الجهاد في المنظومة الفكريّة القديمة: وفاء للنّص أم خضوع لسلطة الواقع؟


فئة :  مقالات

الجهاد في المنظومة الفكريّة القديمة: وفاء للنّص أم خضوع لسلطة الواقع؟

الجهاد في المنظومة الفكريّة القديمة: وفاء للنّص أم خضوع لسلطة الواقع؟([1])


كرّس الإسلام التّاريخي تأويلاً محدّداً للجهاد من ضمن تأويلات عديدة وُجدت فعلاً أو كان يمكن أن تُوجد. ورسّخ التّاريخ العربي الإسلامي ممارسة منتقاة للجهاد من جملة ممارسات كثيرة طرحتها النّصوص المقدَّسة، وكلها تُقدّم على أنَّها التّرجمة الأمينة للمقصود الإلهيّ. وقد كان الانتقاء هو السّائد في الممارسة والتّنظير كليهما؛ سواء في ما تعلّق بتحديد ساحات الجهاد والمقصودين به أو بأسباب الجهاد وغاياته...، وهو ما يعني أنَّ تأويل نصوص الجهاد مفهوماً ومراتبَ ووسائلَ وشروطاً... لم يكن بمعزل عن اختيارات البشر ومختلف توظيفاتهم، ونعني تحديدا أنَّه كان محكوماً بمصالح ومطامع لم تكن دائماً لـ"وجه الله"، ولا في سبيل إعلاء كلمة الدّين، كما هو مقرّر في النّصوص التّأسيسيّة الإسلاميّة. والمُلاحظ أنَّ تلك المصالح والأطماع كانت في أغلب الأحيان موصولة، إمَّا بتوسيع الممالك، أو بالصّراع من أجل اقتناص السّلطة أو احتكارها وإدامتها، ويعود ذلك إلى أمرين:

الأول: هو أنَّ النصّ حمَّال أوجه، وغير ناطق بذاته وإنَّما ينطق به الرّجال، كما نبَّه إلى ذلك مبكّراً عليّ بن أبي طالب (ت 40هـ/661م) في حادثة التّحكيم، وأنَّ كلّ قراءة هي تأويل ما يحمل تحيّزات صاحبه (Préjudice)، ولا يمكن أن تكون هناك قراءة دون تحيّزات وافتراضات مسبّقة (présuppositions)، والسؤال الوحيد المشروع هو: هل تكون تلك التحيّزات والافتراضات مُخصبةً لفعل القراءة منتجةً للمعنى أم لا؟[2]

أمَّا الثّاني، فهو أنَّ الفعل الجهادي نفسه فعل متعدٍّ، ويغلب أن يكون عنيفاً بهذا القدر أو ذاك. وهدفه هو إخضاع الآخر مادّيّاً ورمزيّاً، والهيمنة عليه روحيّاً وجسديّاً، وتلك خصيصة تنبع من الطبيعة الكونيّة للرّسالة المحمّديّة نفسها، مثلها مثلُ المسيحيّة والحداثة في العصور الحديثة.

إنَّ عمليّتَي الانتقاء والاختيار اللّتين تمّتا عبر التّاريخ قد مثّلتا جزءاً من استراتيجيّة تأويليّة شاملة، عضدتها عمليّاتٌ أخرى هي الحجب والاستبعاد والمغالطة في القياس وتوسيع المعنى أو تضييقه، وتلبيس سياقات النّصوص للمماثلة بينها أو المباينة حسب الحاجة... وتتجسّد خصائص هذه الاستراتيجيّة في مختلف مباحث ظاهرة الجهاد؛ فمن جهة الأحكام ميّز الفقهاء بين حكمين للجهاد بحسب نوعه (جهاد طلب/ جهاد دفع)[3]، فهو فرض عين حيناً وفرض كفاية حيناً آخر، ولكنَّ هذه التّوسعة تغيب عند الحاجة، فيكون الجهاد فرض عين مهما تعدّدت وسائله أو أنواعه. يقول ابن القيم: "وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ جِنْسَ الْجِهَادِ فَرْضُ عَيْنٍ إِمَّا بِالْقَلْبِ، وَإِمَّا بِاللِّسَانِ، وَإِمَّا بِالْمَالِ، وَإِمَّا بِالْيَدِ، فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُجَاهِدَ بِنَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ".[4] وترسّخ في المخيال الإسلامي التّرادفُ بين الجهاد من جهة والقتْل والقتال من جهة أخرى، ولئن اتّخذ أحياناً طابعاً سلميّاً ظاهريّاً يتمثّل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقلب واللّسان، فإنَّ ذلك الموقف مؤقّت ومشروط بحالة الضّعف والعجز سواء في حالة الفرد أو الجماعة، والأصل هو تغيير المنكر باليد، وهو علامة على قوَّة الإيمان، إذ التغيير بالقلب هو أضعف الإيمان.[5]

وفي المقابل، تمّ تغييب تأويلات أخرى لمفهوم الجهاد وجدت فعلاً منذ القديم وما تزال، منها التّأويل الصّوفيّ الذي يرى أنَّ المقصود بالجهاد والمجاهدة هو تزكية النّفس ومحاسبة المؤمن لنفسه ومراقبتها[6]، وهو مذهب في النّظر فرديٌّ لا جماعيٌّ (لازمٌ غير متعدٍّ) يتيح إمكانيّةَ احترام الغير وحرّيَّة الضّمير والاعتقاد ومبدأ التّسامح والتّعايش...ولعلّه الأدنى إلى روح العصر وقيمه الحديثة.

ومن بين أنواع الجهاد المختلفة، تمَّ تكريس جهاد المخالفين في الديّن (الكفار/ المرتدّين/ الفاسقين/ البغاة...)، بالرغم من اعتباره جهاداً مفضولاً مقارنة بجهاد كلمة الحقّ في وجه السّلطان الجائر وهو أفضل الجهاد، وأصغر مقارنة بمجاهدة النفس وهو الجهاد المعدود جهاداً أكبر، ومقدّماً عليه مقارنة بالجهاد في خدمة الأبوين.[7] ولئن ميّز الفقهاء قديماً بين نوعين من الجهاد: جهاد الطّلب وجهاد الدّفع، كما أسلفنا، وقيّدوا الأوّل باعتداء الآخر أو تهديدِه للدّعوة ومنعها، فإنَّ ما تمَّ تكريسه حتى صار الذّهن لا ينصرف إلّا إليه، عند ذكر الجهاد، هو النوع الأوّل، وتمّ إسقاط شرط الاعتداء ليصبح الجهاد بمعنى المبادرة بالقتل والقتال مطلقاً من كلّ شرط سوى "الكفر"، وهو شرطٌ تمّ التوسّع فيه والتّساهل في إطلاقه حتّى بات ينطبق على أكثر أهل المعمورة، وصار الإيمان صفة تختص بها فئة قليلة من المسلمين السنّة، اعتبرت هي الفرقة الناجية.[8] فكيف إذا علمنا أنَّ التّكفير، مبرّر الجهاد، لم يكن في الغالب حكماً موضوعيّاً خالياً من أهداف السّيطرة والإخضاع لغايات دنيويَّة، حتّى بات من الصّعب التّمييز بين مقصد نشر الدّعوة ومقاصد الغنيمة والهيمنة السياسيّة في الدّاخل والخارج؟ فــ "في القديم" أصبح التكفير عبارة عن استراتيجيّة لإسكات الخصوم الفكريين والسياسيين داخل الساحة الإسلاميّة، لا بل إلغاؤهم [كذا]. ولم يكن تكفير المحكّمة (الخوارج) لعليّ ومعاوية واستحلال دمهما إلا نقطة البداية لمسلسل من الانقسامات العقائديّة والمذهبيّة والسياسيّة".[9] ليس هذا فحسب، بل إنَّ الممارسة كثيراً ما شذّت عن التّنظير الفقهيّ، ففي حين يتّفق المالكيَّة والحنفيَّة والحنابلة والشّافعي (في أحد قوليه) على أنَّ الكفر ليس علّة كافية للجهاد، وأنَّه لا يجوز إلّا في حالات المحاربة والمقاتلة والاعتداء[10]، فإنَّ ما جرى فعلاً هو اعتماد الكفر معياراً لجواز الجهاد من عدمه، استناداً إلى تأويلات متشدّدة، كقول ابن تيميّة: "كلّ من بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دين الله الذي بعث به، فلم يستجب له، فإنَّه يجب قتاله (حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله)".[11] [الأنفال: 39].

وكان هذا الجهاد في بدايته خارج الملّة لنشر الدّعوة واستكمال بناء الدّولة أو توسيع رقعتها، ثمّ صار داخلها لتوطيد أركان الدولة وتصفية خصومها من المتربّصين بالسّلطة. وكان التّأويل بجواز الجهاد في الدّاخل خاصّة بسبب الاتّهام بالردّة أو الكفر أو البغي محلّ خلاف دائم من وجهة نظر دينيّة صرف[12]،   وعلى سبيل المثال يجد المتتبّع لأخبار مالك بن نويرة، كما جاءت في "البداية والنهاية"، أنَّ مالكاً "ندم على ما كان من أمره وتلوم في شأنه وهو نازل بمكان يقال له البطاح فقصدها خالد بجنوده وتأخرت عنه الأنصار وقالوا: إنّا قد قضينا ما أمرنا به الصدّيق، فقال لهم خالد إنَّ هذا أمر لا بدّ من فعله وفرصة لا بدّ من انتهازها".[13] وهكذا تثبت المصادر التاريخيّة السنيّة أنَّ خالداً كان يرى في حروب الردّة فرصة للتمكّن من مالك بن نويرة لغايات لا علاقة لها بالغايات التي جيّش الخليفة من أجلها الجيش.

ويُلاحظ أنَّ ذلك الحدث المبكّر مازال إلى اليوم يَستدعي أسئلة الباحثين، وهي أسئلة موصولة بمشروعيّة توصيف حالات مختلفة توصيفاً واحداً (الرّدّة) ومواجهتها بحكم واحد (القتال)، دون مراعاة ذلك الاختلاف المستند أحياناً على تأويل آخر يرى أصحابه أنَّ الزّكاة خاصّة بالنبيّ وحده، ولا يحقّ لأحد فرض أدائها إليه.[14] وفي هذا السياق يتساءل أحد الباحثين: "كيف حصل أن تمّ الجمع بين حالات مختلفة تحت مسمّى واحد: من آمنوا بنبوَّة مسيلمة والأسود العنسي، ومن عادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهليَّة، ومن لم يرجعوا عن إسلامهم ولكنَّهم امتنعوا عن مواصلة دفع الزكاة مدَّعين أنَّ الآية (خذ من أموالهم صدقة...) موجَّهة إلى النبي وحده وخاصّة بزمنه؟ وما هي دلالات اعتراض عمر على قتال هؤلاء الذين أقرّوا بالتوحيد والصلاة قبل أن ينزل عند اجتهاد أبي بكر؟ وما هو نصيب كلّ من الديني والسياسي في دوافع مختلف الأطراف التي شقّت عصا الطاعة، ودوافع كلٍّ من أبي بكر وعمر"؟[15]

وبالرّغم من كلّ هذه الإشكاليّات التي حفّت بحروب الردّة، فإنَّ موقف أبي بكر فيها قد صار سابقة تأويليّة، وقاعدة نموذجيّة يُقاس عليها، وتُوجّه الكثير من الفتاوى، كما هو الشأن في فتوى ابن تيميّة في التّتار ومن انضمّ إليهم من المماليك. يقول ابن تيمية: "كلّ طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة [ذكر منها الامتناع عن الصلوات الخمس أو صيام رمضان أو الزكاة أو الحج أو تحريم الفواحش أو الزنى أو الميسر أو الخمر.]، فإنَّه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين، وإن تكلمت بالشهادتين".[16] فالتتار عنده كفّار، لأنَّ اعتقادهم "كان في جنكسخان عظيماً، فإنَّهم يعتقدون أنَّه ابن الله (...) ويقولون إنَّ الشمس حبلت أمّه...".[17] ومن لحق بهم من المماليك مرتدّ، وفيهم يقول ابن تيمية موضّحاً: "فمن قفز عنهم [عن كتيبة الإسلام التي في مصر والشام] إلى التتار كان أحقّ بالقتال من التتار، فإنَّ التتار فيهم المكره وغير المكره، وقد استقرَّت السنَّة بأنَّ عقوبة المرتدّ أعظم من عقوبة الكافر الأصلي".[18]

وهكذا، فقد تمّ غالباً اعتبار التّأويل، الذي كان في أصله خلافيّاً، قاعدة ثابتة لا تُناقش، مقدّسةً أو كالمقدّسة. وجرى في المقابل تغييب تلك المناقشات والاعتراضات التي تضفي على الحكم نسبيّته وبشريّته. ووفق هذه الاستراتيجيّة وقع الانحياز قديماً وحديثاً إلى فعل الجهاد الطّلبي، وكان تبرير هذا الاختيار التّأويليّ هو المحافظة على كيان الدولة الفتيّ في حروب الردّة، وشرعيّة المطالبة بالحكم والأحقّيَّة به في حروب الفتنة الكبرى، وإن جرت دائماً عمليَّات شرعنة لهذه المطالب الدنيويّة بتأويل مناسب للنّصوص الدينيّة (أو اختلاقها في حالة الأحاديث) أو بتبريرات تتّخذ طابعاً سجاليّاً.

ومن أشهر الأمثلة على الممارسة الأولى (التّأويل المناسب) اعتبار بعضهم آيةَ السيف ناسخة لسبعين "آية من آيات المسالمة والموادعة والتسامح والتعايش، ويذهب مخالفوهم إلى أنَّ المقصودين بالقتال هم الذين نكثوا أيمانهم الناقضون للعهد من مشركي العرب الذين بادروا المسلمين بالحرب ونكثوا عهدهم، وقد ضرب لهم الله موعد الأشهر الأربعة الحرم. ومن الآيات التي قيل بنسخها من قبل آية السيف: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، و﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 256]، و﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون: 6] ...".[19]

ومن الممارسة الثّانية (التّبريرات المناسبة) ما أورده ابن خلدون، وهو المالكي الأشعريّ، في سياق تحديد موقفه من خروج الحسين بن عليّ على يزيد بن معاوية، وقد جرى ما جرى تحت راية الجهاد من الجهتين: مبرّر الحسين الشرعيّ أنَّ يزيد حاكم فاسق، ومبرّر يزيد أنَّ الحسين من أهل الحرابة وقدّ شق عصا الطاعة. ولا شكّ في أنَّ هذه الحادثة قد شكّلت وما تزال حرجاً شديداً للضّمير الإسلاميّ، لا بالنّظر إلى مكان الحسين من النبيّ وإلى التّقوى التي عرف بها فحسب، بل إلى التّنكيل الشديد به وبأهل بيته، وإلى التّمثيل الشنيع الذي تعرّض له بعد مقتله. وهي أفعال يَعسُر فهمُها وتبريرُها بالنّصوص الدّينيّة وحدها. لذلك فقد لجأ ابن خلدون إلى التّمييز بين المستويين الدنيويّ والشرعيّ على نحو يدلّ دلالة قاطعة على عدم التّطابق بينهما، فما يكون شرعيّاً ومقبولاً قد لا يكون بالضرورة واقعيّاً. ويترتّب على ذلك أنَّ ما هو ممكن ومقبول واقعيّاً قد لا يكون سليماً من وجهة نظر الدّين.[20] وهكذا فإنَّ الاتّساق مع قوانين العمران البشري وتوفّر العصبيّة الضروريّة للموقف مقدّمان على الأمر الشرعيّ. وهو ما يعني أنَّ الحكم الشرعيّ ليس مطلقاً ولا خالصاً، بل هو متّصل بقوانين الاجتماع البشري؛ أي بما هو دنيويّ، إلى درجة أنَّ هذا يمكن أن يحتلّ مكان ذاك وحكمَه. يقول ابن خلدون: "فقد تبيّن لك غلط الحسين، إلّا أنَّه في أمر دنيوي لا يضرّه الغلط فيه، وأمَّا الحكم الشرعيّ فلم يغلَط فيه، لأنّه منوط بظنّه، وكان ظنّه القدرةَ على ذلك".[21]

ويظهر التّوظيف السّياسيّ في مسألة أخرى من المسائل الموصولة بالجهاد، وهي الجزية التي تُضرب على الكفّار بعد الهزيمة أو قبلها شرطاً لمنع القتال، فمّما يُلاحظ أنَّ الكفّار والمشركين العرب قد عوملوا بقسوة إضافيّة، إذ حَكَم الفقهاءُ بأن يُعرض عليهم خياران لا ثالث لهما (على خلاف ما يجري مع سائر الكفّار والمشركين)، وهما: الإسلام أو القتل، ولا حقّ لهم في اختيار الجزية، فيكونوا من أهل الذمّة. ولا معنى للتّبرير القائل إنَّ القرآن نزل بلسانهم وهم يفهمونه، فلا إمكانيّة لرجاء إسلامهم كما يُرجى إسلام غيرِهم حين يخالطون المسلمين ويعرفون القرآن، ولا للقول إنَّ العرب كانوا قد دخلوا الدين مختارين.[22] والأدنى إلى الحقيقة أنّهم يمثّلون عدوّاً داخليّاً ونموذجاً يُغري غيرَهم برفض الدّين بكلّ ما يعنيه ذلك من توهين داخليّ للدّولة ومن قدرة على المنازعة على السّلطة بتوسّل العصبيّة القبليّة التي ظلّت محتفظة بفاعليتها وسطوتها. يقول ابن قدامة المقدسي: "وقد اختلف الفقهاء في من يجوز أن تؤخذ منهم الجزية، فمذهب الشافعي وأحمد تؤخذ من جميع الكفار عدا مشركي العرب. وعند أبي حنيفة تؤخذ من جميع الكفار بما في ذلك عبدة الأوثان الأعاجم دون العرب".[23] وفي المقابل، فإنَّ عمر بن الخطّاب قد حكم، حين ولِيَ الخلافة، بأنَّه "يقبح بالعرب أن يملك بعضهم بعضاً، وقد وسّع الله، وفتح الأمصار".[24] ولعلّ عمر قد قدّر أنَّ التّأليف أولى لتقوية الدّولة الفتيّة من الدّاخل. وأيّاً ما كان الأمر فإنَّه لا يمكن ردّ كلا الموقفين المتقابلين إلى البُعد الدّينيّ، بل إلى التّدبير الدّنيويّ، ومقتضيات السّلطة. وكذلك الأمر من جهة "المرتدّين"، فقد يكون موقفهم رفضاً للسلطة المركزيّة القرشيّة في ذلك الوقت أكثر منه رفضاً للدّين الجديد، ورأوا في الزّكاة خضوعاً تأباه قيم القبيلة.

ويُلاحظ أنَّ أهلَ الذّمّة أنفسَهم يخضعون إلى إجراءات كثيرة الهدفُ منها التّضييق عليهم. وقد اتّخذت تلك الإجراءات أشكالاً عديدة ليس لها وجود صريح في النّصوص المقدّسة، وإنّما هي ممّا أمر به عمر بن الخطّاب وتابعه فيها الفقهاءُ، ومنها جعلُ الزّنّار في أوساطهم ووضع قلانسهم دون العمائم وتجنّب التشبّه بالمسلمين في لباسهم وسروجهم ونعالهم، ومنع نسائهم من ركوب الرّحائل... وروى الأصفهاني أنَّ سفيان الثّوريّ سئل: "أصافح اليهود والنصارى؟ فقال برجلك نعم"[25]، ويمكن النّظر إلى هذا وذاك على أنَّه ضرب من "الاستفزاز" الذي لا سند نصيّاً له، من أجل إخراج هذه الطائفة من حالة "البينيّة" المزعجة لضميرٍ متحفّز للحسم، فإمّا أن تنقض العهد فيحلّ قتالها، وإمّا أن تؤمن (ولو شكليّاً) فتذوب في الجماعة الإسلاميّة.

ولئن وردت الدّعوة إلى الجهاد في القرآن لعموم المسلمين دون تخصيص، ومثّل ذلك تهديداً بالفوضى والفتن الدّاخليّة، كما أثبتت ذلك وقائع التاريخ الكثيرة، فإنَّ الفقهاء قد سعوا إلى إضفاء الشرعيَّة الدينيَّة على احتكار وليّ الأمر (الحاكم القائم) لحقّ إعلان الجهاد من عدمه لقطع الطريق على كلّ مدّع للقيام بهذا "الفرض"، وهكذا تمَّت تعرية كلّ الثّائرين على الدّولة من كلّ غطاء شرعيّ ممكن، إذ يغلب على الظنّ أنَّ مقصود الفقهاء هو الجهاد "الدّاخلي" في المقام الأوّل لا "الخارجي"، وهو ما يمكن أن يستشفّ من تشديد أحد الأحاديث النبويّة على الاكتفاء بتحميل وليّ الأمر وزراً أخرويّاً متى تقاعس عن "الجهاد الخارجيّ"، حتى لا يكون هذا بدوره ذريعة للثّورة عليه (الجهاد الدّاخليّ)، فقد روى البخاري عن "أبي هريرة عن النبي قال: "إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ، فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ".[26]

وخلاصة القول: إنَّ مفهوم الجهاد وجميع ما تلبّس به من إشكاليّات قد كان دائماً محلّ تأويلات كثيرة متنوّعة، وأنَّه قد تمّ باستمرار استبعاد التّأويلات التي لا تستجيب لإيديولوجيا السلطة السياسيّة القائمة ومصالحها والسّلطة الدّينيّة الخادمة لها، في مقابل تكريس تأويلات أخرى مهما بدت أحياناً مخالفة للنّصوص المؤسّسة ذاتها، كاشفة بذلك عن تغلّب منطق السّلطة على منطق النّصّ. وقد سلك تأويل الآيات عموماً ثلاثة مسالك:

1- تأويل يرى أنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وينحو منحى التعميم والإطلاق للأحكام، وهو المسلك الذي غلب على المدوّنة الفقهيَّة في مسألة الجهاد، ومنه تسرّب التّوظيف الإيديولوجيّ للدّين عموماً ولمسألة الجهاد خصوصاً.

2- وتأويل يسعى إلى تدبّر أسباب الحكم ونزوله، ويضع في الاعتبار السّياقات والملابسات التي حفّت بكلّ حكم، وهو مسلك لم تُوَفّق إليه دائماً قراءات آيات الجهاد.

3- ومسلك ثالث ظلَّ إلى حدّ ما هامشيّاً، وظهر متأخّراً في الزّمن، وهو منهج في النّظر يتجاوز حرفيّة النصّ إلى مقاصده. ويعود هذا النوع من التأويل إلى أبي إسحاق الشاطبي (ت 790هـ)، وصولاً في العصر الحديث إلى محمَّد الطاهر بن عاشور (ت 1973) وعلاّل الفاسي (ت 1974)، ومحمَّد الطالبي وتحليله السّهمي (Analyse vectorielle).[27] وهو، فيما نرى، القراءة التي تسمح للنّصّ بمرونة أكبر وقابليّة أوسع لاستيعاب كلّ جديد، لأنَّها تضع في اعتبارها مقصود القارئ المتغيّر بحسب الشروط الاجتماعيّة والسياسيّة والتاريخيّة، ووفق أفقه المعرفيّ في كلّ زمان، فضلاً عن المقصود الإلهيّ. يقول الشّاطبي: "المقاصد ضربان: أحدهما يرجع إلى قصد الشارع، والآخر يرجع إلى قصد المكلّف".[28] وهذا التّمييز بين مقصود الشارع ومقصود المكلّف مهمّ في عصره، ولكنّه اليوم غير كافٍ في ظلّ مناهج القراءة الحديثة التي بيّنت أنَّ كلَّ ما نعبّر عنه هو مقصود بشري، ولا سبيل إلى ادّعاء مطابقة هذا المقصود البشري للمقصود الإلهي. وهو أمر يؤيّده التّمييز القرآنيّ بين العلم الإلهيّ المطلق والعلم البشري المحدود والنسبيّ والمنقوص دوماً، كقوله: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125].[29]

[1]- جزء من ورقة بعنوان "الجهاد في الإسلام بين التأويل والتوظيف الإيديولوجيّ في المقاربات القديمة والخطاب الجهاديّ المعاصر" ألقيت في ندوة: "الجهاد في الإسلام: معترك التأويل والتوظيف"، المنعقدة في تونس: 01 ـ 02 مايو 2017، تنسيق: د. بسام الجمل ود. أنس الطريقي. مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.

[2]- H.G. Gadamer, Vérité et méthode, 1ère édition partielle, Paris,Seuil, 19976. p298.

[3]- المراجع القديمة في تمييز نوعي الجهاد كثيرة، انظر مثلاً: أبو عمر عبد الله بن عبد البرّ، الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، تح. محمد بن محمد الموريتاني، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، د.ط. د.ت.ج1، ص ص 462، 463.

[4]- ابن القيّم، شمس الدين أبي عبد الله، زاد المعاد في هدي خير العباد، 5ج، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1998، ج4، ص 28. اختلف القدامى في حكم نوعي الجهاد وقد استعرض القرضاوي بتفصيل مختلف آراء القدامى في فصل: حكم الجهاد شرعاً: فرض عين أم كفاية أم تطوّع. راجع: يوسف القرضاوي، فقه الجهاد، دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته في ضوء القرآن والسنة، 2ج، مكتبة وهبه، القاهرة، طبعة مزيدة ومنقّحة، 2009، ج1، ص 65 وما بعدها.

[5]- نص الحديث: "من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان". صحيح مسلم، دار صادر، 4مج. دار صادر، بيروت، ط1، 2004. مج1، ص 42، (رقم 177).

-[6] انظر كيف يصدّر عبد الكريم القشيري المقام الثّاني من مقامات الصّوفيّة (المجاهدة) بالآية الآتية: "والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا، وإنّ الله لمع المحسنين" [العنكبوت، آية 69] ثم يضيف: "سمعت أبا علي الدقّاق يقول: من زيّن ظاهره بالمجاهدة حسّن الله سرائره بالمشاهدة". الرسالة القشيريّة في علم التصوّف تحقيق وإعداد: معروف زريق وعلي عبد المجيد بلطه جي، دار الجيل، بيروت ط2، د.ت.، ص ص 97، 98.

[7]- انظر الأحاديث الثلاثة على التوالي: الحديث الأوّل: "عن أبي سعيد الخدري قال: سئل رسول الله (ص) عن أفضل الجهاد، فقال: كلمة حقّ عند سلطان جائر". أخرجه الترمذي رقم 1275 وأبو داود وابن ماجه والنّسائي. الحديث الثّاني: "قدم على الرسول صلى الله عليه وسلّم قوم غزاة، فقال صلى الله عليه وسلم: قدمتم خير مقدم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر. قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: مجاهدة العبد هواه. ذكره البيهقيّ (وغيره) في كتاب الزهد رقم 373. وقيل إنّه ضعيف، وأنكره ابن تيمية. الحديث الثالث: "حدثنا آدم: حدثنا شعبة: حدثنا حبيب بن أبي ثابت قال: سمعت أبا العباس الشاعر، وكان لا يتهم في حديثه، قال: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: جاء رجل إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد، فقال: "أحيّ والداك؟". قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد"[7] مج2/251 رقم 3004/ ورد بإسناد آخر ولفظ قريب 5972.

[8]- راجع: عبد القادر البغدادي، الفرق بين الفرق وبيان الفرقة النّاجية منهم، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط3، 1978. الباب الخامس: في بيان أوصاف الفرقة الناجية وتحقيق النجاة لها وبيان محاسنها، ص 299- 354.

[9]- عبد اللطيف الهرماسي، ظاهرة التكفير في المجتمع الإسلامي من منظور العلوم الاجتماعيّة للأديان، سلسلة أوراق الجزيرة رقم 14 (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، ط1، 2010) ص 15.

[10]- منير هاشم خضير العبيدي، جهاد الطلب بين الأقدمين والمعاصرين، مجلة البحوث والدراسات الإسلاميَّة، العدد 28، 2012، موقع العراقيَّة للمجلات الأكاديميَّة، http/ www.iasj.net، ص ص 123-264.

[11]- ابن تيمية، فقه الجهاد، تهذيب زهير شفيق الكبي، موسوعة فقه السنّة، دار الفكر العربي، بيروت، د.ط. 1992، ص 71.

[12]- راجع موقف عمر من خالد بن الوليد إذ قتل مالك بن نويرة في: محمَّد بن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، 11ج، تح. محمَّد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1960- 1969. ج3، ص 280. فقد نعت خالداً بـ"عدوّ الله عدا على امرئ مسلم فقتله، ونزا على امرأته". وعن أبي هريرة (... يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه وحسابه على الله". ضبط نصّه وعلّق على حواشيه عبد الخالق محمود علام، مج4، أديسوفت ودار صبح، الدار البيضاء، طبعة جديدة ومنقحة، 2016، مج4، ص 321 (رقم 6924).

وللتوسع في مواقف المرجئة، راجع مثلاً: الشهرستاني، الملل والنحل، 3 أجزاء، صحّحه وعلّق عليه: أحمد فهمي محمَّد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1992. ج1، ص 137، 138.

[13]- ابن كثير، البداية والنهاية، منشورات مكتبة المعارف، بيروت، د.ط. د. ت. مج6، ص 321.

[14]- عبّر أحد الشعراء عن هذا التّأويل، وقد أورد الطبري خبره بقوله: "قال عبد الله الليثي، وكانت بنو مناة من المرتدّة ـ وهم بنو ذبيان- (...) أطعنا رسول الله ما كان بيننا: فيا لعباد الله ما لأبي بكر/ أيورثها بكراً إذا مات بعده: وتلك لعمر الله قاصمة الظهر. الطبري، تاريخ الرسل والملوك، مرجع سابق، ج3، ص 246.

[15]- عبد اللطيف الهرماسي، ظاهرة التكفير في المجتمع الإسلامي من منظور العلوم الاجتماعيّة للأديان، مرجع سابق، ص 44.

[16]- ابن تيمية، فقه الجهاد، مرجع سابق، ص 126.

[17]- نفسه، ص 133.

[18]- نفسه، ص 141.

[19]- جاد الحق علي جاد الحق، عطية صقر، نقض الفريضة الغائبة، نشر مجلة الأزهر، القاهرة، محرم 1414/2002. ص ص 31، 32. والمقصود بآية السيف قوله: ﴿فإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: 5]

يفنّد المؤلّفان القولَ بأنّ آية السّيف نسخت مائة وأربع عشرة آية في ثمان وأربعين سورة، بالحجج الآتية: 1- أنَّ الآية وردت في مشركي العرب الذين لا عهد لهم، فقد بدؤوا المسلمين بالقتال ونقضوا عهدهم، وهي لا تشمل غيرهم من المشركين ولا أهل الكتاب ولا الأمم الأخرى. 2- أنّ في آخر السورة ما يوقف العمل بأوّلها، ويعني قوله: (... فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إنّ الله غفور رحيم) من الآية 5 من سورة التوبة. 3- أنّه لا نسخ، وأنّ كلّ آية واردة في موضعها، إذ الإعمال مقدّم على الإهمال. المرجع نفسه، ص 32.

[20]- انظر القول بسلطان الغلبة عند أهل السنّة، والصّبر على الحاكم الغشوم بدلاً من الفتنة التي تدوم.

[21]- ابن خلدون، المقدّمة، دار الكتاب اللبناني ومكتبة المدرسة، بيروت، د.ط. 1982. ص 383. انظر: كامل الفصل السّادس من الباب الثّالث من المقدّمة: في أنّ الدّعوة الدّينيّة من غير عصبيّة لا تتمّ، ص 279- 284.

[22]- انظر اختلاف الفقهاء في من تُؤخذ منهم الجزية في: يوسف القرضاوي، فقه الجهاد، مرجع سابق، ج2 ص 832 وما بعدها.

[23]- ابن قدامة المقدسي، المغني، تح. عبد الله بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمَّد الحلو، 15ج، دار الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، الرياض، ط3، 1997.ج13، ص 28 (التشديد منّي).

[24]- الطبري، تاريخ الرسل والملوك، مرجع سابق، ج3، ص ص 239، 240.

[25]- أحمد الأصفهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، الكتاب العربي، بيروت، 1974 ج6، ص 379. للتوسّع انظر كذلك في أذى أهل الكتاب: ابن تيمية، فقه الجهاد، مرجع سابق، ص159 وما بعدها. انظر كذلك ما وضعه أهل الذّمّة من شروط على أنفسهم في ما يعرف بالعهدة العمريّة في: ابن عساكر، علي بن الحسن بن هبة الله، تاريخ تهذيب دمشق وأخبارها... "التاريخ الكبير"، دمشق دار المسيرة، بيروت 1329هـ، ج1، ص 179.

[26]- البخاري، صحيح البخاري، مرجع سابق، مج2، ص 241، (رقم 2957).

[27]- نقلاً عن: عبد الباقي الهرماسي، ظاهرة التكفير في المجتمع الإسلامي من منظور العلوم الاجتماعيّة للأديان، مرجع سابق، ص 43 (بتصرّف).

[28]- الشاطبي، الموافقات، ج2، ص5. نقلاً عن: بسام الجمل، آيات الأحكام في المقاربات الحديثة والمعاصرة، موقع مؤمنون بلا حدود للدّراسات والأبحاث www.mominoun.com. 2016، ص 6.

[29]- انظر كذلك قوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [الأنعام: 117]. وقوله: ﴿مَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾ [الأنعام: 119]. وقوله: ﴿ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾ [النجم: 30]. وقوله: ﴿إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [القلم: 7].