الديمقراطية البديلة تحالف مع الديمقراطية أم تجذير للديمقراطية؟ هابرماس نموذجاً


فئة :  أبحاث محكمة

الديمقراطية البديلة تحالف مع الديمقراطية أم تجذير للديمقراطية؟ هابرماس نموذجاً

الديمقراطية البديلة تحالف مع الديمقراطية أم تجذير للديمقراطية؟

هابرماس نموذجاً(1)

ملخّص:

يطرح مفهوم الديمقراطية، في الراهن، من الالتباسات والإشكالات، ما يجعل مهمة تدبير المفهوم في حقل الفكر الفلسفي السياسي المعاصر مهمةً ليست باليسيرة، ولاسيما أمام كثرة الخطابات والمقاربات المتناولة للديمقراطية مفهوماً وممارسةً، وما يسم النظر في المفهوم من راهنية تنعت ذاتها بالديمقراطية؛ ونقصد لحظة هيمنة النظام السياسي النيوليبرالي في زمن العولمة وما بعدها، وما تعيشه الإنسانية اليوم من صراعات تُقام باسم الديمقراطية، وحروب تُبرّر بنشر الديمقراطية وتهدّد الديمقراطية في الوقت ذاته، وتعصّب طائفي يكفّر الديمقراطية، واستغلال تؤسسه وتشرّعه الديمقراطية، وهو ما يسوّغ للحديث عن مفارقة الديمقراطية؛ بل ما يجعل من الديمقراطية، نظريةً وممارسة وشكلاً للحكم، معرّضةً لضروب متنوّعة من النقد. وقد اخترنا التعاطي مع نقد هابرماس للممارسة الديمقراطية في المجتمع الحديث، لما يثير نقده من استشكالات متصلة بالموقف من الحداثة، ومتعلقة أيضاً بموقفه من التحولات الإبستمية التي عرفها الفكر السياسي الغربي في ظلّ هيمنة التقنية والعقلانية الأداتية. وما يميز مقاربة هابرماس لمفهوم الديمقراطية في حقل الفلسفة السياسية هو ارتباطها الإشكالي بمفهوم الفضاء العمومي، وتشابكها مع نظرية الفعل التواصلي ومفترضات إيتيقا النقاش؛ لذلك سعى هابرماس إلى إعادة تأويل العلاقة بين النظرية السوسيولوجية والنظرية الفلسفية للعدالة والممارسة الديمقراطية والعلاقة بين الحق والأخلاق، وإعادة تعريف المفهوم المعياري للسياسة التداولية في اتجاه تأسيس أنموذج معياري للحق والديمقراطية مقابل الأنموذج الليبرالي.

تحتاج الديمقراطية، في مجتمعاتنا المعاصرة، إلى فهم جديد، يأخذ في الاعتبار تعقد العلاقات الاجتماعية الراهنة؛ أي فهم الديمقراطية في ضوء تعقد دور وسائل الإعلام والاتصال وسلطتها على الأفراد، وفي صلة بمفهوم الفضاء العمومي والحاجة إلى رؤية بينذاتية للحقوق، وإلى رأي عام ديمقراطي نقدي. وفي هذا السياق، يراهن هابرماس على التأسيس للممارسة الديمقراطية التداولية، التي تنبني على التلازم بين الحقوق الاجتماعية وحقّ المواطن في التمتّع بحقوقه الفردية والعمومية؛ أي على التوفيق بين نظام حقوقي ليبرالي وأنموذج ديمقراطي اجتماعي. ومن ثمّ، فإن فهم التناول الهابرماسي للديمقراطية التداولية يستدعي فهم المضامين الإيتيقية للتواصل والنقاش، كما يتطلب إنجاح الممارسة الديمقراطية غياب الإكراه والهيمنة، وتكريس النقاش العمومي، والانخراط في الفعل الديمقراطي دُربةً وتربيةً، لكن تعترض الممارسة الديمقراطية، في الراهن، مفارقات الديمقراطية ذاتها، التي آلت إلى كراهية الديمقراطية، ومن ثمّ تبقى الديمقراطية في حاجة إلى مراجعات مستمرة، رهانها خلق مجتمع بديل مناهض للعنف والإرهاب والفقر، ومؤسس للممانعة الديمقراطية فكراً وفعلاً.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو  الضغط هنا


[1]- نشر هذا البحث في كتاب "التواصل في مواجهة العنف"، إشراف الطيب بوعزة، إعداد وتنسيق محفوظ أبي يعلا، مؤمنون بلا حدود، 2019