التقليد اللاّهوتي في مواجهة الزمن الاستثنائي للحداثة


فئة :  أبحاث محكمة

التقليد اللاّهوتي في مواجهة الزمن الاستثنائي للحداثة

التقليد اللاّهوتي في مواجهة الزمن الاستثنائي للحداثة(1)

ملخّص:

يتعرّض هذا الفصل الثاني من الكتاب إلى المسار النقديّ الغربيّ للحداثة والتنوير. واستناداً إلى تعريف للحداثة يحدّدها بصفتها ديالكتيكاً تاريخيّاً تتصارع فيه قوى الحاضر التي تدافع عن راهنها مع قوى المستقبل التي تدافع عن حاضر متّجه إلى المستقبل، يصف الباحث نمطاً أوّل من النّقد الموجّه للحداثة، هو النّقد اللّاهوتيّ الميتافيزيقي. ووفق ذلك التعريف يمثّل هذا النّمط قوى الحاضر التي دافعت عن راهنيّتها، ضدّ رغبة التجاوز التي أعلنتها الحداثة.

يمثّل هذا النّقد حسب المؤلّف نماذج أربعة من المفكّرين الذين تمسّكوا بالتعالي والأزليّة مناويل مؤطّرة لحياة الإنسان وعقله، ضدّ المحايثة والزمنيّة التي رفعت شعارها الحداثة. وهؤلاء هم الفرنسيّون الثلاثة جوزاف دي ماستر (ت1821)، ولويس دي بونالد (ت1840)، وشاتوبريان (ت1848) والإيرلندي زعيم المحافظين الإنجليز إدموند بورك (ت1797).

فانطلاقاً من منظور دينيّ مشكّك في الإنسان وعقله، يهاجم الأوّلان ذاتويّة الحداثة وإنسيّتها في موضوعي الحقيقة والسياسة. فأمّا الوسيلة، فهي استعادة الجدال اللّاهوتي المسيحيّ القديم المنافح عن كليّة الحقيقة الدينيّة، وانسحابها على كلّ مجالات الحياة ولا سيّما قطاعها السياسيّ. ومن هذه الزاوية عدّت الثورة الفرنسيّة من قبلهما اعتداءً شيطانيّاً على الإرادة الإلهيّة الممثلة في السلطة الملكيّة.

ومن هذا المنظور الدينيّ المحافظ عينه واجه زعيم المحافظين الإنجليز أدموند بورك تعلّق التنويريين والثورة الفرنسيّة بقيم كونيّة في مجالات الأخلاق والقانون والاجتماع والسياسة، بدفاع عن قيم سياسيّة خصوصيّة مصدرها قانون الطبيعة. أمّا شاتوبريان، ففي الاتجاه نفسه من معارضة التنويريين والثورة الفرنسيّة، قد ركّز نقده على نزعتهم الاختباريّة الناسفة للميتافيزيقا والأسس المعرفيّة المسندة إلى الإيمان. ما رفضه في مستوى القيم هو هذا الحلم بإنسان كونيّ نمطيّ وبقيم كونيّة، لم يثبت التاريخ لها وجوداً، أمّا في مستوى السياسة، فهو هذا العزل للسياسة عن ارتباطاتها الدينيّة والأخلاقيّة، بدعوى تحويلها إلى ممارسة عموميّة يشارك فيها الشعب عن طريق التمثيل والديمقراطيّة. من هذا الجانب كان رفضه للديمقراطيّة الشعبيّة بسبب افتقادها للسندات القيميّة المتعالية، وبسبب التمثيل الذي يجمع السلطة في يد نخبة لا تمثل إلّا نفسها.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو  الضغط هنا


 

[1]ـ هو عنوان الفرع الأوّل من الفصل الثاني من المحور الأوّل، من كتاب: مصطفى بن تمسّك، الحداثة الأوربيّة، مسارات التفكيك ونهاية الريادة، مؤمنون بلاحدود، ط1، 2018، ص ص 75-96