عودة الديني إلى حياة الأفراد


فئة :  مقالات

عودة الديني إلى حياة الأفراد

عودة الديني إلى حياة الأفراد:

سؤال في ماهية الاشتغال والمُرفقات المصاحبة؟؟!!..

محمد بنعياد[1]

ياسين الباقيلي[2]

كثيرا ما أضحى يسائلنا عودة الديني في حياة اشتغال الأفراد، باعتباره وقائع يمكن التِماس مشاهدتها في حياة معتنقي الأديان، في صحوات دينية مكثفة لا يمكن رؤيتها في دين الإسلام فقط، بل تُلحظ تجلياتها بوتيرة تصاعدية في المسيحية وغيرها من الديانات المختلفة في بقاع العالم، عاكسة لشواغل حياتية وأسئلة ظمأ المعنى واستزاداته في أزمنة حداثية، وجدت العلمانية نفسها على محك حقيقي، وهي تواجه هذه الاختيارات الدينية المعبر عنها بأشكال التعدد والتجذر في مجتمعات المخاضات العسيرة، التي بات فيها إنسان الراهن مهددا بحياة الصَّغار La petitesse الرهيب والمختصرات المبسترة ومحدودياتها الاحتباسية، بل يسعى إلى الفكاك والتحرر من تسييجات الإقفال المحكم والأفول؛ وذلك سعيا إلى انتشال إنسان المحدودية والتناهي من جدل النسيان، وحرصا على انفتاحات حياتية تُبقي على حياة المعنى في اجتماع إنساني أضحت فيه معطيات التعدد والاختلاف الدينيين وقائع حية، والتي كثيرا ما أضحت تسائلنا في أمكنة التعدد وتلاقيات اليومي المباشر، برؤى وتصورات تفترض منا نظرا سوسيولوجيا مغايرا يتضايف مع تخصصات شتى، قصد لملمة واستيعاب تقلبات وجدان الفرد وتدينه في سِعات جاهزيته ومقدمات نهله وإقباله على معطيات المعارف الدينية، بالتِماسها أفقا استصحابيا انفعالا وتفاعلا، وما تمنحه من رؤى وتصورات، بانغماس وجودي في حياة اجتماع إنساني ومتغيراته المتسارعة، لا استباقا معزولا في رداءات انطوائية ومضايق هُوياتية، وما تُفضي إليه من مآزق انغلاقية وموجات استقطابية منزوعة من مراعاة إنسانية الأفراد وآمال أشواقهم الروحية، تلك التي كان منزعها القنص والبحث عن معتنقين جدد باستيلاءات استلابية واستحواذية، جعلت من ملامح التدين وجاذبيته شِراكا للإيقاع بالمتدينين في استِتْباع طقوسي متهافت، مُنتفى من خصوصية الوعي والتفكير النقدي، بل نزوعا استسلاميا منزوعا من حياة الجدوى والمعنى، وما يفترضه الدين على معتنقيه من جدل الاصطفاف السائلِ والوعي باقتضاءات حياة دينية متجددة، تتجلى فيها سمات التدين الفاحص بتمارين التأمل اليومي، وما يستتبعه ذلك من التزام حياتي في جبهات إيمانية غير صدامية في مجتمع التأزم، الذي بات يُحصي فيه غلواء ظواهر تديُّنية، أضحت أشبه بتضادات ومفارقات لِتمسُّح دينيِّ يتسيّد فيه جدل المظاهر التدينية وتشعباتها على فلسفة العمق الجُوَّاني للفحوى الدينية الحقيقية، وما تفترضه من ممارسات دينية معقولة لتذاوت Immanence نفسية المتدين مع ذاته وعلاقته مع الأغيار؛ إذ ما جدوى عودة الدينِي إن لم يكن حافلا بحياة أفق جديد يتدفق فيه وجدان المتدينين إلى سعاتٍ تصاعدية جامعة لقيم العيش المشترك، وما تستصحبه من أبنية صلبة لمفاهيم التسامح والتعدد والغيرية والتبادل وممانعاتها وما تحوزه من علياء القيم النبيلة؟ باعتبارها مساحات لتجلية المِراس الحقيقي لعودة الدين وجدوى حاصله في حياة المتدينين، وتمييزه عن رجَّات اهتزازات التدين السطحي وانتهاءاته في فواصل حدودية غير متماسكة.

1- عودة الديني واشتغاله المكثف في حياة المتدينين

أضحى راهن عودة الدين وتساوقات أشكال اشتغال التدين سمات بارزة لدليل حياة دينية جديدة، صارت تتصدر بشواغل مكثفة في حياة المتدينين برؤى وتصورات بينية، وجدت فيها الأزمنة الحداثية ومخاضها العلماني على محك حقيقي لمجاراة واستيعاب حراك عودة الدين في العالم المعاصر، باعتباره عوْدا ممارسا لشعائر وطقوس دينية، وإحياء لمقدس وتقاليد دينية مهجورة، بات مُرفقا بعديد من الرموز الدينية الدالة لمعاني قَوَّت من حُظوة الانتماء إلى المرجعيات الدينية ودلالاتها التي لا يمكن إبقاؤها في منظور حصري على دين الإسلام، بل نلحظه أيضا عند منتسبي الأديان الأخرى، باعتبارها دلالات لمُعاودات تصحيحية تحاول الرجوع إلى مصادر تؤسس لمصائر جديدة، ما عاد فيها خطاب أزمنة الحداثة ونزوعها العلماني آهلا لتلبية حاجاتها وسقفا آمنا لتطلعات جمعية، بات فيها نظام العيش اليومي يشكو نضوبا واهتزازات متصدعة مُنتفاة من حياة أمان الاطمئنان والاستقرار والمعنى، والتفكير في المصير الإنساني المهدد والمحاصر بمظاهر التأزم والاستلاب والتشظي والرعب الزائد، في شروط اشتغالية لنظام عالمي جديد، تضاءل بحداثة سائلة Liquid modernity بتعبير زيجمونت باومان، في متاهة حياة سائلة[3] ومُنتجِها النهائي الذي كشف عن إمكاناته التدميرية[4]، التي تصلبت بسدود الإخفاء والهجر العازل للقيم، وذلك باستبقاءات محدودية تشكو احتِباسا إفقاريا، وباشتغال متراجع عطَّل مفعول المواكبة المُصاحب للنَّظيمة الإنسانية والدفاع عن اختياراتها الحياتية، وتيسير سبل العيش الآمن واقتضاءاته السالكة في الحياة، وما يفترضه من حضور ومقاومة واصطفاف يُبقي على الشرط النقدي، بل تآكلت حياة العيش برَجَّاتِ زمن الخوف وانتشار المخاوف وألم التجربة المفزعة لفقدان الأمان الذي لا يهدأ[5]، جعلت حياة الاجتماع البشري تتضاءل في مختصرات تحيُّزاتٍ انطوائية، تعَرَّت من شروط الصُّحبة والتآزر وأخلاق المَعِيّة المنفتحة على نظم العلاقات الإنسانية ودعم أواصرها، بل صارت حياة الضآلة والمحدودية القاتلة عنوان ارتضاءات ضاغطة لارتكانٍ احتباسي، اقتُلع منه أَنْزيم التواصل "بسيادة حياة أنانية مهتمة بنفسها ولا تشير إلا لنفسها، وذلك بجعلها قابلة للتحقيق لكائنات أخلاقية بالولادة، وذلك بالحد من المسؤوليات تجاه الآخرين التي تتماشى مع حضور وجه الآخر أثناء التجمع الإنساني"[6]، بمنظور استعادات جماعية لمفهوم قابلية التخلص من البشر "والدفع باتجاه مجتمع من التشابه، باعتباره مؤشرا على الانسحاب ليس من الآخرين فحسب، وإنما أيضا من الالتزام بالتفاعل مع الداخل الحيوي والمضطرب مع ذلك، والمنعش وإن كان معيقا. جاذبية مجتمع التماثل هي وثيقة التأمين ضد المخاطر التي تعج بها الحياة اليومية في عالم الحياة"[7]؛ ذلك أن راهن مخاضِ العيش ذي الصيرورة التراجعية بحيواتِ اللايقين والمخاطر وصنوف التهديدات أوجد نظام الحداثة[8] وتنظيراتها العلمانية ووعودها بدولة الرفاه أمام إحراجات ومآزق غير مسبوقة، وغيرُ مُطمَئَنٍ إلى جدارتها بالقدرة على المواكبة المجتمعية، التي أضحت حصيلة أزمات تتراكم، بل "نرى فكرة التنمية، حتى التي يقال لها »تنمية مستدامة«، تجعل من حضارة مأزومة النموذج المحتذى، وهي نفسها حضارة ينبغي إصلاحها؛ فهي تعيق العالم أن يهتدي إلى أشكال من التحول غير تلك المستنسخة من النماذج الغربية. كما وأنها تقود المجتمعات في سبيل تؤدي إلى الكارثة، والحال أنه ينبغي السبيل والشروع في بداية جديدة"[9]، قائمة على شروط استعادية للحياة الإنسانية، والتفكير العميق في المصير الإنساني وأمكنة التوطن الجديد، المأهولة بإنسان الراهن والعيش المشترك، والتي من رحمها ابتعثت مسالك العودة إلى الدين، وباشتغال متصاعد لصحوات دينية وهويات دينية تتأكد في مصائر جديدة عند منتسبي عالم الأديان، بفسيفساء الغيرية الدينية وأشجان التمثل والتزيي الدينيين، والحضور المتعدد للرموز الدينية وأشكال اشتغال المقدس، وهي دوائر اشتغالية كثيرا ما تُحرِّض على الفهم والنقد في منظور مواكب لدلالات هذا العودِ الديني المكثف، وما يحوزه من رؤى وتصورات وآمال، حيث لا يمكن اعتباره خِلوا من مراجعات[10] وتأملات تريد أن تستعيد أبنية دينية وتقاليد راسخة، كانت بالأمس القريب دليلا استصحابيا لحياة روحية Une vie spirituelle ومرايا وجودية لتجليات قيمية تأخذ دور الفعل المحرر Action libératrice واستعادة لإنسان التناسي والمحدودية إلى عودة إحيائية Revivicatrice حائزة على البقاء القريب من الدين ورمزيته التذاوتية المحايثة للذوات الإنسانية انفعالا وتفاعلا، باعتبارها معطيات بارزة لا يمكن تجاوزها ولا تحييد عناصرها، عندما اعتقد منتسبوها بجدوائية هذه العودة إلى الدين، باقتناءات حيازية وتمثلات تختلف فيها تضمينات هذا الاقتباس فهما وتأويلا وممارسة في المعيش اليومي، وما يقترحه من انفتاحات، باعتباره أفقا لاختبار الممارسة الدينية وما تحوزه من نظام قيمي، ومُفصحة عن أساسيات نشأته والهواجس المتحكمة فيه وآماله وأشواقه، ومن ناحية أخرى وقوفا على مراصد وكيفيات وتمثلات هذا العود الديني؛ ذلك أن مصائر الإحيائية للرموز الدينية الإسلامية في المجتمعات العربية الإسلامية واشتغالاتها المتنامية بالكثافة التصاعدية لم تكن منفلتة عن دوائر الرصد العلماني وأطره الحداثية، باعتباره أضحى اشتغالا متناميا وضاغطا، وانتزع جدارة الاعتراف به، وكذا بقبول سيرانه التداولي في الفضاء العام، بمنأى عن تشييئات المتخيل المتوتر وأحكامه الجاهزة؛ ذلك أن الإشكال الكبير يكمن في مدى إشكالية القبول بالمنسوب المكثف للقيم الدينية الإسلامية، التي أضحت تُستعاد بمسارات ومصادر شتى، وتمنح رؤى وتصورات واختيارات دينية عن الإنسان والعالم، بل كيف يمكن القبول بتنافسية هذا الاشتغال في أمكنة التعدد، وارتضائه وضعا طبيعيا وفضاء رحبا حاضنا للُّحمة الاجتماعية؟ ولا سيما أن مجريات التلاقي اليومي وتحدياته أضحت تفترض اصطفافات لجبهات إيمانية تعتد بسؤال التفكير في الإنسان، دونما اكتراث بالحساسيات الدينية والعرقية وتحيزاتها المفرطة في الإغلاق والنبذ الإقصائي لأفراد ما زالت "طباعهم تختزن موروثا متوحشا من الماضي البعيد"[11]، وهو ما حذر منه جان بورديار وألمح إليه بالموت العنيف[12]، ودوائر التوتر المانعة من الفهم الاقترابي دون مسبقات عدائية يتسيدها ماضٍ مثقل بغلواء الصراع وصداماته التنافسية، التي لم تجد بعد طريقا قويما للفكاك منها والتحرر من آسارها وتقييداتها الضاغطة بالمنع عن فهم منظوم القيم واشتغالات مصادره الأولى، وذلك تمييزا لفكرة لدين الإسلام عن السلوك الشائه لبعض منتسبيه، وما يختلج هاته المساعي الدينية العائدة إلى الدين من وشائج عقدية تتبلور في قوالب ذهنية، في مناخ ديني تأويلي يحكمه فكر ونظر واقتباس ونهل لمعارف بصيغ استزادية، تترسخ على انتظامات في أعماق الضمير الديني الجمعي، ونماء زائد للشعور الديني، الذي بات يتقدم بشواغل شتى واهتمامات مختلفة، كثُرت فيها كيفيات الاستثمار المتعدد للتضمينات الدينية ودلالاتها، وحُملت على سياقات وتداوليات مختلفة، مسَّت المرافق والمؤسسات الاجتماعية والدينية، بكيفيات تتجاوز محدودية التذاوت الفردي إلى تذاوت بين الأفراد والجماعات، وفي تواصليات وإمكانات تتأكد على استمراريات منفتحة "على تفعيل استثمار اجتماعية الدين بهدف إعادة تركيب هوية تحطمت بفعل فرض العصرنة الأجنبية والخضوع الاقتصادي والثقافي والسياسي"[13]، وذلك تجاوزا للاعتبار السلبي المؤثر في تصغير دور الدين، والارتباط الديني للأشخاص فيما يخص متعلقات الانخراط في المجتمعات الدينية، الذي يطلعنا ضمنيا على مساحات حراك الالتزام الديني في المجتمع، وهو ما يجعلنا نتساءل عن الكيفيات والمساحات التي سيتأدى بها هذا الاشتغال الديني في مظاهره التدينية العائدة بالوفرة الهائلة، وفي سيرورات توالياته من جهة القبول بامتداداته المجتمعية، وحدود اشتغالاته التي تنتقل إلى تعديةٍ وانتقالات تصاعدية، هل باعتبارها مأمونة الجانب؟ أم هو اشتغال في حدود الضبط الذي لا يقبل تجاوزا لمساحات اشتغالية تعاند بالإسهام والنقد والاحتجاج والاصطفاف في جبهات نضالية حاسمة، تعكس لتضادات وممانعات في اختيارات المجتمع الواحد، حيث تختلف فيها التطلعات والانتظارات في عالم بات يُحصي زلزال التقلبات الإيديولوجية وارتجاج القوانين الشمولية القديمة؟ إذ كيف يمكن تجسير هذه التلاقيات بمرجعيات مختلفة - باعتبارها صميما مجتمعيا- في أمكنة اشتغالات وقضايا راهنية، ولا سيما أن عُهَدَ عودة الديني وأُفق امتداداته ما زال غير مطمئنٍ إلى آليات مصادرها الموجهة لها وتدويلاتها المؤثرة على معتنقيها؛ ذلك أن جدلية الجدوى والمعنى ما زالت ترتد بالتساؤل إلى فلسفة عودة الديني ومظاهر التدين الجمعي ودلالة الالتزام التي تحمل المتدينين على الانخراط[14] في مجتمع التعدد؟؟!!.. باعتبارها سبيلا للكشف عن بنيات الفهم والنظر المشكلة لعودة الديني وتمييزها على استيفاء بَيِّن، يوضح بجدية مدى صِدقية قصديات intentions المتدينين، وتساوقها مع اختياراتهم الدينية المعبرة في دلالات فلسفة عودة الديني، وحاصل الزوائد الإيجابية والمرئية في سلوكياتهم ورابطها مع معيشهم اليومي وتعقيداته المتسارعة؛ ذلك أن مظاهر عودة الديني في سلوك المتدينين ومعطياتها السيّارة في مناحي الحياة كفيلة لفهم وتقييم هذه العودة إلى الدين وقيَمه المكثفة، واستجلاء المتغيرات الجديدة التي حدثت في أحوال وسلوك المتدينين بزيادة وتموقع خلاّق، في جذوة حياة تبتهج بشغفٍ أَقْدَرَ المتدين على التأمل والتأويل اللامتناهي، والفهم بزيادة في المعنى المتقدم، الذي تحرر من حالات الاغتراب والاستلاب الجمعي والقبح المتفشي في العالم، أم إن عناصر التماهي مع القيم الدينية العائدة بالوفرة لدى الأفراد لم تقوَ على المكوث الأطول، ونحْتِ اشتغالها على بقاء فاعل في الذواتِ والمسارات الحياتية واقتضاءاتها الحاجية، القائمة على قيم الإيمان والالتزام في تجليات العيش المشترك، إذ ما جدوى دلالة عودة الديني إن لم يستند إلى تفكير نقدي فاحص لموارد القيم والمعرفة الإيمانية، باعتبارها المنشئ الأول لسلوكيات المتدينين قبل اغتيالها بترسيمات الإفقار الشائه، وحدودها الفيصلية بغلواء العمى المنظم Aveuglement organisationnel بتعقيداته وآساره وشِراكِه السيادية على المتدينين الجدد؟ والتي أضحت شِراكَ قنص وبحث عن معتنقين جدد بمُرفقات الإلحاق والاستتباع والفص الذي لا يخرج عن دوائر الانتماء والإجبار القسري على مُسوح الطاعة والولاء، ولم تكترث بظمأ الإنسان الأنطولوجي، وشغفه بالمقدس، الذي يمكن به العبور إلى جوهر الدين وتذوق أبعاده الجمالية، حيث كان "لترحيل الدين من مجاله الأنطولوجي إلى المجال الإيديولوجي"[15] أثرا سلبيا في إنقاذ النزعة الإنسانية للدين، باعتبارها دلالة قوية لتضمينات تُبقي على شرطية الوعي والفهم بالدين، وتأويل النصوص وما تختزنه من معاني وثيقة الصلة بإنسان الراهن، وإنقاذا له من أفول التناهي وفراغات الوأد القهقري، الذي تتسيده بعض الجماعات الدينية، بغلواء وتضييقات أسيجتها التأويلية وهشاشة أبنيتها، التي استقوت بتعطيل العقل المستقيل والتفكير نيابة عنه، وذلك بجعله مُلحقا وتبعا بطقوس دينية استتباعية، شَرَّعت لموارد الصدام والنزاع على المقدس الديني، بتحيزات وتصلبات دوغمائية وسيولة في أمكنة التعدد، وبتفريغات أفزعت الإنسان وأزاحت المجال إلى تقليبات بسيميائيات مرعبة، جرّت التقليد الديني إلى تطبيقات شائهة منزوعة من اختياراته الروحية وتأسيسات قصدياته البَدْئية، إلى هندسة رعبٍ بإنشاءات تأويلية وانتقاءات معزولة، مفرطة في سدود التزامٍ ديني وموانع تقييدية باقتطاعات جزئية بتجزيئات الانتقاء المعكوس، الذي لم يكن فيه الالتزام الديني معاشا كتفرع لالتزام كامل عن الحياة، بل "يواجه خطر أن يصبح تجزؤا غير متزن وتصلبا هستيريا"[16] ومن ثم "يستسلم فيه المتدين لعنف محيطه، هذا ما يحدث في الضمير الديني لمعظم الناس، أن عنف محيطهم يقرر بدلا عنهم"[17] بشِراكِ استتباعٍ انقيادي، يمارس كل وسائل الاجتثاث والفصل والتحييد عن مقومات عيش موضوعي وحضور التجلِّي الفائق، الذي يتأدى بتماسِ حقيقي مع مبادئ الإسلام، وذلك بمنأى عن شائه التبدلات الرهيبة وانقلاباتها المعكوسة، التي تسعى إلى قلب هذا العود الديني والاستئثار به حيازة وتملكا وتصريف منسوبه التصاعدي إلى أشكال تصادمية، كان في غنى عنها، من خلال مؤملات بنائية مجتمعية كانت تشكل أُسَّ الأساس الناهض في تمتين المقوم الحياتي المشترك المنفتح على معطيات التبادل والتعاون والتسامح، والتي ليست مُتَمَنِّعة على حياة المتدينين بفلسفة العودة إلى مصادر الإسلام اعتقادا واتصافا ومبادلة حياتية ارتقائية بمعانيها، بل بسعات تبييئية لتضمينات المنحى الروحي للصحوات الدينية بعلياء عودتها إلى القيم الدينية بممكنات عيش ديني يتآنس مع موارد التعدد والاختلاف، في مسالك زمنية تُبدع فلسفة العيش في الراهن، لذلك كثيرا ما نُظِرَ إلى سِعات القيم ومرفقاتها الإضافية التي يمكن تُستجلب من عودة الديني، وما تمنحه من مغايرات تتعزز في سلوك الأفراد والجماعات الدينية من قيم إيجابية مرفقة كالتسامح والتعايش والتبادل في حياة العيش المشترك، تكون آهلة بالتأثير والاستمرار والتضايف، وبالتالي تتآبي المكوث على لَحْظِ مؤقت أو زائل، بل سعيا إلى ممكنات سلوكية واعية باقية بالاشتغال في مجتمع التعدد الخلاّب؛ ذلك أن منسوب الزيادة والكثافة الاقتباسية من المنظومة الدينية الإسلامية كثيرا ما ينهض دليل استفهام واستشكال عن سؤال المعنى والجدوى من تدين الأفراد؟ ثم ماذا أكسب نظام عودة اشتغال الدين في حياة الأفراد من وقائع مأمولة وامتدادات تعاند موارد المحدودية والاحتباس إلى آفاق اتساعية ومشاركة في التفكير في قضايا العالم والمصير الإنساني؟

2- عودة الديني وسؤال في مرفقات القيم المصاحبة:

كثيرا ما أضحى يُنظر إلى عودة الديني من خلال حاصل مرفقات القيم المصاحبة له، باعتبارها دليل مواكبة ومصاحبة له: حراكا وتدويلا، حيث لا تنفك تأملاتنا المواكبة لها من مساءلتها وفهمها، باعتبارها تنهض دليل اختبار حقيقي لمعرفة ماهية عودة الديني ومعناه، وكذا لمبناه المُشكَّل من قوام العودة إلى المصادر الدينية وفعل تأثيرها على المتدينين، ذلك أن كل انهمام واشتغال بتساوق وتماسٍّ روحي كثيرا ما يبتغي استعادةً وحيازة لمقوم ديني، أضحى يُنظر إليه باعتباره دليل اغتناء يغالب مصائر المحدودية الفردية للأفراد والجماعات الدينية، من خلال منظورات الاستزادة والتكاملية، التي باتت منفتحة على اشتغالات التعدد، إذ لم يمنع ذلك من زيادة مظاهر التآزر والتعاون والتبادل والتسامح.. باعتبارها قيما إنسانية وأخلاقا تتكاثف بالمَعِيَّة الاستحضارية للغيرية القريبة والبعيدة التي تمكث هناك، وتفهم معنى الشرط الإنساني في العالم "الذي أصبح خلال العصر الحديث عبارة عن عصر كوكبي، والذي يقتضي منا أن نفكر بشمولية هذا العصر، وفي علاقة الكل بالأجزاء، وفي أبعاده المتعددة، وفي بنيته المركبة"[18]؛ ذلك أن أفق الحضور ورهانات التموقع positionnement الحياتي للأفراد بات يفترض دلالة إنسانية استباقية تعاند انكماشات الغياب، وتغييباتها الفجة المانعة من صيرورات المواكبة الانخراطية المُكسبة لمعاني الحضور، بل "علينا أن نتعلم كيف »نكون هنا« فوق الكوكب؛ ونعني بقولنا أن نكون هنا، أن نتعلم كيف نعيش، كيف نتقاسم الأشياء بيننا، وكيف نتواصل. وكيف نتوحد فيما بيننا. هذا شيء نتعلمه فقط، ومن خلال ثقافتنا الخصوصية، بينما يتعين علينا من الآن فصاعدا أن نتعلم كيف نعيش، وكيف نتقاسم الأشياء، وكيف نتواصل، وكيف نتوحد فيما بيننا، باعتبارنا أناسا ينتمون لكوكب الأرض. لا يتوجب علينا أن ننتمي لثقافة ما، بل علينا أن نشعر بوجودنا ككائنات أرضية، علينا أن نطمح ليس نحو السيطرة على الأرض، بل نحو تطوير سبل العيش فيها، ونحو تحسينها، ونحو فهمها"[19]؛ ذلك أن عيشَ التشارك الجمعي كثيرا ما يقيم الإمكانات الإنسانية على شروط اشتغال جديدة إذا تقوَّت فيها موارد الانفتاح واتساعاتها غير المكترثة بالحساسيات الدينية وتصلبات المضايق الإيديولوجية، عندما تصبح منعطفا Tournant حاسما وبارزا لمقومات التحضر البشري، بسعيه إلى مشروعات بنائية لذوات إنسانية متحررة من التباسات المحدودية الدينية إلى استباقات تحفيزية ناشئة، تجد سندها في مقوم التراكم الإنساني وإرادة التقوي المستمر، الذي لا يُبقي شواغل الذوات على انكفاءات وانطواءات، بل على إرادات منفتحة على الغيرية والآخرين، "فالذات لا توجد إلا في/ وبواسطة علاقتها مع الآخرين. ولذا، فإن تكثيف التبادل الاجتماعي، يعني تكثيف الذات، ويكون زيادة الذات وزيادة المجتمع"[20]، على الاعتبار الذي يؤكد أن حياة العيش المنفتح على الغيرية اقتضاء ضمني لفلسفة إنسانية أصيلة، تتعزز بالعمق غير الآيل للنفاذ، بل إلى توسيعات تقوي مواقع الذات بإقبالها على حياة مشتركة تدرك فيها معاني التعدد والاختلاف، على اعتبار أن حياة العيش المشترك "لا تهدد الوجود الإنساني؛ لأن العزلة مستحيلة، ولكن تهددها بعض أشكال التواصل المفقرة والسالبة، كما تهددها بعض أشكال التمثلات الفردية لهذا الوجود التي تجري برواج، والتي تجعلنا نعيش كمأساة، الوضع الإنساني نفسه: نقصنا الأصلي وحاجتنا إلى الآخرين؛ لأن هذه التمثلات ليست انعكاسا سلبيا للواقع، فهي تحدد قيمنا، وهي تؤثر بذلك في هذا الواقع"[21]، وهو ما يجعل إمكانات الانفتاح على الغيرية وإِلفَ التشارك معها موردا أساسيا في تضمينات عودة الدين، ويعزز أفق تجليه الاجتماعي في اللحظة التي تصبح فيها موارد التخاطب الديني لدى المتدين واعية لمنظور فلسفة الدين وما يقتضيه من فهم وتأويل وإحيائية، باعتباره نزوعا إنسانيا دؤوبا في رحلة البحث عن المعنى[22]، وتجليا لاستمرارية اغتنائية تتجاوز مساوئ الفكر الاختزالي التبسيطي، الذي يسعى "إلى إلغاء كل إمكانية من أجل فهم فكرة مغايرة، أو إيمان مغاير، أو شخص مغاير"[23]، بل إلى تحيين أفق حواري ديني ينشد مغايرة تسعى إلى خلخلة ضآلات الاحتباس المانعة من تجديد الوعي الديني في أبنيته الصلبة، والتي لا تعني تضميناتها السعي إلى استبدال تحييدي وهدم لمصادر الوحي، وإنما باستعادة فهم توَّاق - ذي شغف زائد- تم اغتياله بتصلبات وجداريات منعٍ أنهكت طرق النهل المباشر من الدين بممكنات فهم أفضل، تُنضجُ فيه مسالك التأويل وسقف المحادثات في البرهنة عن الاختيارات الدينية، في منظور عالمي جديد بات يتعزز بعودة الهويات الدينية: بتلاقيات وتخاطبات تسعى إلى إنقاذها من غلواء التعصب الديني وأنطولوجية الإرهاب المترحل، الذي أفقر أمكنة من تعداد تنوعها واختلافاتها التاريخية والثقافية والدينية، وقام باستعداء أمنها الروحي وعيشها الزمني، وصيّره إلى جحيم انتهت مآسيه إلى اغتيالات وتهجير قسري ووأد مسحي لأماكن كانت بالأمس القريب حاضنة لجماعات إنسانية لها آمالها وأشواقها، ولم تتضايق يوما من عيش معيّة مشاركٍ ومجاورٍ لأطياف التعدد الديني في العراق وسوريا على سبيل المثال.. وهو ما يستدعي على الدوام التفكير في الغير المختلف والغيرية الدينية وفي الإنسان المختلف والاحتفاء به وسرور اللقاء به تضايفا، ذلك "أننا لا ندرك الغير إدراكا موضوعيا فقط، بل إننا ندركه كذلك كذات نتطابق معها، أو نجعلها متطابقة معنا، إنه أنا آخر، وقد أصبح غيرا (ذو أنا مستقلة) يتضمن الفهم بالضرورة سيرورة مكونة من محاولة معرفة الغير، والسعي نحو التطابق معه، والقيام بإسقاطات عليه، وبما أن الفهم هو دائما مسألة بين ذاتية، فإنه يقتضي بالضرورة الانفتاح والتعاطف والأريحية"[24]، وهو ما يعني ضمنيا التفكير في الغير الإنسان والاعتداد به، باعتباره ليس غيرا بالنبذ والإقصاء والتهميش؛ بل إنسانا بسرور الابتهاج وإمكان اللقاء به وتجدده، والقبول به كما هو وكما يريد أن يكون، وذلك بالتحلي "بأخلاق الفهم باعتبارها فن العيش وتتطلب أن نفهم عدم الفهم.. فلو عرفنا كيف نفهم قبل أن ندين لأصبحنا نسير في طريق أنسنة العلاقات الإنسانية[25]، وبتفكير نقدي مغاير يُبقي على جاهزية الاستعداد للبذل والاشتغال على الذات، لاسيما تلك الذوات التي مُنعت بشراك امتلاك الحقيقة عن حيازة الفهم، وأنهكها إملاء التسلط والإملاء الدينيين عن كل إمكان جديد يستعيد عافية الاطمئنان إلى ذواتها، واقتقاد القدرة التمييزية "ما دين الإيديولوجيا ودين الأنطولوجيا"[26]، ما بين جمالية دين سَمْحٍ وعسكرة إيديولوجيات دينية، راهنت على القنص والبحث عن معتنقين جدد، والزج بالوافدين في غياهب متاهات غير مسبوقة، في استقواءاتها وهشاشتها المعطوبة بالتعصب الديني وتأثيره السلبي على جوهر المبادئ الاجتماعية للدين "ولعل من المهم في فتح العلاقات التي تربط المتدين بما عداه، وهو تزويده بالقدرة على معرفة الآخر، فَهْماً يُنمِّي في نفسه روح اكتشاف المشتركات العقدية والأخلاقية والاجتماعية، للانتقال بمورثات العقل الديني من مرحلة التصورات الجامدة، إلى مستوى التصورات النافعة التي تخدم الأغراض الجوهرية للتواصل الاجتماعي"[27]، وكذا بالسعي إلى تفكيك نظام الاشتغال الاستحواذي الذي تستبد به ظاهرة إيغال التطرف الديني واستحكاماتها بالقلبِ المعكوس للدين، بجعله شائها في مضايق وتشعبات وتصريفات مجتمعية شائكة، تفتقد لعناصر إيجابية يمكن التماس الجدوى منها، وهو ما يقتضي فعلا امتلاك جدارة لفهم "التمثلات التي يقيمها الناس عن المقدس، هذه التعاليات تعيد تشكيل ذاتها أولا في دائرة العواطف الفردية، ولأن هذه التعاليات تعاش في محايثة الذوات"[28]. ولهذا كثيرا ما يكون المنحى العائد للدين ولإحيائيته مدعُوا إلى تمييز تجليه الديني أن أعطاب الاعتلال ومضايق التأويل القسري وتشييئاته المدمرة لإنسانية الإنسان وغيرية التذكر المستحضرة للآخر المختلف، "فالروح الممتلئة أنطولوجيا تحوز حياة روحية أخلاقية مشبعة بالمعنى، تستطيع أن تمنح العالم أفقا معنويا مضيئا وتُغني حياة ما حولها أنطولوجيا بالهدوء والأمن والسكينة والسلام"[29]، بل كيف يمكن أن نحوز تفكيرا نقديا إزاء ما نعتقد ونتملكه من تراكمات، أضحت تصلبات مانعة من أي فهم وإدراك حقيقي لقصديات دين لم يأت مصطدما أساسا مع أشواق النفس الإنسانية؟ بل اعتبر منزعه الاستباقي في التعارف والتبادل ريادة شاهدة على ممكنات تنفتح على المؤتلف والمختلف، ويقيم أشراطَ تدبيرٍ سَلٍسٍ في تملك تفكير جيد "يسمح لنا بأن نتمثل سويا كلا من النسق والسياق، والكائن ومحيطه، المحلي والشمولي والمتعدد الأبعاد، وباختصار كل ما هو مركب. إنه يسمح لنا بفهم الشروط الموضوعية والذاتية للسلوك الإنساني خداع الذات، وكل ما يستحوذ علينا من إيمان، ومن أنواع الهذيانات والهستيريات"[30]. أو كيف يمكن لعودة الديني أن يُبقي على اشتغال المحلى والكوني بحضور يقظ و"انتباه إلى العالم من جهة أفخاخه وفراغاته التي تستعصى على الضبط"؟؟[31]، وكذا بإبقاء متدينيه على انفتاحات سالكة في الاجتماع الإنساني، تتجاوز سياجات الصدام ومستحثاتها المانعة من إدراك الإمكانية التعددية التي تتقاطع فيها المصائر والأفكار والأفعال في عالم محكوم بالفردانية وبالعبور، وبالمؤقت الزائل"؟؟[32]، بل إن المكوث في عالم سيَّال متسارع بالتدفق للرموز والمعاني والمعارف وأنظمة العزل أضحى عصيا في مقذوفات حياتية واستحالات منتفاة من الضبط والحيازة، بالتباسات ومخفيات ومطويات عيش وتناسيات لا مفكر فيها، بل كيف يمكن إنقاذها باستجلاب دلالات قيمها الإنسانية واستعادة تضميناتها القوية الملهمة على العيش الحواري المتبادل تعاونا بمقامات سمحة؟؟؟ تستدخل رائعة التسامح لا باعتباره مِنّة تُمنح "ولا نوعا من اللامبالاة تجاه الأفكار أو تجاه النزعات الشكية المعممة. بقدر ما يعني افتراض وجود قناعة، أو إيمان أو اختيار أخلاقي لدينا، ولكن يعني كذلك أن نقبل في نفس الوقت بالتعبير عن أفكار وقناعات واختيارات مناقضة لتلك التي لدينا نحن، يقتضي التسامح نوعا من المعاناة في تحمل التعبير عن أفكار سيئة، كما يقتضي إرادة في تحمل مسؤولية هذه المعاناة"[33]؛ ذلك فضيلة التسامح وأكثريتها الخلاقة غالبا ما تنهض دليلا كشفيا لاختبار قدرة تمكن الدين من حياة المتدينين في عالم العيش القائم على التعدد والاختلاف، باعتباره "حبا على اتجاه غير مشروط، وينظر إليه أن يعزز النظرة الإيجابية للحياة والعزم الجيد"[34]، ولهذا لا مندوحة في هذه الأكثرية التصاعدية لعودة الدين في حياة الاجتماع الإنساني أن تكثر وشائج التعارف بإرادات راغبة لممكنات أفضل، لا سيما وأن معطيات الراهن تطلعنا أن "الأفراد الأكثر تدينا يميلون إلى تقدير التسامح تقديرا كبيرا"[35]، وإلى إيلائه أهمية قصوى بالبحث عن نظراء جدد وغيريات[36] إنسانية تتوطن في أمكنة التعدد، حيث تكون فرص اللقاء مع الغير أرضية للإمكانات الأريحية، التي يتجدد فيها فهمُ اللقاءِ المتضايفِ مع الغير، لأن "معرفة الغير نموذج يختلف اختلافا كليا عن الآخرين، وهي معرفة لا تفتش لتجد، ولتماثل بين الكائن وموضوعه. إنها تفتش عن »مشاركة« الكون. العمل الذي هو كون الشخص الذي تهدف إليه، كون عمل يجري فيه الصنيع بالتبادل.. يجب أن تترك نصيبا لما نسميه »الملاءمات«. فالأعمال البشرية لا يمكن أن تنجح إلا إذا تدخلت في ملتقى سبل الإمكانات الخارجية والطاقات الداخلية"[37]. في منظور أعطياتٍ جديدة وهويات تخاطبية تؤسس لمعاني المنفتح الذي يغالب مصائر الإغلاق وتحيزاته الشائهة، وتنشئ مدارات انفتاحية آهلة بحمل أفق الحوار الديني ومؤثره الحضاري المتنوع على تطبيقاتِ مُتَعِ الارتحال واللقاء والمبادرة إلى استباق الخيرات، وهذا شأن الهوية المفتوحة والغنية؛ لأنها "ليست ماهية متعالية أو مسبقة أو نهائية، بقدر ما هي قدرة صاحبها على الخلق والتجدد أو التجاوز والعبور من خلال سيرورة متواصلة من البناء وإعادة البناء"[38]، وذلك تجاوزا لفخاخ وأزمات المتخيل المتوتر إزاء الغير، باستبدال يتحسس عمق التحول وما يفترضه من جهد دؤوب لنحت مرتكز فهم سليم، يقطع مع الآسار المالكة للحقيقة وتأويل الاستتباع، المفرط بحُجُب المنع عن إدراك معاني تتجدد في سياقات حياتية جديدة، ومتغيرات لا تُنهك إنسان الظمأ الأنطولوجي العاشق للمعنى وأنسنته الخَيِّرة وهو يستعد للقاء الآخر، الذي يتحصل "بتحول واعي عندما يعرف كيف يتحدث بلغة الشخص الأخر؛ وذلك عندما يختار عن قصد وعمد كيف يتحول إلى الشكل الذي ينتمي إليه"[39]، بإبقاء على خصوصيته المتاحة لديه أمانا واطمئنانا، من غير إجبار قسري يجعل رهان الاقتراب من الغير شَصّا Hameçon وطمسا لخصوصية إنسانية جديرة بالاحترام، بل كيف يمكن لهذا المنحى المتضايف مع الغير أن يمنح المتدين المسلم في راهن العيش المشترك أن يحوز اقتدارا ذاتيا "تمييزيا بين ما هو ذاتي وما هو غريب؛ أي بين الواقع الداخلي والواقع الخارجي، ليتطور في بنية متكاملة من الكفاءة"؟[40] وتُلهِم عناصر التذاوت الإنساني على رهانات وإمكانات موسعة ومشتركة في تدبير المصالح والمصائر تواصلا وتبادلا واستمرارا.

 

فهرس المراجع:

1- أوجيه مارك: اللأمكنة مدخل إلى أنثروبولوجيا الحداثة المفرطة، ترجمة: ميساء السيوفي، هيئة البحرين للثقافة والآثار، المنامة، البحرين، ط1، 2018

2- باومان زيجمونت: الحياة السائلة، ترجمة: حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 2016

3- باومان زيجمونت: الحداثة السائلة، ترجمة: حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 2016

4- باومان زيجمونت: الأخلاق في عصر الحداثة السائلة، ترجمة سعد البازعي- بثينة الإبراهيم، هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة كلمة، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2016

5- باومان زيجمونت: الخوف السائل، ترجمة: حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 2017

6- باومان زيجمونت: الأزمنة السائلة العيش في زمن اللايقين، ترجمة: حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 2017

7- بوديار جان، روح الإرهاب، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، عدد: 885، القاهرة، مصر، ط1، 2005

8- بوديار جان- إدغار موران، عنف العالم، ترجمة: عزيز توما، دار الحوار للنشر والتوزيع، اللاذقية، سوريا، ط1، 2005

9- تودوروف تزفيتان: الحياة المشتركة بحث أنثروبولوجي عام، ترجمة: منذر عياشي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1430-2009

10- جوساني لويجي: الحس الديني، ترجمة: سناء مدحت فضيل- صبحي نصري مخول- كميل جميل عيد، مركز تواصل، القاهرة، مصر، ط2، 2007

11- حرب علي: فلسفة الحوار أو فن العيش معا العالم ومأزقه منطق الصدام ولغة التداول، المركز الثقافي العربي، ط1، 2002

12- حرب علي: المصالح والمصائر، منشورات الاختلاف، الجزائر، الجزائر، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، ط1، 2010

13- ديلينجير سوزان: التواصل رغم اختلافاتنا التعرف على نظام الأشكال الهندسية، مكتبة جرير، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط1، 2005

14- الرفاعي عبد الجبار: إعداد وتحرير، الإيمان والتجربة الدينية، موسوعة فلسفة الدين 2، مركز دراسات فلسفة الدين، بغداد، العراق، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط1، ص: 2015

15- الرفاعي عبد الجبار: الدين والظمأ الأنطولوجي، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، مركز دراسات فلسفة الدين، بغداد، العراق، ط1، 2016

16- شحادة حسين أحمد: اجتماعيات الدين والتدين دراسات في النظرية الاجتماعية الإسلامية، سلسلة الدراسات الحضارية، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بيروت، لبنان، ط1، 2010

17- فرانك راينك: الأنا والنحن التحليل النفسي لإنسان ما بعد الحداثة، ترجمة: حميد لشهب، جداول للنشر، والترجمة والتوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 2016

18- فيري لوك: الإنسان المؤله، ترجمة: محمد هشام، أفريقيا الشرق الدار البيضاء، المغرب، بدون طبعة، 2002

19- ماكلو مشيل. إ. وآخرون: التسامح النظرية والبحث والممارسة، ترجمة: عبير محمد أنور، المركز القومي للترجمة، عدد: 2057، القاهرة، مصر، ط1، 2015

20- المبارك راشد: التطرف خبز عالمي، دار القلم، دمشق، ط1، 1427-2006

21- موران إدغار: تربية المستقبل المعارف السبع الضرورية لتربية المستقبل، ترجمة: عزيز لزرق - منير الحجوجي، منشورات اليونسكو، باريس، فرنسا، دار توبقال، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2002

22- موران إدغار: هل نسير إلى الهاوية؟ ترجمة: عبد الرحيم حزل، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، بدون طبعة، 2012

23- وليام جان بول: الأديان في علم الاجتماع، ترجمة: بسمة علي بدران، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 1421- 2001

[1]- محمد بنعياد أستاذ زائر بكلية علوم التربية جامعة محمد الخامس الرباط، باحث مهتم بالحوار بين الأديان والدراسات الدينية المقارنة والفلسفة، حاصل على الدكتوراه من جامعة محمد الخامس في موضوع "الحوار بين الأديان من جدل التصادم والاختراق إلى آفاق التحيين والاستمرار" 2010، نشر أبحاث ومقالات في مجلات وصحف عربية.

[2]- ياسين الباقيلي أستاذ التعليم الثانوي السمارة المغرب، طالب باحث بسلك الدكتوراه تخصص: علم الاجتماع الحضري والتنمية المحلية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس الرباط، نشر مقالات في مجلات وصحف عربية.

[3]- "ثمة صلة وطيدة بين »الحياة السائلة «و »الحداثة السائلة «؛ فالحياة السائلة نحياها في مجتمع حديث سائل، وهو مجتمع تتغير فيه الظروف التي يعيشها أعضاؤه بسرعة، لا تسمح باستقرار الأفعال في عادات وأعمال منتظمة، وهكذا تتغذى الحياة على سيولة مجتمع وتستمد طاقاتها وحيويتها منها، والعكس صحيح. كما أن الحياة السائلة، تماما مثل المجتمع الحديث السائل، لا يمكن أن يحتفظ بشكلها ولا تظل على حالها وقتا طويلا.. فالحياة السائلة حياة محفوفة بالمخاطر يحياها المرء في حالة من اللايقين الدائم. وأشد هاجس يساور في تلك الحياة هو الخوف من أن تأخذه على حين غرة، ومن الفشل في اللحاق في المستجدات المتسارعة، ومن التخلف عن ركب السائرين، ومن إغفال تواريخ "نهاية الصلاحية"، ومن الاحتفاظ بأغراض مهجورة، ومن فقدان اللحظة التي تدعو إلى تحول في اتجاه السير قبل عبور نقطة اللاعودة. فالحياة السائلة سلسلة من البدايات الجديدة، ولهذا فإن النهايات السريعة المؤلمة التي لولاها لكانت البدايات الجديدة خارج طوق الفكر، هي عادة أصعب لحظات الحياة السائلة وأوجعها. وهكذا فإن تعلم أسبقية التخلص من الأشياء على تملكها صار أحد فنون الحياة الحديثة السائلة، وإحدى المهارات اللازمة لممارستها"، زيجمونت باومان: الحياة السائلة، ترجمة: حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 2016، ص: 21-22

[4]- زيجمونت باومان: الحداثة السائلة، ترجمة: حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 2016، ص: 146

[5]- زيجمونت باومان: الخوف السائل، ترجمة: حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 2017، ص: 176

[6]- زيجمونت باومان: الأخلاق في عصر الحداثة السائلة، ترجمة سعد البازعي- بثينة الإبراهيم، هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة كلمة، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2016، ص: 81-83

[7]- نفس المرجع: ص: 97

[8]- يتحدث زيجمونت باومان عن الانتقال الرهيب الذي أضحت عليه الحداثة "بانتقالها من مرحلة »الصلابة «إلى مرحلة »السيولة«؛ فالأشكال الاجتماعية، بمعنى الأبنية التي تحدد الاختيارات الفردية والمؤسسات التي تضمن دوام العادات وأنماط السلوك المقبول، لم تعد قادرة (ولا أمل أن تكون قادرة) على الاحتفاظ بشكلها زمنا طويلا؛ تتحلل وتنصهر بسرعة تفوق الزمن اللازم لتشكلها، وليس من المتوقع أن تنعم تلك الأشكال القائمة أو المرتقبة بشكل كاف يساعدها على الانتقال إلى الحالة الصلبة، وليس بوسعها أن تصبح أطرا مرجعية لأفعال البشر والاستراتيجيات طويلة المدى بسبب عمرها القصير؛ فعمرها أقصر من الزمن المطلوب لاستحداث استراتيجيات متسقة ومتماسكة، بل وأقصر مما يتطلبه تحقيق »مشروع حياة«"، الأزمنة السائلة العيش في زمن اللايقين، ترجمة: حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 2017، ص: 25

[9]- إدغار موران: هل نسير إلى الهاوية؟ ترجمة: عبد الرحيم حزل، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، بدون طبعة، 2012، ص: 15

[10]- "التطور ذو النموذج الغربي يجهل بأن هذا النموذج يحتوي على مساوئ، حيث أن رفاهيته تعمم البؤس، وفردانيته، تحتوي على الأنانية والعزلة، وتفتحه المديني يولد القلق والملل، وقوته المنفلتة تؤدي إلى القتل النووي، ماذا يعني ذلك؟ يعني عدم الاستمرار في هذا الطريق وعدم التدليل إلى هذا الطريق الذي سلكناه، يجب تغيير الطريق. كل تطور جديد يفترض تحولا، وكل تحول بفترض تراجعا؛ أي عودة إلى القوى الخلاقة"، جان بودريار- إدغار موران، عنف العالم، ترجمة: عزيز توما، دار الحوار للنشر والتوزيع، اللاذقية، سوريا، ط1، 2005، ص: 84

[11]- راشد المبارك: التطرف خبز عالمي، دار القلم، دمشق، ط1، 1427-2006، ص: 30

[12]- "كل ثقافة تتعمم تفقد خصوصيتها وتموت، هكذا كان أمر كل الثقافات التي دمرناها بدمجنا إياها بالقوة، وكذلك بثقافتنا في تطلعها إلى العام. الفرق أن الثقافات الأخرى ماتت من خصوصيتها، وهو موت طبيعي، في حين أننا نموت من فقدان كل خصوصية ومن استئصال كل قيمنا وهو موت عنيف." جان بودريار، روح الإرهاب، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، عدد: 885، القاهرة، مصر، ط1، 2005، ص: 71

[13]- جان بول وليام: الأديان في علم الاجتماع، ترجمة: بسمة علي بدران، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 1421- 2001، ص: 151

[14]- "كلما زاد انخراط الشخص في الحياة زاد استيعاب عوامل الحياة من خلال الخبرة الشخصية. إن الحياة نسيج من الأحداث واللقاءات التي تستأثر الضمير وتحدث فيه مشاكل بمقاييس مختلفة، والمشكلة ليست سوى التعبير الديناميكي لرد الفعل تجاه اللقاءات. فاللقاءات هي إذن شبكة مشاكل نسج لأحداث انفعال للقاءات مثيرة، قليلة كانت أو كثيرة. إن معنى الحياة - أو الأشياء الأكثر شأنا وأهمية في الحياة- هو هدف ممكن لمن يأخذ الحياة بجدية، بأحداثها ولقاءاتها، ولمن يلتزم بمواجهة معضلات الحياة" لويجي جوساني: الحس الديني، ترجمة: سناء مدحت فضيل- صبحي نصري مخول- كميل جميل عيد، مركز تواصل، القاهرة، مصر، ط2، 2007، ص: 61

[15]- عبد الجبار الرفاعي: الدين والظمأ الأنطولوجي، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، مركز دراسات فلسفة الدين، بغداد، العراق، ط1، 2016، ص: 11

[16]- الحس الديني: ص: 61

[17]- نفس المرجع: ص: 63

[18]- إدغار موران: تربية المستقبل المعارف السبع الضرورية لتربية المستقبل، ترجمة: عزيز لزرق - منير الحجوجي، منشورات اليونسكو، باريس، فرنسا، دار توبقال، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2002، ص: 57- 58

[19]- إدغار موران: تربية المستقبل، ص ص 69- 70

[20]- تزفيتان تودوروف: الحياة المشتركة بحث أنثروبولوجي عام، ترجمة: منذر عياشي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1430-2009، ص: 220

[21]- نفس المرجع: ص: 221

[22]- الإنسان يبحث عما يتجاوز الوقوف على سطوح الأشياء، والاكتفاء بظواهرها، ومفهوم أعراضها الحسية، هو يفتش على الدوام عمّا هو أبعد من المعنى البسيط، إنه توق إلى اكتشاف "معنى المعنى"، ذلك أن الدين يملك جهازا تفسيريا يسمح بتعدد التأويلات، فكما أن الوجود لا متناه، فإن الكائن البشري بطبيعته لا يكف عن ملاحقة التفسيرات والتأويلات اللامتناهية، أيضا كي يعزز شعوره بأنه ليس متناهيا.. باعتباره نزوع الإنسان المزمن إلى التأويل والتنقيب عن فهم إضافي جديد، يراكمه على ما يملكه من فهم قديم" عبد الجبار الرفاعي: الدين والظمأ الأنطولوجي، ص: 8-10

[23]- إدغار موران: تربية المستقبل، ص: 91

[24]- إدغار موران: تربية المستقبل، ص: 28

[25]- نفس المرجع: ص: 93

[26]- "دين الإيديولوجيا يستخدمك ويسخر حياتك وطاقاتك ومواهبك لتخدمه ويفرض عليك حدوده وإطاره وأسيجته، التي إن تخطيتها يصادر عليك دنياك وآخرتك، بينما دين الأنطولوجيا يخدمك، إذ يمنح عقلك حرية التفكير، ولا يفرض عليك اقتباس صورة لا تمثلك، أو أن تعيش حياة نيابة عن غيرك، أو تكرر نماذج بشرية تطمس ذاتك. إنه دين يمحو الكراهيات من قلبك، ويطهر روحك من الخطايا، ويقدم لك مصباحا يضيء دروب وصالك مع الله، وتواصلك مع الإنسان والعالم، ويروي روحك بما تتعطش إليه من ظمأ للامتلاء بنور الحق، دين الأنطولوجيا هدف ننشده، تنبعث وتجدد به حياتنا بوصفه تفاعلا وانعتاقا للعقل والقلب والروح، على الله والإنسان والعالم، دين الإيديولوجيا يستهدفنا، يستنزف أرواحنا، يعطل حياتنا، يستحوذ علينا بوصفه انغلاقا وانصياعا ورضوخا واستعبادا للعقل والقلب والروح"، الإيمان والتجربة الدينية، إعداد وتحرير: عبد الجبار الرفاعي، موسوعة فلسفة الدين 2، مركز دراسات فلسفة الدين، بغداد، العراق، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط1، ص: 2015، ص: 22

[27]- حسين أحمد شحادة: اجتماعيات الدين والتدين دراسات في النظرية الاجتماعية الإسلامية، سلسلة الدراسات الحضارية، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بيروت، لبنان، ط1، 2010، ص: 89

[28]- لوك فيري: الإنسان المؤله، ترجمة: محمد هشام، أفريقيا الشرق الدار البيضاء، المغرب، بدون طبعة، 2002، ص: 134

[29]- عبد الجبار الرفاعي: الإيمان والتجربة الدينية، ص: 23

[30]- إدغار موران: تربية المستقبل، ص: 93

[31]- علي حرب: المصالح والمصائر، منشورات الاختلاف، الجزائر، الجزائر، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، ط1، 2010، ص: 178

[32]- مارك أوجيه: اللأمكنة مدخل إلى أنثروبولوجيا الحداثة المفرطة، ترجمة: ميساء السيوفي، هيئة البحرين للثقافة والآثار، المنامة، البحرين، ط1، 2018، ص: 77

[33]- إدغار موران: تربية المستقبل، ص: 95

[34]- مشيل. إ. ماكلو وآخرون: التسامح النظرية والبحث والممارسة، ترجمة: عبير محمد أنور، المركز القومي للترجمة، عدد: 2057، القاهرة، مصر، ط1، 2015، ص: 235

[35]- مارك ري- أمير علي وجوي وآخرون "المنظور الديني للتسامح"، ضمن كتاب: التسامح النظرية والبحث والممارسة، تحرير: ميشيل كالم وآخرون، ترجمة: محمد عبير أنور، المركز القومي للترجمة، العدد: 2057، ط1، 2015، القاهرة، ص: 60

[36]- "ذلك الآخر هو ما لا قوام لنا إلا به، ولذا فالعلاقة به ضرورية بقدر ما هي ملتبسة، هي ضرورية لأنه ما دام المرء يرمز ويتكلم أو يفكر أو يعمل، إنما يحتاج إلى آخر يعينه، ويقصده، أو يتجه إليه ويواجهه، أو يقيم معه علاقات تواصل وتفاهم أو تبادل. وقد تكون العلاقة في حدها الأقصى علاقة تلاحم، إما من فرط الألفة والمودة، وإما من فرط الكره والعداوة، أي علاقة حب أو حرب" علي حرب: فلسفة الحوار أو فن العيش معا العالم ومأزقه منطق الصدام ولغة التداول، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2002، ص: 171

[37]- ريمون كاربانتييه: معرفة الغير، ترجمة نسيم نصر، منشورات عويدات، زدني علما، بيروت – باريس، ط1، 1984، ص: 161

[38]- علي حرب: فلسفة الحوار..، ص: 176

[39]- سوزان ديلينجير: التواصل رغم اختلافاتنا التعرف على نظام الأشكال الهندسية، مكتبة جرير، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط1، 2005، ص: 208

[40]- راينك فرانك: الأنا والنحن التحليل النفسي لإنسان ما بعد الحداثة، ترجمة: حميد لشهب، جداول للنشر، والترجمة والتوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 2016، ص: 154