الحداثة ودراسة العقل البياني : تحليلُ الجداثة


فئة :  أبحاث محكمة

الحداثة ودراسة العقل البياني : تحليلُ الجداثة

الحداثة ودراسة العقل البياني:

تحليلُ الجداثة*


ملخص:

مشروع الحداثة الغربي عند آبائه المؤسسين قام على نقاش مرير من خلال ربط جذري للقول الفلسفي للحداثة مع القول الجمالي فيما يرى هابرماس، والحداثة ليست قطعاً كلياً فيما يتوهم أغلب المشتغلين ممن شطت بهم العبارة الفلسفية، ذلك أنّ التحقيق الفلسفي العميق رام دراسة الفصل بين قيمتي الدنيوة والأخروة كصانعين لحياة الناس، ذلك أنّ مضمون التاريخ العام أراد أن ينقل الإنسان الغربي من تاريخ الله إلى تاريخ الإنسان حين طرح "كوسيلك R. Kosellek " ذلك السؤال القاعدي الجوهري: متى أعيد تعميد الزمن الذي نحيا بالأزمنة الجديدة؟

ولعل مفاهيم من قبيل: الثورة، التقدم، التطور، التحرر، الأزمة, روح العصر، شكلت معجم "هيغل" فيما يرى هابرماس في كتابه "القول الفلسفي للحداثة، وهي كلها ترمي إلى الحركة، وبالتالي تحمل الحداثة قيماً خلافية لكل ما هو قديم/جَداثي.

تسارع الشكل البنيوي للتحديث هو الذي أدى إلى إصباغ الغرب بنموذج علمي وعملي للتطور والإنماء، وعزل بذلك المجتمعات التي لا تنتمي إلى الغرب. لعل النموذج التحديثي فيما يرى "ماكس فيبر" هو الذي شكل القفزة نحو تأسيس عالم اللذة، الذي اتجه في خط استمراري إلى الأمام، لاكتمال ثقافة الإشباع الدنيوي، وانتهاء فكرة الكَنسيَّة عند فكرة الإشباع المؤجل. هنا فقدت رمزية الدال/ الله مركزيتها، لأنّ "العقل" استطاع أن يقطع مع الحتمية التاريخية ليؤدي إلى بناء عالم للرغبة لا محدود ولا متناهٍ، وهنا تأسست فلسفياً مفاهيم الذاتية والعقلانية؛ أي أنّ حرية الذات هي بشكل عام مبدأ العالم الحديث، وهذا ما جعل لفيفاً من الباحثين في عالمنا العربي يوجهون بحوثهم نحو منجز العقل الغربي، لعله في مقدورهم انتشال العقل العربي من أزمته. أي محاولة جعل التراث متزامناً مع الراهن. وهنا سنعرض لمشروع الجابري لنرى موقفه من مسألة التراث، وكيف يمكننا أن ندرسه عبر نقطتين مفصليتين في مشروعه:

1- الجابري في تجاوز بداوة الفكر

2- البنى الأولية للعقل

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا


* الجَداثة: ترتدّ إلى مادة "جدث"، (الجدث) القبر-ج- أجدث وأجداث، والجداثة صوت الحافر والخف، الطاهر الزاوي، ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المميز وأساس البلاغة، دار المعرفة، دار الكتب العلمية، ج1، بيروت / لبنان، 1989، ص 454

جدث: الجدث وفي حديث علي كرم الله وجهه في جدث ينقطع في ظلمه أثارها، أي في قبر. والجمع أجداث، وفي الحديث نبوتهم أجداثهم أي ننزلهم قبورهم. ابن منظور، لسان العرب، م6، دار صادر بيروت، ط5، 1992، ص 128

وقد استخدمتُ مصطلح الجداثة لأعبّر به عن تلك الأصوات القديمة التي تأتينا من الداخل وتشكل فينا حاكميتها، لما يعكسه صوت الحافر أو الخف، الذي يأتي من تحت/ من العمق، أو هو الصوت الذي يمثل الزمن الثقافي القديم. أو هو الجداثة التي تقع في عموم المقول "أولئك الأموات الأحياء فينا"، حيث يعود الصوت دائماً من الأعماق ليمارس سلطته. وهنا جمعت بين الدلالتين: الجدث باعتبار الموت، والجدث باعتبار صوت الخف والحافر، فكانت تعني لي الصوت الذي يأتي من الداخل، وهو صوت مخزون فينا، الصوت الداخلي.