الشّباب والجسد: سؤال الخضوع والتمرد في مرآة الثقافة الاجتماعية


فئة :  مقالات

الشّباب والجسد: سؤال الخضوع والتمرد في مرآة الثقافة الاجتماعية

الشّباب والجسد: سؤال الخضوع والتمرد في مرآة الثقافة الاجتماعية(1)

يشكل سؤال الجسد في الثقافة المغربية أحد القضايا السجالية الحاضرة باستمرار ، سواء في الأدبيات أو في مجال التداول العام بين مختلف الشرائح الاجتماعية، إذ يظل الجسد بكل تعبيراته تلك الشرارة التي أسالت الكثير من المداد هنا وهناك بين الباحثين والدارسين، وأيضا بين عموم الأفراد؛ فالجسد باعتباره قضية سجالية تجعل من كل الحقول المعرفية معنية بها ومساهمة بشكل أو بآخر في النقاش الدائر حوله.

وعلى الرغم من أن اهتمام السوسيولوجيا بالجسد جاء متأخرا بعض الشيء، إلا أنه كان حاسما في بلورة توجهات جديدة بعدة منهجية متنوعة في مقاربة موضوع في غاية التعقيد. من هنا تركز هذه المساهمة على محاولة توصيف العلاقة الملتبسة في كثير من الأحيان بين الشباب وجسده ضمن سياق اجتماعي صار فيه الجسد جزءا من الرأسمال الاجتماعي والرمزي للأفراد، سواء تعلق الأمر بالبيت "مؤسسة الزواج" أو العمل أو الشارع... تبعا لثنائية الخضوع والتمرد التي ترتبط من جهة بمتطلبات وإكراهات الحداثة وظواهر التحضر، ومن جهة أخرى بتمثلات الثقافة الاجتماعية، وما تفرضه من قيود وإكراهات تجعل من الرغبة الشبابية في إعادة تشكيل الهوية الجسدية معاناة وجودية ليس إلا.

إن ما تراكم من إنتاج معرفي في موضوع الجسد من العصر اليوناني إلى يومنا هذا كثير جدا لدرجة يصعب معه القيام بجرد شامل لهذا الزخم المعرفي بالنظر إلى شساعة وامتداد الحقول المعرفية التي تناولت هذا الموضوع، لاسيما في المجالات ذات الصلة بالأدب والفلسفة، لكن في المقابل يبدو أن ما كتب سوسيولوجيا هو جد قليل؛ أي أن الاهتمام السوسيولوجي بالجسد جاء متأخرا بعض الشيء بالمقارنة مع الميادين المعرفية الأخرى.

كما أن الجسد كموضوع سوسيولوجي جديد، لم ينل الاهتمام الكافي في الدراسات العربية على وجه التحديد، من جراء بعض المخاوف التي نلمسها لدى الباحثين، والتي ارتبطت في غالب الأحيان بمبررات دينية وأخلاقية، شكلت في الواقع عائقا أمام التناول العلمي والجاد لهذا الموضوع، مما ترك مفهوم الجسد ضحية رؤى دونية لم ترتق إلى اعتباره مفهوما مركزيا وأساسيا في فهم علاقة الإنسان بذاته وبالآخر، لما يشكله هذا الجسد من وسيط حيوي في مختلف التفاعلات اليومية التي تنخرط فيها الذات.

لم يعد الجسد حكرا على البيولوجيا لوحدها، بل هو بناء اجتماعي وثقافي تتجلى فيه شتى مظاهر التفاعل الإنساني

إن هذه الورقة ما هي إلا محاولة ضمن سياق اجتماعي وثقافي جديد تماما يحاول طرح سؤال الجسد في المجتمع المغربي والعربي عموما في إطار مرحلة جديدة من التعاطي العلمي مع هذا المفهوم. فالقراءات والمقاربات التي وظفها عدد من الباحثين في ميادين وحقول معرفية مختلفة أسهمت بلا شك في إرساء اللبنات الأولى للاشتغال على الجسد كموضوع سوسيولوجي بامتياز، إذ إن مساهمة البحث السوسيولوجي في دراسة قضايا الجسد شكلت منعطفا مهما في البحث العلمي بشكل عام، وسلطت الضوء على قضايا لم تكن مطروحة من قبل. وهذا ما جعلنا نعاود طرح سؤال علاقة الشباب بجسده من منظور ثقافي وصيرورة اجتماعية تتميز تارة بالخضوع وتارة بالتمرد، محاولين ربط هذه الثنائية ببعض العناصر التي قد تشكل محاولة أولية لتفسير بعض التمظهرات التي يحتل فيها الجسد صدارة الأحداث.

لكن قبلا، ما هو المدخل لمعالجة قضايا الجسد، ولماذا أصبح هذا الجسد مجالا رئيسيا لأنشطة المجتمعات في الوقت الراهن؟

1. أي مدخل لمعالجة قضايا الجسد:

لقد مر مفهوم الجسد من مرحلة طويلة من التفكير والتأمل الفلسفي منذ العصر اليوناني إلى يومنا هذا، من موضوع "يبدو تافها وفارغا بالنسبة للبعض إلى وسيلة لانبثاق الوعي لدى الفرد، سواء كان واعيا بذاته أو العالم الخارجي...وهكذا، سيصبح الجسد تدريجيا أهم من الجانب الباطني للإنسان، فهو سبيل تحديد الهوية والذاتية وبالتالي قيمة الفرد"[2]. لقد اعتبر فلاسفة اليونان أن الجسد "متعفن" وأن الروح طاهرة، بل إنها هي من تحفظ للجسد طهارته لكنه حالما يتعفن فهي تغادره بالموت إلى نبعها الطاهر.

في الوقت الذي دافع فيه ديكارت عن وحدة الجسد والفكر التي بموجبها تتحدد جواهر الأشياء، إذ إن الجسد لوحده يبقى عاجزا عن المعرفة، وهكذا منح ديكارت من خلال كتابه: تأملات ميتافيزيقية، عن أسبقية الفكر المتسم بالحرية والإرادية والذي يتحكم في الجسد[3].

ومع اسبينوزا بالتحديد سيفتح الباب على مصراعيه للتفكير الفلسفي في الجسد بمعزل عن ثنائية الروح والعقل التي ظلت سائدة منذ الفكر اليوناني، إذ "يعود نسيان الجسد في الفكر الإنساني حسب اسبينوزا إلى النزعة العقلانية أو المثالية التي كانت تهتم بالفكر والروح وتحتقر الجسد والغرائز"[4]؛ فالجسد إذن وفق هذه الرؤيا ليس مجرد أداة خاضعة للفكر، بل هذا الأخير هو أداة الجسد، ومن ثم وجب التمييز حسب اسبينوزا بين ما يستطيع الجسد فعله وما لا يستطيع فعله طبقا لقوانين الطبيعة التي تخضع للضرورة.

وهكذا، تمت إعادة الاعتبار للجسد بالتدريج بتجاوز كل الطابوهات التي لازمت تاريخيا أشكال التفكير التي كانت سائدة حول الجسد، وصولا إلى المرحلة التي أعلن فيها نتشه: "إنني بكاملي جسد لا غير، وما الروح إلا كلمة أطلقت لتعيين جزء من هذا الجسد."[5]

بهذا المعنى، تناولت الفلسفة المعاصرة الجسد مستندة بشكل كبير على هذا التراث الفلسفي التي أثرى الكثير من الحقول المعرفية منها السوسيولوجيا بالأساس، التي لم تجد في بدايات البحث في هذا الموضوع إلا الإسهامات الفكرية التي تركها لنا هؤلاء الفلاسفة، وبالتالي كان المدخل الطبيعي لدى السوسيولوجيين في تناول الجسد مدخلا فلسفيا خاض بدوره في النقاش الفلسفي الدائر، لكن بمحاولات وفق أسلوب مغاير واعتماد مقاربة منهجية ملائمة لسبر أغوار هذا الجسد كظاهرة اجتماعية متميزة.

إن تأثير الفلسفة بدا واضحاً في الأعمال الأولى التي تناولت موضوع الجسد، خاصة لدى بعض الباحثين من أمثال: مارسيل موس، ومشيل فوكو، وهربرت ماركيز؛ بمعنى آخر أن المدخل السوسيولوجي لم يتبلور بشكل واضح إلا في مرحلة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بدءا بأعمال كل من نوبرت إلياس، جون بودريار و بيير بورديو... مما فتح الباب على مصراعيه لظهور فرع جديد في السوسيولوجيا يهتم بقضايا الجسد على يد الأمريكي جونثانتورنر والفرنسي دافيد لوبروتون، هذا الأخير الذي اعتبر "أن التفكير في الجسد هو طريقة معينة للتفكير في العالم والعلاقات الاجتماعية، فأي خلل يدخل على صورة الجسد هو خلل في تناغم العالم"[6].

وتعكس هذه النظرة طفرة حقيقة في التعامل مع موضوع الجسد الذي كان غائبا تماما في السوسيولوجيا الكلاسيكية؛ بمعنى أن هذا التخصص المعرفي نادرا ما ركز بطريقة ثابتة على الجسد بوصفه مجالا مستقلا للبحث، إذ انشغل على الدوام ببنى ووظائف المجتمعات وطبيعة الفعل البشري. وجاء تناول بعض السوسيولوجين الأوائل للجسد ضمنيا، كما نزع البعض إلى التركيز على جوانب منتقاة من الجسدية البشرية وعلى قضايا بعينها من قبيل اللغة والوعي دون ملاحظة أن هاتين القدرتين هي قدرات جسدية. فكما أوضح Norbert Elias أن القدرات المتعلقة باللغة والوعي متضمنة في الجسد، وتشكل جزءا منه ومرتبطة تمام الارتباط به. فأجسادنا هي التي تمكننا من الفعل والتدخل في تيار الحياة اليومية وتغييره[7].

فالجسد إذن، في القرن العشرين ومن خلال أبحاث هؤلاء السوسيولوجيين، هو مرآة للحياة الاجتماعية وسلوكيات الأفراد وتفاعلاتهم وانعكاس للثقافة الاجتماعية؛ بمعنى لم يعد هناك شيء طبيعي في الجسد، ذلك أن الممارسات الجسدية تتنوع بتنوع الثقافات، وهكذا لم يعد الجسد حكرا على البيولوجيا لوحدها، بل هو بناء اجتماعي وثقافي تتجلى فيه شتى مظاهر التفاعل الإنساني، إذ برهن Norbert Elias على أن مجموعة من السلوكيات التي قد تبدو طبيعية للغاية، إلا أنها ثقافية واجتماعية بالأساس، من خلال تجلياتها كقواعد معينة تتحكم في هذا الجسد، وتجعله يمارس نوعا من الرقابة الذاتية من خلال اللباس وتعلم أساليب التصرف والتحرك والتعامل بالجسد وعبر هذا الجسد[8].

أما Bourdieu ، فيشير من خلال مفهومه المركزي Habitus أن هيئة الجسد تترجم وتعبر عن هابيتس كل فرد؛ بمعنى أن التاجر والفلاح والموظف... ليس لهم نفس الهيئة الجسدية، "فخطاطة الجسد مزودة بنظرة مكتملة إلى العالم الاجتماعي، وبفلسفة مكتملة للشخص والجسد الخاص."[9]

هكذا إذن تطور تدريجيا الاهتمام بالجسد، ليصبح فرعا سوسيولوجيا قائم الذات، ولعل هذا ما يفسر إلى حد بعيد رواج موضوعات الجسد بشكل متصاعد في السوسيولوجيا، خاصة إزاء التحولات التي طرأت على بنية الأنظمة الاجتماعية الرأسمالية المتقدمة التي بوأت الجسد مكانة خاصة في النظام الاستهلاكي أمام تقدم السن ومعدل الأعمار لدى سكان الغرب، ونسوية "الموجة الثانية"، وبالتالي انعكس كل ذلك على النظرة إلى الجسد الذي تحول إلى رهان اجتماعي.

2. الجسد من منظور المجتمع الاستهلاكي:

إن المتأمل في حجم الاستثمارات الموجة إلى الاهتمام بالجسد من كل النواحي لا يسعه إلا أن يدرك هذا الارتباط القوي للاقتصاد المعاصر بالجسد وحاجياته. فالجسد حسب Turner أصبح المجال الرئيس للنشاط الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أيضا[10]، مما أخضع هذا الجسد لمتطلبات المجتمع الاستهلاكي، بمعنى آخر انتصار النموذج الرأسمالي في التسويق للجسد بطريقته وأسلوبه ضدا على دعوات عدد من المفكرين الذين نادوا بتحرير الجسد، ف Herbert Marcuse مثلا وجه انتقادا كبيرا للحضارة في بنيتها الحالية، والتي تدفع بالإنسان إلى نوع من الاغتراب، فالاغتراب من منظورMarcuse قضية بنيوية في صلب الحضارة الحالية ومن تركبيتها الحتمية، ومن هنا نجده يصف هذه الحضارة، وكيف أنها قضت على الليبيدو: "إن زمن العمل الذي يمثل الجزء الأكبر من حياة الأفراد هو زمن مرهق، إذ إن العمل الانسلابي معناه غياب الارتواء ونفي مبدأ اللذة"[11]. هنا يكون الإنسان في أوج اغترابه، حيث إنه يمارس أعمالا لا تنسجم مع تطلعاته الجسدية.

إن المجتمع الصناعي الحالي هو مجتمع السيطرة الكلية، فهو يملك القدرة على امتصاص كل طاقة رفض لدى أفراده، وقادر على تعبئة كل طاقاتهم الجسدية لحمايته، فالحاجات التي يوفرها مجتمع التكنولوجيا المعاصرة حسب Marcuse هب حاجات وهمية تساهم في مزيد من اغتراب الإنسان ذي البعد الواحد، ومزيد من استمرارية هذا النظام المجتمعي الذي يدرب أفراده تدريجيا على الاستغناء على الحرية بوهم الحرية.

كما أشار الباحث في ذات السياق من خلال مناقشته لقضية التحرر الجنسي في كتابه: "الإنسان ذو البعد الواحد" إلى ضرورة تخليص الغرائز الجنسية من التحرر الزائف الذي تمارسه الرأسمالية، التي أخضعت الغرائز الجنسية لقيم السوق وجعلها سلعة في نمط الاستهلاك الرأسمالي، الأمر الذي دفع Marcuse إلى انتقاد إبراز المفاتن الجنسية للجسد في عالم الشغل وفي علاقات العمل لتنافيه مع القيم المؤطرة للشغل[12].

وهكذا إذن، يمكن أن نتقاسم مع Jean Baudrillard ما ذهب إليه في كتابه: "مجتمع الاستهلاك"[13] إلى أن الجسد أصبح الأسطورة الموجهة لأخلاق الاستهلاك، بل إنه أجمل مواضيع استهلاكنا في الوقت الحاضر، فبعد عدة قرون من "العفة" أصبح رأسمالا يتم الاستثمار فيه بقوة، وأصبح موضوع نرجسية وحظوة اجتماعية بامتياز، ذلك أن مجتمع الاستهلاك بات يفرض على الأفراد الاعتناء بجسدهم من خلال العمل على اجتناب ومحاربة كل ما يعيق حركته الخارجية والداخلية؛ أي المادية والمعنوية، والعمل أيضا على تقويمه ومعالجته.

إنها إذن حسب Baudrillard نرجسية جديدة ترتبط بالجسد، يمكن تجسيدها بتقنية أو بأشياء بعينها أو بحركات أو علامات معينة، إذ تحرص هذه النرجسية على التلاعب بالجسد كقيمة. إنها اقتصاد واستهلاك موجه للجسد، يتأسس على مخطط للتفكيك الجنسي والرمزي، وعملية هدم وإعادة بناء موجه للاستثمارات، وإعادة تمثل للجسد وفق نماذج دقيقة ومحددة.

اهتمام المجتمع الاستهلاكي بالجسد يتجلى بالأساس في ثلاثة مجالات حيوية: الصحة، الجمال، والجنسانية

فالجسد من هذا المنظور هو إعادة استثمار نرجسي يتم تمثله وفق مبدإ معياري قائم على إنتاجية متعية، ويُدار باعتباره ميراثا، ويتم التلاعب به كدال على النظام الاجتماعي؛ إلا أن الأمر يتعلق بصيرورة تقديس جسد ذي بعد وظيفي بحت؛ أي جسد يجد أهميته وحضوره في احتفاء المجتمع الاستهلاكي به. أما الخصائص المحورية لهذا النوع من الأجساد، فتتمثل في الجمالية الإيروسية والشبقية، باعتبارهما تؤسّسان الأخلاق الجديدة للعلاقة بالجسد، وتتجليان في قطبين رئيسين: ذكوري (الصلابة والقوام المنحوت)، وأنثوي (الأناقة والإغراء)[14].

مما سبق ينغي التأكيد على اهتمام المجتمع الاستهلاكي بالجسد يتجلى بالأساس في ثلاثة مجالات حيوية: الصحة La santé، الجمال La beauté، والجنسانيةla sexualité ، وهذا بالضبط ما ضاعف حجم الاستثمارات في هذه المجالات، حتى أصبح الجسد مشروعا قابلا لإعادة البناء وفق تصميمات صاحبه وما يراه من تحسينات ضرورية لترويض هذا الجسد والحفاظ على مظهر مناسب، فالجسد بوصفه موردا شخصيا ورمزا اجتماعيا يبعث برسائل عن هوية الشخص الذاتية، في هذا السياق، يصبح هذا الأخير كينونة طيعة يمكن تشكيلها وشحذها عبر ما يبدي صاحبه من حرص وما يبذل من جهود.

إن نظام الحمية للحفاظ على الرشاقة وتجنب بعض الأمراض، وممارسة الرياضة، والجراحة التجميلية، والأدوية المساعدة على قوام أفضل... كلها منتجات جديدة تكرس مفهوما مغايرا للجسد لم يكن حاضرا من قبل، كما أنها في ذات الوقت وسائل/ سلع ابتكرها المجتمع الاستهلاكي من أجل جعل أجساد الأفراد جديرة بالثقة ضمن ما سماه Goffman بـ"عرض الذات"[15] في إطار مشروع هوية جسدية جديدة تجعل الإنسان قادر ا على التفاعل الإيجابي مع الآخرين بناء على الصورة الإيجابية التي يحملها عن جسده، "ذلك أن مظاهرنا الخارجية لا تؤثر فقط في سلوك الآخرين تجاهنا، بل إنها تؤثر فينا نحن أيضا، إلى درجة أن رضى الأفراد عن أنفسهم يرتبط ارتباطا يكاد يكون آليا بالصورة التي يحملونها عن أجسادهم"[16].

وهكذا أصبح الفرد في المجتمع الاستهلاكي أكثر تمركزا حول متطلبات جسده أمام سطوة المنتجات الاستهلاكية، كما أن التمثل الاجتماعي قد عرف تحولا كبيرا، ذلك أن ميلاد المخيال الاجتماعي الجديد للجسد قد أدى إلى ظهور نرجسية أكثر في المجتمعات الحالية تؤشر على نمو مضطرد للفردانية على حد تعبير Lipovetsky الذي أطلق على هذا التحول بـ "النيوفردانية من النوع النرجسي"[17].

3. جسد الشباب بين الخضوع والتمرد

سنركز في الجزء الثاني من هذه المقالة على توصيف علاقة الإنسان والشباب تحديدا بجسده ضمن ثنائية الخضوع والتمرد كمدخل أساسي لفهم الكثير من التمظهرات الاجتماعية لسلوكيات الأفراد، باعتبار أن العبور من الطبيعة إلى الثقافة هو عبور يتم بالجسد وعبره ومن أجله، فالجسد بتعبير Foucault ليس مجرد كيان طبيعي، وإنما هو كيان ينتج اجتماعا من خلال نظم المعرفة والسلطة، حيث يصبح جسدا لينا طيعا تحت تأثير قوى متعددة ساهمت في إخضاعه وترويضه.

إنها عملية طويلة تتم عبر آلية التنشئة الاجتماعية الأولية داخل الأسرة تحديدا كأول سيرورة اجتماعية في البناء الهوياتي للفرد ضمن ثقافة اجتماعية معينة لها منظورها الخاص للجسد، تدفع الطفل والمراهق في مرحلة لاحقة إلى استدماج الأدوار الاجتماعية الممنوحة للجسد لينخرط في سيرورات الفعل والإنتاج والتفاعل الاجتماعي.

3-1. اللباس أولى جدلية الصراع لثنائية الخضوع والتمرد الجسدي

لا يجادل أحد في كون اللباس أحد المظاهر البارزة في صراع الترويض الذي أشار إليه العديد من الباحثين؛ فثقافة الجسد لا تقف في حدود علاقة البدني بما هو نفسي وعقلي، بل تتجاوز ذلك إلى ما هو مظهري عام من قبيل اللباس والعري والوشم... ومن تم يجب التركيز في هذه المقاربة أيضا على السياق الاجتماعي- التاريخي للجسد كحامل للإشارات والرموز، إذ ينبغي فهمه كتعبير عن المخزون الثقافي العام للشعوب، "فكون جسدنا معطى ثقافي بفعل الواقع، فهو نص، سواء أردنا ذلك أم لا، فمن خلال جسدنا، إشارتنا، وضعياتنا الجسمية، ألبستنا، حلينا... نتيح القراءة، فالجسد مهما يكن من أمر، موضوع عمليات حل الشفرات. فلغة الجسد تتيح لكل فرد معرفة المجموعة التي ينتمي إليها والوضعية التي يشغلها فيها"[18].

إن تناول الجسد بهذا المعنى، كنص مفتوح على القراءة وفك الرموز والشفرات الثقافية، من شأنه أن يحيلنا على حضور لغة ما داخله تشتغل لقصدية معينة، إذ تشترك استعمالات الجسد واللغة والرمز في كونها موضوعات متميزة للمراقبة الاجتماعية.

صحيح أن اللباس في أول الأمر كان يؤدي وظيفة معينة تبعا للحاجات الإنسانية التي تغيرت بتغير المراحل التاريخية التي عرفتها البشرية إلى يومنا هذا، فهو بالإضافة إلى المسكن "مظهران يعبران على أن مجتمعا ما وجد وتأقلم لتلبية حاجة أساسية تشبه بالضبط حاجة الإنسان للغذاء والجنس، فقد استعملهما الإنسان للدفاع عن نفسه ضد قساوة الطبيعة وهمجية الآخر، فهما يعتبران من أكثر المظاهر الحضارية وأدقها لتحديد مرحلة زمنية ما"[19]. لكن استعمالات اللباس قد عرف، إسوة بباقي المؤشرات الثقافية، العديد من التطورات على مدى هذا التاريخ الطويل، ليصبح دالا ثقافيا، "فاللباس أداة تجعل الجسد رمزا، ففي المجتمعات التقليدية تكون الشفرات الثيابية جد دقيقة، دالة على الجماعة التي ينتمي إليها الفرد والمكانة التي يحتلها. إنه من خلال طريقتي في اللباس أتموقع ضمن رقعة اجتماعية معينة"[20].

شكل اللباس أيضا آلية من الآليات التي اعتمدها الجسد من أجل التمرد، والتعبير عن نوع من الاحتجاج والرفض للثقافة الاجتماعية السائدة

وبهذا المعنى، يصبح الجسد عبر أداة اللباس حاملا لثقافة اجتماعية معينة وخاضعا لها؛ فالمرأة التي ترتدي البرقع تحيل على منظومة معينة من التفكير، وخاضعة لتصور معين يفرض عليها هذا النوع من اللباس، كما هو الأمر بالنسبة إلى الشاب الذي يحرص على ارتداء اللباس الفضفاض والطويل، فهو لا يشبه في شيء ذلك الشاب الذي يرتدي ألبسة ضيقة وقصيرة أو الشابة التي ترتدي التنورات القصيرة. إننا أمام ثقافتين مختلفتين تحاول الأولى إخفاء الجسد وحجبه "وستره"، في حين تحتفي الثانية بالجسد وتوفر له اللباس الحامل لهذه الدلالة.

في مقابل هذا الخضوع، شكل اللباس أيضا آلية من الآليات التي اعتمدها الجسد من أجل التمرد، والتعبير عن نوع من الاحتجاج والرفض للثقافة الاجتماعية السائدة، ويكفي أن نشير هنا إلى التأثير الذي مارسه "الهيبيزم" في عقد السبعينيات على شباب العالم بأسلوب لباسهم وتسريحات شعرهم، فخلخلوا بذلك الدلالة التي اتصف بها اللباس على مستوى علاقته بالثقافة الاجتماعية. ونفس الأمر ينطبق اليوم على لباس الهيب الهوب الذي يشكل تمردا واضحا على النمذجة السلوكية التي أرساها المجتمع المعاصر حول اللباس.

ومن خلال اللباس، يحاول الشباب أن يبرز كقوة احتجاجية تحمل ثقافة مضادة بأشكال جديدة في السلوك والتفكير والمعتقد رافقتها تعبيرات ثقافية فنية خاصة في المجتمعات المصنعة "التي بلغت قدرا عاليا من التعقيد، وسمحت أكثر من غيرها بظهور ثقافات فرعية شبابية، وببروز حركات شبابية ثقافية تلقائية أو منظمة تفاعلت مع الأحداث الكبرى التاريخية وساهمت فيها"[21].

3-2. العري والتمرد على اللباس: عودة للزمن الأول

إن كان العري يشكل في الثقافة الغربية تحديدا أحد ثوابت المدرسة الطبيعية (أتباع الطبيعة Naturisme) التي تتبنى مفاهيم فلسفية مستمدة من الطبيعة، حيث لا تنظر للعري والتعري نظرة حسية بمعنى الإثارة، وإنما الأمر مرتبط فلسفيا بالرغبة في الحياة الطبيعية تماما والبريئة من وجهة نظر المنتمين لهذه المدرسة. إلا أن موجات العري الجديدة التي شهدتها البشرية ماهي إلا "رد فعل على الحضارة الغربية المعاصرة التي راكمت زيفها على الإنسان، فأضحى اللباس واحدا من الفواصل السميكة التي تعمق الفوارق بين البشر، وتمحو ما هو طبيعي فيهم. وقد كان الموقف متطرفا لدى بعض التيارات التي رأت اللباس طابوها، فتدفقت موجة من العري الصارخ تغزو شوارع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية مع مطلع السبعينيات"[22].

من هنا يتخذ التحرر من اللباس بعدا احتجاجيا يعبر عن تمرد الجسد ضد كل القوالب المجتمعية التي فرضت عليه إلزامات ومحظورات، "فبما أن اللباس يعلن إدماج الفرد داخل مجتمع ما، فحري أن يكون التعري المكان المدمر لانكشاف جسد متوحش، أعيد إلى طبيعته الأولى"[23]. وهكذا يمكن القول إن التمرد على اللباس اتخذ صيغا شتى: إما أنها نابعة من اشتهاء إيروسي للجسد، وإما من رؤية فلسفية عميقة تعبر عن حنين الإنسان إلى عهده الأول، لكن إلى أي حد أفلح العري في استعادة الإحساس المفقود بحرية الجسد؟ واسترجاع الشعور الفطري بطبيعة جسده قبل أن يحتله اللباس؟

طبعا حاول الكثير من الباحثين تقديم أجوبة عن هذا السؤال، وخلصوا في النهاية إلى أن حالة العري الأولى التي عرفها الجسد الإنساني تظل حالة فريدة يستحيل استرجاعها، لأنها تشكل درجة الصفر في الثقافة، فبمجرد أن تزحف الثقافة على شخصية الإنسان، فإن معطياتها المحسوسة والمجردة تحفر في عمق الكيان الإنساني لاغية بذلك حالة الفطرة والطبيعة.

لكن ما يهمنا هنا بالذات ما يرتبط بالعري ذي البعد الاحتجاجي الصرف الذي يمارسه الشباب كرد فعل على كل أشكال التضييق والحصار التي يتعرض لها، يكفي أن نذكر بمواقف العديد من الشباب الذين يتعرون جزئيا أو كليا في مواجهة السلطة، كرفض معلن لما تمارسه هذه السلطة من تعنيف وحرمان وإقصاء وتهميش وتدجين في حق الجسد، ولعل هذا ما تطرق إليه بالتفصيل Foucault في كتابه "المراقبة والمعاقبة"[24] الذي عمل من خلاله على تقديم تحليل علمي للجسد مفككا بالتفصيل الآليات والنظم المتعددة التي ساهمت في إخضاع الجسد، كاشفا عما يكبل هذا الجسد ويقيده، لأن ذلك في رأيه تكبيل للعقل، ففك أغلال الجسد من آليات التوجيه والنفي والترويض هو إطلاق سراح العقول من سراديب الحجر والزيف.

إن العري إذن وفق هذا المنظور تمرد واحتجاج وحامل لرسالة ولخطاب إلى المجتمع وإلى السلطة تحديدا؛ فعندما تقف نساء حركة "فيمن" عاريات يكون ذلك في الغالب للتعبير عن موقف رافض في وجه السلطة والمؤسسات المعنية. إنه مثال حي على دخول الجسد إلى متاهات الخطاب السياسي، ورفض هذا الأخير كل محاولات التدجين التي مورست عليه في السابق.

3-3. الوشم ذاكرة الجسد الحية

إذا كان اللباس قد شكل، كما أوضحنا آنفا، أحد الوسائل التي وظفتها البشرية من أجل إخضاع الجسد للتقاليد والأعراف المجتمعية؛ فالوشم أيضا لازم اللباس وكان عنصرا مكملا في بعض الثقافات، فبين "الجسد - الجلد" و"الجسد - اللباس" يوجد جسد ثالث، وهو: "الجسد - الوشم" الذي رافق كل مراحل الإخضاع التي تعرض لها الجسد، "فكم كان على الجسد أن يسجل حتى في لحمه العقوبات والإكراهات التي تفرضها المقاربة الاجتماعية"[25].

للوشم إذن، ذاكرة تاريخية طويلة جدّا، ارتبط بعضها بمعتقدات ضاربة في القدم، كما أنه رافق كل المجتمعات الإنسانية في مراحل تطورها المختلفة، فقد كان "وسيلة" بعض الشعوب لصد مخاطر الطبيعة، أو طلب النسل، أو نوع من الرقية لصد أذى العين والحسد... و"هكذا يشتغل الوشم على واجهتين ثقافيتين: إما لعلة تزيينية محضة أو لعلة علاجية محضة، أو هما معا. وأحيانا وُظف الوشم لقصدية تعذيبية أو جزائية كما هو الحال بالنسبة إلى السجناء أو العبيد، أو كشفرة تواصل بين القراصنة"[26].

ويستهوي الوشم الشباب بصفة خاصة أمام تزايد أشكاله ورواجه بين المشاهير (فنانون - لاعبون...)؛ إذ يشكل ظاهرة جديدة تسترعي الانتباه، تطورت بشكل لافت تماشيا مع الموضة والأزياء، وخضعت للمتطلبات الجمالية للجسد كأشكال مكملة للجوانب التي يراها الشاب ضرورية لإضفاء نوع من التناغم على جسده. كما امتد الوشم إلى المجال الحميمي ليعبر لدى البعض عن رباط بين العاشقين، حيث لا يتوانى المحب عن كتابة اسم حبيبته أو رسم صورتها على جسده كدلالة على حبه لها وولعه بها، لأن ما يُكتب وما يُرسم يصعب إزالته.

إن هذا الاحتفاء بالوشم هو محط نقاش وجدال بين من يرى أن التصرف في الجسد من خلال الكتابة والرسم هو حرية شخصية، وبالتالي هي عملية تحرير للجسد، في المقابل يرى آخرون أنه نوع من "الاضطراب النفسي" وتقليد أعمى للنجوم، من دون التفكير في الدلالات التي تحملها هذه الرسوم والكتابات على الأجساد.

لكن مع ذلك لا يجب أن نغمض أعييننا عما يحمله هذا الوشم من بعد تمردي واضح لدى بعض الفئات الاجتماعية، يكفي أن نشير إلى الخرائط الجسدية: أي ذلك الحفر العنيف على الجلد بآلات حادة حتى تنزف الدماء بغزارة[27] كنوع من الاحتجاج الذي يمارسه بعض الجانحين في المؤسسات الإصلاحية أو داخل السجون للتعبير عن سخطهم إزاء وضعيتهم. إنه بالتأكيد وشم مختلف مؤلم جدا وحاد، يرمز إلى نوع من التحدي وعدم الاكتراث لما قد يحصل لهذا الجسد من آلام وتشوهات... في سبيل إيصال رسالة جسدية إلى الآخر الذي يمثل في الغالب السلطة.

إنه إذن حكي من نوع آخر مختلف، وحكي غير مألوف، ليس فيه أي بعد جمالي. إنه استحضار لما مورس على هذا الجسد من تعذيب عبر تاريخ طويل في سبيل التمتع بالحرية.

خلاصة:

إن الجسد في النهاية لا يمكن أن يكون مجرد معطى بيولوجي محض خاضع لمتطلبات الطبيعة، إنه نتاج ثقافي اجتماعي أيضا وثيق الصلة بالقواعد والقيم الاجتماعية المشتركة للمجتمعات الإنسانية. فالجسد هو بوابتنا إلى هذا العالم، إذ من خلاله يتمكن الفرد من الحديث عن ذاته وعن العالم المحيط به، مما يجعل منه حدثا ثقافيا وبنية رمزية دالة تجمع ما بين الطبيعة والثقافة، فكما أوضحنا من قبل، فالعبور من الطبيعة إلى الثقافة هو عبور يتم بالجسد وعبره ومن أجله، فهناك انتقال لهذا الجسد من بنيته البيولوجية إلى معطى ثقافي وواقعة اجتماعية...

ولا شك أننا ندرك الآن أهمية مقاربة موضوع الجسد سوسيولوجيا، لاسيما عندما نقرنه بالتحولات العديدة، وما مورس هذا الجسد عبر التاريخ الإنساني الطويل من قهر وعنف واحتواء...وتظل كل المحاولات الحالية في الدراسات والأبحاث العربية حول الجسد، رغم كثرتها، غير كافية لإعادة الاعتبار للجسد في الفكر والثقافة العربيتين، ومن ثم هناك حاجة أكثر إلى ترسيخ ثقافة جديدة تتعامل مع الجسد بمنظور منفتح يستحضر كافة الأبعاد الفكرية والفلسفية والفنية والإبداعية... لمعالجة إشكالية الجسد وطرح كل القضايا المرتبطة به بعيدا كل البعد عن هيمنة إيديولوجية معينة تحاول إخفاء هذا الجسد ونبذه واحتقاره واستغلاله...


[1] ألقيت هذه الورقة في ندوة: "أسئلة الجسد في المجتمعات العربية"، المنعقدة بالرباط 6 فبراير 2015. تنسيق د. عبد الرحيم العطري وإشراف د. مولاي أحمد صابر. مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.

[2] Laurent-Sébastien Fournier et Gilles Raveneau. (2008). Anthropologie des usages sociaux et culturels du corps. Journal des anthropologues [En ligne], N° 112-113, Ed. Association française d’anthropologues, PP. 9-22 

[3] ريني ديكارت (1988)، تأملات ميتافيزيقية في الفلسفة الأولى، ترجمة كمال الحاج، سلسلة زدني علما، منشورات عويدات، بيروت.

[4] Baruch Spinoza (1993): L’Éthique, traduite par Armand Guérinot, est parue aux Éditions d’art Édouard Pelletan, à Paris, en 1930. Paris: Les Éditions Ivrea , disponile sur site web: http://classiques.uqac.ca/classiques/spinoza/ethique/ethique_de_Spinoza.pdf

[5] فريديريك نيتشة (1985)، هكذا تكلم زرادشت، ترجمة علي مصباح، منشورات الجمل، ص. 52.

[6] David Le Breton. (2008). La sociologie du corps. Coll. « que sais-je ». Paris: PUF. P.21

[7] Alain BIHR (2014): La civilisation des mœurs selon Norbert Elias, In classiques des sciences sociales, bibliothèque numérique, disponible en site web: http://classiques.uqac.ca/contemporains/bihr_alain/civilisation_des_moeurs/civilisation_des_moeurs.pdf

[8] Alain BIHR (2014), Op.cit. 

[9] SylvèneKitabgi& Isabelle Hanifi (2003), la sociologie et le corps: Généalogie d’un champ d’analyse, In «Le corps sens dessus dessous: Regards des sciences sociales sur le corps, sous la direction de Laure Ciosi-Houcke & Magali Pierre, Ed: L’Harmattan. PP. 13-67

[10] EgléLaufer. (2005). Le corps comme objet interne. In revue adolescence (n°52), PP. 363-379. DOI 10.3917/ado.052.0363

[11] Alain Giami. (2002). Eros et civilisation de Herbert Marcuse. Simone Bateman. Séminaire du CERSES, Apr 2000, Paris, France. CERSES / CNRS, Volume 3, pp. 61-80. Cahiers du CERSES. Disponible sur site web: https://hal.archives-ouvertes.fr/inserm-00519284/document

[12] Herbert Marcuse. (1968). L'homme unidimensionnel, Paris, Éditions de Minuit.

[13] Jean Baudrillard. (1986). La société de consommation: Ses mythes, ses structures. Paris: Ed. in Folio.

[14] الصادق رابح (2009). ضريبة السعادة: الإشهار وتوثين الجسد. في مجلة عالم الفكر، عدد 4 المجلد 37، يونيو 2009، الكويت: المجلس الوطني للقافة والفنون والآداب. ص. ص. 169-207

[15] Erving Goffman. (1973). La mise en scène de la vie quotidienne: T. 1 La Présentation de soi. Éditions de Minuit, coll. «Le Sens Commun».

[16] الصادق رابح (2009). مرجع مذكور، ص. 182

[17] Gilles Lipovetsky. (2006).Le Bonheur paradoxal: essai sur la société d'hyperconsommation, Paris: Gallimard, coll. «NRF Essais».

[18] Françoise Chenet-Faugeras & Jean-Pierre Dupouy. (1981). Le corps. Paris: Ed. Larousse, Collection «Idéologies et sociétés» P.14

[19] أحمد المصباحي. (2001). المسكن الريفي. مجلة مقدمات، المجلة المغاربية للكتاب، عدد 21. إيديف، البيضاء.

[20] الزهرة إبراهيم.(2009). الأنثروبولوجيا والأنثروبولوجيا الثقافية: وجوه الجسد. النايا للدراسات والنشر والتوزيع، دمشق. سوريا. ص. 123

[21] المنجي الزيدي (2005): الدخول إلى الحياة، منشورات تبر الزمان، تونس.ص.73

[22] الزهرة إبراهيم، مرجع سابق، ص.125.

[23] Françoise Chenet-Faugeras& Jean-Pierre Dupouy, Op.cit. P.100

[24] ميشيل فوكو. (1990). المراقبة والمعاقبة: ولادة السجن (ترجمة علي مقلد). بيروت: مركز الإنماء القومي.

[25] المرجع السابق، ص.96

[26] الزهرة إبراهيم، مرجع سابق، ص.129

[27]تتم هذه العملية عن طريق غرس الآت حادة كموسى وغيرها وجرها على شكل خطوط متقاطعة على مستوى الدراع أو الصدر.