين، سيحاول طه عبد الرحمن أن يجتهد لينتج فلسفة مبدعة حسب رأيه، تتجاوز وتقطع مع الطريقة التي تفكر بها الحداثة التي ورثت الفلسفة اليونانية والأرسطية خاصة. هذا من جهة، أما من جهة أخرى فهو يرفض المشروع الفلسفي للعرب والمسلمين الذين يفكرون بالطريقة الغربية، ولو أنهم يكتبون باللغة العربية على غرار جدهم ابن رشد حسب تعبيره. طه عبد الرحمن من أجل أطروحته تلك يجتهد في النقد وتبيان عيوب الحداثة وكل من يتبناها لا من هنا ولا من هناك. هو يشتغل داخل الذهنية الإسلامية ليصنع مفاهيم جديدة مستقاة من التراث ليستبدل بها البرهان، مفاهيم مثل التكوثر، والعقل المؤيد المستمد قوته من الوحي بدل العقل المجرد الفلسفي، والمسدد القياسي.

اجتهادات طه عبد الرحمن، وإن بدت سليمة نظرا لتمرس صاحبها بالمنطق، فهي متكلفة وغير ملائمة، وبعيدة عن العقل الكوني، والنقد والإبداع الذين ينادي بهما.

خلاصة

يمكن أن نقسم المشاريع التي جاءت لتفهم وتحلل ما بعد الصناعة حسب معيار مدى اقترابها من الروح العلمية للعلوم الاجتماعية أو مدى ابتعادها عنها. فكلما تسلح المشروع بالروح العلمية؛ وذلك بالتواضع؛ والملاءمة؛ والنسبية؛ وعدم فرض أي توجه مسبق على المجتمعات والتاريخ، كلما قام بذلك إلا واقترب من الصواب وأصبح مثمرا، وكلما كان المشروع دعويا؛ أو استجابة لانفعال وجداني؛ ومحاولة تبرير أو تعويض إلا وبدا المشروع فجًّا هزيلاً مهما نمق صاحبه في الكلام وما يشبه المناهج.

العبرة هي كون العلم بمفهومه المتواضع الذي يفترض ويفحص ويستخلص هو الطريق الأنسب والأسلم ليس للفكر والمعرفة، والعلم نفسه فقط، بل وللإصلاحات الاجتماعية والسياسية.

 

بعض المراجع المختارة:

 

*- ملحوظة: استفدت من الإنترنيت ببعض المعلومات العامة، والتي ليس حولها خلاف.

_ طه عبد الرحمن، روح الحداثة، المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية. المركب الثقافي العربي. الدار البيضاء. 2016

_ طه عبد الرحمن، اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، المركز الثقافي الغربي، 1998

_ عبد السلام بن عبد العالي، التراث والهوية، دراسات في الفكر الفلسفي بالمغرب، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1986

_ عبد الله حمودي، الشيخ والمريد، النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة، ترجمة، عبد المجيد جحفة. دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1999

_ عبد الله حمودي، المسافة والتحليل، في صياغة أنثربولوجيا عربية، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 2019

_ ماكس هوركماير، النظرية التقليدية والنظرية النقدية، ترجمة، ناجي العونني، منشورات الجمل، بيروت، 2015

_ ماكس هوركماير، النظرية التقليدية، ترجمة، مصطفى الناوي ومصطفى خياطي، النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1990

_ ماكس هوركماير، بدايات فلسفة التاريخ البورجوازية، ترجمة، محمد علي اليوسفي، دار التنوير للنشر، بيروت 1981

_ محمد الأشهب، الفلسفة والسياسة عند هابرماس، منشورات دفاتر سياسية، بدون تاريخ.

_ ميشيل فوكو، الكلمات والأشياء، جماعة من المترجمين، كتابك للنشر والتوزيع، بيروت، 1990

_ ميشيل مافيزولي، في الحل والترحال، عن أشكال التيه المعاصرة، ترجمة عبد الله زارو، أفريقيا الشرق، 2010

_ ميشيل مافيزولي، مزايا العقل الحساس، ترجمة عبد الله زارو، أفريقيا الشرق، 2014.

_ وائل حلاق، الدولة المستحيلة، ترجمة عمرو عثمان، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. 2014

_ Abdelkebir Khatibi, Maghreb pluriel, Denoel SMER, 1983

_ Alain Touraine, Apres la crise, Points, Seuil, 2010

_ Alain Touraine, Nous, sujets humains, Seuil, 2015

_ Axel Honnet, La lutte pour la reconnaissance, Gallimard, 1992

_ Alain Touraine, La fin des sociétés, Points, 2013

_ Jacques Derrida, L’écriture et la différence, Seuil, 1967

_ Jean François Lyotard, La condition postmoderne, rapport sur le savoir. 1979

_ Michel Foucault, L’archéologie du savoir, Gallimard, 1969

_ Michel Maffesoli, L’ère des soulèvements, les éditions du cerf, 2021

_ Nietzsche, Crépuscule des idoles, Folio, essais, Gallimard, 1994

_ Nietzsche, Généalogie de la morale, Flammarion, 2002 

_ Zygmunt Bauman, la vie liquide, Le Rouergue Chambon, 2005