الدولةُ والتراثُ: دراسةٌ في علاقة التراث السياسي الإسلامي بتلقي مفهوم الدولة الوطنية


فئة :  أبحاث محكمة

الدولةُ والتراثُ:  دراسةٌ في علاقة التراث السياسي الإسلامي بتلقي مفهوم الدولة الوطنية

 الدولةُ والتراثُ:

دراسةٌ في علاقة التراث السياسي الإسلامي بتلقي مفهوم الدولة الوطنية*


ملخص:

ليست هذه الدراسةُ أكثر من محاولةٍ لفهم العلاقة القلقة التي ما انفكت تجمع الوعي السياسي العربي-الإسلامي بتراثه السياسي، كما بالفكر السياسي الحديث والمعاصر. لذلك يُمكن اعتبارها إسهاما في صياغة جوابٍ عن سؤال ما يزال يؤرق ذلك الوعي؛ هل يمكن للتصور التراثي للدولة أن يفيدنا، اليوم، في بلورة فهم معقول لمفهوم الدولة في البلاد العربية؟ يبدو السؤال، لأول وهلة، أدخل في باب المسائل الإيديولوجية منه في باب القضايا المعرفية، التي يمكن للبحث الفلسفي أن يتصدى لتحليلها. وهذا أمر يمكن تفهمه بالنظر إلى استدعائه الكثيف من طرف المحتقلين لمجال الفكر السياسي العربي، لاسيما في ظل تضخم المقاربات الإيديولوجية التي أعملوها في تحليله واجتراح جواب عنه، من مدخل صهره، حيناً، في سؤال العلاقة بين السياسة والدين، وأحيانا أخرى، في مسألة تضمن التراث السياسي لتصور ثيوقراطي أو مدني للحكم. فضلنا، خلافا لذلك، أن نقيم مقاربتنا لهذا السؤال "بعيداً" عن الصخب الإيديولوجي المستعر حولها في جغرافيا الفكر العربي الحديث والمعاصر، وقد كانت أولى خطواتنا في ذلك تعليق كثيرٍ من الأحكام التي رسختْ في ذهن الباحثين عن التراث السياسي الإسلامي، محاولين فهمه في السياقات الحاكمة لعملية نحت مفاهيمه وتصوراته، وهو الأمر الذي أسعفنا بِتَبَيُنِ القيمة الفكرية لهذا التراث، كما ببعض ملامح تخومه النظرية والتاريخية.

بيد أن محدودية التراث السياسي لا تعني، مطلقا، موتهُ ولا انسحابه من مشهد الثقافة السياسية؛ إذ كان ولا يزال عنصراً فعالاً في صياغة المشروعية السياسية. ميزنا في التراث السياسي الإسلامي بين قطاعين اثنين نحسبها الأكثر دلالة على القول السياسي التراثي؛ الفقه السياسي أولا، وأدب النصيحة ثانيا. خلف التمايز بين الخطابين يثوي تقابلٌ بين ضربين من التسويغ والشرعنة؛ ارتبط الأول منهما (الفقهي) بالموقف المعياري الذي ينتهل سبب وجوده من المقدمات الشرعية، ويتقدم أصحابه إلى مشهد الثقافة السياسية باعتبارهم ورثة الأنبياء؛ فهم الأوصياء على الشرع وإمضاء السياسة على مقتضاه. في حين ارتبط الموقف الثاني (الآداب السلطانية) بالتصور الطبيعي الذي عبر عنه مفهوم الملك. ويبقى السؤال؛ كيف أثر التصور المتضمن في هذين الموقفين عن الدولة في تلقي الفكر العربي الحديث لمفهوم الدولة الوطنية؟ وهل استطاع الفكر العربي السياسي الحديث القطع معه؟ نجيب عن هذا السؤال بالنفي. فرغم مظاهر استدعاء مفاهيم الفكر السياسي الحديث، ورغم لجوء النهضويين والإصلاحيين إلى القاموس السياسي الحديث في توصيفهم للدولة الوطنية، إلا أن طيف التراث السياسي ظل يجثم على وعيهم، وهذا ما يفسر هذا التساكن الغريب، في اعتقادي، بين مفاهيم سياسية حديثة (الحرية، السلطة، الدولة، العدالة...الخ) وأخرى تنتمي إلى التقليد التراثي (الملك، العدل، السلطان...الخ)؛ صحيح أن الإصلاحيين ما ترددوا في إظهار قيمة الفكر السياسي الحديث قياسا بنظيره التقليدي، غير أن عملهم ذاك لم يكن كافيا بتصفية الحساب مع هذا الأخير على نحو يضمن عدم إحيائه من طرف خصوم الدولة الوطنية من جديد.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا


* نشرت هذه المادة في مجلة "ألباب"، العدد 7، خريف 2015، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.