الفقيه العضـوي والثــورة: مراجعات لمبادئ الفقه السياسي


فئة :  أبحاث محكمة

الفقيه العضـوي والثــورة: مراجعات لمبادئ الفقه السياسي

ملخّص:

لقد ارتبط نشاط حركة تجديد العلوم في الفضاء الإسلامي دائمًا، بالتحوّلات الاجتماعيّة والسياسيّة الكبرى التي شهدتها المنطقة، منذ ما يزيد عن قرنين من الزمان. ولم تخرج العلوم الشرعيّة عن دائرة التجديد، على الرغم من كثافة طبقات التقليد التي تغطّي معظم نواحيها. وقد شكّلت الثورات العربيّة الأخيرة إحراجًا شديدًا لآخر قلاع التقليد في الفكر الديني لدى بعض التّيارات الفكريّة. ولئن شكّل موضوع الفقه السياسي منطقة محرّمة غالبًا لدى بعضهم، فإنّ الحناجر المنادية بإسقاط الحكم الاستبدادي في هذه الحركات الاحتجاجيّة قد فتح الباب على مراجعة جملة من المسلّمات الموروثة. وتظهر مقاربة الداعية السعودي سلمان العودة لهذا الموضوع في كتابه "أسئلة الثورة" مدى دقّة هذه القضية، بسبب ما ينشأ عن إثارتها من إشكالات عميقة، مدارها على كيفيّة الخروج من أفق الفقه "الأحكام السلطانيّة" المدجّج بقوّة النصوص، إلى رحابة الفكر السياسي الحديث المؤسّس على مدنيّة الدولة، والتّداول السلمي على السلطة.

وفي كتاب "أسئلة الثّورة" خرج سلمان العودة من عباءة الداعية بمعناه التقليدي، ليوظّف علمه الشرعي في اتّجاه ما يمكن أن يكون "فقه الواقع" الراهن. وفي هذه المقاربة اتّجه الفقيه إلى بحث ثلاث مسائل كبرى: أوّلاً، حدث الثورة، بما هي نازلة كبرى تستوجب تفسيرًا وتعليلاً يهيّئ لفهمها، ومن ثم لإصدار الحكم المناسب بشأنها. وثانيًا، موضوع السلطة السياسيّة، وسائر ما يتعلّق بها من أسئلة حارقة، على غرار ثنائيّة الدولة والفوضى، مصدر الشرعيّة، آلية انتقال السلطة.. وثالثًا، طبيعة نظام الحكم المنشود، وفق المعايير الحديثة، والتي لا تصادم ثوابت الإسلام. وفي تفكيك "أسئلة الثّورة" على هذا النّحو، يحاول العودة أن يضطلع بدور "الفقيه العضوي"، الذي ينحاز دون تحفّظ، إلى قضايا الحقّ والعدل.

ولا شكّ أنّ القيمة المضافة الحاصلة من مثل هذه المقاربة، إنّما تكمن في محاولة تطويع مبادئ التّفكير الديني القديم ليكون معاصًرا للرّاهن الإسلامي، وتحدّياته المعرفيّة والحضاريّة. والذي يكسب الرّهان على هذه المقاربة طعمًا خاصًّا، صدورها عن مرجعيّة فقهيّة ذات طابع محافظ، تجعل من شعار "السلفيّة" عنوانًا ثابتًا لها. ومن ثمّ فكلّ خطوة تقطع من هذا الموقع المحافظ في اتّجاه التجديدـ تعادل خطوات عند آخرين. وإذا ما أخذنا في الاعتبار اتّساع صدى هذه المرجعيّة السلفيّة في الفضاء الإسلامي اليوم، أدركنا أهمّية انخراط أعلامها في مشروع تحيين المعارف ومواكبة المتغيّرات.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا