السبيل إلى الحكم الصالح، ونقد أطروحة المستبد العادل


فئة :  مقالات

السبيل إلى الحكم الصالح، ونقد أطروحة المستبد العادل

المجتمع هو حالة من الاجتماع البشري العلائقي المنظم بين الأفراد، وهو ليس مجرد مجمع كتلي يحتوي هؤلاء الأفراد، وتحدث فيه بينهم علاقات اتفاقية (صدفوية) اعتباطية؛ فالاجتماع البشري هو انتظام يقوم على طبيعة البشر ولمصلحة البشر، وهذا الانتظام، لا يمكنه أن يتحقق بدون تنظيم، وبدون مؤسسة تكون هي نفسها منظـَّمة ومنظـِّمة، فتقوم بتنظيم وإدارة وقيادة شؤون المجتمع لما فيه خير وصالح هذا المجتمع، ما يعني أنه بدون وجود هذه المؤسسة لا يتحقق في هذا المجتمع شرط الاجتماع البشري الحقيقي، وبالتالي لا يكون مجتمعا، وهذا يقود إلى نتيجة حتمية عن التلازم الجدلي بين هذا المجتمع ومؤسسته الناظمة.

هذه المؤسسة هي الدولة، والتي تعد بمثابة القاطرة التي تقود المجتمع على طريق التطور الاجتماعي الإنساني الصحيح، وإن لم تقم الدولة بهذا الدور، فهي بذلك تصبح فاقدة لمبرر وجودها، ويصبح وجودها باطلا، كحال الحارس الذي يحرس كرما مثلا، والمفروض فيه أن يحمي الكرم من اللصوص، فإن لم يقم بواجبه هذا فقد وجوده مبرره، لكن الأسوأ يحدث عندما يقوم هذا الحارس نفسه بسرقة الكرم بدلا من حمايته، وبذلك يتحول هذا الحارس من حام إلى لص، ويفعل عكس ما يجب فعله تماما، وهذا ما تفعله الدولة الطاغية الفاسدة. وهنا يصبح من الضروري طرح السؤال عن كيفية الوصول إلى "حكم صالح"؛ فالحكم الصالح هو الغاية الأساسية المنشودة في حكم المجتمعات وتأسيس الدول.

الحكم الصالح هو الغاية الأساسية المنشودة في حكم المجتمعات وتأسيس الدول

البعض يطرح فكرة "المستبد العادل" كسبيل إلى ذلك، ومن الواضح في هذا الطرح، أن العدالة هي الغاية، وليس الاستبداد، وأنّ اقتران الاستبداد بالعدالة هنا، لا يُبرَّر قطعا إلا كاقتران الغاية بالوسيلة، أو اقتران القضية بشرطها اللازم، فالاستبداد بحد ذاته لا يمكنه أن يكون غاية بذاته، أو غاية ذاته؛ لأنه بهذا الشكل يصبح طغيانا وتسلطا!

في الفكر الإسلامي الحديث، طرحت فكرة الاستبداد من قبل العديد من المفكرين الإصلاحيين الإسلاميين الذين رأوا فيها حلّا لأزمة التخلف، وعن هذا يقول الكاتب والباحث العماني عبدالله علي العليان: «شاعت مقولة الاستبداد في القرن التاسع عشر والقرن العشرين بين الإصلاحيين الإسلاميين من خلال بعض كتابات ومقالات مختلفة، ومن هؤلاء عبد الرحمن الكواكبي في كتابه (طبائع الاستبداد)، وجمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده من خلال مجلتهما مجلة "العروة الوثقى" التي كانت تصدر في باريس ويقول د. إمام عبدالفتاح إمام إن مقولة "المستبد العادل" انتقلت من أوروبا إلى الشرق.. فالحل الذي رآه جمال الدين الأفغاني لمشكلات الشرق، إنما هو "المستبد العادل" الذي يحكم بالشورى وقال ما نصه: "لن تحيا مصر، ولا الشرق بدوله، وإماراته، إلا إذا أتاح الله لكل منهما رجلا قويا عادلا يحكّمه بأهله على غير تفرد بالقوة والسلطان"»([1]). وبدوره يقول الإمام محمد عبده، الذي يُنسب إليه مصطلح المستبد العادل([2]): «إنما ينهض بالشرق مستبد عادل، مستبد يكره المتناكرين على التعارف ويلجئ الأهل إلى التراحم ويقهر الجيران على التناصف، يحمل الناس على رأيه في منافعهم بالرهبة إن لم يحملوا أنفسهم على ما فيه سعادتهم بالرغبة، عادل لا يخطو خطوة إلا ونظرته الأولى إلى شعبه الذي يحكمه، فإن عرض حظ لنفسه فليقع دائما تحت النظرة الثانية، فهو لهم أكثر مما هو لنفسه، يكفي لإبلاغهم غاية لا يسقطون بعدها خمس عشرة سنة، وهي سن مولود يبلغ الحلم يولد فيها المفكر الصالح وينمو تحت رعاية الوالي الصالح ويشتد حتى يصرع من يصرعه، خمس عشرة سنة يثني فيها أعناق الكبار إلى ما هو خير لهم ولأعقابهم ويعالج ما اعتل من طباعهم بأنجع أنواع العلاج ومنها البتر والكي إذا اقتضت الحال، وينشئ فيها نفوس الصغار على ما وجه العزيمة نحوه ويسدد نياتهم بالتثقيف... فهل يعدم الشرق كله مستبدا عادلا في قومه يتمكن به العدل أن يصنع في خمس عشر سنة مالا يصنع العقل وحده في خمسة عشر قرنا؟»([3]).

 طرحت فكرة الاستبداد من قبل العديد من المفكرين الإصلاحيين الإسلاميين الذين رأوا فيها حلّا لأزمة التخلف

فيما يقول الكواكبي بالمقابل: «كل يذهب مذهبا في سبب الانحطاط وفي ما هو الدواء لذلك، وحيث إني قد تمحص عندي أن أصل هذا الداء هو الاستبداد السياسي، ودواؤه دفعه بالشورى الدستورية وقد استقر فكري على ذلك...»([4]).

وفكرة "المستبد العادل" هذه ما تزال تلقى قبولا، ويروّج لها الكثيرون حتى اليوم لأسباب مختلفة يتداخل فيه الإيمان والتقليد والإيديولوجية والمصلحة وغيرها، وهذا ما يفعله -مثلا-تركي الدخيل، السفير والدبلوماسي والإعلامي والصحافي السعودي، الذي يقول عن الزعيم السنغافوري "لي كوان يو": «قلةٌ هم الزعماء الذين يكتبون التاريخ، يحفرون منعطفات تُغير مسارات الأمم، والشعوب. زعيم سنغافورة، ومؤسسها، "لي كوان يو"، وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: "بواحدٍ من أعظم القادة الذين مرّوا على قارة آسيا والعالم"... ووصفه جورج بوش بأنه: "واحد من ألمع وأقدر الرجال الذين قابلتهم. قصة سنغافورة ينبغي أن تُقرأ من قبل المهتمين، بقصة نجاحٍ آسيوية حقيقية"، وهنري كسينجر يعتبره: "الزعيم الآسيوي الأوفر حكمةً". بينما جاك شيراك، يصف التجربة قائلاً: "أن تنهض أمة من عتبة الوجود، إلى واحدةٍ من أعلى مستويات المعيشة بالعالم، في ثلاثين سنة، ليس بالإنجاز العادي، أساس هذا النجاح يكمن في عبقرية لي كوان يو".

ثمة مفارقة لافتة، في شخصية الزعيم الذي رحل في 23 مارس 2015، فهو كان تجسيداً، لما ذكره الماوردي والكواكبي وغيرهم، مستبدّاً عادلاً. فتحويل سنغافورة وتقدمها لم يكن الديموقراطية، ولا بالحريات المنفلتة»([5])!.

وكما نرى في ما تقدم من عينات الأقوال، تحمل فكرة "المستبد العادل" عموما حلما خلاصيا يقترن بشخصية هذا المستبد كزعيم كمخلّص، وهذا كان سائدا في المجتمعات القديمة، واقترن غالبا بالثقافات الدينية واستند عليها، وهو الذي ما يزال سائدا في الذهنية العربية الإسلامية الراهنة، التي ما تزال ذهنية تقليدية حتى اليوم، وبما أن هذه الفكرة خلاصية فمن الضروري لها ألا يقترن فيها مفهوم "الاستبداد" بمفهوم "الطغيان"، فهذه الأطروحة بطرحها هذا النوع من الاستبداد تتغيا الخلاص من الطغيان والظلم بكافة أشكالهما ومفاعيلهما، والاستبداد فيها ليس استبدادا غير مشروط، ولكنه مقيد بالعدل، ولا يحمل المعنى الذي يقترن فيه اليوم بالطغيان، وعن هذا يقول الدكتور محمد عابد الجابري: «لا بد من التنبيه أولا إلى الفرق بين مفهوم الاستبداد في مرجعيتنا التراثية ومفهومه في اصطلاحنا اليوم المستقى من المرجعية الأوروبية. لم يكن لكلمة "الاستبداد" في المرجعية العربية القديمة ذلك المضمون السلبي الذي لها اليوم. لقد كان "الاستبداد" يعني الحزم وعدم التردد في اتخاذ القرار وتنفيذه. ومن هنا، تلك العبارة الشهيرة: "إنما العاجز من لا يستبد". هذا هو معنى الاستبداد في المرجعية العربية خصوصا عندما يقرن بـ "العدل"، فالعدل يفقد مضمونه مع العجز عن تطبيقه. أما الاستبداد بدون عدل، فكان له اسم آخر في المرجعية العربية، وهو "الطغيان" ("اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى"). أما مفهوم "المستبد العادل"، كنموذج للحكم الصالح، فيحيل إلى السيرة التي عرفت عن الخليفة عمر بالخطاب في الحكم، والمتميزة بـ"الحزم" و"العدل"»([6]).

فكرة "المستبد العادل" تعرضت وما تزال تتعرض لانتقادات كثيرة، ولاسيما من قبل المفكرين المجددين والعلمانيين، فالدكتور عزمي بشارة -مثلا- يعتبرها فكرة إصلاحية في الأزمنة الماضية، ولكنها رجعية اليوم، فيقول: «وإذا كان نقد الطغيان من جهة، ونقد عبثية تعدد القوى غير الديمقراطية في الدول العربية من جهة أخرى في عصرنا ينتج توقا إلى المستبد العادل، فإن لهذا التوق جذورا عميقة، حتى في التطلعات إلى الإصلاح في القرون الماضية. لكن في عصرنا هذا يجب التحذير من فكرة العودة إلى الاستبداد العادل، إذ مرت قرون منذ ذلك الحين وكانت كافية لاتضاح حدود فكرة المستبد العادل. وإذا كان ذلك التوق إليه إصلاحا في عصره، فإنه أصبح رجعيا في الحداثة التي يفترض فيها محاربة الاستبداد بالديمقراطية، وليس بالحنين إلى المستبد العادل. وهذا سبب آخر لضرورة تنظيم القوى الديمقراطية، كي تطرح برنامجا ومشروعا بديلا للديكتاتورية ولتعددية القوى غير الديمقراطية على حد سواء»([7]).

 فكرة "المستبد العادل" هذه ما تزال تلقى قبولا، ويروّج لها الكثيرون حتى اليوم لأسباب مختلفة يتداخل فيه الإيمان والتقليد والإيديولوجية والمصلحة وغيرها

فيما يرى الدكتور.إمام عبد الفتاح، أن الحديث عن حسنات الاستبداد ما هو إلا نتيجة تعودنا على حكم الطغاة المديد، فيقول: «لطول إلفنا "بالطاغية" لآلاف السنين، لم نعد نجد حرجا ولا غضاضة في الحديث عن إيجابياته، وما فعله من أجلنا من جليل الأعمال...فحتى إذا افترضنا إن له إيجابيات "هائلة"، فما قيمة هذه الإيجابيات إذا كان ثمنها تدمير الإنسان وتحطيم قيمه، وتحويل الشعب إلى جماجم، وهياكل عظمية تسير في الشوارع منزوعة النخاع، شخصيات تافهة تطحنها مشاعر الدونية والعجز واللاجدوى؟»([8]).

وبدوره يرى الجابري أن نموذج "المستبد العادل" ليس إسلاميا، وأنه انحدر أساسا إلى الثقافة العربية الإسلامية من الموروث الفارسي، وكرسه الموروث اليوناني في دائرة أضيق، وهو -برأيه- مجرد نموذج نظري تصوري، ولكنه عمليا معرقل للديمقراطية كونه يقدم البديل اللاواقعي لها في الوقت الذي يسود "الاستبداد المطلق" فعليا على أرض الواقع، وعن هذا يقول: «جميع ما قلناه عن نموذج "المستبد العادل" ينتمي إلى "النظرية" أعني إلى تصور الأفضل والمثال، إلى "اللاشعور السياسي". وهذا النموذج مسؤول، بهذه الدرجة أو تلك، عن غياب الديمقراطية، على الأقل من حيث إنه يقدم بديلا عنها يعتبره أفضل منها. ولكن بما أن هذا البديل النموذج قد بقي ومازال مجرد نموذج، مجرد مطلب، فالبديل الواقعي القائم دوما هو شيء آخر غير "الاستبداد المقيد بالعدل"! إنه "الاستبداد المطلق" الذي هو النقيض للديمقراطية.

ذلك، في نظرنا، أهم مظهر في "الخاص" الذي يفسر غياب الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي، وواضح أنه لا يرجع إلى الإسلام كدين، بل إلى الموروث الإسلامي الذي يتشكل من فهم المسلمين للإسلام وتأويلهم له»([9]).

وكما سلف القول، في أطروحة المستبد العادل، فإن العدالة هي الغاية ومحور التركيز، وعن أهمية العدالة في الفكر الإسلامي، يقول ابن تيمية ما نصه: «إن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يُروى: "الله ينصر الدولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة، وإن كانت مؤمنة"»([10]). وفي رواية أخرى: «إن الله يقيم الدولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة، وإن كانت مسلمة»([11]).

فهل يمكن أن يكون الاستبداد وسيلة أو شرطا لازما لتحقيق العدالة أو الدولة العادلة؟!

ما لا شك فيه أن ثمة حالات محددة، يمكن أن يلعب فيها الاستبداد دورا إيجابيا، فهو مثلا ضروري في القيادة العسكرية، ولكنه حتى هنا يبقى خطيرا ومرهونا بطبيعة القائد؛ فالقائد الناجح، هو القائد الحكيم الذي يستغل سلطته ليقود جيشه لتحقيق الانتصار، ومن صفاته كقائد حكيم -مثلا- أن يستشير معاونيه، ويتعامل مع كل مرؤوسيه باحترام، فيكسب احترامهم وطاعتهم وولاءهم. أما القائد الأحمق أو المتسلط أو المتغطرس، فهو إما يتفرد باتخاذ القرارات، ولا يسترشد بآراء معاونيه، أو يتعامل معهم ومع بقية مرؤوسيه باستعلاء واستكبار وعدم احترام، أو بكلا الأمرين معا، فيفقد جيشه القرار الصحيح والروح المعنوية معا، وفي المحصلة تكون الهزيمة هي عادة العاقبة لمثل هذا النوع من القيادة الفاسدة.

أما بالنسبة إلى الحكم، فإذا ما نظرنا عبر التاريخ، فسنجد حالات نادرة من الحكام المستبدين الصالحين، فثمة في تاريخنا العربي الإسلامي - مثلا- عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، والمأمون وقلة سواهم. وبالمقابل، سنجد أضعافا مضاعفة من الحكام الفاسدين الطغاة، الذين اقترن استبدادهم بطغيانهم وفسادهم بشكل سببي جذري، وهذا مؤشر جدّ قوي على تناسب الاستبداد مع الطغيان والفساد، وعلى أن الارتباط السببي بينه وبينهما هو القاعدة. أما حالات الحكام الصالحين في نظم الاستبداد، فيمكن وصفها بأنها استثناء!

 نموذج "المستبد العادل" ليس إسلاميا، وأنه انحدر أساسا إلى الثقافة العربية الإسلامية من الموروث الفارسي

مع ذلك، ففي هذه الحالات الاستثنائية نفسها، يجب تحليل وتحديد دور الاستبداد في العدل بالضبط، وهل هو دور معزز أم ممانع أم إنه بلا دور! عندما يتواجد الاستبداد، لا يمكن القول بأنه يمكن أن يكون بلا دور؛ فالاستبداد هو حالة من حالات القوة الكبيرة التي لا يمكنها أن تكون بلا فعل!

ما هي العلاقة بين الاستبداد والعدل؟

يمكن القول في هذه الحالة، إن هناك احتمالين: إما أن يمتلك الحاكم العادل من الحكمة خُلقا وسياسة ما يكفي لتحييد قوة الاستبداد ولجمها! أو أن يمتلك منهما ما يكفي لتحويل هذه القوة في الاتجاه الذي يخدم عدالته.

والاحتمال الثاني هو الأرجح، لأنه لا يمكن تحييد قوة الاستبداد أو لجمها، فهذا يقتضي وجود قوة أخرى، قوة لا وجود لها منطقيا وواقعيا عند "المستبد العادل"، الذي يستمد قوة سلطته وسلطانه الحقيقية والفعلية من نفس المنظومة الاستبدادية التي يترأسها أو يتزعمها!

هذا يعني أن صفة العدل هي هنا شرط ذاتي محض في شخصية الحاكم، وقدرتها على النجاح مع المنظومة الاستبدادية مرهونة أيضا بعوامل ذاتية في شخصية هذا الحاكم، كما أنها مرهونة بالظروف الخاصة التي تحكم منظومة الاستبداد نفسها، وظروف المجتمع الذي تحكمه هذه المنظومة، وهنا يصبح حال هذا الحاكم الذي يتعامل مع منظومة الاستبداد كقوة قوية، كمن يتعامل مع النار، فإن كان حكيما سخّرها لخيره، وإن كان جاهلا احترق بشرها، هذا عدا عما يمكن للظرف الموضوعي أن يفعله، والذي لا يمكن فيه في بعض حالات المآزق للحكمة مهما كانت كبيرة أن تنجح، ويصبح الحال هنا مشابها لحال الربان الماهر الذي يواجه عاصفة هوجاء تفوق كل مهاراته وقدراته.

والغاية من هذا الكلام هي توضيح أن الاستبداد ليس له أية علاقة بوجود صفة العدل. وبالمقابل، فنجاح صفة العدل فيه أو معه هي أمر غير حتمي، إذ يمكن للحاكم العادل أن ينجح ويسخّر الاستبداد لصالحه في الحالة المثلى، ويمكن أن يحدث العكس تماما، فيحبط الاستبدادُ العدلَ ويفشله فشلا ذريعا، ويمكن أن تكون المحصلة بين هذا وذاك.

وكما سلف القول، فإن الاستبداد في حد ذاته قوة خطيرة، وعندما يتحول إلى غاية أو يكون له دور السيادة يصبح قوة شريرة كبيرة الأذى، وهذه الحالة هي الحالة الشائعة. أما الحالة النادرة، فهي أن يتمكن العدل من السيطرة على الاستبداد وسيادته وتسخيره لخدمته، وهذه الحالة أشبه بعملية ترويض الوحش.

الاستبداد في حد ذاته قوة خطيرة، وعندما يتحول إلى غاية أو يكون له دور السيادة يصبح قوة شريرة كبيرة الأذى، وهذه الحالة هي الحالة الشائعة

لنعد الآن إلى أطروحة "المستبد العادل"، التي سيكون من الواجب علينا لقبولها الإجابة عن الأسئلة التالية:

ما الذي يضمن وجود صفة العدل في الحاكم؟

وما الذي يضمن قدرة الحاكم العادل على تسخير منظومة الاستبداد لخدمة العدل؟

وهل الاستبداد كقوة ضروري لنجاح العدل؟

في ما يتعلق بالسؤال الأول، الواضح فيه تماما أن الاستبداد ليس له أيّ دور في انتاج الشخصية الصالحة، التي لا بد أن يتم إنتاجها في بيئة غير بيئة الاستبداد ولا علاقة لها بالاستبداد، وهي متعلقة بمؤسسة التربية وليس بمؤسسة السلطة. وبالتالي، ما هو السبيل إلى أن تصل الشخصية الصالحة إلى الحكم؟

في الاستبداد، لا يصل إلى الحكم إلا شخصية لديها الشرعية بالمعايير الاستبدادية للوصول إلى الحكم، وهذه المعايير ليس لها ارتباط وثيق بالأخلاق الصالحة؛ ففي النظام الملكي مثلا، الوراثة هي ما يعطي الشرعية للحكم وليس الفضيلة، وليس هناك من ضامن في أن يكون المورّث أو الوريث فاضلين، والعكس هو الغالب، وفي أنظمة الاستبداد الأخرى عادة تكون القوة هي الشرعية، وحتى الوراثة نفسها تصبح ممكنة في بعض الحالات.

في الاستبداد، مسألة أن تحكم شخصية فاضلة هي قطعا غير مضمونة، ووجود الفضيلة في الحكام هو مسألة صدفة، وليس هناك بتاتا أية آلية تحكمها أو تلزٍمها، وبنفس الوقت لا شيء قطعا يمنع وصول الشخصية الرذيلة إلى الحكم، وهذا هو الغالب، لأن الاستبداد والفساد عادة هما قرينان متلازمان ومتكاملان.

أما في ما يعلق بالسؤال الثاني، فأيضا ليس هناك ضامن يضمن أن تنجح الشخصية الصالحة الواصلة إلى الحكم في السيطرة على منظومة الاستبداد، وتسخيرها لخدمة العدل، واحتمال النجاح والفشل قائمين، واحتمال الفشل أكبر، لأن هذه المنظومة القوية تكون لديها غالبا مصالحها المرتبطة باستبدادها المتلازم مع الفساد والجور، وليس مع الصلاح والعدل.

وإذا ما انتقلنا إلى السؤال الثالث، فلن نجد قطعا أيّ ربط منطقي بين العدل والاستبداد، وفي حالة اقترانها، لا يكون بينهما في أحسن الأحوال إلا حالة من التوازن القلق. أما العدل المستقر، فهو العدل المقترن بالحرية، والحرية المقترنة بالعدل!

إذن لماذا الاستبداد، وما الداعي إليه؟

عند مناقشة هذا السؤال بناء على أطروحة المستبد العادل، فلابد من توضيح مسألة جوهرية في هذه الأطروحة، وهي تركيزها على ضرورة الاستبداد لتحقيق العدل في وضع اجتماعي ما، ما يعني أنه بموجبها، لا بد من هذا الاستبداد لتحقيق العدل أو لنجاحه بسبب تعذر البديل، وهنا يجب أن نكون حذرين ويقظين بما يكفي، لنحدد بالضبط عن أي وضع اجتماعي نتكلم، وسيكون أمامنا ثلاثة احتمالات:

*- الاحتمال الأول، هو حالة دولة ليبرالية عادلة، وهنا لن نكون بحاجة قطعا، منطقيا وأخلاقيا ونفعيا، إلى الحديث عن أي بديل استبدادي، لأن هذه الدولة تكون قد جمعت بين الحسنتين الكبريين، وهما العدالة والحرية.

*- الاحتمال الثاني، يتعلق بحالة تكون الدولة فيها في حالة من الفلتان والفوضى والفساد، ولا يكون فيها بالطبع وجود لأية عدالة أو حرية، أو سواها من ضرورات العيش الكريم.

*- الاحتمال الثالث، هو حالة وجود دولة مستبدة ظالمة، وهي حالة لا يكون فيها لا عدل ولا حرية ولا نظام، ولكن يكون فيها حالة "قمع للفوضى". أما الفساد، فيستشري عادة في مثل هذه الدولة الجائرة بشكل متلازم ومتكامل مع جورها.

في حالة الدولة الفالتة الفاشلة، يُطرح الاستبداد كحل للخلاص من الفلتان والفوضى، ويطرح معه العدل كواق من تحول الاستبداد نفسه إلى جور وفساد. أما في حالة الدولة المستبدة الظالمة، فيطرح العدل كتصحيح لحالة الظلم، وبما أن العدل هو الأهم، فبرأي أنصار أطروحة المستبد العادل، أنه لا ضير من بقاء الاستبداد، بل على العكس، فهو يصبح في هذه الحالة قوة بيد العدل! لكن يبقى فقط أن نجيب كيف سيأتي هذا العدل إلى "مملكة الاستبداد الجائرة"، ويزيل جورها المرتبط باستبدادها، ويضع الاستبداد نفسه في خدمته.

من الواضح هنا أننا أمام مهمة مستحيلة، ولا يمكن الحديث عن أية طريقة أو كيفية لها، ولا أحد من أنصار أطروحة "المستبد العادل"، يستطيع أن يقدم منهجية لقلب "دولة الباطل" هذه إلى "دولة حق"، والعدل الموهوم فيها الذي يأتي كفارس على جواد أبيض ليقضي على الظلم ويخضع الاستبداد لسلطانه لا يشبه إلا أبطال الحكايا.

إن منظومة مستبدة جائرة يتلازم فيها استبدادها وجورها ويتكاملان، لا يمكن قطعا الفصل فيها بين الاستبداد والجور؛ لأن الاستبداد فيها يكون جائرا، والجور مستبدا، ما يعني وجود حالة من التماهي بين الجور والاستبداد، ويعني وجوب الخلاص منهما معا، ومتى ما تم ذلك، فسيكون من من اللاعقل استبدال الاستبداد الفاسد الجائر القديم، باستبداد جديد يُتوهم أنه سيكون صالحا وعادلا، وقد بينا أعلاه أسباب ذلك.

وما قيل هنا عن حالة الدولة المستبدة الظالمة، ينطبق على حالة الدولة الفالتة الفاشلة، فحكمها بنظام مستبد، لا يضمن قطعا أنها لن تتحول إلى دولة مستبدة جائرة، وسيكون هذا الاحتمال الأرجح بامتياز.

 أصبحت الديمقراطية نظاما حقيقيا على الأرض، وتجربة واقعية معاشة في بلدان عديدة، وهي كذلك لا تعني قطعا أنها عصا سحرية كما يتوهمها البعض

إن نظرية المستبد العادل، يكون لها عادة نوعان من الطارحين:

أولهما أولئك الذين يطرحونها من منطلق إسلامي، لأنهم لا يقبلون بدين تنفصل فيه الدولة عن الدين، وكل حكم ديني هو حكم استبدادي، وهذه ليست مصادرة تقريرية يطلق فيها حكم جزافي على "الدولة الدينية"؛ فالدولة الدينية التي تحكم بشريعة نسقية مقدسة مغلقة، لا تقبل النقد والاختلاف والتغيير، هي دولة نقيضة للدولة الديمقراطية، ولكنها لكي تكون دولة صالحة، فبرأي أنصارها، صلاحها يقتضي عدلها، وعدلها مقترن بقيامها على الدين والتزامها بالدين، ما يعني أن أطروحة المستبد العادل ما هي إسلاميا إلا إحياء واستعادة لدولة الخلافة، هذه الدولة التي قامت في زمانها وازدهرت ثم انهارت وهي مسلمة، ولم يحمها إسلامها من الانهيار. أما محاولة إعادة إنتاجها اليوم، والتي تتم بمنظور سلفي وغيبي للواقع على أيدي حركات الإسلام السياسي المتشددة أو المتطرفة، وهي لا تزيد طين التخلف العربي الراهن إلا بلة وناره المستعرة إلا سعيرا، وبدلا من الحل والعصرنة والتقدم تسبب الخراب والدمار.

أما الفئة الثانية من الطارحين، وهؤلاء من سنركز لاحقا عليهم أكثر، فهم أولئك الذين يزعمون أنها ضرورية؛ لأن الشعب غير مؤهل للديمقراطية، وهذا طرح زئبقي فضفاض، حتى عندما لا يكون متعمدا ومغرضا.

في زمن مضى، لم تكن الديمقراطية معروفة لدى الغالبية العظمى من شعوب العالم، ووجودها في بعض الحضارات القديمة، وهو وجود كبير الأهمية، كان ميلادا لها، وبداية لتاريخها وتطورها.

واليوم أصبحت الديمقراطية نظاما حقيقيا على الأرض، وتجربة واقعية معاشة في بلدان عديدة، وهي كذلك لا تعني قطعا أنها عصا سحرية كما يتوهمها البعض، فيصاب بالخيبة عندما لا يجدها كذلك، أو يدعي ذلك زورا البعض الآخر، إما ليمتطوا موجتها من أجل أغراضهم، أو يتعمدوا ذلك عارفين أنها ليست كذلك، ليقدموها للناس بهذه الصورة غير الواقعية، ليصيبوهم بالخذلان، عندما لا يجدون "الديمقراطية المثلى" المأمولة، وينفضّون عن الديمقراطية خائبين بها ناقمين عليها، وهذا ما يفعله بشكل واع خصوم الديمقراطية من إسلاميين أو استبداديين، عندما ينتقدون الديمقراطية وكأنها يجب أن تكون نظاما مثاليا... وفاشلة لأنها لا تكون كذلك.

الديمقراطية هي قطعا ليست "وصفة" جاهزة، فهي منهجية واستراتيجية وخارطة طريق، وفيها لا يعود الحكم الصالح مسألة اعتباطية ومرتبطة بطبائع الأفراد، أو يكون مرهونا بمعتقدات غيبية مُسقطة على الواقع من عوالم الغيب والمجهول المفترض، فالديمقراطية هي النظام الناتج عن تحول السياسة والحكم إلى علم وقانون، وعن تطور العقل الإنساني المترافق والمرتبط بالعلم، ليضع الإنسان في ذروة وصدارة عالمه الإنساني، ويضع نفسه كعقل في خدمة إنسانية الإنسان قائدا لمسيرة هذا الإنسان في عملية بناء العالم الإنساني الأفضل.

بدائل الديمقراطية الاستبدادية كلها ترتبط حصرا بأفراد معينين، والصالح النادر من حالاتها مرتبط بحالات استثنائية، استلم فيها السلطة أفراد صالحون في ظروف ملائمة، فأنتجوا حكما صالحا، كحالة بعض خلفاء المسلمين السالف ذكر أسمائهم، والذين يحيط بتجاربهم الكثير من الرومانسية والعاطفة.

في تلك الأنظمة الفردية، كل صلاح هو مرتبط تماما بشخصية الحاكم، وليس هناك موضوعيا أية منهجية أو آلية أو ضمان لإيصال هذا الصلاح إلى دائرة الحكم، ما يبقي هذا الصلاح اعتباطيا ورهنا بالفردية.

أما في الديمقراطية، فالأمر يختلف بشكل جذري تماما، فهي قبل كل شيء آخر خروج من التخبط في مفازات الفردية والاعتباطية إلى العلم والمنهجية، والديمقراطية قبل أن تكون أطروحة جميلة ونبيلة أخلاقيا، هي السياسة عندما تكون ثمرة عقل يعمل وعلم يطبق وإنسانية تُتغيا.

في الديمقراطية تصبح السياسة والحكم مثل الطب الحديث تماما، فالطب الحديث هو علم بالكامل، وكلما ذهبنا نحو الماضي يصبح الطب أكثر فأكثر تصورات وأعرافا... وفي كثير من الحالات لا يعود ثمة فرق بينه وبين الشعوذة. واليوم أية دولة، مهما كانت متخلفة، تريد تحسين الوضع الصحي لشعبها تذهب مباشرة إلى الطب الحديث، وهي لا تستبدله بالطب البدائي أو الشعوذة بذريعة أن شعبها غير مؤهل بعد لهذا الطب الحديث المناسب فقط للمجتمعات الحديثة.

في الديمقراطية، الأمر يختلف بشكل جذري تماما، فهي قبل كل شيء آخر خروج من التخبط في مفازات الفردية والاعتباطية إلى العلم والمنهجية

وكذلك هو حال الديمقراطية، إنها بشكل ما "طب سياسي"، وهي ضرورية مثل الطب البيولوجي لصحة المجتمعات الاجتماعية، وبالتالي كما يمكننا أن نقول بثقة لأي شعب، إنه إذا أراد صحة بيولوجية سليمة، فعليه استخدام وتطبيق الطب الحديث، يمكننا أن نقول له بالمثل إنه إذا أراد نظاما سياسيا اجتماعيا سليما، فعليه استخدام أساليب الحكم والسياسة العلمية الحديثة المتمثلة بالديمقراطية.

الوضعان متماثلان، والشعب الذي ليس لديه منظومة طب حديثة، إذا أراد صحة سليمة، فعليه أن يسعى لبناء هذه المنظومة، ولا يمكنه استبدالها بالعطارة أو الشعوذة، وكذلك هو الحال في السياسة؛ فالعلاج الاجتماعي السياسي السليم هو الديمقراطية. أما الأنظمة الأخرى، فتتراوح بين العطارة والشعوذة.

تاريخيا بنيت الدولة الديمقراطية، ليس ككلية جاهزة، بل كعملية تطورية مستمرة، وبناء متدرج، ومعنى ذلك أنه على أي شعب في العالم المعاصر يريد أن يبني مجتمعه بشكل أفضل، مهما كانت درجة نموه، عليه أن يستفيد من تجارب الآخرين الذين سبقوه في إنجاز ما، وأن يستخدم مثلهم الأساليب الحديثة المتطورة في السياسة كما يجب عليه استخدامها في الطب والزراعة والعمارة وسواها من مجالات الحياة. وهذا ما يسمى في العلوم الإنسانية بـ "الدمقرطة".

إن أي إرجاء للدمقراطية بذريعة أن الشعب غير مؤهل لها، يعني بقاء الديكتاتورية التي لن ترفع قطعا من أهلية هذا الشعب لنقيضها الديمقراطي،وهي حتما وبكل قوة ستفعل العكس، كما أنها لن تقدم له أي بديل صالح آخر؛ لأن بديل الديمقراطية سيكون هو الديكتاتورية الفاسدة، التي ستفسد أية أهلية موجودة عند الشعب للديمقراطية... وتفسد كل جوانب حياته الأخرى، وبما أن هذا الحال لا يمكنه أن يدوم إلى الأبد، فسيأتي اليوم الذي يصل فيه هذا التردي إلى حده الأقصى، فينتفض الناس ويتمردون ويثورون على الديكتاتوريات الفاسدة، وبقدر ما تكون آثار الاستبداد والفساد أكثر حدة، تكون ردة الفعل هذه أقرب إلى الانفجارات الاجتماعية الهدامة منها إلى الثورات البناءة، ولذلك تكون كل إطالة في أمد الديكتاتورية عبارة عن رفع لتكاليف عملية الخلاص منها، وجعل أثمانها باهظة أكثر!

-----------------------------------------------------------------------------------------

[1]- عبدالله علي العليان، المستبد العادل في التراث السياسي العربي الإسلامي، شبكة الجزيرة، 2004/10/28:

https://www.aljazeera.net/specialcoverage/coverage2004/2004/10/28/المستبد-العادل-في-التراث-السياسي-العربي-الإسلامي

[2]- المستبد العادل، محمد عفيفي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، صحيفة الاتحاد الإماراتية، 1\ أبريل \2009:

https://www.alittihad.ae/article/12037/2009/

[3]- الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده، إنما ينهض بالشرق مستبد عادل، قرآن لينك – تدبر القرآن:

https://www.quran.link/books/88/103/

[4]- عبد الرحمن الكواكبي، طبائع الاستبداد، ويكي مصدر:

https://ar.wikisource.org/wiki/طبائع_الاستبداد/النص_الكامل

[5]- تركي الدخيل، لي كوان يو المستبد العادل، قناة العربية نقلا عن صحيفة الاتحاد، 16\01\2019:

https://www.alarabiya.net/ar/politics/2019/01/16/لي-كوان-يو-المستبد-العادل

https://www.turkid.net/لي-كوان-يو-المستبد-العادل/

[6]- محمد عابد الجابري، المستبد العادل ... بديلا للديمقراطية!، منبر الدكتور محمد عابد الجابري:

http://www.aljabriabed.net/maj18_almustabidd.htm

[7]- عزمي بشارة، في المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في قطر، بيروت 2018، القسم التاسع، كتب Google:

https://books.google.com/books?id=OppfDwAAQBAJ&printsec=frontcover&hl=ar#v=onepage&q&f=false

[8]- إمام عبد الفتاح، الطاغية.. دراسة فلسفية لصور الاستبداد السياسي، عالم المعرفة- 183، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت، مارس 1994، ص 5

[9]- محمد عابد الجابري، المرجع السابق.

[10]- إقامة العدل من أسباب بقاء الدول وتفوقها، موقع إسلام ويب، رقم الفتوى: 153861، 7-4-2011م:

https://www.islamweb.net/ar/fatwa/153861/

[11]- من أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية، موقع إسلام ويب، رقم الفتوى: 65854، 14-8-2005م:

https://www.islamweb.net/ar/fatwa/65854/من-أقوال-شيخ-الإسلام-ابن-تيمية