الاختراع التراجيدي للشرق الأوسط: ولادة درامية وتدخلات مُدمرة


فئة :  مقالات

الاختراع التراجيدي للشرق الأوسط: ولادة درامية وتدخلات مُدمرة

نادرا ما اطلع المتلقي العربي على أعمال بحثية غربية تدافع عن قضايا المنطقة، سواء من منظور أخلاقي/ إنساني أو من منظور سياسي/ حقوقي؛ فالأحرى أن نتوقع صدور أعمال تنتقد المسؤولية الغربية في عديد أزمات مرت منها المنطقة، ولا تزال، لعلها التطورات الدرامية التي نعاينها منذ مطلع 2011، مع اندلاع ما اصطلح عليه إعلامياً على الخصوص، بأحداث "العربي العربي".

كتاب "الاختراع التراجيدي للشرق الأوسط"[1]، يصب في هذا الاتجاه: عمل بحثي، موثق بالأرقام والإحصاءات والخرائط، عبارة عن سفر تاريخي مع التحولات الاستراتيجية التي طالت منطقة الشرق الأوسط، منذ مطلع القرن العشرين بالتحديد، حتى مرحلة ولادة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، المعروف اختصاراً بتنظيم "داعش"؛ أي إننا إزاء رحلة بانورامية، تمتد إلى قرن تقريباً، (منذ 1919 حتى 2017)، انتصرت لهاجس النقد الذاتي الذي يهم المعالم الكبرى للسياسات الغربية المتبعة في التعامل مع الوضع في المنطقة، سواء تعلق الأمر بسياسات الغربية في مرحلة الاستعمار والانتداب، وبالتحديد السياسات البريطانية والفرنسية؛ أو السياسات الغربية في مرحلة ما بعد الدولة الوطنية في المنطقة، وبالتحديد السياسات الأمريكية.

تفرعت مضامين الكتاب على بابين اثنين، وتفرعت بدورها على ثلاثة فصول، وجاءت عناوين الفصول الستة للكتاب كالتالي: "حدود مفروضة"، "نخب معزولة أو وظيفية"، "ثورات مقموعة"، بالنسبة للباب الأول وعنوانه "ولادة درامية"؛ و"دول مُختطفة"، "شعوب مُهمشة"، "تدخلات مُدمرة"، بالنسبة للباب الثاني، وعنوانه "مسارات قاتلة"، واختتم العمل بخلاصة تضمنت تجميعاً لأهم إشارات عمل ألفه بيار بلان وجان بول شانيولو. الأول أستاذ باحث في القضايا الجيو ـ سياسية، بجامعة بوردو الفرنسية، وهو أيضاً، رئيس تحرير مجلة "ملتقيات متوسطية"؛ والثاني بروفيسور [أستاذ فخري]، ومدير معهد الأبحاث والدراسات المتوسطية والشرق أوسطية، ومقره باريس.

خُصّص الباب الأول لأولى الولادة التراجيدية لدول المنطقة، في غضون عشرينيات القرن الماضي، مع تسليط الضوء على أدوار وسياسات صناع القرار الدولي حينها، في لندن وباريس؛ أما الباب الثاني، فقد توقف فيه بلان وشانيولو في الفصل الرابع عند التطورات السياسية التي عرفتها ثلاث دول: سوريا والعراق ولبنان، مع تحول التأثير الدولي من بريطانيا وفرنسا نحو الولايات المتحدة، ومن نتائج ذلك التحول، إعاقة تطور المشاريع الوطنية في المنطقة، وتغذية المشاريع الطائفية المنغلقة، قبل التوقف عند واقع التشرذم الذي مرت منه بعض شعوب المنطقة، وبالتحديد الحالة الفلسطينية والحالة الكردية في الفصل الخامس من الباب؛ أما الفصل السادس والأخير من العمل، فتوقف ملياً عند الآثار السلبية للمُحددات الأجنبية على المنطقة/ وهي المُحددات التي كرست حالة التشرذم السائدة اليوم، مع فارق يهم المُحدد الأجنبي، مفاده أن "القوى العليا" كان مصدرها أوروبا من قبل، ولكن مصدرها اليوم أمريكا، ولو أن حقبة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تميزت بعودة النفوذ الروسي، من باب رد الاعتبار لأفول الاتحاد السوفياتي، وتميزت أيضاً حقبة العقود الأخيرة، بتصاعد نفوذ قوى إقليمية، أهمها النفوذ السعودي والنفوذ الإيراني.

بالنسبة للرسوم والخرائط المصاحبة التي يعج بها العمل، فلا تقل أهمية من حيث المضامين والإشارات، فقد أنجزتها كلير لافاسور، وبلغ عددها 29 رسماً، أبدعت فيه من خلال توظيف الاستعارة[2].

جاءت مقدمة المقال بنبرة درامية، بمقتضى النزعة التشاؤمية التي طالت أغلب مضامين العمل، مادام يتطرق للأحداث الدرامية التي تمر منها المنطقة، حيث افتتح المؤلفان العمل بما يُشبه جرد مركز لأهم أحداث الساحة: حرب أهلية في سوريا والعراق، أفول مسلسل السلام الإسرائيلي ـ الفلسطيني، واقع لبناني على إيقاع على الاستقرار، حرب غير مباشرة بين العربية السعودية وإيران، فورة في تسليح المنطقة، فبركة متصاعدة للظاهرة "الجهادية"، توالي جرائم الحرب، وغيرها من الأعطاب التي تهم منطقة الشرق الأوسط، أو المصطلح الذي أطلقه المؤرخ الأمريكي ألفريد ماهان [Alfred Mahan] في مطلع القرن العشرين.

فمنذ تلك الحقبة؛ أي زهاء قرن من الزمن، والمنطقة تعج بالصراعات والأزمات، والتي بلغت أوجها اليوم، حتى أصبح المشهد أشبه بتراجيديا تجسّد بدورها امتداداً للتراجيدية اليونانية، ببصمة عنيف مدمرة، كما لو أننا إزاء "سلطة فوقية" قاهرة تقف وراء هذه التراجيديا، تتلاعب بالساحة وبالفاعلين المحليين الذين يبدون عاجزين عن مواجهة هذه القوة.

ولكن، إذا كانت التراجيديا تُميز المنطقة، فإنه يمكن الحديث أيضاً عن اختراع خاص بها، وبدأ منذ حقبة العشريات من القرن الماضي، وبالتحديد في زمن هيمنت القوى العظمى حينها: فرنسا وبريطانيا، [ص 5] ومن عنوان الكتاب: الاختراع التراجيدي للشرق الأوسط، وبيان ذلك أننا إزاء قوى أعادت تشكيل المنطقة برمتها، مع تركيز كبير للمؤلفين على الدور البريطاني، وتأكيد آخر مفاده أن إعادة التشكيل هذه كانت استراتيجية، وليست سياسة عابرة.

وفي إطار تحميل هذا الغرب مسؤولية ما جرى في المنطقة، يضف بلان وشانيولو، ليس صدفة أن يُعلن تنظيم "داعش" عن تسوية وحذف الحدود البرية بين سوريا والعراق ابتداءً من 2014، وكان الهدف المعلن عنه حينها، الإجهاز على إحدى محطات وتطبيقات "اتفاقية سايس بيكو لعام 1946، ولن نتوقف عند الشعارات المغلوطة لهذا الخطاب "الداعشي"، لأن ترسيم الحدود تمّ ابتداءً من حقبة العشرينيات. ولكن ما هو مؤكد أن هذه الاتفاقية، كانت منعطفاً تاريخياً، ويُنظر إليه برؤى سلبية جداً من طرف ساكن المنطقة، والتي تتهم الاتفاقية بالوقوف وراء مسار التوحش الذي تمر منه منذ عقود، في تشابه مثير مع خطاب ومشروع الجماعات الإسلامية "الجهادية"، والتي تنهل بدورها من عقلية التوحش، ولو أن مراجع الكتاب لا تتضمن أية إحالة على مراجع إسلامية حركية "جهادية"، إلا أن فلسفة التدمير والتحكم والتوحش التي صدرت عن القوى الغربية، نعاينها أيضاً في الخطاب/ المشروع "الجهادي"، ولخصتها بشكل دقيق مضامين إحدى الوثائق المرجعية لهذه المشاريع: "إدارة التوحش"[3] لفاعل إسلامي يُدعى أبو بكر ناجي.

ما قامت به القوى العظمة حينها، وبالتحديد بريطانيا وفرنسا، طال جميع دول وشعوب المنطقة، مع ما يُشبه حالة استثنائية لليمن، ومن علامات التدخل والتحكم البريطاني والفرنسي، أننا عاينا تأسيس دول، أو تكريس تحولات جغرافية وديمغرافية، وقد طالت هذه الثنائية على الخصوص سوريا والعراق، الأردن ولبنان، ومن المفارقة أن يتزامن صدور هذا الكتاب مع الديناميات الجديدة التي مرت منها منطقة الشوق الأوسط خلال السنين الأخيرة، ومنها ولادة تنظيم "داعش"، غياب أو تراجع السيادة لشعوب المنطقة.

التدبير الإمبريالي لقضايا الشرق الأوسط

يرى المؤلفان أن قراءة التطورات الميدانية التي تمر منها المنطقة سنوات قليلة بعد اتفاقية سايكس بيكو، تقتضي أولاً، تأمل مؤتمر باريس للسلام الذي نُظم في العام 1919[4]، وتأمل طبيعة النخب العربية والكردية التي حضرت حينها، فقد نجح البريطانيون في الاستفادة القصوى من منعطف "سايكس بيكو"، عبر الاحتفاظ بالتحكيم في مجال الموصل وفلسطين، موازاة مع ذلك التعامل، كانت فرنسا قوة إقليمية وازنة شرق أوسطياً، لذلك كان ضرورياً تقويض نفوذها، فكانت النتيجة معاينة حالات من الاشتباك الدبلوماسي بين القوتين.

كان الأمر مختلفاً من القوى العربية، بمقتضى علاقة القوي بالضعيف، فمن جهة، هناك قوة إمبريالية نافذة ومُتحكمة، كانت تفرض بالقوة خيارات استراتيجية على شعوب المنطقة، كما تمت ترجمة وعد بلفور على أرض الواقع، ليتم الإعلان عن عش قومي يهودي في عقر فلسطين؛ ومن جهة ثانية، ظفرت فرنسا بتأسيس لبنان الكبير، فيما اعتبر حينها فوزاً لمسيحي لينان، دون أن يتم الانتباه إلى تبعات هذه الخطوات الدولية الاستراتيجية على شعوب وأنظمة المنطقة لاحقاً.

ليس هذا وحسب، تميزت تلك العقود الأولى من التدبير الإمبريالي لقضايا الشرق الأوسط، بلائحة وعود صدرت عن بريطانيا، حيث وعدت الجميع تقريباً، لأنها كانت قوة عظمى: وعدت العرب والقوى الصهيونية، والأرمن والأكراد، ولكن عند ساعة الحساب على أرض الواقع، لم يتم تنفيذ جميع الوعود، وبالتالي، كان ضرورياً تسوية المشاكل التي نتجت عن عدم الالتزام بالوعود. [ص 22]، وموازاة مع عدم الالتزام البريطاني بلائحة الوعود الكبيرة التي روجت لها، راهنت فرنسا على توظيف الورقة الطائفية والعمل بقاعدة "فرق تسُد"[5].

اليقظة الوطنية التركية

عندما نتحدث عن مطلع القرن العشرين، فإننا نتحدث عن وزن ومآل الإمبراطورية العثمانية في مرحلة "الرجل المريض"، حسب الاصطلاح الاستشراقي الشهير، وتوقف المؤلفان في هذه الجزئية عند منعطف معاهدة مؤرخة في غشت 1920، تشبه نوعاً معاهدة فرساي الشهيرة، والتي بمقتضاها، تعامل العقل الإمبريالي مع الإمبراطورية العثمانية في موقع القوة، بل تم تقليص النفوذ لعثماني إلى مجال جغرافي لا يتجاوز محور إسطنبول ـ أنقره، بينما استحوذت القوى اليونانية الغربية المنتصرة على مُجمل باقي المناطق، ومعها القوى الإيطالية والفرنسية. [ص 29]، وكانت هذه إحدى أهم المحطات التي توصلت بها الأقلية الأرمنية بوعود بخصوص إقامة ما يٌشبه دويلة في المنطقة، حسب ما نصت عليه المادة 88 من المعاهدة.

استعان المؤلفان بترسانة من المفاهيم السياسية[6]، ومن هنا الاستشهاد باجتهادات المفكر الفرنسي ريمون أرون، من قبيل إشارة هذا الأخير إلى أن أية مشاورات دبلوماسية، تقوم على جدلية الدبلوماسي والجندي، بين الأخذ والعطاء، والحال، يضيف بلان وشانيولو، كان الأمر مختلفاً هنا مع المعاهدة سالفة الذكر، وبالنتيجة، وطيلة شهر من مفاوضات 18 يناير 1919، عاينا تناقضاً جلياً: بينما كانت البعثات العربية والتركية تحدث باسم شعوب المنطقة، وهي الشعوب الأكثر حضوراً في الثقل الديمغرافي، فقد تمّ تهميشها، [ص 31] وفي المقابل، تم تقديم خدمات تاريخية لأقليات عرقية ودينية، سواء مع اللبناني في جبل لبنان أو مع الصهيونية في فلسطين، وهي أقليات حظيت بقوة مركزية، خولت لها تأسيس دولتان لاحقاً.

وأخذاً بعين الاعتبار هذا الجرد الميداني لوقائع الساحة، ابتداءً من تفاصيل يناير 1919، فإن النتائج فرضت ذاتها بشكل متوقع: من جهة لدينا أقليات عرقية ولكنها تحظى بمساندة القوى الإمبريالية؛ ومن جهة ثانية، تم تجاهل مطالب شعوب المنطقة، وخاصة العرب والأكراد، وفي مقدمتها المطالب الوطنية التحررية، وبالنتيجة، لا يمكن أن نستغرب من ظهور عدة انتفاضات في المنطقة لاحقاً.

عدم تكافؤ في موازين القوى

عدم التكافؤ هذا، تُغذيه عجرفة إمبريالية تؤمن إيماناً جازماً أنها أسمى من باقي شوب العالم، وتمت ترجمة هذه الاعتقادات الإمبريالية المغلوطة على أرض الواقع، بمقتضى الفارق الجلي في الحروب التي دارت بين الجيوش المتمرسة والمقاتلين غير المتمرسين. [ص 63]، وتوقف الكتاب هنا عند معركة ميسلون (بتاريخ 24 يوليو 1920)، والتي جمعت جيش الثورة العربية الكبرى في سوريا، بقيادة الأمير فيصل ويوسف العظمة، والجيش الفرنسي، بقيادة هنري گورو، حيث أدى عدم التكافؤ العسكري وبالتالي الميداني، مما أدى إلى انتصار الفرنسيين وفتح الباب لفرض الانتداب الفرنسي على سوريا، بكل تبعات مرحلة الانتداب، وفي مقدمتها، تقسيمها إلى خمس دويلات.

هذه العجرفة الإمبريالية كانت مدمرة على المنطقة، لأنه في كل مرة يتم فيها الاتفاق على مضامين وبنود معاهدة، غالباً ما يجنه صناع القرار (في أوروبا حينها) بمقتضى إغراء القوة وتوسيع دائرة النفوذ الإمبريالي، إلى نقض المعاهدة، وهذا ما كرسته أحداث معركة ميسلون سالفة الذكر، والتي تميزت، بسبب التحالفات الإمبريالية، بكون القرار الفرنسي القاضي بإعداد حملة عسكرية وإرسالها إلى بيروت في أفق غزو سوريا، قوبل بعدم معارضة الحكومة البريطانية.

من مؤاخذات العمل أيضاً على العقل الإمبريالي حينها، في تجلياته البريطانية والفرنسية، كونه ينهل من رؤى استشراقية تقليدية، ترى أن الغرب قائم بأفق حضاري توسعيي، مطلوب منها زميناً مزيد هيمنة على شعوب العالم من أجل مساعدتها على "التحضر"، والتعامل مع هذا المعطى على أساس أنه معطى طبيعي، وهي عقلية، حسب بلان وشانيولو، تصرف النظر طولاً وعرضاً عن المنافع الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية الكبيرة التي تقف وراء حملات التوسع الإمبريالي.

ومن نتائج هذه الاعتقادات الإمبريالية، السقوط في ثلاث مفارقات وتباينات بين الوضع العربي والوضع التركي:

1 ــ تمّ قمع جميع انتفاضات شعوب المنطقة، باستثناء انتفاضة الأتراك، على عهد مصطفى كامل، ولكن مع وجود عدة فوارق بين الحالة التركية والحالة العربية: فالأتراك مثلاً، كانوا تحت إمرة كاريزما، محاطة بما لا يقل عن 200 ألف من المجندين، ولديهم تجربة، بينما كان الأمرمختلفاً كلياً مع الجيوش العربية، التي بالكاد كانت تضم بضع آلاف.

2 ــ على صعيد آخر، لم يكن هاجس الأتراك تأسيس دولة، لأنها قائمة اساساً، بل كانت إمبراطورية، وإنما كان هاجسهم صيانة الدولة، أو ما تبقى من الإمبراطورية، بينما الأمر مختلف مع الحالة العربية، التي كانت أغلب نماذجها حينها تحلم بتأسيس الدولة الوطنية، مادامت واقعة تحت نير الاستعمار أو الانتداب.

3 ــ نأتي للفارق الثالث، لقد كان مفهوم الأمة التركية واقعاً لا يرتفع في مخيبل الملايين من الرجال والنساء الأتراك، وليس في مخيال نخبة سياسية مُعينة؛ بتعبير آخر، تشييد مفهوم الوطنية كان شبه منتهياً في الحالة التركية، ولكنه بالكاد كان في البداية بالنسبة للعالم العربي، وهو ما كرسته رؤى الأمير فيصل في العام 1920. [ص 69]

"حرب الكل ضد الكل"

"حرب الكل ضد الكل"، هو أولى العناوين الفرعية التي جاءت في الباب الثاني من الكتاب [ص 73]، وهو عنوان يُلخص واقع الفتن القائمة في سوريا والعراق ولبنان طيلة العقود الثلاثة الأخيرة، ولو أن لبنان ابتعدت نسبياً عن الفتن، ومعلوم أن هذه العبارة/ المقولة تعود لتوماس هوبز، الفيلسوف البريطاني، ومعلوم أيضاً، أن سياق صدور العبارة ومعها أعمال هوبز [1588-1679]، يرتبط بحقبة اضطرابات سياسية ومجتمعية مرّ منها الإنجليز بها، وأفضت، كما نعاين اليوم في الشرق الأوسط، من قلاقل الحروب الطائفية، ومن هنا دلالات الاستعارة التي لجأ إليها بلان وشانيولو.

ففي سوريا مثلاً، عنوان المرحلة الحالية هو إطالة عمر الاستقطاب الطائفي الحادة، وهو استقطاب يمتد منذ 2012، أي سن اندلاع الحرب الأهلية، بين نظام بشار الأسد، والحركات الإسلامية "الجهادية" التي تجاوز سقفها القتالي، سقف أولى تيارات المقاومة بزغت للوجود في أولى مراحل الحراك السوري. وزاد الوضع الطائفي تعقيداً في سوريا، دخول أطراف خارجية، من باب نُصرة هذه الفصائل الدينية الطائفية أو تلك، وبالتحديد الطوائف السنية والشيعية، ومن ذلك "تورط إيران في دعم الرئيس بشار الأسد في الحرب الأهلية السورية التي اندلعت ابتداءً من 2012، مساندة حزب الله وحلفاءه الشيعة في العراق ضد تنظيم "داعش"[7].

لم يختلف واقع الفتنة كثيراً مع الحالة العراقية، وخاصة بعد إسقاط صدام حسين، وإسقاط حزب البعث، حيث تورط الجميع في حرب أهلية، جمعت نظاماً شيعياً ضد ميليشيات جهادية، محسوبة على تنظيم "القاعدة"، وكانت نواة تنظيم "داعش"، وحتى بعد مرحلة الهدوء النسبي التي مرّ منها العراق ابتداءً من العام 2000، رغم الآثار الإنسانية المدمرة للحصار العالمي على العراق، عادت بغداد وباقي المدن الكبرى (الموصل، تكريت، الفلوجة..) إلى مرحلة اللاستقرار، عنوانها الصراعات الطائفية.

عنوان الصراع الطائفي الذي طال سوريا والعراق، طال أيضاً لبنان، بين 1975 و1990، وكانت لها تداعيات كارثية على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها أفضت إلى التقزيم من حضور نسبة اللاجئين الفلسطينيين. [ص 78]

من بين نتائج التدخل الغربي في شؤون المنطقة، ومعها تغذية الصراعات الطائفية، نجد على الخصوص إعاقة تشكيل مقومات الدولة لدى النخبة والعامة، مع شبه استثناء للحالتين التركية والأردنية: الأولى بمقتىض التاريخ الإمبراطوري القديم، والثانية، بمقتضى التغذية الشرعية التي كرّستها المؤسسة الملكية، بما يُفسر، حسب العمل، بقاء الأردن بعيداً عن التورط الميداني في هذه الأزمات والصراعات الطائفية دون نفي تأثر عمان بتداعيات هذه الأزمات على وضعها الداخلي (ص 91)، من قبيل الحضور الفلسطيني الكبير مثلاً في الساكنة الأردنية؛ ومن أسباب حالة الاستقرار التي تعيشها الأردن، أن نظامه ليست لديه أطماعا توسعية، وبالتالي جعلته بعيداً عن خوض مغامرات استراتيجية وسياسية وأمنية مع دول وشعوب الجوار.

هذا لا يُفيد، حسب المؤلفان، أن قيام دولة وطنية حقيقية، أمر مستحيل في العراق وسوريا ولبنان، بدليل أن الدولة في لبنان مثلاً، لم تسقط رغم عقد ونصف من الحرب الطائفية، كما أن مؤسسة الجيش بقيت في خدمة الدولة، ولكن تغذية الأفق الوطني للدولة اللبنانية يقتضي التقزيم من الهواجس الطائفية التي تعج بها.

الأمر مختلف مع سوريا والعراق، لأن واقع الساحة حالياً، لم يخرج عن عنوان الحرب الطائفية، وحتى لو تم الإعلان عن نهاية هذه الحروب المعقدة، هناك معضلة أكبر قلة ما انتبهت إليها، وهي معضلة إعادة الإعمار، من هول الخراب الذي طال البلدان معاً، وخاصة سوريا. [ص 92]

خُصّص الفصل الخامس للتوقف عند مصير بعض شعوب المنطقة، والتي ناضلت من أجل إقامة دولة أو الظفر بما بحُكم ذاتي، مع التوقف بالتحديد عند الحالتين الفلسطينية والكردية، ولو أنه تم تسليط الضوء أكثر على الحالة الأولى، بالصيغة التي تُترجمها مثلاً، كثرة الخرائط والوثائق التي تضمنها هذا الفصل، والتي أبدعت في إخراجها كلير لافاسور.

يكفي تأمل الخرائط التي تضمنها الصفحة 110 من العمل، والتي تظهر التحول الكبير في مساحة الوجود العربي الفلسطيني في المنطقة، بين مرحلة ما قبل 1978، واليوم، مروراً عبر تحول 1948 [تأسيس وقيام إسرائيل]، حيث ناهزت النسبة 47 في المائة من حقبة ما قبل 1974، ومنعطف 1967-1993، حيث انتقلنا إلى نسبة ناهزت 22 في المائة مقارنة مع مساحة ما قبل 1967، أما اليوم، فتناهز النسبة 10 في المائة.

ولو توقفنا عند الحالة الفلسطينية مثلاً، وزيادة على الأدوار التاريخية (الاستراتيجية والأمنية والسياسية) التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية، بعد انتقال مركز الثقل الأممي في التأثير على شؤون المنطقة، من بريطانيا وفرنسا إلى أمريكا، توقف المؤلفان عند أعطاب فلسطينية ذاتية، أهمها حالات الانقسامات والصراعات الداخلية، والتي أفضت إلى وقت قريب، إلى تقسيم الوجود الفلسطيني على الضفة الغربية وقطاع غزة[8].

أشار العمل أيضاً إلى أن الخلافات الفلسطينية الداخلية، والتي انتقلت على مقام الدماء منذ 1997، صاحبتها السياسات الإسرائيلية في تعاملها مع حركتي "فتح" و"حماس"، وبالنتيجة، ساهمت هذه الانقسامات في تعطيل مسلسل السلام الذي أعلن عنه ابتداءً من 1993؛ ومنذ ذلك المنعطف السلمي العابر، وحُلم السيادة الفلسطينية الموحدة، على قطاع جغرافي أكبر من واقع اليوم، يبتعد شيئاً فشيئاً، ولا تبدو الأوضاع الإسرائيلية الداخلية باعثة على التفاؤل، لأنها معرضة لصعود مد إيديولوجي متشدد، إلا إن كان لصناع القرار الدولي مواقف مغايرة للتي نعاينها منذ 1978 حتى اليوم.

تدخلات كارثية ومُدمرة

تسبب المنعطف الإمبريالي المؤرخ في 1920، في ولادة دول (لبنان والعراق)، والتقليص من مساحة دول (سوريا)، كما ساهم في الإبقاء على شعوب دون دول (الشعب الفلسطيني على الخصوص، ومعه الشتات الكردي)، وساهم على الخصوص في تشييد إسرائيل، في العام 1948.

كان هذا المنعطف أحد الأسباب المغذية والرئيسية للتراجيديات المستقبلية والراهنة، سواء تعلق الأمر بالحرب الأهلية في لبنان، والتي وصفتها بعض أقلام المنطقة بأنها "حرب الآخرين" [بتعبير الصحفي غسان تويني]، وقس على ذلك الحرب الأهلية اليوم في سوريا، أو استحالة تحقيق سيادة فلسطينية كاملة، وهي الاستحالة التي لا يمكن ربطها بالمواقف الإسرائيلية وحسب، ولكن ذات صلة أيضاً بالسياسات الأمريكية في المنطقة، إضافة إلى تراجيديا "الجهاديات"، وفي مقدمتها تنظيم "داعش"، حي يتهم العمل تيار "المحافظي الجدد"، بتحمل مسؤولية ولادة الظاهرة "الداعشية"، بمقتضى أحداث 2003 التي أسقطت صدام حسين، وأهدت العراق استراتيجياً إلى إيران، وغدت الرد السني الطائفي ضد التحالف الأمريكي ـ الإيراني. [ص 119]

لقد كانت بريطانيا وفرنسا من القوى الإمبريالية التي ساهمت في زعزعت استقرار المنطقة، ولكن حصول شعوب المنطقة على الاستقلال تزامن مع تراجع النفوذ البريطاني والفرنسي، موازاة مع صعود النفوذ الأمريكي، لينحصر الحضور البريطاني والفرنسي هناك رمزياً أكثر منه حضور مادي ملموس، من قبيل اعتراض فرنسا مثلاً، على غزو أمريكا للعراق في 2003، ورغم أنها تملك حق الفيتو، وأنها قوة عظمى، إلا أن العبرة بالنتائج، والتي كانت لا شيء بالنسبة للعرب الذين راهنوا على دور فرنسي يُقوض هذا التدخل. ونفس المعطى مع المطالب الفرنسية المؤيدة لاستعادة السيادة الفلسطينية، سواء في عهد نيكولا ساركوزي أو فرانسوا هولاند، لا زالت حبراً على ورق، كما نعاين نفس المعطى اليوم مع القوة البريطانية، والتي تكاد تكون غائبة في الساحة الدولية، أما دول القارة الأوروبية بشكل عام، بثقلها الألماني، فبالكاد تراهن على الحضور الدولي الإنساني، دون أي تأثير نوعي وكبير على تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. [ص 120].

ما استجد خلال العقود الأخيرة، أن فاعلين عن بُعد (الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا)، هم المؤثرون الأكثر على الوضع في الشرق الأوسط، وأصبحوا عملياً، ورثة الإرث الإمبريالي القديم (الإرث البريطاني/ الفرنسي)، وتمت عملية توزيع الأدوار هذه في العام 1956 بالتحديد، وهي سنة العدوان الثلاثي الشهير الذي قادته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ضد مصر، وهي نفس السنة التي تميزت بآخر أنفاس النفوذ البريطاني ـ الفرنسي، وكان العدوان منعطفاً، انتقلت بعده محور الثقل الغربي في التأثير على أوضاع المنطقة، من لندن وباريس إلى واشنطن، وروسيا، في تقاطع مع ما أشار إليه الخبير الاقتصادي جورج قرم، والذي يرى أن سنة 1956، هي "أولى شرارات الجحيم الذي يمر منه الوطن العربي، حيث الحروب المتتالية، والهجرات، وترتبط كلها بنزاعات بين قوى عظمى أوروبية من قبل، وأمريكية، بمقتضى حملها المشعل الإمبريالي من أوروبا القديمة"[9].

وفي محصلة هذا السفر البانورامي، خلصن المؤلفان إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وهي تتعامل مع منطقة الشرق الأوسط على أساس أنها فضاء للاستثمار الأمني والدبلوماسي على أعلى مستوى، وذلك لاعتبارين اثنين على الأقل: تأمين الوضع الإسرائيلي، والتحكم الاستراتيجي الطاقي الذي يُميز المنطقة، من النفط والغاز، خاصة أن المنطقة تضم أحسن نوع من النفط الخام، مقارن مع باقي الأنواع في العالم. [ص 121]

حروب الوجود وحروب البقاء

اختتم العمل بملحق عبارة عن تجميع لأهم خلاصات الكتاب، وتحليل مركز أشبه بمفتاح لقراءة يعض تطورات وقلاقل المنطقة، من قبيل نقد الإصرار الأقلام الإمبريالية، القديمة والمعاصرة، على ترويج بعض الأوهام التفسيرية حول الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وفي مقدمتها أن حرب الإسرائيليين ضد الجيران العرب، اشبه بـ"حرب وجود"، وأنها بالتالي مختلفة عن حروب المنطقة، وواضح، حسب العمل، أننا إزاء تحليل لا عقلاني بقدر ما هو تحليل عاطفي هدفه التأثير على سياسات محلية وإقليمية ودولية، كانت لها تداعيات كبيرة على المنطقة، ولا يوجد أفضل من الفلسطينيين، من يفقه جيداً تأثير هذا الخطاب العاطفي على الواقع المعيش. [ص 141]

عقيدة الحرب الوجودية، والتي وظفتها جدياً إسرائيل منذ التأسيس حتى اليوم، ستوظفها جدياً بعض دول وجماعات المنطقة:

1 ـ ففي لبنان مثلاً، كان شعار زعيم حزب الله، حسن الله، في حملات الدعاية والخطب الجماهيرية، يُحيل دوماً على حرب الوجود؛ ونفس الأمر مع الرئيس السوري بشار الأسد، ولو في سياق مختلف، لأن "الربيع العربي" الذي تسبّب في سقوط دول، لا يمكن قياسه مع قلاقل الحرب الأهلية اللبنانية.

2 ــ عاينا رفع نفس الشعار مع الأكراد في العراق، في زمن التصدي للقمع الرهيب الذي طالهم على عهد الرئيس الأسبق صدام حسين، وكانت ذروته مجزرة حلبجة، في 16 مارس 1998، أو في العام 2013 على يد القوات السورية. أما الظاهرة "الداعشية"، فلا تفكر بهذا المنطق، لأنه لديها قابلية ارتكاب أكبر الفظائع من أجل فرض الذات على الغير.

فيما يُشبه توصيات بحثية جاءت في خاتمة الكتاب، خلُص بيار بلان وجان بول شانيولو إلى أن التحولات الخطيرة التي مرت منها المنطقة، كان من المفترض أن تسهر عليها شعوب المنطقة، ومعها الهيئات التي تمثلها، وليس عبر تدخلات قوى أجنبية، بالصيغة التي تم التمهيد لها منذ اتفاقية سايس بيكو. [ص 142]؛ وأخذاً بعين الاعتبار حالة التفكك التي تمر منها المنطقة اليوم، أصبح يقيناً أن الفاعلين المحليين والإقليميين، في حالة عجز حقيقية، ولا يمكنهم لوحدهم التوصل إلى حلول نهائية لهذه الأزمات البنيوية التي تعج بها المنطقة، ولا مفر بالتالي من تدخل المنتظم الدولي، ولكن أن يكون التدخل مغايراً مقارنة عن تدخلات أمس، ليس فقط عن مواكبة تحولات قادمة، ولكن عبر فرض قرارات حلول منصفة [خصّ المؤلفات بالذكر مجلس الأمن، وبعض القوة الأوروبية].

بقي أمامنا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وعلى غرار الخلاصة سالفة الذكر، ليس في وسع القوى الإسرائيلية والفلسطينية التوصل إلى حل نهائي لاعتبارات عدة، أهمها وجود قوة مستعمرة حقيقية، بالمفهوم المرجعي للقانون الدولي؛ ومن جهة ثانية، هناك شعب منقسم على نفسه، ولا مخرج للأزمة سوى عبر مؤتمر دولي، على غرار ما جرى في 2003، بحضور الوزن الأممي والأمريكي والروسي والأوروبي، ولكن بمقاربة مغايرة عن مداخل ومخرجات اتفاقيات أوسلو. [ص 144]

تفيد الخلاصة الجامعة للعمل، وتهم المنطقة ككل، أن الحل الأمثل لا يخرج عن احترام القانون الدولي، وهذا يقتضي من الدول الغربية المؤثرة في صناعة القرار الضغط على إسرائيل لكي تحترم المواثيق الدولية، وخاصة قرار إدانة الاستيطان الإسرائيلي رقم 2334 الذي صوت عليه مجلس الأمن يوم 23 كانون الأول/ ديسمبر 2016: على إسرائيل أن تقتنع بأنه يأتي اليوم الذي تنسحب فيه من الأرضي المحتلة منذ 1967، بما في ذلك القدس الشرقية.

1 ــ في الحالة السورية، ثمة إجماع من لدى فرقاء الصراع القائم اليوم، على أهمية الحفاظ على الوحدة الترابية، من أجل تفادي تقسيم جديد للأراضي السورية، بما في ذلك إجماع أكراد سوريا، من الذين بالكاد يطالبون بما يُشبه حكم ذاتي في شمال البلاد، ولا يرفعون شعار الانفصال على غرار الحالة الكردية في العراق، مع دعوة العمل لأهمية تفادي تكرار سيناريو فرنسا 1920، والذي سيُكرس بشكل أكبر واقع الانقسام الطائفي، وبالتتالي يُغذي نزعات انفصالية داخل سوريا، بما يساهم في تأزيم المشهد الجيوـ سياسي للمنطقة ككل.

2 ــ في العراق: لا زال التأسيس للوحدة الوطنية متواضعاً، رغم بروز هوية عراقية، عبر مراحل خلال عقد ونيف، ولكنها هوية تمت على حساب مطالب الأكراد الذين تعرضوا مراراً لحملات قمع.

3 ــ وأخيراً، بالنسبة للحالة الفلسطينية، لا مفر من تأسيس دول وحدة وطنية، مع استرجاع الأرضي المحتلة منذ 1967، وبالنسبة لباقي دول المنطقة، لا مفر من احترام السيادة الوطنية، والخضوع لقرارات المنتظم الدولي، شرط أن تكون قرارات مُنصفة، وتدافع عن حقوق الأفراد والأقليات والمؤسسة في آن لقيم المواطنة، ولكن حتى لا نسقط في الأوهام، يجب الإقرار بأنه على المدى القريب، الانسدادات الإيديولوجية وإرادات القوى العظمى، التي تتعامل مع الأوضاع هناك من باب "صراع الوجود"، تحول دون توقع انفراجات حقيقية في سحاب الأزمات القائمة. ولكن على المدى المتوسط البعيد، هذا المنطق السياسي غير السوي، لم يعد يُحتمل، لأنه يُكرس المزيد من التأزيم، ويُغذي أزمات دولية، ويكفي تأمل وضع الشرق الأوسط. [ص 146]

كتاب "الاختراع التراجيدي للشرق الأوسط" مفيد للجميع في المنطقة: لصناع القرار والباحثين والإعلاميين، ويُحسبُ له [على الأقل] تلخيص أهم معالم التدبير الغربي الأورو ـ أمريكي لقضايا الشرق الأوسط، كما يُساعد المتلقي على استحضار الخلفيات السياسية والأمنية والاستراتيجية لأحداث الساعة، والتي لم تصدر من فراغ أو بشكل عبثي، وإنما ثمة عدة مقدمات تاريخية، ومتجذرة، ساهما بشكل مباشر أو غير مباشر في حالة التصدع الذي طال منطقة الشرق الأوسط بالأمس واليوم.


[1] ـPierre Blanc et Jean-Paul Chagnollaud, L'invention tragique du Moyen-Orient, Claire Levasseur (Cartographer), Editions Autrement, 2017, 154 pages.

[2]ـ في الصفحة 24 مثلاً، والتي تضمنت خريطة بالأخضر لشبه الجزيرة العربية، حتى أقصى شمال سوريا ولبنان وفلسطين، لا نقرأ سوى اسم منطقة واحدة: "البلاد العربية"، مرفقة برسم لشيخ عربي، من أقصى سوريا حتى أقصى اليمن، في إحالة على تاريخ عربي عريق، لم نكن نسمع فيه حينها عن استعمار أو انتداب أو إسرائيل.

[3]ـ يشرّح كتاب "إدارة التوحش" الفكر الأيديولوجي لتنظيم القاعدة، ويصنفه البعض على أنه "دستور" تنظيم "داعش"، الذي ينهل منه جوانب عديدة من معتقداته المتشددة، ويقع هذا الكتاب في 113 صفحة ضمنها الكاتب ستة مباحث و10 فصول ومجموعة من المقالات قدمت بالشرح والتفصيل رؤية تنظيم "القاعدة" في كيفية إدارة المناطق التي تسيطر عليها، وما ترى أنه "واقع الأمة الإسلامية".

كما يتخيل الكاتب واقع الدول الإسلامية بعد انهيار الأنظمة التي تحكمها حالياً. ويتوقع أن تسود المناطق التي تشهد سقوط أنظمة، فوضى كبيرة تتجاوز حالة الفوضى العادية لتصل إلى مرحلة من التوحش.

مؤلف الكتاب يدعى "أبو بكر ناجي"، وهو شخصية غامضة لا يعرف ما إذا كانت حقيقية أم اسماً مستعاراً.

لمزيد من التفصيل، انظر على سبيل المثال لا الحصر: كتاب إدارة التوحش.. "دستور" داعش لإرهاب الشعوب، موقع "الحرة. كوم"، 11 شباط/ فبراير، 2016، على الرابط:

https://www.alhurra.com/a/management-savegery-isis-book/294701.html

[4]ـ وهو المؤتمر الذي كان اجتماعاً للحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى، حيث سيتم حينها الاشتغال على تقسيم غنائم الحرب، بما فيها التحكم في المناطق الجغرافية المحلية والإقليمية.

[5]ـ رهان "فرق تسُد" جاء في عنوان فرعي في الصفحة 20 من العمل.

[6]ـ فاقت مراجع الكتاب 60 مرجعاً، أغلبها لمفكرين وباحثين في العلوم السياسية والاستراتيجية والتاريخ والجغرافيا، وبدرجة أقل مراجع ذات صلة بالظاهرة الإسلامية الحركية.

[7]ـ انظر: Malthide Costil, Iran république islamique chiite face au sunnisme, in: Carto, le monde en carte, N 43, septembre-octobre 2017, p 38

تضيف محررة المادة، أن هذا التورط الإيراني والذي قوبل باعتداءات "جهادية" حلال السنين الأخيرة، يُسلط الضوء على تدبير صناع القرار في طهران لمسألة الأقليات، وخاصة الأقلية السنية التي تتراوح نسبتها بين 8 و15 في المائة من الساكنة.

[8]ـ جدير بالذكر، أن الكتاب صدر أسابيع قبل المستجدات الأخيرة التي أعلِن عنها في أيلول/ سبتمبر 2017، أي إعلان مصالحة وطنية بين حركتي "فتح" و"حماس".

[9] ـGeorges Corm: nous vivons en enfer depuis 1956, propos recueillis par Pascal Gauchon et Tigrane Yégavian, in Conflits, Paris, Hors-série N 6, p 5